المسار :في ظل حرب الإبادة المتواصلة على قطاع غزة، تتصاعد معاناة الأشخاص ذوي الإعاقة بصورة غير مسبوقة، حيث تكشف الشهادات الميدانية عن واقع إنساني قاسٍ وضعهم في دائرة الخطر المباشر، بين القصف والنزوح وغياب الخدمات الأساسية.
وتروي سهام أبو عويضة، وهي تقف أمام صف من الخيام الغارقة في المطر، أن ذوي الإعاقة كانوا من أكثر الفئات التي دفعت ثمناً مضاعفاً للحرب، بعدما فقدوا الأدوات المساعدة التي كانوا يعتمدون عليها، من كراسي متحركة وأطراف صناعية وعكازات وأجهزة سمع وبصر، فيما تحولت طرق النزوح إلى معركة بقاء حقيقية لم يتمكن كثيرون من اجتيازها.
وتشير إلى أن مخيمات النزوح كشفت عن تحديات أخرى، أبرزها غياب المواءمات الأساسية، وانعدام الخصوصية في الحمامات، وصعوبة الحركة على أرض موحلة، مؤكدة أن النساء ذوات الإعاقة يواجهن معاناة مضاعفة في ظل شح المستلزمات الصحية وغياب التجهيزات المناسبة.
وفي شهادة أخرى، يقول عبد الكريم القرناوي إن الحرب أنهت ما تبقى من حياة يمكن احتمالها، بعد تدمير المؤسسات التي كانت توفر الدعم والإسناد لهذه الفئة، ومع النزوح بات الحصول على طعام ودواء وملبس مناسبة مهمة شبه مستحيلة. ويستعرض مشكلات جوهرية، أبرزها نقص الغذاء والماء، وتوقف وسائل النقل، وصعوبة الوصول إلى الخدمات، وفقدان الأدوات المساعدة بلا إمكانية صيانة أو استبدال.
من جانبه، يؤكد أمجد الشوا، رئيس شبكة المنظمات الأهلية في غزة، أن ذوي الإعاقة واجهوا “معاناة غير مسبوقة”، مشيراً إلى أن التقديرات تشير إلى 40 ألف شخص من ذوي الإعاقة في القطاع، بينهم نحو 6 آلاف تعرضوا لبتر أطراف. ويحذر من غياب الممرات المهيأة ودورات المياه المناسبة داخل المخيمات، إضافة إلى نقص المياه النظيفة والطعام الملائم.
ويؤكد الشوا ضرورة استجابة إنسانية أكثر تخصصاً وشمولاً، تشمل توفير الأدوات المساعدة والأدوية والاحتياجات الأساسية، ودمج ذوي الإعاقة في خطط الدعم الدولية بما يحفظ كرامتهم وحقهم في الحياة الآمنة.
وتبقى قصص ذوي الإعاقة في غزة شاهدة على جانب مظلم من الحرب، حيث يجد هؤلاء أنفسهم في قلب الإبادة دون حماية كافية، فيما تتراكم المعاناة بصمت بين الركام والخيام، في انتظار استجابة عادلة تنصف حقهم في العيش بكرامة.

