الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي

الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

عن “يديعوت أحرونوت”

تصـنـيـف «مـوديـز»: أســباب غـير اقتصـادية

بقلم: سيفر بلوتسكر

هذا ليس الاقتصاد، تماما لا. علنا، وبلا أي رتوش، قررت وكالة التصنيف الائتماني “موديز” تخفيض تصنيف إسرائيل بسبب المخاطر “الأمنية، السياسية والحزبية” التي تفاقمت، برأيها كنتيجة للحرب ضد “حماس” في قطاع غزة و”حزب الله” على الحدود الشمالية. هذا هو منطق تخفيض التصنيف وهذا هو التعليل المركزي لذلك، حسب شروحات القرار التي نشرتها الوكالة نفسها.

أما الإمكانية غير المعقولة – حسب “موديز” أيضا – ألا تستطيع إسرائيل في موعد ما في المستقبل تسديد ديونها فلا تذكرها الوكالة على الإطلاق. بالعكس، “موديز” تثني ثناء كبيرا على الاقتصاد الإسرائيلي على نجاحه في أن يخرج “على ما يرام تماما” من تداعيات الحرب الحالية أيضا. أما مشروع الميزانية الحكومي فتمتنع “موديز” عن انتقاده (وليس الأموال الائتلافية وليس سلم الأولويات)، وهي عمليا تثني عليه أيضا، مثلما تثني على بنك إسرائيل، المنظومة المصرفية وما سمته “السيولة العالية للحكومة”. إذا ما أخرجت الخطوات التي تتضمنها الميزانية، إلى جانب الضرائب والى جانب التقليصات بكاملها إلى حيز التنفيذ، كما يكتب اقتصاديو “موديز”، “فهي كفيلة بأن تقلص العجوزات وتعوض عن الارتفاع في النفقات الأمنية ودفعات الفائدة”. وختاما: “الإطار العموم الاقتصادي والنقدي لدولة إسرائيل متين”.

هذا ليس الاقتصاد، إذاً، هو الذي دفع “موديز” لأن تخفض التصنيف الائتماني لإسرائيل. فما الذي دفعها لذلك؟ الحرب – مفهوم من تلقاء ذاته أن التصنيف الائتماني لدولة ما ينخفض حين تنشب حربا مضرجة بالدماء بحدودها الجنوبية وتوسيعها الدراماتيكي إلى الحدود الشمالية. “موديز” تشكك بنجاح نهج حكومة إسرائيل في تحرير المخطوفين، تحذر من تحديد أهداف غير واقعية للقتال وقلقة على نحو خاص من غياب سياسة واضحة ومتفق عليها لليوم التالي. “الاقتراح الشامل والذي تتشارك فيه الولايات المتحدة وجيران إسرائيل العرب للحل في قطاع غزة”، كما تشرح “موديز”، “كان يمكنه أن يساهم في تحسين أمن إسرائيل. رفض الحكومة له بالمقابل اضعف إسرائيل من كل النواحي – وأضر بالاقتصاد الإسرائيلي”. بتقدير رجال “موديز”، فإن الاضطراب الاجتماعي، التصدعات في الوحدة الداخلية والتطرف السياسي بالتالي ستتعاظم “بعد أن يحل (كابينت) الحرب” – أي، بعد أن ينسحب المعسكر الرسمي من الائتلاف. هذه هي الأسباب التي بموجبها تخفض “موديز” التصنيف الائتماني الآن، وترفق توقعا سلبيا للمستقبل.

صحيح، الحرب بلا شك أضعفت مناعتنا الاقتصادية. نفقات الأمن ارتفعت وانعدام اليقين في الأعمال التجارية وفي الاستثمارات قفز درجة. ما يتضرر هو قدرة إسرائيل على دفع ديونها بكاملها. لدى إسرائيل فائض ضخم من الذخائر بالعملة الصعبة، اكثر من 200 مليار دولار، ومستوى مشابه من الاحتياطات. الاقتصاد الإسرائيلي يتمتع بثبات بفائض كبير بالحساب الجاري في ميزان المدفوعات الدولي. رغم الحرب، فإن النسبة بين ديون القطاع العام والناتج المحلي لا تزال دراماتيكية – نحو 62% – وهي لن تثقل على نحو خاص على المواطنين حتى في ذروتها المتوقعة بعد سنة. غير أن “موديز” لا تتأثر كثيرا بهذه المعطيات الموضوعية – هذه المرة لم تصدر بنفسها توقعات عموم اقتصادية – وتركز على شيء آخر: على التدهور القائم والمتوقع، على حد قولها، في الوضع الأمني والمدني لإسرائيل وبالمخاطر لإضعاف مؤسسات نظامها الديمقراطي.

إن التركيز “المنهاجي” لـ”موديز” على الأمن، السياسة، الحياة الحزبية والمجتمع، مهما كان صحيحا، هو دليل آخر على التغيير الذي طرأ على وكالات التصنيف الائتماني. فقد كان دورها التقليدي هو محاولة قياس مدى خطر الجهة المصنفة – مصلحة تجارية أو اقتصاد – وفرصها في ألا تستطيع في المستقبل تسديد ديونها. ومع ذلك، مع الوقت بدأت وكالات التصنيف الائتماني ترى نفسها محكمة عالمية عليا للاقتصادات القومية. فهي توزع العلامات ليس على ائتمان الدولة بل على الدولة بصفتها هذه، وهي مهمة مركبة تعتبر كبيرة عليها وعلى مقدرتها. لقد مس الطموح الزائد في مصداقية التصنيفات وجعلتها أحداثا كثيرة الهذر لكن قليلة الأثر، كما وجد في بحوث كثيرة. وعليه فمسموح التقدير بأن حتى لقرار “موديز” عن إسرائيل لن يكون تأثير اقتصادي مهم لا على الفائدة ولا على سعر الشيكل، وان كان بعض الإسرائيليين من شأنهم أن ينجرفوا إلى مطارح القلق والأعمال المالية المتسرعة.

لقد نشر وزير المالية سموتريتش، امس، رد فعل هستيريا على بيان “موديز” جاء فيه أن قرارها “بيان سياسي”، وعمليا منشور سياسي انهزامي يساري. ليس في هذا أي حقيقة، ولا حتى ذرة حقيقة. “موديز” تبث لمواطني إسرائيل وثيقة نقدية مهنية معللة جيدا عن سياسة حكومة نتنياهو – سموتريتش – غولدكنوف منذ بداية ولايتها في كل مجالات حياتنا هنا. هذه السياسة تضر بإسرائيل، تضر بمواطنيها، تضر بإدارة الحرب، تضر بسلطة القانون وفي نهاية المطاف تؤثر سلبا على الاقتصاد أيضا. هذا ليس موقفا حزبيا، أيها الوزير سموتريتش. هذه هي الحقائق.

———————————————

هآرتس 12/2/2024

“فشلنا”.. سموتريتش يعترف بانهيار مفهوميه الاقتصاديين: التوراة والنصر

بقلم: آفي بار – ايلي

بعد مرور أسبوع على الكارثة، وقف وزير المالية سموتريتش، أمام الشعب المتألم وتحمل المسؤولية: “فشلنا”، اعترف بوجه متكدر. “كل ميزانيات الدولة التي ليست في أساس الميزانية الجارية، أو لا ترتبط بإدارة الحرب، ستتوقف”، تعهد.

مر شهر ووزير المالية يصقل رسالته، وحتى إنه فسر رؤيته في أرقام. “نقدر أننا لن ننهي سنة 2023 بأكثر من 3.5 في المئة عجزاً، على الأكثر 4 في المئة”، قال في تشرين الثاني الماضي. “أتعهد بأننا لن نتجاوز 5 في المئة عجزاً في 2024، وهذا سيكون صعباً. علينا زيادة النجاعة وتغيير سلم الأولويات، لكننا سنتصرف بمسؤولية في الاقتصاد الإسرائيلي”، تعهد.

هاكم، الحمد لله، سنة 2023 انتهت بعجز 4.2 في المئة، وبنيت ميزانية 2024 على أساس عجز 6.6 في المئة. لأنه بدلاً من أن يعمل بصعوبة ويزيد النجاعة ويغير سلم الأولويات ويتصرف بمسؤولية في الاقتصاد الإسرائيلي، لم يف سموتريتش بوعده، وقرر الاكتفاء بتخفيض أفقي غبي بنسبة 5 في المئة مع إعفاء المدارس الدينية، دون ضمان مصادر نمو تغطي هذه الفجوة لاحقاً. ما الذي يجب على شركات التصنيف الدولية أن تفكر فيه عندما يجمد وزير مالية دولة هي في أزمة أموالاً سياسية في ظل دعوة لتغيير سلم الأولويات، وبعد ذلك، يقوم بتحرير 75 – 80 في المئة منها لصالح جهات تعيق النمو على أمل ألا يتذكر أحد وعده.

