المرأة صانعةٌ للحرية ونارٌ في قلبِ الاستعمار

كتبت رؤى وليد : في خضمّ النضال العربي ضدّ قوى الاستبداد والظلم، برزت المرأة العربية كأيقونةٍ للثورة والتضحية، وكتبت بدمها وحبرها سطورًا خالدة في تاريخ الكفاح من أجل الحرية والكرامة.

لم يكن دور المرأة العربية في التحرر من الاستعمار دور هامشي، بل كان دورًا محوريًا وفعالًا، فكانت قوة دافعة أساسية ساهمت بشكل كبير في إسقاط أنظمة القهر الاستعماري.

لقد برزت المرأة العربية في مختلف ميادين النضال من المقاومة المسلحة إلى العمل السياسي والدبلوماسي، ومن التوعية المجتمعية إلى النشاط الثقافي والإبداعي.

ففي ساحات المعارك حملت المرأة العربية السلاح وقاتلت جنبًا إلى جنب مع الرجال، ودافعت عن الوطن بدمائهن وارواحهن، من أشهر الأمثلة على ذلك، البطلة الجزائرية رحمة الحفيظ التي قادت مجموعات مسلحة ضد الفرنسيين، وخديجة بنت مبارك الملقبة بـ “أم حنونة” التي شاركت في المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي

ولم تقتصر مشاركة المرأة العربية على المجال العسكري، بل امتدت ليشمل مجالات التوعية والتحريض، حيث عملت على نشر الوعي الوطني ودعم المقاومة من خلال تنظيم الفعاليات والاحتجاجات، وجمع التبرعات، وتعزيز الروح المعنوية للمجتمع، كما لعبت دورًا هامًا في توفير الرعاية الطبية والإسعافات الأولية للمجروحين

ولم تكن مجرد مدافعة عن الوطن، بل كانت أيضًا رافضةً للأفكار الاستعمارية، ومناضلةً من أجل نشر التعليم والثقافة العربية

ناضلت النساء ضد الممارسات الاستعمارية الظالمة مثل ختان الإناث وحرصت على تعزيز الهوية العربية وتقاليدها ، ومن أشهر المناضلات في هذا المجال، هدى شعراوي زعيمة الحركة النسوية المصرية التي ناضلت ضد الاستعمار البريطاني، وخالدة زيدان مؤسسة جمعية “فتاة فلسطين” لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي.

وهكذا، سطّرت المرأة العربية حكاياتٍ خالدةً في صفحات التاريخ، حكاياتٌ تُلهِمُ الأجيال القادمة وتُؤكّد على قدرة المرأة على تخطّي أصعب الظروف وتحقيق المستحيل،

حكاياتٌ حفرتها دماء الشهداء ودموع الثكلى، وخطّتها أقلامهن على جدران السجون ومعابر الحدود، حكاياتٌ تُروى على ألسنةِ النسوةِ، تُخلّد ُأسماءَ نساءٍ عظيماتٍ ضحين بحياتهن من أجل كرامة الوطن وحرية شعبه.

فقد كانت المرأة العربية شريكةً أساسيةً في كلّ محطةٍ من محطات هذا النضال الطويل، حاضرةً في ميادين المعارك، ناشطةً في ساحات العمل السياسيّ والاجتماعيّ، حاملةً شعلة الأمل في بيوتها المُحاصَرة، فلم تُثنِها قسوة السجّان، ولم تخيفها رصاصات المحتلّ، بل واجهت كلّ صنوف القمع ببسالةٍ وإيمانٍ راسخٍ بحقّها في الحرية والكرامة.