| افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات |
هآرتس 26/11/2025
حملة الانتخابات ستكون عنيفة، على المعارضة توحيد صفوفها
بقلم: سامي بيرتس
كل لحظة ينشغل فيها رئيس الاركان ايال زمير في معارك مع وزير الدفاع يسرائيل كاتس حول التحقيقات المتعلقة بفشل 7 اكتوبر والقضايا المتفرعة عنها، عمليات الاقالة والتعيينات، تخدم مصلحة حكومة نتنياهو في تقويض ثقة الجمهور بالجيش الاسرائيلي ومنع تشكيل لجنة التحقيق الرسمية. هذه معركة متعددة الساحات، تحقق نجاحات معينة امام جهاز القضاء ورئيسه اسحق عميت، وامام المستشارة القانونية للحكومة غالي بهراف ميارا، الذين يحاولون الصاق بها قضية المدعية العامة العسكرية من اجل التخلص منها.
الهدف الاسمى هو تقويض ثقة الجمهور بمؤسسات الدولة من اجل حرف الانتباه عن الاخفاقات الفظيعة للحكومة، وتوحيد واشعال القاعدة من خلال خلق اعداء مشتركين. كاتس يفعل برئيس الاركان بالضبط ما يفعله ياريف لفين بالمستشارة القانونية للحكومة ورئيس المحكمة العليا، وما يفعله شلومو كرعي بوسائل الاعلام. ان نظرة الحكومة هذه للساحة الداخلية تشبه النظرة للاعداء – اما ان تفترس أو أن يتم افتراسها.
هذا يتجاوز بكثير “فقد الدولة لهيبتها”، بل هو تفكيك للمؤسسات وثقة الجمهور بها، وفقدان القدرة على الوصول الى تحقيق من اجل كشف الحقيقة والاتفاق عليها. هذه هي الطريقة الوحيدة للحكومة ورئيسها من اجل النجاة من خبر تشكيل لجنة تحقيق رسمية. ان الضغط الذي يستخدمه كاتس على رئيس الاركان يهدف الى كسب الوقت، زيادة انشغال الجيش بنفسه، التمسك بموقفه اكثر فاكثر وغرس فكرة لدى الجمهور بان المشكلة تكمن فيه وحده.
الحدث الحالي يفاقم هذا الواقع السخيف حتى في ظل هذه الحكومة، حيث افاد مقربون من وزير الدفاع” بأنه “سيصمم على التحقيق الكامل في كل المواد المتعلقة باحداث 7 اكتوبر وكشفها للجمهور، ولن يتم السماح بأي تستر”. وللسخرية، رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الذي يتهرب من مسؤوليته الكاملة عن هذا الاخفاق، يحاول تصوير نفسه كشخص بالغ ومسؤول، ويدعو كاتس وزير الى جلسة حوار من اجل تسوية الامر. بالغ؟ حقا. مسؤول؟ يلا.
هذه الاحداث تضع امام المعارضة تحد مختلف عن المالوف. هذه لن تكون حملة انتخابات اخرى، التي فيها يمكن الاكتفاء بعرض بديل عقلاني ورسمي، أو تعديل الدمار الذي حدث. الحديث يدور عن حكومة عديمة الكوابح وعديمة الخطوط الحمراء، التي تفكك بصورة ممنهجة مؤسسات الدولة والثقة بها، وهي لن تتردد في استخدام كل مورد وكل قوة تقع تحت سلطتها من اجل التاكد من انه لن تشكل حكومة اخرى.
هناك علاقة مباشرة بين كاتس، الذي يلوم رئيس الاركان على التحقيق في الفشل، بينما تبذل الحكومة كل ما في استطاعتها لتجنب لجنة تحقيق رسمية، وبين لفين، الذي اطلق اصلاح لتغيير النظام في اسرائيل، واحدث الفوضى ويصمم على الاستمرار فيه، ونتنياهو الذي يجند بلا خجل الرئيس الامريكي دونالد ترامب لتشويه سمعة جهاز القضاء في اسرائيل واستخدام الضغط على رئيس الدولة لمنحه العفو.
هذا الائتلاف يوجد له الكثير مما سيخسره، بدءا بالسيطرة على رواية المسؤولية عن الفشل ومرورا بتعبئة المتدينين المتعصبين والسيطرة على مواقع النفوذ وانتهاء بحرية نتنياهو الشخصية. هذه ستكون حملة انتخابات مشحونة، وربما اكثر عنفا من المعتاد. ان نجاح الحكومة الحالية في تعزيز الاستقطاب الاجتماعي ينذر بالسوء. كل ذلك يقتضي من المعارضة (بما في ذلك نفتالي بينيت) ربط النقاط، وفهم العلاقة بين الاجراءات التي تدفع بها الحكومة قدما وبين النضال بشكل مباشر لضمان حملة انتخابات ناجعة. المعارضة غير متجانسة، وهي تضم لاعبين من اليمين واليسار، يهود وعرب، ويبدو انه من السهل اختراق الشروخ الواسعة فيها من اجل تفكيكها. ورغم ان كل حزب يتوجه الى جمهور مختلف ويقدم اجندة مختلفة، الا ان تغيير الحكومة يقتضي التعاون الوثيق مع المعارضة ومراقبة دقيقة لخطوات الحكومة. هذا شرط ضروري من اجل التغيير.
——————————————-
يديعوت احرونوت 26/11/2025،
ترامب يهيىء التربة لتحولات جذرية في النظرة الامريكية الى إسرائيل
بقلم: آفي كالو
في لحظة ما يعيد التاريخ كتابة نفسه. فزيارة محمد بن سلمان الى البيت الأبيض اختتمت بالهتافات مع اعلان الرئيس ترامب عن بيع اسراب من طائرات اف – 35، دبابات متطورة وسلسلة منجزات امنية أخرى للرياض، بما فيها حلف دفاع وتوقع لاتفاق نووي مدني.
في اكثر الاحلام السعودية وردية، فانه حتى ربع الهدايا التي اغدقها على المملكة الرئيس الأمريكي كان مثابة انجاز دراماتيكي. واضح منذ الان بان بيع سلاح محطم للتوازن من هذا النوع، قبل التطبيع، يحطم السد الأمريكي لتآكل التفوق النوعي العسكري الإسرائيلي لأول مرة منذ تبني القانون في الموضوع في العام 2008.
على مدى السنين امتنعت إدارات أمريكية عن اتخاذ خطوات من طرف واحد في سلسلة مسائل جوهرية حرجة لامن إسرائيل: حفظ حرية عمل الجيش الإسرائيلي، استخدام الفيتوا على خطوات مناهضة لإسرائيل في مجلس الامن، امتناع عن التقدم من فوق رأس إسرائيل في الموضوع الفلسطيني، تنسيق توقعات في موضوع النووي الإيراني (حتى وان كانت سمعت بعض الاحتكاكات هنا وهناك)، تعزيز اتفاقات إبراهيم، مسألة التفوق النوعي وغيرها وغيرها. وها هو، في عهد ترامب، تأخذ الاثقال على إسرائيل في التراكم: محبة للدكتاتوريين أمثال اردوغان، بوتين والاسرة المالكة السعودية؛ كيمياء مقلقة مع حاكم سوريا من أصول داعش؛ دفع محور دول الاخوان المسلمين (تركيا وقطر) الى مركز الساحة الشرق أوسطية وتدويل النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني.
عمليا، غير قليل من الابقار المقدسة في العلاقات الإسرائيلية – الامريكية آخذة بالذبح: المس بالتفوق النوعي، فرض جمارك دائمة، الغاء تأشيرات لقطاع التكنولوجيا العليا، “وعد بلفور” فلسطيني وغيره.
