إسرائيلياتالصحافة العبرية

الصحافة الإسرائيلية …الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية

هآرتس 8/3/2024

الوهم في أن لجنة للتحقيق في 7 أكتوبر سيكون الحال مختلفاً

يديعوت احرونوت – بن – درور

ليس واضحا ما الذي نحتاجه أكثر كي نعرف بان لجنة التحقيق الرسمية الوحيدة التي نحتاجها هي لجنة لفحص جدوى لجان التحقيق. او الادق السخافة التي في لجان التحقيق. لا حاجة لها هي زائدة فهي ليست فقط غير مجدية بل انها ضارة بشكل عام. من اللحظة التي نشرت فيها استنتاجات لجنة التحقيق في كارثة ميرون، فان البحث يجري فقط حول موضوع واحد قطع الرؤوس، واساسا رأس رئيس الوزراء. فنحن نعرف مسبقا بانه لن يأخذ أي مسؤولية. واذا كان احد ما سيأخذ مسؤولية – فهذا سيكون في مستوى متدن.

ولم ننتهي بعد من لجنة واحدة، قريبا جدا سيعلو الغبار على صفحاتها في الأرشيف، واذا بنا نكون أمام اللجنة التي تبعث الزبد على شفاه معظمنا. اللجنة لفحص الإخفاق الأعظم الذي أدى الى مذبحة 7 أكتوبر. ومنها أيضا لن يخرج أي شيء. نهايتها تبدأ قبل أن تتشكل ضباط في الجيش الإسرائيلي كمن كشف هذا الأسبوع في “يديعوت احرونوت” و “واي نت” بدأوا يتلقون مشورة قانونية وهم يعرفون بالضبط ما يفعلون. لجنة تحقيق ستقوم، وعلى رأسها سيكون قاض، لان هذا ما يفترضه القانون. كثيرون سيمتثلون امام اللجنة الكبار بينهم مع حاشية من المحامين، وهم الوحيدون الذين يفركون أيديهم بهجة سيكون لهم عمل كثير.

هذه اللجان تعمل بصيغة محكمة. عندما يصل اليها مسؤول كبير ما مع محام، وعندما يخرج في نهاية الاجراء شيء ما يشبه قرار محكمة – فهذه لا تعود لتكون لجنة فحص او تحقيق.

هذه هيئة قضائية. يوجد أفراد، مثل رئيس الأركان، مثل رئيس أمان، اخذوا المسؤولية منذ الان وهم لا يحتاجون لاي لجنة. لكن بسبب اللجنة ستكون النتيجة معاكسة. المسؤولون على انواعهم سيصلون الى اللجنة لا كي يرووا بانهم مسؤولون عن شيء ما بل العكس. عندما تتصرف اللجنة كمحكمة فان كل مسؤول يشهد امامها سيأتي كي يروي بانه كان رائعا فعل كل ما يجب. وحتى لو كان لشاهد ما – فتقريبا كل شاهد هو بمثابة متهم – نوايا لان يقول : أخطأت اذنبت فان المحامي الذي استأجره سيقول له انه ملزم بان يقول العكس. لمثل هذه اللجان يأتي الناس كي يتنكروا للمسؤولية، لا أن يأخذوها. هكذا كان في كل اللجان التي تشكلت حتى اليوم، بما فيها اللجنة التي سمعنا استنتاجاتها امس. فهل يعيش احد ما الوهم بان في لجنة التحقق في 7 أكتوبر سيكون الحال مختلفا؟

نحن بحاجة الى لجنة تحقيق. لكن ليس الى لجنة أخرى من النوع الذي ادمنا عليه، من لجنة اغرانات، التي عنيت بحرب يوم الغفران ، عبر لجنة أور التي عنيت باضطرابات عرب بإسرائيل في أكتوبر 2000 وحتى لجنة فينوغراد التي عنيت بحرب لبنان الثانية. فهل هذه اللجان حسنت شيئا ما او غيرت شيئا ما. صفر. فمعظم الخطاب الجماهيري كرس للاستنتاجات الشخصية. السنوات تمر ونحن نعرف ان الكثير منها مغلوط. لجنة اغرانات أدت الى تنحية رئيس الأركان في حينه دافيد العازار بقدر ما انكشفت نتائج أخرى تبين انه ظلم. لجنة اور أدت الى صرف شلومو بن عامي من الحياة العامة. خسرنا أحد السياسيين الجيدين الذين كانوا لنا. لجنة فينوغراد لم تتوقع الإخفاق الأكبر، وبالطبع لم تثبت أدوات لمنعها، لتزود حزب الله بـ 150 الف صاروخ ومقذوفة صاروخية. اذن ما الذي بالضبط اجدته؟ ” في أماكن كثيرة تسببت لجان التحقيق بالضرر اكثر مما بالنفع”، كما كتب غيورا آيلند، الذي اطلق أساس انتقاده المرة تلو الأخرى على لجان عنيت باخفاقات عسكرية واستراتيجية وعلى لجنة اغرانات بخاصة.

هذه اللجان تعنى أيضا بمواضيع استراتيجية ليس فقط رئيس اللجنة قاض، بل أيضا أعضاء آخرون في داخلها. ماذا يتفوق فيه هؤلاء القانونيون على الآخرين من اكاديميين ، باحثين او حتى سياسيين مجربين، في الشؤون الاستراتيجية؟ في المستوى الجماهيري تخلق هذه اللجان خلافا أكثر مما تخلق من توافق هذه لجنة سياسية، سارع نتنياهو لان يعقب امس وكأن أحدا ما توقع منه ردا آخر احد من مؤيدي نتنياهو لم يقتنع من لجنة تلقي عليه مسؤولية، مثلما لن يتحول أي واحد من معارضيه ليصبح مؤيدا له اذا كان مستوى المسؤولية التي تلقى عليه اقل مما توقع. ليس اقل من مقصلة.

إذن ماذا نعم؟ لجنة رسمية بعضوية خبراء في المجال موضع الفحص، لغرض استنتاجات عملية تؤدي الى الإصلاح. لا حاجة الى قاض. من المفضل بروفيسور أو مهندس كبير للتحقيق في الأداء القاضي يفهم في تحديد المسؤولية والذنب. فاولئك الذين على أي حال اخذوا على أنفسهم المسؤولية – سيستقيلون على أي حال هم اخطأوا هم لم يجرموا. وفى ملاحظة جانبية، هذا ليس واضحا على الاطلاق ان الاستقالات الجماعية التي ستقع علينا هي الامر الصائب. يحتمل أن بالذات من اكتوى بالنار سيكون اكثر حذرا. إذ ربما فقط ربما هم بالذات، رغم انهم اخطأوا ، هم من نحتاجهم؟ الواحد والوحيد الذي يرفض أخذ المسؤولية ومعظم الجمهور يعتقد بانه يتحمل أساس المسؤولية – يرفض ويواصل رفض أخذ المسؤولية. هو رفض امس، وهو سيواصل الرفض في المستقبل. ولا يمكن لاي شيء تكتبه اللجنة في اطار الاستنتاجات الشخصية سيؤثر عليه.

إسرائيل بحاجة الى مسار خروج من الازمة الأخطر التي دخلت اليها في اعقاب الإخفاقات التي أدت الى أكتوبر. توجد حاجة الى الفحص. توجد حاجة الى الاستنتاجات. لكن لجنة تحقيق بالصيغة القديمة والسيئة لن تحل أي مشكلة. ستفاقمها فقط.

———————————————

هآرتس 8/3/2024

الحرب اصبحت انتقاماً بدون هدف

بقلم: يوسي كلاين

الحرب التي بدأت كرد مناسب وتحولت الى حملة انتقام تطرح الاسئلة على من دخل اليها كوطني وهو الآن ممزق بين واجب الامتثال كجندي وبين القرف من القادة السياسيين.

بالانتقال من الرد الى الانتقام تم طمس الخط الفاصل بين الحرب العادلة والحرب الزائدة، الآن يدور الحديث عن انتقام بدون هدف. في أي طرف يجب أن يقف الوطني؟ من جعلوا انفسهم مراقبين في الاستوديوهات وفروا لنا المشاهد، لكن الادعاء بأننا نحن اكثر اخلاقية” شطب من قائمة ادعاءاتنا. المجتمع لدينا هو مجتمع عسكري ليس فقط بذنب منا. الاخلاق في مجتمع كهذا ليست ورقة رابحة هي تحارب ليس فقط من اجل الدفاع عن نفسها وأمنها، بل من اجل كرامتها وهيبة جيشها.

في مجتمع كهذا تتسرب العسكرية الى كل مجالات الحياة السياسة والتعليم والاقتصاد. هي السبب الذي من اجله يعتبرون المخطوفين عائق امام تحقيق الانتصار. والسبب في أنه يوجد لـ “اخوة في السلاح” مكانة، التي هي في مجتمع سليم يتم حفظها للمفكرين.

