إسرائيلياتالصحافة العبرية

الصحافة العبرية… الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي التابع للجبهة الديمقراطية

  افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

يديعوت أحرونوت 26/5/2024

مأزق إسرائيل الإستراتيجي: يوجد مخرج

بقلم: ميخا غودمان

صورة إسرائيل في الغرب جريحة جدا. في الجامعات، في “التك توك”، في قنوات الإعلام الرائدة نحن نعتبر دولة وحشية، خارقة للقانون، يتوجب كبحها من اجل السلام العالمي. لكن صورة إسرائيل في الغرب ليست الصورة الوحيدة المهمة للإسرائيليين: يهمنا أيضا الشكل الذي نبدو فيه وتنظر إلينا به القوات الجهادية في الشرق الأوسط. توجد لنا صورتان لتعزيزهما: علينا أن يروا في الغرب بنا دولة أخلاقية تلعب حسب القواعد، وفي الشرق الأوسط يرونا كدولة مصممة، عدوانية، غير متوقعة بل واحيانا وحشية.

نحن معنيون بالإحساسين: الحب والخوف. نحن نريد في الغرب أن يحبونا وفي الشرق الأوسط أن يخافونا. المشكلة هي أن هذه لعبة مبلغها الصفر: كل عمل يستهدف ترميم الخوف والردع من إسرائيل في الشرق الأوسط، يسحق التأييد والعطف تجاه إسرائيل في الغرب ومن الجهة الأخرى، كل ما نمتنع عن فعله كي نعزز عطف الغرب، يؤدي إلى هزال الخوف في الشرق الأوسط.

ولئن كانت حاجة للاختيار بينهما، فإن جواب معظم الإسرائيليين واضح: المعرفة بأنهم في الشرق الأوسط يخافوننا كانت تهدئنا اكثر من المعرفة انهم في الغرب يحبوننا. صورتنا في الشرق الأوسط اهم لنا من صورتنا في الغرب، لكن دون دعم الغرب لن نتمكن من ترميم صورتنا المهددة في الشرق الأوسط. فنحن متعلقون بالغرب، متعلقون بالذخيرة، بالسلاح وبمظلة الدفاع القانونية والسياسية. إذا ما فقدنا تماما عطف الغرب، لن تكون لنا القدرات لترميم الخوف منا في الشرق الأوسط. كما أننا في مأزق منطق – استراتيجي: نحن متعلقون بصورة إسرائيل في الغرب، وبدونها نحن غير قادرين على مدى الزمن أن نقيم وندير حربا – تفكك صورتنا في الغرب.

والآن، بعد ثمانية اشهر، المأزق اصبح فخا. في أكتوبر خرجنا إلى حرب لإعادة المخطوفين، كسر القدرات العسكرية والسلطوية لـ”حماس” وإعادة الأمن لمواطني اسرائيل. الائتمان الذي اعطي لإسرائيل في صالح الحرب انتهى قبل أن تنهي إسرائيل المعركة وتستوفي مهامها. صفينا الائتمان قبل أن نصفي “حماس”. الوضع الذي وصلنا إليه هو الأسوأ في كل العوالم: في الغرب نحن نعتبر كغير أخلاقيين، وفي الشرق الأوسط كغير مهددين.

ما هو النصر؟ استيفاء معقول لأهداف الحرب. الطريق إلى هناك طويل ونجاحه متعلق بعنصرين متملصين: وحدة صف إسرائيلية وشرعية دولية. إذا لم تكن إسرائيل مرصوصة الصفوف ومصممة – فلا نصر؛ إذا كان أصدقاء إسرائيل في العالم لا يدافعون عنها في الساحة الدبلوماسية ويسلحونها من ناحية عسكرية – فلا نصر.

في 8 أكتوبر، انطلقت على الدرب آلة الحرب الإسرائيلية، فيما أن مخزون شرعيتها الدولية مليء ومخزون التصميم ورص الصفوف الداخلي يفيض على ضفتيه. في أثناء ثمانية اشهر الحرب، مخزون التصميم ورص الصفوف ضعف، ومخزون الشرعية فرغ تماما تقريبا. اليوم، إذ ما نظرنا إلى ساعة وقود التصميم ورص الصفوف الإسرائيلي سنكتشف انه رغم التآكل لا يزال يوجد فيها ما يكفي من التصميم كي نكمل المعركة. لكن إذا ما نظرنا إلى ساعة وقود الشرعية الدولية، سنكتشف أننا نوجد قريبا من الصفر.

كيف يمكننا أن نملأ من جديد هذين المخزونين؟ في الأشهر الأخيرة، تجرى محادثات على خطوة سياسية يمكنها أن تغير الوضع الاستراتيجي لإسرائيل. يتحدثون عنها في دوائر النشطاء، يكتب عنها شخصيات عامة ويبحث بها أيضا في غرف سياسية مغلقة. بخطوط عريضة هذه خطوة من قسمين: يتقرر في القانون موعد مبكر ومتفق عليه للانتخابات، وفي هذه الأثناء لابيد وليبرمان يرتبطان بغانتس ويجلسان في الحكومة حتى يوم الانتخابات.

الاحتمالات بالطبع متدنية. في أوساط مؤيدي الحكومة يوجد امتناع عن تقديم موعد الانتخابات – فهم لا يريدون فقدان الحكم. في أوساط معارضي الحكومة، يوجد امتناع عن الدخول إلى الحكومة. فهم لا يريدون إعطاء شرعية لمن هم في الحكم. لكن في الجانبين أيضا يفهمون بأننا في لحظة تاريخية هشة وخطيرة.

إذا أصبحت هذه خطوة، بجزأيها بشكل مفاجئ واقعا، فإنها ستبث رسالتين قويتين للمجتمع الإسرائيلي: أ، في الطرق الآخر من المعركة يمكننا أن نختار من جديد الحكومة وان نحرك مسيرة إشفاء المجتمع الإسرائيلي وولادته من جديد. ب. حتى الانتخابات، الأجزاء التالية، الحساسة والخطيرة من المعركة، تقودها حكومة تحظى بشرعية جماهيرية واسعة. اثر هاتين الرسالتين سيكون فوريا: سيخفض لهيب الاستقطاب، يزيد نار التصميم. ومهم بقدر لا يقل: اتساع واعتدال القيادة الإسرائيلية، إلى جانب إلغاء تعلقها السياسي باليمين المتطرف، ما يبرد أزمة الثقة التي بين زعماء دول الغرب وحكومة إسرائيل – ويمنح دولة إسرائيل حقنة شرعية إضافية في الساحة الدولية.

هل ستسحق هذه الحقنة هي الأخرى؟ نعم. مع أن إحساس التجدد سيكون عظيما لكنه سيخلق شرعية محدودة وقصيرة المدى. مع ذلك، الأشهر القليلة التي ستضاف لنا ستكون فرصتنا التاريخية الكبرى، وستتمكن إسرائيل من استغلالها كي تسرع عملية تفكيك “حماس”، إعادة المخطوفين، التصدي للتحدي في الشمال وترميم صورة إسرائيل في الشرق الأوسط كدولة مصممة، حازمة ومهددة.

هذه الخطوة، التي تزيد المقدرين الحيويين، الشرعية ورص الصفوف، تقلص المخاطر الاستراتيجية التي تقف أمامها إسرائيل لكنا تزيد المخاطر السياسية على الزعماء الذين يمكنهم أن يتخذوها.

إن حسم المعركة يتطلب من مقاتلي الجيش تعريض حياتهم للخطر، لكها تتطلب أيضا من قادة الأحزاب الكبرى تعريض حياتهم السياسية للخطر. عندما تنضم إلى البطولة العسكرية للمقاتلين بطولة سياسية للزعماء، نصل إلى النصر.

——————————————–

هآرتس 26/5/2024

“الطرد المهذب”: دولة تسرق حماراً.. وأصحاب الأرض: “نعرف المحتل جيداً ولن نتنازل”

بقلم: عميره هاس

ثمة طاردون مهذبون أيضاً… هكذا يثبت مستوطنو “غوش عصيون”. ربما تكون وراء ذلك خلفيتهم الأنجلوسكسونية؟ من يعرف. الولايات المتحدة وبريطانيا لن تعلنا عن فرض عقوبات عليهم. هم ليسوا مثل المشاغبين ذوي الأهداب، الذين يحملون العصي وقضبان الحديد والمسدسات ويطردون الرعاة وقاطفي الزيتون، هم ليسوا مثل الذين يحرقون البيوت والسيارات، بل يطردون بلطف. هنا حاجز من الحجارة وأكوام التراب على طريق زراعية، هنا بوابة مغلقة وهناك مسلح محلي، الذي برعاية الزي العسكري الذي يرتديه، لا يسمح لشخص عمره 55 سنة بتقليم أشجار الدوالي. النتيجة مساحة تبلغ 75 كم مربع من مستوطنة “أفرات” غرباً، فرغت فيها الطرق والشوارع الزراعية من الفلسطينيين، “أراضي مهملة”، حسب التعبير الدقيق لدرور ايتكس، الباحث في سياسة نهب الأراضي.

هناك أسباب كثيرة تجعل القلب يتفطر كل يوم. هل من الترف الحداد والحزن على كرم مهجور، والمشاركة في حزن أصحابه الآن، بينما تستمر قنابل إسرائيل في قتل أطفال قطاع غزة، ويتم إصدار المزيد من الإعلانات عن المخطوفين الذين قتلوا أو ماتوا في غزة في ظروف الأسر القاسية. لا، هذا لا يعتبر ترفاً عندما تعرف أن الأمر يتعلق بتسلسل له هدف واحد وهو طـ – ر – د. كلمات تتكرر وأصبح معناها باهتاً. عندما تجلس مع المزارعين أكثر من مرة، ستتعرف على حجم فقدانهم للجلوس على الشرفة التي بناها الوالد أو رممها، وقضم رغيف الخبز وحبة البندورة كل يوم في الكرم. تتعرف معهم على علاقة غير علاقة ملكية الأرض. ويتبين أن سرقة الأراضي بمثابة وحش يتضخم: عندما تم بناء أول بيت في المستوطنة، على أراضيهم، عندما سيطر الإسرائيليون على تلة أخرى، وبنوا حولها سوراً، وبعد ذلك منعوا الرعي في المنطقة، ثم غزوا قطعة أرض تعود لأرملة، وباتت الأشجار لا تشاهد فيها – كم هي مرتفعة الأعشاب وأشجار البلوط التي نبتت فيها.

لا توجد هنا وجوه دامية ونار أيام السبت. نعم، تمت سرقة حمار أحد المزارعين قرب بؤرة “سديه بوعز” الاستيطانية المبنية على أراضي بلدة الخضر، هذا كان في تشرين الأول 2023، وكان محمد صلاح (77سنة) يأمل أن تنجح الجهود الصحافية في إعادة الحمار لصاحبه من الإسرائيليين الذين سرقوه. وثمة عنف آخر بتدمير عدة بيوت في الخضر، على التلة غربي الشارع 60 الجديد، في أحد الأحياء. المجهولون الذين دمروه [المستوطنون] تركوا واجهات البيوت جهة الشارع كي لا يتم اكتشاف الهدم بسرعة. هذه مبان تستخدم للنوم وقت المواسم الزراعية، إلى أن قامت الإدارة المدنية بمنع وجودهم فيها ليلاً. استخدمها المزارعون نهاراً. ومن قاموا بالتدمير عرفوا ما الذي يدمرونه، البيوت دليل على تجذر سكان الخضر. وعرائش الدوالي تم تدميرها، والأشجار اقتلعها “مجهولون” في وقت ما من تشرين الأول. رد استيطاني متفاخر على حماس.

