الصحافة العبرية… الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي التابع للجبهة الديمقراطية

 افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

هآرتس 11/8/2024

التفوق اليهودي: عندما تنهار الثقافة وتصبح بربرية

بقلم: نمرود الوني

هذا ما حدث للمسيحية مع فظائع محاكم التفتيش. وهذا ما حدث للالمان مع النازية. وهذا ما حدث للاسلام مع الاصولية القاتلة للقاعدة وداعش. والآن هذا ما يحدث لليهودية مع الكهانية، البيبية والتفوق اليهودي – ثقافة تنهار وتصبح بربرية. هذا تفكك للاعراف وما تبقى من الثقافة الانسانية والحكمة وسيادة القانون، لصالح تحقيق رغبة بدائية تتمثل في تعظيم الذات وكراهية الآخر. واندفاع جماعي نحو اعمال القمع والقضاء على الآخرين على انواعهم، بواسطة عمليات الفتك العشوائية.

البربرية ليست ميزة عرقية أو ايديولوجية أو حتى شخصية، بل هي فقدان صورة الانسانية التي تظهر في السلوكيات التي يمكن أن يهبط اليها كل شخص. ما يفرق السلوك الثقافي عن السلوك البربري ليس الدافع لاشباع الانانية والجنسية والهمجية والعرقية والجغرافية، بل القدرة على تمريرها في منظومة معقدة من القانون والحسابات الداخلية، الاحاسيس، القيم والادراك، التي تحكم عليها بأنها غير شرعية، معيبة أو مرفوضة (من ناحية اخلاقية، دينية، سياسية وكمالية)، وتجد الطريقة لكبحها وتخفيفها وتوجيهها الى سلوكيات غير معادية للمجتمع، أو تدوس على المعايير الانسانية الاساسية لكرامة الانسان.

في التراث اليهودي توجد مميزات كثيرة للحفاظ على الصورة الانسانية والتمسك بسلوك ثقافي. هذه انماط سلوك تظهر في تأكيد الذات كي لا تنجر الى النزاعات الانسانية والغريزية والاستقواء والقبلية. من اجل التصرف باستقامة واحترام وعدالة مع الآخرين، والامتناع عن السلوكيات التي تضر عواقبها بالمصالح العامة ورفاه الآخرين. فكرة الاخلاق مشتقة من الجذر خلق، الذي يعلمنا بأنه من اجل أن تكون مخلوق انساني وجدير ومحترم فانه مطلوب التشدد مع الذات، الطلب من الضمير الامتثال لمعايير عالية من الاستقامة والعدالة والولاء واحترام الآخر. حتى عندما تدفع الغريزة أو المصلحة الشخصية في اتجاه مختلف. هناك اربع افكار رئيسية في التراث اليهودي تتعلق ايضا بالسلوك المتزن والحكيم، التي تمنع الاندفاع والسلوك العنصري واعمال الفتك. الفكرة الاولى هي التعامل بعدالة مع الاجنبي (الآخر)، لأن اليهود انفسهم عاشوا وجربوا بشكل مباشر اساءة حكم الاغلبية العنصرية، بسبب الاعتراف بأن الاجنبي (الآخر) ايضا خلق على صورة الله وأن انسانيته غير معيبة أو ناقصة.

الفكرة الثانية هي أن صهيون يتم فداءها في المحاكمة، باجراء عادل وشفاف، وليس باستقواء أزعر. الفكرة الثالثة هي تفوق المفكرين مثل يشعياهو ويرمياهو وعاموس ونتان هنفيه، الذين يدعون الى التمسك بالاخلاق والاستقامة السياسية، وبشكل عام المسألة الروحية كمقدمة للعمل العام. الفكرة الرابعة وربما الاكثر اساسية، هي السلوك الثقافي والنهج السليم والاسلوب اللطيف ونهج السلام.

هذه الافكار الاساسية الرائعة لليهودية لا تظهر في روح الكهانية والتفوق الديني، التي تنبض لدى المتعصبين، الحريديين القوميين والبيبيين الاسرائيليين الآن. هويتهم تشمل عنصرية وطنية متطرفة يتم تجسيدها في ترسيخ نظام الابرتهايد؛ تنفيذ مذابح ضد الفلسطينيين في المناطق؛ العنف السياسي تجاه اليساريين ومن ينتقدون النظام؛ مهاجمة وسائل الاعلام المستقلة والنيابة العامة وجهاز القضاء؛ التنكيل بالمعتقلين والاعتداء على نشطاء حقوق الانسان ومعاداة اللاجئين ومهاجري العمل؛ عبادة الزعيم كقيصر مرفوع فوق الشعب والقانون.

نحن لم نخترع العجلة. مؤسسات دينية، قومية وايديولوجية، في اماكن كثيرة على مدى التاريخ تدهورت من مكانة ثقافة فاخرة الى حضيض الهمجية. بروحية وصف الفيلسوف جان بول سارتر عنصرية اللاسامية فان وحشيتها تتمثل بالانغلاق تجاه كل ما يمكن أن يعلم أن الآخر وأن الامور التي نراها من هنا لا نراها من هناك. وتفكير آخر يقول بأنه ربما ليس كل الحقيقة والعدل لديك؛ وحقائق جديدة ومبررات عقلانية يمكن أن تقوض افكار مسبقة ومعتقدات ثابتة؛ ترسيخ التعددية والتسامح والابتعاد عن الموضوعية اثناء بلورة مواقف ومحاكمة الواقع.

هذه همجية الذين لا يفترضون في أي يوم بأن كل ما يميزهم هو حقيقي وعادل، وأن كل محاولة لتحقيق الانسانية والعالمية واللياقة والمنطق هي خيانة. هذه هي الهمجية التي تخلق وتدين الشر والفظائع التي ترتكبها اليهودية البيبية والكهانية. وهي تأخذ كل اسرائيل معها نحو الهاوية والكارثة التي لم نتخيل أننا سنواجهها حتى في اسوأ الكوابيس.

——————————————–

هآرتس 11/8/2024

لا توجد لنتنياهو الصلاحية لالغاء الصفقة على مسؤوليته

بقلم: ايال غروس

رسالة المستشارة القانونية للحكومة، غالي بهراف ميارا، حول التشويش على اجراءات عمل الحكومة، ضمن امور اخرى، في رسالة لسكرتير الحكومة في 31 تموز الماضي التي فيها قدم رأيه حول تداعيات مهمة في مجال الأمن، مع تجاوز الصلاحيات، هي رسالة تثير الصدى. كثيرون يعتقدون أن الامر يتعلق برأي يتعلق بصلاحية رئيس الحكومة في عملية اغتيال اسماعيل هنية.

أمير اورن وغيره ذكروا مؤخرا بأنه حسب المادة 40 في قانون الاساس: الحكومة فان الدولة لا تقوم بعملية عسكرية مهمة يمكن أن تؤدي الى حرب إلا بقرار من الحكومة، ويجب التحقيق في خرق هذا التوجيه.

هذه القضية بتداعياتها الخطيرة والشديدة هي جزء من عدد كبير من القضايا التي فيها يواصل نتنياهو السيطرة القانونية بوسائل اخرى، بعد عدم المصادقة على معظم التعديلات التي اقترحت على قوانين الاساس من قبل الائتلاف والتعديل الوحيد الذي كان يتعلق بالغاء ذريعة المعقولية تم الغاءه في المحكمة العليا، استمر الانقلاب النظامي بطرق مختلفة منها اتخاذ قرارات من قبل رئيس الحكومة خلافا للقانون وتناقض موقف المستشارة القانونية للحكومة.

لكن المشكلة أعمق من ذلك. فالبند 1 في قانون الاساس: الحكومة ينص على أن “الحكومة هي السلطة التنفيذية في الدولة”. في النظام البرلماني فان رئيس الحكومة يعتبر في التقليد “الاول من بين متساوين”. لذلك فانه حتى بدون التعليمات المحددة حول عملية عسكرية فان القرارات التنفيذية هي من صلاحية الحكومة وليس من صلاحية رئيس الحكومة.

اضافة الى ذلك موضوع الخارجية والامن هو من صلاحية الحكومة وليس من صلاحية رئيس الحكومة. لذلك، القرارات التي تتعلق بوقف اطلاق النار، بما في ذلك الصفقة حول تحرير المخطوفين، هي من صلاحية الحكومة وليس من صلاحية رئيس الحكومة. وحسب مقال نحاميا شترسلر فان رئيس الاركان ورئيس الموساد ورئيس الشباك حذروا حول الحاجة الى عقد الصفقة. وحتى وزير الدفاع قال بأن نتنياهو لم يفعل ذلك لاعتبارات غريبة.

القرار الذي يتم اتخاذه لاعتبارات غريبة هو قرار مرفوض وغير قانوني. ولكن اضافة الى ذلك فان الوضع الذي فيه القرارات حول هذه الامور تتخذ من قبل رئيس الحكومة فقط هو وضع خطير وغير قانوني ايضا.

