غازي أزكينوت: يجب على المعارضة ألّا تعتذر عن تعاونها مع الأحزاب العربية فبدونها لن تتمكن من تشكيل حكومة

المسار : في يوم السبت، أجرى غادي آيزنكوت مقابلة في برنامج “لقاء الصحافة” و”ألقى قنبلة”، كما وصف ذلك عدد من المعلّقين السياسيين. أي إنه، ببساطة، تمتم بما هو بديهي: الكتلة التي تطلق على نفسها “معارضي نتنياهو” ستواجه صعوبة في تشكيل حكومة من دون تعاون مع الأحزاب العربية، التي تعارض نتنياهو في الواقع لا أقل، وربما أكثر، من أحزاب أخرى في صفوف المعارضة. “إذا انتهى الأمر عند 57–58 مقعدًا، يمكن إيجاد حلّ سياسي»”، قال آيزنكوت بتردّد، ثم تهرّب من الخوض في التفاصيل.

في الائتلاف، بطبيعة الحال، انقضّوا على الفرصة لاتهام معارضي الحكومة بخيانة يسارية تقدّمية. “المعارضة تعود للتحالف مع الإخوان المسلمين”، هدّدوا في الليكود. “لقد شاهدنا سيناريو اليسار الخطير هذا من قبل”، كتب الوزير وناقد السينما بتسالئيل سموتريتش. أما عيديت سيلمان، التي تجيد النفخ في النار، فأعلنت أن “آيزنكوت كشف السرّ الذي يعرفه الجميع: هو وبينيت يخططان مجددًا لتشكيل حكومة مع الأحزاب العربية”. وهنا يُطرح السؤال: حسنًا، وما المشكلة في ذلك؟

يؤلمني جسديًا أن أمدح ماغال، لكن ردّه تحديدًا هو الطريقة الصحيحة للرد على هذا النوع من الترهات، خلافًا للالتواءات المحرِجة التي يتخبط فيها قادة المعارضة اليوم. فبدل التعاون مع الممثلين المنتخبين لخُمس مواطني الدولة، يتعاونون مع السردية العنصرية التي تصمهم بوصفهم شركاء غير شرعيين. ردود السخرية لدى سيري وكسبيت ومن على شاكلتهما تسير في الاتجاه ذاته: إذ تُصوِّر دعم إشراك القائمة العربية الموحدة في الحكومة كوصمة مخجلة ينبغي تذكير الناس بها مرارًا. وبدل مواجهة التصور المشوَّه القائل إن لا مكان للعرب في الائتلاف، يلوذون بالدفاع ويُقرّون به. قال ماغال: هذا يثير مشاعري. ويقول سيري: هذا إشكالي، لكن نتنياهو فعله أولًا، ولذلك فهو مباح. أيّ النسختين تفضّلون؟

ضمن هذا الإطار، يتحول المواطنون العرب من شركاء حقيقيين إلى ذخيرة في سجال بين يهود، ويغدو إشراكهم في الحكومة حيلة رخيصة على الدوام، بدل أن يكون الخيار الديمقراطي الوحيد. وإلى جانب ذلك، فإن الادعاء بأن نتنياهو هو من “أضفى الشرعية” على القائمة العربية الموحدة لا يضرّه، بل يخدمه. مرة بعد أخرى، تتيح له معارضة مذعورة وعديمة المبادئ أن يحدّد قواعد اللعبة وحدود الخطاب، بدل أن تطرح بديلًا حقيقيًا يبعث على الأمل. وليس من قبيل الصدفة أن يسارع نتنياهو إلى تداول أقوال آيزنكوت: فهدفه هو نزع الشرعية عن أي تعاون بين معارضيه اليهود والعرب، لأن هذا هو الطريق الوحيد لهزيمته.

وإذا كان ثمة ما ينبغي “تذكير” نتنياهو به، فليس العناق الذي منحه لعباس، بل تعاونه مع كهانيين يناصرون الإبادة الجماعية، ومع متعطّشي موت يتزينون بحبال المشانق، ومع متملقين عديمي الكفاءة، ومع أصحاب ثراء منفصلين عن الواقع ينهبون المال العام. ما دام هؤلاء شركاء شرعيين، والأحزاب العربية ليست كذلك، فإن نتنياهو سيبقى المنتصر دائمًا.

Share This Article