تتراوح أعمار أصحاب الأراضي الذين التقيت معهم بين 45 – 70 سنة، ثلاثة رجال وأربع نساء. إن طردهم عن أشجارهم يتم تبريره بأوامر أمنية. من تم احتلاله يعرف نفسية من قام باحتلاله؛ “يمنعوننا ويطردوننا مرة تلو أخرى كي نيأس ونتنازل عن أراضينا”، قالت إحدى النساء. “هذا هو استنتاج كل بحث ينشره ايتكس في جمعية “كيرم نبوت”. هذا هو الاستنتاج الذي يظهر في كل التماس تقدمه المحامية قمر مشرقي أسعد من جمعية “حقل”. في 14 كانون الأول الماضي، قدمت التماساً للمحكمة العليا باسم سكان جنوب جبل الخليل بعد أن منعهم الجيش والمستوطنون من قطف الزيتون. ومنعوهم أيضاً من حراثة آلاف الدونمات وزراعتها. ادعت الدولة أنه تم إصدار أوامر اغلاق، وبالخطأ نشرت بتواريخ متأخرة. لقد تم تشديد الإجراءات، كتب، هذا التشديد ليس اختراع المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي فحسب، بل اختراع النيابة العامة أيضاً.

من بين الـ 60 حاجزاً ترابياً والبوابات المغلقة التي جعلت المنطقة الواقعة غرب بيت لحم خالية من العرب، 20 وضع في الأشهر الأخيرة، حسب ايتكس. ولذلك، أضيف أيضاً مشروع جديد نسبياً في بؤرة “سديه بوعز”، وهو شارع للمشاة ولمن يمارسون الركض في الأراضي المتروكة، من أجل “استغلال غياب أصحاب الأراضي القسري، كما حدث في المنطقة الواقعة بين البؤرة الاستيطانية ومستوطنة نفيه دانييل”، كتب ايتكس. باسم الأمن، يقوم مستوطنون مجندون بطرد أصحاب الأراضي الزراعية، وبعد ذلك يسيطرون عليها، بلطف وبالسر هنا، وفي أماكن أخرى علناً وبعنف جسدي. ولكن في كل مكان، الدولة هي التي وضعت الأساس القانوني، البيروقراطي والمادي، نحن مشروع استيطان له دولة. وهذا هو طابعنا الأساسي.

——————————————–

 هآرتس 26/5/2024

فرصتها الأخيرة وقف الحرب: مضى الزمن الذي تستخف فيه “الدولة المارقة” بالعالم

جدعون ليفي

هناك مخرج واحد فقط أمام إسرائيل؛ لن تختاره؛ فالطريقة الوحيدة لتخليص نفسها من عقدة النقص التي وصلت إليها هي القول “نعم” لقرار محكمة العدل الدولية الذي صدر بالأمس. هكذا تتصرف دولة القانون، وهكذا يجب أن تتصرف الدولة التي تطمح للانضمام لعائلة الشعوب. كان يجب على رئيس الحكومة تأكيد ذلك مساء السبت، “سنمتثل للقرار”. أبواب جهنم التي تهدد بالفتح على إسرائيل كانت ستغلق ولو لفترة قصيرة. إسرائيل التي ستمتثل للمحكمة ستكون دولة قانون ويجب احترامها. قول نعم للأمر، كان سينقذها من استمرار سفك الدماء العبثي في رفح، وكان سيوقف كرة الثلج الدولية التي تتدحرج بسرعة نحوها.

وقف القتال في رفح، وكل الحرب، هو الملاذ الأخير لإسرائيل، ربما من أجل العودة إلى مكانتها الدولية التي كانت قبل الحرب، التي لم تكن كبيرة ولكنها أكبر بكثير مما هي الآن. إذا تجاهلت إسرائيل الأمر، ما هو الأكثر أمناً من ذلك، فهي تعلن عن نفسها كدولة مصابة بالصرع. والتخلص من هذا الموقف سيستغرق سنوات، وسيكون الثمن باهظاً جداً ولا يمكن تحمله على كل إسرائيلي حتى بشكل شخصي.

لكن إسرائيل هي نفسها؛ تبحث عن نصيحة حول كيفية تجاهل الأمر وتجنيد الولايات المتحدة لتشويه القانون الدولي. لا غباء أكثر من ذلك. من أجل أمريكا وإسرائيل أيضاً، نأمل بأن تضع واشنطن حداً أقصى لاستعدادها للذهاب ضد العالم كله وضد القانون الدولي من أجل الدولة المارقة التي ترعاها.

هناك خطوات فورية على إسرائيل اتخاذها قبل الوصول إلى الهاوية، وقف الحرب وتغيير الحكومة. أعلى محكمتين في العالم أمرتاها بهذه الخطوات. المدعي العام في محكمة الجنايات الدولية قدم طلباً لإصدار مذكرات اعتقال دولية ضد رئيس الوزراء ووزير الدفاع. محكمة العدل الدولية دعت إلى وقف القتال في رفح. إذا صدرت مذكرات الاعتقال ضد نتنياهو وغالانت فستعمل على استبدال الحكومة في إسرائيل إذا كانت تريد البقاء. وقف القتال في رفح سيؤدي إلى وقف الحرب كلها، وفي الوقت نفسه تحرير المخطوفين. لن توافق إسرائيل على هذه القرارات. هي قرارات منطقية وسليمة وعادلة جداً من أجلها.

منذ الانسحاب المذعور من شبه جزيرة سيناء في 1956، وإسرائيل لم توافق في أي يوم على أي قرار للمجتمع الدولي. ما شأنها بالعالم وقراراته؟ هي محصنة ومحمية من قبل أمريكا والتوراة وديمونة، منذ ذلك الحين تصرفت وكأنه مسموح لها الاستخفاف بكل العالم. هذا انتهى في اليوم الذي غزت فيه قطاع غزة بوحشية وبشكل منفلت العقال.

فور إنهاء القاضي نواف سلام قراءة قرار المحكمة، حتى زادت إسرائيل هجماتها في رفح، وهي المدينة التي هرب منها تقريباً مليون شخص إلى المواصي، والتي بقي فيها مستشفى واحد مع ثمانية أسرة. عندما كان القاضي سلام يقرأ القرار، اتصل بي سفيان أبو زايدة للمرة الأولى بعد سنوات، وهو الوزير الفلسطيني السابق لشؤون الأسرى، الذي هرب من غزة إلى القاهرة: ثمانية من أبناء عائلته قتلوا قبل يومين في جباليا. مروة، ابنة شقيقه، هي الوحيدة التي كانت غير نائمة عندما سقط صاروخ على منزل العائلة. شاهدت كل شيء كأنها في فيلم رعب، قالت لسفيان في القاهرة. الصاروخ قتل ابنة شقيقه إيمان، التي كانت تحمل بنتها ابنة السبعة أشهر، التي قتلت هي أيضاً. ابنها ابن الأربع سنوات، طار إلى شقة الجيران وقتل. مروة أيضاً رأت كيف مزق الصاروخ جثتي ولديها أيسر وآسر (4 سنوات)، ويقطع يد ابنها ناصر (7 سنوات). وقتل والدة مروة وشقيقها أمامها بالصاروخ. فقدت زوجها في بداية الحرب. فقد قتل أثناء مشاركته في جنازة ابنة شقيقه.

هذا ما طلبت وقفه محكمة العدل الدولية أول أمس. هذه هي الفرصة الأخيرة لإسرائيل.

———————————————

هآرتس 26/5/2024

رداً على تعنت نتنياهو بشأن الصفقة.. حماس: قلبنا السحر على الساحر

عاموس هرئيل

قرار محكمة العدل الدولية في لاهاي لن يغير مسار الحرب في قطاع غزة على الفور، لكنه يضاف إلى سلسلة ضغوط دولية تتزايد لإنهاء الحرب. صيغة القرار الملتوية تترك لإسرائيل إمكانية استخدام تفسيرات بحسبها يمكن مواصلة العملية العسكرية في رفح الآن. بدرجة معينة، زاد الجيش الإسرائيلي نشاطاته الهجومية على رفح في الأيام الأخيرة. ولكن الصعوبة تكمن هناك على المدى البعيد. ومع توقع الاستجابة لطلب المدعي العام إصدار مذكرات اعتقال ضد رئيس الحكومة نتنياهو ووزير الدفاع غالانت، فإن وضع إسرائيل في الساحة الدولية آخذ في التعقد. هذا رغم أنه لا توجد أي عملية أحادية الجانب من المؤسسات الدولية لوقف الحرب في هذه المرحلة، كما أمل الفلسطينيون، الذين يتوقعون قراراً من مجلس الأمن، وفرض عقوبات على إسرائيل مستقبلاً.

في الأسبوع الأخير، ساد في إسرائيل الرضى مما وصف كليونة في موقف أمريكا تجاه العملية في رفح. بعد أن أبعد تهديد الجيش الإسرائيلي من المدينة 1.4 مليون غزي، الذين تجمعوا هناك منذ بدء المعارك إلى كل أرجاء القطاع. قلصت الإدارة الأمريكية انتقادها العلني للعملية، والضوء الأحمر الذي ظهر أن نتنياهو ينوي تجاهله أصبح برتقالياً: توقع من إسرائيل إظهار الحذر وتجنب المس بالمدنيين بصورة تذكر بقرار المحكمة.

مع ذلك، تتابع الولايات المتحدة العمليات العسكرية، ولا تسارع إلى إرسال السلاح الذي تم تأخيره في بداية الشهر على خلفية دخول رفح. المناطق المحمية في المواصي، على شاطئ القطاع الجنوبي، مكتظة وتنقصها البنى التحتية الأساسية. وثمة مشكلة أخرى تتعلق بقوافل المساعدات الإنسانية للقطاع، لا سيما منطقة رفح. تحدث الرئيس الأمريكي أول أمس مع الرئيس المصري لإقناع القاهرة بإدخال الشاحنات إلى القطاع من معبر كرم أبو سالم، الموجود في الأراضي الإسرائيلية. رد الرئيس المصري بالإيجاب ووعد الرئيس الأمريكي بالعمل بسرعة لإعادة فتح معبر رفح الذي احتله الجيش الإسرائيلي قبل أسبوعين تقريباً.

زيادة الجهود العسكرية الإسرائيلية شملت في نهاية الأسبوع هجمات كثيفة نسبياً في رفح وجباليا ووسط القطاع، ومحاولة اغتيال (من غير الواضح حتى الآن كيف انتهى) قائد لواء رفح في حماس، ونائب قائد جهاز الأمن الوطني في القطاع. رغم أنه لا توجد في هذه الأثناء عمليات فورية لوقف الجيش الإسرائيلي. يكمن خطران على المدى البعيد: الأول فرض وقف لإطلاق النار بدون حل قضية المخطوفين، والثاني تفويت الصفقة التي تقترحها الإدارة الأمريكية الآن حول اتفاق شامل بين أمريكا والسعودية وإسرائيل.

لا يوجد طريق وسط

جرت في باريس في نهاية الأسبوع جولة محادثات جديدة للتلمس بين شخصيات أمريكية وإسرائيلية وقطرية رفيعة في محاولة لتحريك المفاوضات حول صفقة التبادل. بعد تعمد حكومة إسرائيل مط الوقت أشهراً كان لها فيها موقف أفضلية ما على حماس في المفاوضات، انقلب السحر على الساحر؛ وحماس اليوم تشعر بأنه لا يوجد ما يدعو إلى الاستعجال، وتضع العقبات أمام المفاوضات. ولكن إلى جانب الخلاف على عدد المخطوفين الأحياء الذين يجب شملهم في الصفقة الإنسانية في المرحلة الأولى لتبادل الأسرى والمخطوفين، لم تغير حماس طلباتها الرئيسية وهي التزام موثوق بإنهاء الحرب كشرط لإطلاق سراحهم.

قد تطرح حماس طلبات أخرى فيما بعد إذا شعرت أنها في موقف الأفضلية، ولكن يكفي طلب كهذا كي يودي بالعملية إلى طريق مسدود. وكما يقول عدد متزايد من كبار جهاز الأمن، فإن إسرائيل وصلت إلى مفترق طرق لا طريقة للتملص منه اليوم، وهو إما الصفقة أو الاستمرار في الحرب، لا توجد طريق وسط.

