إسرائيلياتأهم الاخبار

ألون بن دافيد // لقادة إسرائيل: جيشكم يتآكل والزمن ضدكم.. فلا تلهثوا وراء السنوار بغية تأجيل النهاية ب

في بداية الشهر السادس للحرب، تبدو إسرائيل عالقة ومراوحة في المكان سواء في الجنوب أو الشمال. ومثل مقامر يصر على وضع كل حجارته على رقم واحد في الدولاب، يصب الجيش الإسرائيلي كل مقدراته على ملاحقة السنوار. غير أن كومة حجارة اللعب آخذة في التناقص، سواء بالذخيرة أم بتآكل القوات، وأساساً بالشرعية الدولية.

ما بدأ كمناورة سريعة ومصممة حققت إنجازات عسكرية مبهرة، تصبح في الأسابيع الأخيرة غرقاً بطيئاً في شبكة الأنفاق التي لا تنتهي في خانيونس. في بداية الحرب، نجح الجيش في غضون أقل من شهرين في هزيمة لواءي حماس القويين في شمال القطاع واحتلال مدينة غزة، الأكبر بأربعة أضعاف من خانيونس. منذئذ، وفرقة 98 تعمل في خانيونس لثلاثة أشهر ونصف، فيما أساس قوة الجيش الإسرائيلي مخصصة لها. لواء حماس في خانيونس هزم، والجيش يسيطر في معظم أجزاء خانيونس فوق الأرض، لكن الفرقة غارقة كلها في محاولة لجلب السنوار.

قد تنجح وقد لا تنجح، لكن كل يوم يمر ستتآكل قوات الفرقة التي تكاد لم تنتعش، والأسوأ أن الحبل الطويل الذي منحته الولايات المتحدة لإسرائيل لإبادة حماس، يقصر. إذا فشل هذا الرهان، فستجد إسرائيل نفسها وقد أخفقت في الوصول إلى قيادة حماس أو كسر قوتها المقاتلة.

السباق إلى “الصورة النهائية”

منذ البداية، خرجت إسرائيل إلى حرب ضد حماس بمنطق “السور الواقي”: تحقيق سيطرة عملياتية في الميدان، ثم سنوات من الاجتياحات التي تقتلع كل بنية تحتية إرهابية تنمو إلى أن تقمعها تماماً. نجح هذا الأمر في شمال القطاع على نحو ممتاز، لكن بمرحلة ما كان يخيل أن قيادتنا الأمنية عشقت فكرة تحقيق صورة نصر بشكل رأس السنوار على الرمح. الهدف جدير، لكنه يبرر كل الوسائل. إذا ما صفي السنوار، سيقوم له بديل، لكن إذا أنهينا الحرب وما زال لواء كامل لحماس في رفح وكتيبتان أخريان في وسط القطاع، نكون قد خسرنا المعركة.

قد نفهم حماسة القيادة الأمنية للوصول إلى قيادة حماس. يمكن لهذا ان يكون “صورة نهائية” لمسؤولين كبار وصموا بفشل 7 أكتوبر، وتتيح لهم الاعتزال بشرف. لكن هذه المطاردة بدأت تمس بالقدرة على تحقيق الهدف الأعلى للحرب: إبادة القوة العسكرية والسلطوية لحماس.

وصلنا إلى لحظة يتعين فيها الحسم: هل نترك المطاردة وراء صورة النصر وننهي السيطرة على معسكرات الوسط ورفح بسرعة قبل نفاد الصبر الأمريكي. في هذه الأثناء، الصورة السائدة في العالم هي صورة جوع يستشري في القطاع أمام جمود إسرائيلي، سواء في المستوى العسكري أم السياسي، دون سعي إلى تصميم مستقبل القطاع.

إن إبادة الفلول الأخيرة لكتائب حماس ستزيد الضغط على القيادة لتنفيذ الورقة المتبقية لها والعودة إلى مفاوضات جدية على إعادة المخطوفين، كما ستتيح أيضاً تفريغ مزيد من القوات للساحة الشمالية، التي علقنا في حرب استنزاف ثابتة سيكون من الصعب الخروج منها دون أخذ مبادرة.

“يؤجلون النهاية”

يخيل أن وزير الدفاع يوآف غالنت مستمر في اتصال بصري مع أحداث الحرب، ومصمم على تحقيقها. لكنه لم ينجح حتى الآن في إخراج الجيش الإسرائيلي من غرقه في أوحال خانيونس. كبار رجالات الجيش و”الشاباك” يبدون كمن يحاولون تأجيل النهاية المحتمة لحياتهم المهنية، ومثلهم أيضاً رئيس الوزراء الذي يسره توليه منصبه إلى الأبد في المطاردة حتى “النصر المطلق”.

هكذا أيضاً علق الجيش و”الشاباك” الاهتمام الواجب والضروري في تحقيقات 7 أكتوبر، والآن فقط، بتأخير غير معقول، سيبدأون بالتحقيقات الداخلية في الفشل. أجل رئيس الأركان هذه اللحظة طوال خمسة أشهر، ولو لم يكن مراقب الدولة ينفخ في قذالته، لتأجلت التحقيقات أكثر فأكثر. إن الهدف الأساسي للتحقيقات هو التعلم، لكنها ستشير أيضاً إلى مسؤولية شخصية لذوي الصلة وستدلهم على طريق الخروج.

كان يمكن ويجب البدء بها قبل وقت طويل من هذا، حين كانت ذاكرة الناس حاضرة ولم تتثبت بعد الرواية. من الآن، اهتمام أصحاب المناصب بإبعاد وصمة فشل المذبحة سيكون عبئاً على الجيش الإسرائيلي الذي يتعين عليه أن يعد استمرار القتال في الجنوب ويستعد للمعركة في الشمال.

نفهم رغبة كبار رجالات الجيش و”الشاباك” في جلب صورة نصر في شكل رأس السنوار، صورة تغطي بعضاً من إحساس بفشل ذريع من المذبحة، وتتيح لهم الاعتزال مع إحساس بالإنجاز. في الخلفية، يعشعش لديهم خوف بأن اعتزالهم الجماعي وحده لن يؤدي إلى أخذ المسؤولية من جانب المستوى فوقهم، بنيامين “لم يعرف” وهو الذي سيعين بدائلهم الذين سيهتمون بتطهيره من كل مسؤولية.

هذا تخوف له أساس، لكنه لن يكون اعتباراً يوجه خطى المستوى المهني.

إذا كانت عربة الجيش الإسرائيلي حتى الآن في صعود بالقتال في الجنوب والشمال، فإننا ما زلنا في السهل حتى هذه اللحظة، وفي السهل يمكننا تغيير الجياد.