ما الذي يفكر فيه المحللون عندما يعد وزير المالية بالتصرف بمسؤولية مالية قصوى، ثم يقوم رئيس الحكومة نتنياهو بسحقه (“جئنا مع ميزانية ضخمة، هناك أموال للجميع”)، ويقوم المستشار الاقتصادي البروفيسور آفي سمحون بالتغطية عليه (“وضعنا جيد جداً، الدولة تتحمل ذلك”)، في حين أن سموتريتش يسارع إلى الاتفاق معهم لتبرير الاستسلام المخجل لسلب الائتلاف وينضم هو نفسه إلى السلب؟

ما الذي يمكن أن يفكروا فيه عندما يدعو وزير الاقتصاد الأعلى لعملية زيادة نجاعة قاسية ويظهر تأييده لإغلاق وزارات حكومية زائدة، ثم ينقلب بعد مرور شهرين، ويسمي ذلك “شعبوية رخيصة”؟

الانطباع الذي تخلقه الهجمات ضد وسائل الإعلام واليسار يضيع في الترجمة. هذا كاف للناخبين، لكنه غير كاف للمتحدثين باللغة الإنجليزية.

إذا كان قادة الاقتصاد أنفسهم لا يؤمنون بما يقولونه، وإذا ضبطوا وهم يكررون كذبهم (الانقلاب النظامي سيمر بالاتفاق فقط، كما وعد نتنياهو شركات التصنيف)، فلماذا تثق الأسواق بهم؟

انهيار المفهوم

“لا سبب حقيقياً لتخفيض تصنيف إسرائيل الائتماني. الدولة تظهر أداء غير مألوف. الأخطار الجيوسياسية كانت دائماً جزءاً من الاعتبارات والمنهج. في النهاية الأمر، ما يهم المستثمر الأجنبي هو: هل ستنتصر إسرائيل في الحرب؟ وأنا أقدر بأن التصنيف لن يتم تخفيضه”، هكذا تنبأ سموتريتش قبل ثلاثة أسابيع فقط. ها هو مفهوم آخر ينهار.

حول المفهوم الأول (“إذا طبقنا التوراة فسنحصل على وفرة اقتصادية وبركة كبيرة… وكلما دفعت إسرائيل قدماً بالتوراة والمزيد من اليهودية ووصية استيطان البلاد والإحسان والتضامن المتبادل، فسيغدق الله علينا الخير الكثير وسنعيش في كنف آمن”) – لا حاجة لمزيد من الكلام.

———————————————

هآرتس 12/2/2024

نتنياهو في “المجزرة المؤكدة”: بايدن يصادق والأوروبي يوقّع.. ماذا ستقولون للمسيح في رفح؟

بقلم: عودة بشارات

ماذا قصد رئيس الحكومة نتنياهو عندما أعلن “الانتصار المطلق”. الانتصار المطلق يعني هنا مجزرة مؤكدة لسكان غزة، الذين طردتهم إسرائيل من كل القطاع نحو المسلخ الكبير في رفح؛ تقريباً مليون ونصف مليون مدني، معظمهم بدون مأوى تحت رحمة السماء. قال نتنياهو ذات يوم، في إطار شعارات يطلقها صبح مساء، إنه ينشغل بـ “الحياة نفسها”. أما الآن فينشغل بإنهاء حياة الفلسطينيين (ينشغل بالموت نفسه).

لا يكتفي نتنياهو بالانتصار المطلق، بل يذهب خطوة أخرى إلى الأمام، يصرخ في وجه كل من يحذرونه من احتلال رفح، ومنها دول مهمة في العالم أيدت إسرائيل. قال إنهم يريدون “هزيمتنا في الحرب”. هذا هو، إما المجزرة أو الهزيمة في الحرب. إما الجنة أو الجحيم. ها هو التاريخ بكامل تجرده يضع شعباً، حتى الأمس كان ضحية للإبادة الجماعية، أمام إبادة جماعية لشعب آخر.

تم محو الماضي في هذه الأثناء، لأنه الأفضلية للحاضر في الأوقات المصيرية. ما الذي سيفعله اليهود بعد هذا الانتصار؟ بعد قتل مؤكد ومتعمد لآلاف الفلسطينيين الآخرين؟ هل سيبقى طعم الكلّاج والحمص كما كان؟ هل سيواصل الشباب والفتيات الزواج على أصوات الفرح والسرور وإنجاب المزيد من الأطفال للعالم؟ هل سيستمعون لشلومو بار وهو يغني كلمات يهوشع سوبول “الأولاد هم السعادة، الأولاد هم البركة”؟ كيف سيتصرف اليهود الذين في عنقهم 30 ألف غزي آخر وربما أكثر؟ قال المسيح: “أبي، اغفر لهم لأنهم لا يعرفون ما الذي يفعلونه”. ولكنهم يعرفون بالتأكيد. كل العالم يقول “لا” ولكنهم لا يكترثون.

العالم كله لا يمكنه القول “لا نعرف”، لأن الجميع يتحدثون الآن عن المجزرة المقتربة، وكأن الحديث يدور عن كارثة طبيعية لا طريقة لمنعها. ينقسم العالم إلى عالمين: الأول عالم الناس العاديين الذين هم من لحم ودم، يخلقون رأياً عاماً غير مسبوق ضد المجزرة التي حدثت وضد المجزرة المقتربة. ولكن هناك عالماً آخر، عالماً مغلقاً، عالماً يتأثر بمصالح أصحاب رؤوس الأموال. ورؤوس الأموال هؤلاء لا رائحة أو أحاسيس لهم. العالم الذي سكت عن الأعمال الفظيعة في السابق، يغير النغمة ويصدر تنديداً خجولاً هنا وتحذيراً مخففاً هناك. والمجزرة بقامة منتصبة حتى النهاية.

تحذيرات زعماء أوروبا تستهدف البروتوكول، وكتب التاريخ، جاءت لتقول: “هذه دماء لم تسفكها يدنا”. ولكن في الوقت الذي يصدر فيه هؤلاء الزعماء التحذيرات ويذرفون دموع التماسيح، يستمرون بتزويد السلاح والأموال والدعم الدبلوماسي لإسرائيل.

لكن هذا لن يساعدهم. فالآن وقبل فترة طويلة من سؤال المؤرخين عن ذلك، وأيديهم غارقة في سفك دماء الفلسطينيين. صحيح أن “الصوت صوت يعقوب، لكن اليد يد عيسو”. لكن “التك توك” ببراءة الشباب يوضح للجميع بأن يد ريشي سوناك البريطاني، ويد أولاف شولتس الألماني، وإيمانويل ماكرون الفرنسي، متواطئة في سفك الدماء هذه.

لكن نهاية القصة الكافكائية من نصيب الرئيس الأمريكي جو بايدن. يصدر أمر حجز رئاسياً على أربعة زعران من المستوطنين وكأن الأمر يتعلق بمتهربين من دفع “الأرنونا” [ضريبة أملاك تفرضها إسرائيل]. كل العالم وقف على أقدامه وكأنه ألقى قنبلة نتنة على دولة إسرائيل. وفي الوقت الذي يمنح فيه إسرائيل السلاح بمليارات الدولارات من أجل الاحتلال وتنفيذ المذبحة في غزة، نجد سموتريتش يمنع تحرير بضعة ملايين – أموال الضرائب التي هي من حق السلطة الفلسطينية. هل هناك مهزلة أكثر من ذلك؟

لاحقاً سيقول بايدن إنه لا يتذكر دوره في غزة. سيقول إن ذاكرته خانته. السن، كما تعرفون. ولكننا سنتذكر. ومن سيبقون على قيد الحياة في قطاع غزة، سيتذكرون.

