المسار: شهدت المخيمات والتجمّعات الفلسطينية في مدينة صور جنوب لبنان اعتصامات نسوية حاشدة، دعت إليها المنظمة النسائية الديمقراطية الفلسطينية – ندى(قطاع المرأة في الجبهة الديمقراطية)، وعمّت مخيمات البرج الشمالي، الرشيدية، والبص، بمشاركة مئات النساء المعيلات للأسر المصنّفة ضمن حالات العسر الشديد، وصاحبات الأمراض الصعبة والمزمنة، وكبيرات السن.
وشارك في الاعتصامات ممثلون عن الفصائل الفلسطينية، واللجان الشعبية والنقابية، إلى جانب شخصيات مثّلت الجمعيات الأهلية العاملة في المخيمات، والمنظمات، والأطر النسوية، في تأكيد على الطابع الشعبي والوطني للتحرّك.
ورفعت المعتصمات شعارات مندّدة بالتخفيضات التي طالت برنامج شبكة الأمان الاجتماعي والمساعدات النقدية لحالات العسر الشديد، وبقصور وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) عن تلبية الاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية الخاصة بالنساء والفتيات والأطفال، في ظل الانهيار المعيشي المتفاقم في لبنان.
وفي مخيم البرج الشمالي، ألقت هبة سعد الدين، عضو قيادة ندى في لبنان، كلمة باسم المعتصمات، دعت فيها إلى أوسع حراك نسوي متواصل لمنع الأونروا من إلغاء مساعدات الأسر الفقيرة والهشّة، والعمل على إلزامها بتوفير الرعاية الصحية، وتسديد تكاليف العلاج والاستشفاء للنساء الحوامل، وصاحبات الأمراض المزمنة، وكبيرات السن، وذوات الاحتياجات الخاصة.
أما في مخيم الرشيدية، فقد تحدثت جمانة بديوي، عضو قيادة ندى في المنطقة، باسم المعتصمات، داعية الأمم المتحدة، والأونروا، والدول المضيفة، إلى بذل أقصى الجهود لتأمين التمويل اللازم لاستدامة خدمات الأونروا والحفاظ على تقديماتها للاجئين الفلسطينيين في لبنان، في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية الخانقة التي تدفع شريحة واسعة من أبناء شعبنا إلى حافة الفقر المدقع.
وأكدت بديوي أن الأسر التي تعيلها نساء وفتيات، والتي تشكّل نحو 21% من إجمالي الأسر الفلسطينية، تُعدّ الفئة الأكثر حاجة لاستمرار المساعدات النقدية وبرامج الإغاثة الطارئة.
وفي مخيم البص، ألقت فادية حمدان، عضو قيادة ندى في المخيم، كلمة حذّرت فيها من انفجار اجتماعي في وجه الأونروا في حال استمرارها بسياسة “التكيّف” مع المشروع الإسرائيلي – الأميركي الهادف إلى تصفيتها، وما يستتبعه ذلك من محاولات لتصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين.
وندّدت حمدان بإقدام الأونروا على وقف المساعدات النقدية للأسر الفقيرة للشهر السابع على التوالي، من دون تقديم أي تفسيرات أو توضيحات للمجتمع المحلي وللعائلات التي تعتمد بشكل أساسي على هذه المساعدات لتأمين الحد الأدنى من مقوّمات العيش.
وفي ختام الاعتصامات، قدّمت المشاركات مذكّرات احتجاج إلى المديرة العامة لشؤون الأونروا في لبنان، تسلّمها مديرو المخيمات، عبّرت فيها العائلات الفلسطينية عن استنكارها لاستمرار الحصار المالي المفروض على الوكالة، والذي يستهدف المساس بدورها ومكانتها السياسية والقانونية، بوصفها شاهدًا على التزام المجتمع الدولي بحق اللاجئين الفلسطينيين.
وطالبت المذكّرات بتكثيف جهود الأونروا والدول المضيفة لتأمين التمويل اللازم لاستدامة عمل الوكالة، وتوسيع برامجها، وجعلها أكثر استجابة للاحتياجات المعيشية الأساسية للاجئين، ولا سيما الأسر الفقيرة والأكثر هشاشة، بما يضمن انتظام صرف المساعدات النقدية، وتسديد الاستحقاقات المتراكمة، والتراجع عن جميع الإجراءات التقليصية وسياسة التكيّف مع الأزمة المالية على حساب اللاجئين وحقوقهم وكرامتهم.
وتأتي هذه الاعتصامات في ظل أزمة مالية خانقة تعصف بوكالة الأونروا منذ سنوات، تفاقمت بفعل تقليص مساهمات عدد من الدول المانحة، واشتداد الضغوط السياسية الهادفة إلى تقويض دور الوكالة باعتبارها إحدى ركائز قضية اللاجئين الفلسطينيين.
وقد انعكست هذه الأزمة على شكل تقليصات واسعة في برامج الإغاثة والصحة والتعليم، ولا سيما برنامج شبكة الأمان الاجتماعي والمساعدات النقدية للأسر المصنّفة ضمن حالات العسر الشديد.
وفي لبنان، يعيش اللاجئون الفلسطينيون في 12 مخيمًا رسميًا وعشرات التجمّعات، في ظروف معيشية بالغة الصعوبة، تتفاقم مع الانهيار الاقتصادي وحرمانهم من حقوق العمل والتملّك والضمانات الاجتماعية.
وتشير تقارير أممية إلى أن الغالبية الساحقة من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان باتت تحت خط الفقر، فيما تُعدّ الأسر التي تعيلها نساء من أكثر الفئات تضررًا، في ظل غياب شبكات الحماية الاجتماعية واستمرار تقليص خدمات الأونروا.

