المسار :في أعقاب حادثة إطلاق النار التي شهدتها جامعة براون في الولايات المتحدة، سارعت شخصيات ودوائر محسوبة على اليمين المتطرف، ولا سيما تيار “ميغا–ترامب”، إلى إطلاق اتهامات مسبقة تزعم أن منفذ الهجوم مسلم أو طالب فلسطيني، وذلك قبل أن تعلن السلطات الأمريكية أي معلومات رسمية حول هوية المشتبه به أو دوافعه.
وبحسب ما تبيّن لاحقًا من معطيات أولية، فإن هذه المزاعم تفتقر إلى أي دليل. إذ أكدت التحقيقات أن المشتبه به رجل يبلغ من العمر 48 عامًا، طالب سابق في جامعة براون ويحمل الجنسية البرتغالية، وقد عُثر عليه ميتًا في وقت متأخر من مساء الخميس في واقعة يُرجّح أنها انتحار. ولم تظهر أي مؤشرات على أن المنفذ كان مسلمًا أو فلسطينيًا، كما لم تثبت صحة الادعاءات التي روّجت لهتافات دينية أو دوافع أيديولوجية مرتبطة بالإسلام أو بالقضية الفلسطينية.
ورغم ذلك، واصلت شخصيات يمينية متطرفة، من بينها لورا لومر، المعروفة بخطابها المعادي للمسلمين، نشر روايات تحريضية ونظريات مؤامرة، حتى بعد اتضاح هوية المشتبه به. وذهب بعض المؤثرين اليمينيين إلى حد تسمية طالب فلسطيني بعينه، وتداول اسمه وصورته عبر الإنترنت، في خطوة وصفت بأنها خطِرة وتحريضية.
من جانبها، أدانت جامعة براون ما وصفته بـ”التشهير المؤذي”، مؤكدة أن أي إجراءات تتعلق بإزالة معلومات أو حماية الحضور الرقمي لأفراد جرى اتخاذها فقط من باب الحفاظ على سلامتهم، وليس لإخفاء حقائق كما ادعى مروّجو الشائعات.
وشاركت في حملة الاتهامات شخصيات من أقصى اليمين الأمريكي، من بينهم مستثمرون وناشطون سياسيون ومسؤولون حكوميون، إضافة إلى عدد من النواب الجمهوريين الذين سارعوا إلى ربط الحادثة بما أسموه “العنف اليساري”، دون تقديم أي أدلة. كما ركّز بعضهم على هوية إحدى الضحايا بوصفها جمهورية، متجاهلين ضحايا آخرين، من بينهم شاب يبلغ 18 عامًا يحمل الجنسية الأمريكية المزدوجة، إضافة إلى تسعة جرحى آخرين أُصيبوا في الهجوم.
وفي الوقت الذي تواصل فيه السلطات الأمريكية تحقيقاتها للكشف عن الدوافع الحقيقية للحادثة، والتي يجري الربط بينها وبين جريمة أخرى راح ضحيتها أستاذ جامعي في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، تتضح صورة أوسع مفادها أن الخطاب التحريضي سبق الوقائع، وأن الاتهامات استُخدمت سياسيًا لتغذية العداء ضد المسلمين والفلسطينيين، بعيدًا عن الحقائق والأدلة.
ويجمع مراقبون على أن ما جرى يعكس نمطًا متكررًا في المشهد السياسي والإعلامي الأمريكي، حيث تُستغل الحوادث الأمنية لإطلاق أحكام مسبقة وتصفية حسابات أيديولوجية، بدل انتظار نتائج التحقيقات الرسمية والالتزام بالمعايير المهنية.