———————————————

يديعوت أحرونوت 12/2/2024

هاليفي في مرمى بن غفير بسبب خلاف حول مساعدات غزة: ماذا لو اشتعلت الضفة؟

بقلم: ناحوم برنياع

يعتزم الجيش الإسرائيلي الشروع في تحقيقات عن الحرب وعما سبقها فور استقرار الوضع في غرب خان يونس. وهذه تحقيقات داخلية في إطار سلسلة القيادة. في النهاية، سيكون واجباً على رئيس الأركان تعيين فريق خارجي من ألوية متقاعدين لمراجعة النتائج. هذا هو السبيل الذي يفحص فيه الجيش سبب فشله. فالنقد الذي وجهه وزراء الحكومة لرئيس الأركان عندما تسرب نبأ لوسائل الإعلام، شهد عن فزع تلبسهم كلما طرح البحث في مصيبة 7 أكتوبر. هم خائفون.

إن تهجم بن غفير على رئيس الأركان في جلسة الحكومة أمس، كان سائباً أكثر من ذلك؛ كان سبب غضب بن غفير أن رئيس الأركان طلب من الشرطة الاهتمام بإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة كالمعتاد. المساعدات الإنسانية ليست هواية للجيش الإسرائيلي. من قررها هو الكابينت الذي يشغل بن غفير عضواً فيه. وبدلاً من أن يلوم رئيس الأركان فلا يلوم إلا نفسه.

لا مفر من قول الحقيقة مهما أوجعت: المساعدات الإنسانية ليست خط حياة للغزيين؛ إنما أداة تسمح للجيش الإسرائيلي بمواصلة القتال. ثمة لواء موسع من حماس، اللواء المؤهل الأخير، يعمل في رفح ومحيطها. ربما يكون قسم كبير من سلسلة القيادة موجوداً هناك. الإمكانية الوحيدة للعمل في رفح هو ما عمله الجيش في غزة وخان يونس، أي نقل 1.3 مليون نازح طردوا إلى هناك، والوصول إلى تفاهمات مع مصر والأمريكيين. الجيش مقتنع بوجوب توسيع وتحسين المساعدات وإلا ستشطب رفح عن جدول الأعمال. فماذا يفعل نتنياهو؟ يعلن بأنه “يوجه” الجيش للاستعداد للدخول إلى رفح، وبالتوازي يسمح لبن غفير وزملائه في الحكومة عرقلة الدخول إلى رفح.

هذا ما يحصل عندما يقود الحكومة كهانيون، بينما من يحمل لقب رئيس وزراء يبحث عن حجة. عندما يُسأل مسؤولون كبار في الجيش ما المقصود بأمر “النصر المطلق” الذي يكثر نتنياهو من استخدامه في خطاباته، يهزون أكتافهم. فلا نصر مطلقاً في حرب ضد منظمة إرهاب. لن يتحقق النصر إلا حين يملأ فعل سياسي الفراغ الذي خلقه الجيش في سيطرته على غزة، وغياب هذا الفعل سيبخر كل إنجازات الجيش في الميدان.

يتعذب وزراء “الكابينت الضيق” في الأيام الأخيرة بشأن كيفية الرد على مقترح إطار الصفقة الذي وضعته حماس على الطاولة. بالفعل، النقاش معذب؛ فالمطالب الأولية قاسية حتى متعذرة، وأساساً في المرحلتين الثانية والثالثة. لم تتوفر رافعة في هذه الأثناء تجبر حماس على تخفيف الحدة. لكن ثمة نقاش مهم غائب حتى اللحظة: ماذا سيحدث إن لم تتم صفقة؟ ماذا عن الواقع في غزة والغلاف؟ في الحدود الشمالية؟ يبدو أن الجيش بلا خطة.

بعض الوزراء يقولون “لا مشكلة”، سيبقى الجيش في غزة كجيش احتلال لسنة أخرى. وإن شئنا أقمنا المستوطنات من جديد. وعلاوة، سنحتل جنوب لبنان ونقيم الحزام الأمني من جديد. جنود الاحتياط سيتذمرون قليلاً، لكنهم سيتكيفون؛ وسيتدبر الاقتصاد أمره بمعونة الرب، وسينشغل الأمريكيين في شؤون أخرى. هكذا سيكون نصرنا المطلق.

الفجوة بين المستوى المتصدر في الحكومة والمستوى المتصدر في الجيش واسعة. تعول الحكومة على محافل تجلب عمالاً هنوداً بدل الفلسطينيين؛ والجيش قلق من بوادر الخراب الاقتصادي في الضفة. بعد شهر يبدأ رمضان، ولا مال ولا عمل. أما السلاح فموجود: ستترجم الضائقة إلى إرهاب. صحيح أن الجمهور الإسرائيلي يجد صعوبة، وعن حق، في رؤية عمال بناء فلسطينيين في أحيائهم السكنية خصوصاً بعد 7 أكتوبر، لكن يجب الحسم أحياناً. السيناريوهات المتطرفة في جهاز الأمن قاسية؛ فهي تتحدث عن أنه إضافة إلى حماس و”الجهاد” [الإسلامي] سيوجه تنظيم (فتح) وأجهزة الأمن فوهات بنادقها ضد إسرائيل. كما حدث في حملة “السور الواقي”. الأمر الأخير الذي تحتاجه إسرائيل الآن هو انتفاضة في الضفة، معركة قد تتسلل إلى شرقي القدس والمدن المختلطة.

“ما العلاقة بين الحكومة والحرب”؟ سأل الوزير غولدكنوف الأسبوع الماضي. بتفكير أولي، بدا أن الرجل لا يدرك أين يعيش وممن يتلقى الراتب. وبتفكير آخر، يبدو عبقرياً: يفهم الحكومة التي هو عضو فيها أكثر منا جميعاً.

——————————————–

هآرتس 12/2/2024

نتنياهو لواشنطن ووسطاء “باريس”: ضحكت عليكم.. أعددنا لـ “رفح” منذ البداية

بقلم: عاموس هرئيل

قيادة إسرائيل ترفع مستوى التصريحات بشأن عملية محتملة للجيش الإسرائيلي في رفح. يحدث هذا رغم سلسلة من القيود: اكتظاظ كبير في المدينة، وتوتر مع مصر التي تعارض العملية، وانتقاد أمريكي، وتحرير الجيش الإسرائيلي معظم ألوية الاحتياط من الخدمة، وشهر رمضان الذي سيبدأ بعد شهر تقريباً. العملية العسكرية على الأجندة، لكن يثور شك بسيط بأن من يُسرع النقاش فيها لديه أجندات خاصة.

أول من بدأ الحديث عن هجوم متوقع في رفح هو وزير الدفاع يوآف غالنت. ونشر رئيس الحكومة نتنياهو عقب ذلك بياناً يفيد بأنه أمر الجيش بإعداد خطة للعملية (رئيس الأركان هرتسي هليفي قال أمس في جلسة الحكومة بأن الخطة جاهزة منذ فترة). لنتنياهو عدة اعتبارات، إضافة إلى حقيقة أنه بدون حل في رفح، عسكري أو أي حل آخر، ستتيح الأنفاق لحماس إعادة بناء جزء من قدرتها العسكرية.

التهديد بعملية في جنوب القطاع قد يشكل أداة ضغط على حماس، على أمل أن تتساهل في المفاوضات حول إطلاق سراح المخطوفين. وهو يساعد أيضاً في حرف النقاش الإعلامي عن حقيقة أن الاتصالات تبدو عالقة في هذه الأثناء، ليس فقط بسبب طلبات حماس المتطرفة، بل لأن نتنياهو لا يظهر أي استعداد لتخليص العربة من الوحل.

ومثل قرارات كثيرة اتخذها رئيس الحكومة في الحرب، قد تبدو هذه سياسة تفحصها الاستطلاعات وتستهدف خدمة “القاعدة” الآخذة في التقلص، التي تحب حقيقة أن نتنياهو يتشاجر مع الإدارة الأمريكية. ولا يقل أهمية عن ذلك وجود إعداد لخلق دفع بالغيبة. يتحدث نتنياهو منذ أسابيع عن تحقيق انتصار مطلق على حماس، ورغم تعزيز الضغط على مكان اختباء قادتها فإنه لا دليل حتى الآن على أن إسرائيل تقترب من الهدف الذي وضعته. ولكن إذا أمكن اتهام أحد آخر بعدم تحقيق هذا الوعد (الأمريكيون يضعون العقبات، واليساريون المزعجون، والجنرالات الذين لا يوفرون البضاعة) فلن تكون هي المرة الأولى التي يتصرف فيها نتنياهو بهذه الصورة.