يجب التأكيد على أنه لا يجب أن تكون لدينا توقعات كثيرة من هذه الحكومة التي تتكون من متطرفين مثل ايتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، واشخاص ينفذون ما يريد نتيناهو، وبالتأكيد أنه في كل ما يتعلق بالفلسطينيين والمس الشديد بهم لن يأتي الخلاص من هذه الحكومة. يجب على هذه الحكومة انهاء ولايتها في اسرع وقت، سواء بسبب الفشل الذي هي مسؤولة عنه أو عدم ثقة الجمهور بها. ولكن على الاقل كان من الصحيح أن تستمع الحكومة لمواقف رؤساء جهاز الامن ووزير الدفاع على أمل أن يكون عدد كاف من الاخيار الذين يدعمون وقف اطلاق النار والصفقة ايضا، وهي الامور التي لها تأثير ايضا على ما يحدث على الحدود الشمالية.

كان يجدر بالجمهور أن يعرف من الذي صوت في الحكومة مع الصفقة ومع صوت ضدها. قرار عدم عقد الصفقة، مثل قرارات التصفية التي يمكن أن تدهور اسرائيل الى حرب واسعة، لا يمكن أن يتم اتخاذه من قبل شخص واحد فقط. طالما أن هذا هو الوضع فان هذه القرارات يتم اتخاذها بدون صلاحية، كما هو واضح في رسالة المستشارة القانونية للحكومة.

عمليا، القانون يعطي صلاحية شخصية قليلة جدا لرئيس الحكومة. ومنها صلاحية اقالة الوزراء المشمولة في البند 22 في القانون. هذه الصلاحية اعطيت لرئيس الحكومة فقط في العام 1981 (حتى ذلك الحين كان يمكن اقالة الوزراء فقط في ظروف استثنائية مثل التصويت في الكنيست ضد الحكومة)، وقد كانت هذه علامة فارقة في التنازل عن نظرية رئيس الحكومة “الأول بين متساوين”، والانتقال ليكون تقريبا المسيطر الوحيد في الحكومة (طالما أنه توجد لديه اغلبية في الائتلاف).

هذا التعديل الذي استهدف كما يبدو أن يضمن المزيد من “الحوكمة” مكن رئيس الحكومة من السيطرة على الحكومة (بمصادقة المحكمة العليا، اقالة وزراء حتى لاسباب سياسية). التعديل قوض فكرة المسؤولية المشتركة للحكومة وكون رئيس الحكومة “الاول بين متساوين”، وهذا جزء من عملية جعل الحكومة المسيطر الوحيد في الحكومة. الآن نحن نشاهد الخطر الكبير الكامن في هذه الخطوة، عندما تهديد اقالة وزير الدفاع موضوع على الطاولة.

يمكن حقا رؤية استمرار العلاقة الواضحة بين عملية السيطرة القانونية والانقلاب النظامي في اسرائيل وبين الحرب المستمرة التي يمكن أن تتفاقم، عندما رئيس الحكومة يعمل من خلال مصالحه بدون آلية رقابة. القاضي ميشال حشين كتب في قرار له بأنه “حتى عندما تنطلق ابواق الحرب فان سيادة القانون يجب عليها اسماع صوتها”. ولكن يجب علينا الاعتراف بحقيقة أنه “في تلك المنطقة صوتها سيكون مثل صوت آلة الفلوت، نقي وصافي، ولكن يتم ابتلاعه في الضجة”. محظور ابتلاع انذار المستشارة القانونية في هذه الضجة. يجب على الجمهور الاستماع اليها.

——————————————–

إسرائيل اليوم 11/8/2024

من المجدي إقامة سلاح صواريخ في الذراع الجوي للجيش لبناء قوة ساحقة

بقلم: ايال زيسر

تعالوا لنحسب ماذا كان سيحصل لو انه بعد بضع ساعات من إصابة المُسيرات التي اطلقها الحوثيون من اليمن في مركز تل أبيب، وفي واقع الامر بعد بضع ساعات من اطلاقهم الصاروخ الأول نحو ايلات بعد بضعة أيام من نشوب الحرب كانت تفجرت في صنعاء، عاصمة الحوثيين، وميناء الحديدة عشرات الصواريخ التي اطلقت من إسرائيل ردا على ذلك.

لو أن هذه اصابت بدقة شديدة جملة اهداف استراتيجية ودفعت الحوثيين للتفكير مرتين في المغامرة التي ادخلوا فيها أنفسهم او على الأقل جبت منهم ثمنا باهظا لقاء عدوانهم. غير أنه ليس لإسرائيل كما هو معروف سلاح صواريخ، ولهذا فليس لها قدرة رد سريعة ومتواصلة واساسا فتاكة ضد أعداء قريبين وبعيدين على حد سواء، لا في اليمن ولا في العراق أيضا. لا في ايران ولا حتى في لبنان.

سلاح الجو الذي افشل على مدى السنين كل محاولة لتحدي وكسر المسلمات التي ترى في الطائرة كل شيء، ومنع بحثا حقيقيا وعميقا في الحاجة لسلاح صواريخ وعلى أي حال أيضا إقامة هذا السلاح، عاد وادعى، ويمكن عن حق بان للطائرة التي يقودها طيار سيكون دوما تفوقا على الصاروخ وان هجوما جويا هو في الغالب دقيق بل وفتاك وفي نهاية الامر ارخص من إقامة وصيانة سلاح صواريخ فيه عشرات الاف الصواريخ كما يحوز الإيرانيون وحزب الله. كما ادعى سلاح الجو أيضا بان سلاح صواريخ ليس جوابا مناسبا للتحديات الأمنية التي تقوم امامها إسرائيل، وهكذا مثلا ليس بوسعه ان يحيد تهديد الصواريخ من ايران ومن لبنان. فهذه بالمناسبة تبينت كناجعة سواء في كل ما يتعلق بالضرر الذي تلحقه بنا في الشمال ام في قدرة ردعنا وشلنا.

لكن هذه ادعاءات تعكس تفكير “لجنة عمال” مصممة على الدفاع عن مكان العمل وكذا عن العلامة التجارية “الجيدون للطيران” وما هو مقلق اكثر هو ان هذا هو تفكير مناسب لعصر المُسيرات حين يكون كل همنا هو أن نخرج الى حيز التنفيذ عمليات خاصة وجريئة تلتقط لها صور جيدة لكن مساهمتها على المدى البعيد موضع شك. تجدر الإشارة الى ان هذه العمليات انستنا ما هي الحرب وكيف ينبغي للجيش الإسرائيلي أن يقاتل فيها.

بعد كل شيء فان هجوما من الجو هو خطوة مركبة تستوجب استعدادا مسبقا واعدادات كثيرة وتترافق أيضا بقلق على سلامة الطيارين. فضلا عن ذلك، في وضع حرب شاملة ستصبح المطارات في إسرائيل أهدافا لصواريخ العدو. وبعامة، فان ثمن صاروخ متطور – مثلا، ثمن التوم هوك الذي استخدمه الامريكيون بشكل ناجع ومكثف في العقود الأخيرة في عموم الحروب والمعارك التي خاضوها – هو نحو مليون دولار. اما ثمن الطائرة القتالية المتطورة بالمقابل فهو نحو 100 مليون دولار.

لكن عندما لا تكون لإسرائيل استراتيجية – لا سياسية ولا امنية – امام اعدائها، وكل همها هو تأخير واحتواء التهديد الذي يضعونه امامها لكن لا التصدي له او ازالته، فان عمليات وهجمات موضعية من الجو تصبح هي الأساس والجوهر. وهكذا فان من اهمل وقلص الجيش البري، اضعف قدرته على المناورة في أراضي العدو بل واخرج من القاموس العسكري الإسرائيلي اصطلاحات الحسم والنصر – حرص على أي يقام سلاح صواريخ.

آخر من حاول إقامة سلاح صواريخ كان افيغدور ليبرمان حين تولى منصب وزير الدفاع، غير ان المنظومة العسكرية افشلت الفكرة. مثلا بالمناسبة وزراء امن مثل موشيه آرنس ممن جاءوا من الحياة المدنية، تبينوا كاصحاب تفكير ابداعي اكثر بكثير من الجنرالات. وحتى لوزير الدفاع عمير بيرتس الذي فشل فشلا ذريعا في حرب لبنان الثانية، محفوظة نقطة استحقاق كمن شخص الامكانية الكامنة في القبة الحديدية وعمل على دفعها الى الامام.

لا شك أن في اليوم التالي، حين تنتهي الحرب ويتفرغ الجيش للتجدد ولاعادة بناء قوته وكذا لتميم قدرتة ردعنا امام اعدائنا، جدير بان تكون احدى المسائل موضع الفحص، وينبغي الامل بجدية هذه المرة هي إقامة سلاح صواريخ في الذراع الجوي للجيش ليشكل مدماكا إضافيا في بناء قوة ساحقة عسكرية يكون ممكنا استخدامها بشكل فوري ومتواصل وتساهم أيضا في ترميم قدرة الردع الإسرائيلية امام اعدائها.

