إسرائيلياتالصحافة العبرية

الصحافة العبرية… الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي التابع للجبهة الديمقراطية

 افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

خمس قضايا تقلق مضاجع حكومة نتنياهو

تل أبيب. استعرضت محافل سياسية خمس قضايا تقلق مضاجع حكومة نتنياهو مع بدء الدورة الصيفية للكنيست وقالت المحافل لصحيفة “يديعوت أحرونوت” أن أهم هذه القضايا:

1 – عودة الائتلاف الحكومي لحجمه الطبيعي بعد الانسحاب المتوقع لغانتس من الحكومة . ازداد عدد أعضاء الكنيست في الائتلاف الحكومي إلى 76 عضواً مع بدء الحرب على غزة في إعقاب انضمام حزب “همحنه همملختي” للحكومة. ووفر هذا ثقة للائتلاف اليميني. الحريدي، لكن وفقاً للتقديرات سينسحب بيني غانتس رئيس “همحنه همملختي” من الحكومة مع بدء الدورة الصيفية للكنيست، وسيقتصر الائتلاف بعد ذلك على اليمين المحض. لكن الانتقادات المكثفة التي يوجهها ايتمار بن غفير وبتسلئيل سمورتريش لطابع إداء الحكومة لمهامها وخصوصا طابع إدارتها للحرب على غزة يبشر بتفكيك الائتلاف وبحل هذه الحكومة.

ووفق المحافل السياسية قد لا تتوفر احتمالات كبيرة لذلك ، خصوصاً في ظل الحرب التي تشنها إسرائيل على الجبهتين الجنوبية والشمالية، لكن مع ذلك هناك أمر مؤكد : ستكون الدورة الصيفية للكنيست ساخنة جداً.

2- قانون التجنيد . اللغم السياسي الأكبر الذي يواجهه الائتلاف الحكومي یکمن بقانون تجنيد الحريديم والذي تجري مماطلة فيه منذ سنوات طويلة. وتدور الاتصالات بين نتنياهو والحريديم في دائرة مغلقة وعرض رئيس الحكومة مؤخرا اقتراحا كان قد عرضه بيني غانتس وزير الأمن في حينه وعارضه الحريديم، ويقول غانتس اليوم أنه في ضوء الأوضاع الحالية لم يعد اقتراحه موضوعيا.

وتسود الآن توترات في أوساط الحريديم خصوصاً في أعقاب وقف ميزانيات المدارس الدينية، وتوجه في أوساط “الليكود” انتقادات لهذا القانون الذي اقترحه نتنياهو. وقال مسؤول كبير في الحزب: “لقد تغيرت الأوضاع ، ويدرك نتنياهو هذا جيدا”. هل سيصادق الكنيست على هذا القانون في دورته الصيفية ؟ احتمالات ذلك عالية. لأن نتنياهو يسعى لكسب الوقت.

3- غالانت والمعارضة الداخلية في “الليكود” . يعتبر غالانت وزير الأمن لاعباً مركزياً في الساحة السياسية ولربما يكون الأكثر كراهية في أوساط المقربين من نتنياهو. أدت أحداث السابع من تشرين الأول إلى زيادة حدة التوترات بينه وبين نتنياهو إقالته أو استقالته قد تؤثر على ما يجري في داخل “الليكود” . لا يوجد اليوم متمردون في الحزب، لكن توجد معارضة داخلية لنتنياهو منهم إضافة لغالانت ، نير بركات، يولي ادلشنان رئيس لجنة الخارجية والأمن وعدد آخر من أعضاء الكنيست. يتوجب وجود 504 أعضاء كنيست من الحزب لتوجيه إنذارات لنتنياهو وللائتلاف الحكومي وهذا غير معهود في “الليكود”.

هل تنظيم عصيان على نتنياهو ممكن؟ احتمالات ذلك في الوضع القائم متدنية، لكن قد تطرأ تطورات وراء الكواليس.

4- بن غفير وسموتريتش. هذا وجع رأس حقيقي للمعارضة ولنتنياهو، إذ توجد مصلحة لبن غفير بزيادة حدة مواجهته لنتنياهو على خلفية الحرب. إنه يحصل على مقاعد في استطلاعات الرأي في الوقت الذي تتراجع فيه أحزاب الائتلاف. صحيح أنه لا يوجد لسموتريتش ما يهدد به إذ لا يجتاز حزبه نسبة الحسم في بعض استطلاعات الرأي.

وتقول أوساط في الائتلاف أنهما يلحقان أضراراً بإسرائيل على الساحة الدولية، جراء التصريحات المتطرفة التي يدليان بها والمخططات غير الواقعية التي يعرضاها. ورغم الانتقادات التي توجه إليهما من داخل “الليكود” إلا أن نتنياهو مرتبط بهما إذ يشكلان مظلة الأمان لحكومته في حال استقالة غانتس. لهذا يسمح بن غفير لنفسه بتهديد نتنياهو وبالقول أن بايدن وحماس صديقان. كما أن الائتلاف مع اليمين والحريديم يمس بالمجهودات التي تبذلها إسرائيل من أجل إضفاء شرعية على الحرب.

5- المعارضة . لا تستطيع المعارضة الحالية إسقاط الحكومة. إذ لا يوجد رئيس يوحدها ولا يستطيع يثير لبيد رغم وجود 24 عضو کنیست لحزبه، تجميع أحزاب المعارضة مثل “همحنه همملختي” ، “إسرائيل بيتنا”، “اليمين الرسمي” و”العمل” تحت رايته. ولهذا تشكل المعارضة إزعاجا للحكومة لا أكثر وإذا تم حل ائتلاف نتنياهو فلن يكون بسببها.

——————————————–

غانتس يرد على نتنياهو ويعرض خطة عمل

تل أبيب. علم من مكتب بيني غانتس رئيس حزب “همحنه همملختي” وعضو المجلس الحربي ردا على تعقيب بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة على الإنذار الذي وجهه إليه والذي قال فيه أنه سينسحب من الحكومة إذا لم تعرض مخطط عمل حتى الثامن من حزيران : ” لو استمع رئيس الحكومة لغانتس لدخلنا رفح قبل شهرين ولانتهت مهمتنا التي يتوجب علينا استكمالها وإيجاد الظروف المناسبة لذلك ، السلطة الفلسطينية لا تستطيع السيطرة على القطاع، لكن تستطيع ذلك أوساط فلسطينية أخرى وذلك فقط إذا وجد دعم من قبل دول عربية معتدلة والولايات المتحدة، من الجدير برئيس الحكومة التعامل مع ذلك وعدم تخريب هذه المجهودات.

“مثلما قال غانتس في خطابه لا توجد نية لإقامة دولة فلسطينية وهذا ليس طلب السعودية. غانتس وعلى العكس من نتنياهو لم يعد الخليل ولم يعلن تأييده لحل الدولتين في جامعة بار إيلان. إذا كان يولي أهمية لحكومة الطوارئ فمن الجدير به إجراء المداولات المطلوبة واتخاذ القرارات المطلوبة ولا يتراجع عن ذلك خوفا من المتطرفين في حكومته “.

يتلخص مخطط العمل الذي يدعو غانتس لتنفيذة بالتالي:

1- إعادة المختطفين.

2- انهيار سلطة حماس، نزع السلاح في غزة وضمان السيطرة الأمنية على القطاع.

3- لجانب السيطرة الأمنية الإسرائيلية على القطاع يتوجب تشكيل إدارة أميركية أوروبية. عربية فلسطينية تشرف على الجانب المدني فيه، وتحدد أسسا لاستبدال حماس لا تتمثل بالسلطة الفلسطينية.

4- إعادة سكان المنطقة الشمالية لمنازلهم حتى الأول من أيلول وإعمار النقب الغربي.

5- إحراز تقدم على التطبيع مع السعودية بحيث يشكل جزءا من تحالف العالم الحر مع العالم العربي

ضد إيران.

6- تبني مخطط خدمة يؤدي إلى خدمة جميع الإسرائيليين في الدولة بحيث يساهمون بالمجهودات الوطنية العليا.

——————————————–

يديعوت 20/5/2024

غزة الى الأبد

بقلم: ناحوم  برنياع

في النقاش الأخير في الكابنت في مسألة هل هناك حاجة لتوسيع دخول الجيش الإسرائيلي الى رفح، متى وكم، طرح احد الوزراء، الى هذا الحد أو ذاك بهذه الكلمات، اقتراحا مخلصا. “هاتوا بفرقة أخرى الى غزة”، قال لضباط هيئة الأركان. “هاتوا بفرقتين أخريين بحيث تدخل القوات الى شمال القطاع وتبقى هناك. ما المشكلة؟”.

من اقترح لم يكن سموتريتش، ولا حتى بن غفير. من اقترح كان بنيامين نتنياهو. بقدر ما اعرف، لم يأخذ احد الفكرة على محمل الجد. اتفق على إضافة لواء واحد آخر للقتال في رفح –ليس شيئا ما دراماتيكيا. كما أن حدود الجبهة لم تتغير جوهريا، لكن الأمور قيلت ويوجد لها وزن.

لسنوات كان يمكن لنا أن نواسي أنفسنا في أنه في كل ما يتعلق بالامن كان نتنياهو يتصرف بحذر. فهو لا يسارع الى القتال. كان هناك من نسب حذره الى فهم عميق لقيود القوة؛ كان هناك من نسبه الى الخوف من المسؤولية الشخصية. مهما يكن من امر، فان نتنياهو لم يسارع الى إقرار خطوات عسكرية وعندما اقرها مال لالغائها.

في المداولات الأولى في كابنت الحرب، كان نتنياهو القديم والمعروف لا يزال معنا. فقد امتنع عن تأييد اقتراح غالنت والجيش لهجوم في لبنان في 11 أكتوبر؛ عاد وحذر من دخول بري عظيم المخاطر الى غزة. وفي لحظة ما انقلب بالنسبة لغزة – لبنان لا يزال خارج المجال. فهو يسعى لان يدحرج الجيش الإسرائيلي الى بقاء دائم في القطاع، بداية كجيش محتل وبعد ذلك كحكم عسكري. اما سكان الشمال الذين نزحوا عن بيوتهم فلينتظروا؛ ولينتظر السعوديون. غزة أولا.

اذا كان غالنت وغانتس محقين، فان تحوله لم يكن نقيا من اعتبارات شخصية وحزبية. في إعادة صياغة لقول شهير – ابحث رجاء في غوغل عن صموئيل جونسون – غزة هي ملجأه الأخير.

وعليه فهو يعمل كي يحول المراوحة في غزة الى مرض عضال. هو يعرف بان الدخول الى رفح ينطوي على قيود جسيمة. فالحكم المصري جد لا يستطيب العمل العسكري على هذا القرب الشديد من أراضيه السيادية؛ فقدان المداخيل من المعبر يثير حفيظة الضباط المصريين في المكان. الإدارة الامريكية قلقة من التداعيات على حياة اكثر من مليون فلسطيني. رغم أنهم في إسرائيل تعلموا درسا والان يحذرون في معالجة السكان المدنيين، فان الصور التي تخرج الى أمريكا من مخيمات النازحين – صور لا يكثرون من عرضها في البلاد – تجبي ثمنا سياسيا. والاهم، كل تقدم في رفح ينطوي على مخاطرة وبالتأكيد على حياة المخطوفين. هم هنا، محوطون برجال حماس.