كلنا مدينون بدين شرف للرئيس ترامب على إعادة المخطوفين الى البلاد والهجوم على ايران، لكن في هذا لا يتلخص الامر. فلم تمر بعد سنة على ترسيمه رئيسا وبات ممكنا القول ان الرئيس يقوض الاساسات الحديدية “للعلاقات الخاصة” بين إسرائيل والولايات المتحدة كجزء من فكره لتقويض أنماط السلوك، التفاهمات والاتفاقات بعيدة السنين. وبالفعل، سبق أن كان رؤساء ليسوا من محبي إسرائيل (أوباما، بوش الاب وكارتر) لكن بؤر الاحتكاك معهم كانت موضعية حتى وان كانت مبدئية، ولم تؤدي ابدا الى تحطيم مسلمات أساسية في العلاقات. ان الضرر الذي يوقعه ترامب مزدوج ومضاعف: فليس فقط المعطى الدائم في ان الولايات المتحدة تقف الى جانب إسرائيل آخذ في الاهتزاز بل كون الرئيس يعد مؤيدا واضحا لإسرائيل. بكلمات أخرى: اذا كانت حتى تحت قيادة رئيس صهيوني متحمس تتراكم اضرار استراتيجية بعيدة المدى لإسرائيل، فماذا سيكون علينا عندما يجلس في البيت الأبيض إياه رئيس ليس عاطفا متحمسا لإسرائيل (وهو سيناريو معقول في ضوء تغييرات عميقة في الولايات المتحدة). عمليا، ودون قصد، يهيىء ترامب التربة لتحولات جذرية في النظرة الامريكية الى إسرائيل في اليوم التالي، ويمنح شرعية للترويج لسياسة اقل راحة لنا في المستقبل. مقدمة لاذعة على نحو خاص لذلك جاءت الأسبوع الماضي، مع زيارة رئيس بلدية نيويورك المنتخب ممداني الذي ادعى بان إسرائيل تنفذ إبادة جماعية في غزة. الرئيس ترامب ملأ فاه ماء ولم يعقب فما بالك ان هذه هي المرة الأولى في أي وقت مضى يقال فيها هذا القول الخطير وعديم الأساس علنا في الغرفة البيضوية.
لكن توجيه اصبع اتهام الى ما وراء البحر ليس نهاية تامة وليس فيه ما ينزع المسؤولية عن اصحاب القرار هنا. الواقع مؤلم اكثر من أي وقت مضى: في ظل الضعف السياسي والقانوني في الداخل (بمناسبة “كتاب العفو” الأمريكي للرئيس هرتسوغ، الذي ليس له أي مفعول حقيقي)، فان رئيس الوزراء نتنياهو لا يتجرأ على تحدي الرئيس ترامب – لا في الغرف المغلقة وبالتأكيد ليس على موجات الأثير.
يكفي أن نشاهد بذهول بيان التأييد من نتنياهو لقرار مجلس الامن في موضوع غزة، الذي يتضمن نوعا من وعد بلفور فلسطيني (“مسار لدولة”) كي نستوعب عمق الشلل الشامل الذي يعاني منه رئيس الوزراء في علاقاته مع الرئيس ترامب. فغياب رد فعل على سلسلة مبادرات إشكالية من البيت الأبيض يشهد اكثر من الف شاهد على أن غياب التحدي الإسرائيلي لرئيس امريكي بصفته هذه – هو ترف ليس لنا في حارتنا الأصعب في العالم القدرة على أن نسمح به لانفسنا. ينتج عن ذلك بالتالي ان الانتخابات القريبة في إسرائيل ستكون مصيرية وتصميمية. ضمن أمور أخرى، لمستقبل “العلاقات الخاصة” أيضا.
——————————————
معاريف 26/11/2025
نتنياهو يركز على محاكمته وليس على شؤون الدولة، أمنها، ومستقبلها
بقلم: افرايم غانور
بعد يومين من إقرار الحكومة الحالية تصفية رئيس أركان حزب الله هيثم علي طبطبائي، عمل وزير دفاعها على المس برئيس الأركان الـ 24 للجيش الإسرائيلي الفريق ايال زمير. منذ آذار 1948، في ذروة حرب التحرير، لا تذكر خطوة متطرفة بهذا القدر، عديمة المسؤولية وخطيرة، تقوم على أساس الأنا، السياسة الداخلية، استعراض القوة وقول “أنا هنا رب البيت” من رئيس وزراء ووزير دفاع تجاه قائد عسكري في اثناء الحرب.
يدور الحديث عن رئيس الوزراء ووزير الدفاع الأول دافيد بن غوريون، الذي في ذروة المعارك في ربيع 1948 قرر تنحية إسرائيل جليلي، الذي كان رئيس القيادة القطرية للهاغناه رغم اعتراض رئيس الأركان الأول يعقوب دوري وقيادة الجيش الإسرائيلي التي كانت في حينه في مهدها. كل هذا لاسباب واضحة تتعلق بالانا والسياسة الداخلية. تتمة تلك التنحية جاءت لاحقا، في 1952، عندما أعلن رئيس الأركان الثاني للجيش الإسرائيلي يغئال يدين عن استقالته في اعقاب تلك الرواسب وفي اعقاب الخلافات مع بن غوريون على خلفية تقليص ميزانية الجيش الإسرائيلي. ان سلوك وزير الدفاع كاتس تجاه رئيس الأركان على خلفية التقرير الذي رفعته اللجنة برئاسة اللواء احتياط سامي ترجمان، وأمره بإعادة النظر في التقرير الذي عمل عليه 12 لواءً وعميدا على مدى اكثر من نصف سنة – هو سلوك فضائحي. ميله هو لوقف التعيينات العليا في الجيش وهو عمليا يمس بالجاهزية، بالاستعداد وبعموم أداء الجيش. هذا امس حقيقي بأمن الدولة.
وعلى ماذا؟ على نزوات وزير دفاع لا يكف عن تلقيم شعب إسرائيل: “أمرت، قلت، قدت، طلبت، نفذت”، وغير مرة مع إضافة نثر تهديدات في كل صوب. هذا، فيما أنه في يد ما يمنع ترفيع قادة عسكريين لم يكن لهم ضلع في تقصير 7 أكتوبر وباليد الثانية يرفع قدما بقادة عسكريين آخرين في سلاح الجو كان لهم ضلع كبير في ذات التقصير الرهيب. كما أن الادعاء السخيف لكاتس بان رئيس الأركان لم يطلعه على نتائج التقرير، رغم أن التقرير رفع له بشكل شخصي، يبعث على العجب، ناهيك عن أن الحديث يدور أيضا عن تقرير يفترض أن يخدم رئيس الأركان في الجهد العظيم الذي يبذله هذه الأيام لاعادة بناء الجيش الإسرائيلي، الخطوة اللازمة من كل رئيس أركان مسؤول.
لا شك انه لو كان هنا رئيس وزراء يركز على شؤون الدولة، أمنها، مستقبلها وليس على محاكمته ونجاته، ما كانت هذه الظاهرة المعيبة ان تقع امام ناظري الشعب الذي يصعب عليه استيعاب هذا السلوك، السلوك الذي أكثر من أي شيء آخر يمس بامن الدولة وبجيشها. فواضح لكل عين ان الحديث هنا يدور عن استعراض عضلات من وزير الدفاع الذي كل همه هو أن يغمز لـ “القاعدة” في الليكود عشية الانتخابات الداخلية في الحركة، كمن يقول: “اثبت لرئيس الأركان هذا وللجميع من هنا رب البيت”.
لكن هذا ليس مفاجئا، كون هذا السلوك الاجرامي ليس فقط تجاه رئيس الأركان والجيش. وهو موجود في كل المستويات. فمنذ اشهر وهذه الدولة تديرها حكومة ليس لها وزراء صحة، رفاه ومجتمع، داخلية، إسكان، أديان والقدس والتراث دائمين، في وظيفة كاملة. كل هذا بالطبع لاسباب سياسية داخلية، اعتبارات ائتلافية وبقاء.