صباح أول أمس، أعلن الجيش الإسرائيلي العثور على ثلاث جثث أخرى لمخطوفين في نفق في جباليا، الذي عثر فيه قبل بضعة أيام على أربع جثث أخرى. عائلات ميشيل نسنباوم وحنان يبلونكا واوريون هرننداز، تعرف الآن ما الذي حصل لأعزائهم ويتمكنون من دفنهم. حسب الجيش، فإن الثلاثة قتلوا صباح 7 أكتوبر مع عشرات الإسرائيليين الآخرين الذين هرب معظمهم من حفلة “نوفا”، كما يبدو في مفترق “مفلسيم” غرب “سديروت”.

بقي في القطاع الآن 135 مخطوفاً. وحسب معطيات الجيش الإسرائيلي الرسمية، أعلن عن موت 39 منهم. ولكن عدد المخطوفين الأحياء الحقيقي هو أقل بكثير مما يتم نشره رسمياً. في الفترة الأخيرة، حدثت انعطافة في مركز الأسرى والمفقودين، الأمر الذي سمي “حل اللغز”. عشرات المخطوفين الذين لم يتم تسلم أي إشارة على وجودهم على قيد الحياة منذ مذبحة 7 أكتوبر. من خلال العمل الاستخباري والدقيق والمتواصل، تم في الأسابيع الأخيرة تحقيق تقدم بخصوص معرفة ما حدث لبعضهم. هذا حتى الآن غير كاف في معظم الحالات للإعلان عن موت أي مخطوف، لذلك فالمطلوب هو الدمج بين الشهادات والصور وأحياناً دليل من الطلب الشرعي. ولكن هكذا يتم التوصل إلى ثقة أكبر في الإجابة عن سؤال ما الذي حدث للمخطوف. الاستنتاج غير مشجع. عملياً، هناك من يقدرون بأن ما بقي في القطاع من المخطوفين أحياء أقل من عدد أعضاء كنيست الائتلاف.

فساد حكومي

في نهاية الأسبوع، انشغلت منظومة التحريض في الشبكات الاجتماعية العاملة لخدمة نتنياهو في تكثيف نشر فيلم جديد للتحريض. حسابات بارزة في الشبكات، مثل حساب المذيع يانون مغيل ونجل رئيس الحكومة، نشرت فيلماً وثقه جندي في الاحتياط، ظهر فيه شخص يرتدي خوذة وهو ملثم، ويرتدي الزي العسكري ويحمل السلاح، وادعى بأنه يمثل 100 ألف جندي احتياط، ويعلن عن ولائه لنتنياهو فقط، ويهدد بأنه وأصدقاءه سيرفضون مغادرة القطاع إذا سلمت الحكومة المفاتيح لأي سلطة فلسطينية بعد انتهاء الحرب.

“نريد تفكيك ما تبقى هنا”، هدد. “كل الذين احتفلوا بذبحنا… كل هؤلاء نريد قتلهم. لن يبقى منهم أحد على قيد الحياة. سنبيد من تسبب بالضرر لشعب إسرائيل”. وللتحلية هو يطلب من “السيد غالانت” الاستقالة. ورداً على ذلك، فقد أمر رئيس الأركان هرتسي هاليفي (الذي يطلب المتحدث عدم الإصغاء لأوامره) بإجراء “محادثات انضباط على الفور” في الوحدات حول ما جاء في الفيلم. فتحت الشرطة العسكرية تحقيقاً في محاولة لاستيضاح من يقف من وراء الفيلم ونشره. أمس، ثار شك بأن المتحدث في الفيلم ليس جندي احتياط في الخدمة الفعلية.

الحقيقة أن هاليفي وقيادة الجيش العليا استيقظت متأخرة. منذ أشهر كثيرة، فقدت هيئة الأركان السيطرة على ما يحدث في الوحدات، لا سيما وحدات الاحتياط. جنود في القطاع والضفة وفي قواعد في الجبهة الداخلية، يوثقون أنفسهم وهم يهدمون ممتلكات فلسطينية وبنى تحتية ويفجرون البيوت بدون مصادقة، وينشرون رسائل سياسية متماهية مع اليمين المتطرف. ما يتم نشره ليس سوى قمة جبل الجليد للمخالفات التي يتم ترتكب بعيداً عن العدسات. جاء رد الجيش متلعثماً وضعفاً في أغلب الحالات، هذا إذا كلف نفسه عناء التحقيق. بعض هذه الحالات استخدمها المدعون العامون في لاهاي مؤخراً كدلائل على تأكيد الادعاءات ضد إسرائيل.

مشاعر الفساد، وأداء الحكومة الفاشل وفقدان الاتجاه، ساهمت أيضاً في تقرير تقشعر له الأبدان لرفيف دروكر في القناة 13، الذي وصفت فيه أفعال خداع للوزيرة ميري ريغف. بدأت الشرطة والنيابة العامة فحصاً أولياً للاستنتاجات التي بحسبها صاغت ريغف طريقة مفصلة لتفضيل مدن فيها أغلبية مصوتي الليكود، لا سيما مؤيديها في الانتخابات التمهيدية، استجابة لطلبات في مجال المواصلات. الإشارة الضوئية لردى ريغف قسمت البلدات إلى ألوان وفقاً لذلك، حتى سكان الكيبوتسات في الغلاف والسكان على الحدود مع لبنان، الذين ليسوا من مؤيدي الليكود، تم دفعهم إلى آخر الطابور. “الجنود هم مثل المراسلين؛ يذكرون كيف أن ريغف أثناء وجودها كضابطة شابة نسبياً، كرست وقتاً طويلاً لتهنئة مذيعين ومؤثرين بعيد ميلادهم. وهو أسلوب تطور فقط لصالح متعهدي الأصوات وأعضاء المركز”.

في محاولة لإبعاد النار، تسرب لأخبار 12 تبادل لفظي صعب بين ريغف وهاليفي في جلسة الكابنت السياسي الأمني الأخيرة؛ حيث هاجمته بشكل مسموم، لكن هذا لم يساعدها بشكل خاص؛ فالفساد الذي انكشف بشكل يثير الغليان، حتى إن منافسي أخبار 12 تجاوزوا تقليداً طويل الأمد وكرسوا لتقرير دروكر وقتاً كبيراً في برنامج “أستوديو يوم الجمعة”. الرد الأكثر صواباً كان للأب الثاكل رؤوبين يفلونكا، الذي عرف في ذاك الصباح من شائعات جابت الشبكات الاجتماعية، وليس من الجيش الإسرائيلي، بشأن العثور على جثة ابنه حنان. ومنذ الإعلان، قال إنه لم يحصل على أي مكالمة من أي وزير أو حتى من عضو كنيست. “لو كنت عضواً في الليكود لربما اتصل بي أحد”، قال. لم يبق للمشاهد الغاضب في البيت إلا رمي أي شيء على شاشة التلفاز.

——————————————–

يديعوت أحرونوت 26/5/2024

المظاهرات في إسرائيل ستشتد الأسبوع المقبل: ماذا بقي سوى الفيتو الأمريكي؟

بقلم: ناحوم برنياع

يجب وقف التدحرج العسكري إلى رفح، لا لأن المحكمة أمرت بهذا، بل لأن الثمن يفوق المنفعة. يمكن الشكوى عن دوافع القضاة وازدواجيتهم الأخلاقية وضحالتهم القضائية، لكن التذمر لن يخلص إسرائيل. قصة رفح تبدأ بكابنت الحرب في إسرائيل، وليس بسبب “لاهاي”. كان هناك موعدان معقولان لاجتياح رفح: واحد مع بداية الخطة البرية؛ والآخر قبل أو بالتوازي مع اجتياح خان يونس.

كانت الاقتراحات على الطاولة، بقيت عليها. والآن، تركوا السكان الذين نزحوا من الشمال قرب الحدود، في المنطقة التي أرادت إسرائيل مهاجمتها.

ثمة منطق في خطوة عسكرية هدفها إبعاد حماس عن معبر الحدود وتدمير الأنفاق بين القطاع وسيناء، من تحت “فيلادلفيا”. إن سد طريق التهريب كان سيصعب على مسارات تموين حماس ويساهم في الأمن. لكن نتنياهو أصر على أن يجعل رفح هدفاً أعلى، صورة نصر.

هذا وهم وفقاً لكل المعطيات العسكرية. رفح ليست برلين ولا “متسادا”، ولا “آلامو”. تفكيك أربع كتائب متبقية هناك سيكمل الدائرة، لكنه لن يصفي قدرة حماس على إطلاق صواريخ نحو إسرائيل وقتلهم للجنود ومواصلة احتجاز المخطوفين.

عقب قرارات محكمتي “لاهاي” وتحت الضغط الأمريكي، اضطرت الحكومة لتعد بأن عملية رفح ستكون “محدودة”. الوعد سهل لكن الإيفاء به صعب؛ فمن أدخل ثلاث فرق إلى رفح خلق آلية من الصعب كبحها. فالحاجة للدفاع عن القوات تجذبها إلى الأمام، بين بيت إلى بيت. لا يهجمون – يتدحرجون. النتيجة ذاتها.

في غضون أيام سينعقد مجلس الأمن للبحث في قرار المحكمة. والحاجز الوحيد أمام كارثة دبلوماسية لم نشهد لها مثيلاً سيكون الفيتو الأمريكي. افترض أن يكون فيتو – إدارة بايدن ستتصرف هذه المرة كالراشد المسؤول. لكن إذا ما أجري البحث والفرق تهرع في رفح، فسيكون الثمن جسيما. دول قد تفرض عقوبات على إسرائيل حتى بدون قرار مجلس الأمن. فهل تساوي رفح كل هذا؟ لا أعتقد.

لا أحد في المؤسسة السياسية يتجرأ على قول ما يقوله علناً جنرالات متقاعدون ولابسو بزات في أحاديث مغلقة: حان الوقت للتوقف، للوصول إلى صفقة مخطوفين، لتهدئة الشمال وللبدء بترميم الدولة. الخوف من رد جماهيري معاد يشلهم. هذه شهادة فقر لكل أولئك الذين يدعون خلافة نتنياهو، وأقصد أساساً غانتس وآيزنكوت.

لقد وفرت لهما قرارات المحكمة فرصة ذهبية: نتنياهو بحاجة لهما الآن أكثر من أي وقت مضى. وانسحابهما سيصفي ما تبقى من شرعية في العالم لحكومته، وسيقيم عليها مئات الآلاف في البلاد. قد يعيدان لأنفسهم التأثير الذي فقداه في الأسابيع الأخيرة، ويمليا الخطوات في غزة أيضاً، وكذا في المفاوضات على تحرير المخطوفين. فهل سيعرفان كيف يستغلا الفرصة؟ لا أعتقد.

في هذه الأثناء، تبث محافل حكومية أنصاف حقائق عن استئناف المفاوضات. رئيس الموساد سافر، رئيس الموساد عاد، لكن الصفقة ليست في الأفق. السنوار على حاله؛ نتنياهو على حاله. الآلاف وصلوا أمس للتظاهر في “كابلان” و”بيغن”، كرب وغضب، يأس وقلق. المظاهرات ستحتدم في الأسابيع القادمة.

———————————————

 إسرائيل اليوم 26/5/2024

لقادة إسرائيل: استغلوا رعب “حزب الله” من دمار غزة واستبقوا عنصر المفاجأة

بقلم: أيال زيسر

لم يتغير شيء على المستوى التصريحي، وزعماؤنا يعودون ويشرحون لنا بأن “حكم سديروت كحكم تل أبيب”. وانضم إلى نتنياهو مؤخراً، بيني غانتس الذي أعلن بأن “حكم المطلة كحكم تل أبيب كحكم كفار عزة”.

لكن الأقوال في جهة والأفعال في أخرى. عملياً، تركت “سديروت” لمصيرها في أيدي حماس، واليوم “المطلة” و”حنيتا” ومعهما بلدات غلاف غزة، ليسوا جزءاً من دولة إسرائيل، التي تقلصت إلى “دولة الخضيرة – الغديرة”. بدلاً من الشمال المزدهر، أصبحت البلدات التي أخليت من سكانها بمثابة حزام أمن – ليس حزاماً كذاك الموجود في أراضي العدو ويحمي بلداتنا، بل حزام داخل دولة إسرائيل السيادية، الذي يسهل على العدو خوض حربه ضدنا؛ حرب على نار خفيضة يريدها حزب الله، ويبادر فيها ويهاجم، ونحن ندافع.