——————————————–

يديعوت احرونوت 11/8/2024

معظم قادة جهاز الامن مقتنعون أن نتنياهو ضد الصفقة

بقلم: نداف ايال

اليوم تنتهي الألعاب الأولمبية ومعها تتوقف الطلبات السرية لفرنسا من ايران – للتجلد، في هذه الاثناء. إسرائيل تعيش هجوما لحرب نفسية شديدة تختلط بمعطيات حقيقية عن ردود نصرالله وطهران. يوجد إحساس للتخفف والتبدد للرد. ينبع التخفف من تصريحات ايران وحزب الله من أنهم لن يحبطوا وقف النار. من امتداد الزمن وفترة الانتظار. لكن هذا الإحساس خطير.

نعم، الإيرانيون وحزب الله لا يريدون التدهور الى حرب إقليمية. رد طهران لن يبدو بالضرورة مثل الخطوة السابقة، مع استخدام حوامات وصواريخ؛ الإمكانيات التي ينظر فيها هناك متنوعة. حزب الله لا يريد حربا شاملة في لبنان. والرسالة الإسرائيلية التي نشرت في هذه الصفحات قبل أسبوع – لا للمس بالمدنيين او للمخاطرة بحرب واسعة – نقلت بهدف الوصول حتى نصرالله. لكن في الجيش الإسرائيلي وفي جهاز الامن لا يعتقدون ان كل هذا من خلفنا. تماما لا. فهم مقتنعون بان حزب الله يريد ليس فقط الرد لاجل الرد بل القتل. في إسرائيل يقولون: لن نخشى من ضربة استباقية.

اقتراح نهائي

نحن في مفترق. يكفي حادثة طفيفة عند الشارة الضوئية، واذا بتدهور سريع الى حرب إقليمية. هذا بالضبط ما جعل الولايات المتحدة والوسطاء يحاولون بنشاط التحكم بجدول الاعمال. تغيير الشارة الضوئية في المفترق.

قمة المخطوفين بعد أربعة أيام تعد كفرصة أخيرة بالتأكيد للوصول الى وقف نار – ليس فقط في غزة، عمليا إقليميا. فالمنطقة ستغرق الأسبوع القادم بالمسؤولين الأمريكيين الذين يحاولون حياكة كل التفاصيل حتى قبل الانعقاد. كل فجوة لا تغلقها الأطراف حتى يوم الخميس ستغلق بمقترح مشترك للوسطاء وللولايات المتحدة. بكلمات أخرى: البيت الأبيض سيضع على الطاولة مقترح جسر أخير، نهائي. هذا عمليا خطاب بايدن 2: محاولة الزام الأطراف بشكل مطلق باتفاق الاطار.

يوجد هنا ثلاثة لاعبين على الملعب. الوسطاء. اجمالا، ملوا وأساسا من نتنياهو. فقد فهموا جيدا قيوده السياسية، حتى نهاية إجازة الكنيست. لكن احساسهم – من قطر، عبر مصر وحتى الولايات المتحدة – هو ان رئيس الوزراء يلعب دور الصلب. في أنه ليس جديا ولا يريد صفقة. انه يؤخر الأجوبة عن قصد، ويمنع التقدم في المجالات الحرجة التي على جدول الاعمال – من فيلادلفيا وحتى معبر رفح؛ وهم يرون القرارات بالاغتيالات مداخل أخرى لتدهور إقليمي. لقد يئس الوسطاء لدرجة أنهم لم ينقلوا رد إسرائيل الذي رفعه رئيس الموساد دادي برنياع قبل اكثر من عشرة أيام لحماس.

كما أن الوسطاء ملوا السنوار: من الطريقة التي يأمل فيها بلا نهاية في حرب الجهاد المطلقة. هم يعتقدون بانه بالذات يريد صفقة الان. حماس – رغم كل الاقوال الحماسية – تطلق إشارات ضائقة من داخل قطاع غزة. هي مصدومة حسب المعلومات التي تصل الى إسرائيل، من لامبالاة متزايد في العالم لوضعها. مرت الأيام التي بدا فيها النزاع في غزة يقلق الغرب.

قصف الجيش الإسرائيلي للمدرسة امس أدى، حسب جهاز الامن، الى عشرات المصابين في قيادة حماس التي كانت في المكان؛ حسب الفلسطينيين، عشرات المدنيين القتلى. التنديدات من العالم جاءت. الصور القاسية تبث بلا انقطاع، لكن هذه لم تعد طاقات شباط أو حتى أيار. لنتنياهو، هذه أيام الحسم. اذا لم يعمل الان، فانه يعرض للخطر الدورة التالية للكنيست. الأغلبية الساحقة في جهاز الامن مقتنعون بانه حسم ضد الصفقة. انه يعرقل ويحبط. وانه ادمن على فكرة ان الحرب لا يمكنها ان تنتهي او حتى ان تتوقف، قبل أن يموت السنوار. وانه حتى ذلك الحين وحتى بثمن حياة المخطوفين، لا نتوقف. نتنياهو، كما يراهن معظم قادة جهاز الامن، يمكنه أن يجد في كل مرحلة سدادة ما، شرط ما، مبدأ ما خرق. هو صخرة وجودنا الأمنية. فيفجر الأمور.

هذه ليست نيته، يرد رجاله. مسؤولا كبيران في الائتلاف مقربان من رئيس الوزراء قالا في الأسبوعين الأخيرين أمورا مختلفة في جوهرها. فقد بلغوا محادثيهم بان نتنياهو يفهم بان الحكومة ستسقط على الصفقة وانه قرر بانه مستعد لذلك. وهذا سيجديه سياسيا: الصفقة ستعيد جزءا من المخطوفين لكنها ستبقى إمكانية لاستئناف الحرب. ينبغي الإشارة الى أنه في إسرائيل توجد مرونة ما – واساسا في مجال ضبط عودة المسلحين الى شمال القطاع. فقد طرح نتنياهو هذا كشرط، لكن الصياغات المقترحة حاليا غامضة حول الالية التي ستتقرر لاحقا.

الوقت للرد

اذا كانت صفقة، بن غفير وسموتريتش – الذي تلقى في نهاية الأسبوع شجبا نادرا ومباشرا من البيت الأبيض وربما استعدادا لعقوبات ضده – لن ينسحبا بالذات. فعلى أي حال ستكون الحكومة مفلسة. وعندها، بعد الاجازة، بعد الصفقة، الله كبير. في كل حال لن يعود لنتنياهو ما يقوله: ننتظر صفقة. نحاول تحقيق صفقة. هذا الأسبوع ستكون صفقة ما على الطاولة، فالطرفان سيتعين عليهما أن يقولا نعم، او لا. قبل بضعة سطور كتبت ان هذه لحظة الحقيقة لنتياهو. أما الحقيقة فهي أن الحديث يدور عن لحظة الحقيقة للمخطوفات والمخطوفين الذين يتعذبون في هذه اللحظات في اقبية حماس في قطاع غزة.

——————————————–

معاريف 11/8/2024

المعضلة الايرانية

بقلم: آفي اشكنازي

الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان تسلم قبل بضعة أيام فقط مهام منصبه. بعد بضع ساعات من احتفال التنصيب صعد الى السماء بعصف واحدا من ضيوف الشرف في الاحتفال، رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية.

فقد اعتاد الإيرانيون على ضبط النفس، والعد حتى عشرة بل وعند الحاجة حتى الى مئة، غير انهم هذه المرة عملوا من البطن. اتهموا إسرائيل بالفعلة، وقضوا بان هذا هجوم من الجو او من البحر. الزعيم الأعلى علي خامينئي سارع للإعلان، مثل مسؤولين كبار آخرين في ايران بان ايران سترد بقوة ضد إسرائيل. ان تصفية ضيف شرف على أراضيها من قبل جهة خارجية هو مثابة إهانة – وليس مجرد إهانة بل إهانة شديدة وعلنية امام عيون الجميع.

غير ان إسرائيل لم تأخذ المسؤولية. إضافة الى ذلك عقدت الـ “نيويورك تايمز” القصة على الإيرانيين، حين نشرت بان التصفية تمت بعبوة ناسفة، زرعت اغلب الظن من قوة بشرية محلية.

هنية، مثلما هي حماس أيضا، لا يهمان ايران حقا. بالتأكيد الان، بعد أن ضرب الجيش الإسرائيلي المنظمة في قطاع غزة. والامر واضح في الجهود التي يبذلونها لاجل خلق جبهة جديدة في الضفة الغربية، على حساب الجبهة التي كانت في القطاع.

كما أنه في اعقاب هذه المكتشفات حول طريقة تصفية هنية، ليس لإيران دليل يربط إسرائيل بالفعلة. ظاهرا، يوجد دافع، لكن مع هذا الدافع لا يمكن التوجه الى العالم وتبرير لماذا تهاجم ايران دولة سيادية.

بعد ان عملت من البطن فور التصفية، رأت طهران في الزمن الذي انقضى منذئذ كيف أصبح الشرق الأوسط كالمرجل: دول الخليج في حالة تأهب، الامريكيون بعثوا بحاملات طائرات، سفن حربية، وعشرات وربما مئات الطائرات القتالية والقاذفات. إسرائيل تصدر أصوات “امسكوا بي”، وبعد لحظة تعتزم توجيه ضربة استباقية، وعلى الأقل رد أليم، اذا ما هوجمت.

