أهم الاخبارإسرائيلياتالصحافة العبرية

الصحافة الإسرائيلية …الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية

هآرتس 5/3/2024

المساعدات الإنسانية لغزة: إنها لعبة سياسية معقّدة

بقلم: تسفي برئيل

لا توجد تقريباً أي منطقة حرب في العالم لم تصبح فيها المساعدات الإنسانية سلاحاً إستراتيجياً لإدارة الحرب، وأحياناً أيضاً أطالت مدة الحرب. ساحة الحرب في قطاع غزة لا تأتي بالكثير من الجديد في هذا المجال. ادعاء إسرائيل الرئيس يقول: إن المساعدات الإنسانية، قوافل الغذاء والأدوية وتوفير المياه والوقود، جزء لا يتجزأ من شروط الرخصة التي تسمح لإسرائيل بمواصلة القتال؛ المساعدات الإنسانية بحد ذاتها ليس لها أي حق في الوجود دون الأفضلية الإستراتيجية المرافقة لها. المفارقة في هذا الادعاء هي أن المساعدات التي استهدفت إنقاذ حياة الناس حيوية من أجل أن تستطيع إسرائيل مواصلة قتل الناس، الأعداء و”غير المشاركين”.

لكن إسرائيل لم تخترع العجلة. الإدارة الأميركية هي التي أملت وتملي عليها هذه المعادلة، سواء من أجل صد الضغوط الدولية التي مطلوب من واشنطن أن تقف أمامها إلى جانب إسرائيل مثل قرارات مجلس الأمن أو محكمة العدل العليا في لاهاي، أو من أجل تخفيف الانتقادات الداخلية، ليس فقط للجمهوريين بل أيضاً لديمقراطيين يعتبرون سياسة بايدن، الذي ما زال يؤيد استمرار القتال، كارثة سياسية.

ادعاء آخر يقول: إن المساعدات التي تدخل القطاع تذهب إلى “حماس” وتعزز موقفها وتستخدمها كوسيلة عندما ترفقها بموضوع المخطوفين من أجل تحديد قواعد اللعب، ومن أجل تخفيف ضغط الجمهور الفلسطيني ضدها. لكن كالعادة في المسافة بين من يعارضون استمرار إدخال المساعدات ومن يطالبون بتوسيعها، يواصل السكان في القطاع الموت بسبب الجوع والأمراض ونقص الأدوية، وبالطبع بالنيران والقصف.

المساعدات الإنسانية ليست فقط مجرد الشاحنات وعددها والأموال المخصصة لتمويل المشتريات ونقل الشاحنات. هي أيضاً تلزم بإنشاء طرق وصول محمية، ممرات انتقال ومناطق آمنة تستند إلى اتفاقات وتفاهمات مع أطراف القتال، كي يوافق هؤلاء على نقل الشاحنات وضمان أمن القوافل والعاملين عليها. هذه الاتفاقات لا يتم إعطاؤها بالمجان. الثمن تجبيه الأطراف بمقابل سياسي وعسكري وتكتيكي وإستراتيجي، الأمر الذي يمكنها من الاستمرار في الحرب.

أيضاً هنا غزة لا تخلق سابقة. مثال مأساوي ومُهين على استخدام المساعدات الإنسانية كسلاح إستراتيجي، وهو في كل الحالات ليس الوحيد، كان في الحرب في يوغسلافيا. تقرير صادم كتبه مارك كاتس لممثلية الأمم المتحدة للاجئين “يو.إن.أتش.سي.آر” في العام 1999، يعرض نسيجاً كاملاً من الإخفاقات الشديدة التي رافقت نشاطات قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، وممثلية اللاجئين التي تم نشرها في البوسنة من أجل تشغيل منظومة المساعدات الإنسانية في الدولة الممزقة. كاتس الذي عمل عشرات السنين في النشاطات الإنسانية وكان ضمن أمور أخرى منسق النشاطات الإنسانية في سورية، وصف في تقريره كيف أن قوات الصرب في البوسنة تعودت على سرقة قوافل الغذاء والأدوية التي كانت مخصصة لسكان البوسنة في الدولة، وإملاء شروط لتوزيع المساعدات، من بين ذلك توزيعها بشكل متساو بين الصربيين والسكان الذين يتعرضون للهجوم. في حالة واحدة على الأقل، في 1995، مئات الرجال من قوة حفظ السلام تم اختطافهم على أيدي قوات الصرب في البوسنة بعد عمليات القصف التي نفذها الناتو ضد قواعد للصرب. حتى أنهم قاموا بتكبيل المخطوفين في المواقع التي كانت مخصصة للقصف من أجل أن يكونوا دروعاً بشرية.

في سورية نظام الأسد هو الذي يضع شروط دخول قوافل المساعدات، وهذه تشمل ضمن أمور أخرى، وجوب العمل بوساطة منظمات مساعدة تابعة للنظام ونقل جزء من المساعدات إلى الجنود السوريين أو المليشيات التي يشغلها النظام. حسب التقديرات، فإن نصف إجمالي المساعدات وجدت الطريق إلى مخازن النظام أو إلى المليشيات التي تعمل لصالحه. خلال سنوات الحرب في سورية خصصت الإدارة الأميركية وحدها نحو 16 مليار دولار لغرض المساعدات الإنسانية للدولة. إزاء حجم السرقة والتلاعب الذي ضخ للأسد نحو 100 مليون دولار من أموال المساعدات فقط في الأعوام 2019 – 2020، فقد طلب الكونغرس من الإدارة الأميركية وضع إستراتيجية جديدة تزيد من نجاعة توزيع المساعدات وتمنع نقل أجزاء منها إلى جيب الأسد. هذه الإستراتيجية ما زالت تنتظر الصياغة.

غزة نموذج باهت مقابل حجم القتل والكارثة الإنسانية التي دمرت سورية. ولكن الفرق بينها وبين الوضع الذي تطور في البوسنة وسورية هو أنه في هاتين الدولتين كانت هناك على الأقل جهة يمكن إدارة المفاوضات معها حول توزيع المساعدات الإنسانية – هكذا، حتى بعد أن سرق النظام في سورية أو قوات الصرب في البوسنة نصيبهم فإن كمية معقولة من المساعدات نجحت في الوصول إلى هدفها.

في غزة ليس فقط لا يوجد حكم محلي يتحمل مسؤولية هذه المهمة، بل أيضاً لا توجد قوة دولية، عربية أو فلسطينية، مستعدة لتحمل هذا العبء. إسرائيل ترفض في الواقع السماح للسلطة الفلسطينية بالدخول إلى القطاع حتى لو من أجل توزيع المساعدات. لكن حتى السلطة الفلسطينية تضع شروطاً سياسية من أجل دخولها. وقد أوضحت السلطة أنه دون البدء في العملية السياسية أو على الأقل عقد رمزي لمؤتمر دولي يضع على جدول الأعمال حل الدولتين، هي لن تعمل في غزة.

الولايات المتحدة من ناحيتها تضع شروطاً ثقيلة عندما تطلب من السلطة الفلسطينية إجراء إصلاحات سياسية وإدارة كشرط لتأييد نشاطات السلطة في قطاع غزة. هذه الشروط تشمل تقليص صلاحيات الرئيس محمود عباس، وتشكيل حكومة تكنوقراط غير متماهية مع “حماس” أو “فتح”، وهذا شرط غير منطقي، وإجراءات لاجتثاث الفساد. من الجدير التذكير أن شروطاً مشابهة، التي ستسمح بتشغيل آليات المساعدات الإنسانية، لم يتم وضعها أمام نظام الأسد أو اليمن أو السودان. السخرية هي أن إسرائيل هي التي تملي شروط إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، لكن “حماس” وغيرها من العصابات المسلحة الأخرى ما زالت هي صاحبة البيت في مسألة كيفية توزيعها.

في ظل غياب برنامج عمل لإدارة الحياة المدنية ومنظومة توزيع المساعدات الإنسانية، وإزاء كارثة الموت الفظيع لـ 118 شخصاً، الخميس الماضي، في شمال القطاع، وعلى خلفية الفوضى “العادية” التي ترافق توزيع المساعدات، فإن الإدارة الأميركية ستضطر في القريب إلى اتخاذ قرار حول نشاطات السلطة في غزة، حتى دون تطبيقها لـ”شروط القبول” المطلوبة.

مشاهد إنزال رزم الطعام والأدوية الذي نفذته حتى الآن الأردن ودولة الإمارات، الذي انضمت الولايات المتحدة إليه، لا يعتبر حلاً حقيقياً. فالكمية التي يتم إنزالها حتى لو وصلت بسلام إلى غزة ولم تسقط في البحر أو في أراضي إسرائيل، لا يوجد فيها ما من شأنه أن يوفر الاحتياجات الكبيرة. طائرة هيركوليز يمكن أن تنزل شحنة تساوي من حيث حجمها حمولة شاحنة واحدة، أي أنه من أجل تحقيق الحد الأدنى الذي اتفق عليه، 200 شاحنة في اليوم، فإنه مطلوب قطار جوي غير مسبوق في حجمه بمجال جوي صغير نسبياً وبتكلفة هائلة.