في نهاية الأسبوع الماضي، تم تسريب أحاديث من جلسة الكابينت تبين منها وكأن نتنياهو تفاجأ عندما اكتشف بأن الجيش سرح الأغلبية الساحقة من وحدات الاحتياط التي قاتلت في القطاع. أي عملية في رفح، خصوصاً إذا جرت في موازاة القتال في خان يونس، ستحتاج إلى إعادة تعزيز القوات، مع إعادة استدعاء وحدات من الاحتياط أو إرسال وحدات نظامية من قطاعات أخرى. يفضل الجيش التركيز على معالجة أخرى في مخيمات اللاجئين في وسط القطاع، حيث بقيت كتيبة ونصف قوية نسبياً لحماس، التي لم تهزم بعد.

خطوات إسرائيل تثير عصبية كبيرة في القاهرة. فقد وضعت مصر في السابق عشرات الدبابات شمال شرق سيناء، وأقامت الجدران على طول الحدود مع القطاع في منطقة رفح لمنع تدفق اللاجئين إلى أراضيها جراء هجوم إسرائيلي مستقبلي جنوبي القطاع. ويهدد المصريون أيضاً بتجميد اتفاق السلام مع إسرائيل إذا نفذت عملية في رفح، وأنهم سيدخلون قافلات المساعدات الإنسانية بدون فحص أمني. لا شك أن نظام السيسي يحاول استخدام ما يمتلك من وسائل بغية التوصل إلى إنهاء الحرب بسرعة.

بعد أسبوعين من الفوضى في معبر كرم أبو سالم، بدأ الجيش والشرطة أمس في فرض النظام في المكان. تحدث رئيس الأركان مع المفتش العام للشرطة كوبي شبتاي، وطلب منه التدخل لوقف التشويش على إدخال الشاحنات إلى القطاع. أرسل شبتاي نحو 500 شرطي أخلوا حوالي 40 متظاهراً يمينياً من هناك بدون صعوبة. وكما هو متوقع، هذا الأمر أغضب وزير الأمن الوطني بن غفير، الذي طلب من هليفي التحدث إلا من خلال شبتاي.

زاد نتنياهو من خطه المتحدي أثناء زيارته أمس لوحدة “يهلوم”، حيث أعلن بأن إسرائيل تعمل على نزع السلاح من القطاع بالحفاظ على سيطرتها الأمنية في المنطقة الواقعة غرب نهر الأردن. “بما في ذلك قطاع غزة، ولا بديل لذلك في المستقبل المنظور. نقول ذلك أيضاً للمجتمع الدولي وللرئيس الأمريكي. ستكون هناك دائماً سيطرة أمنية لنا، وإذا تطلب الأمر وجودنا في القطاع سنفعل”.

بكلمات أخرى: نتنياهو لا يرفض فقط أي اتفاق حول اليوم التالي في القطاع، بل يعلن بنيته إبقاء الجيش هناك في المستقبل المنظور. وإذا حكمنا على الأمور كما هي، فهذا الموقف يخالف في أساسه سياسة أمريكا، وبذلك قد يغلق الباب أيضاً أمام جهود التطبيع مع السعودية. السؤال هو: هل ستقرر الإدارة الأمريكية رفع القفازات في هذه المرة؟ أمس، أجرى الرئيس الأمريكي محادثة هاتفية مع نتنياهو، وطلب منه ضمان إخلاء آمن للمدنيين من رفح شرطاً لدخول الجيش الإسرائيلي.

انعطافة رائعة

قد تبدأ الأمور تتضح في القاهرة، حيث يتم استئناف المفاوضات في الغد حول صفقة التبادل بمشاركة ممثلي الولايات المتحدة ومصر وقطر. ستكون البعثة الأمريكية برئاسة رئيس الـ سي.آي.ايه وليام بيرنز. حتى أمس، لم تعلن إسرائيل إذا كانت سترسل بعثة للمحادثات بعد رفض نتنياهو لطلبات حماس.

إن سلوك إسرائيل يثير دهشة الأمريكيين ودول الوساطة. طلبات حماس في الحقيقة متطرفة، كما قال نتنياهو، لكن هذا لم يكن مفاجئاً له. إضافة إلى ذلك، صيغة الصفقة التي تم الاتفاق عليها قبل أسبوعين في باريس (إطلاق سراح المخطوفين والجثامين على ثلاث مراحل مقابل إطلاق سراح الكثير من السجناء الفلسطينيين ووقف طويل لإطلاق النار) تبلورت بمبادرة من إسرائيل، حيث تجند الوسطاء لدفعها قدماً، ليكتشفوا لاحقاً أن نتنياهو غير معني بها وأنه اختار انعطافة مذهلة.

موقف نتنياهو من الصفقة هو استمرار مباشر لتصريحاته حول رفح وسيطرة طويلة على القطاع. ينعطف رئيس الحكومة نحو اليمين ويختار الخط الصقوري في كل القضايا الأساسية. وحسب تصريحاته، لا توجد مصلحة له في صفقة تبادل تضع الائتلاف في خطر يفككه اليمين. لن تنفذ حكومته وقف إطلاق نار لبضعة أشهر في القطاع، الذي سينزلق أيضاً إلى “حزب الله” على الحدود مع لبنان، وسيتم مجدداً طرح أسئلة صعبة مثل لماذا لم ننتصر؟ وما الذي حدث في 7 أكتوبر؟ الصفقة التي لن تخدم بقاءه السياسي المتعلق بشركائه في اليمين المتطرف. بل تخدم رؤساء المعسكر الرسمي، خصوصاً غانتس وآيزنكوت، اللذين عليهما فحص خطواتهماً قريباً.

نقترب من السنوار

مطاردة زعيم حماس في القطاع، يحيى السنوار، غير وهمية: فحسب الكثير من الدلائل، باتت إسرائيل قريبة أكثر من أي وقت مضى من اعتقال أو قتل المخطط رقم واحد. السنوار موجود في منظومة أنفاق محصنة حفرتها حماس تحت خان يونس تقريباً منذ بداية الحرب. وعلى فرض أنه محاط بالمساعدين وحراس وأبناء العائلة وربما “بوليصة تأمين” على شكل عدد من المخطوفين الإسرائيليين، فلا نصدق أن بإمكانه الانتقال من مكان إلى آخر بحرية بدون أن يخلف وراءه آثاراً.

في الأسبوعين الأخيرين، انقطع الاتصال معه، يبدو أن قيادة حماس الخارج تجد صعوبة في بلورة موقف حول المفاوضات. هذا لا يعني أنه مات، بل اختار العمل بسرية أكبر. في هذه الأثناء، يقترب الجيش الإسرائيلي و”الشاباك” منه أكثر.

مؤخراً، عثر على غرف يبدو أن السنوار كان فيها بعد اندلاع الحرب. وعثر أيضاً على كراسة فيها كتابات بخط اليد (آخرها بتاريخ 14 كانون الثاني الماضي). سيطرة الجيش الإسرائيلي على حواسيب تابعة لحماس واختراق شبكة الاتصالات التابعة لحماس، كشفها للاستخبارات الإسرائيلية أكثر، حتى إن الجيش الإسرائيلي فجر الأنفاق الرابطة بين خان يونس ومدن أخرى.

تريد إسرائيل تعزيز الانطباع بأنها قريبة جداً من السنوار. ففي نهاية الأسبوع، زار رئيسا الأركان، و”الشاباك” رونين بار، الأنفاق في خان يونس. وعندما تحدث بار عن الذين يطلبون العفو ويختبئون تحت الأرض، إنما قصد رئيس حماس. في بداية العملية البرية، استخدم الجيش الإسرائيلي قوة كبيرة بمرافقة قصف جوي، وصفت بـ “المطحنة”، التي لم تنجح حماس في الصمود أمامها، وحدث تدمير كبير في شمال القطاع. العملية الآن في خان يونس أكثر تركيزاً وتعتمد على طرق عمل تطورت في الأشهر الأخيرة.

ستتعرض حماس لأضرار كبيرة في قدرتها العسكرية والمدنية لفترة طويلة. ولكن ثمة نقطة ضعف رئيسية في هذه الخطة، وهي الحاجة لبضعة أشهر أخرى، لا لأن الولايات المتحدة ومصر لا تمتلكان الصبر لتحمل ذلك، بل لأنه لا وقت للمخطوفين.