ان الامر الأخير الذي يريده الرئيس الإيراني الجديد الان هو حرب – لا إقليمية، لا صغيرة ولا كبيرة.

لإيران توجد الان مهمة عليا، الوصول الى قنبلة ذرية. مشروعها النووي دخل بصمة الى السطر الأخير. اما الحرب، حتى وان كانت اصغر حرب، فمن شأنها أن تعرض للخطر أجزاء ان لم يكن معظم المشروع.

حلفاء ايران، روسيا والصين، يوجدون هم أيضا في مشاكل خاصة بهم. روسيا، تتلقى هذه الأيام الضربات من أوكرانيا. وبعد بضعة أسابيع سيحل الخريف، والقتال الهجومي الروسي في أوكرانيا لن يتم في الأجواء الشتائية. وعليه، ففي الكرملين يحطمون الرأس كيف سيقلبون الجرة رأسا على عقب في الحرب هناك.

في الصين يريدون في هذه اللحظة تهدئة الوضع. الانتخابات في الولايات المتحدة تؤثر على الصينيين. هم يفضلون ان يكون الخطاب في الولايات المتحدة وبخاصة لدى الجمهوريين ومرشحهم للرئاسة دونالد ترامب ليس حولهم وحول السياسة الخارجية الامريكية. حرب في الشرق الأوسط الان من شأنها أن تطلق للجني الصيني من القمقم في الولايات المتحدة.

وعليه فانهم يحاولون الان انزال الإيرانيين عن السلم. احد السبل هو مؤتمر وقف النار والدفع قدما لاتفاق الاطار لتحرير المخطوفين يوم الخميس.

هذا كفيل بان يبرد رياح الحرب في ايران، وكما يبدو يخرج قليلا من الهواء من الساحة الشمالية حيال حزب الله. هل هذا سيحصل؟ الأيام ستقول.

——————————————–

هآرتس 11/8/2024

الولايات المتحدة تضغط، ايران تتردد وإسرائيل ناضجة

بقلم: عاموس هرئيلِ

الادارة الامريكية اطلقت مؤخرا جهود مركزة اخرى في محاولة لانقاذ المفاوضات حول صفقة التبادل من حالة الجمود ومنع اشتعال شامل بين اسرائيل وبين ايران وحزب الله. كالعادة، بالنسبة للامريكيين هذه الجهود تشمل وعود كثيرة للاطراف واطلاق تصريحات متفائلة من غير الواضح مستوى علاقتها بالواقع، والى جانب ذلك عدد لا بأس به من التهديدات. احتمالية نجاح العملية الحالية بعد اخفاقات كثيرة لثمانية اشهر لا تبدو مرتفعة في هذه الاثناء. حتى الآن على الاقل الولايات المتحدة تحاول منع التدهور الى حرب اقليمية.

الادارة الامريكية تعمل في الوقت الذي تستمر فيه في الخلفية تهديدات انتقام ايران وحزب الله من اسرائيل في اعقاب عمليات الاغتيال في طهران وفي بيروت. مؤخرا بدأ هجوم احاطات في واشنطن، بحسبها جزء كبير من المشكلات في المفاوضات بين اسرائيل وحماس على وشك الحل، وبقيت فقط خطوات قليلة وصغيرة نسبيا لانهاء الصفقة. في نفس الوقت استخدمت ضغوط من اجل الموافقة على لقاء آخر مع الوسطاء. في مساء يوم الخميس اعلن مكتب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بأنه وافق على ارسال بعثة اسرائيلية للقاء في 15 الشهر الحالي. وقبل ذلك سيتم عقد لقاءات تمهيدية. على الارض الجيش الاسرائيلي نفذ عدة هجمات جوية ثقيلة في القطاع، في واحدة منها تم الابلاغ عن 100 قتيل فلسطيني تقريبا. الجيش ايضا بدأ في عملية برية جديدة بحجم فرقة في خانيونس.

التوقيت مهم. فبعد اربعة ايام على اللقاء المخطط له للمفاوضات سيبدأ مؤتمر الحزب الديمقراطي الذي فيه ستتم المصادقة على ترشح نائبة الرئيس كمالا هاريس للرئاسة من قبل الحزب الديمقراطي. من المهم للرئيس جو بايدن ونائبته خلق الانطباع وكأن الامور اخيرا تتحرك بالايجاب في الشرق الاوسط. ولنفس السبب فان الادارة الامريكية غير معنية باندلاع حرب بين اسرائيل وايران التي ستضع في الظل الحملة الانتخابية وستسمح لدونالد ترامب بالعودة واتهامها بتدهور الساحة الدولية. في البيت الابيض يؤمنون بأن وقف اطلاق النار في قطاع غزة سيهديء ايضا الجبهة الشمالية – الشرقية التي اخذت تسخن أمام اسرائيل.

الامريكيون اتخذوا خطوات اخرى. فاضافة الى ضخ التعزيزات العسكرية للدفاع عن اسرائيل، الادارة الامريكية ابلغت الكونغرس بأنها ستحول 3.5 مليار دولار لاسرائيل من اجل شراء السلاح. هذا جزء من رزمة 14.1 مليار دولار التي تمت المصادقة عليها في الكونغرس في نيسان الماضي، لكن لم يتم تنفيذها حتى الآن بشكل كامل. في حين أن المتحدث بلسان مجلس الامن القومي الامريكي، جون كيربي، شن هجوم علني استثنائي على وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، الذي قال بأن الولايات المتحدة تحاول فرض على اسرائيل اتفاق خضوع. ادعاء سموتريتيش كما قال كيربي هو “سخيف وفضائحي ومخجل. مقاربته هذه ستضحي بالمخطوفين وتعرض حياتهم للخطر، من ابناء شعبه ومن الامريكيين”.

الاشارة الى سموتريتش، الذي هو مثل الوزير ايتمار بن غفير سيجد نفسه هدفا للعقوبات الامريكية، هدفت الى ازاحة عن الطريق عائق يمكن أن يعيق الصفقة. ولكن المعارضة الاكثر اهمية للصفقة هي من قبل نتنياهو نفسه الذي ما زال يرتبط بالحزبين المتطرفين كي يبقى في الحكم. في القريب، يمكن الافتراض، الامريكيون سيضعون على الطاولة اقتراح جديد من اجل جسر الفجوة، وسيقولون للطرفين “خذوا ذلك أو اتركوه”. هنا ربما يحدث التصادم المباشر بين نتنياهو وبايدن. سلوك نتنياهو يتعلق بحساباته مثل الى درجة هو على قناعة بانتصار ترامب على هاريس في تشرين الثاني؟.

ضبط نفس استراتيجي

في هذه الاثناء بالذات اعلنت البعثة الايرانية للامم المتحدة بأنها تأمل بأن الرد العسكري ضد اسرائيل “سيكون في التوقيت وبالطريقة التي لن تضر باحتمالية وقف اطلاق النار. اولويتنا، قال الايرانيون، هي تثبيت وقف اطلاق النار بشكل متواصل في قطاع غزة، وأي اتفاق سيتم الاعتراف به من قبل حماس نحن ايضا سنعترف به”.

مثل بعض التصريحات والتسريبات الاخيرة من قبل النظام فانه يبدو أنهم في طهران ملزمون بالرد على تصفية القائد الرفيع في حماس، اسماعيل هنية، لكنهم يحاولون تقليص حدود المواجهة وهم يفضلون اعطاء حزب الله قيادة الهجوم.

ايران انحرفت، في هجوم الصواريخ والمسيرات على اسرائيل في نيسان الماضي عن سياستها التي تستمر منذ سنوات كثيرة وهي عدم مهاجمة اسرائيل مباشرة والاعتماد على وكلائها. حتى الآن هناك شك اذا كان النظام الذي للتو قام بتنصيب رئيس جديد ويناضل ضد الصعوبات الاقتصادية الكبيرة، معني الآن بمواجهة شاملة ومباشرة. عمليا، حزب الله لديه قدرة كبيرة للمس باسرائيل ومن مسافة قريبة، وبشكل سيضع في امتحان قاس استعداد الجبهة الداخلية في اسرائيل.

ربما أن خطوات ايران تندمج مع خطوات استراتيجية اوسع للنظام. “وول ستريت جورنال” نشرت أول أمس بأن المخابرات الامريكية تقدر أن ايران توجد الآن في موقع أفضل كي تطلق من جديد مشروعها النووي العسكري، الذي حسب وكالة المخابرات الامريكية تم تجميده فعليا منذ العام 2003. موظفون امريكيون قالوا لهذه الصحيفة بأنه حتى لو اعتقدوا أنها لا تريد انتاج السلاح النووي الآن، إلا أنها “متورطة في نشاطات يمكن أن تساعدها على ذلك”، اذا رغبت في فعل ذلك.