مسؤولون كبار في المنظومة يقولون في احاديث مغلقة ما لا يمكنهم ان يقولوه علنا: القتال في غزة يجب أن ينتهي الان. نحن نحصل على مخطوفينا، حماس تحصل على صفقتها وبايدن يتمكن من التفاخر بالائتلاف الإسرائيلي – السني الذي أقامه ضد ايران. هذا ليس نصرا، بعيد عن هذا، لكن مثل جهود كيسنجر في اثناء حرب يوم الغفران، يوجد هنا أساس لنصر في المستقبل. جيك ساليبان، مستشار الامن القومي الأمريكي جاء امس الى البلاد من الرياض مع تطبيع في اليد. هو سيعود الى واشنطن بيدين فارغتين.

وعليه فمن الصعب التأثر بانذار بيني غانتس. خطابه بدا كبدلة حيكت من عدد اكبر مما ينبغي من الخياطين. من كثيرة الجمل العامة، غير الملزمة لم يكن واضحا على ماذا يدور الجدال بينه وبين نتنياهو. مثل نتنياهو، هو يؤيد استمرار القتال وتوسيع في رفح؛ مثل نتنياهو هو يستبعد دخول السلطة الفلسطينية لادارة القطاع. مثل نتنياهو هو ينشر اساطير عن شراكة أمريكية – أوروبية – فلسطينية تسعى لادارة القطاع. في هذه الاثناء لا توجد شراكة هذه. صحيح أنه يوجد بينهما فجوة في مسألة الصفقة: غانتس يؤيد تجسيدها؛ نتنياهو يرفض.

يوجد منطق في اصدار انذار عندما يكون احتمال حقيقي لتغيير مواقع الجانب المهدد. لكن غانتس لم يعد ولدا في السياسة. هو يعرف ان نتنياهو لا يريد ولا يستطيع. هو اسير: الحريديم وقانون التملص؛ الكهانيون ونزعة الحرب. انذار غانتس ولد فقط وحصريا من الخوف من فقدان أصوات في الاستطلاعات. هذه ليست زعامة – هذه سياسة.

اذا كنت تريد أن تنسحب فانسحب. اذا كنت لا تريد أن تنسحب فلا تنسحب؛ التهديدات لن تؤثر على احد، وبالتأكيد ليس على نتنياهو، في حالته.

المحكمة الدولية في لاهاي كفيلة بان تدعو هذا الأسبوع إسرائيل لوقف الحرب. اذا لم يحصل هذا فالمحطة التالية ستكون مجلس الامن. قرار مجلس الامن سيفرض على إسرائيل الطاعة: نحن لسنا ايران ولسنا روسيا: العقوبات ستدفعنا الى الانهيار. إسرائيل ستكون متعلقة بفيتو امريكي: لهذا أيضا يوجد ثمن.

يوجد غير قليل من الإسرائيليين في مواقع أساسية يتابعون هذه المسيرة في قلب منقسم: من جهة قرار مجلس الامن لوقف الحرب سيوقع علينا ضربة شديدة. من جهة أخرى هو كفيل بان يحررنا من المتاهة التي تورطنا فيها. من الخير وقف الحرب قبل ان نضرب الرأس في الحائط.

——————————————–

معاريف 20/5/2024

معضلة غير قابلة للحل

بقلم: آنا برسكي

كان يمكن لبيني غانتس ان يفاجيء بخطوة غير متوقعة لو كان بقي في حكومة الوحدة. فبيانه في منتهى السبت عن طرح موعد نهائي لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو جاء على نحو غير مفاجيء على الاطلاق، بل كجزء من خطة معروفة منذ اشهر. منشورات عديدة، بما في ذلك في “معاريف” فصلت غير مرة خطة عمل المعسكر الرسمي وفيها محطات على الطريق، فيما أن الهدف كان ولا يزال –تفكيك الرزمة على حدث هام، يُنظر اليه كسبب مناسب لانهاء حكومة الطوارئ الوطنية وليس كحيلة سياسية لحظية أخرى.

“بنك الأهداف” بات محددا مسبقا، وهذا أيضا لم يكن صعبا على نحو خاص، اذ أنه في الواقع السياسي الراهن لا تنقص أسباب لتفجير القصة عليه. فقد كانت الخيارات هي قانون التجنيد (ما تشوش قليلا بفضل المناورة الذكية التي تمثلت بامتشاق قانون التجنيد الذي وضعته حكومة بينيت – لبيد) أو – اليوم التالي. في الحالتين المذكورتين النجاح ليس موضع شك. فنتنياهو غير قادر على ان يستجيب لمطالب غانتس – لا بالنسبة لـ “مخطط الخدمة الإسرائيلية”، ولا في موضوع خطة اليوم التالي حسب المقياس المقبول على الأمريكيين – غانتس – يوآف غالنت.

في اثناء الأشهر الأخيرة اعتقد الامريكيون، الى جانب الراي العام، الذي في الغالب طالب غانتس بالبقاء في حكومة الطوارئ، بان غانتس وغادي آيزنكوت ملزمان بالبقاء كاعضاء في الحكومة وكابنت الحرب لاجل تصدر خط ليس هو خط اليمين الصقري لايتمار بن غفير – بتسلئيل سموتريتش، الذي تقلق منه إدارة بايدن جدا. القرار الاستراتيجي لغانتس لبدء عد تنازلي يشير ضمن امور أخرى الى أن في واشنطن على ما يبدو يئسوا نهائيا من قدرة المعسكر الرسمي التأثير من الداخل بشكل ناجع يبرر استمرار شراكتهم مع نتنياهو.

وعليه، فان المعسكر الرسمي يلتزم بالجدول الزمني الأصلي – ووفقا لخطة المغادرة في بداية الدورة الصيفية، طرح غانتس على نتنياهو إنذارا غير قابل للحل. لقد صعد غانتس الى مسار الانسحاب، بينما هو يمنح نتنياهو كهدية ثلاثة أسابيع في اطار الدورة الصيفية للكنيست. الخطة بقيت بلا تغيير جوهري. غانتس فضل الا يقتاد الى الخارج من قبل المعسكر الغاضب بل ان يسبق موجة الغضب ويخرج بمبادرته.

لماذا يظهر غانتس سخاء تجاه رئيس الوزراء؟ لعدة أسباب. بداية هو يبني نوعا من “لعبة اللوم” كي يخرج نتنياهو المذنب المطلق في تفكيك حكومة الطوارئ – الرافض الدائم، بخلاف غانتس الرسمي والمتفهم. بالتوازي، غانتس يعطي مصوتيه فترة تكيف من ثلاثة أسابيع لاستيعاب الوضع الجديد المتمثل بالانسحاب من حكومة الطوارئ. رويدا رويدا، دون استخلاص استنتاجات انتخابية غير مرغوب فيها. ينبغي الإشارة الى أن اليوم أيضا، حسب الاستطلاعات، نحو 10 – 15 مقعدا لمصوتي اليمين يقفون في موقف المعسكر الرسمي. معظمهم يعارضون انسحاب غانتس من الحكومة ويواصلون تأييد الوحيدة. غانتس ورجاله سيتعين عليهم أن يجروا لهم حملة إعلامية فاعل في محاولة للإبقاء عليهم دون أن يبحثوا عن بيت سياسي بديل بعد تفكيك حكومة الطوارئ. معقول الافتراض بان غانتس سينسحب ليس كي يجف في المعارضة دون حدود زمنية. في اثناء الأسابيع الثلاثة الانتقالية – وبقوة اكبر –في اثناء ستة الأسابيع التي تتبقى بعد أن ينسحب حتى الاجازة – رجال المعسكر الرسمي سيبذلون كل جهد مستطاع لاجل بلورة مجموعة متمردين في الليكود لاجل الوصول الى تقديم موعد الانتخابات.

——————————————–

يديعوت 20/5/2024

تجار الاوهام

بقلم: عيناب شيف

جاءت الخطابات الأخيرة لوزير الدفاع يوآف غالنت والوزير بيني غانتس لعزل رئيس الوزراء والاشارة اليه كمسؤول عن السياسة التي تغرق إسرائيل في وحل سيصعب عليه الخروج منه. الخط الذي يربط بين الساحات والمواضيع المختلفة (غزة، لبنان، ايران، الولايات المتحدة، قانون التجنيد) والادعاء بان نتنياهو يرفض اتخاذ قرارات من شأنها أن تعرض مستقبله السياسي للخطر وهكذا يتسبب بالفعل او بانعدام الفعل بأضرار رهيبة (احتلال غزة، افراغ بلدات الشمال، تدمير العلاقات مع البيت الأبيض وتخليد الظلم في التجنيد للجيش الإسرائيلي). بالمقابل، فان غالنت وغانتس يصوران نفسيهما كمن تحركهما اعتبارات موضوعية فقط ويدفعان الى اتخاذ قرارات ضرورية للأمن القومي والنظام الاجتماعي.

بالفعل، غالنت وغانتس هما ليسا نتنياهو. لكنهما أيضا ليسا بديله. فالفجوة التي يحاولان خلقها، بين رجال دولة واستراتيجيين، وبين السياسي الفزع، لا تنجح في المسألة الوحيدة التي تُعرف البديل. ماذا تقترحان. وفي هذا البند، بين الموقف القاطع لغالنت و“الانذار” عديم المعنى لغانتس، لا فرق: كلاهما يعتمدان على الكثير من الهواء الساخن، الكليشيهات، الخيالات وكذا انعدام الشجاعة للتصدي باستقامة للمأساة التي تغرق فيها إسرائيل منذ سبعة اشهر.

حتى لو وقف نتنياهو هذا المساء امام الكاميرات وقال: “رحلت، فليرافقكم النجاح”، ومعه أيضا الشراكة التي تتحكم به زعما، لا يوجد أي سيناريو متماسك يعود فيه المخطوفون والمخطوفات في اطار اتفاق لا ينهي الحرب ويسحب قوات الجيش الإسرائيلي وفي نفس الوقت تفقد حماس السيطرة في القطاع ولا تحل السلطة الفلسطينية محلها أيضا لان معظم الجمهور، الذي يريد “الانتصار المطلق” الذي وعدوه به ليس مستعدا لان يسمع عن هذا. وفي مسألة التجنيد أيضا ليس لديهما بشرى حقيقية. في حالة غالنت، وزير دفاع إسرائيل والرجل الذي يدعي تمثيل احتياجات الجيش، موقفه ليس اقل دهشة: فليس لديه موقف. “قانون مقبول من عموم الشركاء في الائتلاف”، ليس موقفا.

