عندما تكون “صورة جباليا” رسالة للعالم

بقلم …حمزة حماد

صحفي من غزة

إنها العودة الحتمية، والمُراد الثابت لدى جموع النازحين الذين هجرتهم ترسانة الاحتلال الإسرائيلي الهمجية التي حولت المنازل والعمارات السكنية والمحلات التجارية والبنى التحتية والمؤسسات والمراكز المدنية إلى ركام في منطقة جباليا شمال قطاع غزة.

أخذ يوم أمس 30 مارس حضورا إعلاميا غير مسبوق في تغطية حالة الدمار الواسع جراء الاجتياح الهمجي لمنطقة جباليا بعد أن تراجعت آليات الاحتلال من مخيم جباليا واستمرت في مناطق أخرى مجاورة، حيث توجه آلاف المواطنين إلى أحياء وزقاق وشوارع هذا المخيم المنكوب، لتفقد أحوال منازلهم ومحاولة استخراج بعض مستلزماتهم الحياتية التي تركوها لحظة النزوح تحت وطأة القصف بشتى أنواعه، لكن الصدمة الكبرى حين عادوا، قد رأوا كيف توشحت ذكرياتهم باللباس الأسود وشعروا بالمأساة الجديدة والألم الكبير الذي أصابهم بعد أن وجدوا منازلهم مُدمرة وكأنها لم تكن !

لقد تجلت معاني الصمود والصبر في نفوس هؤلاء المكلومين الذين ما زالوا ينتظرون من أماكن نزوحهم المختلفة الانسحاب الكامل لهذا الاحتلال المجرم، على أمل العيش داخل أروقة جباليا التي شهدت معارك صعبة باعتراف جيش الاحتلال النازي، الذي أحرق ودمر البيوت السكنية ومراكز الايواء التابعة للأونروا التي كانت تضم آلاف النازحين بداخلها، فاليوم باتت المعاناة أكبر من أي وقت مضى في ظل الحديث عن أزمة إنسانية يعيشها سكان شمال غزة من حيث المسكن والمأكل والمشرب.

هؤلاء الموجوعين والجوعى جراء عمليات الإبادة الجماعية والحصار الإسرائيلي المُحكم والمفروض عليهم منذ بدء العدوان، باتوا بلا حماية دولية أمام الموقف الأمريكي المتناقض، الذي في حقيقته إرهابي كالاحتلال بلا شك، وهو ينحاز للاحتلال ويدافع عن روايته واجرامه بحق المدنيين، عبر دعمه بالقذائف الصاروخية والأسلحة الحربية، رغم اختلاف موازين القوى.

فرغم الكارثة التي حلت بهذه المنطقة، إلا أن الاحتلال يواصل عمليته العسكرية، معتقدا أنه بقتل المدنيين وتشريدهم يحقق نصرا، فهم الذين ذاقوا ويلات الحرب وما زالوا يفترشون الشوارع خارج مناطق محافظة الشمال، ويبحثون عن حقهم في العيش الكريم والآمن، هذا الحق المكفول دوليا والذي لم يسمعه بعد دعاة حقوق الإنسان في العالم لأن غزة ليست أوكرانيا ببساطة!!!

المجتمع الدولي يتحمل المسؤولية الكاملة عن حياة الفلسطينيين في قطاع غزة في ظل صمته الغير مبرر، وانحيازه الغير مباشر لدولة الإرهاب بالمنطقة، وانتهاكه الصارخ للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي، وعليه إيقاف هذه الجريمة الكبرى بالضغط على إسرائيل ومحاسبتها.

الإيمان الراسخ، أن الذي أفشل مشروع التهجير القسري وتصدى لعمليات التطهير العرقي وصمد أمام دولة الاجرام والقتل الجماعي، سيكون قادرا على النهوض من جديد.