تغيير التقدير حيث في نفس الوقت ايران تقوم بتجميع اليورانيوم المخصب بمستوى مرتفع، الذي يمكن أن يمكنها من الحصول على الكمية الكافية لانتاج قنبلة خلال بضعة اسابيع منذ لحظة القرار. في تقرير لوكالة المخابرات الوطنية “دي.ان.آي”، الذي تم تقديمه للكونغرس في شهر تموز الماضي حذف التقدير الثابت للمخابرات الامريكية الذي تم ارفاقه مع هذه التقارير حتى الآن، والذي يقول بأن ايران لا تقوم في هذه الاثناء بنشاطات التطوير المطلوبة لاقامة منشأة نووية يمكن أن يتم فيها انتاج قنبلة تجريبية.

خبير اسرائيلي في الذرة، الدكتور اريئيلي (ايلي) لفيتا، من مركز كارنيغي، الذي كان في السابق من كبار جهاز الامن، قال لهذه الصحيفة بأن “الزعيم الروحي الايراني علي خامنئي لم يقرر بعد تحويل المشروع النووي الى مشروع عسكري. ولكني أميل الى التقدير بأنه على الاقل لم يمنع علماء الذرة في ايران من الانشغال بنشاطات تمكن من اخذ ايران الى اعلى مستوى من اجل الوصول الى شفا النووي”.

يلتزمون بالتدهور

في لحظة استئناف المفاوضات حول الصفقة تم تسجيل مرة اخرى قتل جماعي في قطاع غزة، في هجوم اسرائيلي من الجو. وزارة الصحة التابعة لحماس اعلنت صباح أمس بأن 93 شخص تقريبا قتلوا واصيب العشرات في قصف مدرسة استخدمت كمأوى للمدنيين في حي الدرج في مدينة غزة. الصور الفظيعة التي نشرت من المكان ظهر عشرات الاطفال والنساء، القتلى والمصابين. في الجيش الاسرائيلي قالوا بأن عدد القتلى مضخم بشكل متعمد من قبل حماس، وأنه في الهجوم قتل 19 مخرب من حماس والجهاد الاسلامي، الذين استخدموا المكان كقيادة للنشاطات الارهابية.

اسرائيل تكثر من مهاجمة المدارس في الشهرين الاخيرين، التي تستخدم كمراكز للايواء بذريعة أن ارهابيين يختبئون هناك بين السكان المدنيين. وحسب ذلك فهي تقوم بالتحذير قبل عمليات القصف مثل اختيار نوع السلاح وتشخيص دقيق للمكان الذي يوجد فيه النشطاء في المباني من اجل تقليص المس بالمدنيين. هذه الاحداث، وهذا اخطرها، تثير اهتمام عام محدود في اسرائيل، ازاء مذبحة 7 تشرين الاول واحتجاز المخطوفين لدى حماس. ولكن في المجتمع الدولي يتم استئناف انتقاد قتل المدنيين الابرياء مع الدعوات الى فرض عقوبات على اسرائيل، والذي يؤثر على جهود الادارة الامريكية في التوصل الى اتفاق لوقف اطلاق النار.

في كل ما يتعلق بالساحة الدولية فان الحكومة والائتلاف يصممان على مواصلة دهورة مكانة اسرائيل. المثال الآخر على ذلك يتعلق بمسألة سديه تيمان.

تمديد الاعتقال المتكرر لجنود الاحتياط المشتبه فيهم في هذه المسألة يدل كما يبدو على أنه يوجد للنيابة العسكرية والشرطة العسكرية تشكك مدعوم بخصوص التحرش الجنسي بالمعتقل، الذي هو من اعضاء حماس من القطاع. اضافة الى ذلك الفحوصات الداخلية المختلفة التي اجريت في جهاز الامن تثير الشك بأن الامر يتعلق بظاهرة اوسع، وتؤكد الكثير من الادعاءات التي تم توثيقها من قبل منظمات مختلفة قبل بضعة اشهر حول التنكيل المنهجي والاهمال الصحي في هذه المنشأة وفي منشآت اخرى منذ اندلاع الحرب.

حتى الآن اليمين المتطرف، بقيادة وزراء واعضاء كنيست من احزاب اليمين ومن الليكود ايضا، يستمر في التمسك بنظرية المؤامرة التي قامت بحياكتها النيابة العسكرية ضد الجنود الجشعان. عندما رئيس الاركان هرتسي هليفي طلب في جلسة الكابنت الاخيرة من الوزراء ادانة اقتحام متظاهري اليمين لقاعدتي سديه تيمان وبيت ليد، قام نتنياهو بتوبيخه قائلا (“لا تقدم لنا المواعظ”)، وبعض الوزراء تجادلوا معه.

——————————————–

هآرتس 11/8/2024

قاموا للصلاة فذبحوا مثلما في حالة باروخ غولدشتاين، هذه المرة على يد الجيش

بقلم: جدعون ليفي

مرة اخرى هذا كان بدون قصد. ومرة اخرى هذا ليس ابادة جماعية. في كل الحالات ليس ابادة جماعية، لأن الابادة الجماعية تحددها النية وليس فقط عدد القتلى المثير للاشمئزاز. ايضا هنا لم تكن توجد نية، عندما قتل حزب الله قبل اسبوعين تقريبا 12 طفل وفتى في مجدل شمس وصرخت اسرائيل “مذبحة”، “قتل”، “وحشية لم يقم بها الشيطان”. هل حقا اعتقد أي أحد في اسرائيل بأن حزب الله كان ينوي قتل 12 طفل درزي في هضبة الجولان المحتلة؟. لكن بخصوص حزب الله فان مسألة النية لا يتم طرحها أبدا. دائما هي نوايا قاتلة. اذا قتل 12 طفل درزي فان هذا دليل على أن حزب الله كان ينوي قتلهم. الجيش الاسرائيلي هو قصة مختلفة. فسلاحه طاهر، وهو ليس قاتل. ولكن القتلى أمس في مدرسة التابعين في مدينة غزة قتلوا بالضبط كما قتل الاطفال في مجدل شمس في ملعب كرة القدم، وتهمة القتل متشابهة.

في الايام العشرة الاخيرة قصف الجيش الاسرائيلي 8 مدارس وقتل في كل واحدة منها عدد يتكون من خانتين من النازحين. فجر أمس تم تسجيل رقم قياسي عندما قتل 100 شخص تقريبا استيقظوا في الفجر لأداء الصلاة في المسجد قرب المدرسة. عدد من القتلى هربوا الى هناك قبل فترة قصيرة من المأوى السابق الذي هو ايضا تم قصفه. هناك من فقدوا جزء من العائلة، والآن هذه العائلة تم محوها نهائيا. الصور في قناة “الجزيرة” كانت صادمة، نساء صرخن عند مشاهدة جثث آبائهن، بطانيات ملونة فيها اشلاء ملفوفة فيها. قاموا للصلاة فذبحهم الجيش مثل باروخ غولدشتاين، لكن تقريبا ضعف العدد.

المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي نشر ما يكرره في العادة، الذي لم يعد أحد في العالم يشتريه: “قبل الهجوم تم اتخاذ خطوات كثيرة لتقليص اصابة عدد كبير من المدنيين، بما في ذلك استخدام سلاح دقيق ووسائل تنبؤ ومعلومات استخبارية. اذا كان قتل 100 شخص بعد كل هذه الخطوات المثيرة التي اتخذها الجيش الاسرائيلي فتخيلوا كم كان سيقتل لو أنه لم يتم اتخاذ هذه الاجراءات. ايضا محاولة الادعاء بأن “الفلسطينيين يبالغون في العدد” لأن وزارة الصحة الفلسطينية تتحكم بها حماس،  هي محاولة تثير الشفقة. وزارة الصحة في اسرائيل تسيطر عليها شاس. ماذا في ذلك؟ الجيش لم ينجح في أي يوم في دحض بيانات وزارة الصحة الفلسطينية بشكل ملحوظ. هذه الهراءات لم يعد بالامكان تصديقها، لا سيما عندما تكون هذه هي المدرسة الثامنة خلال عشرة ايام. ايضا الرواية حول تواجد قيادات حماس في المدارس يصعب تقبلها. فالجيش لم يعرض حتى الآن أي دليل ملموس على وجود قيادة في مراكز الايواء الثمانية التي تم قصفها. هذا بالطبع لا يهم اسرائيل، هي تبرر كل شيء مسبقا، وكل ما تفعله هو اخلاقي، لكن لا أحد غيرها مستعد لتقبل ذلك.

يجب القول بأنه “حتى لو كانت توجد قيادة”، وهذا مفهوم غامض، فانه لا يوجد أي مبرر لقتل عشرات النازحين العاجزين الذين لا يلوون على شيء والخائفين والمصدومين وبينهم عدد كبير من الاطفال. ليس كل “قيادة”، التي هي احيانا يمكن أن يكون شرطي في حماس يختبيء، تبرر القتل الجماعي. في الحقيقة هذا ليس له أي تبرير أبدا. عندما يحدث ذلك ثماني مرات خلال عشرة ايام فانه من الواضح أنه توجد هنا سياسة متعمدة لارتكاب جرائم حرب.

احتمالية انهاء الحرب الزائدة والاكثر اجرامية، تدفع الحكومة ولا سيما الجيش الى بذل جهود أخيرة لقتل اكبر عدد ممكن بدون تمييز أو ضبط للنفس. ثماني مدارس في غضون عشرة ايام هي موضوع مستعجل في لاهاي. لم يولد بعد رجل القانون الذي يمكنه دحض هذه التهمة.