في النهاية، كل شيء يعود لما قاله آيزنكوت في برنامج “عوفدا” التلفزيوني. “هل توجد لنا اليوم زعامة تقول الحقيقة للناس؟” تسأله ايلانا دايان. آيزنكوت، الذي يواصل التصرف وكأنه لم يستوعب بعد بانه بصفته منتخب من الجمهور عليه أن يتحدث بين الحين والآخر وبالفعل، مع الجمهور، أجاب بكلمة واحدة: لا. عندها أيضا كان ينبغي الايضاح بان “الزعامة” هي ليس فقط نتنياهو. هي أيضا غالنت وغانتس. واليوم أيضا هما لا يقولان ما ليس لطيفا سماعه: بان “الفعل السياسي” موضع الحديث إياه هو نظري على اقل تقدير ويقوم على أساس سلسلة من الفرضيات التي تتراوح بين “لن يحصل” و “الويل اذا ما حصل”؛ وان الحركة الوطنية الفلسطينية نهضت من القبر أيضا بفضلنا وهي لن تختفي اذا قلنا “تطبيع مع السعودية” ثلاث مرات في اليوم؛ وان الجيش هو ليس المشكلة ولكنه بالتأكيد أيضا ليس الحل؛ وان الحرب على الكامل في الشمال هي تحد لا تعرف الجبهة الداخلية وليست مستعدة له؛ وان هناك ثمن باهظ وأليم للحلم  في أن نكون أثينا في الشرق الأوسط، لكن ان نكون سبارتا هو ايضا فشل ذريع، وانه حتى لو لم يكن مفر فانه ينبغي عمل كل شيء كي نحرص على الا يستمر الى الابد.

وبالاساس، غالنت وغانتس كانا ملزمين بان يقولا ان كل شيء يبدأ وينتهي في مسألة اذا كان الجمهور يريد الأوهام ام الواقع. اذا كان الجواب هو الأوهام فليس مهما من يبيعها له.

———————————————

 هآرتس 20/5/2024

“اليوم التالي” يتم تشكيله في اليوم السابق، “ليس خلاله”

بقلم: يغيل ليفي

مفهوم “اليوم التالي” هو مفهوم فارغ وتم استخدامه بشكل خاطيء. “اليوم التالي” ليس الواقع الذي يتم تشكيله بعد انتهاء الحرب، بل هو الذي تعمل الحرب على تشكيله. لذلك، خطة “اليوم التالي” يتم تشكيلها قبل شن الحرب. المفهوم المهني السائد هو “استراتيجية الخروج”، الدولة تستخدم القوة العسكرية طبقا لاهداف سياسية، تتم صياغتها بوضوح كي تشتق منها استراتيجية الخروج؛ أي الشروط التي ينتهي فيها استخدام القوة بعد تحقيق الاهداف.

الحاجة الى رسم استراتيجية للخروج تمت صياغتها من قبل لجنة فينوغراد، التي حققت في حرب لبنان الثانية. اللجنة تناولت الخروج الى الحرب (بسبب حادثة صادمة تستدعي الرد الفوري والقوي لمنع الشعور بالعجز والاحباط)، بالذات في مثل هذه الحالة، قالوا في اللجنة، يجب العمل بصورة مخطط لها، تقلص “الخوف من ردود اندفاعية مبنية فقط على الحدس أو المشاعر الآنية”.

لذلك، قامت اللجنة بانتقاد غياب استراتيجية الخروج للحرب. “تخطيط مسار الانطلاق هو عامل رئيسي في تخطيط كل عملية عسكرية: مطلوب لضمان نجاح العملية حتى لو تغيرت الظروف”. لذلك، قالوا في اللجنة إن خطة الانطلاق يجب وضعها في بداية الحرب، لا سيما قبل أن تخلق الطريقة التي بدأت فيها الحرب ضغوط تشكل ما سيأتي فيما بعد. بكلمات اخرى، الاعتبارات الاستراتيجية يجب أن تكون موجودة على طول عملية التخطيط للحرب وتنفيذها.

هذا الدرس تم نسيانه في تشرين الاول. اسرائيل قامت بشن حرب انتقام، اندفاع، حيث عرضت بعد بضع ساعات على المذبحة هدف يتمثل بـ “تدمير القدرة العسكرية والسلطوية لحماس”. كل ذلك دون الادراك بأن هذا هدف يمكن تحقيقه. وفوق كل ذلك، من الذي سيسيطر في القطاع بعد تحقيق الهدف، وهو ما سيسمح بشن الحرب ووقفها. اذا مثلا كانت الحكومة قررت أن الهدف هو سيطرة السلطة الفلسطينية على القطاع، ولنفرض أنها لم تضع أي انذار لحماس على الفور، وهكذا تمنع الحرب، فان هذا الهدف كان يجب أن يؤثر على طبيعة ادارة الحرب.

في مثل هذه الحالة كان من الصحيح تجنب تدمير القطاع والقتل الجماعي، وانهاء الحرب بعد عمليات القصف بدون العملية البرية، من اجل السماح للسلطة الفلسطينية بتولي السيطرة، والوقوف امام سكان غزة كالمخلص من هجوم اسرائيل، وأن تحصل على الشرعية للعودة والحكم. بدلا من ذلك، لو أن اسرائيل وضعت كهدف تفكيك سلطة حماس، ولكن أن تضع “الادارة المدنية والمسؤولية عن النظام العام في يد جهات محلية لها تجربة في الادارة” كخطة بنيامين نتنياهو التي عرضت على الكابنت في شهر شباط الماضي، لكان يمكن تجنب تدمير البنى التحتية المدنية والسلطوية من اجل التمكين من نقل السيطرة الى هذه الجهات المحلية المجهولة على كل منطقة قام الجيش باحتلالها.

أي بديل لـ “اليوم التالي” يشكل خطة الحرب بطريقة موجهة للنقطة الزمنية المثالية لنقل السيطرة. من المعروف أنه لو كان وضع هدف آخر يعطي الاولوية لاطلاق سراح المخطوفين لربما كان القتال تأجل. ولكن احتمالية استخدام البدائل التي كان يجب مناقشتها في الايام الاولى في تشرين الاول، ضعفت في ظل غياب استراتيجية الخروج من الحرب. في الوقت الذي فيه الجيش يدمر البنى التحتية المدنية والقتال يستمر الى حين تدمير كل قوة حماس. الفراغ السلطوي الذي نشأ في غزة شكل خطة اقامة ادارة مدنية اسرائيلية. في خطة “اليوم التالي”، التي سمح يوآف غالنت وبني غانتس وغادي ايزنكوت والجيش بتشكيلها. تم نسيان أن “اليوم التالي” يتم رسمه في “اليوم السابق”.

———————————————

معاريف 20/5/2024

هذه ليست زعامة

بقلم: ميخال كوهن

منذ دخل بيني غانتس الى السياسة وهو يغلف نفسه بصورة القديس المُعنّى، حاملة الجرحى الخالد، الرسمي. من جهة يغمز اليمين والمتدينين ومن جهة أخرى يغمز المعسكر الليبرالي.

منذ دخوله الى الكابينت في المرة الثانية مرارا وتكرارا صعب عدم التأثر بالطريقة التي يناور فيها نتنياهو معه وكيف يستسلم لكل خطوة من الحكومة، سواء في موضوع سلم الأولويات في استمرار الحرب بدون اهداف ام في موضوع التعيينات الموعودة والتي لم تنفذ، ام في موضوع الميزانية ام في تصريحات الوزراء.

مع خروج السبت عقد غانتس مؤتمرا صحفيا عرض فيه ستة اهداف، والتي على حد قوله اذا لم تتحقق حتى 8 حزيران فهو سينسحب من الحكومة. من الواجب ان نسأل غانتس: اين كنت سبعة اشهر؟ أفلم تجلس في الكابنت؟ افلا تعرف ان إسرائيل تتصرف دون هدف سياسي؟ الا تعرف اننا بذلك نفقد الائتمان الدولي؟ الا تعرف ان ادخال المؤن الى غزة على مدى اشهر طويلة أبعد فقط السنوار عن مسار وقف النار، بخاصة في ضوء حقيقة ان على مدى اشهر كثيرة دارت الحرب بقوى متدنية.

اين يقف غانتس في ارائه؟ هل هو مع غادي آيزنكوتالذي قال في كانون الثاني في “عوفدا” بان فقط من خلال صفقة نعيد المخطوفين، لأننا لن نرى حملة عنتيبة 2 وان اهداف الحرب – تقويض حماس وإعادة المخطوفين – يتصادمان؟ ام يعتقد ان الكابنت يتصرف على نحو صائب.

يدعي الكثيرون بان غانتس ساذج، لكن الحقيقة هي أن سلوكه الغامض وسياسة “امسكوني”التي يمارسها منذ دخوله الى الكابنت، يبدوان اكثر فأكثر كنابعين من خليط من التهكم والحسابات السياسية الباردة.

​اذا كان الكابنت يتصرف انطلاقا من مصالح سياسية شخصية وليس انطلاقا من مصلحة الدولة، فلماذا انت لا تزال هناك؟ وسؤال آخر: ماذا سيحصل اذا ما تم تنفيذ واحد أو اثنين فقط من اصل الشروط الستة التي طرحتها؟

ليس للمخطوفين وقت للانتظار، ليس لهم ثلاثة أسابيع ليروا غانتس يعدد كم شرطا تحقق. ولا أيضا لعائلاتهم، للنازحين، لخادمي الاحتياط وبعامة للشعب. فبخطاب آخر مفعم بالهذر غير واضح يحكم غانتس على عائلات المخطوفين وعلى كل الشعب بفترة زمنية أخرى من انعدام اليقين. ليس هكذا تبدو “إسرائيل قبل كل شيء”، شعار غانتس الانتخابي. كما أنه ليس هكذا تبدو الزعامة. أولئك الذين يرغبون في البديل عليهم أن يفهموا بان غانتس ليس العنوان. فهو يسير لابسا ويشعر بلا لباس، وهذا يسمى تهكم، وليس سذاجة.

———————————————

هآرتس 20/5/2024

سواء نجا رئيسي أم مات، سياسة ايران لن تتغير

بقلم: تسفي برئيل

حتى بعد أن تبين بأن رئيس ايران، ابراهيم رئيسي، قتل في حادثة المروحية التي اضطرت الى الهبوط بشكل اضطراري، فان ايران لن تبقى يتيمة القيادة، أو أنه فجأة سيبدأ تغير في سياستها واستراتيجيتها الاقليمية والعالمية، أو حتى بنية النظام. ايران هي دولة اجهزة، فيها الكلمة الاخيرة التي تقرر هي في يد الزعيم الاعلى علي خامنئي، في حين أن الرئيس، حتى لو كان منتخب في انتخابات رسمية وغير ديمقراطية، هو في مكانة مدير عام ملقاة عليه مسؤولية تنفيذ قرارات الزعيم الاعلى وتحمل وزر الاخفاقات في ادارة الدولة.