———————————————

هآرتس 12/2/2024

“العدل” لجمعيات استيطانية: علينا بناء الأحياء الجديدة وعليكم “التعشيش” بين المقدسيين

بقلم: أسرة التحرير

بعد يومين من هجمة حماس، أقرت اللجنة اللوائية في القدس خطة لإقامة حي يهودي جديد يدعى “كدمات تسيون” داخل حي “راس العامود”. وتتضمن الخطة ملحقاً أمنياً فيه تعليمات لبناء جدار، وطريق دوريات، ومركبات محصنة، وكاميرات حراسة ذات قدرة على تشخيص الوجوه.

في نظرة إلى الوراء، يتبين أنها لم تكن إلا البداية؛ فمنذ الهجمة على إسرائيل في 7 أكتوبر والدولة ماضية نحو إقامة أحياء يهودية في قلب المجال الفلسطيني في القدس. ولهذا الغرض تتخذ الدولة إجراءات لم يشهد لها مثيل منذ 1967.

كشفت “هآرتس” أمس النقاب عن أن الدولة تدفع قدما بحي إضافي، رابع في عدده، هذه المرة تحت الاسم “نوفيه راحيل”، وتولى الأمر وزارة العدل برئاسة الوزير يريف لفين.

منذ 1967 بدا تقسيم واضح شرقي القدس: فقد بنت الدولة بذراع وزارة الإسكان، تلالاً فارغة في محيط الأحياء الفلسطينية في القدس. وهكذا بُنيت الأحياء الكبرى: “غيلو”، و”بسغات زئيف”، و”راموت” وغيرها الكثير. منظمات المستوطنين، وعلى رأسها “العاد” و”عطيرت كوهانيم” – بدعم من الدولة، لكن بشكل مستقل – كانت مسؤولة عن إدخال المستوطنات، الصغيرة في الغالب، إلى الأحياء الفلسطينية. وهكذا أقيمت المستوطنات في مدينة داود، في الحي الإسلامي، وفي سلوان والشيخ جراح.

في السنوات الأخيرة وعلى نطاق واسع في الأشهر الأخيرة، يبدو أن هذا التقسيم لم يعد ساري المفعول. فالدولة تعمل من خلال بضعة أذرع، خصوصاً من خلال القيّم العام في وزارة العدل، الذي يدير الأملاك اليهودية قبل العام 1948، ومن خلال سلطة تسجيل وتسوية الحقوق العقارية، التي هي أيضاً في وزارة العدل. هاتان السلطتان تعملان معاً مع شركات خاصة يديرها نشطاء معروفون في مجال الاستيطان لأجل إقامة أحياء كبرى، من مئات وحدات السكن في كل واحدة منها، داخل الأحياء الفلسطينية.

حتى الآن أحصي أربعة أحياء كهذه: “جفعات شكيد”، في بيت صفافا، و”كدمات تسيون” في راس العامود، وحي بلا اسم في إمليسون، والآن “نوفيه راحيل” في أم طوبا.

هذا السلوك دليل آخر على أن حكومة إسرائيل الحالية تفضل اعتبارات سياسية ضيقة وفورية على اعتبارات في صالح الجمهور كله وللمدى البعيد. باسم التزلف لمنظمات استيطانية وباسم خطاب حماسي على نمط “القدس كلها لنا”، تضحي الحكومة بجودة حياة سكان القدس كلهم.

———————————————

مصر قد تصبح عدوا لا يمكن إيقافه لإسرائيل

بقلم: الجنرال السابق إسحاق بريك

قال الجنرال الإسرائيلي المتقاعد إسحاق بريك إن مصر تبني طرقا سريعة تؤدي إلى سيناء منذ سنوات، وإسرائيل هي الهدف، وذلك في حديث لبرنامج “إف إم 103” (103 FM) عن سير القتال في قطاع غزة وإضعاف حركة المقاومة الإسلامية (حماس).

ونقلت صحيفة جيروزاليم بوست جزءا مما دار في البرنامج، حيث قال مقدم البرنامج أريل سيغال، بعد أن ذكر أن رئيس الموساد يقوم بصياغة الرد الإسرائيلي على مقترحات الوسطاء، إن قدرة الجيش الإسرائيلي على ملاحقة حماس تتضاءل، ومستوى الأخطاء العملياتية يتزايد، والضغط على الحكومة من قبل ذوي المحتجزين لم ينجح.

وردا على ذلك، قال إسحاق بريك إن حماس لا تزال تشعر بأنها قوية للغاية، وهي لا تريد التوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن، ولديها الوقت، لأننا لا نقترب من إضعاف قدراتها، “حماس ستستمر في الوجود”.

وفيما يتعلق بالقتال في ممر فيلادلفيا ورفح، قال بريك إن الجميع يعلم أن هناك عبورا من سيناء تحت الممر، وإن الجيش الإسرائيلي لم يرغب في البقاء على طول هذا الممر، وكانت لديه القدرة على القيام بذلك، ولكنه سيسبب كثيرا من الضحايا، لذلك كانت إسرائيل تأمل أن يفعل المصريون ذلك.

لكن هناك اليوم مشكلة كبيرة جدا مع مصر -كما يقول الجنرال السابق- فهم ليسوا مستعدين للقيام بذلك، كما أنهم لا يوافقون على أن نقوم بذلك من هذا الجانب من الممر، ويهددون بأننا إذا بدأنا في القيام بأشياء مختلفة من شأنها أن تؤدي إلى عبور أعداد كبيرة إلى سيناء، فإنهم سيوقفون السلام.

وختم إسحاق بريك بأن مصر “على الرغم من أنها دولة فقيرة، لديها أقوى جيش في الشرق الأوسط اليوم بنحو 4 آلاف دبابة.. ومئات من الطائرات الأكثر تقدما، وبحرية من أفضل ما هو موجود. كما أنهم لسنوات يبنون الطرق السريعة المؤدية إلى سيناء. نحن الهدف.. إنهم لا يبنون الجيش لأي طرف آخر. وهذا يعني أنهم باتخاذ قرار بإلغاء السلام، يصبحون دولة معادية، وليس لدينا حتى لواء للوقوف في مواجهتهم”.

———————————————

هآرتس 12/2/2024

قريبا سيبدأ الاحتجاج الأكبر في تاريخ الدولة

بقلم: رفيف دروكر

لقد كانت أمامه فرصة كبيرة، جاءت في الوقت الأكثر فظاعة، لكن مع القليل من العقل السليم كان يمكنه استغلالها. لو أنه قام بنقل وزير المالية ووزير الأمن الوطني الفاشلين من منصبهما، وضم يئير لبيد وافيغدور ليبرمان للحكومة، وألغى الوزارات العشر الزائدة وقام بإقالة جميع أعضاء الكنيست النرويجيين، وألغى الأموال السياسية، وألقى خطابا تأسيسيا، لو أنه فعل ذلك لكان يمكنه في نهاية الحرب القول “أنا سأعتزل، لا يهم من المذنب، أنا أتحمل كل المسؤولية، الآن وأنا متحرر من الاعتبارات السياسية فإنني سأكرس الأشهر الأخيرة لي في هذا المنصب فقط لإدارة الحرب”.

أثناء الحرب كان يعطي الأميركيين موافقة مستقبلية (فارغة من المضمون) بدولة فلسطينية منزوعة السلاح. هذا كان سيجلب لنا اتفاق تطبيع تاريخيا مع السعودية، والاحتفال الرسمي في البيت الأبيض وإنشاء محور عربي معتدل يشكل وزنا مقابلا للمتطرفين. في الوقت نفسه كان سيعطي عناقا دافئا لرئيس الأركان ورئيس الشاباك، ويدعمهما ويساعدهما ويعمل على إسكات من يتجرأ على مهاجمتهما. أشخاص، مثل عميحاي الياهو كان سيقوم بإقالته في اليوم الذي تحدث فيه عن القنبلة النووية، وكان يمكن أن يجري مقابلة مع القنوات الإسرائيلية وحتى مع مراسلين معادين وأن يتحمل المسؤولية الكاملة عن الفشل ويشرح كيف سيتم الخروج من الحرب الى واقع أفضل.

هذا النتنياهو كان سينزل عن المنصة مثل غولدا مئير، مُهان ومكروه من قبل جزء كبير من الشعب، لكن أيضا كشخص يقولون عنه بأنه “على الأقل بعد 7 تشرين الأول (اكتوبر) استيقظ وفعل ما يجب أن يُفعل في الحرب.