الوسيلة الأخرى هي فتح معبر “إيرز” ومعبر “كارني”، إضافة إلى معبر رفح ومعبر كرم أبو سالم. لكن حتى لو تم فتح جميع المعابر ستبقى مشكلة توزيع المساعدات قائمة، التي تحتاج فتح ممرات آمنة وبالأساس قوة مرافقة عسكرية وشرطية ناجعة بحيث تؤمن مرور القوافل ونقاط توزيعها.

رجال الشرطة في غزة، الذين عملوا لصالح “حماس”، يرفضون الانضمام لحماية القوافل خوفاً على حياتهم. وهكذا أيضاً الموظفون في هيئات الإغاثة الذين قتل كثيرون منهم في الحرب. السؤال الذي سيطرح في القريب هو: هل جنود الجيش الإسرائيلي سيصبحون موظفي إغاثة ويساعدون ليس فقط في مرافقة قوافل المساعدات، بل أيضاً في توزيعها. هناك شك كبير في ما إذا كانت هذه هي صورة النصر المطلق التي يتطلع إليها نتنياهو.

———————————————

 

 

مسألة تجنيد «الحريديم» تصل إلى خط النهاية الحاسم

بقلم: سليم سلامة

ذهبت تقديرات عديدة في إسرائيل إلى حدّ استخدام صفة “تاريخية” في تقييم الجلسة التي عقدتها المحكمة العليا الإسرائيلية، يوم الإثنين الأخير (26 شباط المنصرم)، للنظر في عدد من الالتماسات المُقدَّمة إليها للطعن في قانونية المخصصات المالية التي تُغدقها الدولة (الحكومة) على المدارس الدينية اليهودية التي يتعلم فيها شُبّان من تيارات “الحريديم” في الوقت الذي لا تسري فيه أية تسوية قانونية تنظم مسألة إعفاء هؤلاء الشبان من الخدمة العسكرية في الجيش الإسرائيلي أو تأجيلها.

طالبت الالتماسات، التي قدمتها كل من “الحركة من أجل جودة الحكم”، “حركة أخوة السلاح”، “منتدى أيالون لحقوق الإنسان”، “الحركة من أجل الديمقراطية المدنية” و”أمهات في الجبهة”، بإلزام الحكومة والجيش الإسرائيلي بالبدء فوراً بتجنيد الشبان الحريديم للخدمة العسكرية، من جهة أولى، وبالوقف الفوري للأموال الباهظة التي ترصدها الحكومة لتمويل مدارسهم الدينية، من جهة ثانية. وفي ختام مداولاتها، يوم الإثنين الماضي، أصدرت المحكمة العليا (بتركيبة ثلاثة قضاة برئاسة القائم بأعمال رئيس المحكمة، القاضي عوزي فوغلمان، إلى جانب القاضيين اللذين سيتوليان رئاسة هذه المحكمة في الدورتين المقبلتين: إسحق عميت ونوعام سولبيرغ) جملة من الأوامر المؤقتة التي تُلزم الدولة (الحكومة) بتفسير أسباب عدم إلغاء قرار الحكومة الاستمرار في عدم تجنيد طلاب المدارس الدينية الحريدية بالرغم من انتهاء مدة سريان القانون الذي أجاز ذلك؛ بتفسير سبب عدم تحرك الحكومة واتخاذها إجراءات عملية لتجنيد هؤلاء الشبان وتفسير سبب عدم وقف تمويل دراسة هؤلاء الطلاب الذين يبلغ عددهم أكثر من 66 ألفاً، رغم انعدام أية مرجعية قانونية تجيز ذلك. وقد أمهلت المحكمة الحكومة حتى يوم 24 آذار الجاري موعداً أقصى لتقديم ردودها على هذه الأوامر، على أن تصدر قرارها القضائي النهائي في الموضوع، والذي من المتوقع أن يشكل منعطفاً تاريخياً حقيقياً وغير مسبوق في هذه المسألة في إسرائيل، بما قد يضع الساحة السياسية ـ الحزبية ـ الحكومية كلها على كف عفريت.

وقد وصفت “الحركة من أجل جودة الحكم” قرار المحكمة هذا بأنه “قرار دراماتيكي وفي غاية الأهمية لأنه يشكل خطوة إضافية أخرى في الطريق نحو المساواة التامة في تحمل العبء. ما كان هو ليس ما سيكون. التمييز بين إنسان وآخر وبين دم ودم لا يمكن أن يستمر. كلنا أمل في أننا سوف ندشن في نهاية هذا الشهر (آذار) عهداً جديداً نتحمل فيه العبء جميعاً، بمن في ذلك طلاب المدارس الحريدية”. وأضاف رئيس هذه الحركة، المحامي إلعاد شراغا، قائلاً: “نحن ندور في الدائرة المجنونة ذاتها منذ 25 سنة. في هذا النظام الديمقراطي المشوّه الذي نعيش فيه، هناك مواطنون يتمتعون بالحقوق فقط، من دون أية واجبات، فهم ليسوا مُلزَمين بالعمل، ولا بدفع الضرائب ولا بتحمّل قسطهم من العبء العسكري”. وقال، موجهاً الانتقاد للمحكمة العليا: “25 سنة والمحكمة العليا شريكة في هذه التأجيلات اللانهائية. الجيش يصرخ متوسلاً القوى البشرية لكنّ التمييز يقطع الغصن الذي تجلس عليه هذه الدولة”.

وعقبت حركة “أخوة السلاح” على قرار المحكمة بوصفه بأنه “تاريخي” و”يمثل لحظة الحقيقة بالنسبة لقادة الدولة الذين ينبغي عليهم التوقف عن الدسائس والمكائد والألاعيب السياسية، لأن تجنيد الحريديم هو حاجة أمنية اقتصادية واجتماعية لا يجوز تأجيلها أكثر. حان وقت التجنيد والمساواة”.

وقال المحامي غلعاد برنياع، الذي يمثل “الحركة من أجل الديمقراطية المدنية”، إن المحكمة العليا أصدرت “قراراً تاريخياً، واضحاً ومدوياً. وإن رسالته واضحة تماماً وتشكل خطوة في الاتجاه الصحيح والمطلوب منذ عشرات السنين”.

سيفٌ مُسلط وحركة سياسية

جديدة ودراسة مقارِنة

في العام 2018، ألغت المحكمة العليا القانون الذي كان ينظم، حتى ذلك الحين، مسألة إعفاء طلاب المدارس اليهودية الحريدية من الخدمة العسكرية وعدم تجنيدهم في صفوف الجيش، وذلك بسبب “انتهاكه مبدأ المساواة وتعارضه معه”. ومنذ ذلك الوقت، منحت المحكمة الحكومة الإسرائيلية والكنيست الإسرائيلي مُهلاً متجددة لسن قانون جديد ينظم هذه المسألة، انتهت كلها مع نهاية حزيران 2023. ولذلك، فابتداء من 1.7.2023 ليس ثمة في إسرائيل قانون يجيز هذا الإعفاء أو تأجيل التجنيد. إلا أن الحكومة الإسرائيلية حاولت الالتفاف على هذا الواقع بقرار حكومي اتخذته في أواخر حزيران الماضي يأمر الجيش الإسرائيلي بعدم تجنيد طلاب المدارس الدينية الحريدية ويبقى ساري المفعول حتى 31 آذار 2024. لكن، في موازاة هذا القرار، واصلت الحكومة تمويل دراسة 66 ألفاً من هؤلاء الطلاب في تلك المدارس، بما يتعارض مع معايير المدفوعات والمخصصات الحكومية في هذا المجال. لهذا، كانت المستشارة القانونية للحكومة قد أعلنت أنه إذا لم يجر سن قانون في الكنيست لتنظيم مسألة الإعفاء والمدفوعات، فسيكون الجيش مضطراً إلى البدء بتجنيد هؤلاء الطلاب لتأدية الخدمة العسكرية ابتداء من مطلع نيسان القريب وستكون الحكومة مُلزَمة بوقف تحويلاتها المالية لتلك المدارس.

ومن المعروف أن موضوع الشبان الحريديم الذين يدرسون التوراة في هذه المدارس الدينية، بتمويل كامل من ميزانية الدولة، ووسط إعفائهم التام من تأدية الخدمة العسكرية الإلزامية المفروضة على أية فتاة أو شاب من اليهود لدى بلوغهم سن الثامنة عشرة، هو من المواضيع الأكثر حساسية وخطورة في الحياة السياسية ـ الحزبية والاجتماعية الإسرائيلية منذ قيام الدولة حتى اليوم. فهو بمثابة قنبلة موقوتة تهدد بالانفجار في أية لحظة في كل ما يتعلق بالتركيبات الائتلافية ـ الحكومية التي تشكل الأحزاب الحريدية أحد أعمدتها الأساسية منذ قيام الدولة حتى اليوم، مُستغلة وزنها السياسي وتمثيلها البرلماني لمواصلة فرض أجنداتها وخدمة مصالحها في هذا المجال من خلال جعل تجنيد طلاب المدارس الدينية الحريديم سيفاً مسلطاً بشكل دائم فوق رقبة أي ائتلاف حكومي يجرؤ على “تغيير الوضع القائم”، ثم إسقاط الحكومة المبنية عليه، من جهة، كما بات يشكل، من جهة أخرى وفي السنوات الأخيرة تحديداً، موضع خلاف حاد جداً، بل صراع شديد، بين الأحزاب الحريدية وأحزاب “اليسار ـ الوسط” الإسرائيلية وجمهور هاتين الفئتين من الأحزاب الذي كثيراً ما يجري التعبير عنه بصورة عدائية عميقة بين الطرفين.