مكانة رئيسي لا تختلف في ذلك، الذي انتخب لهذه الولاية في 2021، عن مكان اسلافه، سواء كانوا من التيار “الاصلاحي” مثل حسن روحاني أو محمد خاتمي، أو كانوا من التيار “المحافظ المسيحاني” مثل محمود احمدي نجاد. مواضيع جوهرية مثل تطوير المشروع النووي أو قرار تجميده وبناء محور استراتيجي مع روسيا والصين، وترميم شبكة العلاقات مع الدول العربية، كل ذلك يتحكم فيه بشكل مطلق الزعيم الاعلى خامنئي. ايضا استئناف العلاقات مع دولة الامارات في 2021، ومع السعودية في آذار 2023، واستراتيجية تشغيل وكلاء ايران في لبنان وفي العراق وفي اليمن، كلها ليست من صلاحية الرئيس. في حين أن صلاحية الزعيم الاعلى غير قابلة للنقاش فان عملية اتخاذ القرارات يؤثر عليها اشخاص واجهزة لها قوة وعمليات سياسية تجبر الزعيم على أخذها في الحسبان. خامنئي محاط بعدد كبير من المستشارين في جميع المواضيع. اضافة الى صلاحيته في تعيين الوزراء واقالة الرئيس فان خامنئي، وليس رئيسي، هو الذي يعين قادة الجيش والحرس الثوري، اضافة الى تعيين ممثليه في الوزارات الحكومة وفي الجيش وفي الحرس الثوري، الذين مهمتهم التأكد من تنفيذ سياسته. ايضا ابناء عائلته، لا سيما نجله مجتبى، وعدد من فقهاء الشريعة، يوجد لهم دور كبير في تشكيل سياسته.

من بين هؤلاء فان رئيس الدولة هو جهة اخرى تتنافس مع اصحاب مكانة آخرين على أذن خامنئي، طالما أنه يعتبر مخلص جدا لنهج الزعيم الاعلى. التحدي الاكبر لخامنئي هو الموازنة بين كل عوامل القوة هذه لازالة المعارضة التي يمكن أن تعرض للخطر مكانته، وفي نفس الوقت فحص احتياجات الدولة. على سبيل المثال، هو صادق على المفاوضات وعلى التوقيع على الاتفاق النووي الاول رغم معارضة الحرس الثوري وجهات محافظة دينية. وصادق ايضا على استئناف الاتصالات مع الولايات المتحدة حول التوقيع على اتفاق نووي جديد بعد أن قرر الرئيس ترامب في 2015 الانسحاب من الاتفاق النووي. وصادق ايضا على اجراء المفاوضات مع الولايات المتحدة حول اطلاق سراح سجناء خلافا لمواقف عدد من مستشاريه.

في كل هذه الامور لم يكن لرئيسي أي دور حقيقي في اتخاذ القرارات. في البنية الرسمية وغير الرسمية لعملية اتخاذ القرارات في النظام لن يحدث أي تغيير حتى لو لم يبق رئيسي رئيسا للذراع التنفيذية. في هذا يكمن الفرق المهم بين النظام في اسرائيل والانظمة الديكتاتورية المعروفة في الدول العربية.

هرم القيادة في ايران يعتمد على مبنى معقد، الذي جزء منه يظهر الوجه الديمقراطي الذي يشمل الانتخابات للرئاسة والبرلمان والسلطات المحلية وعدد من المجالس التي مهمتها، على الاقل دستوريا، فحص والمصادقة على أو الغاء قوانين يسنها البرلمان والسياسة التي تتبناها الحكومة. توجد في الاعلى طبقة اخرى لمؤسسات غير منتخبة مثل جهاز القضاء وقوات الامن. هذه البنية، في قسميها المنتخب والمعين، يحكمها الزعيم الاعلى، وينشيء في الاوقات العادية منظومة توازن وكوابح، التي هي غير موجودة في معظم الدول الديكتاتورية. كل ذلك الى حين الحاجة الى اتخاذ قرارات استراتيجية، ليس فقط في القضايا الامنية والنووية، بل حتى في المواضيع الاقتصادية. هذه الاجهزة اقوى من الحكومة ورئيسها، وهي تخضع لانتقاد البرلمان ومجالس الرقابة على اشكالها.

توجد مشكلة مع الرؤساء في ايران وهي أن اخفاقاتهم أو انجازاتهم تنعكس على شكل النظام ومن يترأسه في المجال العام المحلي، وهي يمكن أن تضر بـ “العقد” النظري الموجود بين الحاكم والشعب، وتعمل على تآكل شرعيتهم. رئيسي اعتبر رئيس فاشل منذ الاسابيع الاولى لانتخابه عندما وقفت ايران وما زالت تقف امام ازمة اقتصادية من اخطر الازمات في تاريخها. الوعود المدهشة التي سوقها في حملته الانتخابية مثل بناء مليون شقة للمحتاجين وتقليص كبير في نسبة البطالة وتعزيز قيمة الريال الايراني وخفض التضخم و”الصمود” أمام العقوبات، لم يبق منها الكثير.

في البرلمان الايراني الذي يسيطر عليه المحافظون تسمع انتقادات على الفشل الاقتصادي للحكومة، الى أن اضطر رئيسي، الذي تعرض هو نفسه لدعوات اقالته، اضطر الى اقالة عدد من وزراء الاقتصاد لارضاء منتقديه. رئيسي الذي كان في السابق رئيس السلطة القضائية، ونائب المدعي العام، والمسؤول في 1988 عن اعدام الكثير من الخصوم السياسيين، لم ينجح في فترة ولايته في عرض خطة اقتصادية مناسبة أو ميزانية حقيقية يمكنها التعامل مع الازمة الاقتصادية.

التضخم المتزايد الذي بلغ 40 في المئة، ونسبة البطالة التي بلغت 8 في المئة، اضافة الى انخفاض سعر الريال، الذي كان في العام 2018، 42 ألف ريال للدولار مقابل 650 ألف ريال للدولار في الشهر الماضي. إن تحطم الطبقة الوسطى وهرب الادمغة الكبير وملايين الاشخاص الذين فقدوا اماكن العمل والمظاهرات في 2022 بعد قتل مهاسا اميني على يد رجال شرطة الآداب، هزت النظام وجعلت رئيسي أحد الرؤساء الاسوأ في تاريخ ايران.

في المقابل، بصفته مقرب جدا من خامنئي، فان رئيسي يحظى بالدعم، وحتى أنه يعتبر أحد المرشحين لوراثة خامنئي في مستقبلا. الجهة المسؤولة، حسب الدستور، عن تعيين الزعيم الاعلى، هي مجلس الخبراء. ولكن خامنئي عين في السابق لجنة تتكون من ثلاثة اشخاص، من بينهم رئيسي، مهمتها التوصية بالوريث. مع ذلك فان التقدير هو أن خامنئي قرر من سيكون وريثه. منصب رئيسي، اذا قتل، سيشغله نائبه الاول. ولكن المتوقع هو اجراء انتخابات مبكرة.

———————————————

هآرتس 20/5/2024

استمعوا الى نتنياهو هذه ليست مجرد اقوال

بقلم: الوف بن

منتقدو رئيس الحكومة يميلون الى التعامل باستخفاف مع تصريحاته وخطاباته، وعرضها كأقوال فارغة لحل مشكلات سياسية آنية. الرد التلقائي على ظهورات بنيامين نتنياهو تملي نفسها. كاذب، مخادع، محكوم من قبل بن غفير وسموتريتش. ايضا من يقولون بانفعال “أنت الرئيس، اذا أنت المذنب” يميلون لاعطائه تسهيلات وتخفيضات والادعاء بأنه لا توجد لديه خطة، وحتى اذا وجدت لهو غير قادر على اتخاذ قرار. ولكن اذا كان نتنياهو مجرد روبوت تتم برمجته في ميامي، أو كرة يتم ركلها بين البيت الابيض وقوة يهودية، فما هو ذنبه بالضبط؟.

نتنياهو دائما يختبيء وراء شخصيات قوية ويفضل الظهور كخرقة بالية، لا أن يناضل على مواقف مختلف عليها. دائما ستكون سارة ويكون يئير، الرئيس الامريكي، الائتلاف وجهاز الامن، الذين سيمتصون الانتقادات بدلا منه. ميله لالقاء المسؤولية ازداد، بالطبع منذ قيادته لاسرائيل الى كارثة 7 اكتوبر وحرب الاستنزاف في قطاع غزة وفي الشمال. ولكن بدلا من السقوط كضحية للخدعة المتملصة لرئيس الحكومة، من الجدير الاستماع اليه ومعرفة الى أين يسعى.

من اللحظة التي استيقظ فيها من الصدمة عند اندلاع الحرب، نتنياهو يصمم على عرض سياسته لـ “اليوم التالي”: “احتلال اسرائيل من جديد لقطاع غزة”، أعلن في كانون الاول، “بعد تصفية حماس غزة ستكون منزوعة السلاح، تحت سيطرة اسرائيل الامنية، ولن تكون فيها أي جهة تهددنا وتعلم اولادها الارهاب”.

في شهر شباط اضاف الى مجموعته عبارة “النصر المطلق”، التي كالعادة اثارت الضحك والمحاكاة. ماذا لو كان نتنياهو يقصد ما يقوله، وحقا توجهه للنصر باسلوب حرب الاستقلال، التي فيها اسرائيل ستحتل غزة. الكثير من السكان الفلسطينيين هناك سيغادرون الى دول عربية وغربية، وفي المنطقة ستقام مستوطنات لليهود؟. هذه النتيجة مناسبة بالضبط للبند الاستهلالي في الخطوط الاساسية للحكومة الحالية: “الشعب اليهودي له الحق الحصري، غير القابل للنقاش، في كل ارض اسرائيل”.

يصعب الادعاء بأن كل هذا أقوال. خطوات اسرائيل العسكرية في غزة تسمح  بهذه النتيجة: طرد السكان، تدمير المدن والقرى، الصعوبة في ادخال الغذاء والوقود للاجئين، تقسيم القطاع بشارع عرضي واقامة قواعد للجيش الاسرائيلي على طوله، الدخول بالتدريج الى رفح. الادارة العسكرية التي يقترحها نتنياهو الآن (كعادته يختبيء وراء السكرتير العسكري، الجنرال رومان غوفمان، بسبب أنه فقط كتب وثيقة خاصة”)، هي مرحلة اخرى في العملية المتدحرجة نحو “تهويد قطاع غزة”.

في الوقت الذي يطالب فيه اليمين بشكل علني بنكبة ثانية في قطاع غزة، فان معارضي النظام يعزون انفسهم بالاعتقاد أن هذه اوهام مسيحانية لن تتحقق. يعلقون الآمال على العالم الذي لن يسمح لاسرائيل بتكرار “ولادة قضية جديدة للاجئين الفلسطينيين”، مثل عنوان كتاب بني موريس عن حرب العام 1948. لا شك أن المجتمع الدولي، برئاسة الولايات المتحدة، يعارض بشدة احتلال اسرائيل للقطاع، وبالتأكيد يعارض التطهير العرقي للسكان الفلسطينيين واستبدالهم بمستوطنين يهود. التهديد بأوامر اعتقال في لاهاي وتجميد ارساليات السلاح من امريكا، استهدف ردع نتنياهو عن الذهاب حتى النهاية.