في القريب سينطلق ضده الاحتجاج الأكبر في تاريخ الدولة. الاحتجاج ضد الإصلاح القانوني سيظهر مثل تجربة أدوات مريحة مقارنة بما سيحدث في هذه المرة. الذين سيخرجون، ربما الملايين، سيصرخون “ارحل”. هم لن يتركوا الشوارع، سيجلسون على الشوارع، وعلى رأس كتائب المتظاهرين سيقف رجال الاحتياط الذين عرضوا حياتهم للخطر وفقدوا أصدقاءهم وأبناء العائلات الثاكلة وأبناء عائلات المخطوفين. وحتى الرياح الداعمة من قبل بن غفير، لن تخلق في الشرطة الاستعداد أو القدرة على تفريق هذه المظاهرات.

هذا سيكون شيئا صعبا وقبيحا وسيتدهور أحيانا إلى أعمال عنف وسيشل الدولة، التي هي في الأصل ستكون ما تزال تلعق الجراح وتجد صعوبة في العودة إلى الحياة الطبيعية. جماعته سيحاربون، بدرجة معينة باسم الفكرة، وكثيرون باسم كسب الرزق. سيقولون له إن هذا سيمر وإن هذا احتجاجا سياسيا وإن الإدارة الأميركية ستدفع ثمن ذلك وأن إيران هي التي تقف وراء ذلك وإن هذا احتجاجا مقنعا لكابلان. السيدة الأولى ستتطاول وستتصل مع اييلاه (زوجة بن غفير) ونتنياهو سيتحدث مع ايتمار بن غبير، وربما أيضا مع المفتش العام للشرطة. هم سيصرخون ويهددون وسينفخون السم. يئير (ابن نتنياهو) سينثر من الأعلى غبار السحر، واسحق غولدكنوفف سيشرح بأن هذه هراءات.

نتنياهو سيواصل ألاعيبه كالعادة. سيقوم بتشكيل لجنة تحقيق رسمية وسيلتقط صورة مع قاضي المحكمة العليا الذي سيترأسها، وسيتعهد بأنه سيوافق على استنتاجاتها وأنه “سيتحمل المسؤولية”، لكن كل ذلك لن يساعده. هذا سينتهي. وفي نهاية المطاف الشخص الذي تعود على التباهي بجلد الفيل خاصته سيضطر الى الاستسلام. هو سيقدم استقالته وسيرحل بإهانة أكثر من أي وقت مضى، محتقر ومنبوذ، وسيتم تذكره كرئيس الحكومة الأسوأ في تاريخ الدولة.

الكثيرون نفد صبرهم. يريدون الخروج إلى الشوارع. حتى الآن هذا ليس الوقت المناسب. نتنياهو يعد بأن “الانتصار المطلق” قادم. بني غانتس وغادي ايزنكوت ما يزالان في الحكومة. الخوف من أن الاحتجاج سيتلاشى هو أمر مدحوض. هو ببساطة يجب أن يكون بعد استقالة قادة الجيش والشاباك. وبعد أن يغادر غانتس وايزنكوت ويبقى نتنياهو وحده في القمة. الوحيد الذي لم يدفع الثمن. نحن لسنا بحاجة إلى البحث عن توقيت دقيق. غضب الجمهور أكبر من أن يتمكن أي أحد من وقفه.

———————————————

عاجل : جمهورية مصر العربية تفاجئ العالم بموقف جديد من تصعيد الاحتلال الاسرائيلي في ’’رفح’’

صحافة 24 نت

وطمأنة القاهرة تل ابيب بشان اتفاقية السلام بينهما وذلك عقب تسريبات أمريكية حول تهديد مصري بتعليقها.

وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري في تصريح صحفي اليوم ان بلاده ستستمر باتفاقية السلام مع الاحتلال الإسرائيلي والتي قال انها سارية منذ نحو 40 عاما.

وجدد شكري تأكيده على ان بلاده ليست طرفا في الحرب ، مشيرا إلى انها ستظل تلعب دور الوسيط بين المقاومة والاحتلال حتى التوصل إلى اتفاق لوقف اطلاق النار واطلاق المحتجزين والأسرى.

واشار شكري إلى ان بلاده ترفض تهجير الفلسطينيين قسرا خلال العملية في رفح ..

وتأتي تصريحات شكري مع بدء الاحتلال هجومه على رفح التي تأوي مليون ونصف المليون نازح على الحدود المصرية..

وسقط نحو 350 شهيدا وجريحا بغارات وقصف بري وبحري على رفح خلال الساعات الاخيرة.

ووصفت تصريحات شكري بالصادمة خصوصا وانها تأتي عقب دفع الجيش المصري بتعزيزات لحدود رفح ونشره منظومات دفاع جوي هناك وسط ترقب عن موقف مصري لكبح جماح الاحتلال بعمليته ضد النازحين.

———————————————

صحيفة: إسرائيل اقترحت على مصر “مدينة خيام” في غزة

اقترحت إسرائيل إنشاء مدن خيام مترامية الأطراف في غزة، بتمويل من الولايات المتحدة وشركائها في المنطقة، قبل غزو وشيك لمدينة رفح جنوبي القطاع، حيث استقر ما يقترب من مليون ونصف المليون نازح فلسطيني.

وقالت صحيفة “وول ستريت جورنال” إن إسرائيل قدمت الاقتراح لمصر، بعد رفض القاهرة المساعي الإسرائيلية لتنفيذ عملية عسكرية في رفح، وتحذيرها من “عواقبها الوخيمة”.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين مصريين، قولهم إن الاقتراح يتضمن إنشاء 15 موقعا للخيم يضم كل منها نحو 25 ألف خيمة، في الجزء الجنوبي الغربي من قطاع غزة.

وأوضح المسؤولون أن مصر ستكون مسؤولة عن إقامة المخيمات، وملحقاتها من مستشفيات ميدانية ومرافق مياه وصرف صحي مؤقتة.

ولم تعلق مصر علانية على الاقتراح الإسرائيلي، بينما رفض مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي التعليق على الخطة.

وجاء الاقتراح، في الوقت الذي حذرت به إدارة بايدن إسرائيل من دخول الجيش إلى رفح من دون خطة مفصلة لحماية المدنيين، بينما رد المسؤولون الإسرائيليون بالقول إن الهجوم البري في رفح ضروري للقضاء على حماس.

وقال الوزير في حكومة الحرب بيني غانتس، إنه “ليس هناك شك بشأن عملية واسعة النطاق في رفح”، مشيرا إلى أن “إسرائيل ستفعل ما هو مطلوب للسماح بحرية عملها هناك، بما في ذلك إجلاء السكان وإعداد الأراضي لتوغل بري”

———————————————

‏ماذا تاليا بالنسبة لسكان غزة؟‏

‏‏ل. مايكل هاغر‏* – (كاونتربنش) 9/2/2024

أصوات الإدارة ووسائل الإعلام الأميركية، على الرغم من كل حديثها عن حل الدولتين وحكم “منظمة التحرير الفلسطينية” للدولة الفلسطينية على المدى الطويل، لم تتناول السؤال الأكثر إلحاحا: “ماذا تالياً لسكان غزة”؟

* * *

‏في حملات الإبادة الجماعية، غالبا ما تكون النتيجة النهائية هي إعادة التوطين. خذوا، على سبيل المثال، الإبادة الجماعية في ناميبيا في 1904-1908. بعد هزيمة هيريرو، ولاحقًا شعب ناما في معارك دامية، قام الألمان بدفع الناس إلى الصحاري القريبة، حيث مات معظمهم بسبب الجفاف والجوع. وتضمنت الإبادة الجماعية الأخيرة لشعب الروهينجا في ميانمار في الأعوام من 2016 إلى 2017 نوعًا مختلفًا من إعادة التوطين: الهروب الجماعي إلى بنغلاديش من الفظائع العسكرية (حرق القرى، والقتل خارج نطاق القضاء وغيرها من انتهاكات حقوق الإنسان).‏

في غزة، نفذ الجيش الإسرائيلي موجات متتالية من إعادة التوطين القسري لدفع السكان المدنيين من الشمال إلى الجنوب. وابتداء من تشرين الأول (أكتوبر) 2023، أمر الجيش الإسرائيلي أكثر من مليون من سكان شمال غزة بالانتقال جنوباً، في ما كان في ظاهره هربًا من القصف الإسرائيلي المستمر للمساكن والشركات والمستشفيات والمدارس في مدينة غزة وضواحيها. ومع ذلك، اكتشف الفارون إلى الجنوب أنه حتى الانتقال على الطرق التي حددها الجيش الإسرائيل فشل في توفير الأمان. فقد تم إطلاق النار على العديد من المهجَّرين أو احتجازهم للاستجواب أثناء سيرهم على الأقدام أو وجودهم في المركبات حسب التوجيهات. ودفعت أوامر الإخلاء الإضافية على مدار الأشهر التالية سكان غزة من المراكز السكانية في وسط وجنوب غزة، بما في ذلك دير البلح وخان يونس، نحو حدود رفح مع مصر.‏