في سياق هذه الحرب المستمرة حول الخدمة العسكرية الإلزامية وتجنيد/ إعفاء طلاب المدارس الدينية الحريدية، وما يتصل بذلك من ميزانيات طائلة ترصدها لهم الحكومة من المال العام، ظهرت على ساحتها في الفترة الأخيرة حركة جديدة أطلقت على نفسها اسم “أمهات في الجبهة” تطالب بـ”تجنيد الحريديم في الجيش بدون أية حوارات معهم وإلغاء حق مَن يرفض تأدية الخدمة العسكرية في التصويت وفي الترشح للانتخابات”.

وأعلنت مؤسِّسة هذه الحركة، المحامية أييلت هشاحر سايدوف، أنها تعتزم خوض الانتخابات العامة المقبلة في إسرائيل “والتي ستجرى هذه السنة، بالتأكيد”، كما قالت، منوّهة إلى “سياسة الابتزاز” التي تنتهجها الأحزاب الحريدية، كما وصفتها، من خلال “دعمها للانقلاب القضائي في مقابل إعفاء شبانها من الخدمة العسكرية وإغداق ميزانيات كبيرة عليهم وعلى مدارسهم الدينية”. وأوضحت: “لذلك، طالب ساسة الحريديم بسن قانون فقرة التغلب، الذي سيسمح للكنيست بإعادة تشريع القانون الذي أمرت المحكمة العليا بإلغائه ـ قانون إعفاء الطلاب الحريديم من الخدمة العسكرية ـ بأغلبية 61 عضو كنيست فقط، أو “قانون أساس تعليم التوراة” الذي سيمنح هؤلاء الطلاب مكانة وحقوقاً مساوية لمكانة وحقوق الجنود…. ومن هنا نشأت فكرة تأسيس حركتنا، أمهات في الجبهة”.

ورداً على سؤال حول مطالب هذه الحركة قالت: “نطالب بأن يكون قانون خدمة متساوية لجميع المواطنين في إسرائيل. الحريديم انفصلوا عنّا والطريق إلى إعادة وصلهم هي ليس إغداق المزيد من الميزانيات عليهم، وإنما دمجهم في المجهود القومي، وإلا فإن الطرفين سيؤولان إلى الضياع والزوال. منحناهم 75 سنة من الدلال والعيش على حساب الغير. وهذا انتهى”.

على صعيد آخر، أظهرت دراسة خاصة أجراها “المعهد الإسرائيلي للديمقراطية” أن الإعفاء الممنوح للحريديم من الخدمة العسكرية هو “غير مسبوق في أي من الدول الديمقراطية”. وقد توصلت الدراسة إلى هذه النتيجة من خلال مقارنة الأوضاع والمعطيات في عشر دول ديمقراطية تعتمد نظام الخدمة الإلزامية في الجيش. وبيّنت أيضاً أن الميل الغالب في العالم كله هو تقليص رقعة المعايير والاعتبارات التي تمنح العفو، الفردي، من تأدية الخدمة العسكرية وليس توسيعها أو تطبيقها على قطاعات أو فئات سكانية بأكملها، كما هي الحال في إسرائيل بالنسبة للطلاب الحريديم.

وبيّنت الدراسة، التي أجراها اثنان من خبراء القانون الدولي في “المعهد” هما البروفيسور يوفال شاني والمحامية ميريت شرعبي، أن اثنتين من الدول الديمقراطية الليبرالية التي شملتها الدراسة، على الأقل، تُسقطان حق التصويت (الانتخاب) والترشح في الانتخابات عن كل من يتهرب من تأدية الخدمة العسكرية، كما تطالب حركة “أمهات في الجبهة”. وفي بعض الدول تُفرض على المتهربين من تأدية الخدمة العسكرية في فترات الحروب عقوبات أقسى بكثير من تلك التي تُفرض على المتهربين من تأديتها في الأيام العادية.

ويقول شاني، إن جميع الدول التي شملتها الدراسة تعتمد مسارات خدمة بديلة لرافضي تأدية الخدمة العسكرية لأسباب ضميرية أو دينية. وبعض تلك الدول يعتمد نوعين أساسيين من المسارات البديلة، هما: الخدمة العسكرية غير القتالية أو الخدمة المدنية، وفي بعضها الآخر يتم اعتماد الخدمة المدنية فقط. غير أن “الخدمة المدنية” البديلة للخدمة العسكرية هي، في جميع الدول، مدة أطول بكثير من مدة الخدمة العسكرية، على عكس ما هو معمول به في إسرائيل.

عن “المشهد الإسرائيلي”/ المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية (مدار)

———————————————

هآرتس 5/3/2024

قصــتـي مـــع الأنــفــاق ومنظومة الليزر السماوي

بقلم: يوسي لنغوتسكي

منذ تقاعدي من الخدمة النظامية في الجيش، كنت مشاركا ومتطوعا سنوات كثيرة في النشاطات المرتبطة باثنين من التهديدات الأساسية لأمن إسرائيل: تهديد الأنفاق وتهديد انكشاف الجبهة الداخلية لصواريخ العدو. بقلب قلق ومحب لا يمكنني إلا القول، إن جهاز الأمن تعامل مع الموضوعين بغطرسة كبيرة واستخفاف وانغلاق. رغم الإعلانات والوعود المتفائلة بخصوص هذه التهديدات فإن الجمهور الإسرائيلي ما زال يتعرض لها حتى الآن.

عن وجود أنفاق الاختطاف/ الهجوم وعن إمكانية تطوير “غزة ولبنان سفلى” (أنفاق دفاعية/ لوجستية) حذرت من بداية العام 2005 في الوقت الذي عملت فيه وتطوعت كـمستشار لرئيس الأركان في مكافحة تهديد الأنفاق. تحذيراتي واقتراحاتي للعمل في هذا الموضوع عرضتها مكتوبة تقريبا 50 مرة! وفي عشرات المقابلات مع الراديو والتلفزيون. أساس توصيتي في هذا الشأن كان إعطاء الأولوية العليا لهذا الموضوع ووضع استراتيجية بعيدة المدى وإعطاء الأولوية لحلول جيوفيزيائية، وتحسين مستوى من يعملون في هذا الموضوع ووقف التشتت، وبالأساس إقامة إدارة قطرية متعددة المجالات، بحيث يصبح العاملون فيها متخصصين مع مرور السنين.

اثنان من نداءاتي كانت موجهة لرئيس الحكومة، 7 نداءات لوزراء الدفاع، 12 نداء لرؤساء الأركان، و5 نداءات لقادة الجبهة الجنوبية والشمالية، و3 نداءات لمراقب الدولة، و3 لإدارة تطوير السلاح والبنية التحتية للتكنولوجيا ومجلس الأمن القومي ولجان الكنيست وغيرها.

تجاهل جهاز الأمن هذه النداءات. مثلا، هذا اقتباس من أقوالي لبنيامين نتنياهو في تموز 2014: “قلبي يتفطر إزاء أحداث الأنفاق، التي تشير إلى تحقق أحلامي السيئة التي بشأنها حذرت مرة أخرى جهاز الأمن قبل عشر سنوات، عندما كنت اعمل كمستشار متطوع لرئيس الأركان في موضوع مكافحة الأنفاق… نعم، هذا لا يصدق، لكن هذه هي الحقائق. وأنا آمل أن لا اضطر إلى أن اعرضها على لجنة تحقيق في المستقبل”. حول هذا النداء لم يتم الرد علي أبدا. بعد فترة، اعلن رئيس مجلس الأمن القومي في حينه في وسائل الإعلام، الجنرال يعقوب عميدرور، أن موضوع مواجهة تهديد الأنفاق يجري بشكل جيد.

على سؤالي لعميدرور لماذا لم يتوجه لي، أنا الذي كنت اعمل كمستشار لرئيس الأركان في هذا الموضوع، وأعلنت في التلفزيون عدة مرات في تلك السنوات عن إخفاقات جهاز الأمن في هذا الأمر؟ أجاب: “أنا لم أر، لأنني لا أشاهد التلفزيون لأنني أشاهد الأفلام الأجنبية فقط. في 2016 شكل الجيش الإسرائيلي لجنة تحقيق في عملية الجرف الصامد والأنفاق برئاسة الجنرال يوسي بخر، الذي لأسبابه الخاصة امتنع عن استدعائي لتقديم شهادتي في اللجنة حول إخفاقات الحرب في موضوع تهديد الأنفاق.

من تبنى للمرة الأولى جزءا من توصياتي هو رئيس الأركان السابق غادي آيزنكوت. في العام 2019 أشار آيزنكوت إلى أن “يوسي اقترح أفكارا عملياتية، ودفع من اجل التوصل إلى حل وطريقة علاج وهو شريك في إنجاز عملياتي غير مسبوق تم فيه كشف وتدمير 18 نفقا لـ(حماس)، وأيضا تم تدمير كل أنفاق (حزب الله) في الشمال”.

تقديري الآن هو أنه رغم الجهود المكثفة في الفترة الأخيرة فإن عدم تطبيق توصياتي في موضوع الأنفاق سيصعب على الجيش الإسرائيلي إغلاق الفجوة التي اتسعت مع مرور السنين.

