المسار : إعداد لؤي صوالحة – نابلس: نظمت بلدية نابلس اليوم في البلدة القديمة مسارا وبازارا لمنتجات نسوية، ضمن فعاليات حملة الستة عشر يومًا لمناهضة العنف المبني على النوع الاجتماعي، في فعالية حملت أبعادًا اجتماعية ووطنية، وسلّطت الضوء على انعكاسات سياسات الأبارتهايد والاحتلال الإسرائيلي على الواقع الاقتصادي والاجتماعي للمرأة الفلسطينية.
وانطلقت الفعالية بمبادرة من بلدية نابلس ومركز ركن المرأة، وبالشراكة مع مؤسسات البلدة القديمة، وعدد من المؤسسات النسوية والوطنية ومؤسسات المجتمع المدني، وسط مشاركة رسمية وشعبية واسعة، عكست أهمية الحدث ورسائله المتعددة.
وفي كلمته خلال افتتاح المسار، قال رئيس بلدية نابلس الدكتور حسام نعيم عبد العزيز الشخشير إن البلدية “تثمّن عاليًا جهود مركز ركن المرأة وكافة المؤسسات والقائمين على هذا البازار”، مؤكدًا أن هذه الفعالية تأتي “في إطار حملة 16 يومًا لمناهضة العنف ضد المرأة، وبالتوازي مع تسليط الضوء على نظام الأبارتهايد الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي على شعبنا الفلسطيني”.
وأضاف الشخشير أن تنظيم البازار في البلدة القديمة يحمل دلالات وطنية وتنموية، موضحًا أن البلدة القديمة تُعدّ “موقعًا تاريخيًا وسياحيًا في قلب مدينة نابلس، وأن تفعيلها عبر مثل هذه المبادرات يسهم في إعادة الاعتبار لها اقتصاديًا واجتماعيًا، ويعزز صمود أهلها”.
من جهتها، أكدت ماجدة المصري، نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، أن هذا البازار “يمثل نموذجًا عمليًا للربط بين النضال الاجتماعي والنضال الوطني”، مشددة على أن تمكين المرأة اقتصاديًا يشكّل “جزءًا لا يتجزأ من مواجهة سياسات الاحتلال”.
وقالت المصري إن هذه الفعالية تأتي في ظل أوضاع اقتصادية بالغة الصعوبة، فرضتها سياسات الاحتلال الإسرائيلي، وخاصة إغلاق الحواجز المحيطة بمدينة نابلس لما يزيد عن عامين، ما انعكس بشكل مباشر على الحياة الاقتصادية، وزاد من نسب البطالة والفقر”. وأضافت أن “المرأة الفلسطينية باتت تتحمل أعباء مضاعفة في إعالة أسرها، الأمر الذي يضاعف من أهمية دور المؤسسات النسوية في توفير فرص التمكين الاقتصادي”.
وأكدت المصري أن البلدة القديمة “ليست فقط مكانًا جغرافيًا، بل فضاءا وطنيا واقتصاديا يجب تفعيله وحمايته”، معتبرة أن إعادة الحياة إليها “تُعدّ فعل مقاومة في وجه محاولات التفريغ والإضعاف التي يمارسها الاحتلال”.
بدورها، قالت حنان الخفش، عضو ركن المرأة في بلدية نابلس، إن تنظيم هذا المسار والبازار جاءا “استجابة مباشرة لتردي الأوضاع الاقتصادية التي يعيشها المواطنون، وخاصة النساء”، مؤكدة أن نجاح الفعالية يعكس “حالة التكامل والتعاون بين بلدية نابلس، ومؤسسات البلدة القديمة، والمؤسسات النسوية، ومؤسسات المدينة المختلفة”.
وأضافت الخفش أن المشروع حظي بدعم ومساهمة من مشروع دولي داعم للتمكين الاقتصادي، ما أسهم في إنجاح هذه المبادرة التي تهدف إلى “تعزيز قدرة النساء على تسويق منتجاتهن، وفتح مساحات اقتصادية جديدة داخل البلدة القديمة”.
وأوضحت أن اختيار حي الشيخ مسلم كنقطة انطلاق للمسار لم يكن صدفة، بل جاء بهدف “تعريف المواطنين والزوار بالبلدة القديمة، وبما تحتويه من أسواق وسلع وممرات تاريخية تربط أحياءها ببعضها البعض، بما يعيد دمجها في الحركة الاقتصادية والاجتماعية للمدينة”.
وشهد المسار والبازار مشاركة واسعة من النساء العاملات في الأعمال اليدوية والحرف المنزلية، إلى جانب إقبال شعبي لافت، شمل وفودًا قادمة من الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، ما ساهم في تنشيط الحركة التجارية، وسط أجواء شعبية تخللتها مشاركة فرق الكشافة.
وفي ظل استمرار سياسات الاحتلال وإغلاق الحواجز وخنق المدن الفلسطينية، يؤكد هذا المسار أن دعم المرأة وتمكينها اقتصاديًا لم يعد خيارًا اجتماعيًا فحسب، بل بات ضرورة وطنية لتعزيز صمود المجتمع الفلسطيني، وإبقاء البلدة القديمة في نابلس حيّة وفاعلة في وجه محاولات التهميش والإضعاف.