‏‏والآن، بعد أكثر من أربعة أشهر من القصف الذي نفذه الجيش الإسرائيلي، يسكن الفلسطينيون المقتلعون من جذورهم في خيام مؤقتة بالقرب من حدود رفح. وفي الوقت نفسه، شرع الجيش الإسرائيلي في قصف مخيمات اللاجئين والمستشفيات في رفح نفسها، مما رفع حصيلة القتلى التي وصلت مُسبقًا إلى أكثر من 27.000، معظمهم من النساء والأطفال (لا يشمل هذا العدد الآلاف الذين ما يزالون يرقدون قتلى تحت أنقاض المباني التي دمرها القصف).‏

الآن، يتساءل الفلسطينيون الذين انتقلوا إلى رفح من شمال ووسط قطاع غزة بتوجيه من الجيش الإسرائيلي: “إلى أين نذهب من هنا”؟‏

‏أدى الحصار الإسرائيلي المستمر الذي بدأ في منتصف تشرين الأول (أكتوبر) إلى منع إمكانية وصول سكان غزة إلى الغذاء والمياه النظيفة والوقود والإمدادات الطبية إلى حد كبير. وحتى اتصالات الإنترنت متقطعة، وغالبًا ما يتم تعطيلها لعدة أيام في كل مرة. والسلع غير الكافية على الإطلاق التي تجلبها شاحنات المعونة، تكون في كثير من الأحيان أهدافًا للصواريخ الإسرائيلية أو لغارات أناس يعانون من الجوع بشكل يائس. وبينما تعذِّب أمطار الشتاء والبرد العائلات المتكدسة في خيام منقوعة بالمياه، تهدد المجاعة والأمراض الجميع، وخاصة الأطفال الصغار.‏

‏ثمة اتهامات محقة لإسرائيل باستخدام التجويع كسلاح حرب في غزة. “ليس من الممكن خلق مجاعة عن طريق الصدفة”، كما يقول أليكس دي وال، المدير التنفيذي لـ”مؤسسة السلام العالمي” في جامعة تافتس، ومؤلف كتاب “الجوع ‏‏الجماعي: تاريخ ومستقبل المجاعة”.‏‏ ‏‏بعد أشهر من تجاهل الدعوات الدولية إلى فتح قنوات وصول المساعدات، يقول دي وال إن المجاعة في غزة أصبحت الآن “حتمية”.‏

‏حسب ما ورد في مواد “اتفاقية الإبادة الجماعية” للعام 1948، فإن أعمال الإبادة الجماعية ضد “جماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية” تشمل “إخضاع الجماعة عمدًا لظروف معيشية يقصد منها تدميرها المادي كليا أو جزئيا”. وبصفتها عامل التمكين الرئيسي ومورِّد الأسلحة الأول لإسرائيل، جعلت إدارة بايدن دافعي الضرائب الأميركيين متواطئين في سياسة التجويع التي تنتهجها إسرائيل في غزة، وكذلك في غيرها من أعمال الإبادة الجماعية. ومع ذلك، يسعى الرئيس الأميركي حتى الآن إلى تزويد إسرائيل بأسلحة فتاكة إضافية تبلغ قيمتها المليارات.‏

وإذن، ما الخيارات المتاحة لسكان غزة الذين يحاولون النجاة من القنابل والمجاعة والمرض والإصابة في خضم استهداف إسرائيل الجديد لرفح؟ ثمة ثلاثة خيارات واضحة، هي:‏

‏(1) العودة إلى مدينة غزة أو خان يونس.‏

‏(2) قبول عروض إعادة التوطين من دول أخرى؛ أو‏؛

‏(3 محاولة الهروب الجماعي إلى مصر.‏

‏الخيار الأول متعذر ولا يمكن الدفاع عنه لأن كل شيء يلزم للحياة تقريبًا في الشمال قد دمر. ومن غير المرجح أن يقبل سكان غزة بإعادة توطينهم في بلد آخر -باستثناء الولايات المتحدة (التي لا تفرش لهم بساط الترحيب). وهذا لا يترك سوى احتمال واقعي واحد: هروب جماعي إلى مصر. وفي حين أن هناك حواجز مادية كبيرة على الحدود، إلا أنها قد لا تصمد أمام القوة المجتمعة لأكثر من مليون شخص. وحتى لو قررت إسرائيل قبول اقتراح من “حماس” لوقف إطلاق نار يتم معه تسليم الرهائن الذين لديها مقابل إطلاق سراح سجناء فلسطينيين في الضفة الغربية، فإن هذه الخطوات لا يمكن أن تنقذ سكان غزة في رفح؛ كما أنها لا تستطيع أن توقف المجاعة المقبلة.‏

‏لعل الأمر الأكثر إثارة للدهشة هو أن أصوات الإدارة ووسائل الإعلام الأميركية، على الرغم من كل حديثها عن حل الدولتين وحكم “منظمة التحرير الفلسطينية” على المدى الطويل، لم تتناول السؤال الأكثر إلحاحًا: “ماذا تالياً بالنسبة لسكان غزة”؟ وفي الأثناء، يغلبُ أن تموت آلاف إضافية منهم بسبب القنابل، والجوع، والمرض.‏

‏*ل. مايكل هاغرL. Michael Hager: هو المؤسس المشارك والمدير العام السابق لـ”المنظمة الدولية لقانون التنمية” في روما. ‏

*نشر هذا المقال تحت عنوان: What’s Next for Gazans?

———————————————

مركز أبحاث بريطاني: “إسرائيل” ومشكلة سمعة الغرب المستقبلية

بقلم: ليام أوشيا

نشر المعهد الملكي للدراسات الدفاعية والأمنية مقالاً للكاتب ليام أوشيا، تحدث فيه عن تراجع الدعم الشعبي لـ”إسرائيل” في الغرب، مشيراً إلى أنّ التغيرات في الاقتصاد العالمي، والتحولات بين الأجيال، تعني أن من غير المرجح أن تستطيع “إسرائيل” أن تعتمد على دعم الولايات المتحدة وغيرها من الحلفاء الرئيسين.

إنّ الضرر الذي لحق بسمعة “إسرائيل” ينبع من أسباب تتجاوز أعمال العنف الأخيرة، ومن المرجح أن يتفاقم سوءاً في المدى الطويل، بسبب التحولات الديموغرافية والجيوسياسية. احتشدت الحكومات الغربية، والرأي العام في بعض الدول الغربية، في البداية حول “إسرائيل” بعد هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر، لكن على مدى العقود المقبلة، ستتحول القوة الجيوسياسية، بصورة جوهرية، نحو البلدان التي لديها حكومات و/أو شعوب لديها وجهة نظر غير مواتية لـ”إسرائيل”. وفي الغرب، أصبحت الأجيال الشابة أكثر تعاطفاً على نحو متزايد مع الفلسطينيين.

وهذا يمثّل مشكلة لصُنّاع السياسات في “تل أبيب” والعواصم الغربية، على حد سواء. وبقتل أعداد كبيرة من المدنيين الفلسطينيين، فإن القوات الإسرائيلية وحكومتها ستزيد في عزلة “إسرائيل” في الساحة الدولية. بالنسبة إلى القوى الغربية، فإنّ الدعم العام غير المشروط لـ”إسرائيل” لن يؤدي فقط إلى تقويض صدقيتها كمؤيدة ومروجة للديمقراطية وحقوق الإنسان والقانون الدولي، لكن أيضاً بشأن علاقتها بالشركاء التجاريين الرئيسين في المستقبل.

“إسرائيل” والغرب والعالم عام 2050

هيمن حلفاء “إسرائيل” على الجغرافيا السياسية على مدى العقود القليلة الماضية، لكن هذا الوضع بدأ يتغير.

وتتنبأ التوقعات الحالية بقوة بحدوث تحول في هيمنة الاقتصاد العالمي من مجموعة السبع إلى بلدان وتجمعات أخرى، بما في ذلك “الدول السبع الناشئة” (البرازيل والصين والهند وإندونيسيا والمكسيك وروسيا وتركيا).