هنا يجدر التشديد على أنه بسبب غياب وزير صحة بوظيفة كاملة فان اللجنة لتحديد سلة الصحة لا تنعقد كي تبحث في ميزانية السلة وتركيبتها في الوقت الذي تكون فيه حياة الاف المرضى متعلقة بهذه السلة. لكن من يهمه هذا في حكومة تنشغل بنفسها؟ هذه الحقائق وسلوك الحكومة بعامة وتجاه تقصيرات 7 أكتوبر بخاصة، حين تكون الحكومة إياها لم تأخذ حتى ولا ذرة مسؤولية عن دورها في كارثة 7 أكتوبر ومسؤوليتها عن الكارثة، هي الدليل الأفضل على حقيقة انه يجب ان تقوم هنا لجنة تحقيق رسمية مع كامل الصلاحيات ومع كامل القدرات لاستخلاص الاستنتاجات وعرضها على الجمهور. لجنة لا تترك مجالا للشك حتى وان كان الأصغر، في أوساط الجمهور. كل لجنة أخرى او كل محاولة أخرى للمراجعة ولاستخلاص الاستنتاجات من هذا التقصير ستبقي الشعب في الوضع الذي يضع فيه اليوم وزير الدفاع رئيس الأركان.
——————————————
هآرتس 26/11/2025
إسرائيل تفاقم انتهاكاتها لاتفاقية مناهضة التعذيب
بقلم: نير حسون
منذ 7 أكتوبر2023، تفاقمت انتهاكات إسرائيل لاتفاقية مناهضة التعذيب، وذلك وفقًا لتقرير مُفصّل أرسلته منظمات إسرائيلية إلى لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب. وقد أُرسل التقرير في إطار المراجعة الدورية التي تُجريها اللجنة للدول الموقعة على اتفاقية مناهضة التعذيب، والمنظمات الموقعة عليه هي: عدالة، ولجنة مناهضة التعذيب، ومنظمة “آباء ضد احتجاز الأطفال”، و”هموكيد” لحماية الأفراد، ومنظمة “أطباء من أجل حقوق الإنسان”. ويذكر التقرير أن “إسرائيل فككت آليات الحماية التي كانت قائمة سابقًا للسجناء، ويجري حاليًا التعذيب وسوء المعاملة طوال مراحل الاحتجاز، وبين جميع قوات الأمن المشاركة في الاحتجاز. ويتم ذلك بموافقة من مستويات عليا، دون إشراف أو تدخل من آليات قانونية أو إدارية، وبمشاركة فرق طبية”.
ووفقًا لمعدي التقرير، تبرر إسرائيل سجن الفلسطينيين بأساليب قانونية تتعارض مع القانون الدولي. وتتمثل الطريقة الرئيسية في تعريف الفلسطينيين بأنهم “مقاتلون غير شرعيين”. وهذا التعريف غير مقبول في القانون الدولي، ولكنه يسمح لإسرائيل باحتجاز الفلسطينيين لفترات طويلة دون محاكمتهم من جهة، ودون الحفاظ على حقوقهم كأسرى حرب من جهة أخرى. طوال فترة الحرب، اعتقلت إسرائيل أكثر من 4000 من سكان غزة بموجب هذا التعريف، بالإضافة إلى استخدامها المكثف للاعتقال الإداري. ومع بداية الحرب، بلغ عدد المعتقلين الإداريين في السجون الإسرائيلية 1100 معتقل. وفي أيلول 2025، وصل العدد إلى 3500 معتقل. لقد تضاعف متوسط مدة الاعتقال الإداري مقارنة بفترة ما قبل الحرب.
احتُجز المعتقلون من غزة في مراكز احتجاز عسكرية في ظروف قاسية للغاية. ووفقًا للتقرير، فقد احتُجزوا “في زنزانات خارجية مسيّجة، معرضين لعوامل الطقس، مكبّلين ومعصوبي الأعين. أُجبروا على الركوع معظم اليوم والنوم على الأرض في ظروف صحية سيئة، مع نقص حاد في الرعاية الطبية وانتهاكات مستمرة. ولا يزال مئات السجناء محتجزين في هذه الظروف القاسية”. كما أُشير إلى أن المعتقلين تلقوا علاجًا طبيًا وهم مكبّلون ومعصوبي الأعين، وأُجبروا على استخدام الحفاضات للتغوط. وكانت سياسة الطعام في مراكز الاحتجاز، وفقًا للتقرير، سياسة تجويع: “الكمية الغذائية الرسمية المسموح بها تبلغ حوالي ألف سعر حراري يوميًا مع حوالي 40 غرامًا من البروتين”.
ويشير معدو التقرير إلى أن “مجمل الأدلة تُظهر انتهاكات جسيمة طوال فترة الاحتجاز، بما في ذلك الضرب بالهراوات، وسكب الماء المغلي والتسبب في حروق بالغة، وهجمات الكلاب، واستخدام “قاعة ديسكو” مع موسيقى صاخبة للغاية، والاغتصاب باستخدام أدوات”.
وفقًا للتقرير، اتبعت سجون مصلحة السجون أيضًا سياسة تجويع وإساءة معاملة ممنهجة، شملت “الضرب، والضرب بالهراوات، والتقييد المؤلم، وهجمات الكلاب، والتهديد، والتبول على المعتقلين، والعنف الجنسي، والاغتصاب باستخدام أدوات”. ويشير التقرير إلى أنه نتيجة لهذه الإجراءات، تم توثيق ما لا يقل عن 94 حالة وفاة في مراكز الاحتجاز الإسرائيلية منذ بداية الحرب، كما لوحظت عشرات حالات الأضرار الصحية التي لا رجعة فيها.
ووفقًا للتقرير، ارتفع عدد الشكاوى المتعلقة بالتعذيب أثناء الاستجواب من 66 شكوى في العشرين عامًا التي سبقت الحرب إلى 238 شكوى في العامين الماضيين. كما يشير التقرير إلى وفاة ثلاثة معتقلين أثناء استجوابهم من قبل جهاز الأمن العام (الشاباك). ولا يعترف جهاز الأمن العام (الشاباك) بممارسة التعذيب، ولكنه يعترف بـ “أساليب استجواب خاصة” تشمل الحرمان من النوم، والتقييد في أوضاع مؤلمة، والرج، والاحتجاز في درجات حرارة منخفضة، وتشغيل موسيقى صاخبة، والاستجواب عراة، وتهديد أفراد الأسرة. وفقًا للتقرير، ورغم العدد الهائل من الشكاوى والبلاغات عن الانتهاكات، فإن عدد التحقيقات المفتوحة ضئيل للغاية. من بين 238 شكوى قدّمت في جهاز الأمن العام (الشاباك) بشأن التعذيب، أوصى مفتشه المعني بالتحقيق في شكاوى المعتقلين بفتح تحقيق في شكويين، لكن لم تُقدّم أي لائحة اتهام في النهاية. في الجيش الإسرائيلي، فُتح 58 تحقيقًا ضد جنود بسبب معاملتهم للمعتقلين، 44 منها تتعلق بوفاة معتقلين. لم يُفضِ سوى تحقيقين بشأن الانتهاكات إلى توجيه لوائح اتهام. أحدهما لائحة الاتهام الشهيرة المرفوعة ضد الجنود الخمسة الذين خدموا في سديه تيمان. في القضية الثانية، أُدين جندي بالإساءة وحُكم عليه بالسجن سبعة أشهر. في مصلحة السجون، فُتح 36 تحقيقًا بشأن إساءة معاملة المعتقلين، ستة منها أسفرت عن توجيه لوائح اتهام. لم يتعلق أي من التحقيقات بوفاة أو عنف جنسي ضد المعتقلين.
ووفقًا للتقرير، “تؤيد المحكمة العليا الوضع المروع في نظام السجون”. من بين 20 التماسًا قُدِّمت إلى محكمة العدل العليا بشأن ظروف السجون، رُفض 18 التماسًا، معظمها لأسباب إجرائية أو بقبول القضاة لموقف الدولة دون استئناف. قُبل التماسان، وإن كان ذلك بتأخير كبير. في الالتماس الأول، أمر القضاة بإغلاق سجن سديه تيمان، وفي الالتماس الثاني، المتعلق بسياسة التغذية، قُبل الالتماس جزئيًا بعد 17 شهرًا. ويزعم التقرير أيضًا أن مرافق مصلحة السجون الإسرائيلية تستخدم منع العلاج الطبي كأسلوب تعذيب، بما في ذلك تفشي الجرب بين آلاف المعتقلين في مرافق السجون. كما أكد التقرير أن مصير مئات المعتقلين الغزيين لا يزال مجهولًا. إضافةً إلى ذلك، كُتب أن المعتقلين الأمنيين يُحتجزون أحيانًا في عزلة تامة، بل ويُمنعون من مقابلة المحامين وممثلي الصليب الأحمر والصحفيين وأفراد عائلاتهم.