اخوة في السلاح” هم رجال احتياط دائمين في اجازة مؤقتة. هم فئة عمرية ومكانة مجتمعنا يقوم عليها. هم يحملون على أكتافهم الاقتصاد والثقافة والأمن هم النخبة هذا جميل جدا، يقول لهم بيبي وغفني، استمروا هكذا. لأنه اذا لم تكونوا أنتم فمن الذي سيمول العاطلين في طبريا وعراد وصفد وبني براك؟ من الذي سيمول ويحمي هذه المدن بعد عشرين سنة عندما ستنضم رحوفوت وحولون اليها؟

نتنياهو ايضا يعتمد عليهم. فقد حقق نجاح شخصي من الاهمال (لم يقولوا لي في حينه. اذا انا لا اعرف) التزامهم بالدولة أكبر من التزامه التهديد بأنهم لن يتطوعوا يخيفه التهديد وليس المظاهرات هو الذي أوقف الانقلاب النظامي. هؤلاء (ليس هو) هم الذين يجب أن يسألوا هل استمرار حرب لا يضر بالدولة؟ هل الانتخابات ستضر بها؟ هل النظام الفاسد لا يعرض الدولة للخطر أكثر من استمرار التشريع الذي بسببه خرجوا للاحتجاج؟ الوطنية هي جعلتهم يخرجون الى الشوارع، وهي التي تلزمهم بالدعوة الى وقف القتال واعادة المخطوفين واجراء الانتخابات على الفور.

يجب الاصغاء اليهم وليس للمحللين الذين يقولون لمصلحتكم نحن لن نقول لكم كل شيء، أو لنتنياهو مع الصرعة الجديدة له “الانتخابات هي انتصار لحماس” معارضته للانتخابات هي توصية باجرائها. ما هو شر له هو خير لنا. المشاهدون في البيوت يمكن لنتنياهو أن يضحك عليهم، وليس على “اخوة فى السلاح”. هؤلاء توجد لديهم أدوات كى يفهموا الى أين تسير الحرب. يجب علينا تصديقهم. الجيش ما زال يحظى بثقة الجمهور. هذه الثقة آخذة في التآكل، ليس فقط الاكاذيب تقضم الثقة، ايضا انصاف الحقائق تفعل ذلك. المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي يصدقه الآن عدد أقل. المحللون العسكريون لا يصدقهم أي أحد اذا على من يمكن الاعتماد؟

على اسئلة اذا كان استمرار الحرب حيوي أو هل هذا هو الوقت المناسب لاجراء الانتخابات، أنا اعتمد على اجابة نوعم تيفون وليس على اجابة نير تبوري. اعتمد اكثر على يثير غولان وأقل على الون بن دافيد هم ليسوا مقطوعين عن الواقع. غزة ليست كوكب مختلف. هم يعرفون أن الحكومة الآن بعد أن ارسلت الشباب الى غزة هي في خطر أكبر مما كانت من قبل عندما قاموا بالتظاهر ضدها.

هم يعرفون السبب الذي من أجله سيكون هناك عدد اكبر لايام الاحتياط. هم يرون الى أين تذهب الاموال ويسمعون عن التعيينات الفاسدة. هم يرون الاستعداد للحرب الاهلية الأنوية التوراتية، المدارس العسكرية التمهيدية، شبيبة التلال الذين سيحرقون الدولة والضفة الغربية وكل المنطقة (الويل عفوا هذا لن يحدث لنا).

ما الذي سيفعله الذين تظاهروا في كابلان وتطوعوا بحماس عندما سيعرفون الى أين تؤدي الحرب؟ هل سيبقون السياسة خارج الجيش أم أنهم سيحاربون من اجل الدولة؟. “الحرب من اجل الدولة لا توجد فيها مساومة” ، قالوا عندما قاموا باغلاق طريق المطار. هذا جيد نحن سنراهم الآن في اختبار التجند لانقاذ الدولة في تشرين الاول هم وقفوا بكرامة. وماذا بشأن انقاذ الدولة من نفسها؟ نحن بحاجة الى الانتخابات والآن مكانة اخوة فى السلاح” تسمح لهم بالدفع من اجل الوصول اليها محظور أن يتحولوا الى سياسيين. هم يجب عليهم أن يكونوا مدنيون لا يمكن للسياسيين أن يقوموا بخداعهم. من شاهد كجندي العالم من وراء شعرة البندقية سيواصل رؤيته هكذا حتى عندما سيخلع الزي العسكري، لكن هل الغريق سيدقق في اختيار من سينقذه؟.

———————————————

 هآرتس 8/3/2024

رمضان بلا صفقة وإسرائيل نحو تسونامي سياسي و”حل الدولتين” ذريعة لفيتو واشنطن

بقلم: عاموس هرئيل

كلما اقترب شهر رمضان يزداد التشاؤم حول احتمالية التوصل إلى صفقة لإطلاق سراح المخطوفين. ظاهرياً، قد تنضج العملية حتى بعد بداية رمضان، لكنه كان التاريخ الهدف الذي حددته الإدارة الأمريكية – حتى الآن لا تظهر أي انعطافة. يبدو أن ديناميكية كلاسيكية للمفاوضات تعمل هنا. تبدو الاحتمالات ضئيلة، والوسطاء لا يظهرون أي تفاؤل، حتى اللحظة الأخيرة. نأمل بحدوث تقدم، لكن الفجوة بين مواقف إسرائيل ومواقف حماس ما زالت كبيرة جداً. وثمة شك بوجود رغبة حقيقية في التوصل إلى اتفاق لدى الطرفين.

ألقى الرئيس الأمريكي جو بايدن، هذا الأسبوع، المسؤولية على حماس، وقال إن إسرائيل ردت بالإيجاب على الخطة التي عرضتها الولايات المتحدة ومصر وقطر، والمطلوب رد إيجابي من حماس. وهو رد لم يصل حتى الآن. الخطة الأساسية التي تم عرضها في جولات المحادثات في باريس والقاهرة أصبحت معروفة: حماس تطلق سراح 35 إسرائيلياً في المرحلة الأولى من الذين اختطفوا في 7 تشرين الأول، نساء ومسنين ومرضى ومصابين. في المقابل، تطلق إسرائيل سراح بضع مئات من السجناء الفلسطينيين، وسيعلن عن وقف لإطلاق النار لستة أسابيع، تتم في أثنائه مناقشة إطلاق سراح جميع المخطوفين. في القطاع اليوم 134 إسرائيلياً محتجزاً، وأعلن الجيش الإسرائيلي عن موت 33 منهم، لكن العدد الحقيقي للقتلى أكبر من ذلك.

هناك ثلاث نقاط رئيسية مختلف عليها الآن بين الطرفين: عدد السجناء “المهمين” الذين سيتم إطلاق سراحهم، وطبيعة الانتقال إلى وقف إطلاق النار الدائم وإنهاء الحرب، وحجم إعادة السكان الفلسطينيين إلى شمال القطاع. حسب مصادر مطلعة على المفاوضات، تطالب حماس بأن تشمل المرحلة الأولى إطلاق سراح حوالي 100 سجين من الملطخة أيديهم بالدماء، أي الذين قتلوا إسرائيليين؛ وافقت إسرائيل على إطلاق سراح 10 سجناء فقط. تريد حماس بعد ذلك الانتقال إلى المرحلة الثانية، وهي إعادة المخطوفين الآخرين الذين ما زالوا على قيد الحياة وعشرات جثامين الإسرائيليين الذين تم اختطافهم والآن جثثهم محتجزة في غزة، مقابل انسحاب كامل للجيش الإسرائيلي من القطاع (عملياً إنهاء الحرب وبقاء حكمها)؛ أما إسرائيل فلا تتعهد بذلك. وتطالب حماس أيضاً بإعادة جميع سكان شمال القطاع إلى بيوتهم التي دمرها الجيش الإسرائيلي أثناء الحرب، في حين أن إسرائيل مستعدة لإعادة النساء والأطفال فقط.

القضية الأهم تتعلق باستمرار القتال. حماس تعتقد أن إطلاق سراح المخطوفين سيكون السلم الذي سيمكن فيما بعد من الخروج من حالة القتال، ومعه بوليصة التأمين لقيادتها. إسرائيل غير مستعدة لذلك.

حتى لو تم استكمال النبضة الأولى في الصفقة الجديدة، فربما تنفجر المفاوضات حول النبضة الثانية التي ستناقش فيها إعادة الجنود والرجال تحت جيل الخمسين والجثامين، مقابل إطلاق سراح آلاف السجناء الفلسطينيين.

في هذا الأسبوع، وسع الجيش الإسرائيلي قطاع عملياته في خانيونس ودخل إلى الحي الذي بنته حكومة قطر، أبراج حمد، الواقع شمال غربي المدينة. اعتبرت المنطقة هدفاً جديداً على خلفية معلومات استخبارية عن وجود الكثير من المخربين من قوات النخبة الذين يختبئون هناك. تم اعتقال عشرات من رجال حماس في هذا الحي وقتل عشرات بنار الجيش الإسرائيلي. المقاومة هناك لم تعد منظمة؛ ففي خانيونس لم تبق أي كتائب منظمة لحماس، بل خلايا عصابات صغيرة تعمل بشكل مستقل.