لكن نتنياهو يعرف بشكل ممتاز التاريخ، ويعرف أن امريكا عارضت مرة تلو الاخرى خطوات اعتبرتها اسرائيل حيوية، وتراجعت امام تصميم اسرائيل. هكذا كان الامر عند اعلان الاستقلال، رفض عودة اللاجئين الفلسطينيين، اعلان القدس كعاصمة لاسرائيل، اقامة المفاعل النووي في ديمونه، بناء المستوطنات في المناطق وتوسيعها، وحتى العملية الحالية في رفح. في كل هذه الاحداث اسرائيل استمعت الى امريكا ولكنها فعلت العكس، بالضبط مثلما يقوم نتنياهو الآن بخداع الرئيس الامريكي ومبعوثيه الذين يأتون من اجل حثه على “اعادة السلطة الفلسطينية الى قطاع غزة”. بالنسبة له، التحدث عن صفقة اعادة المخطوفين مقابل وقف اطلاق النار وانسحاب اسرائيل، هي فقط طريقة لاضاعة الوقت الى حين يتعود العالم على الواقع الجديد الذي سينشأ في قطاع غزة، كما تعود على نتائج الحرب الاهلية في سوريا.

 

ماذا اذا حقق بني غانتس آمال المتظاهرين في كابلان وقدم استقالته من مجلس الحرب ووقف مثل اليكسيه نفلاني وجان دارك على رأس الاحتجاج ضد نتنياهو. المشكلة في هذا السيناريو ليست فقط ضعف غانتس السياسي، الذي لا يمكنه اسقاط الحكومة والوصول الى الانتخابات ومعاملته اللطيفة، بل في موقفه الجوهري. كما أظهر مرة اخرى في “الخطاب الانذاري” فان غانتس ببساطة يؤيد سياسية الحكومة التي يجلس فيها. هو ايضا يدعو الى مسؤولية امنية اسرائيلية في غزة، بالضبط مثل الاحتلال في الضفة الغربية، ويعارض حماس وعباس ايضا. الفرق بينه وبين نتنياهو هو أنه يريد “اجراء نقاشات” خلافا لنتنياهو. وزير الدفاع يوآف غالنت اكثر شجاعة من غانتس في سلوكه العام وانتقاده لنتنياهو، لكن هو ايضا يؤيد استمرار الحرب، ومعارضته للحكم العسكري في غزة يبررها باعتبارات اقتصادية والقوة البشرية، وليس بتقدير أن الاحتلال يضر اسرائيل.

هكذا فان اسرائيل تسير بثقة الى التراجع عن الانفصال والعودة الى غزة بروحية وعود نتنياهو وآمال شركائه في الائتلاف. “كيف لم أخمن مسبقا”، كتب س. يزهار. “خربة خزعة لنا. قضية التوطين ومشكلات الاستيعاب. سنعيش معا ونندمج. ولكن كيف؟ سنقوم بفتح جمعية استهلاكية، مدرسة وربما ايضا كنيس… لتحيا خزعة العبرية! من سيخطر بباله أنه كانت هنا ذات مرة خربة خزعة، التي قمنا بطرد سكانها وورثناهم. جئنا، اطلقنا النار، احرقنا وفجرنا وقمنا بالصد والدفع والتهجير”. يمكن البدء في كتابة مسودة لقصة التتمة. بمكن فقط التقدير أنه في هذه المرة الكنيس سيقام قبل الجمعية الاستهلاكية.

———————————————

هآرتس 20/5/2024

قد تجعل وفاة رئيسي من الصعب إلى حد ما على اذرع إيران شن الحرب

بقلم: عاموس هرئيل

مع مرور الساعات من يوم أمس، تزايد الإحراج في قمة النظام الإيراني. وفقدت المروحية التي كان يستقلها الرئيس إبراهيم رئيسي ووزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان ومسؤولون آخرون في شمال البلاد، بعد عودة الوفد من مراسم رسمية في أذربيجان. وواجهت جهود الإنقاذ صعوبات في منطقة جبلية وفي ظروف جوية شتوية. بدت فرص العثور على ناجين أحياء منخفضة للغاية الليلة الماضية. وأعلنت إيران صباح اليوم (الاثنين) رسميا مقتل جميع ركاب المروحية.

إن النجاح الاستراتيجي الذي تتمتع به إيران والمنظمات الراعية لها في الحرب الحالية يخلق إحباطا كبيرا في إسرائيل. ليس من المستغرب في ظل هذه الظروف أن نميل إلى نسيان الوجه الحقيقي للنظام في طهران: تلك المجموعة القاتلة والقاسية والفاسدة من رجال الدين وأعضاء الحرس الثوري، التي يكرهها قسم كبير من سكانها. وإلى جانب القمع العنيف للمقاومة في الداخل، والتشجيع النشط للإرهاب في الخارج، فإن لهذا أيضاً عواقب واضحة على طبيعة السلوك اليومي للنظام.

يتمتع الإيرانيون اليوم بإنجازات علمية وتكنولوجية وعسكرية، لكنها تظل في كثير من النواحي دولة متخلفة، ومستوى بنيتها التحتية ليس مرتفعًا ولها في الماضي تاريخ طويل من الحوادث الجوية، أيضًا في ضوء نظام العقوبات الذي تم فرضه. تم تطبيقه ضدها لسنوات ويتطلب استخدام بقايا الطائرات والمروحيات المصنوعة في الولايات المتحدة، والتي تم شراؤها بشكل أكبر في أيام الشاه، يمكن أن تحدث حوادث جوية في أي مكان في النظام الذي تقرره السلطات، لا توجد عملية حرة من تقصي الحقائق ولا توجد قدرة حقيقية على الطعن في قراراتهم، وربما تميل إلى الحدوث في كثير من الأحيان.

وبحسب التقارير الأولية، فمن المحتمل أن يكون اختفاء المروحية ناجما عن اصطدامها بجانب جبل أثناء عاصفة. ويبدو أن هذا حادث ناجم عن خطأ فني أو خطأ بشري من جانب الطيارين. وفي وسائل الإعلام الغربية، استبعدت احتمال تورط إسرائيل في الحادث، وكان هذا أيضًا روح ما سمع الليلة الماضية في إسرائيل، على الرغم من عدم صدور أي نفي رسمي. ومن الصعب جداً تصور حكومة، حتى في الظروف الصعبة الحالية، تخاطر بمثل هذه الخطوة. وهذا لا يعني أن الإسرائيليين والإيرانيين سوف يذرفون الدموع على مصير رئيسي.

الرجل الذي شارك في فرض أحكام الإعدام على العديد من معارضي النظام بعد الثورة الإسلامية، كان شريكا في السنوات الأخيرة في الخط المتشدد المتطرف، بقيادة المرشد الأعلى علي خامنئي والحرس الثوري، ضد إسرائيل والولايات المتحدة. . لقد كلف الدعم الإيراني لحماس والجهاد الإسلامي وحزب الله حياة الآلاف من الإسرائيليين، وأحياناً حياة اليهود في الخارج. ولطهران صلة مباشرة بكل ما حدث هنا منذ مذبحة 7 أكتوبر/تشرين الأول، حتى لو كانت قيادة حماس في قطاع غزة توجهت إليها دون تنسيق مسبق من تاريخ الهجوم.

وتيرة مختلفة

وحدث اختفاء المروحية في وقت شعر فيه النظام الإيراني بأن له اليد العليا. بدأت استراتيجية “حزام النار” التي صاغها الجنرال قاسم سليماني، وهدفها الأساسي تطويق إسرائيل بميليشيات مسلحة بعشرات الآلاف من الصواريخ والقذائف، تؤتي ثمارها بعد نحو أربع سنوات من الاغتيال الأميركي لسليماني. ومستوى التنسيق بين التنظيمات في مختلف المجالات يزداد صرامة بتشجيع إيراني. إسرائيل لم تهزم، بل تلقت ضربة قوية في 7 أكتوبر، ومنذ ذلك الحين لم تتعاف حقا، وما زالت في فخ استراتيجي، على عدة جبهات. تم تجميد اتفاق التطبيع الإسرائيلي السعودي، الذي تخشى طهران أن يحدثه. في حين أن الإدارة الأميركية تبدو حذرة للغاية تجاه الإيرانيين، على خلفية الخوف من أن يحاول النظام استئناف برنامجه التسلحي، في إطار المشروع النووي، إلى جانب تحركات تخصيب اليورانيوم المتقدمة بشكل متزايد.

إن وفاة رئيسي، في مثل هذا الوقت، ستوجه ضربة قوية للنظام. ويمكن الافتراض أن قوى الأمن الداخلي تستعد لقمع موجة من مظاهر الفرح بالقوة. وكان رئيسي، وفقاً لتقارير نشرت مؤخراً في الصحافة البريطانية والأمريكية، أحد المرشحين الرئيسيين ليحل محل خامنئي البالغ من العمر 85 عاماً. والمرشح الآخر هو نجل الزعيم الروحي مجتبى. وكتب كريم سجابور، الباحث في معهد كارنيجي في واشنطن وأحد أفضل الخبراء في الشأن الإيراني، أمس، بعد أن فقد الاتصال بالمروحية، أن وفاة رئيسي ستخلق أزمة خلافة في البلاد. ووفقا له، في ظل العقلية التآمرية السائدة في إيران، سوف يشك الكثيرون في أن رئيسي قد تم إبعاده عمدا عن الطريق لإفساح المجال لخامنئي الابن. وهذا سوف يضر بالشرعية العامة للوريث المتبقي، ومع ذلك فهو لا يحظى بشعبية. وقد يؤدي ذلك إلى اضطرابات، ويزيد من اعتماد خامنئي الابن على الحرس الثوري، على أمل منع أعمال الشغب العنيفة في البلاد. ويعتقد سجابور أن مثل هذا التطور يمكن أن يسرع انتقال الحكومة إلى نظام عسكري كامل، أو حتى انهيار النظام.

وهذه ليست أخبارا سيئة بالنسبة لإسرائيل. لكن الأمور في إيران ستتحرك على الأرجح بوتيرة مختلفة عن التطورات من حولنا. في السيناريو الإيجابي، في المرحلة الأولى، قد يكون النظام في طهران الآن أكثر انشغالاً بنفسه وقد يضغط بشكل أقل على حزب الله لإبقاء الجبهة العسكرية نشطة ضد الجيش الإسرائيلي. ولكن إذا كان أي شخص يأمل في وقوع حادث غامض في الجبال شمال إيران سيضع حداً للحرب الدموية القريبة منا، في الوقت الحالي يبدو هذا تقديراً مفرطاً في التفاؤل.

حقيقة غريبة

وعلى الهامش، زار وزير المالية عضو الكنيست بتسلئيل سموتريتش (الصهيونية الدينية) الحدود الشمالية أمس مع أعضاء من حزبه، ودعا الحكومة إلى إصدار إنذار لحزب الله لسحب جميع قواته شمال نهر الليطاني، وهدد بذلك في حال قيامه بذلك. وإذا رفض ذلك، فإن الجيش الإسرائيلي سيشن هجوماً دفاعياً على الأراضي اللبنانية وبعد ذلك سيقيم منطقة أمنية في جنوب لبنان.