عُقد نقاش في لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب قبل نحو أسبوعين. مثل أمام اللجنة ممثلون عن وزارة الخارجية ووزارة العدل ومصلحة السجون، ورفضوا الادعاءات الموجهة ضد إسرائيل بشأن انتهاكها للاتفاقية والقانون الدولي في كل ما يتعلق بمعاملة المعتقلين. وشرح الممثلون الإسرائيليون ظروف الاحتجاز وحقوق المعتقلين، مؤكدين أن مكتب النائب العام الإسرائيلي والجهاز القضائي الإسرائيلي يشرفان على ما يحدث في السجون ومراكز الاحتجاز.
——————————————-
القناة 12 العبرية 26/11/2025
الخطر الحقيقي ليس طائرة F-35 في السعودية
بقلم: عوفر شيلح
في نيسان 2017، وخلال أول زيارة رسمية لدونالد ترامب كرئيس إلى دولة أجنبية، أعلنت الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية عن صفقة أسلحة ضخمة، قُدّرت قيمتها بـ 114 مليار دولار. وشملت، وفقًا للتقارير، طائرات متطورة، وأنظمة دفاع جوي، ورادارات، وسفن، ودبابات، وغيرها. لم يتحقق من هذا إلا القليل، إن وُجد، إذ تشير التقديرات الأكثر موثوقية إلى حوالي 15 مليار دولار، وحتى هذا المبلغ مشكوك فيه. رافقت اتفاقيات إبراهيم أيضًا إعلاناتٌ مثيرة عن صفقة أسلحة مع الإمارات العربية المتحدة، تتضمن 50 طائرة إف-35، مما أثار ضجةً كبيرةً في إسرائيل. ولم تُبرم هذه الصفقة أيضًا، وفقًا للإمارات، بسبب “متطلبات فنية” و”قيود تشغيلية”. وحتى مع إعادة انتخاب ترامب، أعلن الاتحاد الأوروبي أن المحادثات بشأن الصفقة لن تُستأنف. لا يعني هذا أن الإعلانات الطنانة عن صفقة جديدة، والتي – كما قال ترامب – “سنبيع فيها للسعوديين عددًا كبيرًا من طائرات إف-35″، لن تتحقق أيضًا، ولكنه يُبرر بالتأكيد الشك في إمكانية حدوث ذلك.
تُظهر دول الخليج – المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر – حكمةً سياسيةً وفهمًا عميقًا لواشنطن، وخاصةً واشنطن ترامب، أكثر بكثير من إسرائيل. فهم يدركون أن الرئيس يُحب الإعلان عن صفقات ضخمة لصالح الاقتصاد الأمريكي، تمامًا كما يُحب الإعلان عن رسوم جمركية جديدة على العالم أجمع، ولا يكترث كثيرًا لنتائج كل ذلك. يرون كيف تشتري سويسرا، مثال النظام والإجراءات السليمة، تخفيضات الرسوم الجمركية بساعة رولكس وسبائك ذهبية. والأهم من ذلك كله، يدركون أن الطائرة، مهما كانت متطورة، لا تضمن لك الأمان. في أحسن الأحوال، هي وسيلة، يُتيح استخدامها بحكمة إمكانية التحرك.
قطر ليس لديها قوة عسكرية خاصة بها. ولكن عندما هاجمت إسرائيل كبار مسؤولي حماس في الدوحة، وبّخ ترامب بنيامين نتنياهو توبيخًا غير مسبوق، أجبره فيه على قراءة اعتذار مكتوب بحضور ممثل قطري، حرص على ألا يحيد رئيس الوزراء الإسرائيلي عما أُملي عليه. هذه هي المكانة التي يسعى إليها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وليس حفل قص الشريط فوق منشآت سربه الجديد “أدير”، وهو احتفال يُعتبر دائمًا عيدًا وطنيًا في إسرائيل.
تتجنب المملكة العربية السعودية، كقاعدة عامة، الحروب. على مدى ثماني سنوات، تبادلت إطلاق النار مع الحوثيين، الذين أطلقوا النار مباشرة على الرياض ومكة، ولم تشن هجومًا حقيقيًا عليهم. في أيلول 2019، بادرت إيران، وربما نفذت بنفسها، بهجوم صاروخي دقيق ومدمر على منشآت نفطية في شرق المملكة العربية السعودية، مما ألحق أضرارًا بالغة بإنتاج النفط العالمي. لم يكن هناك رد عسكري. يُفضل السعوديون أن يستخدم طرف آخر القوة الحركية ضد إيران. في الواقع، من الأرجح افتراض أنه في حال تعرض المملكة العربية السعودية للخطر، فإن طائرات إف-35 التي تُحلق في سماء طهران ستحمل نجمة داوود أو النجوم على أجنحتها، بغض النظر عما إذا كانت هذه “الألعاب البراقة والباهظة الثمن” (كما يُقال في التعبير الأمريكي المهين) ستصل إلى الجيش السعودي أم لا. لأن هناك دولة واحدة في الشرق الأوسط تُعدّ فيها الطائرة بديلاً عن السياسة نفسها، ويُعتبر غياب أي تهديد لسلاح الجو قيمةً مقدسةً، تُطغى على أي اعتبار آخر. في عهد الحكومة السابقة، شكّلت “حرية طيران سلاح الجو” في العمليات في سوريا المبرر الحاسم لسياسة إسرائيل الجبانة في الحرب الروسية الأوكرانية. أوضح جنرالات جادّون، على شاشات التلفزيون وفي الغرف المغلقة، أن سياسة إسرائيل في حدثٍ عالميّ يجب أن تُستمدّ من زاوية جناحي طائرة تُقصف شاحنةً في طريقها إلى لبنان. وقد أيّدتهم غالبية الجمهور الإسرائيلي.
هذا التركيز على القدرات مُضرّ بالأمن ليس فقط بالمعنى الواسع، بل أيضًا بالمعنى الضيق والماديّ للأمن. هناك صلةٌ مباشرة بين الهوس بإحصاء الطائرات والرادارات في أيدي دولٍ لم تُطلق جيوشها رصاصةً واحدةً في قتالٍ مع إسرائيل، والازدراء المُظهر لجيشٍ من الناس الحفاة، الذين لا يملكون دبابةً أو طائرةً واحدة. الأمر ببساطة أن هذا الجيش هو الذي فكك في السابع من أكتوبر فرقةً من الجيش الإسرائيلي في ساعة واحدة، واحتل مساحةً واسعةً من الأرض في إسرائيل، وذبح سكانها العزل. حتى عندما نحصي القدرات، ينصب تركيزنا على ما نعتبره ثمينًا – التكنولوجيا، والمنصات باهظة الثمن – وليس على الخطر الحقيقي والملموس الذي يشكله محتذي الشباشب وسائقو الشاحنات الصغيرة.
على الجانب الآخر، تلقينا تذكيرًا مؤلمًا بعبثية عملية استخبارات جوية ناجحة، في غياب إطار سياسي مُكمّل. لقد قصفنا إيران لمدة 12 يومًا، لكنها ليست أبعد عن القنبلةً مما كانت عليه قبل “الأسد الصاعد”، مُطورين قدراتٍ تهديدية جديدة، وإذا كنتم ترغبون في ذلك فقط، فستكونون أصدقاء ترامب الجدد.
الخطر الحقيقي على الأمن هو أن إسرائيل أصبحت نبوتا، تجوب الفضاء وتقصف الأشياء كبديلٍ للسياسة، ولذلك من السهل إغفالها عندما تجلس الدول الكبرى، تركيا والخليج، مع الأمريكيين لترتيب أوضاع المنطقة. الخطر الحقيقي هو رفض إسرائيل، لأسبابٍ سياسيةٍ وقصر نظر، المشاركة في هذا الهيكل الإقليمي، واعتقادها أن صراعنا مع محيطنا لا يمكن إدارته والحفاظ عليه إلا بالقوة العسكرية.