حتى الآن، تظهر العملية في خانيونس وكأن الجيش يبحث لنفسه عن عمل مؤقت، في الوقت الذي ينتظر فيه الأوامر الجديدة. لم يتنازل جهاز الأمن عن جهود العثور على رؤساء حماس في القطاع، يحيى السنوار ومحمد ضيف. ولا يجب استبعاد إمكانية أنهما وجدا ملجأ جديداً تحت الأرض في منطقة خانيونس.

في مرحلة متأخرة، في ظل عدم وجود صفقة، سيطرح السؤال: إلى أين سيصلون قبيل نهاية شهر رمضان – مخيمات اللاجئين التي بقيت في وسط القطاع (النصيرات ودير البلح) أو رفح. التعقيدات في رفح معروفة: اكتظاظ كبير للمدنيين، ومطالبة المجتمع الدولي بالسماح بخروج المدنيين من هناك بأمان. في المقابل، الكتائب الأربع التي بقيت لحماس في رفح لا تعتبر قوية، وخلال السنين سادت ظاهرة الفساد في قيادتها العليا. ثمة قاسم مشترك للعملية في رفح، إضافة إلى ملاحقة السنوار والضيف. فبدون هزيمة حماس، بالتأكيد في ظل غياب النصر المطلق الذي يعد به رئيس الحكومة دائماً، تبحث إسرائيل عن صورة انتصار. اغتيال قادة حماس قد يوفر البديل عن النصر. في حين أن العملية في رفح ستكون طويلة وباهظة الثمن وأكثر تعقيداً، ولكن قد تدعي إسرائيل بعدها بأنها قد دمرت بنية حماس العسكرية في كل القطاع.

لكن ظل عدم وجود صفقة ووقف لإطلاق النار، ربما يتطور نوع من نسخة مصغرة لحرب لا تنتهي بين روسيا وأوكرانيا. تقف إسرائيل أمام عملية استنزاف في جبهتين، لبنان وغزة، وهي في هذه الأثناء لا تستطيع إنهاء الحرب. الأعداء يصممون على مواصلة القتال، حتى مع كثرة خسائرهم وعدم تحقيقهم إنجازات حقيقية جديدة.

الخروج من عنق الزجاجة

في محادثات جرت بين جهات اسرائيلية رفيعة والإدارة الأمريكية، ظهر قلق أمريكا من سيناريو التدهور إلى أزمة إنسانية شديدة، لا سيما في شمال القطاع. في الأسبوع الذي مر بعد كارثة الشاحنات في غزة، التي قتل فيها أكثر من 100 غزي في أعمال الفوضى حول قافلة المساعدات (بعضهم بنار الجيش الإسرائيلي)، تم بناء على طلب منهم زيادة حجم المساعدات التي يجب إدخالها إلى القطاع. بعض هذه المساعدات يتم إنزالها بالطائرات، وفي القريب سيتم فتح ميناء بحري بإشراف الغرب عن طريق قبرص. مساء أمس، أعلن الرئيس الأمريكي عن إقامة ميناء على شاطئ قطاع غزة يسمح باستيعاب مئات إرساليات المساعدات الإنسانية كل يوم. قائد قيادة المنطقة الوسطى في الجيش الأمريكي، الجنرال مايكل كوريلا، أجرى جولة في معبر رفح في الطرف المصري، واكتشف في المحادثات مع سائقي الشاحنات أن بعضهم موجودون هناك منذ أسابيع. والأمريكيون يحثون إسرائيل على كسر هذه الاختناقات وضمان وصول المساعدات بشكل منظم وسريع.

عندما حذر إيهود باراك في 2011، الذي كان في حينه وزير الدفاع، من “تسونامي سياسي” يتربص بإسرائيل، لم يتحقق هذا التحذير، واستخف به مؤيدو نتنياهو. ولكن على خلفية إطالة مدة الحرب في القطاع، يبدو أنه يقف الآن أمام إسرائيل، في أوساط الديمقراطيين في الولايات المتحدة وفي حكومات غربية متعاطفة، التي يفحص بعضها اتخاذ خطوات رمزية للمضي بالاعتراف بالدولة الفلسطينية.

هولندا، ومؤخراً بريطانيا، بدأتا مناقشة فرض قيود على تصدير السلاح لإسرائيل أثناء الحرب، إزاء انتقادات داخلية لإدارة الحرب في غزة. هناك أيضاً تخوف متزايد من محاولة أوروبية للعمل ضد ضباط كبار في الجيش الإسرائيلي في الساحة القضائية الدولية بسبب دعاوى ارتكاب جرائم حرب. بالنسبة لأغلبية الجمهور الليبرالي في الغرب، يبدو أن فظائع 7 تشرين الأول تم طمسها منذ زمن، والحديث الآن يدور عن خطر الجوع في القطاع وعن مليون لاجئ تقريباً يتجمعون في رفح.

في الخلفية، كما أشار بايدن، ينتظر خطر شهر رمضان. ومن دون صفقة وهدنة، ربما ترتفع الحرارة في الحرم، وربما في كل العالم العربي، إلى درجة الوصول إلى موجة جديدة من مظاهرات التماهي مع الفلسطينيين في العواصم العربية كما حدث في بداية الحرب. نعومي نويمان، رئيسة الأبحاث السابقة في “الشاباك”، كتبت في مقال نشرته في موقع معهد واشنطن لأبحاث الشرق الأوسط، بأنه إذا لم تخطُ السلطات الإسرائيلية بشكل حذر، فسيتفاقم الوضع في “المناطق” [الضفة الغربية] بشكل دراماتيكي في شهر رمضان.

أججت حماس مؤخراً حملة “الأقصى في خطر” في محاولة لتوسيع ساحة الحرب. في الواقع الذي يزداد فيه عدد الشبان الفلسطينيين في الضفة الذين يتعاطفون مع المسار العنيف الذي ترسمه حماس، كما كتبت نيومان، فمن المهم لإسرائيل أن تبث وجود صيغة بديلة إيجابية في الساحة الفلسطينية، من خلال إظهار بعض المرونة تجاه الاقتراحات الأمريكية.

كما يبدو لن يحدث هذا في القريب بسبب رغبة نتنياهو في الحفاظ على التحالف مع الجناح اليميني المتطرف في حكومته. وهناك مصادر أمنية في إسرائيل تلاحظ الآن نطاقاً من التفاهمات الممكنة مع الولايات المتحدة. وحسب قول هذه المصادر، سيكون كافياً إصدار تصريح إسرائيلي عام لا يستبعد حل الدولتين، للحفاظ على استعداد أمريكا لمواصلة استخدام الفيتو ضد أي مشاريع قرارات معادية في مجلس الأمن ومواصلة تزويد إسرائيل بالسلاح وقطع الغيار.

تحاول إسرائيل خلق شعور بإلحاحية مرضية لدى الأمريكيين حول الحاجة للتوصل إلى اتفاق سياسي في المنطقة الشمالية. مصدر أمريكي رفيع قال مؤخراً إن حوالي 12 شخصاً إسرائيلياً يعرفهم أرسلوا له منشوراً كتبه أحد المدونين الإسرائيليين في الإنترنت، الذي يكتب بالاسم المستعار “أبو علي اكسبرس”، يحذر فيه بأن إسرائيل ستضطر إلى شن حرب شاملة ضد “حزب الله”.

———————————————

هآرتس 8/3/2024

موت 27 غزياً في معتقلات هي أقرب لحظائر الحيوانات.. وشهادات: ضرب وسرقة واعتداءات جنسية

بقلم: هاجر شيزاف

27 معتقلاً غزياً ماتوا منذ بداية الحرب في المنشآت العسكرية التي احتجزوا فيها داخل إسرائيل، حسب بيانات وصلت “هآرتس”. المعتقلون ماتوا عندما اعتقلوا في قاعدة “سديه تيتمان” قرب بئر السبع، وفي قاعدة “عنتوت” قرب القدس أو أثناء التحقيق في مراكز تحقيق أخرى في إسرائيل. الجيش الإسرائيلي لم يعط أي معلومات عن ظروف موتهم، لكنه أشار لوجود من أصيبوا في القتال وآخرون عانوا من وضع صحي معقد قبل الاعتقال.

اعتقال سكان القطاع تم بقوة قانون “المقاتلين غير القانونيين” الذي يسمح بسجن من شارك في نشاطات عدائية ضد الدولة ولا يعتبر أسير حرب، وذلك دون محاكمة. في كانون الأول أجرت الحكومة تعديلاً على القانون الذي يشدد ظروف الاعتقال ويسمح باحتجاز المعتقلين – المشتبه بتورطهم في الإرهاب، مدة 75 يوماً بدون تقديم للمحاكمة.