في العام 1996 في عملية “عناقيد الغضب” في لبنان، قتل الجيش الاسرائيلي 102 نازح في ملجأ للامم المتحدة في قانا. ايضا في حينه حاولت اسرائيل نفي ذلك وترديد التبريرات، وبعد بضعة ايام اضطرت الى انهاء العملية. للدهشة القتل أمس لم يؤد الى نتيجة مشابهة. اسرائيل اصبحت دولة اخرى، ومثلها ايضا الجيش. قلبها فظ ومنغلق، ومثلها ايضا قلوب معظم الاسرائيليين.

——————————————–

يديعوت احرونوت 11/8/2024

نوصي ببديل الصفقة في ظل الاعتراف باثمانها الباهظة

بقلم: ميخائيل ميلشتاين

يكاد لا يكون باحث أو محلل إسرائيلي او عربي لم يتفاجأ من اختيار يحيى السنوار لرئاسة المكتب السياسي لحماس محل إسماعيل هنية الذي صفي في طهران. فقد اتخذت المنظمة خطوة واضحة أنه لا يمكن تنفيذها: من داخل انفاق القطاع الذي يضرب في الحرب لن يكون ممكنا عقد لقاءات قيادية واتصالات مع زعماء دوليين او اصدار تصريحات لوسائل الاعلام.

فما هو إذن السبب لهذه الخطوة الغريبة؟ يمكن أن نحصي ثلاثة أسباب محتملة. الأول – ضغط شديد من جانب ايران، في ضوء تقديرها بان خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي حتى تعيين هنية، كفيل بان يعين مرة أخرى في المنصب. طهران تنفر من مشعل في ضوء انتقاده لنظام الأسد منذ الحرب الاهلية في سوريا.

إمكانية ثانية هي ان تكون هذه خطوة قطرية ذكية غايتها حمل السنوار على مغادرة غزة ما يتيح انهاء الحرب. إمكانية أخرى، تبدو معقولة للغاية، هي ان هذه مثابة “بادرة طيبة رمزية” من قيادة حماس في الخارج تجاه “الاخوة في الجبهة”، فيما هو واضح ان السنوار لن يكون قادرا على أن يؤدي عمليا مهام المنصب، والمنظمة ستواصل كونها تقاد من المسؤولين الكبار في قطر.

مهما يكن من أمر، يبدو ان اليوم التي لتعيين السنوار لن يكون مختلفا دراماتيكيا عن ذاك الذي قبله، بما في ذلك في مسألة “الصفقة”. حتى قبل تصفية هنية، كان السنوار هو من يصدر النبرة المركزية في كل ما يتعلق بإدارة الحرب وكذا “الصفقة”.

يحاول مسؤولو حماس في الخارج ان يبثوا إحساسا بان الاعمال كالمعتاد بعد التعيين ويشددون على أن السنوار انتخب بالاجماع؛ إذ من ناحية المنظمة بقيت بوابات المفاوضات مفتوحة؛ وان السنوار سيبدي مرونة طالما كانت على كفة الميزان مصلحة الشعب الفلسطيني.

في أوساط الفلسطينيين وفي العالم العربي تسود رواية مغرضة، وبموجبها فان تصفية زعيم “معتدل” يسعى لتحقيق صفقة تؤدي الى تعزيز قوة الجناح الصقري في حماس وتقلل الفرصة لـ “صفقة”. أولا، لا يمكن وصف هنية بالمعتدل، وثانيا، كما اسلفنا منذ البداية كان تأثير هنية على المفاوضات محدودا.

رغم ميل التواصل الذي يلوح في الأفق بان مجرد التعيين كفيل بان يؤكد مركزي توتر قديمين في حماس. الأول – بين الجناح المؤيد لإيران وعلى رأسه السنوار وأولئك المقربين من قطر وتركيا برئاسة مشعل. الاخيرون يخشون من اتساع النفوذ الإيراني في المنظمة. مصدر التوتر الثاني هو بين الزعماء الذين من اصل الضفة وعلى رأسهم مرة أخرى مشعل وأولئك الغزيين.

إسرائيل تقف في النقطة إياها التي كانت فيها قبل تصفية هنية، فيما انها تواجهة معضلتين تستوجبان جوابا واقعيا وليس شعارات فارغة ونظريات منفصلة عن الواقع. الأولى، هي هزيمة حماس، غير القابلة للتحقق دون تحكم مباشر في الميدان، الوضع الذي يبدو في هذه اللحظة لا رغبة ولا قدرة على تحقيقه. المعضلة الثانية، هي تحقيق الصفقة. في الخلفية، توجد نظرية نتنياهو وبموجبها تشديد الضرب لحماس سيؤدي الى قبول المطلب ببقاء الجيش الإسرائيلي في محوري نتساريم وفيلادلفيا في اليوم التالي. الموضوع يلوح كخط احمر من ناحية حماس لن تقبله المنظمة.

تصفية السنوار نفسها كفيلة بان تكون انعطافة استراتيجية في المعركة وستكون ذات تأثير رمزي وعملي كبير. لكن هنا أيضا من الضروري اتخاذ نهج واع ينبع من فهم عميق لحماس: المنظمة لن ترفع علما ابيض، ومعقول ان “اللاعبين الاحتياط” الذين سيحلون محل المسؤولين الذين صفوا وسيصفون يتبنون التزمت الأيديولوجي ذاته. حتى لو كان “قطع اضلاع” من ناحية تنظيمية معقول ان تنجح حماس في البقاء. فيما ان الامر الوحيد الذي يمكنه ان يؤدي الى تقويض النظام الذي تمثله سيكون السيطرة على كل القطاع والقاء في المنطقة لفترة زمنية. وطالما مثل هذا السيناريو ليس ممكنا او مرغوبا فيه، وفي ضوء الاعتراف بان “عقيدة الاجتياحات” لا تؤدي الى شطب حكم حماس، فاننا نوصي بالفحص بعناية لبديل “الصفقة” في ظل الاعتراف باثمانها الباهظة.

——————————————–

هآرتس ذي ماركر 11/8/2024

وزارة المالية اخطأت في تنبؤ تكلفة الحرب، هل العجز سيقفز ويتجاوز المتوقع؟

بقلم: ناتي توكر

هل العجز في 2024 سيكون اعلى مما هو متوقع؟ في الاسبوع الماضي نشر قسم المحاسب العام في وزارة المالية بيانات العجز في شهر تموز، التي تبين منها صورة قاسية: العجز قفز الى 8.1 في المئة من الناتج. في حين أن هدف العجز في 2024 هو 6.6 في المئة، رغم أن السنة لم تنته بعد، وربما أن اسرائيل في الطريق الى اضاعة هدف العجز. في الفترة التي فيها تتابع الجهات الدولية اسرائيل عن كثب، فان هذه الاضاعة يمكن أن تكون اشكالية وخطيرة.

العجز هو الفجوة بين مداخيل الحكومة ونفقاتها. نسبة العجز في الناتج هي المبلغ الناتج عن تقسيم العجز خلال 12 شهر على الناتج المتوقع في تلك الفترة. عندما نفحص جزء من التفاصيل الصغيرة التي تقف من وراء هذا الرقم نكتشف الى أي درجة اخطأوا في وزارة المالية في التنبؤات المسبقة وسيناريوهات المرجعية. وهاكم الخطأين لوزارة المالية في التنبؤ، والمفاجأة الجيدة. الخطأ الاول – النفقات الامنية يتوقع أن ترتفع أكثر. الخطأ الاهم هو توقع نفقات وزارة الدفاع. ميزانية 2024 تمت المصادقة عليها في كانون الثاني 2024 في ذروة الحرب، حيث التكلفة الجارية في كل شهر في الحرب كانت معروفة. السيناريو الذي تم تبنيه في كانون الثاني في وزارة المالية استند الى الافتراض بأن الحرب ستستمر خمسة اشهر في الجنوب، الى جانب قتال محدود في الشمال. أي أن الحرب في القطاع التي بدأت في تشرين الاول ستنتهي في آذار 2024.

وفقا لذلك فان بند الدفاع في الميزانية المحدثة للعام 2024 التي تمت المصادقة عليها نهائيا في الكنيست في آذار، هي 137 مليار شيكل، منها 117 مليار شيكل مصدرها المصادر العادية لميزانية الدولة. زيادة 55 مليار شيكل مقابل الميزانية الاصلية. المبلغ المتبقي كان سيأتي في وقت لاحق في هذه السنة من رزمة المساعدات الامريكية الخاصة.

التوقيت الدقيق لوصول اموال المساعدات الامريكية ما زال غير معروف، وربما ستتأخر. من اجل سد الفجوة التدفقية ستكون حاجة الى زيادة العجز لسنة 2024. ولكن حتى بدون صلة بالفجوة التدفقية فان وزارة المالية، باعتمادها على المستوى السياسي، تبنت سيناريو مرجعي مخطيء تماما، الامر الذي وجد تعبيره في الزيادة الحادة لاكثر مما هو متوقع في نفقات الدفاع.