معالجة جهاز الأمن لإمكانية حماية الجبهة الداخلية بواسطة منظومة ليزر قوية جدا (كيميائية) تشبه بشكل كبير السلوك المثير للغضب حول مكافحة الأنفاق. في أعقاب تهديد صواريخ “حزب الله” لـ”كريات شمونة” هبت الولايات المتحدة لمساعدة إسرائيل في 1996 في إطار اتفاق رسمي لمساعدتها في تطوير منظومة ليزر متميزة (ناوتيلوس)، التي حققت بالفعل في الأعوام 2001 – 2004 نجاحا بنسبة 100% في اعتراض الصواريخ والقذائف.

هذا التطوير الرائد، الذي نفذ بكلفة 400 مليون دولار، أجرته شركة “نورتروب – غرومان” (ان.جي)، وهي من الشركات الأميركية الرائدة، بالتعاون مع وزارة الدفاع في إسرائيل. طاقم علماء متطوع برئاسة الدكتور عوديد عميحاي، وهي من مؤسسي مجال الليزر في “رفائيل”، والذي انضم إليه عدد من الزملاء الآخرين، يحذر من هذا الأمر منذ العام 2005.

في الأعوام 2001 – 2004 عملت “ان.جي” على الدفع قدما بهذا الموضوع عن طريق منظومة عملياتية متنقلة (“سكاي غارد”، وبعد ذلك “اس.جي”). هذه المنظومة حصلت في 2004 على براءة الاختراع في الولايات المتحدة، التي تمت فيها المصادقة على تلبية هذه المنظومة معايير متعددة مثل النجاعة والموثوقية وأبعاد بحجم حسب الطلب والانتقال بواسطة نصف مقطورة وسلامة مشغلي النظام ومحيطه.

لأسباب لم يتم توضيحها في أي وقت، قررت إسرائيل في 2005 الانسحاب وإنهاء هذا المشروع. الجنرال اسحق بن إسرائيل، رئيس “إدارة تطوير السلاح والبنى التحتية التكنولوجية” السابق، اعلن في 2006 بأنه “في التجارب التي أجريت في نيومكسيكو أثبتت المنظومة النجاح بنسبة 100%”، قال وأضاف، “إلغاء المشاركة في المشروع مع (ان.جي) هو بمثابة بكاء لأجيال” (غلوبوس 18/1/2006).

أريد التوضيح بأنني لم أعارض في أي يوم القبة الحديدية، باستثناء أنني قلت، إنها عديمة الجدوى اقتصاديا: كل إطلاق يكلف تقريبا 100 ألف دولار، وهكذا فإن تكلفة يوم القتال يمكن أن تبلغ مئات ملايين الدولارات، وكل ذلك مقابل إطلاق شعاع ليزر يكلف 2000 دولار فقط. شركة “ان.جي” اقترحت أن توفر لإسرائيل ثلاث منظومات “سكاي غارد”، التي كان يمكنها تشكيل حجر الزاوية في عملية إغلاق حدود إسرائيل أمام اختراق الصواريخ منذ العام 2009، كل ذلك باستثمار معقول، كان سيوفر الحماية لكل الدولة.

الجهود لتبني هذا الحل المجرب لـ”سكاي غارد” حظيت بحملة تشويه فظة حول منظومة “اس.جي” وتشهير قبيح، تقول، إن أعمالنا تتم من اجل جمع الأموال (وزارة الدفاع 24 آب 2011). لجنة المناقصات برئاسة العميد يعقوب نيغل رفضت في 2007 عرض “ان.جي” وبذلك تم إنهاء إمكانية أن يكون لإسرائيل في حرب مستقبلية مع “حزب الله” منظومات ليزر “سكاي غارد”، التي كان يمكن أن تستكمل منظومة الدفاع ضد الصواريخ في كل طبقات حماية الجبهة الداخلية.

هكذا مرت 15 سنة بدون منظومات ليزر موثوقة، التي يمكنها حماية إسرائيل من الصواريخ والقذائف. أنا أشعر أن منظومة الليزر الكهربائية “مغين أور”، التي تعمل “رفائيل” الآن على تطويرها، لن تكون قادرة على العمل قبل 2027 – 2028. إخفاقات جهاز الأمن في هذه المواضيع هي إخفاقات استراتيجية تدل على أمراض صعبة تحتاج إلى إجراء فحص داخلي جذري.

———————————————

 

 

هآرتس 5/3/2024

“الأشد منذ 1967.. سيرتكبون خطأ”.. المقدسيون ورمضان هذا العام

بقلم: نير حسون

لا شيء في شوارع البلدة القديمة في القدس يشير إلى بدء شهر رمضان بعد أسبوع؛ بقيت الزينة والأنوار في المخازن، ومحلات كثيرة مغلقة، وبسطات الألعاب والملابس التي كانت تفرش كل سنة في هذا الشهر اختفت، لا ميزة خاصة للمطاعم، حتى بلدية القدس قررت التخلي عن وضع زينة رمضان والاحتفالات التي كانت تقام في السنوات الأخيرة، ساحة باب العامود مدمرة بالكامل بسبب أعمال الصيانة. أمس، وعد العمال بانتهاء المرحلة الرئيسية لأعمال الصيانة في هذا الأسبوع، لكنه وعد يصعب الوفاء به.

بشكل عام، يبدو أن الإحساس بالحزن على مصير الغزيين، وخيبة الأمل والخوف مما سيأتي، غيرت الشعور في شرق القدس بالاحتفال. “عمري 50 سنة، لا أتذكر رمضان مثل هذا. أتذكر الحرب في لبنان عام 1982، في حينه استمر هذا الوضع أسبوعاً أو أسبوعين، ولكني لا أتذكر مثل هذا الوضع”، قال أبو موسى، وهو بائع قهوة في سوق القطانين على مدخل الحرم. “في القدس أجواء خاصة في رمضان، لذا فإن عرب إسرائيل وسكان الضفة يأتون إلى هنا. لن يكون شيء من هذا في هذه السنة، قلوب الجميع موجوعة”، قال أبو كريم النابلسي، وهو بائع شاورما في شارع باب الواد في الحي الإسلامي.

سؤال كل سكان البلدة القديمة وشرقي القدس هو: ما سياسة إسرائيل حول الدخول إلى المسجد الأقصى في نهاية المطاف؟ منذ بداية الحرب والشرطة تقيد دخول العرب إلى الحرم، لا سيما أيام الجمع، وفي كل أيام الأسبوع. القيود تتغير من باب لآخر ومن ضابط لآخر. ولكن بشكل عام، لا يسمح للرجال أقل من 45 – 50 سنة بالدخول. وخلافاً للسابق، هذه القاعدة تسري أيضاً على النساء والأولاد.

التحليل الذي أجراه باحث جمعية “عير عاميم”، افيف تترتسكي، يظهر أن القيود التي فرضت منذ بداية الحرب على الصلاة في الحرم هي الأشد منذ احتلال إسرائيل للحرم في 1967. بالنسبة للعرب في المدينة الذين امتنعوا منذ بداية الحرب الاحتكاك مع رجال الشرطة، يرون هذه السياسة عقاباً جماعياً، تضاف إلى خطوات سياسية أخرى، منها زيادة أوامر هدم البيوت، ومنع التجمع واعتقال الأئمة وحتى مواطنين عاديين بسبب تصريحات يمكن تفسيرها كتأييد لحماس.

هناك خشية من أنه إذا استمرت سياسة فرض القيود في رمضان، فسيشجع الجهات المتطرفة ويؤدي إلى اندلاع أعمال العنف في القدس والضفة الغربية.

قبل أسبوعين، بدأت تظهر منشورات بأن وزير الأمن الوطني، بن غفير، يضغط لفرض قيود استثنائية على دخول المصلين إلى الحرم، سواء من القدس أو من إسرائيل، هذا خلافاً لموقف الجيش و”الشاباك”، الذين يعتقدون بأن إدخال المصلين سيمنع أعمال العنف ويضعف تأييد حماس.

حسب تسريبات من الكابنيت الأمني، وافق نتنياهو على موقف الوزير الذي يقول إنه سيتم أيضاً فرض قيود على دخول العرب الإسرائيليين إلى الحرم في رمضان. من هنا استنتج الفلسطينيون في القدس والضفة الغربية أنه لن يسمح لهم بدخول الحرم.

بعد الجلسة، قال ضباط في جهاز الأمن إنه لم يتم اتخاذ القرار، وإنه سيُتخذ قبل بضع ساعات على الصلاة الأولى المتوقع أن تكون الأحد القادم. وقالوا إن مناقشة ذلك تزيد التوتر. في هذه الأثناء، تقول جهات لها صلة بالقضية بأن جهاز الأمن يسعى لإبعاد القرار عن الشرطة وعن بن غفير، ونقله إلى مستوى رئيس الحكومة. وكما نشر في “هآرتس”، توقف “الشاباك” ومجلس الأمن القومي في الأيام الأخيرة عن إرسال ممثليهم للنقاشات مع بن غفير. والسكرتير العسكري لرئيس الحكومة بدأ يراكم المشاورات حول الاستعداد لشهر رمضان في فترة الحرب.