تُثير سابقة تاريخية شكوكًا جدية حول ما إذا كانت المملكة العربية السعودية ستمتلك طائرات إف-35 بالفعل. لكن الخطر الحقيقي يكمن في استمرارنا في قياس كل شيء بمدى جناحينا وجناحي من حولنا، بدلًا من التصرف كدولة تخدم القوة العسكرية أغراضًا سياسية، وتتمتع بالشجاعة والرؤية والرصانة، وليس فقط “التفوق العسكري النوعي” (QME)، كما ينص قانون ضمان هذا التفوق في الولايات المتحدة، والذي يحتقره ترامب الآن علنًا.
——————————————-
هآرتس 26/11/2025
فقط يجب ان لا يأتي النصر المطلق، لان نتنياهو بحاجة الى حرب أبدية
بقلم: تسفي برئيل
لقد مرت فترة طويلة منذ سمع تعبير “النصر المطلق”. هذا التعبير المثير، الذي تحول من مجرد قول الى احد مباديء الايمان، تلاشى كليا، ولم يعد صالحا حتى كنكتة. يبدو أننا ادركنا بشكل متاخر بان النصر المطلق هو بعيد المنال، بل هو يهدد النظام بشكل مباشر، وبالتالي فانه لا يجب تحقيقه. لأن ذلك يعني أن الحرب انتهت وان جميع اهدافها تحققت، وانه يمكن العودة الى الحياة الطبيعية، حيث يتمتع المواطنون بـ “اوقات فراغ” يمكنهم فيها تخيل المستقبل وبث الأمل والايمان بالتغيير والقدرة على التغيير، مثل تغيير النظام.
لو ان النظام كان يمكنه لانطلقت صافرات الانذار على مسامع المواطنين في كل ساعة ولعرضت خريطة على الشاشات تشير الى المواقع التي يحتمل حدوث قصف فيها، ولفعلت تطبيق قيادة الجبهة الداخلية من اجل تذكير المواطنين بانه حتى لو ظهر كل شيء هاديء ألا أننا في حالة حرب، وانه لا يمكن ولا يجب أن يكون لها تاريخ انتهاء. الامر لا يقتصر على الرغبة في توسيع الاراضي الوطنية والسيطرة على السكان وعلى المناطق التي تم احتلالها، بل الهدف هو السيطرة الكاملة على وعي المواطنين بضرورة الحرب.
على سبيل المثال الحرب في غزة. هل يستطيع أي احد تحديد متى واذا كانت ستنتهي أصلا؟ في البداية حددوا ثلاثة اهداف لها: القضاء على البنية التحتية العسكرية لحماس، ابعادها عن الحكم في غزة، واعداد الظروف لاعادة المخطوفين. فيما بعد اضيف هدف آخر وهو اعادة سكان المنطقة الشمالية الى بيوتهم سالمين. باستثناء اعادة المخطوفين، الهدف الذي عانى من المماطلة والافشال المتعمد، فانه لم يتحقق أي هدف آخر، ليس لانه كان من المستحيل تحقيقه. كان يمكن القيام بازاحة حماس عن الحكم لو أنه لم يتم اثقالها باعباء ثقيلة، تتمثل في معارضة مشاركة السلطة الفلسطينية غير المفهومة في قطاع غزة. كان يمكن ان تؤدي هذه الخطوة الى تشكيل حكومة بديلة والسماح بدخول القوة متعددة الجنسيات والبدء في اعادة اعمار القطاع. ولكن حماس ما زالت تسيطر على نصف القطاع تقريبا، وهي تستعيد قوتها العسكرية بالتدريج، والقوة متعددة الجنسيات ما زالت فكرة نظرية. النتيجة هي استمرار القتال بدون تحديد موعد نهائي.
في الشمال السكان يجدون صعوبة في العودة الى بيوتهم، لان تهديد حزب الله لم يتم رفعه بعد. اسرائيل تدعي وبحق بان الجيش اللبناني لا ينفذ التزامه بنزع سلاح حزب الله. لذلك، هي تقول بان الحرب يجب أن تستمر. الى متى؟ اذا كان الهدف هو جمع كل صاروخ وقذيفة ورشاش ومسدس وقنبلة توجد في يد حزب الله فان المضمون هو ان تستمر الحرب الى الابد، وهكذا ايضا عدم وجود امن لسكان الشمال. ولكن هل هي حقا تستطيع ان تضمن ان اسرائيل ستنجح في تنفيذ نزع السلاح، أو انه ايضا هنا الحديث يدور عن خدعة تهدف الى ترسيخ الوعي بالحاجة الى الحرب وتدجين سكان الشمال المحطمين وجعلهم يؤمنون بان أمنهم يتعلق بذلك؟.
تعويد الجمهور على وضع تكون فيه الحرب الدائمة ضرورة وجودية، هو امر حيوي للنظام، ليس فقط لتنمية والحفاظ على الخوف الذي سيبعد أي فكرة من اجل استبداله – بل ان المجتمع الخائف والمذعور يمنح النظام الشرعية والقوة لاحداث تغييرات عميقة في صورته واقتلاع قيمه وسحق الاسس الديمقراطية في الدولة وترسيخ اعتماد الجمهور على الحاكم، لانه هو وحده القادر على ضمان الامن وتحقيق النصر المطلق.
اسرائيل اصبحت موجودة عميقا في داخل عملية تحولها الى نسخة مشوهة من نفسها. هي على وشك فقدان الامل في التغيير والايمان بحاجتها اليه. لان المعركة على رسم ملامح “اليوم التالي” – التي وعدت بحساب طويل وحاسم لمنفذي الدمار – استبدلت في اسرائيل بضبط النفس والخضوع. وهذه القيم ستبقى لاننا في “حالة حرب”، لكن يجب عدم فقد الصبر لان هذا اليوم سيأتي على الفور بعد “النصر المطلق”.
——————————————-
القناة 12 العبرية 26/11/2025
الرسالة الكامنة وراء اغتيال رئيس أركان حزب الله
بقلم: تامير هايمن
يُعبّر رئيس أركان حزب الله، علي طبطبائي، الذي اغتيل، في أفعاله وأنشطته عن جميع الظواهر السلبية التي شهدناها دائمًا في لبنان. إنه رجلٌ جعله ماضيه “المجيد” هدفًا إرهابيًا مهمًا، وهو أمر جيد أن يُحبط، والأهم من ذلك – أن هذا يُحبط تهديدًا استراتيجيًا ناشئًا. طباطبائي هو أحد الشخصيات الرئيسية المسؤولة عن إعادة بناء حزب الله والتواصل مع الإيرانيين، بالإضافة إلى الروح القتالية للمنظمة التي تضررت بشدة جراء الحرب مع إسرائيل. ومثل رئيس أركان حزب الله السابق الذي تمت تصفيته، فؤاد شكر، فإن طبطبائي هو أحد هؤلاء المتطرفين الذين دفعوا باتجاه النشاط. إن تصفيته مهمة وضرورية.
هل حلينا التعقيدات في الشمال بهذا الإجراء؟ لا. نحن في وضع تُجري فيه إسرائيل تصعيدًا مُدروسا ضد لبنان وحزب الله. وهي لا تفعل ذلك لمجرد أنها تشعر بذلك، بل لأن حزب الله في طور استعادة قوته. تُرسل إسرائيل رسالة واضحة للطرف الآخر: إذا لم يكن هناك إجراء فعّال من جانب الحكومة اللبنانية لنزع سلاح حزب الله، كما يقتضي وقف إطلاق النار، فلن تتردد في مواصلة التصعيد.