التنبؤ في ميزانية 2024 المحدثة كان تنبؤ زيادة 40 في المئة في ميزانية الدفاع في 2024 مقارنة مع 2023 (هذا بعد أن تمت حتلنة ميزانية 2023 ايضا واضيف اليها 17 مليار شيكل للدفاع). ولكن عمليا زادت ميزانية الدفاع في كانون الثاني – تموز 2024 بالنسبة للفترة الموازية في 2023 بنسبة اعلى بثلاثة اضعاف من المتوقع: زيادة 121 في المئة في ميزانية الدفاع.

حسب تقرير المحاسب العام فانه حتى نهاية تموز خصصت الحكومة لوزارة الدفاع 99.8 مليار شيكل، التي هي 14.2 مليار شيكل بالمتوسط شهريا. في تموز فقط، الشهر الذي لم يكن فيه حرب بمستوى مرتفع، بلغت النفقات على الدفاع 13.7 مليار شيكل.

حتى الآن لا يوجد موعد واضح لانهاء الحرب، والدولة تستعد لمواصلة اخلاء سكان الشمال حتى نهاية 2024. الخوف هو بالذات من توسع الحرب الى ساحات اخرى، ووزراء في الحكومة، بما في ذلك وزير المالية، يطالبون بتوسيع الحرب في الشمال.

اذا استمرت وتيرة النفقات على الحرب حتى نهاية السنة فان نفقات الدفاع ستصل الى 170 مليار شيكل، أي 75 مليار شيكل اكثر من التقدير المسبق في سيناريو وزارة المالية.

 

35 مليار شيكل تساوي اضافة حوالي 1.8 نقطة الى العجز. أي خطأ التنبؤ فيما يتعلق بنفقات الدفاع يمكن أن يزيد العجز من 6.6 في المئة الى 8.4 في المئة قبل قفزة محتملة في الحرب في الشمال أو في جبهة مهمة اخرى، امام ايران.

خطأ لم يتوقع هو أن الناتج زاد بوتيرة ابطأ مما هو متوقع. حسب توقع الناتج في كانون الثاني فان العجز في هذه السنة كان يتوقع أن يكون 6.6 في المئة من الناتج المحلي الخام، بالارقام 130 مليار شيكل. ولكن الى جانب الخوف من تجاوز التوقعات في العداد، أي على مستوى العجز في 2024، يتطور رويدا رويدا تغيير في القاسم المشترك، أي بمستوى الناتج المتوقع في هذه السنة. التنبؤ الحالي لوزارة المالية هو ناتج 1.967 ترليون شيكل. هذا التنبؤ يستند الى افتراض أن وتيرة النمو الحقيقية، أي الزيادة في الناتج ناقص التضخم، ستصل الى 1.9 في المئة.

عجلة نجاة الحكومة يمكن أن تأتي من عدة مداخيل. اذا استمرت وتيرة المداخيل الحالية من الضرائب حتى نهاية السنة، والمداخيل من الضرائب كانت مرتفعة، 30 مليار شيكل عن الهدف المحدث لكانون الثاني 2024، أي ستصل الى 450 مليار شيكل. هذا ما زال مبلغ اصغر بدرجة كبيرة من التنبؤات قبل الحرب (465 مليار شيكل)، لكنه سيمكن من التخفيف قليلا العجز المتوقع.

——————————————–

هآرتس 11/8/2024

الخميس الطارئ: إما “المخطوفون” أو المتطرفون.. أيهما يختار نتنياهو؟

بقلم: أسرة التحرير

القمة الطارئة التي ستنعقد الخميس هي نداء أخير لنتنياهو لتحقيق صفقة تعيد المخطوفين الإسرائيليين إلى البلاد، وتؤدي إلى وقف نار في غزة، وتقلص خطر الحرب الإقليمية مع إيران وحزب الله. البيان المشترك للرئيس الأمريكي والرئيس المصري والأمير القطري، الخميس الماضي، محاولة يائسة من العرابين الثلاثة لإجبار نتنياهو والسنوار على النزول من الشجرة التي تسلقا عليها. “لا مزيد من إضاعة الوقت ولا معاذير من أي جهة لمزيد من التأخير”، قال الزعماء الثلاثة وقصدوا الطرفين: حكومة إسرائيل وقيادة حماس.

مشاهد الفظاعة من هجوم الجيش الإسرائيلي أمس في مجال مدرسة التابعين في غزة، دليل آخر على أن كل يوم قتال يمر يقرب المنطقة من تصعيد كبير. في القطاع يبلغون عن 93 (70 حسب الـ “بي.بي.سي”) قتيلاً في الهجوم بينهم 11 طفلاً و6 نساء، وعن عشرات الجرحى. حتى لو كانت الأعداد أدنى، كما تدعي إسرائيل، فهذا لا يغير في الأمر من شيء. يجب إيقاف قتل المدنيين في غزة. هذه حرب يجب أن تتوقف.

انتخابات الولايات المتحدة إلى جانب تشاؤم قطر ومصر ستصعب الوصول إلى صفقة في المستقبل القريب، وتزيد التخوف من تصعيد إقليمي. فقد ادعى الوسطاء في الأشهر الأخيرة بأن نتنياهو ضيع الصفقة كي يعمق القتال. والآن يصر نتنياهو على خطوط حمراء قد تحبط تحرير المخطوفين. يفهم الوسطاء بأن نتنياهو فضل حماية ائتلافيه السائب بدلاً من إعادة المخطوفين وإنهاء الحرب. تصريحات الوزير سموتريتش الأخيرة ضد الصفقة جرت رداً حاداً من الناطق بلسان البيت الأبيض الذي قال إن تصريحاته تضحي بحياة المخطوفين الإسرائيليين والأمريكيين”، وإن الرئيس بايدن “لن يسمح للمتطرفين، بمن في ذلك أولئك الذين في إسرائيل، بتخريب المحادثات”. إذا لم يدفع نتنياهو بالصفقة قدماً، فربما يكتشف أن ما قيل عن سموتريتش ينطبق عليه أيضاً.

إن السعي إلى الصفقة يستند إلى أساسات ذات مغزى في الميدان: أشارت حماس في الأسابيع التي سبقت سفر رئيس الوزراء إلى الولايات المتحدة، إلى استعداد للمرونة؛ ومقترح الإطار الذي عرضه الرئيس بايدن نال تأييداً مبدئياً من الطرفين، والاتصالات بين إسرائيل ومصر حول الرقابة على معبر رفح ومحور فيلادلفيا تقترب من التفاهم.

بشكل عملي، يفترض بحماس أن ترد على وثيقة الإيضاحات التي عرضها رئيس الموساد دافيد برنياع في روما قبل أسبوعين. بالمقابل، على الحكومة ورئيسها أن ينصتا للجمهور، ولمعاناة عائلات المخطوفين وإلى التحطم الاقتصادي لدى عشرات آلاف العائلات. يجب وضع حد للحرب وإعادة المخطوفين. تفويت الصفقة في هذا الوقت قد يحسم مصير المخطوفين نهائياً.

——————————————–

“وول ستريت جورنال”: مقتل الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية يؤجج تهم الانتهاكات

بقلم: جاريد ملسي، فاطمة عبد الكريم، أنات بيلد

استشهد الدكتور عدنان البرش في السجن، واحتُجز الدكتور محمد أبو سلمية ثم أطلق سراحه. والتدقيق في معاملة الأسرى الفلسطينيين يتزايد.

صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية تنشر تقريراً لثلاثة صحافيين هم جاريد ملسي، فاطمة عبد الكريم، وأنات بيلد، تحدّثوا فيه عن التعذيب الذي تمارسه قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد الأسرى الفلسطينيين، وخصوصاً في معتقل “سدي تيمان”.

خلال الأسابيع التي تلت السابع من تشرين الأول/أكتوبر، عمل جراح العظام عدنان البرش، الذي تدرب في لندن، في سلسلة من مستشفيات شمالي غزة في الوقت الذي كانت فيه القنابل الإسرائيلية تنهال على القطاع.

ويُعد البرش من الشخصيات البارزة في أوساط النخبة الفلسطينية، وقد نشر مقاطع فيديو من غرف المستشفيات المظلمة، مشيداً بزملائه الذين يعملون من دون كهرباء لمعالجة الجرحى. وغاضباً من “إسرائيل”، غرّد مؤيداً الهجوم الذي نفذته حركة حماس ضدها، والذي أسفر عن مقتل 1200 شخص وأسر نحو 250 إسرائيلياً. كما كتب في آخر منشور له على منصة “فيسبوك” في 20 تشرين الثاني/نوفمبر: “سنموت واقفين”.

داهم جنود الاحتلال المستشفى الذي كان يعمل فيه البرش واعتقلوه. وانتظرت زوجته وأطفاله الستة الأخبار حتى شهر أيار/مايو، عندما أبلغتهم السلطات الفلسطينية نقلاً عن مسؤولين إسرائيليين مقتل البرش في السجن، من دون إعطاء أي تفسير حول كيفية حدوث ذلك.