في السنوات الأخيرة، ورغم التوتر، سمحت إسرائيل لعشرات آلاف المصلين من الضفة الغربية بدخول الحرم أيام الجمعة في شهر رمضان، بل وسمحت بدخول مجموعات صغيرة من قطاع غزة. هذه العملية نجحت ونشرها المتحدثون بلسان الشرطة والجيش كدليل على حرية العبادة التي تسمح بها إسرائيل. في الفترة الأخيرة، لم يستبعد مصدر أمني رفيع إمكانية السماح للمسلمين من الضفة أيضاً بالقدوم في نهاية المطاف. الفلسطينيون من ناحيتهم لاحظوا الاستعدادات في حاجز قلنديا، التي شجعتهم على التفكير بأنه رغم التصريحات، فإن إسرائيل ستسمح بدخول المصلين من الضفة الغربية في نهاية المطاف.

تحاول الأوقاف الإسلامية، التي تدير المسجد الأقصى، أن يبثوا لإسرائيل، ضمن أمور أخرى عبر الأردن، بأنهم يبذلون الجهود حتى لا يحولوا الصلاة في المسجد الأقصى في رمضان إلى استعراضات تأييد لحماس. “سيكون الكثير من الحراس الذين سيهتمون بألا يتم رفع أعلام حماس ولن تكون حجارة، وسنظهر للشرطة بأننا نفي بما نقوله”، قال مصدر فلسطيني في البلدة القديمة.

“إذا لم يسمحوا للناس بالقدوم، فإنهم سيرتكبون خطأ كبيراً جداً”، قال منير الزغير، رئيس لجنة السكان في كفر عقب. “لماذا يتوقعون حدوث أمور سيئة؟ فليسمحوا للناس بدخول المسجد، ولن يحدث شيء. يمكن جلب الشيوخ الذين سيدعون الشباب إلى عدم افتعال المشاكل”.

في هذه الأثناء، محلات كثيرة في البلدة القديمة مغلقة، والشوارع في البلدة القديمة تقريباً مهجورة، والبسطات غير موجودة منذ بداية الحرب. “لماذا نفتح المحلات؟ لا يوجد سياح أو مصلون”، قال أمير النابلسي، وهو صاحب محل فلافل في شارع باب الواد في البلدة القديمة. “عائلتي تمتلك المحل هنا منذ 140 سنة، ولكننا لم نصادق شيئاً كهذا. هذه فترة صعبة جداً. نأمل أن ينعكس الأمر، ويحل سلام، ويأتي الناس. أنوي فتح المحل في شهر رمضان”.

———————————————

 

إسرائيل اليوم 5/3/2024

تصريحات هاريس واستدعاء غانتس.. بطاقة صفراء أم إبلاغ بـ “خطر محدق”؟

بقلم: يوآف ليمور

كل من يدعي بأنه يفهم شيئاً ما في الاستراتيجية السياسية والعسكرية، عليه النظر لتدهور خطير لعلاقات إسرائيل – الولايات المتحدة. دولتان على مسار سريع للصدام قد تكون نتائجه محملة بالمصيبة لإسرائيل.

لا تنقص الشهادات على الوضع الصعب الذي علقت فيه العلاقات، كان آخرها ما قدمته نائبة الرئيس كامالا هاريس أول أمس، حين قالت إننا “نحتاج إلى وقف نار فوري” في غزة. تحدثت هاريس ظاهراً باسم ذاتها، لكن مشكوك أن تفعل ذلك دون تنسيق مع الرئيس. من هنا، يجب أن نرى في أقوالها بطاقة صفراء واضحة لإسرائيل، قد تعقبها حمراء في شكل طلب رئاسي لوقف القتال في غزة.

تتهم قيادة إسرائيل إدارة بايدن أنها لم تصمد أمام ضغوط اليسار في الحزب الديمقراطي وأنها قلصت التأييد للمعركة في غزة. هذه صورة جزئية للأمور: طوال أشهر، أعطى بايدن لإسرائيل ظهراً سياسياً وعسكرياً لم يسبق له مثيل في تاريخ العلاقات بين الدولتين. لولا تأييده، لتوقفت إسرائيل منذ زمن عن القتال في غزة بسبب نقص السلاح، وبالتوازي اضطرت للتصدي إلى قرارات (وربما حتى عقوبات) مجلس الأمن في الأمم المتحدة ضدها.

مقابل هذه المظلة الواسعة، طالب الأمريكيون إسرائيل بزيادة المساعدات الإنسانية لغزة، وتبحث معهم في “اليوم التالي” للحرب. وإسرائيل رفضت، خوفاً على مستقبل الحكومة في ضوء خوف من انسحاب المتطرفين اليمينيين. بايدن غضب، وادعى بأنه في الوقت الذي ينزف سياسياً في الولايات المتحدة من أجل إسرائيل، يرفض نتنياهو أن ينزف سياسياً لأجل بلاده هو. مسؤولون كبار في واشنطن حذروا من أن إسرائيل تجعل نفسها دولة منبوذة بالتدريج في التركيبة الحالية للحكومة وفي ضوء سياستها.

من الصعب التقليل من خطورة تداعيات التردي في العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة. سياسياً، هذه التداعيات تجد تعبيرها في الخطر على فيتو تلقائي بمجلس الأمن، وثمة علاقات مع دول أخرى وحتى مع دول عربية رأت في إسرائيل بطاقة دخول إلى واشنطن. أمنياً – عسكرياً، قد تثقل على مسيرات المشتريات والمساعدات، ولاحقاً على أوجه تعاون مختلفة. قانونياً، قد تورط إسرائيل في محافل دولية على خلفية مرسوم رئاسي جديد يشرك كل مساعدة أمريكية بطاعة القانون الدولي (كما تفسره الولايات المتحدة).

ما دامت إسرائيل تعمل مع الأمريكيين يداً بيد، فستظل آمنة بكل هذه الجبهات. اختيار نتنياهو لشركائه من اليمين بثمن التخلي عن السند الاستراتيجي بواشنطن ربما يغير سلباً الواقع كما عرفناه في العقود الخمسة الأخيرة، ودون أن يكون لإسرائيل بديل سياسي أو أمني أو قانوني أو اقتصادي.

ربما سمع غانتس أمس أقوالاً بهذه الروح في لقاءاته في واشنطن (ضمن آخرين مع هاريس وبلينكن)، وربما حاول تبريد الخواطر وخلق مجال عمل آخر لإسرائيل قبيل عملية في رفح وإمكانية توسيع المعركة في لبنان.

بهذا الاعتبار، فإن رحلته نعمة لإسرائيل. من لم يفهم هذا يعاني من عمى استراتيجي خطير. أولاً وقبل الجميع، وزير المالية سموتريتش الذي وصف غانتس “بالحلقة الضعيفة” وادعى بأن واشنطن تحاول دق إسفين في الحكومة، سموتريتش نفسه، شخصية غير مرغوب فيها لدى الإدارة، وشريك مخلص لبن غفير في قيادة المسيرة الخطيرة التي تتحول فيها إسرائيل بسرعة من نور للأغيار إلى ظلام لنفسها.

———————————————

هآرتس 5/3/2024

لـ”حكومة الخراب”: كيف لدولة ديمقراطية أن تحارب خُمس مواطنيها؟

بقلم: أسرة التحرير

إن المس بمكانة المواطنين العرب منذ بدء الحرب آخذ في التصاعد. فيما أن المسألة تقبع أسفل سلم أولويات الحكومة. فلئن كانت محاولة وزير الأمن القومي بن غفير إشعال الأجواء منذ الأيام الأولى بعد مذبحة 7 أكتوبر – من خلال قول استفزازي “حارس أسوار 2 على الأبواب” – لم تنجح، لكن ثمة مسيرة بن غفيرية تجري هنا في ظل وضع الطوارئ الوطني. فالمسيرة تتسلل وتتثبت بمؤسسات الشرطة وتنغرس في وعي معظم الإسرائيليين ممن يتعاطون مع العرب كمشبوهين، حتى لو لم يقل ذلك صراحة.

لقد تضررت الثقة بين الطرفين عميقاً. بحث جديد لمركز “أكورد” في الجامعة العبرية وبشراكة كو-امبكت، كشف عن انخفاض واضح في استعداد اليهود للعمل مع العرب ذوي التعليم الأكاديمي وازدياد كبير في تفضيلهم عمل العرب بمنظمات فيها أغلبية عربية. انعزالية كل طرف تنبئ بمستقبل مظلم للمجتمع كله وستمس بالاقتصاد الإسرائيلي، والأكثر من هذا –ستكون النتيجة ضربة قاضية لحصانة إسرائيل الاجتماعية والمدنية.

يعيش المجتمع العربي في الفترة الأكثر دراماتيكية في تاريخ الدولة من ناحيته. يسود في أوساط معظم المواطنين العرب إحساس بانعدام الأمن الشخصي. هم مظلومون ومضطهدون سياسياً ويخافون من التعبير عن آرائهم علناً. يمتنعون عن الحديث بلغة الأم في الحيز العام خوفاً من إثارة الانتباه فيعاملون كمشبوهين. في التقرير الذي نشر في نهاية الأسبوع في ملحق “غاليريا”، وصفت الشيف منال إسماعيل كيف “تسير بالحجاب فترى العيون ترمقها كأنها مخربة. هناك أماكن شعرت فيها بأن عليّ السير سراً كي لا ينتبهوا لي”.