بعد السابع من أكتوبر، لم تعد إسرائيل تمارس سياسة الاحتواء، ولن تسمح لحزب الله بالعودة إلى حجمه الهائل. وهذا يتطلب أيضًا ضغطًا أمريكيًا هائلًا. الإدارة الأمريكية نفسها، التي كانت تعلم ولا تزال تعلم أن إسرائيل تنوي تنفيذ هذه الخطوة – حتى وإن لم تكن في هذا التوقيت تحديدًا – رحّبت بها بعد فوات الأوان. واشنطن أيضًا تتفهم: فبدون زيادة الضغط العسكري، يبدو أن الحكومة اللبنانية لن تلتزم باتفاق وقف إطلاق النار.
فماذا سيحدث إذا استمر القتال أو تصاعد الوضع في الشمال لأيام؟ أولًا، علينا أن نطمئنكم: حزب الله لم يعد التنظيم الإرهابي نفسه الذي كان عليه قبل الحرب. لقد دمرت إسرائيل العديد من منظوماته الاستراتيجية، ودمرت قدرته على شن غارة واسعة النطاق على الجليل بشكل شبه كامل. مع ذلك، لم يُهزم التنظيم، فكل قائد يُقتل لديه بديل، حتى وإن لم يكن بمستواه، ولا يزال حزب الله يمتلك صواريخ وقذائف وطائرات مسيرة قادرة على ضرب الجبهة الداخلية الإسرائيلية، وإن لم تكن بنفس الكميات. إن حقيقة أننا، حتى بعد اغتيال رئيس أركان حزب الله، نناقش مسألة ما إذا كان حزب الله سيرد أصلاً، وإن كان كذلك، فبأي حجم، تُوضح الوضع الجديد الذي نشأ في الشمال بعد الحرب. والحقيقة هي أنه مهما كانت طريقة رد حزب الله، فإن المعادلات لم تعد جزءًا من السياسة الإسرائيلية. وحتى لو كان الرد من وجهة نظرها محدودًا ومدروسًا، فسيكون الرد الإسرائيلي مختلفًا تمامًا من حيث الحجم وغير متناسب.
——————————————
هآرتس 26/11/2025
نتنياهو ينزع شرعية الأصوات العربية
بقلم: رفيت هيخت
رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو المح في هذا الاسبوع الى نيته باتخاذ اجراءات مستقبلية لحظر حزب راعم، الجناح السياسي في الحركة الاسلامية في اسرائيل. يبدو أن ذلك ياتي في سياق قرار الرئيس الامريكي دونالد ترامب الذي يطالبه بالنظر في فرض عقوبات تدريجية على فروع معينة في حركة الاخوان المسلمين العالمية. ولكن هذا التلميح مقصود بشكل حصري لاغراض سياسية اسرائيلية داخلية. بكلمات اكثر دقة، يعتبر قرار ترامب دافع مناسب بالنسبة لنتنياهو من اجل اطلاق تحرك سياسي سيشهد زخم كبير قبل الانتخابات القادمة، وهدفه الرئيسي نزع الشرعية عن ناخبي الجمهور العربي والصوت العربي.
أمر ترامب يتعلق بفروع جماعة الاخوان المسلمين في الاردن ولبنان ومصر. ورغم أمل الائتلاف بان قرار الرئيس يمكن ان يكون بمثابة نوع من البيئة المناسبة لعمل اسرائيلي، الا ان هناك فرصة صغيرة لامكانية استخدامه لتجريم الجناح الجنوبي للحركة الاسلامية في اسرائيل (الجناح الشمالي تم حظره في 2015). حتى الان لا توجد خطوة ملموسة في الحكومة لحظر القائمة الموحدة واخراجها خارج القانون. وكثيرون في المنظومة السياسية، بما في ذلك في داخل الحكومة، يعتقدون ان هذه الخطوة لن تنضج ولن تتغلب بالتاكيد على الصعوبات القانونية الكبيرة التي تنطوي عليها. ما الذي يمكن ان يحدث؟ قد تضايق الحكومة الجمعيات المدنية للحركة الاسلامية في اسرائيل، ويتوقع ان تقود حملة لادانة كل اشكال التمثيل السياسي العربي.
هذه العملية يمكن ان تصل الى الذروة برفض معظم المرشحين العرب في لجنة الانتخابات، التي تتكون من ممثلي القوائم في الكنيست التاركة. ممثلو الائتلاف، باستثناء يهدوت هتوراة، سيصوتون مع رفض “بلد” و”راعم” واحمد الطيبي وعوفر كسيف. في بعض الحالات ربما ان حزب اسرائيل بيتنا برئاسة افيغدور ليبرمان الذي يستهدف اصوات يمينية في اوساط من خاب املهم من نتنياهو، سينضم اليهم. عندها ستاتي الالتماسات للمحكمة العليا ونتنياهو سيحصل على عرضين في بطاقة واحدة: تشويه وادانة مطلقة لتمثيل العرب، في قاعدة تتقنع كلها تقريبا بالكهانية وتحظى بموافقة صامتة من قبل قسم من جمهور معارضي نتنياهو، والتحريض ضد قضاة المحكمة العليا الذين سيتهمون بدعم من يؤيدون الارهاب.
الدوافع السياسية لنتنياهو مكشوفة. فحسب الاستطلاعات قبل الانتخابات القادمة لا يوجد لنتنياهو ائتلاف يميني بصورة ثابتة. تنافس قائمة عربية موحدة، التي يمكن ان تحصل على 15 مقعد، هو بالفعل العائق الاكبر امام مواصلة حكمه. حملة نزع شرعية الصوت العربي وتمثيله من شانها ليس فقط ستعالج هذا الخطر، بل ايضا منع المعارضة بشتى اطيافها اليمينية، نفتالي بينيت وليبرمان، من الاستعانة بممثلي الجمهور العربي كشركاء أو شركاء من الخارج.
حتى الان يبدو انه لا توجد حاجة الى حملة عنيفة جدا، لان معظم احزاب المعارضة تعلن بانها لن تعتمد في الحكومة المستقبلية على منتخبي الجمهور العربي. عملية تجريم التي توجد فقط في بدايتها، يمكن ان تغلق الدائرة على هذه الاحتمالية بعد الانتخابات.
اذا لم ينجح نتنياهو في تشكيل الائتلاف بعد الانتخابات، سواء اذا كانت هذه حكومة يمينية أو حكومة “وحدة” مع اشخاص مثل بينيت وليبرمان، فانه سيدفع نحو اجراءات انتخابات اخرى. عمليا، هدفه العملي والاكثر واقعية حسب وضعه السياسي الان، هو تعادل كتلي، لا مخرج له في مناخ مشتعل وفوضوي. من هناك، حسب رأيه، هو سينجح في تسيير الامور لصالحه. تجربة الماضي تعلمنا انه على حق.
——————————————
يديعوت 26/11/2025
على قادة الوسط واليسار أن يستوعبوا أن الفوز في الانتخابات يتطلب اندماج العرب في الحكم
بقلم: سامي سموحا
أظهرت جميع استطلاعات الرأي تقريبًا في العامين الماضيين أنه في الانتخابات المقبلة، لن يكون من الممكن تشكيل ائتلاف حكومي بدون الأحزاب العربية، لأنه لن تحصل أي كتلة على أغلبية مطلقة. إذا أُجريت انتخابات نزيهة للكنيست العام المقبل، واحترمت نتائجها، فلن تُشكل أي حكومة في إسرائيل بدون دعم حزب عربي.
لقد صنفت كتلة اليمين الأحزاب العربية على أنها داعمة للإرهاب، وستستخدم هذا كأداة للتحريض ضدها وضد كتلة الوسط واليسار. أغلبية ساحقة من اليمين تعترض على دخولها الائتلاف. سيحاول نتنياهو عبثًا إقناع أعضاء الكنيست من الأحزاب المنافسة بالانشقاق. كما أن تشكيل حكومة وحدة أمر مستحيل لأن أحزاب الوسط واليسار ستواصل مقاطعة نتنياهو ما لم يُبرّأ في محاكمته الجنائية. الوضع في كتلة المعارضة معقد أيضًا، إذ يُعدّ حزب “الديمقراطيين” الحزب الوحيد الذي لا يستبعد التعاون مع الأحزاب العربية.