وهذا كلام عجيب إلى حد ما، يثير الرغبة في سؤال الوزير من سيعمل في جنوب لبنان، أنت وأي جيش؟ وحتى عندما قام جيش الدفاع الإسرائيلي بتنشيط التعبئة الاحتياطية الكاملة، في الأشهر من أكتوبر إلى ديسمبر، هاجمت إسرائيل على جبهة واحدة، وهي قطاع غزة، وحافظت على موقع دفاعي ضد حزب الله على الحدود اللبنانية. والآن تم إطلاق سراح معظم وحدات الاحتياط، ولكن وينشط الجيش الإسرائيلي في رفح، وذلك أيضًا لأن الجناح اليميني المتطرف في الحكومة يطالب بشدة باحتلال المدينة ويهدد بالانسحاب من التحالف إذا لم تتم تلبية مطالبه وإذا وافقت إسرائيل على صفقة رهائن جديدة. أولئك الذين يريدون الهجوم الآن على الجبهتين في وقت واحد لا يدركون التأثير الكامل للاستنزاف المطول على القوات النظامية وجنود الاحتياط، بعد ما يقرب من ثمانية أشهر متتالية من القتال. ومن المؤكد أنه يتجاهل اعتبارات مثل استمرار المساعدة الأمنية الأمريكية، التي يحتاجها الجيش الإسرائيلي بشدة.

والأمر الأكثر غرابة هو حقيقة أن اليمين المتطرف، الذي يطالب بهجوم شامل، لا يحرك ساكنا لتشجيع تجنيد اليهود المتشددين، الأمر الذي سيساعد على توزيع عبء الخدمة بشكل أفضل وربما (بشكل متفائل بشكل خاص) السيناريو) سيضيف المزيد من المقاتلين إلى الجيش الإسرائيلي. وعندما تتذكر أن المستوطنين من اليمين المتطرف مشغولون الآن بإحراق الضفة الغربية بشكل منهجي، وفي محاولات عنيفة لمهاجمة قوافل المساعدات الإنسانية عبر الضفة الغربية إلى قطاع غزة. يشتبهون في أنهم غير مهتمين بالنصر (الذي سيكون من الصعب جداً تحقيقه)، بل بإشعال حرب أبدية. والمشكلة هي أنهم يمليون الاستراتيجية الإسرائيلية إلى حد كبير.

———————————————

هآرتس 20/5/2024

عاصفة واسعة: الموت المفاجيء للرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي

بقلم: د. راز تسيمت

ما لاح أمس كالموت المفاجيء للرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في حادث المروحية في شمال غرب ايران يشكل هزة أرضية ذات مغزى في الجمهورية الإسلامية. فالزعيم الأعلى علي خامينئي وان كان يشكل رأس الدولة ويجمع في يديه أساس صلاحيات ادارتها، بخاصة في مسائل الخارجية والامن، الا أن رئيسي يقف على راس السلطة التنفيذية، ويعتبر بشكل رسمي الثاني في أهميته في المراتبية السلطوية في الجمهورية الإسلامية ويتمتع بتأثير واضح في إدارة شؤون الدولة، ولا سيما في مجالات الداخلية والاقتصاد. فهو يترأس الحكومة، يصمم سياستها، مسؤول عن تنفيذها ويقف على رأس سلسلة من الهيئات التنفيذية العليا وعلى رأسها المجلس الأعلى للامن القومي، المسؤول عن بلورة الاستراتيجية العليا في مسائل الخارجية والامن.

ما بدا أمس كانصراف رئيسي عن الساحة يجد ايران في ذروة تطورات ذات مغزى في الساحة الداخلية، الإقليمية والدولية. في الساحة الداخلية يقف النظام امام أزمة شرعية محتدمة. فحركة الاحتجاج، التي نشبت في أيلول 2022 في اعقاب وفاة الشابة ماسا أميني، وان كانت قمعت بنجاح وعاد الهدوء في هذه الاثناء الى الشوارع، الا ان السلطات الإيرانية، بما في ذلك الرئيس رئيسي فشلت في جهودها لتقديم جواب على الازمات الاقتصادية والاجتماعية المتفاقمة في أوساط المواطنين. معدل التصويت المنخفض بشكل غير مسبوق في الانتخابات البرلمانية، التي جرت مؤخرا في ايران شهد بوضوح على التآكل المتواصل في ثقة الجمهور بمؤسسات الجمهورية الإسلامية وعلى شدة اليأس الواضح في أوساط شرائح واسعة.

وفي إطار ذلك، تقترب ايران من صراع الخلافة المرتقب بعد موت الزعيم علي خاميني ابن الـ 85. اسم رئيسي طرح في السنوات الأخيرة كأحد المرشحين المتصدرين لخلافة خامينئي مع حلول اليوم. انتخابه كرئيس في حزيران 2021 شكل مرحلة إضافية في تأهيله المحتمل لقيادة الجمهورية الإسلامية، بعد أن تركته قائمة المرشحين النهائية، التي اقرها مجلس حراس الدستور، كالمرشح الوحيد عمليا الذي كان له فرصة حقيقية للفوز في الانتخابات. بعد ثلاث سنوات من انتخابه كرئيس يقف رئيسي امام انتقاد متزايد، حتى من جانب دوائر محافظة، على خلفية فشل سياسته الاقتصادية. وقد وجد صعوبة في تحسين مكانته العامة كمن كان شريكا على الاعدامات الجماعية لسجناء سياسيين في العام 1988 عندما شغل منصب نائب المدعي العام لطهران.

كما أن رئيسي لم ينجح في التحرر من صورة البيروقراطي الرمادية ما أثر شكوكا حول فرصه لان يخلف خاميني عند حلول اليوم. ومع ذلك، لا شك أن موته المحتمل يشكل ضربة شخصية قاسية لزعيم ايران. رئيسي يعتبر الرئيس الأكثر اخلاصا وراحة بالنسبة لخامينئي من بين الرؤساء الخمسة الذين تولوا الرئاسة تحت قيادته منذ عين كزعيم في صيف 1989. انتخابه للرئاسة عكس تغييرا ذات مغزى في ميزان القوى السياسي في السلطة التنفيذية وبشر بعودة السيطرة المحافظة في عموم مراكز القوة في ايران، بخاصة بعد ثماني سنوات من ولاية سلفه في المنصب، حسن روحاني، الذي كان يتماهى مع المعسكر البراغماتي. انتخاب رئيسي أدى الى تعزيز التركيبة الصقرية للمجلس الأعلى للامن القومي.

لقد كان للرئيس رئيسي تأثير لا بأس به أيضا في إدارة السياسية الخارجية الإيرانية. في الساحة الإقليمية، كما ان لما يلوح كموت وزير الخارجية امير حسين عبد اللهيان، الذي رافق الرئيس في مروحيته، متوقع أن يكون تأثير لا بأس به. فمعرفته العميقة للشرق الأوسط، اتقانه للعربية وكونه مقرب جدا من فيلق القدس للحرس الثوري جعلت عبداللهيان في السنوات الأخيرة، وبخاصة بعد نشوب الحرب في غزة، عنصرا ذا مغزى في قيادة المعركة السياسية الإيرانية. دوره برز بخاصة مقارنة بسلفه، محمد جواد ظريف الذي تميزت بعلاقاته مع الحرس الثوري في أحيان قريبة بالتوتر. عبداللهيان أبدى دورا مركزيا أيضا في جهود ايران بتبديد التوتر مع جيرانها العرب. في الساحة الدولية وقف رئيسي بقدر كبير من خلف جهود النظام للدفع قدما بسياسة “الداخل شرقا”، التي في أساسها تعميق الشراكة الاستراتيجية مع روسيا والصين.

في خلاصة الامر، من غير المتوقع للاستراتيجية الإيرانية أن تتغير في سيناريو موت الرئيس والجمهورية الإسلامية جاهزة من ناحية دستورية وتنظيمية مواجهة رحيله المفاجيء. وحسب الدستور الإيراني، من المتوقع للنائب الأول للرئيس، محمد مخبر، ان يكون قائما باعماله حتى تحديد موعد لانتخابات السلطة للرئاسة في موعد لا يتجاوز خمسين يوما. مع ذلك، فان وفاته من المتوقع أن تهز الساحة السياسية في ايران سواء في المدى الفوري او قبيل صراع الخلافة المستقبلي. فضلا عن ذلك فان ظروف موته المحتمل كفيلة بان توقع ضررا آخر ذا مغزى في ثقة الجمهور الإيراني بمؤسسات الجمهورية الإسلامية. حتى لو كان تحطم مروحية الرئيس يرتبط بظروف حالة الجو، فانه ينضم الى سلسلة من الإخفاقات من جانب سلطات ايران في السنوات الأخيرة مثل قضية اسقاط الحرس الثوري للطائرة الأوكرانية في كانون الثاني 2020، سلوكها الفاشل في ضوء الكوارث الطبيعية ونشوب الكورونا، وسلسلة من القصورات الأمنية التي انكشفت في اعقاب تصفيات واعمال تخريب نسبت لإسرائيل في السنوات الأخيرة ضد شخصيات ومنشآت امنية حساسة في ايران.

*باحث كبير وخبير في الشؤون الإيرانية في معهد بحوث الامن القومي, ومركز اليانس للدراسات الإيرانية في جامعة تل أبيب

———————————————

هآرتس 20/5/2024

تحت القصف، نشأ في قطاع غزة اقتصاد حرب

نقلا عن نيويورك تايمز

في أحد شوارع دير البلح، على الطاولات والكراسي في المدارس التي اصبحت ملاجيء، ينشر البائعون الملابس المستعملة وغذاء الاطفال والمعلبات وأكوام نادرة الكعك الذي يصنع في البيت. في بعض الحالات رزم مساعدات كاملة، ما زال عليها علم الدولة المانحة والتي كان يجب توزيعها بالمجان، تتراكم على الارصفة ويتم بيعها بأسعار مرتفعة، قلائل فقط يمكنهم السماح لانفسهم بدفعها.

عيسى حمودة (51 سنة) وقف قرب بسطة عليها القليل من البضاعة، علب الفاصولياء التي مصدرها رزمة مساعدة حصلت عليها عائلته. حسب قوله فان معظم البضائع التي توجد في الاسواق مكتوب عليها “ليس للبيع”. وقبل أن تدمر حرب اسرائيل – حماس اقتصاد قطاع غزة كان حمودة معلم سياقة. الآن هو يقوم باعالة عائلته المكونة من ثمانية افراد بالطريقة الوحيدة المتاحة له وهي بيع قسم من المساعدات الغذائية التي يحصلون عليها مرة كل بضعة اسابيع. “ذات مرة حصلت على 4 كغم من التمر الجاف، وقمت ببيع الكيلو بثمانية شواقل”، قال.

في الاشهر السبعة منذ بدأت اسرائيل بقصف القطاع وفرضت عليه الحصار ردا على هجوم حماس في 7 اكتوبر، انهاء الاقتصاد فيه. الناس اضطروا الى الهرب من بيوتهم ومن اماكن عملهم، الاسواق والمصانع والبنى التحتية قصفت ودمرت بالكامل. الاراضي الزراعية احترقت نتيجة القصف أو تم احتلالها من قبل قوات الجيش الاسرائيلي.

بدلا من الاقتصاد المحلي نشأ اقتصاد حرب. سوق بقاء ترتكز على الغذاء والمأوى والمال.