قبل لحظة من وصول سيطرة اليمين المتطرف على إسرائيل إلى نقطة اللاعودة، وباتت مواطنة العرب في خطر حقيقي، يجب أن ننظر إلى الواقع الذي يتصدى له المواطنون العرب في إسرائيل؛ فالمس بحقوق العرب وإقصائهم عن الحيز الإسرائيلي يؤكد هشاشة الديمقراطية الإسرائيلية.

الصمت معناه الموافقة على الإقصاء. من مهمة المجتمع الليبرالي والمحب للمساواة أن يكافح لمنع المس بتحقيق حقوق العرب.

العرب هنا ليبقوا، وعلى الدولة ألا تتجاهل خُمس السكان. هذا هو الاختبار الأصعب للديمقراطية الإسرائيلية، وليست هناك فرصة أخرى لإصلاح الوضع. الشراكة بين اليهود والعرب هي السور الواقي الأخير قبل التدمير النهائي للديمقراطية في الدولة والتي تتصدرها حكومة الخراب.

———————————————

يديعوت أحرونوت 5/3/2024

النساء في “إسرائيل البنغفيرية”: لسنا في دولة آمنة.. أصبحنا “مسألة سياسية”

بقلم: روتم إيزاك

ماذا يحصل عندما يدور الحديث عن عنف جنسي من البيت؟ عنف فيه أذى لحياة الفرد؟ سبع نساء قتلن في إسرائيل منذ بداية 2024: اسمهان قدورة ابنة الـ 45، وشني بخر ابنة الـ 31، وايلانا ازغريان ابنة الـ 36، وغولفوندا شمشيلفيلي ابنة الـ 72، وثلاث نساء أخريات لم تنشر تفاصيلهن بعد من هنا، قتلت اثنتان في يوم واحد هذا الأسبوع على يد رجال يعرفنهم ومخربين مع مفتاح للحيز الأكثر أماناً، وأحياناً حيز يشاركون فيه اللحاف مع الضحية. يدور الحديث عن ارتفاع في العنف الجنسي مقارنة ببداية 2023 حين قتل أربع نساء. هذه بداية مقلقة للسنة الميلادية الجديدة التي تهدد بأن تكون دامية أكثر من سابقتها، لأن الجمهور هذه السنة مسلح أكثر، وقابل للتفجر أكثر، وممول أقل.

في الشهر الماضي، بُشرنا بأن وزير الأمن القومي بن غفير قرر وقف تمويل برنامج حماية النساء في منتدى “ميخال سيلع” الذي دشن قبل سنة ونصف وأتاح لنحو 276 امرأة و900 طفل الشعور بأن حياتهم ليست سائبة. الوزير إياه الذي يرفض فهم العلاقة بين توزيع السلاح على الجمهور الغفير وبين العنف في العائلة. عنف طرف الجبل الجليدي فيه هو القتل، إعلان صامت في الصحيفة، أطفال يتامى لكنه يتضمن أيضاً دائرة رعب يومية، على مدار الساعة، لنساء وأطفال يعيشون ويعشن في الجحيم. نساء وأطفال مظلومات ومظلومون يجتازون إرهاباً من البيت، كل يوم بالنسبة لهم – حتى بدون نصر الله أو السنوار – هو حرب متواصلة. في هذه الحرب هن وحدهن. هذه حرب داخلية طبعت منذ الآن.

إسرائيل ليست دولة آمنة للنساء حتى في أيام الهدوء، والحروب لا تمنع الأمراض الاجتماعية الخبيثة. منتدى “ميخائيل سيلع” يبلغ بأنه، حسب الشكاوى التي تصل إليه، طرأ ارتفاع بمعدل 20 في المئة في العنف في البيوت. منذ بداية الحرب تُقدم نحو 17 شكوى يومياً من النساء المعنفات ممن يطلبن المساعدة. طرف الجبل الجليدي لهذا سنلتقيه بالأعداد. أعداد كانت من خلفها حياة ذات يوم، اسألوا ليلي بن عامي التي أقامت المنتدى بعد أن قتلت شقيقتها ميخال من قبل زوجها وأبي ابنتها.

شهر المرأة دشن هذا الأسبوع. البعض سيحتفل بالنساء بأنهن “الجنس القوي”. ندوات تلفزيونية ستؤكد الإنجازات المميزة للنساء في الحرب، وكذا الإنجاز الإسرائيلي حيال الأمم المتحدة مزدوجة الأخلاق. وستنشر على منصة الهيئة العامة للكنيست اقتباسات عن النساء وسيدعوننا لأن نبقى المخلوقات الرائعة التي نحن عليها، وأن نحطم الأسقف الزجاجية، وألا نفعل إلا ما نحب. لكن قانون القيد الإلكتروني إلى جانب الانخفاض في ميزانية حماية النساء وعدم التعاطي مع أمن النساء في برامج إعادة التأهيل التي تقرها الحكومة لليوم التالي لـ 7 أكتوبر، تبين كلام في كلام، وأن هناك أموراً أهم. لعل حياة النساء مسألة سياسية لا تتماهى مع الأجندة في هذه اللحظة. 51 في المئة من الجمهور الإسرائيلي مدعوون أن يتحلوا بالافتراض هذا الشهر، على أمل تشويش الرائحة الحادة لانغلاق الحس وتصلب القلب.

———————————————

إسرائيل اليوم 5/3/2024

إسرائيل والـ 5 مراحل “بعد غزة”: سنختبرهم 10 سنوات ثم ننظر في إقامة دولة لهم

بقلم: عوديد عيلام

المصاف الذي تدخله الحرب في غزة لن يخلق “صورة نصر”. وعليه، فثمة حاجة لتغيير الإطار كله.

علينا الاهتمام بإمكانية التقدم غير المتواصل والمتعلق بالواقع في الميدان، وذلك إلى جانب خلق أفق إيجابي للسكان المدنيين. جذر الخلاف لا يزال قائماً؛ فالقسم الأكبر من الفلسطينيين لا يزال يتبنى الجهاد، ويتطلع لقيادة حماس في الكفاح ضد إسرائيل. على حد فكرهم، لا يفترض أن تنتهي “العودة” في تحقيق فكرة الدولتين أو حتى في العيش بانسجام في دولة واحدة، بل بإبادة الدولة اليهودية بسكانها.

سلالم وحبال

بودي أن أطرح فكرة من خارج الصندوق، تستند إلى لعبة الصندوق. كبار السن بيننا لا بد يتذكرونها – “سلالم وحبال”. من جهة، الصعود للسلم، بمعونة الإيفاء بشروط محددة جداً، تقرب الفلسطينيين من تحقيق حل الدولتين والاستقلال. بالمقابل، الخروج عن المبادئ المقررة (سلوك غير غريب عن الفلسطينيين، في أقل تقدير) يؤدي إلى الهبوط إلى الأسفل بالسلم والعودة إلى واقع لا يرغبه الفلسطينيون أنفسهم إلا قليلاً.

المرحلة الأولى: إقامة مخيمات لاجئين مؤقتة قرب البحر. مخيمات من هذا القبيل سبق أن أقيمت في الحرب الأهلية في سوريا وأفغانستان وغيرهما. لذا ستكون حاجة إلى إنهاء تام لأعمال الأونروا في القطاع وإلقاء المسؤولية على منظمات دولة تختص بمناطق الكارثة.

تقام إلى جانب ذلك أجهزة دولية للعناية بالسكان، تسيطر إسرائيل ومصر على معابر رفح، ويبقي الجيش الإسرائيلي على حرية العمل في غزة ويحتفظ بحزام أمني واسع في أراضيها. الاضطراب والجريمة والإرهاب تؤدي إلى “النزول بالحبل” وتؤجل إعمار قطاع غزة.

بناء تدريجي للثقة

المرحلة الثانية: بداية الأعمال. حذار الدخول إلى نموذج “إخلاء – بناء”، لذا مثل هذه المرحلة لا تبدأ إلا بعد مرور ثلاث سنوات. وهي تنفذ بالتدريج من محافل دولية بإشراف إسرائيلي. السلطة الفلسطينية، في صيغة جديدة، تشارك في المسيرة، لكن ستفحص في كل خطوة وخطوة. كجزء من هذا، يتم تصميم جهاز تعليم جديد في القطاع، ومناهج تعليمية تكتبها لجنة تربوية دولية بإشراف متشدد على نشاط الجهاز. في هذه المرحلة، يقام صندوق دولي لتمويل إعمار القطاع، وتتيح دول عربية معتدلة للغزيين الوصول والعمل في نطاقها، وإسرائيل تسمح بهجرة طوعية إلى أماكن توافق على استيعاب لاجئي القطاع. أما التحريض والتنظيمات غير القانونية والتطرف الديني كلها ستعاقب بشدة. ويمنع التدخل الإيراني بعمل دولي. في حالة انتفاضة – نزول إلى الأسفل: يتوقف إعمار القطاع وكذا يتوقف خروج الغزيين للعمل في دول المنطقة.

المرحلة الثالثة، إقامة قوة حفظ نظام فلسطينية بإشراف إسرائيلي ومصري. وتبقي إسرائيل على حرية عمل أمني في القطاع. إذا لم تقم القوة الفلسطينية بدورها، تحل وتستبدل بقوة عربية بمشاركة إسرائيل.

