“حملة” يطالب الاتحاد الأوروبي بالتدخل لحماية الحقوق الرقمية للفلسطينيين

المسار : أكدت النقاشات على مدار اليوم أن الحقوق الرقميّة للفلسطينييّن ليست قضية هامشية أو منفصلة، بل هي مؤشر على مدى التزام أوروبا بحقوق الإنسان والقيم الديمقراطية والحوكمة الرقميّة القائمة على الشفافية والمساءلة.

عقد حملة – المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي مؤتمره الأوروبي السنوي الثاني في بروكسل يوم أمس، في وقت تتعرّض فيه الحقوق الرقميّة للفلسطينييّن/ات لضغوط غير مسبوقة، سواء عبر المنصّات الرقميّة أو ضمن المشهد السياسي الأوروبي الأوسع.

وجمع المؤتمر نخبة من الأكاديميين/ات، والباحثين/ات، والصحافيين/ات، وممثلي/ات المجتمع المدني، ومؤسسات الاتحاد الأوروبي، وقطاع التكنولوجيا، لمناقشة كيف تسهم الخيارات التنظيمية للاتحاد الأوروبي والبيئة السياسية السائدة في تشكيل حرّية الفلسطينييّن/ات في التعبير والوصول إلى المعلومات والمشاركة في الفضاء الرقمي.

وتحت شعار “الحماية أم الاستمرار؟ خيار الاتحاد الأوروبي بشأن الحريات الرقميّة الفلسطينيّة”، استكشف المؤتمر مسؤوليات الحكومات وشركات التكنولوجيا وأوجه تقصيرها في حماية الحقوق الرقمية للفلسطينييّن/ات ومجتمعات الأغلبية العالمية.

وتم افتتاح المؤتمر بكلمة المدير التنفيذي ومؤسس مركز حملة، نديم ناشف، الذي قدّم تحليلاً لتراجع فعالية الأطر التقليدية القائمة على مبادئ “الأعمال وحقوق الإنسان” في مساءلة شركات التكنولوجيا الكبرى وضمان حماية الحقوق الرقميّة. ودعا ناشف الحضور إلى العمل المشترك لإيجاد نماذج وأدوات جديدة للمساءلة تضمن حماية أوسع الحقوق الرقميّة لجميع الأفراد.

وقدّمت الجلسة الأولى، بعنوان “مكمّمون وتحت المراقبة: المشهد الرقميّ الأوروبي المتحوّل والمعركة على الحريات الفلسطينيّة”، لمحة عن بحث مركز حملة الجاري حول تفاعل سياسات المنصّات التكنولوجية مع القوانين الوطنية والتنظيمات الأوروبية. وانتقل النقاش لاحقاً إلى حوار معمّق حول أثر “قانون الخدمات الرقمية” (DSA) وما يُعرف بـ”تأثير بروكسل”. أدارت الجلسة تيسير المثلوثي من مركز حملة، وشارك فيها كل من: إلودي فيال، ألكسندرا فاين، هنرييت ويلبيرغ، كارولينا زافيير، ونومي ليفان.

كما قدّمت تمام أبو سلامة، الناشطة الفلسطينية المقيمة في بروكسل، المداخلة الملهمة الأولى، وتحدّثت عن تجربتها كامرأة فلسطينيّة تعيش في أوروبا خلال الإبادة الجماعية في غزة. وندّدت تمام بردود الفعل الأوروبية التي وصفتها بالمتناقضة تجاه الإبادة، مشيرة إلى صمت وتواطؤ العديد من الحكومات والمؤسسات الأوروبية، بينما كانت هي تجد صوتها للتصدي لهذه الازدواجية.

وأدار جلال أبو خاطر من مركز حملة جلسة متخصّصة حول تدمير البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في غزة، وضرورة إعادة البناء وضرورة إعادة ربط القطاع بالعالم، بمشاركة علي عبد الوهاب وحنين أبو نهلة، تطرقت الجلسة إلى الآثار التعليمية والاقتصادية والعاطفية والجسدية لهذا التدمير، بما في ذلك خسارة الكثير من الغزيين مصادر دخلهم بين ليلة وضحاها، وعدم قدرة الطلبة على الوصول إلى صفوفهم الافتراضية بعد تدمير جامعاتهم، والشعور العميق بأنّ العالم نسي غزة.

واختُتمت الجلسة بالدعوة إلى تبنّي سياسة رقميّة وطنية تحدّد أسس إعادة الإعمار وتمنع استغلال ما بعد الكوارث.

كما قدّم مارك بوتينغا، عضو البرلمان الأوروبي، مداخلة حول التحوّلات السياسية والاقتصادية في أوروبا، أشار إلى أنه رغم تراجع النفوذ الأوروبي على الساحة العالمية، ورغم الدفع المتزايد نحو نزع القيود وتوسع النزاعات العسكرية، تبقى حركة التضامن مع فلسطين نقطة مهمّة تدفع باتجاه مطالب تقدمية تتمحور حول حقوق الإنسان.

أما الكلمة الختامية الرئيسية فقدمها آدم، أحد موظفي شركة مايكروسوفت، الذي عرض كيف تورّطت الشركة في الإبادة الجماعية في غزة، وتطرّق إلى جهود العاملين/ات داخل الشركة للدفاع عن الحقوق الفلسطينيّة. ودفع عرضه الحضور للتفكير في كيفية بناء تعاون أكبر بين المجتمع المدني والعمال والعاملات في قطاع التكنولوجيا حول قيم مشتركة للعدالة والحقوق.

اختُتم اليوم بسلسلة جلسات تفاعلية تناولت أربعة محاور رئيسية: المساءلة التكنولوجية، العنف القائم على النوع الاجتماعي في زمن الحرب، أصوات الأغلبية العالمية في السياسات الأوروبية، والحوكمة الخوارزمية والتجربة الفلسطينية. وغادر المشاركون/ات المؤتمر برسالة واضحة بضرورة تعزيز آليات المساءلة والدفع نحو مزيد من المناصرة في أوروبا، لضمان حماية الحقوق الرقميّة للفلسطينيين/ات ومجتمعات الأغلبية العالمية.

أكدت النقاشات على مدار اليوم أن الحقوق الرقميّة للفلسطينييّن ليست قضية هامشية أو منفصلة، بل هي مؤشر على مدى التزام أوروبا بحقوق الإنسان والقيم الديمقراطية والحوكمة الرقميّة القائمة على الشفافية والمساءلة.

ومع دخول الاتحاد الأوروبي مرحلة أعمق من تطبيق قانون الخدمات الرقمية، وتجدّد النقاشات حول تنظيم المنصّات والرقابة والمساءلة العالمية لشركات التكنولوجيا، يدعو مركز حملة مؤسسات الاتحاد الأوروبي وشركاء المجتمع المدني إلى ضمان أن تبقى التجارب والأصوات الفلسطينية في قلب هذه النقاشات. إن حماية الحريات الرقميّة للفلسطينيين/ات جزء أساسي من حماية الحريات الرقمية للجميع، والخيارات التي تتخذها أوروبا اليوم ستسهم في رسم مستقبل الحقوق الرقميّة والأمان الرقميّ للأجيال القادمة داخل حدودها وخارجها

 

Share This Article