المساعدات الانسانية التي يجب عدم بيعها، والاغراض التي تمت سرقتها، تصل الى الاسواق المرتجلة. الناس يمكنهم كسب بضع دولارات في اليوم من خلال نقل النازحين في الشاحنات أو على عربات تجرها البهائم. في حين أن آخرين يقومون بحفر المراحيض أو انتاج الخيام من القطع البلاستيكية. على خلفية الازمة الانسانية المتزايدة واليأس فان الوقوف في الطابور الآن يعتبر عمل بوظيفة كاملة، سواء في اماكن توزيع المساعدات، أو في بعض المخابز المفتوحة وأمام الصراف الآلي الوحيد أو امام محلات الصرافة. “هذا اقتصاد بقاء”، قال رجا الخالدي، الاقتصادي الفلسطيني من الضفة الغربية. “هذه لا تشبه الحروب السابقة، التي كان فيها التركيز على منطقة معينة، ومناطق اخرى كانت معرضة أقل وتمكنت بسرعة من العودة الى ادارة الاقتصاد. هذه المرة من الشهر الاول النشاطات الاقتصادية توقفت بالكامل”.

معظم الغزيين يواجهون الآن الفقر بمستويات مختلفة. هذا اضافة الى فقدان الدخل وتقييد الوصول الى الخدمات الصحية والتعليم والسكن، حسب تقارير البنك الدولي والاتحاد الاوروبي والامم المتحدة. 74 في المئة من السكان هم عاطلون عن العمل، في حين أنه قبل الحرب كانت نسبة البطالة، التي اعتبرت مرتفعة، 45 في المئة.

“الهزة التي يمر فيها اقتصاد قطاع غزة هي احدى الهزات المهمة في التاريخ الحالي”، جاء في التقارير. “الناتج المحلي الخام في القطاع انخفض 86 في المئة في الربع الاخير في 2023”.

من وزارة الدفاع جاء أن الهجمات في القطاع لم تستهدف تقويض الاقتصاد هناك، بل كانت موجهة الى “البنى التحتية الارهابية” التابعة لحماس.

الاقتصاد الآن يحركه بالاساس عرض محدود وطلب يائس للمساعدات. قبل الحرب دخلت الى القطاع يوميا 500 شاحنة للمساعدات الانسانية، الوقود وسلع اخرى. ولكن بعد اندلاع الحرب وفرضت قيود اسرائيلية جديدة على القطاع انخفض العدد بشكل كبير وبلغ 113 شاحنة بالمتوسط يوميا، رغم أن هذا العدد ارتفع قليلا في الاشهر الاخيرة. ولكن رغم التحسن إلا أن الحديث يدور عن كميات أقل بكثير من الكميات المطلوبة، حسب منظمات الاغاثة، من اجل اطعام الفلسطينيين.

الآن، ضخ المساعدات والبضائع توقف بشكل شبه كامل في اعقاب هجوم اسرائيل في رفح، والاغلاق شبه المطلق للمعابر الحدودية الرئيسية. الجوع يتفشى في القطاع، وهو يعتبر من قبل منظمات حقوق الانسان والاغاثة “سلاح التجويع” لاسرائيل، التي من ناحيتها تنفي هذه التهمة.

على خلفية النزاع والفوضى والاهمال فان الاسعار ارتفعت بشكل كبير. منذ اقتحام رفح ارتفع سعر البضائع في الاسواق، وبالنسبة لمئات الفلسطينيين الذين هربوا من الهجمات الاسرائيلية الى مناطق بعيدة عن القصف الجوي، هذا سيكلف مئات الدولارات. وحتى قبل تدهور الوضع في رفح فان المساعدات الانسانية كانت غير ثابتة، وكانت تأتي بشكل فوضوي بسبب القيود التي فرضها الجيش الاسرائيلي والتي أدت الى اليأس ومكنت العصابات المسلحة أو الافراد من نهب المساعدات، حسب اقوال السكان.

من الجيش الاسرائيلي جاء: “لم نركز في أي يوم بشكل متعمد على قوافل المساعدات وعمال الاغاثة”. وقيل ايضا بأن اسرائيل ستستمر في التعامل مع التهديدات، وفي نفس الوقت ستستمر في التخفيف وعدم المس بالمدنيين. بدون ارساليات اغاثة كافية فان السكان يضطرون الى التوجه الى الاسواق المرتجلة. البضائع هناك يمكن بيعها بأي ثمن يريده البائع. بشكل عام الاسعار ترتبط بتصعيد النزاع. مؤخرا تم بيع السكر في اسواق رفح بسبعة شواقل للكيلو. ولكن عندما اطلقت حماس في اليوم التالي 12 صاروخ على قوات الجيش الاسرائيلي التي توجد قرب كرم أبو سالم، وقتل اربعة جنود وتم اغلاق المعبر، فان السعر ارتفع خلال بضع ساعات الى 25 شيكل. بعد يوم سجل انخفاض، سعر كيلو السكر بلغ 20 شيكل.

“نفس البضاعة يمكن بيعها في نفس السوق بسعر مختلف”، قالت صباح أبو غانم (25 سنة)، وهي أم لولد ومتصفحة سابقة. “عندما توجد الشرطة فان التجار يبيعون بالاسعار التي حددتها الشرطة، وعند مغادرتهم ترتفع الاسعار على الفور”.

حسب اقوال السكان فان الوزارات التابعة لحماس والموظفين تظهر احيانا تواجدها على الارض، لا سيما في الجنوب.

في حين أن هناك فلسطينيون يقولون بأن الشرطة حاولت تحذير “تجار الحرب” من البيع بأسعار مرتفعة جدا، آخرون اتهموا حماس بجني المكاسب من المساعدات التي يتم نهبها. وحسب قول حمودة فان المساعدة التي حصلت عليها عائلته بين حين وآخر، وصلت من مكتب التطوير الاجتماعي التابع لحماس، والذي يشرف على برامج الرفاه. واشار الى أنه بشكل عام تنقص اشياء في الرزم، بالاساس السكر والتمر والزيت. وقد قال إن عائلته حصلت مرة على الخضار في اكياس نايلون سوداء. السلع التي تختفي من رزم المساعدات تصل الى الاسواق في نهاية المطاف ويتم بيعها بأسعار مرتفعة.

طريقة اخراج الاموال الخاصة لدفع اثمان الحرب المرتفعة مكنت بعض سكان القطاع من استغلال الازمة. القليل من الصرافات الآلية ما زالت تعمل في القطاع، وبجانبها يوجد طابور طويل للاشخاص الذين يحاولون اخراج اموالهم. على الاغلب يوجد حارس مسلح يقوم بمراقبة الصراف الآلي ويجبي الرسوم على استخدامه. في محلات الصرافة يعرضون على الناس طرق للحصول على اموالهم مقابل دفع رسوم عالية. “كان يمكنني تسلم الراتب فقط من اشخاص قاموا بخصم 17 في المئة من المبلغ”، قال اكرامي اسامة النمس، وهو موظف عام وأب لسبعة اولاد، هرب مع عائلته الى جنوب القطاع. وقد حاول عدة مرات الحصول على كيس طحين من قوافل المساعدات رغم خطر اطلاق النار من قبل جنود الجيش الاسرائيلي، حسب قوله، كي يتجنب الشراء في السوق السوداء. ولكنه قال إنه لم ينجح في أي مرة. “راتبي كان يكفي في السابق لشراء الغذاء والمواد الاساسية لكل الشهر، أما الآن لا يكفي حتى لشراء كيس طحين”، قال.

———————————————

هآرتس 20/5/2024 

نتنياهو يخاف من الدولة الناشئة، الآن يريد اقتصاد ترانزيت

بقلم: داني غوتفين

العملية في رفح كشفت عمق المواجهة بين نتنياهو والولايات المتحدة ومصر ودولة الامارات، التي حتى وقت متأخر كان يمكن أن تكون شريكة له في العملية التي ستؤدي من اتفاقات ابراهيم الى الصفقة مع السعودية. جذور المواجهة ظهرت في رفض نتنياهو مناقشة ترتيبات “اليوم التالي” في قطاع غزة، حسب طلب الرئيس الامريكي جو بايدن، ورفض الاعتراف بحل الدولتين حسب طلب السعودية، الذي منع الدفع قدما بالصفقة. المنطق الذي يوجه نتنياهو في ادارة الحرب في قطاع غزة يرتبط بمنطق الانقلاب النظامي. كجزء من الانقلاب فان نتنياهو يلائم طابع الاقتصاد في اسرائيل مع تغيير النظام، من ديمقراطي الى قطاعي. وطبقا لذلك فانه يسعى الى استبدال شركات الهايتيك، التي ستجد صعوبة في العمل في ظل النظام الجديد، بتجارة الترانزيت: جباية رسوم عبور من مسارات التجارة والطاقة من الهند التي ستذهب الى اوروبا عبر اسرائيل، وستغذي الصناعات التي تستخدم الكثير من العمال في مناطق التجارة الحرة. من الهايتيك ستبقى فقط اجزاء ستندمج في صناعة السلاح، التي نشاطاتها ستتم حمايته عن طريق تقليص الديمقراطية. هكذا فان نتنياهو سيتحرر من الاعتماد الاقتصادي على الدول الناشئة، التي تقود الاحتجاج ضد حكمه.

اقتصاد الترانزيت مرتبط بشكل متناقض مع تحقيق حلم بايدن في ممر تجاري يتكون من سكة الحديد والشوارع وانابيب النفط والغاز، يربط الهند باوروبا عبر الامارات والسعودية والاردن واسرائيل. هذا الممر يمكن أن يقلص اعتماد اوروبا على الغاز من روسيا، ويساعد في النضال التجاري للولايات المتحدة ضد الصين، وخلق تحالف عسكري ضد ايران. هذا الممر اطلق في 9/9/2023 في مؤتمر “جي 20” في الهند، وهجوم حماس هدف الى افشال الصفقة السعودية كمركب حيوي في هذا المشروع.

تأييد بايدن لاسرائيل في المراحل الاولى للحرب استهدف المس بحماس للتمكين من الدفع قدما بحل الدولتين، الذي اعتبر لبنة حيوية في ضمان استقرار الممر التجاري. بعد انهيار سوريا ولبنان اصبحت الشواطيء في اسرائيل معبر حيوي في الطريق الى اوروبا؛ استمرار النزاع مع الفلسطينيين يعرض للخطر ضمان انتقال البضائع والغاز، كما تعلمنا الحرب الحالية.

المواجهة المتزايدة مع بايدن تكشف التناقض في سياسة نتنياهو. الانقلاب النظامي الذي استهدف الدفع قدما بـ “خطة الحسم” للمستوطنين في الضفة الغربية يتعلق بتغيير البنية الاقتصادية، من الهايتيك الى الترانزيت. ولكن معارضة نتنياهو لحل الدولتين تفشل الصفقة السعودية، وادارة الحرب كاستمرار لخطة الحسم في غزة تفشل اقامة هذا الممر التجاري. وكمخرج من هذا التناقض فان نتنياهو تبنى استراتيجية “الدول المارقة” – الدول الاعضاء في محور الغرب، ولكنها تعمل ضد المصالح الحيوية لاعضائه في ضمان الطابع غير الديمقراطي في الانظمة فيها أو قمع الاقليات. كل ذلك على فرض أنه في توازن المصالح الغرب سيرى التعاون مع الدول المارقة كعملية مفيدة اكثر من النضال ضدها.