ووفقاً للتقديرات، بحلول عام 2050، سوف تتبوأ الصين والهند مكانة أعلى من الولايات المتحدة، كونهما أكبر اقتصادين في العالم. وستقفز إندونيسيا من المركز الثامن إلى الرابع، وتركيا من المركز الـ 14 إلى المركز الـ 11، وستتقدم السعودية مركزين إلى المركز الـ 13. وستدخل نيجيريا ومصر وباكستان ضمن أفضل 20 دولة، بينما ستنسحب إيطاليا وإسبانيا وكندا وأستراليا من التصنيف. وسوف يتحول وزن الناتج المحلي الإجمالي العالمي نحو آسيا على مدى الأعوام الثلاثين المقبلة. وبحلول عام 2075، يمكن أن يكون لدى نيجيريا وباكستان ومصر بعض من أكبر الاقتصادات في العالم.

والمشكلة طويلة الأمد، والتي تواجه “إسرائيل” وحلفاءها، أن من المرجح أن يكون عدد متزايد من البلدان والشعوب أقل تعاطفاً مع “إسرائيل” في النظام الاقتصادي المستقبلي.

تتفاقم “مشكلة العلاقات العامة” في “إسرائيل” بسبب وجود أعداد كبيرة من الشبان، الذين لديهم رأي غير مواتٍ لـ”الدولة” أو لدورها في الصراع.

في الولايات المتحدة، أشار استطلاع أجراه مركز “بيو” في آذار/مارس 2023 إلى أن 56% من الأميركيين، الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عاماً، و47% ممن تتراوح أعمارهم بين 30 و39 عاماً، لديهم وجهة نظر غير إيجابية تجاه “إسرائيل”.

ويتكرر هذا الاتجاه في استطلاعات أخرى. في أوروبا، يميل أقل من نصف المشاركين في الاستطلاع إلى التعاطف مع أحد طرفي الصراع، لكن، باستثناء ألمانيا المنقسمة على نطاق واسع، فإنهم يتعاطفون أكثر مع الفلسطينيين.

وفي جميع أنحاء أوروبا، يبدو الشبان أكثر تعاطفاً مع الفلسطينيين من كبار السن. في استطلاع عام 2023، رأى 36% من الكنديين، الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و34 عاماً، و31% ممن تتراوح أعمارهم بين 35 و44 عاماً، أنّ “إسرائيل” “دولة ذات فصل مماثل للفصل العنصري”.

العزلة المستقبلية

بالنسبة إلى الدول الغربية، يمثل دعم “إسرائيل” مشكلتين. أولاً، أنه ينمّ عن معايير مزدوجة ويقوض قيمهم وسياساتهم وأساليبهم المعلنة للتأثير في الحكم خارج الغرب. إنّ المستوى الهائل من القصف يتناقض مع مبدأ التقليل من الخسائر في صفوف المدنيين.

من الصعب على الدول الغربية أن تدافع عن أن أجزاء أخرى من العالم في حاجة إلى التحول إلى الديمقراطية، ودعم حقوق الإنسان، ودعم القانون الدولي، وما إلى ذلك، عندما تقوم الحكومة الإسرائيلية بإحداث هذا المستوى من الدمار، وتنفيذ إصلاحات محلية للحد من استقلال القضاء، وتقييد الحقوق على أساس الدين/العرق.

ثانياً، قد يؤدي دعم “إسرائيل” أيضاً إلى تقويض المصالح الوطنية للدول الغربية، بما في ذلك العلاقات التجارية الرئيسة. وفي العقود المقبلة، سوف تحتاج الدول الغربية إلى إقامة علاقات أمنية ودبلوماسية واقتصادية باقتصاد عالمي لن تهيمن عليه بعد الآن.

ولا يزال من المتوقع أن تصبح الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا لاعبين كباراً في أكبر اقتصادات العالم في المستقبل المنظور. ولا يحمل السكان في عدد من البلدان الناشئة حالياً وجهات نظر قوية بشأن “إسرائيل” أو فلسطين. لكن التحول الإجمالي واضح، وقد تجد القوى الغربية أنّ الدعم لـ”إسرائيل” يحتل مرتبة أدنى في قائمة أولوياتها، بل ربما يشكل عائقاً، عندما تسعى للتعاون الدولي لإدارة أولويات محلية ودولية أخرى.

إنّ انخفاض مستويات الدعم بين الأجيال الشابة في الدول الغربية يجب أن يثير قلق صناع القرار الإسرائيليين. وهذه هي الحال، بصورة خاصة، مع الولايات المتحدة. قبل هجمات 7 تشرين الأول/ أكتوبر، كان موضوع خفض الدعم الأميركي، والذي كان من المحرَّمات، يكتسب شعبية ليس فقط في الدوائر الديمقراطية، بل أيضاً في الدوائر الجمهورية.

احتشدت الولايات المتحدة حول حليفتها بمساعدات عسكرية إضافية واسعة النطاق، لكن الدعم لـ”إسرائيل” بدأ يتراجع بالفعل، ويميل الديمقراطيون الشبان الآن، بصورة أكثر إيجابية، إلى الجانب الفلسطيني. من غير المرجح أن يكون الصراع هو القضية الرئيسة في الانتخابات الغربية المستقبلية، لكنه لا يزال قضية بارزة في المملكة المتحدة والولايات المتحدة ودول أخرى. وفي المدى الطويل، قد يكون دعم “إسرائيل” على نحو متزايد خاسراً في الأصوات، وليس فائزاً بالأصوات. قد لا يتم تحفيز الجيل المقبل من السياسيين الغربيين نحو السياسات والإجراءات الداعمة لـ”إسرائيل”.

خاتمة

لا توجد طريقة بسيطة أمام “إسرائيل” لتحسين صورتها في العالم. لكن ما هو واضح أن قواعد اللعبة الأمنية الحالية للحكومة الإسرائيلية و”الجيش” الإسرائيلي غير قابلة للاستدامة.

في الماضي، كان في وسع “إسرائيل” أن تعتمد على دعم الولايات المتحدة وغيرها من الحلفاء الرئيسين، ومن المرجح أن يحدث هذا في المستقبل المنظور. لكن التغيرات في الاقتصاد العالمي، والتحولات بين الأجيال، تعني أن من غير المرجح أن يستمر الأمر إلى أجَل غير مسمى. وإذا كانت “إسرائيل” تريد الأمن، فقد تحتاج إلى إيجاد ذلك من دون وجود مثل هؤلاء الحلفاء الأقوياء في المستقبل.

إنّ المحافظة على الموارد العسكرية الباهظة الثمن ونشرها سوف يكونان مكلفَين في ظل المساعدات الأميركية الأقل، والتي تشكل نحو 16.5% من ميزانية الدفاع الإسرائيلية ـ وهي، في حد ذاتها، نحو 4.5% من الناتج المحلي الإجمالي لـ”إسرائيل”، أي ما يقرب من ضعف المتوسط العالمي للإنفاق الدفاعي.

وتحتاج “إسرائيل” أيضاً إلى إدارة الصراع مع الفلسطينيين بقدر أقل من العنف. ففضلاً عن كونها تتعارض مع حقوق الإنسان والمعايير الديمقراطية، وتقوض أي حل مستقبلي للصراع، فإنّ أفعالها تشوّه أيضاً صورة “إسرائيل” بصورة خطيرة. وعلى صعيد السمعة، ففي حين يمكن وصف العنف المفرط، الذي تمارسه حماس، بأنه لا يمثل السكان الفلسطينيين، فإن العنف الذي تمارسه الجهات التابعة للدولة الإسرائيلية يخلف تأثيراً أكثر وضوحاً في سمعة “إسرائيل” ككل.

ويتعين على صنّاع السياسات في الغرب أيضاً أن يتبنوا منظوراً استراتيجياً طويل الأمد. وإذا كانوا راغبين في تشكيل النظام الاقتصادي والنظام السياسي العالميين، في المستقبل، على نحو يتماشى مع قيمهم المزعومة، فيتعين عليهم أن يدعموا القيم المزعومة باستمرار، وخصوصاً في مواجهة التحدي الذي تفرضه القوى الاستبدادية. وهذا يتطلب من الدول الغربية وحلفائها أن يلتزموا قيمهم.

——————انتهت النشرة——————