سبعة أشهر والقتال على حدود الشمال يتواصل دون توقف ولا تبدو لها نهاية. يومياً يهاجم حزب الله بلدات ومواقع عسكرية على طول الحدود وفي عمق الجليل، بينما يرد الجيش الإسرائيلي– دوماً يرد – بإصابات موضعية لمواقع حزب الله، وبين الحين والآخر يصفي أحد القادة الميدانيين للمنظمة (الذين درجوا عندنا على تسميتهم بـ “الكبار” وكأن الحديث يدور عن نصر الله أو أحد من مساعديه).

بالنسبة لجنود الجيش الإسرائيلي المنتشرين على طول الحدود، وبالطبع بالنسبة لنحو 100 ألف إسرائيلي أخلوا من بيوتهم، يدور الحديث عن حرب بكل معنى الكلمة، تجلب دماراً رهيباً للبلدات وتجبي حياة الإنسان. لكن الحكومة والجيش يتعاطون مع جبهة الشمال كجبهة ثانوية لقطاع غزة ومستعدون لاحتواء المواجهة الجارية فيها. وهكذا، تحل الأفعال محل التصريحات التي مثل “حكم المطلة كحكم تل أبيب”.

من المهم أن يرى “حزب الله” أنه يقاتل من أجل غزة، لكنه لا يريد أن ينجر إلى حرب شاملة كفيلة بأن تجبي منه ومن مؤيديه الشيعة ثمناً باهظاً. وعليه، بعد كل يوم قتال يصل فيه الطرفان إلى حافة التصعيد، تأتي أيام من الهدوء وتخفيض الوتيرة، بمثابة خطوة إلى الأمام نحو الحرب وخطوتان إلى الوراء.

هذا المنطق يعمل منذ سبعة أشهر، وإن كان ينبغي لنا أن نتذكر بأنه “عندما تشعل النار يكون من الصعب التحكم بمستوى اللهيب، وإن للمواجهة المتواصلة دينامية خاصة بها. فمثلاً، استخدام حزب الله لسلاح متطور، أو مس بأهداف في العمق الإسرائيلي يمكنهما أن يؤديا إلى تصعيد. وفضلاً عن ذلك، من المهم أن نتذكر وجود عدو ملتزم بحرب إبادة ضد إسرائيل في الجانب الآخر من الحدود. حتى وإن كان بخلاف يحيى السنوار، يحسب خطوات بحذر ويفضل انتظار اللحظة المناسبة، إذا كانت ستأتي.

كل ما تبقى أن نراه هو هل سينجح الطرفان في التحكم بسير الأحداث ومنع التدهور إلى حرب لا يريدانها، والأهم من ذلك هي ستقرر حكومة إسرائيل في مرحلة ما أن تقول “حتى هنا”، وتعمل كما يعد زعماؤنا من فوق كل منصة؛ وهو الأمر موضع شك، كما ينبغي الاعتراف، في ضوء موقف الولايات المتحدة التي تعارض وبشدة توسيع نطاق الحرب. ولعل حزب الله بالإجمال هو من يقرر أن الخطوة الاستباقية والمفاجأة.

لكن لا جديد في الشمال في هذه الأثناء. في ضوء هذا الواقع، علينا أن نعود إلى المبادئ الأساس لعقيدة الامن الإسرائيلي؛ أن نكون مبادرين ومهاجمين، فننقل القتال إلى أرض العدو ونسعى لحسم سريع، وألا ننسحب من خنادق حياتنا، وألا نهجر ونخلي بلدات، بل نحدد خطوطاً حمراء على حزب الله أن يحترمها. على إسرائيل أن تتحرر من الشلل الذي ألم بها بعد 7 أكتوبر، وتستغل خوف حزب الله من الحرب مثلما لم يسبق أن خاف منها قط، وبخاصة بعد أن رأى ما حصل في غزة.

———————————————

جندي إسرائيلي يهدد بتمرد عسكري في غزة والجيش يفتح تحقيقا

25/5/2024

هدد جندي إسرائيلي يخدم بقطاع غزة، بتمرد عسكري واسع حال قرر وزير الجيش يوآف غالانت إدخال السلطة الفلسطينية لغزة، أو الانسحاب من القطاع، ما دفع الجيش للأمر بفتح تحقيق في الحادثة.

وظهر جندي احتياط ملثم داخل ما بدا أنه منزل مهدم بقطاع غزة، ومن خلفه شعارات مكتوبة بالعبرية لحركة “كاخ” المتطرفة المصنفة إرهابية في إسرائيل، وفق صحيفة “معاريف” العبرية.

وقال الجندي: “لن أسلم أنا و100 ألف جندي احتياط مفاتيح غزة للسلطة الفلسطينية أو فتح أو حماس أو أي كيان عربي”.

وطالب وزير الجيش بالاستقالة، مضيفا “لا يمكنك الانتصار في الحرب، ولا يمكنك أن تقودنا أو أن تصدر لنا الأوامر”.

وأضاف مخاطبا غالانت: “أقول لك: إذا لم نذهب إلى النصر، سيبقى مائة ألف من جنود الاحتياط هنا. لن نتحرك من هنا. وسندعو سكان دولة إسرائيل إلى القدوم إلى غزة تحت حماية جيشنا”.

وتابع “سنستمع إلى زعيم واحد. هو ليس وزير الدفاع، ولا رئيس الأركان (هرتسي هاليفي)، إنه فقط رئيس الوزراء (بنيامين نتنياهو)”.

وكشف الجندي عن الميول الانتقامية السائدة داخل الجيش الإسرائيلي بقوله: “نريد أن نقتل كل من احتفل بذبحنا، كل الأطفال الصغار الذين داسوا على رؤوس إخواننا الجنود في غزة، لن يبقى أحد من هؤلاء حيا، وأنت يا سيد غالانت، لا تستطيع أن تفعل ذلك”.

وأضاف مهددا وزير الجيش: “ها أنا أعلمك، إما أن تغير سجلك وتدرك أننا نريد الانتصار أو سنمضي مع رئيس الوزراء فقط، وسنتبع فقط من يقرر أنه يجب علينا الانتصار”.

وبحسب “معاريف” أثار الفيديو صدمة داخل الجيش الإسرائيلي، وتداوله نجل رئيس الوزراء يائير نتنياهو على حسابه بتطبيق تليغرام.

وذكرت صحيفة “هآرتس” أن “ما قاله المتحدث في الفيديو إلى جانب نشره من قبل يائير نتنياهو، قد يشكل جريمة جنائية تتعلق بالفتنة ونشر الفتنة، والتي تصل عقوبتها إلى السجن لمدة خمس سنوات”.

من جانبه، قال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي: “السلوك الموثق في الفيديو هو انتهاك خطير لأوامر وقيم الجيش الإسرائيلي، ويشكل شبهة ارتكاب جرائم جنائية”، وفق ذات المصدر.

وأضاف أن رئيس النيابة العسكرية أمر بفتح تحقيق من قبل الشرطة العسكرية في الواقعة.

وقال المتحدث إنه “نظرا لخطورة الحادث، وجه رئيس الأركان هرتسي هاليفي بإجراء حوار مع الجنود والقادة على كافة المستويات”.

ومنذ شهور يطفو على السطح ما بدا أنه خلاف بين وزير الجيش غالانت ورئيس الوزراء نتنياهو بشأن مستقبل حكم غزة.

وفي أحدث صوره، حذر غالانت من تداعيات مضي إسرائيل نحو ترسيخ حكم عسكري في غزة، داعيا إلى إيجاد بديل فلسطيني لحماس يحظى بقبول عربي، ليتعرض لهجمات شرسة من وزراء متطرفين في الحكومة ودعوات له بالاستقالة.

——————————————–

مدعي عام “محكمة الجنايات الدولية” يهاجم نقاده ويتحدث عن عقاب جماعي لغزة

إبراهيم درويش

لندن- “القدس العربي”: نشرت صحيفة “صاندي تايمز” مقابلة مع المحامي البريطاني، مدعي عام “المحكمة الجنائية الدولية” كريم خان أجرتها معه كريستيانا لامب، قالت فيها إنه عندما أعلن عن طلبه مذكرات اعتقال لقادة إسرائيليين و”حماس” كان يعرف أنه يدوس على حقل ألغام.

ولم يكن أمامه أي خيار، كما يقول، مشيرة إلى أنه ينتمي إلى أقلية مضطهدة تعرض مرة لهجوم في قاعة بلدية يوركشاير. وقال: “ما نتوصل إليه هو: هل نريد أن نعيش في عالم ينطبق فيه القانون بتساوٍ، أو أن نغمض أعيننا وندير ظهرنا بسبب ولاءاتنا!”.

وأضاف: “بالطبع، فالواحد منا واع  أن غزة هي خط صدع في العلاقات الدولية، ويجب ألا يكون هذا عذراً ألا تضع حق الضحية أولاً، وفي كل مكان. وسواء كانت هذه الحقوق، هي ضحايا يهود أو فلسطينيين، سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين، أو بدون دين، فيجب أن نحمل نفس الغضب الأخلاقي، الحب، العناية والقلق، والنقطة هنا أننا جميعاً بشر”.

وتقول الصحيفة إن إعلان خان عن توجيه تهم لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت وثلاثة من قادة “حماس”، كانت أول مرة توجه فيها “المحكمة الجنائية” تهماً لزعيم يدعمه الغرب وهو في منصبه، ما أثار ردة فعل في الولايات المتحدة وأوروبا.

وفي أول مقابلة له منذ  الإعلان هاجم خان النقاد، بمن فيهم ريشي سوناك، رئيس الوزراء البريطاني، والذي وصف القرار بأنه “غير مفيد على الإطلاق”، والرئيس جو بايدن، الذي قال إنه “شائن”.

وقال خان: “مهمتنا ليست بناء أصدقاء”، و”لكن وظيفتنا، سواء تلقينا الثناء أو الشجب، هي التأكيد على المساواة بين كل طفل وامرأة، وكل مدني، في عالم يميل نحو الاستقطاب بشكل متزايد، وإن لم نفعل، فما الفائدة؟”.

وبانتظار موافقة قضاة “المحكمة الجنائية”، ولو وافقوا على استصدار المذكرات، فستترك أثرها المقيد على القادة الإسرائيليين، وأكثر من قرار “محكمة العدل الدولية” يوم الجمعة، الذي أمَرَ إسرائيل بالتوقّف الفوري عن غزو محافظة رفح، وبعد تقدم جنوب أفريقيا بطلب للمحكمة، فـ “العدل الدولية” ليس لديها وسائل لفرض  قرارها، لكن قرار “المحكمة الجنائية” يعني أن كل الدول الموقعة على بيان روما المؤسس لها، وعددها 124، ستصبح ملزمة باتخاذ خطوات لاعتقال نتنياهو وغالانت.

وفي الوقت الذي لم توقّع فيه الولايات المتحدة أو إسرائيل على بيان روما، إلا أن كل دولة في الاتحاد، بما فيها حلفاء إسرائيل كألمانيا، ستصبح ملزمة.

وقال خان: “لو لم تتقدّم الدول، فستترك تداعيات ضخمة”، مضيفاً أن “المحكمة الجنائية هي من بنات أفكارهم، وأنا المربية التي تم تعيينها للمساعدة، ولديهم خيار للعناية بهذا الطفل، أو يتحمّلوا مسؤولية إهماله”.

وزار خان إسرائيل عدة مرات، بعد هجمات 7 تشرين الأول/ أكتوبر، وزار مواقع الهجوم، وقابَلَ أقارب الأسرى. وفي جيبه  سوار أزرق مكتوب عليه: “أحضروهم إلى البيت”، في إشارة للأسرى الذين أخذتهم “حماس” إلى غزة. وكتب على السوار اسم كفير بيباس، واحدة من الأسرى، حيث علق قائلاً: “هذا كفيل بتحطيم قلب أي شخص”. و”كانت كفير حاملاً في شهرها التاسع، لكن لا احتكار للمعاناة، فهناك جثث فلسطينيين يموتون ولا يمكن أن تكون لدينا معايير مزدوجة”.