هكذا فان قطر تعمل كمركز عسكري امريكي، لكن الحاكم فيها هو شريك كبير لايران ووكلائها. رجب طيب اردوغان يريد تحسين علاقاته مع الاتحاد الاوروبي، مع التهديد بالسيطرة على اللاجئين من آسيا. فيكتور اوربان واردوغان قاما باعاقة انضمام السويد وفنلندا للناتو، كطريقة لتحسين مكانتهما في الاتحاد. وشبيها بذلك فان نتنياهو يفترض أن اعتماد الغرب على اسرائيل كحلقة ضرورية في الممر التجاري يمكنه من استغلال طلبات بايدن واوروبا في غزة وفي الضفة الغربية.

هؤلاء الحكام المارقون ينشئون محور سياسي آخر، الذي الى جانب اعتماده على محور امريكا – اوروبا يخدم ايضا مصالح محور روسيا – ايران. نتنياهو هو مثال على طبيعة هذا السلوك. فدعمه لحماس دفع قدما بمصالح قطر وايران. ورفضه مناقشة “اليوم التالي” يطيل مدة الحرب في غزة ويحولها الى جبهة جنوبية للحرب في اوكرانيا ويخدم فلادمير بوتين.

رغم الخطاب المناهض للقنبلة الايرانية، إلا أن انسحاب دونالد ترامب، الذي هو ايضا جزء من المتمردين، من الاتفاق النووي مع ايران وتوسيع العقوبات ضدها بتشجيع من نتنياهو، كل ذلك يدفع ايران الى مكانة دولة حافة نووية.

الضغط من قبل المستوطنين يصعب على نتنياهو الاستمرار في العمل كجزء من محور الدول المارقة. العقوبات الامريكية والاوروبية التي بدأت بالمستوطنين وانزلقت الى التزيد بالسلاح، تدل على أن سلوك اسرائيل يدفعها بالتدريج من مكانة الدولة المارقة الى مكانة الدولة المجذومة. نتنياهو يحاول التمسك بالمروق في حين أن المستوطنين يسعون الى الجذام. ويبدو أن يدهم هي العليا.

نجاح سياسة المروق ستؤدي الى أنه ليس فقط اسرائيل ستكف عن أن تكون دولة ناشئة، بل هي ستفقد مكانتها كجزء من الممر التجاري. وكل ما سيبقى في يدها في حينه هو القدرة على تعويق اقامته، كما يفعل الحوثيون مثلا. المستوطنون عرضوا في السابق روايتهم لمنطق عمليات الحوثيين، في الهجمات التي نظموها على قوافل المساعدات الانسانية من الاردن الى غزة في احد تشعبات الممر التجاري المستقبلي. تبني استراتيجية الحوثيين سيزيد جذام اسرائيل وسيؤدي بالتدريج الى تغيير منظومة تحالفاتها. اسرائيل سيتم نبذها من محور امريكا – اوروبا، وكعدوة له فهي ستنضم بالفعل الى محور روسيا – ايران. وهكذا سيتم استكمال الانقلاب النظامي.

———————————————

هآرتس 20/5/2024

بعد رد نتنياهو…لغانتس: هل ستنتظر 8 حزيران؟

بقلم: أسرة التحرير

وجه رئيس المعسكر الرسمي غانتس، إنذاراً لرئيس الوزراء نتنياهو يتضمن ستة شروط، وإذا لم تستوف سينسحب غانتس وحزبه من الحكومة في 8 حزيران. بعد بضع دقائق من مؤتمر غانتس الصحافي، أطلق نتنياهو رده: “لا”؛ أو، بلغته التحريضية والشعبوية، وصف مطالب غانتس بأنها “كلمات مغسولة معناها هزيمة لإسرائيل”.

الجواب واضح وحاد ومهين. ويرى نتنياهو ومؤيدوه أن غانتس بأقواله وبتهديداته أفكاره، يقود إلى هزيمة إسرائيل في الحرب مع حماس. غانتس، وليس رئيس الوزراء الفاشل، هو المسؤول عن الكارثة الأكبر في تاريخ إسرائيل، الذي يرى في الحرب وسيلته لاستمرار سيطرته السياسية.

إن انعدام الخجل لدى نتنياهو وآلة السم خاصته ليسا مفاجئين؛ فالجمهور بات يعرف السم الذي يبث في كل مرة يتجرأ فيها أحد ما على انتقاد الحاكم الأعلى. وها هو غانتس يوفر الفرص والإمكانيات وسلالم الإنقاذ لنتنياهو ويفاجأ المرة تلو الأخرى، بدلاً من القطع مع هذه الحكومة السامة الهدامة.

يعتقد غانتس بأن الخطة التي عرضها ستتيح له خروجاً من الحكومة بشكل لا يمس به انتخابياً، كونه أعطى نتنياهو الفرصة لتغيير طريقه. لكن الواقع أكثر بساطة: لن يغير نتنياهو طريقه، والجمهور يعرف هذا. كل الألاعيب التكتيكية هذه، الذكية سياسياً ظاهراً، زائدة وملائمة أكثر للتكتيكي البائس نتنياهو، الذي كل جوهره استعراضات عابثة هدفها اتخاذ صورة إيجابية في الرأي العام، كل هذا بدلاً من العمل من أجل الدولة حتى وإن كان الأمر ينطوي على دفع ثمن سياسي. بعض أسباب الوضع الرهيب الذي علقت فيه إسرائيل مرتبط بهذه الظاهرة.

لا ينبغي التقليل من الخطر الكامن في أن قوة أحزاب اليمين المتطرف ستزداد عقب انسحاب غانتس. أمس، قال سموتريتش إنه “إذا لم يستجب حزب الله للإنذار الذي نوجهه له، فعلى الجيش أن يسيطر على جنوب لبنان. أما عن بن غفير فلا معنى للتوسع في يراع الجمهور. ومع ذلك، فإن غانتس وآيزنكوت وأعضاء المعسكر الرسمي أصبحوا رغم أنوفهم السترة الواقية لنتنياهو، التي تفصل بينهم وبين متطرفي اليمين للحفاظ على حكمه الهدام الذي يقود إسرائيل إلى حافة الهاوية.

وعليه، فبدلاً من الانتظار حتى 8 حزيران، وفي ضوء جواب نتنياهو السلبي، على غانتس أن يعلن انسحابه الآن. حان الوقت ليواجه نتنياهو وعصبته متزمتي اليمين. وبذلك، سينضم غانتس وباقي أعضاء المعارضة إلى الاحتجاج الشعبي الضروري لإسقاط الحكومة والتوجه إلى الانتخابات.

———————————————

ما السبب الحقيقي وراء انخراط جيل “Z” في مظاهرات الجامعات الأميركية؟؟

بهذا العنوان نشرت” فوكس نيوز” مقالاً للكاتب والسياسي الأميركي، توم كوبلاند.

ويأتي البيان على خلفية اتساع رقعة المظاهرات في الجامعات الأميركية دعما لغزة، ومناهضة للعدوان الذي تشنه” اسرائيل” على غذة منذ السابع من أكتوبر،2023.

عند مشاهدة الاحتجاجات الأخيرة وأعمال العنف في حرم الجامعات، يتعين على المرء أن يسأل “أين يتواجد الكبار في الغرفة؟”. مجالس الإدارة والإداريون وأعضاء هيئة التدريس والموظفين وأولياء الأمور جميعهم منخرطون في التيار؛ إذ أن هناك من قام بتعليم هؤلاء الأطفال هذا النوع من السلوك إما بنشاط أو بإهمال.

نحن الجيل الأصغر بين جيل الطفرة السكانية وجيل الألفية. لقد افتقدنا فضيحة ووترغيت وفيتنام، لكننا نشأنا في فترة الثمانينات والتسعينات المزدهرة. كانت تجاربنا التاريخية الرئيسية هي الرؤساء الجمهوريين، وسقوط جدار برلين. لقد وجدنا الإنترنت قبل فترة طويلة من وصول الجيل Z إليه. وكان لدينا أفضل الموسيقى، اسألنا فقط.

ولكن بينما ناضلنا لحماية بلدنا بعد أحداث 11 سبتمبر وكافحنا للحفاظ على وظائفنا ومنازلنا في فترة الركود الكبير، فقد أبعدنا أعيننا عن الكرة كآباء ومعلمين.

لقد وقفنا كآباء مع أطفالنا ضد معلميهم، من التساهل معهم بالواجبات المنزلية إلى الغش. وهبطنا بالمظلات لإنقاذهم من التعاسة والنضال وظلم الحياة. ويؤكد معظم المعلمين الذين تحدثت معهم على أن الآباء المتسلطين أصبحوا الآن أسوأ بكثير مما كانوا عليه قبل 30 عاماً.

ولم نكن ننتبه إلى ما كان يتم تدريسه في الفصل الدراسي. لقد استغرق الأمر كوفيد-19 و”التعلم عبر الإنترنت” حتى ندرك كأباء أن أطفالنا يتم تلقينهم عقيدة وليس تعليمًا.

وقد كان يتم رمي الكتب الكلاسيكية، ليس فقط شكسبير و”توم سوير”، بل أيضاً الكتب الفائزة في نيوبيري وكالديكوت من النافذة. بينما يتم تدريس التاريخ الأمريكي على أنه لا شيء سوى العنصرية والاستغلال والطغيان والقمع. وقد اندهش العديد من آباء الجيل X من هذا لأننا توقفنا عن الاهتمام.

إن آباء الجيل العاشر من المجموعة الحالية من طلاب الجامعات هم أيضًا أساتذتهم وإداريوهم. وكقادة للمدارس والجامعات، فقد بذلوا قصارى جهدهم “للتعامل مع الأمر” واتباع كل اتجاه في نظرية السباق النقدي، وDEI (التنوع والمساواة والشمولية)، والتكنولوجيا في المدارس، واللعب في التعلم وغير ذلك الكثير.

فما الذي أحدثه فشلنا كآباء ومعلمين من الجيل العاشر؟

لقد ظل تصنيفنا الدولي للتعليم راكدًا لمدة عقدين من الزمن. وإذا كان الجيل Z كسولا، فإننا لم نحاسبهم. ويعاني شبابنا من القلق الشديد، وانخفاض احترام الذات، وعدم القدرة على التكيف والشعور بالاستحقاق. إن جامعاتنا عبارة عن مستنقعات بيروقراطية من كراهية النخبة الذاتية، والتلقين المستوحى من الماركسية، والعقول المنغلقة.

إنّ الجيل X ليس “المسؤول” بالكامل عن الاضطرابات الحالية في الحرم الجامعي لدينا. وبدلًا من مهاجمة جيل Z بسبب تصرفاته، ربما ينبغي لنا أن نأخذ سطرًا من أغنية مايكل جاكسون الناجحة عام 1988 ونبدأ بأغنية “The Man in the Mirror”، بمعنى أن ننظر لأنفسنا بالمرآة كي نستطيع أن نفهم دوافع هذا الجيل.

——————انتهت النشرة——————