معظم الغزيين الذين اعتقلوا في الحرب يتم احتجازهم في البداية في قاعدة “سديه تيمان” في منشآت تشبه الحظائر. أثناء الاعتقال، تحقق معهم وحدة الاستخبارات 504. كثيرون منهم يطلق سراحهم ويعادون إلى القطاع بعد أن تبين أنهم غير متورطين في الإرهاب، وآخرون ينقلون إلى السجون التابعة لمصلحة السجون. حسب البيانات التي أرسلتها مصلحة السجون إلى “موكيد” للدفاع عن الفرد، وصل عدد الغزيين المسجونين في السجون الإسرائيلية بقوة قانون المقاتلين غير القانونيين إلى 793 معتقلاً في بداية هذا الشهر. بضع مئات أخرى يتم اعتقالهم في إسرائيل ضمن إجراء جنائي بقوة قانون العقوبات، وعدد غير معروف من الغزيين ما زالوا محتجزين في منشآت الاعتقال العسكرية.

في كانون الأول، كشفت “هآرتس” أن المعتقلين في “سديه تيمان” يُحتجزون مكبلين وعيونهم معصوبة طوال اليوم. بعضهم، الذين أطلق سراحهم وأعيدوا إلى غزة، تحدثوا عن عنف مارسه عليهم الجنود أثناء التحقيق. في صور لمعتقلين تم تحريرهم، ظهرت علامات على أيديهم نتيجة التكبيل لمدة طويلة. شهادات المعتقلين تطابق أقوال مصدر إسرائيلي يعرف “سديه تيمان”، قال إن الجنود تعودوا على معاقبة المعتقلين وضربهم. تقرير “الأونروا” الذي نشر أمس في “نيويورك تايمز” تضمن شهادات لمعتقلين أطلق سراحهم، وقالوا إنه تم ضربهم وسرقتهم وخلع ملابسهم والاعتداء عليهم جنسياً، وإنه لم يسمح لهم برؤية طبيب أو الالتقاء مع محام.

المعتقلان اللذان ماتا أثناء الاعتقال كانا عاملين غزيين وجدا في إسرائيل مع تصريح، واعتقلا عند اندلاع الحرب. في أعقاب المذبحة، ألغت إسرائيل بصورة كاسحة تصاريح العمل لسكان غزة، واعتُقل هؤلاء واحتجزوا في منشآت بالضفة الغربية. حسب المعلومات التي وصلت إلى “هآرتس”، كان أحد العمال مريضاً بالسكري، ومات أثناء الاعتقال في معسكر “عنتوت” لعدم تلقيه العلاج اللازم. حسب تقارير وسائل إعلام فلسطينية، ثمة معتقل آخر كان مريضاً بالسرطان، ويعيش بالفعل في الضفة الغربية، وهو أيضاً احتجز ومات في معسكر “عوفر” الإسرائيلي.

إضافة إلى الـ 27 غزياً الذين ماتوا في منشآت الاعتقال العسكرية، مات أحد سكان القطاع ابن 40 سنة في عيادة لمصلحة السجون داخل إسرائيل في نهاية الشهر الماضي، وكان في مرحلة العلاج حتى قبل الاعتقال. حسب لجنة فلسطينية لشؤون الأسرى، اعتقل الشاب عز الدين البنّا من بيته في القطاع قبل نحو شهرين. وعلمت “هآرتس” أنه احتجز بداية بحظيرة في “سديه تيمان”، ونقل بعد أسبوعين إلى عيادة في القاعدة. قبل حوالي شهر، نقل إلى عيادة تابعة لمصلحة السجون. وحسب أقوال المحامي الذي زار العيادة مؤخراً، فإن السجناء هناك قالوا إن البنا كان يعاني من الشلل. وحسب أقوال أحدهم، ظهر مصفراً وأطلق أصوات الاحتضار، لكنه لم يحصل على العلاج المناسب.

وجاء من المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي: “منذ بداية الحرب، يستخدم الجيش الإسرائيلي عدداً من المعتقلات التي يوجد فيها معتقلون اعتقلوا أثناء هجوم حماس في 7 تشرين الأول وخلال القتال في القطاع. يتم إحضار المعتقلين إلى منشآت الاعتقال للتحقيق معهم. من ليس له علاقة بالنشاطات الإرهابية، يطلق سراحه ويعاد إلى القطاع. منذ بداية الحرب، حدثت حالات موت لمعتقلين احتجزوا في منشآت الاعتقال، من بينهم معتقلون وصلوا مصابين أو كانوا يعانون من وضع صحي معقد. كل حالة وفاة تحقق فيها الشرطة العسكرية بعد انتهاء التحقيق تنقل نتائجها إلى النيابة العسكرية.

———————————————

إسرائيل اليوم 8/3/2024

تسليح فلسطينيين “موالين”.. رؤية إسرائيلية على قاعدة “من يتحكم بالمساعدات يحكم غزة”

بقلم: ماتي توخفيلد وليلاخ شوفال

يقول مسؤولون كبار في جهاز الأمن في أحاديث مغلقة إنه ما لم تحرس جهات مسلحة قوافل المساعدات الإنسانية الداخلة إلى غزة، فلن يتوقف سلب المساعدات، سواء أدخلت بالشاحنات عبر البر أو عبر البحر، مثلما أعلن الرئيس الأمريكي بايدن أمس.

تلك الجهات المسلحة في القطاع هي من سكان قطاع غزة ممن لا يؤيدون حماس ومتوقع أن يكونوا جزءاً من حل “اليوم التالي”، وحماية “الجزر الإنسانية” فيه. يشدد جهاز الأمن على أن من سيتحكم بتوسيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة، سيتحكم بالقطاع. غير أن مسألة هوية أولئك المسلحين ليست محلولة بعد، إذ لا يمكنهم أن يكونوا من رجال حماس، وأعلن نتنياهو بأنهم لا يمكنهم أن يكونوا رجال السلطة الفلسطينية. لذا ليس واضحاً بعد من هم أولئك الفلسطينيون المسلحون الذين سيحرسون القوافل، وسيكونون لاحقاً حكماً بديلاً في القطاع. كما هو معروف، لم يجرَ بعد بحث نهائي في الموضوع، لأن نتنياهو يعرقل القرار حالياً.

علمت “إسرائيل اليوم” بأن قيادة جهاز الأمن أجرت مداولات حول قوافل التموين والحاجة لقطعها عن حماس التي لا تزال تأخذ المسؤولية عليها. وبحث جهاز الأمن أيضاً في المناطق الإنسانية التي سيقيمونها، حسب الخطة التي عرضها الجيش الإسرائيلي على المستوى السياسي قبل بضعة أسابيع، إذا ما وعندما اتخذ القرار بإخلاء 1.4 مليون فلسطيني من رفح.

وقد طرحت المسألة كحاجة ملحة على نحو خاص بعد أن هاجم مئات الفلسطينيين قبل نحو أسبوع شاحنات المساعدات الإنسانية التي كانت في طريقها إلى شمال القطاع. لذلك، لاقى بضع عشرات الفلسطينيين حتفهم جراء التدافع والدهس. واتهمت الأسرة الدولية إسرائيل بذلك، رغم أنه بعد بضع ساعات من الحدث عرض الجيش الإسرائيلي فيلماً يرى فيه سبب وفاة الفلسطينيين.

لكن رغم الفيلم، ورغم محاولات التفسير من جانب الناطق العسكري باللغة الإنجليزية، أكد الفيلم للأسرة الدولية شدة الضائقة والجوع في قطاع غزة، بشكل دفع الرئيس بايدن ليعلن أمس عن المساعدات للقطاع عبر البحر. حاولت إسرائيل أن تشرح بأن الولايات المتحدة لا تبني ميناء في غزة، بل مرفأ لوجستياً سيكون ممكناً الارتباط به ولن تكون قوات أمريكية على أراضي القطاع.

ويتبين من المداولات في الأيام الأخيرة بأن الدول المستعدة لرعاية قوافل التموين والجزر الإنسانية، طلبت قبل بضعة أسابيع بأن يقوم حراس مسلحون، فلسطينيون محليون من غير المتماثلين مع حماس، بأعمال الحراسة والحماية للدفاع عن القوافل وعن السكان المحليين، بأسلحة توفر لهم بإذن إسرائيلي.

كل فلسطيني مسلح في قطاع غزة يصنفه الجيش الإسرائيلي كـ “مخرب” حتى اللحظة، وهكذا تتعاطى معه القوات. وسبب هذا واضح: الجيش الإسرائيلي هو المتحكم الآن بالميدان، وكل سلاح يشكل تهديداً على المقاتلين. إذا ما أقرت خطة حراسة القوافل الإنسانية من قبل مسلحين محليين، ربما ينشأ وضع يتجول فيه مسلحون فلسطينيون في القطاع، في الوقت الذي تكون فيه قوات الجيش الإسرائيلي لا تزال تناور في القطاع.