المرحلة الرابعة: منطقة التجارة الحرة – غزة. في هذه المرحلة، التي لن تبدأ إلا بعد سبع سنوات من بداية خطة الإعمار، يبنى ميناء في القطاع وممر بري مع الضفة. مع خروج المشاريع إلى حيز التنفيذ بتوجيه وتمويل دوليين، مثل شبكة سكك حديدية تربط القطاع بمصر والأردن، يعترف بغزة كمنطقة تجارة حرة.

في هذه المرحلة، توحد رفح المصرية والفلسطينية. وهنا كل تنظيم إرهابي وتحريض وتقويض للاتفاقات يؤدي إلى وقف المسيرة.

المرحلة الخامسة: مع مرور عشر سنوات، وفي حالة أن يسمح الواقع بذلك، حينئذ يقام كيان مستقل ومجرد من السلاح في غزة. هذه، بدورها تصبح جزءاً من الدولة الفلسطينية. هنا أيضاً الحبل واضح؛ إن عدم الالتزام بالاتفاقات يؤدي إلى وقف مسيرة الاعتراف بالدولة الفلسطينية.

بحث “اليوم التالي في غزة يجب أن يتركز على “العقد التالي” والتصدي لصدمات الماضي لدى الطرفين من خلال بناء تدريجي وحذر للثقة. هكذا نتمكن من التحرك نحو حل أحد النزاعات الأطول في الزمن الحديث.

———————————————

هآرتس 5/3/2024

بعد زيارة غانتس: أمريكا توجه رسالة غضب لنتنياهو.. وحماس تجيد القراءة

بقلم: عاموس هرئيل

 

خطاب نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس، أول أمس، قد يشير إلى انعطافة في موقف الولايات المتحدة من الحرب في قطاع غزة. هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها التعبير عن المقاربة الأمريكية في واشنطن بشكل حاد وواضح جداً. دعت هاريس للتوصل إلى وقف لإطلاق نار فوري في القطاع. وقالت إن الهدنة لمدة ستة أسابيع ستمكن من إطلاق سراح المخطوفين الإسرائيليين. ولكن في الوقت نفسه، أكدت معاناة سكان القطاع المتزايدة.

حسب أقوالها، فإن الفلسطينيين هناك يعانون من “كارثة إنسانية”، وعلى إسرائيل زيادة جهود مساعدتها “دون أي مبررات”. وقالت أيضاً إن هناك صفقة حقيقية على الطاولة، ودعت حماس للموافقة عليها.

التصريح الطويل والمفصل لنائبة الرئيس يعكس أمرين في مواقف الإدارة: الأول أن الرئيس الأمريكي ورجاله يزيدون الضغط على الطرفين على أمل التوصل إلى صفقة تشمل وقف إطلاق النار وإطلاق سراح المخطوفين قبل شهر رمضان. الثاني وجود حالة تآكل خصوصاً بعد خمسة أشهر على بداية الحرب وصبر أمريكا على إسرائيل. تجد واشنطن صعوبة في تشخيص استراتيجية لإسرائيل بخصوص الحرب، إضافة إلى جهود بقاء نتنياهو، والغضب من استجابة الحكومة الإسرائيلية البطيئة (في بعض الحالات جهاز الأمن) للصعوبات الإنسانية المتفاقمة في القطاع؛ والقلق من تداعيات التورط المستمر في غزة على الوضع الإقليمي ومكانة بايدن قبل الانتخابات الأمريكية.

الحادثة الأساسية في هذا الشأن هي الكارثة التي حدثت في غزة الخميس، حيث قتل أكثر من 100 فلسطيني في أعمال الفوضى التي حدثت عند وصول شاحنة مواد غذائية. بعض القتلى تم سحقهم وقتلوا بسبب تدافع الجمهور الذي حاول سلب الشاحنة. وحسب الجيش الإسرائيلي، تم إطلاق النار على عدد قليل منهم من قبل جنود الجيش الإسرائيلي الذي شعروا بالخطر على حياتهم. لم يكن هذا إسهام إسرائيل الوحيد في الكارثة؛ فقد تم إدخال الشاحنات إلى القطاع من الجنوب، وتوجه بعضها نحو الشمال بهدف إحضار التموين لنحو 300 ألف شخص علقوا في منطقة الشمال ولم يذهبوا إلى الجنوب عند اجتياح الجيش الإسرائيلي للقطاع في تشرين الأول الماضي.

ضباط في الجيش الإسرائيلي نسقوا وصول الشاحنات مع عدد من رجال الأعمال الفلسطينيين، الذين بدورهم قاموا بنقل الشاحنات لبضع ليال. هذه العملية لم يتم تنسيقها مع حماس، ولم تكن هناك حماية للقافلة من قبل رجال حراسة مسلحين. عندما اندلعت الفوضى، هرب السائقون مع المس ببعض المدنيين الذين حاولوا نهب البضائع. هذه طريقة مليئة بالعيوب، تم تبنيها بسبب عدم وجود خيار آخر. وتوقع الجيش الإسرائيلي أنها كارثة قد تتكرر إذا استمرت طريقة العمل الحالية.

الحادثة أثارت صدمة كبيرة في العالم. ولكن إسرائيل استقبلتها باللامبالاة. الجهة الرسمية الوحيدة التي كلفت نفسها عناء التطرق للحادثة هو المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي، دانييل هاغاري، الذي عرض على وسائل الإعلام نتائج التحقيق العسكري الأولية في الأمر. ولأنه لا يمكن لأي عمل جيد أن يمر بدون عقاب، فقد حظي هاغاري على الفور بمقال تصفية مليء بالأخطاء في القناة 14، ربما كيلا يدخل الجنرالات لرؤوسهم عدداً أكبر من اللازم للأفكار حول إدارة سياسة إعلام مستقلة.

الحبل الذي أعطي للعمليات العسكرية الإسرائيلية يقصر، على الأقل في شهر رمضان. في أعقاب الحادثة، أنزلت الولايات المتحدة إرساليات مساعدة أولية للقطاع، وتنوي إنزال أخرى بنفس الطريقة. منذ ذلك الحين، وإسرائيل تسمح بإدخال مساعدات أكبر للفلسطينيين. الأمم المتحدة طلبت وحصلت من إسرائيل على مصادقة لإدخال معدات اتصال وتوجيه إلى القطاع (هواتف محمولة وأجهزة جي.بي.اس) للتمكين من اتصال أفضل مع القوافل التي تنقلها المنظمات الدولية. مساء الجمعة، استأنف الاتحاد الأوروبي تقديم المساعدات المالية للأونروا، التي توقفت بعد أن كشفت إسرائيل معلومات استخبارية عن مشاركة موظفين في مذبحة غلاف غزة.

من سارعت إلى قراءة الصورة وترجمتها لأغراضها الخاصة هي حماس: يبدو أنها تتصلب مرة أخرى في مواقفها بشأن المفاوضات حول صفقة المخطوفين لشعورها بأن الوقت يعمل في صالحها، وأن تهديد إسرائيل باحتلال رفح غير حقيقي، وبالتأكيد غير فوري. بقيت عدة خلافات جوهرية في المفاوضات، أهمها يتعلق بطلب حماس الحصول على ضمانات وقف الحرب بعد الانتهاء من إطلاق سراح المخطوفين في الدفعتين. وثمة خلاف آخر حول طلبها السماح للمدنيين بالعودة إلى شمال القطاع (في هذه الأثناء، الجيش الإسرائيلي يمنع الوصول إلى الشمال بواسطة الممر الذي يحتله والموجود في جنوب غزة). السؤال هو: هل سيكون الضغط الذي سيمارسه الأمريكيون والوسطاء المصريون والقطريون ثقيلاً وناجعاً للتوصل إلى اتفاق بين الطرفين؟

الحادثة في غزة تزيد تخوفات الغرب من تفشي الفوضى على صيغة الصومال. في جزء من المحادثات يسمع الأمريكيون من المستوى السياسي الإسرائيلي بأن بقاء حماس في السلطة هو احتمالية أسوأ من الفوضى في القطاع. وعلى أي حال، بدون صفقة هناك خطر استمرار القتال الذي ستكون نتيجته موت المدنيين (“عدد كبير من المدنيين الأبرياء قتلوا”، قالت هاريس)، وتفاقم الأزمة الإنسانية.

ربما تثور عاصفة أخرى هنا بسبب شهر رمضان؛ فالصور التي تأتي من غزة ربما تؤجج النفوس في الدول العربية فتنطلق موجة جديدة من المظاهرات وأعمال الشغب المناوئة لإسرائيل، التي ستتسبب أيضاً بخطر داخلي على استقرار الأنظمة. يمكن الافتراض أن الوزير بني غانتس قد سمع بكل هذه الأمور في المحادثات التي أجراها مع جهات رفيعة في الإدارة الأمريكية. مشكوك فيه إذا كان رجال بايدن يعلقون آمالاً على النجاح في تمرير رسالة من خلال غانتس لنتنياهو، حيث ينشغل الأخير بشكل كبير في تظاهره بالإهانة بادعائه أن الأمريكيين قد تجاوزوا البروتوكولات بتوجيه دعوة لغانتس بدون موافقته.