وقال: “أهم منّي ومن المحكمة الجنائية أن العالم ينظر لهذا الوضع، وينظرون إليه في أمريكا اللاتينية وأفريقيا وآسيا كنقطة تبلور.

فهل الدول صادقة عندما تقول هناك مجموعة من القوانين، أم أن هذا النظام القائم على القواعد مجرد سخافة، وهو ببساطة أداة بيد الناتو وعالم ما بعد الاستعمار، وبدون نية حقيقية لتطبيقها بشكل متساو”.

وضمّت التهمُ ضد زعيم “حماس” في غزة، يحيى السنوار ومحمد الضيف، قائد “كتائب القسام”، والزعيم السياسي لـ “حماس”، إسماعيل هنية، تهم القتل، وأخذ أسرى، واغتصاباً جنسياً أثناء الاعتقال. أما نتنياهو وغالانت، فتضم إبادة وقتل واستهداف المدنيين بشكل متعمد  باستخدام الجوع كوسيلة حرب ومنع الإمدادات الإنسانية.

وأكد خان أنه لا يستطيع تقديم تفاصيل عن الحالات، رافضاً ما اقترحه البعض بأنه قارن أخلاقياً في التهم، وقال إنه “سخافة”. وعلّقَ قائلاً: “لا أقول إن إسرائيل بديمقراطيتها ومحكمتها العليا هي مشابهة لـ “حماس”، بالطبع لا. ولن أكون أوضح من القول إن إسرائيل لديها الحق بحماية مواطنيها واسترجاع أسراها. لكن لا أحد لديه رخصة لارتكاب جرائم حرب، أو جرائم ضد الإنسانية، فالوسائل هي ما تعرفنا”.

وعندما سئل أن إسرائيل لا خيار لها، فهي لا تعرف أين الأسرى، سواء في الأنفاق أو البيوت، وكيف يعاملون، أجاب خان، مستشهداً بطريقة معاملة بريطانيا مع جيش أيرلندا الحر: “كانت هناك محاولات لقتل مارغريت تاتشر، وفجر إيري نيف وفجر لورد ماونتباتن، وهناك هجوم إينسكلين [بلدة في شمال أيرلندا] وتعرضنا لهجمات انتقامية، لكن البريطانيين لم يقرروا وقالوا: حسناً في طريق فولز [في قلب مدينة بلفاست الكاثوليكي] هناك بلا شك متعاطفون مع أعضاء الجيش الأيرلندي الحر والجمهوريين، دعنا نلقي قنبلة زنتها 2,000 رطلاً في طريق فولز، يمكنك عمل هذا”. و”يجب أن يكون للقانون غرض، وهذا ما يفرق الدول التي تحترم القانون عن الجماعات الإجرامية والإرهابية، وهذا هو كل ما أقوم بعمله، تطبيق القانون القائم على الأدلة. وهذا ما نفعله مهما تعرّضنا لشجب”.

وقال إنه لا يفهم الغضب على قراره في ظل رفض “حماس” الإفراج عن الأسرى، ورفض إسرائيل السماح بدخول المساعدات إلى غزة، و”أقول هذا، وبشكل مستمر منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر: التزموا الآن، ولا تشتكوا لاحقاً، وقلته في رفح عندما لم تسمح  لي إسرائيل، وقلته في القاهرة، وقلته في التصريحات العامة، ومباشرة للإسرائيليين والفلسطينيين ، ولهذا لا أفهم سبب دهشة أحد”.

وتحدث خان (54 عاماً) عن تلقيه رسائل إلكترونية، وأنواعاً من التهديد والضغط . ولكن شخصاً استصدر، في العام الماضي، مذكرة اعتقال ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتهم ارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا، ليس خائفاً.

ووُلد خان لأم بريطانية وأب من باكستان في أدنبرة باسكتلندا. وتنتمي عائلته لطائفة الأحمدية، ونشأ في يوركشاير، حيث عمل والده كأخصائي بالأمراض الجلدية. وأشار إلى المواقف من طائفته، التي يعتبرها البعض غير مسلمة، وكيف تعرضت عائلته في باكستان للعنف، بل ولاحقهم العنف عندما كان يدرس في كينغز كوليج إلى يوركشاير وتم الاعتداء على والده ووالدته وشقيقه وابن عمه، الطبيب.

وبنى مسيرته في القانون بخدمة النيابة العامة، ثم في “المحكمة الدولية الجنائية” الخاصة بيوغسلافيا السابقة. وواصلَ من هناك عمله في المحاكم الخاصة بهيغ، وبنى سمعته كمحامي دفاع.

ومثل الرئيس الليبري السابق تشارلس تيلور، مع أنه تخلى عن القضية، وويليام روتو، رئيس كينيا الحالي، الذي وجهت له اتهامات بالاحتفال بالعنف في كينيا الذي قتل فيه 1,300، حيث تم التخلي عن القضية، وكذا فتمير لامج، قائد جيش تحرير كوسوفو، الذي برئ من التهم.

وعندما رشح نفسه كمدع عام لـ “الجنائية الدولية”، عام 2021، رفضت الحكومة البريطانية، بدايةً، دعمه. وعلى جدار مكتبه في هيغ صورة لرسالة من وزير العدل في حينه، دومينك راب، يرفض فيها تقديم الدعم. وغيّرت بريطانيا موقفها بعدما تبيّنَ أنه حصل على دعم كامل. وعندما تولى المنصب، قبل عامين ونصف، تعهد بملاحقة العنف الجنسي، والعنف ضد الأطفال.

وعادة ما نظر للمحكمة بأنها تلاحق القادة الأفارقة، وبدون جدوى، حيث أدانت، منذ إنشائها، قبل 22 عاماً، عشرة متهمين. وقرر خان توسيع مداها، مضيفاً أن المحكمة تلاحق حالات في الفلبين وميانمار وأفغانستان وبنغلاديش وأمريكا اللاتينية وجورجيا وأوكرانيا وفلسطين. وقال: “قد لا نكون مثاليين، ولكننا صادقون وترشدنا الأدلة، وليس العوامل الخارجية، مثل المواقف السياسية”.

ولكنه حوّل تركيزه بعد هجمات تشرين الأول/أكتوبر على غزة من هجوم “حماس” إلى الرد الإسرائيلي على القطاع وأمر غالانت بفرض حصار عليه ومنع الطعام والوقود والدواء. وقال خان إن “عدداً من المخابز تم استهدافه، وحقيقة وقف المياه، ومنع أقراص تنقية المياه، والأغشية لمحطات تحلية المياه، واستهداف الآبار، وحقيقة استهداف طوابير الناس [للحصول على الماء]، وقتل الناس في منظمات الإغاثة”، هي “أشكال كاملة ومعلمة، وقمنا بتحليلها موضوعياً ومنطقياً”.

ورداً على ما تقوله إسرائيل بأنها وفّرت السعرات الحرارية اليومية لسكان غزة، يقول خان: “ما تقوله كل منظمات الإغاثة، وما شاهدناه من أطفال الهزال، وحتى لو لم نثق بالأطباء الفلسطينيين، فلدينا أطباء أمريكيون وبريطانيون قالوا إنهم أجروا عمليات بتر أطراف بدون تخدير، وأطفال يموتون في الحواضن لانقطاع الطاقة الكهربائية، ومات الناس بسبب عدم توفر الإنسولين”، و”ليست هذه هي الطريقة التي من المفترض أن تشن فيها الحرب”، و”إذا كان هذا هو ما يبدو عليه الانصياع للقانون الدولي الإنساني، فإن معاهدات جنيف لا تخدم أي غرض”.

ومن أجل جمع الأدلة قام فريقه بـ “جمع عدد متنوع من الأدلة، ولدينا شهود عيان وأطباء أجروا العمليات، ومدى الإسهال بسبب نقص المياه، وصور التقطتها الأقمار الاصطناعية، وفيديوهات تم التحقق منها، وبيانات من المسؤولين والجنود الإسرائيليين”.

واستعان خان بعدد من خبراء القانون الدولي، بمن فيهم أمل كلوني، والبارونة كيندي، والقاضي سي أدريان فولفورد، وإليزابيب ويلمزهيرست، والمحامي داني فريدمان، القاضي والمحامي الأمريكي- الإسرائيلي. وقال: “هؤلاء محامون عظام، وأحترم ما دافعوا عنه من مبدأ طوال حياتهم”، و”جلبتهم للمساعدة على القيام بمهمة جيدة، وكذا لأن هذا وضع لا زالت فيه المشاعر طازجة في كل مكان، وموضوع يثير الانقسام لا يمكن ذكره في المجتمع المهذب”.

وأشار إلى ويلمزهيرست، التي استقالت بسبب حرب العراق، وكانت المحامية البريطانية الرئيسية في إعداد ميثاق روما الذي أنشأ “الجنائية الدولية”. وكذا ميرون المحامي اليهودي العملاق والذي نصح الحكومة الإسرائيلية: “هل ستتهمه بمعاداة السامية؟”.

وخان، وإن عبّرَ عن أسفه للضحايا المدنيين، إلا أنه يدعم أهداف إسرائيل “المشروعة” لهزيمة “حماس” وتحرير الأسرى لكن “الطريقة التي تعملها يجب أن تكون ملتزمة بالقانون”.

وفي الوقت الذي جاء أشد النقد لقراره من بريطانيا والولايات المتحدة إلا أنه حصل على دعم من فرنسا وبلجيكا وأيرلندا، وموقف حذر من ألمانيا، ومن وزير خارجية الظل في حكومة “العمال” ديفيد لامي، و”هذه لحظة خطيرة دولياً، ولو لم نلتزم بالقانون فلن يكون لدينا أي شيء نمسك به”. و”كلمات مثل: “لن يحدث أبداً” باتت تعويذات طقسية، ووصلنا لنقطة لم يعد الناس في العالم يشترونها”.

——————————————–

هآرتس 26/5/2024

نتنياهو.. رئيس حكومة الرافضين

بقلم: الوف بن

زعامة بنيامين نتنياهو تستند إلى تأطير النقاش العام وتحويله إلى منطقة راحته الخاصة. كل سلوكه موجه لهذا الهدف: أقواله، بدءا بـ “الحياة نفسها” وحتى “النصر المطلق”، الجهود المبذولة للسيطرة على وسائل الإعلام التي أوصلته إلى كرسي المتهمين، المقابلات التي يجريها مع القنوات الأجنبية والتي يتم اقتباسها في إسرائيل، ماكنة السم في القناة 14 والشبكات الاجتماعية والتهرب من المسؤولية عن الأخطاء. سيطرته على جدول الأعمال اليومي أسقطت “حكومة التغيير” وإعادته إلى الحكم بانتصار ساحق، وتركته هناك رغم أنه قاد الدولة إلى 7 أكتوبر والمراوحة في المكان في حرب متعددة الساحات.

في هذه الأثناء نتنياهو هو الفارس الذي يحمي الشعب اليهودي من النازيين غير اليهود واللاساميين، ويقاتل وحده ضد يحيى السنوار وجو بايدن والمدعي العام في لاهاي. بيبي وحده هو الذي يتعهد بهزيمة حماس ومنع إقامة الدولة الفلسطينية، هذه المواقف تحصل على شعبية كبيرة في أوساط الجمهور اليهودي، وفي أوساط المعارضة المناهضة لبيبي. الحقيقة هي أنه حتى زعيم اليسار القادم، يئير غولان، يتحدث عن حل الدولتين، لكن ليس الآن. تراجع الليكود في الاستطلاعات يعكس النفور من رئيس الحكومة، لكن ليس من سياسته التي لها تأييد شعبي كبير.