في تلك المداولات قيل إنه ما لم يقر المستوى السياسي الخطة، يتأخر نقل العصا من حماس إلى جهة أخرى، ومن غير الواضح بعد من هم أولئك الفلسطينيون من غير المؤيدين لحماس أو رجال السلطة الفلسطينية ممن يمكنهم أن ينفذوا المهمة.

عملياً، يسود في جهاز الأمن شبه إجماع حول الحاجة الفورية لإيجاد جهة تأخذ القيادة في قطاع غزة في إطار اليوم التالي، وواضح أن تلك الجهة يجب أن تكون مسلحة كي تفرض النظام في القطاع وتحرس وتوزع المساعدات الإنسانية، إذ كما أسلفنا، من يتحكم بالمساعدات سيتحكم بغزة. غير أن نتنياهو يعارض إجراء بحث في الموضوع ويرفض تنفيذ أي خطة في إطار اليوم التالي ما دام الجيش الإسرائيلي يعمل في القطاع، ورغم حقيقة أن معنى عدم إيجاد حل اليوم التالي يتيح لحماس الدخول إلى الفراغ الناشئ ومواصلة القيام بمهام سلطوية في قطاع غزة. نتنياهو يواصل رفض اتخاذ القرار في الموضوع رغم تزايد النقد من كبار رجالات جهاز الأمن، بما في ذلك وزراء في الكابينت الضيق.

———————————————

يديعوت أحرونوت 8/3/2024

لقادة إسرائيل: جيشكم يتآكل والزمن ضدكم.. فلا تلهثوا وراء السنوار بغية تأجيل النهاية

بقلم: ألون بن دافيد

في بداية الشهر السادس للحرب، تبدو إسرائيل عالقة ومراوحة في المكان سواء في الجنوب أو الشمال. ومثل مقامر يصر على وضع كل حجارته على رقم واحد في الدولاب، يصب الجيش الإسرائيلي كل مقدراته على ملاحقة السنوار. غير أن كومة حجارة اللعب آخذة في التناقص، سواء بالذخيرة أم بتآكل القوات، وأساساً بالشرعية الدولية.

ما بدأ كمناورة سريعة ومصممة حققت إنجازات عسكرية مبهرة، تصبح في الأسابيع الأخيرة غرقاً بطيئاً في شبكة الأنفاق التي لا تنتهي في خانيونس. في بداية الحرب، نجح الجيش في غضون أقل من شهرين في هزيمة لواءي حماس القويين في شمال القطاع واحتلال مدينة غزة، الأكبر بأربعة أضعاف من خانيونس. منذئذ، وفرقة 98 تعمل في خانيونس لثلاثة أشهر ونصف، فيما أساس قوة الجيش الإسرائيلي مخصصة لها. لواء حماس في خانيونس هزم، والجيش يسيطر في معظم أجزاء خانيونس فوق الأرض، لكن الفرقة غارقة كلها في محاولة لجلب السنوار.

قد تنجح وقد لا تنجح، لكن كل يوم يمر ستتآكل قوات الفرقة التي تكاد لم تنتعش، والأسوأ أن الحبل الطويل الذي منحته الولايات المتحدة لإسرائيل لإبادة حماس، يقصر. إذا فشل هذا الرهان، فستجد إسرائيل نفسها وقد أخفقت في الوصول إلى قيادة حماس أو كسر قوتها المقاتلة.

السباق إلى “الصورة النهائية”

منذ البداية، خرجت إسرائيل إلى حرب ضد حماس بمنطق “السور الواقي”: تحقيق سيطرة عملياتية في الميدان، ثم سنوات من الاجتياحات التي تقتلع كل بنية تحتية إرهابية تنمو إلى أن تقمعها تماماً. نجح هذا الأمر في شمال القطاع على نحو ممتاز، لكن بمرحلة ما كان يخيل أن قيادتنا الأمنية عشقت فكرة تحقيق صورة نصر بشكل رأس السنوار على الرمح. الهدف جدير، لكنه يبرر كل الوسائل. إذا ما صفي السنوار، سيقوم له بديل، لكن إذا أنهينا الحرب وما زال لواء كامل لحماس في رفح وكتيبتان أخريان في وسط القطاع، نكون قد خسرنا المعركة.

قد نفهم حماسة القيادة الأمنية للوصول إلى قيادة حماس. يمكن لهذا ان يكون “صورة نهائية” لمسؤولين كبار وصموا بفشل 7 أكتوبر، وتتيح لهم الاعتزال بشرف. لكن هذه المطاردة بدأت تمس بالقدرة على تحقيق الهدف الأعلى للحرب: إبادة القوة العسكرية والسلطوية لحماس.

وصلنا إلى لحظة يتعين فيها الحسم: هل نترك المطاردة وراء صورة النصر وننهي السيطرة على معسكرات الوسط ورفح بسرعة قبل نفاد الصبر الأمريكي. في هذه الأثناء، الصورة السائدة في العالم هي صورة جوع يستشري في القطاع أمام جمود إسرائيلي، سواء في المستوى العسكري أم السياسي، دون سعي إلى تصميم مستقبل القطاع.

إن إبادة الفلول الأخيرة لكتائب حماس ستزيد الضغط على القيادة لتنفيذ الورقة المتبقية لها والعودة إلى مفاوضات جدية على إعادة المخطوفين، كما ستتيح أيضاً تفريغ مزيد من القوات للساحة الشمالية، التي علقنا في حرب استنزاف ثابتة سيكون من الصعب الخروج منها دون أخذ مبادرة.

“يؤجلون النهاية”

يخيل أن وزير الدفاع يوآف غالنت مستمر في اتصال بصري مع أحداث الحرب، ومصمم على تحقيقها. لكنه لم ينجح حتى الآن في إخراج الجيش الإسرائيلي من غرقه في أوحال خانيونس. كبار رجالات الجيش و”الشاباك” يبدون كمن يحاولون تأجيل النهاية المحتمة لحياتهم المهنية، ومثلهم أيضاً رئيس الوزراء الذي يسره توليه منصبه إلى الأبد في المطاردة حتى “النصر المطلق”.

هكذا أيضاً علق الجيش و”الشاباك” الاهتمام الواجب والضروري في تحقيقات 7 أكتوبر، والآن فقط، بتأخير غير معقول، سيبدأون بالتحقيقات الداخلية في الفشل. أجل رئيس الأركان هذه اللحظة طوال خمسة أشهر، ولو لم يكن مراقب الدولة ينفخ في قذالته، لتأجلت التحقيقات أكثر فأكثر. إن الهدف الأساسي للتحقيقات هو التعلم، لكنها ستشير أيضاً إلى مسؤولية شخصية لذوي الصلة وستدلهم على طريق الخروج.

كان يمكن ويجب البدء بها قبل وقت طويل من هذا، حين كانت ذاكرة الناس حاضرة ولم تتثبت بعد الرواية. من الآن، اهتمام أصحاب المناصب بإبعاد وصمة فشل المذبحة سيكون عبئاً على الجيش الإسرائيلي الذي يتعين عليه أن يعد استمرار القتال في الجنوب ويستعد للمعركة في الشمال.

نفهم رغبة كبار رجالات الجيش و”الشاباك” في جلب صورة نصر في شكل رأس السنوار، صورة تغطي بعضاً من إحساس بفشل ذريع من المذبحة، وتتيح لهم الاعتزال مع إحساس بالإنجاز. في الخلفية، يعشعش لديهم خوف بأن اعتزالهم الجماعي وحده لن يؤدي إلى أخذ المسؤولية من جانب المستوى فوقهم، بنيامين “لم يعرف” وهو الذي سيعين بدائلهم الذين سيهتمون بتطهيره من كل مسؤولية.

هذا تخوف له أساس، لكنه لن يكون اعتباراً يوجه خطى المستوى المهني.

إذا كانت عربة الجيش الإسرائيلي حتى الآن في صعود بالقتال في الجنوب والشمال، فإننا ما زلنا في السهل حتى هذه اللحظة، وفي السهل يمكننا تغيير الجياد.

———————————————

يديعوت أحرونوت 8/3/2024

غانتس يعود من واشنطن قلقاً ومحملاً بـ”نوفمبر”.. وترامب: خذوا ميشيغان وأعطوني أمريكا

بقلم: عم3يت سيغال

في محاولة لوصف الانتقال من الحرب ضد حماس إلى القتال، استخدم نتنياهو الشهر الماضي مثال الزجاج: بداية نحطم الزجاج، ثم نسحق الحطام إلى قطع أصغر، وهكذا إلى أن يصبح دقيقاً.

المرحلة الأولى نجحت، لكن لوصف ما يحصل الآن في شمال القطاع، نتذكر فيلم “مهمة فتاكة 2”: هناك، في مرحلة ما، في الروبوت الخصم لشفارتسينغر، تفجر وانتشرت أطرافه السائلة في كل صوب. لكن برعاية الإهمال، عادت هذه الأطراف لترتبط معاً وكانت حاجة لتصفيته من جديد.