———————————————

معاريف 5/3/2024

تقدم بطيء بمفاوضات تحرير المخطوفين

بقلم: جدعون كوتس وآخرون

على خلفية التقارير عن الازمة في الاتصالات لصفقة تحرير المخطوفين أفادت “وول ستريت جورنال” الأميركية أمس بوجود تقدم بطيء في المفاوضات وبأن هناك تقديرا بأنه سيكون ممكنا عقد الصفقة قبل رمضان.

ومع أنه حسب التقرير قال زعيم حماس السنوار إنه “لا عجلة للوصول إلى اتفاق”، قال مصدر رفيع المستوى للمنظمة للصحيفة أن الأسبوع الأول من رمضان هو موعد هدف حقيقي أكثر لصفقة بين الطرفين.

وقال مصدر في حماس لـ “رويترز” أول من أمس إن اليوم الثاني من المحادثات في القاهرة تواصل دون صلة بتواجد أو غياب الوفد الإسرائيلي.

وقال مصدر آخر في حماس لشبكة “الميادين” إن إسرائيل ترفض إعطاء أجوبة واضحة لمطالب حماس – وقف نار كامل، خروج القوات من غزة وعودة سكان غزة إلى بيوتهم. في إسرائيل يدعون بأن حماس لن ترفع أي معلومات عن مطالبها وجاء بأن “المنشورات غير صحيحة، حماس لم ترفع شيئا”.

وأعربت مصادر مصرية وقطرية أول من أمس عن تخوفها من أنه حتى لو توصل الطرفان إلى توافقات، يبقى تحدي مركزي، خلق اتصال مع يحيى السنوار، تقول “وول ستريت جورنال” في تقريرها أنه مقطوع الاتصال منذ أسبوع على الأقل.

في أعقاب التقرير عن الرسائل التي نقلها السنوار إلى القيادة في قطر، يخشون في إسرائيل من أن يفضل زعيم حماس في القطاع تشديد التوتر اثناء شهر رمضان من الوصول إلى هدنة في القتال.

وأوضحت مصادر في إسرائيل أمس بأن حماس اتخذت قرارا بعدم التقدم مع تفاصيل الصفقة. وأضافت تلك المصادر بأن إسرائيل لم تطلب قائمة المخطوفين الأحياء بل طلبت عدد المخطوفين الأحياء كي تخلق حوله مفاتيح التحرير وعدد السجناء الذين سيتحررون.

هذا ووصل رئيس وزراء قطر محمد آل ثاني في هذه الاثناء إلى محادثات إستراتيجية في واشنطن وهو سيلتقي مع وزير الخارجية انطوني بلينكن. وتواصل الولايات المتحدة ممارسة الضغط للوصول إلى صفقة حتى رمضان.

ودعت نائبة الرئيس كاميلا هاريس حكومة إسرائيل قبل يومين لبذل مزيد من الجهود لزيادة حجم المساعدات إلى القطاع بينما يعاني السكان من كارثة إنسانية خطيرة. كما دعت هاريس الى وقف نار يسمح بتحرير المخطوفين وإدخال مزيد من المساعدات.

والى ذلك، قبل أسبوع فقط من رمضان لم يحسم جهاز الأمن والمستوى السياسي موضوع كيفية الاستعداد هذه السنة لوصول المصلين المسلمين إلى الحرم في هذا الشهر.

يعتقد وزير الأمن القومي ايتمار بن غفير بأن من الصواب هو تقييد عدد المصلين في الحرم ببضعة آلاف فقط. وذلك لأجل السماح للشرطة لاستعداد أفضل وقدرة رد سريعة إذا ما نشبت أعمال عنف.

بالمقابل، أوضح المفتش العام الفريق شرطة يعقوب شبتاي للوزير بأن موقفه هو السماح بدخول عرب إسرائيل والفلسطينيين من الضفة في ظل تقييد عددي ما على حجاج الحرم، وذلك لاعتبارات الأمان. اما في الشباك فطلبوا عدم فرض قيود على الإطلاق تخوفا من اشتعال المنطقة.

———————————————

تايمز أوف إسرائيل 5/3/2024

البيت الأبيض يتجه للمطالبة بوقف فوري غير مشروط لإطلاق النار في غزة

يبدو أن البيت الأبيض يدفع باتجاه وقف فوري لإطلاق النار في غزة سواء تم إطلاق سراح الرهائن أم لا. جيكوب ماجد – تايمز أوف إسرائيل.

صفق حشد كبير في ولاية ألاباما لنائبة الرئيس كامالا هاريس بعد دعوتها للتنفيذ الفوري لوقف إطلاق النار، في إشارة إلى هدنة تستمر لستة أسابيع، كما هو مطروخ حاليا على الطاولة. وبررت هاريس هذه الدعوة للهدنة بالمعاناة الهائلة في غزة والضغوط الكبيرة على الإدارة لتشجع التفاوض بشأنها. وهو ما سيؤدي لإطلاق سراح الرهائن وزيادة المساعدات الإنسانية لغزة.

وقالت هاريس: “سيسمح لنا هذا ببناء شيء أكثر استدامة لضمان أمن إسرائيل واحترام حق الشعب الفلسطيني في الكرامة والحرية وتقرير المصير”. وتتوافق تصريحاتها مع سياسة أمريكية طويلة الأمد مفادها أن أفضل طريقة لتأمين الهدنة هي من خلال صفقة الرهائن.

ومع ذلك، فإن الارتياح المتزايد الذي استخدم به مسؤولو الإدارة مصطلح “وقف إطلاق النار” في الأسابيع الأخيرة قد يشير إلى أن البيت الأبيض يتجه نحو المطالبة بوقف غير مشروط لإطلاق النار، بغض النظر عما إذا كان سيتم إطلاق سراح الرهائن أم لا.

———————————————

يديعوت أحرونوت 5/3/2024

نتنياهو مصمم على خسارة الولايات المتحدة

بقلم: بن درور يميني

وجّه الكاتب الإسرائيلي بن درور يميني انتقادات حادة إلى الطريقة التي يتعامل بها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مع المبادرات التي تطرحها الإدارة الأمريكية بشأن الحرب في قطاع غزة.

وقال يميني في مقال نشره، اليوم الثلاثاء، في صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية “نتنياهو يصر على خسارة الولايات المتحدة، ويقوم بكل ما هو ممكن للدخول في مواجهة مع الأمريكيين، ويرفض أي مبادرة أمريكية”.

وأضاف أن مطالبة نائبة الرئيس الأمريكي كاميلا هاريس بوقف إطلاق النار في غزة لستة أسابيع “يضع علامة تحذير كبيرة أمامنا”، موضحا أن إسرائيل يمكن أن تقلل من شأن ما قالته هاريس، بافتراض أن “نتنياهو الذي قاد سياسة العمى الإستراتيجي حتى اليوم سيواصل اتباع السياسة نفسها”.

”الشرعية اليمنية لديها خياران فقط”..كاتب واكاديمي سعودي يكشف عن خيارين لإجبار الأمم المتحدة على احترام الحكومة والرضوخ لمطالبها

مسؤول إسرائيلي: غانتس لا يمثل إسرائيل في زيارته المثيرة للجدل إلى الولايات المتحدة

”هذا هو السبيل الوحيد للتغلب على الحوثي”..كاتب صحفي يكشف طريق النجاة من الحوثيين

وتابع يميني “لا ينبغي أن تنتظر إسرائيل أن يطالب المتظاهرون أو هاريس أو بيرني ساندرز (عضو مجلس الشيوخ الأمريكي) بوقف إطلاق النار في غزة، بل يجب أن نقترح ذلك بأنفسنا مقابل إطلاق سراح الأسرى ونزع سلاح قطاع غزة”.

وأوضح يميني أن إسرائيل لا تزال في مرحلة من “الفشل الاستراتيجي المستمر لخمسة أشهر”، وكان يجب على نتنياهو أن يعرف أن الحرب في غزة ليست فقط عسكرية بل سياسية أيضا، وأن حماس قد تدفع ثمنا كبيرا للمواجهة العسكرية، لكنّ هناك أيضا ثمنا سياسيا لمشاهد الموت والدمار.

غانتس بديلا لنتنياهو

وقال يميني “إسرائيل كان يمكنها اقتراح وقف إطلاق النار مرارا لتقوية مركزها السياسي، ولكنها اختارت استراتيجية ‘المطرقة والسندان’ التي حتى لو كانت مبررة عسكريا، فإنها غبية سياسيا عندما تكون الاستراتيجية الوحيدة المطروحة على الطاولة”.

وأضاف “حتى لو كان نتنياهو أعمى، فإننا نأمل أن يكون بيني غانتس عضو وزارة الحرب، ومعه نائبه غابي آيزنكوت، البديل الذي لا يتنازل عن الخيار العسكري، لكن يعطي دفعة لجهود إسرائيل الدبلوماسية”.

وانتقد الكاتب الإسرائيلي أيضا كلا من غانتس وآيزنكوت “لأنهما ظلا صامتين تجاه سياسة نتنياهو كل هذه المدة، ولم يقدما البديل المنشود حتى اليوم”.

وتابع يميني “لا يمكن أن نسمح لأنفسنا بالمخاطرة بخسارة الدعم الأمريكي، لأن هذا بمثابة انتحار، ولا حاجة لهاريس لإعلان وقف إطلاق النار من جانب واحد بشروطنا، لنمنع مثل هذا الطلب من الحكومة الأمريكية”.

——————انتهت النشرة——————