المعسكر المناوئ لبيبي يستثمر كل طاقته في مسألة تافهة، متى سيقوم غانتس وايزنكوت بالانسحاب من الحكومة. بدلا من مهاجمة نتنياهو فإن المعارضة توجه الغضب على شركائه الصغار، في الوقت الذي يقف فيه هو جانبا باستمتاع. هو تعود على الاستخفاف برجال الجيش الذين يتدربون على أداء التحية للضابط الأعلى منهم وعند دخوله إلى الغرفة. يوآف غالنت أكثر شجاعة في ظهوره العام من رؤساء المعسكر الرسمي، لكنه يلتزم مثلهم بالأهداف التي وضعها نتنياهو، ويتحمل مثله المسؤولية عن الكارثة، والآن يوجد أيضا طلب لإصدار مذكرة اعتقال دولي. توجد حدود للمسافة التي يستطيع غالنت تركها بينه وبين نتنياهو دون وضع نفسه في عزلة مطلقة في الائتلاف وأمام رسالة إقالة ستتحقق في هذه المرة.

لكن يوجد لنتنياهو أيضا، مع كل براعته الإعلامية والسياسية، نقاط ضعف، وهي تكمن في صمته. حول القضايا التي دائما يتملص منها، المواقف التي لا يقوم بتسويقها للجمهور لأنه يعرف بأنها غير شعبية وستثير الغضب عليه فقط. يسهل تشخيص نقطة ضعف نتنياهو في هذه الأثناء وهي تأيده لتهرب الحريديين من الجيش في الوقت الذي فيه العلمانيون ومن يرتدون القبعات يتم طحنهم في الخدمة النظامية وفي الاحتياط، وكل يوم تقريبا يعود بعضهم في توابيت إلى المقابر العسكرية أو في المروحيات إلى غرف العناية المركزة. كلما طالت الحرب وتعقدت وتراكم عدد أكبر من القتلى والمعوقين، جسديا ونفسيا، والجيش يحاول تخصيص جنود لملء الصفوف، فإن عبقري التسويق نتنياهو حتى يجد صعوبة في تبرير رفض الحريديين.

لحسن حظ نتنياهو أيضا المعارضون في بلاطه يخشون من رفع راية “التجنيد للجميع”. في الإنذار المضحك الذي وجهه لرئيس الحكومة فإن غانتس ابتكر صيغة غامضة للتجنيد، كانت تهدف بالأساس إلى عدم إزعاج السياسيين الحريديين والحاخامات. غالنت كان حازما أكثر في معارضة مأسسة التهرب، لكنه أيضا لم يتجرأ على استخدام سلطته والسماح للجيش بتنفيذ القانون وإصدار أوامر التجنيد الإلزامي لأبناء الحريديين. في لحظة الحقيقة فإن التقرب من الراعي السياسي آريه درعي أهم بالنسبة لوزير الدفاع من المساواة في القتال والقتل والإعاقة.

نتنياهو يصمت ليس فقط في موضوع التجنيد، بل هو يتهرب أيضا من إهمال منطقة الشمال والجريمة المتزايدة والتفكك الاجتماعي والأزمة الاقتصادية القريبة. ولكن كل هذه المشكلات مهما كانت حاسمة فانها تتقزم امام تأييده للمتهربين من بني براك وبيسان والعاد. من يريدون مهاجمة نتنياهو وتقويض سيطرته القوية على الخطاب العام يجب عليهم تذكير الجمهور بأنه هو الرافض رقم واحد.

——————————————–

 إسرائيل هيوم 26/5/2024

جولة محادثات جديدة

بقلم: ارئيل كهانا وآخرون

رغم الاحتمالات الطفيفة وافقت إسرائيل، الولايات المتحدة، قطر ومصر على الانطلاق إلى محاولة أخرى للوصول  إلى صفقة مخطوفين. ومن المتوقع للمحادثات أن تجرى في الأيام القريبة القادمة، أغلب الظن في قطر، والسؤال المركزي على جدول الأعمال هو هل يمكن الموافقة على صيغة تتضمن إنهاء الحرب.

اضافة اعلان

وقال الرئيس الأميركي جو بايدن: “نعمل على وقف نار فوري. الصفقة ستعيد المخطوفين إلى الديار”.

هذا وسيجتمع كابنت الحرب هذا المساء كي يبحث في الصيغة النهائية التي توافق عليها إسرائيل. ومع ذلك، يقول مصدر سياسي إن “إنهاء الحرب هو خط أحمر من ناحية إسرائيل والأمر الذي لن تساوم عليه”. ويقول مصدر إسرائيل آخر أن وقف الحرب كجزء من الصفقة لإعادة المخطوفين “لا يوجد على جدول الأعمال وغير وارد في الحسبان. رئيس الوزراء لن يوافق على ذلك أبدا”.

وأوضح مسؤول حماس الكبير في الخارج محمد مرداوي أمس فقال: “الأساس لكل اتفاق هو انسحاب تام لإسرائيل من القطاع ووقف نار دائم”.

وكان المسؤول الإسرائيلي أضاف يقول إن نتنياهو يرفض أيضا نهج مسؤوليته المعسكر الرسمي والذي يقضي بأن توافق إسرائيل على إنهاء الحرب في إطار الصفقة، لكنها تنتظر الذريعة الأولى التي تعطيها لحماس كي تستأنف النار. على حد قوله “سبق أن كنا مرات عديدة في هذا الفيلم والذي تؤجل فيه إلى أجل غير مسمى العملية الضرورية للأمن وفي النهاية لا ينفذونها. نتنياهو لن يكرر هذا الخطأ”.

ومع ذلك، في محيط نتنياهو يعتقدون بأنه توجد هذه المرة احتمالية للصفقة في أعقاب تشديد الضغط العسكري على منظمة حماس في كل أرجاء قطاع غزة والاستعداد الإسرائيلي للمساومة في مواضيع معينة.

يأتي القرار استئناف المحادثات بعد أن أعاد رئيس الموساد دادي برنياع أمس إلى إسرائيل بعد لقاء أجراه مع رئيس السي.اي.ايه ورئيس حكومة قطر. وبحث الثلاثة في اللقاء في بناء بنية تحتية تستهدف السماح للتقدم لبدء مفاوضات متجددة لتحرير المخطوفين. في نهاية اللقاء تقرر أن في أثناء الأسبوع القريب تبدأ مفاوضات على أساس مقترحات جديدة بقيادة الوسطاء، مصر وقطر ومشاركة أميركية فاعلة.

وفي الأيام الأخيرة شدد الناطق بلسان وزارة الخارجية القطرية مجدي الأنصاري على أن ثمة حاجة إلى التركيز في هذا الوقت “على الطريق لإنهاء الحرب في غزة”.

——————————————–

‏إسرائيل تنحدر إلى البربرية‏

‏‏لورانس ديفيدسون‏* – (كاونتربنش)- 16/5/2024

الواقع‏

‏ما لم تكن ضحية لضيق أفق أخلاقي (ويبدو أن هناك وباء من هذا العيب في الوقت الحاضر)، يجب أن يكون واضحًا لك أن إسرائيل قد انحدرت إلى البربرية. لماذا البربرية؟ لأنه في إسرائيل، أصبح السلوك الوحشي، القاتل، والإجرامي في أي سياق آخر، سياسة الدولة. دعونا نراجع علامات هذا الانهيار:‏

‏* إقامة دولة فصل عنصري لإشباع عقيدة أيديولوجية عنصرية.‏

‏* ارتكاب إبادة جماعية “محتملة” في غزة.‏

‏* ارتكاب إعدامات جماعية في مستشفيات غزة، من بين أماكن أخرى.‏

‏* إصدار أوامر بإطلاق النار على المدنيين الفلسطينيين العزل.‏

‏* تعذيب وقتل المعتقلين الفلسطينيين.‏

‏* إحداث مجاعة مصنَّعة في غزة.‏

‏* منع المساعدات الإنسانية‏.

‏* التدمير المنهجي لمعظم البنى التحتية اللازمة لاستدامة الحياة البشرية في قطاع غزة.‏

‏* ارتكاب أعداد متزايدة من المذابح ضد القرى والبلدات الفلسطينية في الضفة الغربية.‏

كل هذا موثق في تقارير منظمات حقوق الإنسان المعروفة بالمصداقية (بما فيها منظمات إسرائيلية)، ووكالات الأمم المتحدة، وكذلك في قرارات “محكمة العدل الدولية”. ولنواجه الأمر، ليست هذه مسألة رأي أو منظور -سواء كان ذلك يتعلق بالرئيس بايدن أو أي شخص آخر. إنها مسألة حقيقة (متلفزة في أغلب الأحيان).‏

‏الأعذار‏

‏سوف يغضب اليهود الإسرائيليون حقاً، والصهاينة عموماً، عندما تستشهدُ بالحقائق المذكورة أعلاه من دون الإشارة إلى تبريراتهم. لذلك، دعونا نستعرض بعضها:‏

‏-‏‏ السلوك الإسرائيلي في غزة هو دفاع عن النفس، وكان رداً على الهجوم الذي شنته حماس في 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2023.‏

‏الطريقة التي يتحدث بها الإسرائيليون عن تحرك 7 تشرين الأول (أكتوبر) تأتي كما لو أنه لم يكن هناك أبداً 6 تشرين الأول (أكتوبر)، أو عندما يتعلق بغزة على وجه التحديد، الأعوام السبعة عشر السابقة التي تعود إلى العام 2006. ويساعد تاريخ تلك الأعوام في فضح الكذبة في ادعاء إسرائيل بالدفاع عن النفس. في تشرين الأول (أكتوبر) من العام 2006 كانت هناك انتخابات وطنية تحت إشراف دولي في فلسطين. وبسبب الفساد المرتبط بحركة “فتح”، الحزب الذي سيطر على “السلطة الوطنية الفلسطينية”، وتعاون “فتح” مع الاحتلال الإسرائيلي، فازت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” في الانتخابات. وكانت سمعة “حماس” سمعة صدق وموثوقية، وقد أصرت دائمًا على استمرار المقاومة للاحتلال الإسرائيلي.‏

كان رد فعل إسرائيل على انتصار حماس هو اعتقال أعضاء الحكومة الجديدة المقيمين في الضفة الغربية. وطالبت الولايات المتحدة وقوى أوروبية أخرى حماس بمواصلة علاقة التعاون بين “السلطة الوطنية الفلسطينية” وإسرائيل. ورفضت حماس. وشرعت الولايات المتحدة، وإسرائيل، و”فتح” في التآمر على إبجاد طرق لإلغاء الانتخابات وتدمير حماس. وبحلول العام 2007، فرضت إسرائيل، بالتعاون‏‏ ‏‏مع مصر، حصارًا على قطاع غزة. وكان الحصار معادلًا لعملية إحباط للتنمية، وأدت إلى إفقار أكثر من مليون شخص. وأدت التوغلات الإسرائيلية المسلحة الدورية في القطاع إلى إدامة واقع من التوتر الاضطهادي. وتحول قطاع غزة إلى “سجن في الهواء الطلق”.‏

‏إلى هذه الصورة، يمكن أن تضاف حقيقة أن‏‏ جميع المحاولات السابقة للتفاوض بين إسرائيل والفلسطينيين تم تخريبها على يد إسرائيل،‏‏ لأن أي تسوية توفيقية كانت ستقوض التصميم الأيديولوجي الصهيوني على تحويل كل فلسطين إلى أرض “يهودية” مسيطر عليها.‏

‏في ظل هذه ا لظروف، كان الطرف الوحيد الذي مارس حقاً “الدفاع عن النفس” في 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2024 هو الفلسطينيون تحت قيادة حماس وغيرها من جماعات المقاوِمة المتحالفة معها.‏

‏- “‏‏نحن نخوض حرباً وجودية”.