هذه هي المهمة الفتاكة في قطاع غزة. في الشمال، أجزاء زجاج حماس تحاول الترابط، أحياناً بنجاح. هذا لا يقترب من تهديد الاجتياح والصواريخ الذي كان عشية 7 أكتوبر، لكنه ليس نصراً مطلقاً بعد. في الجنوب، يوضح الأمريكيون أنهم غير معنيين بعملية في رفح. الجيش الإسرائيلي يضرب بأقدامه في خانيونس، ينتظر التعليمات من الكابينت، التي لم تصل حتى الآن. كان جهاز الأمن معنياً بفحص إمكانية التعاون مع قوات مسلحة ليست من حماس، أما نتنياهو فليس مستعداً للسماح بذلك.

في تقرير واسع هذا الأسبوع في “نيو يوركر” عن سباق بايدن، يقتبس ما قاله كلينتون ذات مرة عن السياسة: Strong and wrong generally beats weak and righ (القوي والباطل بعامة يزهق الضعيف والحق). هذا ما يحاول الأمريكيون تطبيقه: مع أنهم يعرفون أن وقف النار لن يجدي في القضاء على حماس، لكن الرسالة القائلة بأن وقف النار جيد والحرب سيئة، تبدو منطقية. بهذه الروح، فات حتى الاقتباس المذهل لبايدن في تلك المقابلة، التي روى فيها عن وزراء إسرائيليين في “كابينت الحرب” قالوا له إن الولايات المتحدة مسحت ألمانيا أيضاً، فرد قائلاً: “لهذا السبب أقيمت الأمم المتحدة كي لا تتكرر أمور كهذه”. ماذا يعني هذا عن هيروشيما وناكازاكي؟ وإلى متى كانت الحرب العالمية الثانية ستتواصل لو تم تبني عقيدة بايدن؟

لهذا عاد غانتس من واشنطن قلقاً مما سمعه. الولايات المتحدة تنازلت له ولم تذكر، ولو في بيان واحد، موضوع الدولتين، الذي ظل هو الاصطلاح الذي لا يكتمل بدونه أي بيان أمريكي. لكن الانطباع كان أن تصفية حماس -وفق البيت الأبيض- قد تنتظر إلى ما بعد نوفمبر.

إسرائيل ترحب بوزير التاريخ الذي رتب موعد الحرب مع موعد الانتخابات في الولايات المتحدة. فبايدن في الولاية الثانية أو في سنة عادية، كان سيصفي القتال منذ زمن بعيد، لكن المواجهة مع إسرائيل هي ما يتمناه ترامب. في نوفمبر الأخير، حرص المرشح الجمهوري شبه المؤكد على مظهر موجة التأييد اليهودي – الإسرائيلي للرئيس. أما الآن، بخلاف انطباع الصحافة الأمريكية القائلة إن الوقوف إلى جانب إسرائيل يعتبر كارثة، فإنه بات يتمنى مواجهة بين بايدن ونتنياهو، لعلها تجلب ميشيغان للديمقراطيين، وتُخِسرهم أمريكا كلها.

——————————————

 هآرتس 8/3/2024

“كينغ بيبي” يعتقد أن الرب سيأتي لمساعدته.. وسيغرق “إسرائيل” معه

بنيامين نتنياهو لا يملك فرصة، وفيما يضاعف المقامرة، فإنه يُغرق “إسرائيل” معه.

بقلم: كارولينا لاندسمان

بنيامين نتنياهو لا يستقيل لأنه يؤمن أن لديه فرصة لإيصال “إسرائيل” إلى بر الأمان. إنه مقتنع بأنه على الرغم من الأوراق السيئة في يده، لا يزال بإمكانه الانتصار، القيام بعدة خطوات عسكرية وسياسية ستنقذ إرثه.

ولا يزال “كينغ بيبي” يعتقد أن الرب سيأتي لمساعدته ويمنحه “نصراً مطلقاً”، يتبعه حتى “سلام” مع السعودية، مما سيحول دون اختزاله في كتب التاريخ على أنه الرجل المسؤول عن أكبر كارثة في تاريخ الدولة وتاريخ الشعب اليهودي منذ المحرقة، ويسمح له بالنزول من على مسرح التاريخ بكرامة نسبية.

نتنياهو يهلوس. إنه لا يملك فرصة. وفي صراعه المأساوي ضد القدر، ضد كل الاحتمالات، وفيما يضاعف المقامرة، فإنه يُغرق “إسرائيل” معه.

ومع مقتل أكثر من 30,000 من سكان غزة، من بينهم 12,500 طفل، ومجاعة متطرفة، وكارثة إنسانية، ومشاهد دمار وخراب، فيما كل العالم يقول إبادة جماعية ويعتبرنا مجرمي حرب، ليس ولن يكون هناك نصر مطلق. “إسرائيل” أصبحت منبوذة.

ونتيجة لذلك، فإنها تعرض تحالفاتها في العالم للخطر، أولاً وقبل كل شيء مع الولايات المتحدة. وفي المأساة، يأتي الاعتراف دائماً بعد فوات الأوان. عندما تدرك “إسرائيل” أنها منبوذة، لن تكون قادرة على تغيير ذلك.

وعندما تسقط تحالفاتها واحداً تلو الأخرى، مثل أحجار الدومينو، سيكون الأوان قد فات لإصلاحها. الموضوع هو أنهم في “إسرائيل” لا يستطيعون تخيل احتمال انكسار التحالف مع الولايات المتحدة. وهذا أيضاً مفهوم زرعه نتنياهو في الوقت الذي سمح فيه لنفسه بمساحة للمناورة وتقويض العلاقات معها باستمرار.

مدى انفصال “إسرائيل” عن الواقع يدل عليه أيضاً زخم تصاريح البناء في المستوطنات. أوجدوا لذلك الوقت – في خضم نقاش عالمي حول الصهيونية كمشروع استعماري – للشروع في جولة أخرى من نهب الأراضي في المناطق المحتلة. وافق المجلس الأعلى للتخطيط هذا الأسبوع على بناء آلاف الشقق السكنية في إفرات ومعاليه أدوميم وكيدار.

وذلك بعد أن أعلنت الإدارة المدنية الأسبوع الماضي آلاف الدونمات في منطقة معاليه أدوميم أراضي دولة، ووقّع قائد المنطقة الوسطى أمراً قضائياً لمستوطنة جديدة تسمى مشمار يهودا.

وبهذه الوتيرة، ستبدأ قريباً الاستعدادات لبناء الهيكل الثالث في الحرم القدسي (وهذا ليس مبالغ فيه كلياً). منذ فترة طويلة وهناك طاقة الهيكل الثالث في الأجواء: خطط معمارية مفصلة لهيكل مستقبلي، ومحاولة لتجديد عمل الأضاحي في جبل الهيكل، وناشط جبل الهيكل، وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، الذي يعمل على تغيير الوضع الراهن في الأقصى وجلب علينا، مع شريكه في الجريمة نتنياهو، “طوفان الأقصى”.

إن سلوك “إسرائيل” منفصل عن الواقع لدرجة أنه من الضروري النظر فيما إذا كانت تتصرف بدافع غير واع لتدمير الذات. ربما هذا ما قصده الذين قالوا على مر السنين إن اليهود غير أهل للسيادة؟ ربما فعلت الطاقة اليهودية المناهضة للسيادة فعلها على “إسرائيل”؟

وفي سنة 2017، استضاف رئيس الوزراء وزوجته محفل الكتاب المقدس في منزلهما. في الحدث، ذكر نتنياهو أن مملكة الحشمونائيم بقيت على قيد الحياة نحو 80 عاماً فقط، وقال إنه يعمل على ضمان وصول “إسرائيل” إلى عامها الـ 100.

من كان يظن أنه بعد 6 سنوات ستتمّ مهاجمة “إسرائيل” بطريقة غير مسبوقة، وأن العالم سيناقش مسألة عدالة وجودها؟ نتنياهو واثق من أنه “المختار”.

ولكن وا ويلاه من المهمة التي اختير من أجلها: تفكيك دولة “إسرائيل”. وبينما كان يثرثر عن محاولاته لتهريب اليهود من مصير فقدان سيادتهم مرة تلو الأخرى، عمل على أن يبكّر لقاءهم الحتمي لمصيرهم.

———————————————

صحيفة عبرية للإسرائيليين: املأوا الشوارع وأعلنوا.. على نتنياهو أن يرحل

القدس: دعت صحيفة “هآرتس” العبرية في افتتاحيتها، الجمعة، الإسرائيليين للخروج إلى الشوارع من أجل الإطاحة برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

وقالت الصحيفة، في افتتاحية عنونتها “املأوا شوارع إسرائيل وأعلنوا: يجب على نتنياهو أن يرحل”، إن نتنياهو “مسؤول عن أكبر كارثة تحلّ بإسرائيل منذ قيامها”، في إشارة لهجوم “حماس” في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

وأضافت: “لقد مرت 5 أشهر منذ 7 أكتوبر، لكن نتنياهو وشركاءه ما زالوا غير قادرين على تحمّل المسؤولية، بل على العكس تماماً. لقد استغل هو وحكومته الوقت منذ ذلك الحين للتحريض ضد المؤسسة الأمنية، في محاولة لإلقاء اللوم عليها”.