أجرى البروفيسور يوفال فينشتاين والدكتور نهاد علي وأنا، وبعض من نتائجنا منشورة هنا لأول مرة، استطلاعًا للجمهور اليهودي من أكتوبر 2025 (1010 مشاركين في عينة تمثيلية وطنية عبر الإنترنت) واستطلاعًا للجمهور العربي من أيار إلى تموز 2025 (720 مقابلة وجهاً لوجه في عينة تمثيلية وطنية)، وقد سلط هذا الاستطلاع الضوء على هذا الموضوع.
لقد ارتفعت نسبة اليهود الذين يعتقدون بأهمية ان يبقى الحكم في يد اليمين من 59.5 في المئة قبل الحرب إلى 64 في المئة في العام 2025. وارتفعت نسبة اليهود الذين يرفضون حق التصويت للعرب من 30 في المئة إلى 48 في المئة. وعلى الأسئلة المطروحة في العام 2025، أجاب 65 في المئة من اليهود بأن المواطنين العرب يشكلون خطرًا على أمن الدولة، وأيد 62 في المئة ترحيلهم.
وردًا على السؤال المباشر: “إذا لم يكن من الممكن تشكيل حكومة بدون الأحزاب العربية بعد انتخابات الكنيست القادمة، فما رأيك في تشكيل ائتلاف بدعم خارجي من الأحزاب العربية؟”، أجاب 55 في المئة من اليهود بالنفي، و30 في المئة فقط من مؤيدي المعارضة. إن إجماع معظم مؤيدي المعارضة على هذا الأمر مشجع ويُمكّن من تشكيل حكومة جديدة في سيناريوهات مُتعددة، بما في ذلك انضمام حزب الموحدة “راعام” إلى الائتلاف، والدعم الخارجي للقائمة المشتركة في حال تشكيلها.
كما تُؤيد غالبية الجمهور العربي هذا الرأي. ففي استطلاع رأي أُجري بين أيار وتموز 2025، أيّد 76 في المئة من المواطنين العرب “تنظيم الأحزاب العربية في قائمة مشتركة واحدة تعمل على الاندماج في ائتلاف حكومي لتحقيق التأثير”. بينما رأى 47 في المئة أن على الأحزاب العربية ان تشارك في الانتخابات للكنيست حتى لو طُلب منها الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية. لذلك، إذا شُكِّلت قائمة مشتركة تُعلن استعدادها للمشاركة في تشكيل حكومة جديدة، فإن إقبال الناخبين العرب على التصويت وتمثيلهم في الكنيست القادم سيزداد بشكل كبير، وسيُبعد اليمين عن الحكم.
لم يجرؤ تكتل الوسط-اليسار بعد على تأهيل الأحزاب العربية كما فعل نتنياهو مع أحزاب اليمين المتطرف. فهل يمتلك بينيت، ولابيد، وآيزنكوت، وليبرمان، وغولان، وغانتس الشجاعة لاتخاذ خطوة موازية وضم الأحزاب العربية إلى الائتلاف حتى لو لم تكن حكومتهم تضم أغلبية يهودية، كما حدث مع حكومة رابين عام 1992 وحكومة التغيير عام 2021؟
كما ان هذه خطوة تُكسر الجمود وتُلبّي حاجةً ملحةً لتطبيع دمج العرب في الحكم. سيستغل اليمين هذا “الخطر” لترهيب اليهود وتشجيعهم على التوافد إلى صناديق الاقتراع. ومع ذلك، إذا أرادوا تشكيل حكومة تُصلح أضرار الحكومة الحالية، فعلى قادة كتلة الوسط واليسار أن يلتصقوا بالواقع الآن وان يستوعبوا بان السبيل الوحيد للتغيير السياسي يتطلب دمج المواطنين العرب في إسرائيل في الائتلاف القادم.
——————————————
هآرتس 26/11/2025
الجيش الاسرائيلي احتل عدد من البيوت والمنشآت الصناعية في يعبد
بقلم: عميره هاس
منذ يوم الجمعة 7 تشرين الثاني تسيطر قواتنا في حي ملول في اقصى الجنوب الغربي من يعبد في شمال الضفة الغربية. فقد داهمت قواتنا ستة منازل وطردت 11 عائلة تسكن فيها، ومنذئذ وهي تتنقل بين منازل الاقارب والاصدقاء. واقامت قواتنا قيادتها في احد المنازل وفي مصنع للزجاج والالمنيوم يقع في الطابق الارضي. المصنع هو مصدر رزق لست عائلات وستة من عامليه الذين تعطلوا عن العمل غصبا عنهم – هكذا روى رب العمل علي كيلاني ابن 63. معظم المدارس في المدينة اغلقت وانتقل الاطفال للتعلم عن بعد.
بعد ان توجه الكيلاني الى مديرية التنسيق الارتباط الاسرائيلية، سمح له بالدخول الى بيته ليتناول بعض الاغراض ويعتني بالطيور التي تربيها العائلة: 45 دجاجة، 7 بطات وعصافير. في المرة الاولى التي يدخل فيها الى البيت بعد اربعة ايام من سيطرة القوات. في المرة الثانية، يوم الجمعة الماضي، عثر على بعض النحل ميتا. بعضها على ما يبدو فرت لان اقفاصها كانت مفتوحة. وكانت صناديق النحل حول المنزل على اعتبار انها دخل اضافي للعائلة. ويخشى الكيلاني من ان عدم الاعتناء بالنحل لن يجعله يعود الى اقفاصه.
داخل البيت كانت فوضى عظيمة كما وجدها الكيلاني، حيث عاث الجنود خرابا. وبمرافقة الجيش دخل الى المصنع وشاهد ان ادوات عمل ومواد خام قد فقدت. كما لاحظ ملابس مدنية ملقية على الارضية وقيود بلاستيكية. ويعد هذا عرفا عسكريا يسمع عنه اكثر فاكثر. في مخيمات اللاجئين في نابلس وفي يعبد نفسها – الجيش يحتل بيتا ويجعله مركزا للتحقيق. هناك من يعتقل. وحسب مصادر فلسطينية رسمية فانه منذ سيطرة الجيش اعتقل مواطن من يعبد – في 20 تشرين الثاني. ليس معروفا لنا اذا كان جرى التحقيق معه في هذا البيت.
باختصار، هذا ليس حدثا بالنسبة لنا نحن الاسرائيليون: طرد عشرات الاشخاص من بيوتهم وحرمانهم من مصدر رزقهم وتشويش التعليم واختفاء الاغراض والاضرار بالممتلكات.
المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي اجاب على سؤال بشان هدف هذه السيطرة: “في 7 تشرين الثاني اغلق مشتبه فيهم في قرية يعبد الشارع الذي يستخدمه المواطنون (اسرائيليون) في المنطقة بواسطة الحجارة واطارات السيارات. وهكذا فقد عرضوا حياة السكان للخطر. في هذا الوضع تقرر وضع تواجد عسكري دائم في القرية، من اجل منع الارهاب في المنطقة. بعد فحص بدائل محتملة في هذا الشأن تم التوقيع على أمر وضع اليد على بيت من قبل القائد المخول بذلك في 9 تشرين الثاني. الامر نشر كما ينبغي، وبعد ذلك تم تمديده بعد ان وجد انه ما زالت هناك حاجة لاستمرار تواجد القوات في القرية.
المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي لم يرد على سؤال من هو المستوى المخول، وهل هذا الامر تم بمصادقة النيابة العسكرية. المتحدث سئل ايضا، “هل انتم تعتقدون ان هذا تعليم صحيح للجنود ابناء 19 – 20 سنة – انه في أي وقت يرغب فيه قائد يقومون بطرد اشخاص من بيوتهم ويستخدمون هذه البيوت والاغراض فيها، ويستخدمون الكهرباء والمياه التي تعود لها؟”. المتحدث باسم الجيش لم يجب. هو فقط وقع على اجابته بالقول الغريب “حتى الان لم تقدم اعتراضات ضد هذا الامر”. وكأنه اذا لم يقدم اعتراض فان الناس يوافقون على اقتلاعهم من بيوتهم وتحويلها الى ثكنة عسكرية. هذا حدث في يوم الجمعة، حتى أمس هذا البيت ما زال محتل.