هذا هو تأكيد يائير لابيد، رئيس حزب المعارضة الإسرائيلي. ليس لدى لابيد أي شك في أن حماس تريد قتل اليهود لأنهم يهود. وهو يشعر أن الإسرائيليين ليس لديهم سوى خيار واحد آخر غير خوض الحرب في غزة، وهو السماح “بقتلهم”.‏

‏ويبدو لابيد مقتنعًا بأن الأميركيين الذين يعترضون على الكيفية التي تقاتل بها إسرائيل في غزة لا يفهمون تعقيد الوضع. وهذا يشمل “خيانة المثقفين. يعني مثقفي الغرب، أو بعضهم”.‏

ويؤكد لنا أن “إسرائيل لا ترتكب إبادة جماعية. إن الجيش الإسرائيلي يتصرف بشرف. إن إسرائيل لا تفعل أي شيء سوى الدفاع عن نفسها في حرب لم نكن نريدها”.‏

‏وأخيرًا، يحذر لبيد من أنكَ إذا سمعتَ أي نسخة أخرى من هذه القصة “فهي ليست النسخة الصحيحة. وأنا كنت منخرطًا، لذلك أعرف”.‏

رُبي لبيد، كما يخبرنا، “وطنياً إسرائيلياً”. وهذا يعني أن تنشأ في بيئة معلومات مغلقة خاضعة للرقابة. وهكذا، فإن وجهة نظره قابلة للتنبؤ بها، ولكنها أيضا تفتقر إلى سياق تاريخي غير متحيز. لم يتعرض اليهود الإسرائيليون أبدًا لخطر ركلهم إلى البحر. لم تكن دولة إسرائيل أبدًا في خطر جدي بخسارة حرب. ما كان دائما موضع شك هو وضع إسرائيل كدولة ديمقراطية. وكان ما يضع إسرائيل الصهيونية في خطر حقيقي هو الشكوك الدولية المتزايدة في هذا الصدد -حول شبه الدولة الصهيونية المتزايد مع دولة فصل عنصري مثل تلك التي كانتها جنوب إفريقيا. ومثل هذه الدول، كما يأمل المرء، ليس لها مستقبل طويل الأمد في العالم الحديث.‏

‏إن حرب “الدفاع عن النفس” التي تشنها إسرائيل على الفلسطينيين تظهر لبقية العالم فقط قدرة إسرائيل على الهمجية -وهي سلوك يبرره لبيد لأن “الأمور معقدة”.‏

‏- ‏‏حرب غزة مثل الحرب العالمية الثانية.‏

‏هذا هو تأكيد رئيس الوزراء نتنياهو‏‏. وهو يعني بذلك أن إسرائيل تقاتل النازيين البديلين، وبالتالي فإن تحويل قطاع غزة إلى ‏‏دريسدن في شباط (فبراير) 1945‏‏ ليس جريمة حرب. ومثل هذه المذبحة ليست سوى مجرد نتيجة مؤسفة لـ”الدفاع عن النفس”.‏

تعكس هذه المقارنة حقيقة أن معاداة السامية، بالتحديد في النسخة المتطرفة للهولوكوست، حددت منذ فترة طويلة وجهة النظر الإسرائيلية للدوافع والسلوك الفلسطيني. ومع ذلك، عند النظر إليه من الخارج، بموضوعية، فإن هذا يتاخم الوهم. على سبيل المثال، أدى الهجوم الفلسطيني في 7 تشرين الأول (أكتوبر) (الذي من المفترض أن يظهر معاداة السامية القاتلة وغير القابلة للشفاء لدى الفلسطينيين) إلى مقتل ‏‏حوالي 1.200 إسرائيلي‏‏، مات عدد منهم نتيجة “النيران الصديقة” لطائرات الهليكوبتر الحربية والدبابات الإسرائيلية. ونحن حقاً لا نعرف نسبة الإسرائيليين الذين قُتلوا على يد القوات الفلسطينية الغازية وأولئك الذين قتلوا على يد المستجيبين الإسرائيليين. وفي ردهم على ذلك، قتل الإسرائيليون حتى الآن بطريقة عشوائية إلى حد كبير حوالي 35.000 فلسطيني.‏

‏مهما كانت رغبة بعض الفلسطينيين في تخليص العالم من الصهاينة، فإنهم لا يملكون القدرة على القيام بذلك. وعلى الناحية الأخرى، يبدو أن هناك أجيالاً متعددة من الإسرائيليين الذين يريدون تخليص العالم (أو على الأقل الجزء الخاص بهم من العالم) من الفلسطينيين ولديهم القدرة على القيام بذلك. إن ما يصفه رئيس الوزراء نتنياهو بأنه صراع مثل الحرب العالمية الثانية هو في الواقع الإسرائيليون، مقتنعين بوضعهم كضحايا، يشنون حرب تطهير عرقي ضد الفلسطينيين.‏

ما الذي على المحك؟‏

‏1. طبيعة إسرائيل اليهودية على المحك.‏

إن ما نشهده من حيث السلوك الإسرائيلي في غزة هو مثال آخر على التعصب المكتسب. هذا هو نوع التلقين العقائدي الذي سمح للإسرائيليين، كما ‏‏يلاحظ توماس سواريز‏‏، برؤية إرهابهم على أنه “دفاع عن النفس”. وسواء كانت قائمة على أسطورة دينية أو على رواية قصص متعددة الأجيال من صنع الدولة، فإن النظرة بين اليهود الإسرائيليين تم تحديدها مسبقا. وقد مهدت هذه النظرة الطريق للهمجية. وهكذا، عندما يتعلق الأمر بالفلسطينيين، فإن الاختلاف في الأهداف السياسية ليائير لابيد، وبنيامين نتنياهو، وإيتمار بن غفير، والقائمين على اليمين، والأحزاب الدينية، وما إلى ذلك، هو اختلاف على فروق دقيقة -تنويعات ما هو بشكل أساسي ثيمة أبارتايد لمستقبل إسرائيل. وليست هذه نظرة تم التوصل إليها من خلال التفكير المنطقي المستقل. إنها نظرة مدعومة من المجتمع، وتلقين لا يمكن التغلب عليه إلا بنوع من العلاج بالصدمة. ومن المؤكد أن نجاح “حركة المقاطعة” و”المحكمة الجنائية الدولية” في توجيه الاتهام إلى القادة الإسرائيليين سيكون بالتأكيد خطوات في الاتجاه الصحيح.‏

‏2. علاقة إسرائيل بالولايات المتحدة هي أيضًا على المحك.‏

‏إذا نحينا دونالد ترامب جانبًا، فإن من الصعب تخيل‏‏ ‏‏رئيس أميركي مستقبلي يمكن أن يتخذ الموقف نفسه المؤيد لإسرائيل بلا شروط مثل جو بايدن. كما قضي الأمر بالنسبة للحزب الديمقراطي أيضًا -حتى لو أعيد انتخاب بايدن (وبالتأكيد إذا لم يتم إعادة انتخابه)، فإن النفوذ السياسي للوبي الصهيوني الأميركي لن يقف مرة أخرى من دون معارضة. ويجب أن تزداد المعارضة بما أن إسرائيل تفعل “ما يأتي بشكل طبيعي” من دولة فصل عنصري.‏

‏3. طبيعة النضال الفلسطيني على المحك.‏

إننا نشهد أيضًا تغيرًا هائلاً في موقف الشعب الفلسطيني. سوف يساعد المثال القوي الحالي للمقاومة العنيدة الآن في تحديد مصيرهم النهائي. وثمة مفارقة فظيعة في هذا، لأن الأمر تطلب التدمير شبه الكامل لقطاع غزة والمذابح المستمرة في الضفة الغربية لإقناع الكثير من العالم بأن إسرائيل لا يمكن أن تُخضع الفلسطينيين. وهكذا، من خلال هذا الدمار الرهيب وضع الفلسطينيون أنفسهم في موضع البقاء على المدى الطويل. ويتعين على الغرب أن يتحمل قدرًا كبيرًا من المسؤولية عن هذا الثمن الباهظ.

‏4. من المؤكد أن طبيعة وشخصية الشعب اليهودي في جميع أنحاء العالم على المحك.‏

يقف الشعب اليهودي والدين اليهودي الآن على مفترق طرق. إن الصهيونية هي أيديولوجية سياسية أدى منطقها مباشرة إلى إنشاء دولة فصل عنصري “يهودية”. وكما هو الحال مع الحقائق التي أدت إلى ممارستها للإبادة الجماعية والمذابح، فإن وضع الفصل العنصري لإسرائيل ليس مسألة رأي أو منظور. مرة أخرى، موثقة بعمل كل منظمة حقوق إنسان ذات مصداقية على ظهر هذا الكوكب، إنها مسألة واقعية. ومع ذلك، يصرخ الصهاينة بإصرار من فوق أسطح المنازل بأن الصهيونية مرادفة للدين اليهودي والشعب اليهودي. ويبدو أنهم تمكنوا من جعل هذه الرسالة عالية الصوت مقبولة لدى نخب السلطة الأميركية من خلال تقديم مبالغ كبيرة من المال للسياسيين، أو التهديد بحجب هذه المبالغ عن الجامعات. وبالنظر إلى شعار أن “الوسيلة هي الرسالة”، فإن هذا يشير إلى أن الصهاينة يريدوننا أن نقبل فكرة أن أموال الرشوة هي جزء لا يتجزأ من يهوديتهم (اقتراح معاد للسامية).‏

‏‏ضد هذه الهرطقة تقف المنظمات اليهودية التي تصر على أن الصهاينة لا يستطيعون أن يفعلوا هذا “باسمي”. في الولايات المتحدة، وربما في أوروبا الغربية أيضًا، يشكل هؤلاء المعادون للصهيونية، الذين يهتمون بقيمهم العرقية والدينية، عددًا كبيرًا يعتد به من اليهود.‏

‏لا يخطئن أحد. ليس هناك مجال حقيقي حقاً للتوصل إلى حل وسط بين هذين الجانبين. إذا انتصر الصهاينة، فإن رئيس وزراء إسرائيل سيصبح معادلاً لبابا يهودي. أعرف أن هذا يبدو غريباً جداً!‏

خلاصة‏

‏كما هو مقترح أعلاه، ثمة شيء يمكن التنبؤ به بشكل مخيف حول السلوك الإسرائيلي في غزة. يمكنك في الواقع أن ترتب للناس (أي أناس) للتصرف بهذه الطريقة. وليس عليك حتى القيام بذلك بوعي. إن الناس ينقسمون، غريزياً، إلى مجموعات: العائلات، دوائر الصداقة، القبائل، المجتمعات، الدول، إلخ. ويبدو أن رسالة كل مجموعة؛ أنها “خاصة” بطريقة ما، تنهض بشكل مشترك على ما يبدو. واستغلال كل أنواع الساسة لهذه الرسالة هو أيضًا ثابت تاريخي. وبالنظر إلى هذه الدوافع، فإن العمل الحقيقي ليس حث الجماعات المحلية على أن تكون معادية “للآخر”. إن العمل الحقيقي هو منعها من أن تفعل.‏

هذا هو، من بين أمور أخرى، ما يحاول العاملون في المجال الإنساني وغيرهم من التقدميين الحقيقيين فعلَه. لكن الأمر ليس سهلاً. لماذا هو كفاح صعب على هذا النحو؟ لأنه يبدو أن مشاعر الشك والخوف تأتي بطريقة طبيعية، وراثياً وبيئياً على حد سواء. ربما يكون هذا هو أفضل تفسير لحقيقة أن النضال من أجل العدالة يبدو وكأنه لا ينتهي أبدًا. أياً يكن، إنها حقيقة رائعة، وجميلة حقاً أن بعض الناس يكسرون النمط، وهم موجودون هناك لخوض هذا الصراع. قبل حوالي 90 عامًا كانت القضية هي حق اليهود في الحياة والحرية. واليوم، أصبحت القضية هي الحقوق نفسها للفلسطينيين. إن التاريخ في الحقيقة يعيد نفسه.‏

‏*لورانس ديفيدسون‏‏ Lawrence Davidson: أستاذ متقاعد للتاريخ في جامعة ويست تشيستر في ويست تشيستر، بنسلفانيا.‏

*نشر هذا المقال تحت عنوان: Israel Descends Into Barbarism

——————————————–

غزة والعصيان في الجامعات الأميركية

مايكل يونغ* – (كارنيغي الشرق الأوسط) 2024/5/2

في ظل الاحتجاجات التي ينظمها الطلاب في مختلف أرجاء الولايات المتحدة وأوروبا، يُعاد تحديد علاقة النخب الغربية بإسرائيل.