وتحدثت الصحيفة أيضاً عن تقرير لجنة التحقيق في حادث التدافع المميت في جبل ميرون عام 2021، الذي صدر هذا الأسبوع.

وأفادت بأن التحقيق “كشف مرة أخرى عن ثقافة نتنياهو القائمة على الأكاذيب والإهمال والتهرب من المسؤولية والاستسلام لمصالح خاصة على حساب حياة الإنسان”.

هآرتس: نتنياهو وحكومته غير المسؤولة لا يستطيعان رؤية البشر حتى من مسافة متر واحد، ليس في قلوبهم قطرة من الرحمة

وأردفت: “أوضح رد حزب الليكود (يقوده نتنياهو) على التقرير أنه لم يتغير شيء منذ تلك الكارثة، ولا حتى في أعقاب 7 أكتوبر”، مبينة أن “نتنياهو وحكومته غير المسؤولة لا يستطيعان رؤية البشر حتى من مسافة متر واحد، وأن ليس في قلوبهم قطرة من الرحمة”.

وكانت لجنة تحقيق رسمية حمّلت، الأربعاء الماضي، 4 مسؤولين بينهم نتنياهو، مسؤولية شخصية عن حادث تدافع متديّنين إسرائيليين في جبل ميرون (شمال) عام 2021، أدى إلى مصرع 45 شخصاً، دون توصية بمعاقبتهم.

وفي السياق، أشارت الصحيفة إلى أن “الاضطهاد السياسي للمواطنين العرب في إسرائيل، وللمواطنين اليهود الذين يدعون إلى إنهاء الحرب، أو المنتسبين إلى الاحتجاجات المناهضة للحكومة، هو أمر نموذجي للأنظمة التي تبنت عناصر دكتاتورية”.

واستدركت: “لم تكن هناك حاجة ملحة أكثر من أي وقت مضى لإغراق الشوارع واستئناف الاحتجاجات المناهضة للحكومة والمطالبة بإجراء انتخابات مبكرة. يجب أن يرحل نتنياهو وحكومته غير المسؤولة”.

ولا تلوح بالأفق إمكانية إجراء انتخابات في إسرائيل، نتيجة معارضة نتنياهو إجراء انتخابات في ظل الحرب القائمة على غزة.

———————————————

مسؤولون إسرائيليون يدرسون تسليح بعض مدنيي غزة لحماية المساعدات

كشفت صحيفة “إسرائيل هيوم” العبرية، اليوم الجمعة أن مسؤولين في حكومة الاحتلال الإسرائيلي يناقشون تسليح بعض المدنيين في قطاع غزة لتوفير الحماية الأمنية لقوافل المساعدات المتجهة إلى القطاع المحاصر في إطار تخطيط أوسع نطاقا للإمدادات الإنسانية بعد انتهاء القتال.

وأصبحت مسألة توزيع الإمدادات بشكل آمن مشكلة كبرى مع زيادة الضغوط على المجتمع المدني في قطاع غزة الذي تديره حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) ورفض شرطة البلديات توفير الأمن للقوافل بسبب خطر استهدافها من القوات الإسرائيلية.

وقالت الصحيفة إن المدنيين لن يكونوا على صلة بجماعات مسلحة، بما في ذلك حماس، لكن لم تتضح هويتهم بعد. وأضافت أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أرجأ اتخاذ قرار بشأن هذه القضية.

وأحجم مكتب رئيس وزراء الاحتلال عن التعليق على التقرير الذي جاء بعد أسبوع من مقتل عشرات الفلسطينيين في واقعة حاصرت فيها حشود قافلة من شاحنات المساعدات التي كانت تدخل شمال غزة وفتحت قوات النار عليهم.

وسلط الحادث الضوء على الأوضاع الفوضوية التي يجري خلالها تسليم المساعدات إلى القطاع الذي حذرت الأمم المتحدة من تزايد خطر المجاعة فيه بعد أكثر من خمسة أشهر من الحرب.

وقال مصطفى لولو “لا كنا نحمل سلاح ولا أي شي، إحنا ناس مدنيين، بدنا نجيب أكل لأنا ميتين من الجوع في غزة”، وذكر أنه أصيب بالرصاص في ساقيه في أثناء محاولته الحصول على المساعدات.

وأصدر جيش الاحتلال الإسرائيلي اليوم الجمعة نتائج مراجعة لملابسات واقعة قافلة الشاحنات يوم 29 فبراير شباط، وكرر أن القوات أطلقت النار فقط على الأفراد الذين شعرت أنهم يشكلون تهديدا.

وذكر الجيش في بيان “مراجعة القيادة وجدت أن قوات جيش الدفاع الإسرائيلي لم تطلق النار على القافلة الإنسانية، لكنها أطلقت النار على عدد من المشتبه فيهم الذين توجهوا إلى القوات القريبة وشكلوا تهديدا عليهم”.

ورفضت حماس التقرير الذي قالت إنه محاولة لتبرئة الجنود من “الجريمة المروعة”.

وقالت السلطات الصحية الفلسطينية إن أكثر من 100 شخص قُتلوا في الحادث وإن أغلبهم قُتل برصاص القوات الإسرائيلية. وكانت إسرائيل قد قالت إن معظم القتلى والجرحى تعرضوا للدهس بالأقدام أو بالسيارات في أثناء تدافع الناس للحصول على الإمدادات.

* انهيار النظام المدني

لم يكن لوكالات الأمم المتحدة أي صلة بالقافلة التي كان يديرها متعاقدون من القطاع الخاص ويشرف عليها الجيش الإسرائيلي، لكنها قالت إن توصيل المساعدات أصبح صعبا بشكل متزايد وسط انهيار عام في النظام المدني.

وقالت سيجريد كاج منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة للصحفيين هذا الأسبوع “عندما يستمر القتال، وحينما يشعر الناس باليأس، وعندما يتمزق النسيج الاجتماعي وتتزايد الفوضى، تزداد لدينا على الجانب الآخر صعوبة تلقي وتوزيع المساعدات بأمان، بعد إجراءات الفحص والتحقق”.

وفي تقرير صدر يوم الأربعاء، أشار مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إلى “تقلص انتشار الشرطة المحلية في أعقاب موجة من الهجمات التي شنتها القوات الإسرائيلية وأدت إلى سقوط ضحايا من الشرطة”.

وقالت وزارة الصحة في غزة إن الهجوم من البر والجو الذي شنته إسرائيل، على قطاع غزة المكتظ بالسكان أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 30878 فلسطينيا.

وفي إطار خطط إدارة غزة بعد الحرب، فكر نتنياهو في تمكين الممثلين المحليين غير المنتمين إلى حماس أو الجماعات المسلحة الأخرى، لكن لم تتضح هوية هؤلاء الأشخاص.

ويوجد في غزة عدد من العشائر العائلية التقليدية الكبيرة التابعة لفصائل سياسية منها حماس وفتح.

ويُعتقد أن بعض العشائر الكبرى في مدينة غزة وفي أماكن أخرى مسلحون تسليحا جيدا، لكن لديهم تاريخا طويلا من الصدام بسبب تضارب المصالح وليس هناك ما يشير إلى أنهم سيفكرون في العمل مع إسرائيل.

———————————————

خبير أممي: إقامة ميناء في غزة “اقتراح أميركي خبيث”

ندد المقرر الأممي الخاص المعني بالحق في الغذاء مايكل فخري -الجمعة- باقتراح الولايات المتحدة إقامة ميناء مؤقت في غزة لنقل المساعدات الإنسانية عبر البحر إلى القطاع المحاصر.

وقال الخبير الأممي -خلال مؤتمر صحفي في جنيف- “للمرة الأولى أسمع أحدا يقول إننا بحاجة إلى استخدام رصيف بحري. لم يطلب أحد رصيفا بحريا، لا الشعب الفلسطيني ولا المجتمع الإنساني”.

ومنذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في أكتوبر/تشرين الأول، يعاني القطاع الصغير المكتظ أزمة غذائية تفاقمت بسبب القيود المفروضة على إيصال المساعدات إليه.

وأمر الرئيس الأميركي جو بايدن في خطابه عن حال الاتحاد، الخميس، جيشه بإنشاء ميناء مؤقت في غزة. وأكد أن إنجاز هذا العمل لن يتطلب أي انتشار على الأرض للقوات الأميركية.

ووصف فخري الاقتراح الأميركي بأنه “خبيث”، لافتا إلى أن الولايات المتحدة تقدم في الوقت نفسه قنابل وذخائر ودعما ماليا لإسرائيل.

ورأى أن الرغبة الأميركية في إنشاء ميناء تهدف قبل كل شيء إلى الاستجابة مع اقتراب الانتخابات في الولايات المتحدة، للضغوط الداخلية التي يمارسها جزء من الأميركيين. وأضاف الخبير أن الأمر يستهدف جمهورا وطنيا.