هكذا يبدو الانتقام الجماعي، الروتيني، باختصار، للجيش الذي يخطط لسيطرة ابدية على جمهور زائد من ناحيته. منذ ان شكل اتفاق اوسلو السلطة الفلسطينية فان الجيش يعتبر نفسه معفي من كل التزاماته حسب القانون الدولي تجاه السكان المحتلين.
——————————————
N12– 26/11/2025
باغتيال طبطبائي.. إسرائيل لحكومة عون: إما “حزب الله” أو دولتكم
يُعبّر رئيس أركان حزب الله، علي طبطبائي، الذي اغتيل، في أفعاله وأنشطته عن جميع الظواهر السلبية التي شهدناها دائمًا في لبنان. إنه رجلٌ جعله ماضيه “المجيد” هدفًا إرهابيًا مهمًا، وهو أمر جيد أن يُحبط، والأهم من ذلك أن هذا يُحبط تهديدًا استراتيجيًا ناشئًا. طبطبائي أحد الشخصيات الرئيسية المسؤولة عن إعادة بناء حزب الله والتواصل مع الإيرانيين، بالإضافة إلى الروح القتالية للمنظمة التي تضررت جراء الحرب مع إسرائيل. ومثل رئيس أركان حزب الله السابق الذي تمت تصفيته، فؤاد شكر، يعدّ طبطبائي أحد هؤلاء المتطرفين الذين دفعوا باتجاه النشاط. تصفيته مهمة وضرورية.
هل حللنا التعقيدات في الشمال بهذا الإجراء؟ لا. نحن في وضع تُجري فيه إسرائيل تصعيدًا مُدروساً ضد لبنان وحزب الله. وهي لا تفعل ذلك لمجرد أنها تشعر بذلك، بل لأن حزب الله في طور استعادة قوته. تُرسل إسرائيل رسالة واضحة للطرف الآخر: إذا لم يكن هناك إجراء فعّال من جانب الحكومة اللبنانية لنزع سلاح حزب الله، كما يقتضي وقف إطلاق النار، فلن تتردد في مواصلة التصعيد.
بعد السابع من أكتوبر، لم تعد إسرائيل تمارس سياسة الاحتواء، ولن تسمح لحزب الله بالعودة إلى حجمه الهائل. وهذا يتطلب أيضاً ضغطًا أمريكيًا هائلًا. الإدارة الأمريكية نفسها، التي كانت تعلم ولا تزال تعلم أن إسرائيل تنوي تنفيذ هذه الخطوة – حتى وإن لم تكن في هذا التوقيت تحديدًا – رحّبت بها بعد فوات الأوان. واشنطن أيضاً تتفهم: فبدون زيادة الضغط العسكري، لن تلتزم الحكومة اللبنانية باتفاق وقف إطلاق النار.
فماذا سيحدث إذا استمر القتال أو تصاعد الوضع في الشمال لأيام؟ أولاً، علينا أن نطمئنكم: حزب الله لم يعد التنظيم الإرهابي نفسه الذي كان عليه قبل الحرب. لقد دمرت إسرائيل العديد من منظوماته الاستراتيجية، ودمرت قدرته على شن غارة واسعة النطاق على الجليل بشكل شبه كامل. مع ذلك، لم يُهزم التنظيم، فكل قائد يُقتل لديه بديل، حتى وإن لم يكن بمستواه، ولا يزال حزب الله يمتلك صواريخ وقذائف وطائرات مسيرة قادرة على ضرب الجبهة الداخلية الإسرائيلية، وإن لم تكن بنفس الكميات. وحتى بعد اغتيال رئيس أركان حزب الله، فنحن نناقش مسألة ما إذا كان حزب الله سيرد أصلاً، وإن كان كذلك، فبأي حجم، وهذه حقيقة تُوضح الوضع الجديد الذي نشأ في الشمال بعد الحرب. والحقيقة أنه مهما كانت طريقة رد حزب الله، فالمعادلات لم تعد جزءًا من السياسة الإسرائيلية. وحتى لو كان الرد من وجهة نظرها محدودًا ومدروسًا، فسيكون الرد الإسرائيلي مختلفًا تمامًا من حيث الحجم، وغير متناسب.
——————————————
هآرتس 26/11/2025
زامير ينتقد “نقص التعيينات وتسييسها”.. ووزير الدفاع: لست سوى تابع لي
بقلم: أسرة التحرير
حكومة 7 أكتوبر مصممة على تحميل الجيش وحده مسؤولية المجزرة. هذا هو الهدف، وجميع الوسائل مشروعة لتحقيقه: زعزعة ثقة الجمهور بالجيش الإسرائيلي، وتسييس التعيينات، وإهانة رئيس الأركان. من الأفضل لهم طمس الحقيقة وعدم تحمل مسؤولية من قادوا البلاد في السنوات التي أدت إلى الفشل، كما هو الحال مع نتنياهو، خلال الأربعة عشر عامًا التي سبقت المجزرة (باستثناء عام واحد).
ترفض الحكومة القيام بالأمر البديهي، وهو تشكيل لجنة تحقيق رسمية. أما الجيش، فقد حقق مع نفسه. كتب رئيس الأركان زامير، محقًا: “الجيش الإسرائيلي هو الجهة الوحيدة في البلاد التي ستُجري تحقيقات معمقة حول عيوبه وتتحمل مسؤوليتها”. من وجهة نظره، هذا ليس بديلاً عن لجنة رسمية، ولكنه عملية جادة بالتأكيد. لذلك، هو أمر خطير من وجهة نظر الحكومة، التي تسعى إلى التحكم في نتائج التحقيقات.
في ضوء ذلك، يُمكن فهم الصدام بين وزير الدفاع يسرائيل كاتس وزامير. فقد أعلن رئيس الأركان أن “وقف التعيينات يضر بقدرة الجيش الإسرائيلي وعملية استعداده للتحديات القادمة”. فردّ كاتس بنبرةٍ مُتشدِّدة: “يعلم رئيس الأركان جيدًا أنه تابعٌ لرئيس الوزراء ووزير الدفاع والحكومة الإسرائيلية”، وفي الواقع، تُمثِّل الرسالة أمراً لجماعة بيبي بوصم رئيس الأركان كعامل يُتآمر على نتنياهو والحكومة.
كما كشف زامير أنه علم من وسائل الإعلام أن وزير الدفاع يسعى لإعادة النظر في تقرير تحقيقات 7 أكتوبر الذي أعده الجيش الإسرائيلي. هذا تقريرٌ أعدّه 12 لواء وعميدًا، عملوا عليه سبعة أشهر، وسُلِّم إلى كاتس شخصيًا. كتب رئيس الأركان، مُحقًا: “قرار التشكيك في التقرير يثير العجب. ومراجعة بديلة لمدة 30 يومًا من قِبل مراقب جهاز الأمن… غير ذات صلة”. وأشار زامير إلى محاولة سياسية لإلغاء العمل المهني.
الصراع بين وزير الدفاع ورئيس الأركان ليس شخصيًا فحسب، بل جزء من عملية أوسع للسيطرة السياسية على جهاز الأمن. كاتس ليس سوى المبعوث المخلص، الذي يهتم بمنصبه في الانتخابات التمهيدية لحزب الليكود أكثر من اهتمامه بمستقبل البلاد أو الجيش الإسرائيلي. يأتي التحريض ضد زامير مباشرةً من عائلة نتنياهو. نتنياهو يريد أن يفعل بالجيش الإسرائيلي ما يفعله بن غفير بالشرطة.
هذا الواقع الخطير يُلقي بالمسؤولية على عاتق الجمهور. أمام حكومة تحاول التهرب من المسؤولية التاريخية وتوجيه الأضواء فقط إلى الجيش ــ وهذا على الرغم من أن جميع رؤساء المؤسسة الأمنية أخذوا المسؤولية على عاتقهم، واستقالوا، ويواصل الجيش التحقيق مع نفسه. يجب على الجمهور أن يعرف إلى أي جانب يجب أن يقف، وما الذي يجب أن يدافع عنه.
—————–انتهت النشرة—————–