*   *   *

عندما تتحول الدراما الخاصة بك إلى سايكودراما أميركية، فاعرف أنك تحقق نجاحا. الآن، يواصل الطلاب في الولايات المتحدة احتجاجهم ضد المذابح التي ترتكبها إسرائيل في غزة، وتدميرها مساحات واسعة من القطاع لجعل الحياة فيه مستحيلة. وقد أصبحت محنة الفلسطينيين قضيةً أخلاقيةً مركزيةً لجيل من الشباب الأميركي الذي لا يتحمل مشاهدة هذه الأعمال الشائنة وهي تتواصل.

أرادت إسرائيل أن يكون ردها الانتقامي شيئًا لا يُنسى لئلا يحاول الفلسطينيون مجددًا شن هجوم مثل هجوم 7 تشرين الأول (أكتوبر). غير أن لذلك عاقبتَين؛ كلما واصلت إسرائيل قصف سكان غزة من دون رحمة، ازدادت المؤسسات الأميركية التي ترفض سحب استثماراتها مع إسرائيل حرجًا، ومنها جامعة كولومبيا التي عبرت عن هذا الرفض في 29 نيسان (أبريل).

واسترضاءً للمحتجين، عرضت رئيسة جامعة كولومبيا، مينوش شفيق، “القيام باستثمارات في مجالي الصحة والتعليم في غزة، بما في ذلك دعم تنمية الطفولة المبكرة ومساندة الباحثين النازحين”. كم هو معبر أن تُقر شفيق كما يبدو في جملة واحدة بأن ثلاثة من الأمور التي أمعنت إسرائيل في تدميرها تعسفيًا في غزة هي قطاعا الصحة والتعليم، والأطفال الصغار.

أما العاقبة الثانية، فهي أنه كلما زاد الدمار الذي يلحقه الإسرائيليون بغزة، اكتسبت حماس مزيدًا من الشعبية. ويؤكد أنصار إسرائيل، وقد يكونون على حق، أن عددًا كبيرًا من الدول العربية سيرحب بهزيمة “حماس”. لكن النظام الرسمي يعرف أيضًا أن سخط الشعوب بسبب الوحشية الإسرائيلية في غزة سيكون له تأثيره على سلوكها في نهاية المطاف، ما يحد من هامش مناورته تجاه إسرائيل.

اتخذت إدانة الطلاب المحتجين أشكالًا عديدة، حيث اتهموا بـ”معاداة السامية” ودعم الإرهاب، حتى أن أحد الأميركيين المحافظين المؤيدين لإسرائيل وصفهم بأنهم “أولاد نخب أميركية وأجنبية يشعرون بالشفقة تجاه أنفسهم وبأنهم يملكون الحق بفعل ما يشاؤون، يتظاهرون نيابةً عن المصالح السياسية للأنظمة المُعادية للولايات المتحدة وإسرائيل”. والإغفالات في هذا الاقتباس لافتة. ولافتة هي أيضًا الحقيقة الجوهرية التي يبرزها الاقتباس، والتي يبدو أن صاحبه أغفل مضامينها. من الواضح أن الاحتجاجات الطلابية لم تمس عصبًا حساسًا لدى المدافعين عن إسرائيل فحسب، بل أثرت أيضًا على حسن تقديرهم.

إذا كان ثمة ما يمكن أن يُقال عن علاقة الولايات المتحدة المميزة بإسرائيل، فهو أن النخب السياسية والعسكرية الأميركية أدامت هذه العلاقة، ودافعت عنها باعتبارها مفيدةً للمصالح الأميركية. وما لا يستطيع منتقدو الطلاب من المناصرين لإسرائيل هضمَه هو أن ما يشهدونه اليوم فعليا هو خيانة من النخب الأصغر سناً في الجامعات، الذين كان يُفترَض أن يكونوا في صفهم. لقد أصبحت ثوابت الماضي المتغطرسة موضع شك لدى من سيصبحون في المستقبل صناع قرار ومسؤولين وأصحاب نفوذ، إلى حد أن التعاطف مع إسرائيل، الذي كان في متناول اليد سابقًا، لم يَعُد مضمونًا اليوم. وأدى ذلك إلى اتساع الفجوة بين الأجيال، حيث يؤكد الطلاب أن وجهات نظر آبائهم بشأن إسرائيل لم يَعُد لها وزن كبير في ظل ما يعتبرونه إبادة جماعية في غزة.

لقد تطرق زميلي، آرون ديفيد ميلر، الذي كان مفاوضًا في الشرق الأوسط لسنوات، إلى تداعيات هذا الأمر في مقابلة أجراها معه آيزاك تشوتينر من “مجلة نيويوركر”، عندما قال : “إذا كنت تسألني: هل أعتقد أن جو بايدن يحمل لفلسطينيي غزة عمق المشاعر والتعاطف نفسه الذي يحمله للإسرائيليين؟ كلا، ولا يعبر عنه أيضًا. أظن أنه لا شك في ذلك على الإطلاق”.

ما أشار إليه ميلر ضمنيا في ملاحظاته هذه هو انفصال بايدن عن الواقع الجديد. وجاءت إجابته بعد أن أشار تشوتينر إلى أن الرئيس غير قادر على الجمع بين خسائر الفلسطينيين والخسائر الشخصية التي تكبدها في حياته، على خلاف رد الفعل الذي عبر عنه إزاء الضحايا الإسرائيليين في 7 تشرين الأول (أكتوبر).

هذا الانفصال بين رأي النخب والناس سرعان ما اتضح بعد اندلاع حرب غزة. ففي حين سارعت إدارة بايدن والقادة الأوروبيون إلى الدفاع عن إسرائيل عقب هجوم حماس، أبدت مجتمعاتهم ترددًا أكبر في السماح لإسرائيل بأن تكون مُطلَقة اليد. وبعد مرور سبعة أشهر على الحرب، وإذ ارتفع عدد القتلى الفلسطينيين إلى ما يزيد على 30 ألفًا، وفقًا لمسؤولي الصحة في غزة، وإذ اعترفت الوكالات الحكومية الأميركية بأن إسرائيل منعت دخول الإمدادات الغذائية إلى غزة، متسببةً في مجاعة “حتمية”، وإذ ما تزال الحكومة الإسرائيلية تصر على دخول رفح، حيث لجأ 1.5 مليون شخص، ثبت أن المشككين هم الذين كانوا على حق، فيما المسؤولون الأميركيون والأوروبيون يتراجعون الآن عن مواقفهم على عجل.

قليلةٌ هي الأمور التي يمكن أن تثير الاشمئزاز أكثر من رؤية السياسيين يبدلون مواقفهم بسرعة البرق. فتصريحات أورسولا فون دير لاين، التي تحولت من القول في 14 تشرين الأول (أكتوبر) إن “أوروبا تقف إلى جانب إسرائيل التي تملك حق الدفاع عن نفسها؛ لا بل من واجبها الدفاع عن شعبها”، إلى الإعلان في وقت سابق من آذار (مارس) أن “قطاع غزة يواجه مجاعة ولا يمكننا قبول ذلك”، لا يمكن أن تكون سوى محض نفاق. وإذا أسهم أي عامل في تحفيز إسرائيل على ارتكاب جرائم حرب في غزة، فهو القبول التام الذي تلقته من أمثال رئيسة المفوضية الأوروبية.

وبالمثل، فإن سماع بايدن يصف القصف الإسرائيلي لغزة بأنه “تجاوز الحد”، لتعود إدارته وتوافق لاحقًا على تقديم مساعدات للجيش الإسرائيلي بقيمة 17 مليار دولار، يُظهر لماذا الطلاب محقون في ازدراء قادتهم إلى هذا الحد.

لا بد من الإشادة بالطلاب المحتجين في الجامعات الأميركية والأوروبية الذين رفضوا الرضوخ لإداراتهم الجبانة، أو للسياسيين المُخادِعين الذين أمضوا أشهرًا في إعادة تكييف مواقفهم بشأن بغزة لتتماشى مع مزاج ناخبيهم. ووفقًا لرؤية الطلاب، لا توجد خفايا عميقة في جرائم القتل الجماعي التي يشاهدونها بصورة يومية. وقد عبرت عن هذا الرأي تشيساتو كيمورا، وهي طالبة في جامعة ييل، خلال مداخلتها في برنامج “ون وورلد” على قناة (سي. إن. إن)، قائلةً: “ولكن، في ما يتعلق بفهم ما يحصل، لا يمكن اعتبار أعمال العنف المُرتكبة بحق الفلسطينيين في غزة سوى إبادة جماعية… أضف إلى ذلك أن (محكمة العدل الدولية) قالت إن ثمة قضية معقولة، وهو أعلى قرار يمكن أن تتخذه في هذه المرحلة -الاعتراف بارتكاب إبادة جماعية. علاوةً على ذلك، أجمع المجتمع الدولي، من خبراء قانونيين ومحامين في مجال حقوق الإنسان وأكاديميين وعدد كبير من الأشخاص، على الاعتراف -عن حق- بأن ما يحصل هو إبادة جماعية. وأعتقد أن من المهم جدا تحديد سبب وجودنا هنا، لأننا نرى أعمال العنف هذه مباشرةً عبر وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام. وأعتقد أن تجاهلها مستحيل”.

برز في هذا القسم بوجه خاص تعليق إحدى المحاورتَين في البرنامج، بيانا غولودريغا، التي ذكرت كيمورا بأن “إدارة بايدن صرحت، في وقت سابق من هذا الشهر، بأنه ليس لديها دليل على ارتكاب جرائم حرب في إسرائيل أو من جانب الدولة الإسرائيلية”. وبدا واضحا كيف أن القناة شعرت بالحاجة إلى إدراج هذا التعليق المثير للشك في المحادثة للتخفيف من وطأة تصريحات كيمورا، وكأن بالإمكان اعتبار إدارة تزود إسرائيل بالأسلحة لقتل عشرات الآلاف من سكان غزة صوتًا مستقلًا جديرًا بالثقة في كل ما يتعلق بالعملية العسكرية الإسرائيلية المدمرة في غزة.

ما تزال النخب في الولايات المتحدة تحافظ إلى حد كبير على روابطها مع إسرائيل، وترفض البحث في احتمال سحب الاستثمارات، وتتجنب استخدام مصطلح “إبادة جماعية” في وصف ما يجري، وتشعر بالإحباط من عدم استعداد الطلاب للانصياع إلى التهديدات الموجهة إليهم منذ أسابيع. لكن ما يحصل في غزة في هذه المرحلة واضح جدا لدرجة يصعب معها إخفاؤه، ناهيك عن أن جميع الجهود المبذولة لتعزيز الموقف الرسمي من إسرائيل باءت بالفشل. لا شك أن غريزة التمرد المثيرة للإعجاب لدى الطلاب قد تُفضي -أو لا تُفضي،- إلى تغيير كبير، إلا أنها تشكل مرحلة جديدة في رؤية الأميركيين للفلسطينيين، ورؤية الطلاب لأنفسهم ولبلدهم في العالم.

*مايكل يونغ: مدير تحرير في مركز مالكوم كير-كارنيغي للشرق الأوسط في بيروت، ومحرر مدونة “ديوان” في كارنيغي المعنية بشؤون الشرق الأوسط. كان سابقاً كاتباً ومحرر صفحة الرأي في صحيفة “ديلي ستار” اللبنانية، وينشر الآن مقالاً أسبوعياً في كل من صحيفة “ذا ناشونال” الإماراتية، وفي الموقع الإلكتروني “ناو ليبانون”. مؤلف كتاب “أشباح ساحة الشهداء: رواية شاهد عيان عن نضال لبنان من أجل البقاء” The Ghosts of Martyrs Square: An Eyewitness Account of Lebanon’s Life Struggle

——————انتهت النشرة—————-