وقال “ما يمنحني الأمل هو التحرك المتزايد في كل أنحاء العالم، وخصوصا في الولايات المتحدة، لأشخاص يطالبون بوقف إطلاق النار”.

فوضى

وحذرت الأمم المتحدة مرة أخرى الأسبوع الماضي من أن المجاعة في قطاع غزة “شبه حتمية، إذا لم يتغيّر شيء”.

وقال فخري “قلنا في السابق إن المجاعة وشيكة، ولكن أعتقد أن من الإنصاف أن نقول حاليا إن إسرائيل عمدت إلى تجويع الشعب الفلسطيني في غزة، وإن المجاعة تحدث بالفعل أو هي على الأبواب”.

وأضاف “بدأنا نرى أطفالا يموتون بسبب سوء التغذية”. وتابع “لم نر قط مجموعة كاملة من السكان المدنيين تُدفع إلى الجوع بهذه السرعة”.

ولفت أيضا إلى أن إسرائيل تدمر النظام الغذائي في غزة، مشيرا إلى الأراضي الزراعية والبساتين وحتى زوارق الصيد.

وفيما بدأت دول مانحة بإنزال إمدادات إغاثية بمظلات، اعتبر فخري أن الكمية التي تم إسقاطها من الجو لن تفعل سوى القليل للتخفيف من حدة الجوع وسوء التغذية ولن تفعل شيئا لإبطاء المجاعة، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى الفوضى.

وأشار إلى أن الدول عادة ما تستخدم عمليات الإنزال الجوي والأرصفة البحرية فقط لإيصال المساعدات إلى “أراضي العدو”.

———————————————

هل هناك أهداف خبيثة لموافقة الاحتلال على تشغيل ميناء في غزة؟

رغم توقع مسؤولة أوروبية بدء تشغيل ممر المساعدات البحرية لقطاع غزة الأسبوع المقبل، إلا أن مسؤولا قال إن إرسال المساعدات الإنسانية إلى القطاع عن طريق إلقائها من الجو أو إيصالها عبر البحر لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن يشكل “بديلا” عن إيصالها عن طريق البر.

التوقع الأوروبي ببدء تشغيل ممر المساعدات عبر البحر، جاء في أعقاب إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن أنه أصدر أوامره للجيش للبدء بتنفيذ هذا المشروع الذي وافقت عليه إسرائيل.

إلا أن تلك الخطوة أثارت عددا من التساؤلات لدى محللين، دفعت ببعضهم لاعتبارها خطوة تصب في صالح إسرائيل.

رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، قالت إنها تتوقع بدء تشغيل ممر مساعدات بحري بين قبرص وقطاع غزة بداية الأسبوع المقبل لتوصيل المساعدات التي يحتاجها الفلسطينيون في القطاع بشدة، مضيفة أن أول مساعدات غذائية عبر هذا الممر قد تغادر قبرص (أمس) من ميناء لارنكا في تجربة للأمر.

وكان الرئيس الأميركي جو بايدن، قال في خطاب “حالة الاتحاد”، إنه كلف الجيش الأميركي بمهمة طارئة لإنشاء رصيف على ساحل غزة بهدف إيصال كميات كبيرة من المساعدات الإنسانية.

كما أعلن وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون، أن بلاده ستتعاون مع الولايات المتحدة لفتح ممر بحري لتوصيل المساعدات مباشرة إلى غزة.

وأضاف: “إلى جانب الولايات المتحدة، تعلن بريطانيا وشركاؤها فتح ممر بحري لتوصيل المساعدات مباشرة إلى غزة”.

ولم تكن إسرائيل بعيدة عن هذه الترتيبات، فقد نقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن مسؤول إسرائيلي كبير لم تكشف عن اسمه، قوله إن تل أبيب تؤيد إقامة رصيف عائم مؤقت لإدخال المساعدات الإنسانية الإغاثية إلى سكان قطاع غزة كالذي تحدث عنه بايدن.

وبحسب هذا المسؤول، فقد تم بحث هذه المبادرة بين إسرائيل والولايات المتحدة في الماضي والاتفاق على التنسيق بينهما لتنفيذها.

وأوضح الخبير الأردني في الشؤون العسكرية والإستراتيجية هشام خريسات، أن فكرة إنشاء مثل هذا الميناء كانت مطروحة قبل 10 أعوام، لكنها لم تر النور بسبب الرفض الإسرائيلي في حينه، وتم إعادة طرح الموضوع بالتزامن مع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، حيث طرحها وزير الخارجية يسرائيل كاتس وتوصل إلى اتفاق ومباركة من قبرص واليونان على هذه الخطوة.

وأشار خريسات إلى أن التكلفة الأولية للمشروع تقدر بـ35 مليون دولار ستدفعها الولايات المتحدة، وعمق الغاطس للسفن بالرصيف لن تقل عن 17 مترا، لاستيعاب جميع سفن المساعدات.

وذكر أن مساحة الميناء ستكون 6 كيلومترات مربعة لأنه سيضم مشافي عائمة، بالإضافة لبيوت إيواء عائمة بسفن جنبا إلى جنب مع المشافي.

وأوضح خريسات أنه سيتم تخصيص ميناء بقبرص مدفوع الأجر من الولايات المتحدة، بحيث يصل إلى موقع الميناء على شاطئ مدينة خان يونس على سواحل غزة، مشيرا إلى أن المسافة من ميناء قبرص إلى الميناء الأميركي في غزة تقدر بـ387 كيلومترا.

ولفت إلى أن السفن ستذهب أولا إلى ميناء إسدود الإسرائيلي ليتم تدقيقها وفحصها، ثم ترسل تحت سيطرة البحرية الإسرائيلية والمسيرات إلى القطاع.

ويشير الخبير خريسات إلى أنه رغم “الجانب الإنساني” لما أعلنه بايدن وإيصال المساعدات الإغاثية لقطاع غزة وإنشاء مستشفيات عائمة لعلاج جرحى الحرب، فإن هناك جانبا آخر للميناء العائم يرتبط بتشجيع هجرة الفلسطينيين طوعا إلى أوروبا، وإلغاء أي دور لمعبر رفح البري على الحدود مع مصر.

واعتبر “أن الرصيف العائم على شواطئ غزة، ظاهره مساعدات وباطنه هجرة طوعية إلى أوروبا”.

وأشار خريسات إلى أن إنشاء هكذا ميناء سيخرج معبر رفح عن الخدمة بالتأكيد لأن إسرائيل لا تثق به، وتعتبره المدخل الرئيسي لأسلحة حركة المقاومة الإسلامية (حماس).

كما أشار إلى أن بايدن قلق جدا مما سينتج من اجتياح الجيش الإسرائيلي لمدينة رفح جنوبي القطاع، ومن عدم إنهاء الكارثة الإنسانية بغزة، الأمر الذي سينعكس على نتيجة الانتخابات في الولايات المتحدة، لذا سيسارع في بناء الميناء.

ويعد معبر رفح المنفذ الوحيد لغزة مع العالم الخارجي، وخاصة في مسألة دخول المساعدات الإنسانية إليه خلال هذه الحرب التي قيدت فيها إسرائيل دخول المساعدات للقطاع، وهو ما يهدد بحدوث مجاعة، خاصة في مناطق الشمال.

وكان تنقل الأفراد والبضائع من وإلى القطاع يتم عبر 6 معابر، وهي بيت حانون (إيرز)، وكارني، وناحل عوز، وكرم أبو سالم، وصوفا، بالإضافة إلى معبر رفح على الحدود مع مصر.

وبعد الحصار الذي فرضته إسرائيل على غزة منذ العام 2007، أغلقت جميع المعابر ما عدا معبري رفح وبيت حانون اللذين خصصا لتنقل الأفراد، ومعبر كرم أبو سالم الذي خصص لنقل البضائع.

الإعلان الأميركي ومسارعة بريطانيا للانضمام ومباركة إسرائيل لهذه الخطوات، لم تفلح في وقف الدعوات إلى إعادة فتح معابر قطاع غزة.

فقد دعا المتحدث باسم مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان جيريمي لورانس، إلى وضع نهاية فورية للصراع في غزة ووقف القتل والدمار.

وطالب المسؤول الأممي بفتح المعابر الحدودية بشكل كامل، واتخاذ الخطوات اللازمة لضمان الحركة الحرة والآمنة لقوافل المساعدات إلى المدنيين أينما كانوا.

وحذر المتحدث باسم مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، من أن أي هجوم بري على رفح من شأنه أن يؤدي إلى خسائر فادحة في الأرواح ويزيد من خطر وقوع المزيد من الجرائم الوحشية.

من جهتها، قالت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في غزة سيغريد كاغ، إن إرسال المساعدات الإنسانية إلى القطاع عن طريق إلقائها من الجو أو إيصالها عبر البحر لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن يشكل “بديلا” عن إيصالها عن طريق البر.

——————انتهت النشرة——————