هيئة تحرير هآرتس: كهانا حي في الكنيست

المسار: كاهانا حيّ، وهو يستولي على دولة إسرائيل. الانقلاب على النظام لا يكتمل من دون تشريعات معادية للديمقراطية، إلى جانب شَغْلٍ ممنهجٍ لمواقع القوة بأشخاص ليست غايتهم الحكم في إطار ديمقراطي، بل تفكيكه من الداخل. أمس، سُجِّلت لإسرائيل ما بعد الديمقراطية جملة من “الإنجازات” البارزة في هذا المجال: الدفع بقوانين الانقلاب، وفي مقدمتها إنشاء لجنة تحقيق سياسية في أحداث السابع من أكتوبر — لجنة طمس ستُحدَّد صلاحياتها بيد رئيس وزراء السابع من تشرين الأول/أكتوبر، بنيامين نتنياهو — والمصادقة على إغلاق محطة الإذاعة العسكرية “غالي تساهل”، في إطار الحرب على الإعلام الحر.

وبالتوازي، أقدمت الحكومة على تعيين شخصين في موقعين مفصليين، يمثّلان قاع الكنيست وقاع الأخلاق العامة: تعيين عضو الكنيست تسفي سوكوت من “الصهيونية الدينية” رئيسًا للجنة التربية، وتعيين عضوة الكنيست ليمور سون هار-ملخ من “عوتسما يهوديت” رئيسةً للجنة الصحة. تعيينان يشكّلان ذروة الكهانية المِسيانية في قلب المؤسسة.

الفوضى التي اندلعت في لجنة الكنيست مع إقرار هذه التعيينات لم تكن مصادفة، بل مقدّمة لما هو آتٍ. قال سوكوت لرئيس كتلة “الكتلة العربية للتغيير” وليد طه: “سنقوم بتربيتكم أنتم أيضًا”. وقد شارك سوكوت في اقتحام قاعدة “سديه تيمان” عقب التحقيق مع جنود احتياط بشبهة ارتكاب انتهاكات جسيمة بحق أسير فلسطيني. وفي مطلع الشهر، اقترح إطلاق النار على فلسطينيين يُشعلون النفايات، وقال في نقاش داخل الكنيست إن “على سلاح الجو أن يعمل ويقتلهم». وفي السابق صرّح بأن “الجميع اعتادوا أنه يمكن قتل مئة غزّي في ليلة واحدة، ولا يهمّ ذلك أحدًا”. هذا هو الشخص الذي جرى تعيينه أحد المسؤولين عن تربية أطفال إسرائيل.

لكن يجب ألّا نخطئ الفهم: هذا ليس إخفاقًا بل رسالة، تمامًا كما أن تعيين ليمور سون هار-ملخ رئيسةً للجنة الصحة ليس خطأً بل إعلان موقف. سون هار-ملخ هي من بادرت إلى طرح قانون عقوبة الإعدام على “المخربين” — أي على العرب وحدهم — وفي الوقت نفسه تدعم علنًا وبحماسة براءة عميرام بن أوليئيل، الإرهابي اليهودي الذي أُدين بقتل أفراد عائلة دوابشة. وهي تعمل بشكل منهجي على ترسيخ رؤية كهانية، معادية لليبرالية ومعادية للعلم. بادرت إلى عقد نقاش حول انسحاب إسرائيل من منظمة الصحة العالمية، تعارض الإجهاض ووسائل منع الحمل، وتدفع نحو الفصل الجندري في الأكاديميا.

في إسرائيل نتنياهو، لم تعد هناك أي توقعات بتعيينات مهنية في مواقع مفصلية تمسّ مجمل مواطني الدولة. ومع ذلك، وكما أتاح للمجرم الكهاني إيتمار بن غفير تولّي وزارة “الأمن القومي”، ولبتسلئيل سموتريتش أن يكون الوزير المسؤول عن الأراضي، فإن تعيين سوكوت وسون هار-ملخ مسؤولَين عن تربية وصحة مواطني إسرائيل يشي بأن هدف نتنياهو هو تدمير كل ما تبقّى من الصالح العام في الدولة. يبقى الأمل أن يعرف مواطنو إسرائيل كيف يحاسبونه في صناديق الاقتراع.

Share This Article