واليوم، تحوّلت قضية البرش، إلى جانب عشرات آخرين ممن لقوا حتفهم داخل السجون الإسرائيلية، إلى غضب متزايد بشأن معاملة “إسرائيل” للفلسطينيين الذين تحتجزهم، عادة من دون خضوعهم للمحاكمة، منذ بدء الحرب على غزّة العام الفائت.

وفي قضية منفصلة، ​​اعتقل “الجيش” الإسرائيلي جنود احتياط إسرائيليين، الأسبوع الماضي، بتهمة الاعتداء جنسياً على أسير فلسطيني في سجن “سدي تيمان”. وقد هزّت هذه القضية الرأي العام وأثارت الجدل في البلاد. واخترقت احتجاجات اليمين قاعدة عسكرية يتم فيها استجواب جنود الاحتياط. وقد أفاد الأطباء بأنّ الإصابات التي تعرّض لها السجين كانت خطيرة للغاية لدرجة أنّها تطلبت خضوعه لعملية جراحية، وفق ما قاله عاملون طبيون مطلعون على هذه القضية. في المقابل، ينفي المشتبه بهم الاتهامات الموجهة إليهم.

أما عائلة البرش ومحاميه، فقد اتهموا موظفي السجن الإسرائيليين بتعذيب الطبيب حتى الموت من دون توجيه أي اتهام له، وذلك نقلاً عن محتجزين آخرين كانوا مع البرش. وقالت الشرطة الإسرائيلية، التي تعمل بشكل منفصل عن “الجيش”، إنها فتحت تحقيقاً في قضية البرش بعد تلقيها نبأ مقتله داخل سجن “عوفر” الإسرائيلي، بالقرب من مدينة رام الله بالضفة الغربية.

وقال خالد حمودة، وهو طبيب احتُجز مع البرش ثم أُطلق سراحه لاحقاً، لصحيفة “وول ستريت جورنال” إنّه رأى الطبيب ويعتقد أنه أصيب بكسر في الضلوع نتيجة الضرب. في حين قالت محامية من منظمة “هموكيد” الحقوقية الإسرائيلية، التي زارت السجن، إنّ معتقلاً فلسطينياً آخر أخبرها بأنّه رأى البرش يُحضر إلى زنزانة من قبل الحراس وهو في حالة ذهول وغير قادر على الوقوف، ثم تم إلقاؤه على الأرض قبل وقت قصير من مقتله.

ولم يُسمح لعائلة البرش بإجراء تشريح للجثة لمعرفة سبب الوفاة. وقد اتهم “الجيش” الإسرائيلي البرش بانتمائه إلى حماس وبرر اعتقاله بالاشتباه في ارتكابه “جرائم تعرّض أمن الدولة للخطر” من دون ذكرها، رافضاً مزاعم الانتهاكات المنهجية التي تحصل في السجون.

هذا وقد رفضت إدارة السجون التعليق على قضية البرش، نافيةً علمها بالادعاءات المتعلقة بمعاملتها للطبيب البرش والسجناء الآخرين الذين قتلوا من جراء التعذيب. في المقابل، أنكرت عائلة البرش وأصدقاؤه، إلى جانب مسؤولين من حركتي حماس وفتح، انتماء الطبيب إلى حماس أو أي فصيل آخر، على الرغم من وصفه للهجوم الذي نفذته حماس بأنه “كل ما يمكن للمرء أن يتمناه”.

روايات عن الانتهاكات

قتل 44 معتقلاً فلسطينياً في الحجز العسكري الإسرائيلي في الفترة من 7 تشرين الأول/أكتوبر وحتى 2 تموز/يوليو، وفقاً لرد مكتوب من “الجيش” الإسرائيلي على سؤال طرحته منظمة “أطباء من أجل حقوق الإنسان” الإسرائيلية، وهي مجموعة مراقبة مستقلة، اطلعت عليه الصحيفة.

بالإضافة إلى ذلك، تشير الإحصائيات التي أجرتها صحيفة “وول ستريت جورنال” المستندة إلى إشعارات الوفاة التي نشرتها السلطات الفلسطينية وإلى إحصائيات منفصلة صادرة عن مجموعات حقوقية إسرائيلية إلى مقتل ما لا يقل عن 16 معتقلاً داخل السجون التي تتم إدارتها بشكل منفصل عن المنشآت العسكرية. وفي معظم الحالات، امتنع المسؤولون الإسرائيليون عن إعطاء إذن بتشريح الجثث أو الإعلان عن أسباب الوفاة.

وزعم “الجيش” الإسرائيلي أنّ عدداً غير محدد من المعتقلين الذين ماتوا كانوا قد أصيبوا عندما تم القبض عليهم في ساحة المعركة في غزة.

ومنذ اندلاع الحرب، قامت القوات الإسرائيلية باعتقال آلاف الغزيين، ما رفع إجمالي عدد المعتقلين الفلسطينيين، بما في ذلك بعض من الضفة الغربية وبعضهم قبل الحرب، إلى أكثر من 9 آلاف معتقل، وفقاً للأرقام التي قدمتها مصلحة السجون الإسرائيلية إلى منظمة “هموكيد” الحقوقية الإسرائيلية.

وقد حذّرت وثيقة وقّعها رئيس جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي، في أواخر حزيران/يونيو واطلعت عليها الصحيفة، من أنّ الظروف التي يُحتجز فيها الفلسطينيون قد تنتهك اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب. ودعت إلى تسهيل وصول الصليب الأحمر إلى السجون، مشيرةً إلى أنّ السلوك الإسرائيلي في السجون “يكاد يصل إلى حد الانتهاكات”. كما اتهمت الوثيقة جهاز “الشاباك” نفسه بتعذيب فلسطينيين في الماضي.

وفي حزيران/ يونيو، قال وزير “الأمن القومي” الإسرائيلي إيتمار بن غفير، وهو سياسي يميني متطرف يشرف على نظام السجون، إنّه فرض عمداً شروطاً “قاسية” على الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، من ضمنها تقليص حصص الطعام.

وقال في تغريدة على منصة “إكس” إنّ القرار يُعد جزءاً من حملة رداً على أحداث السابع من تشرين الأول/أكتوبر. ودعا بن غفير، الذي وصف العام الماضي السجناء الفلسطينيين بـ”الحثالة البشرية”، إلى إعدام بعض المعتقلين لإفساح المجال في نظام السجون المكتظ.

وقد حضر أطباء تابعون لمنظمة “أطباء من أجل حقوق الإنسان” الإسرائيلية تشريح جثتي سجينين فلسطينيين من الضفة الغربية قتلا خلال فترة اعتقالهما. وكتبوا تقارير، استعرضتها الصحيفة، تفيد بأنّ الجثتين كانتا مليئتين بالكدمات وتعانيان من كسور في الضلوع، وهذه أدلة تشير إلى أعمال عنف محتملة. في حين قتل سجين ثالث بعد حرمانه من الرعاية نتيجة إصابة خطيرة سابقة.

وقد أفاد عدد من المعتقلين السابقين بتعرّضهم للضرب بالهراوات على أيدي حراس السجن والاعتداء عليهم جنسياً، في حين شهد آخرون ضرب معتقلين آخرين حتى الموت. وتتفق رواياتهم مع شهادات العاملين في المجال الطبي والمحامين الذين زاروا المعتقلات الإسرائيلية ولمسوا أدلة على وجود انتهاكات صارخة.

وقد زادت السلطات الدولية ضغوطها على المسؤولين الإسرائيليين لمعالجة هذه الادعاءات بشكل كامل، بما في ذلك الاتهامات المتعلقة بقضية جرّاح غزة، التي تثير مخاوف جدية.

علاوة على ذلك، أثار تحقيق منفصل أجرته مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، استناداً إلى مقابلات مع معتقلين فلسطينيين كانوا  مع البرش، المخاوف نفسها. وأشار التقرير إلى أنّ “شهادة الفلسطينيين المعتقلين معه تثير مخاوف جدية بشأن مقتله بعد تعرضه للتعذيب أو سوء المعاملة على يد السلطات الإسرائيلية”، مع تأكيد شهود للمحققين التابعين للأمم المتحدة أنّ البرش كان بصحة جيدة قبل اعتقاله.

سجن “سدي تيمان”

وفقاً لمعتقلين سابقين وجماعات حقوقية إسرائيلية وفلسطينية، فإنّ إساءة معاملة السجناء تزايدت منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر. وقد تصاعدت حدة التوترات بعد أن أفرجت السلطات الإسرائيلية في أوائل تموز/يوليو عن المدير السابق لمستشفى الشفاء، حيث كان البرش يعمل ذات يوم، من دون اتهامه بارتكاب جريمة.

وقال محمد أبو سلمية، الذي اتهمه “الجيش” الإسرائيلي بالتعاون مع حماس، إنّه تعرض للضرب وحُرم من الاتصال بمحام. وكغيره من المعتقلين الغزيين، تم احتجازه بموجب قانون المقاتلين غير الشرعيين لعام 2002، الذي تم تعديله بعد السابع من تشرين الأول/أكتوبر للسماح باحتجاز السجناء لمدة تصل إلى 75 يوماً من دون رؤية قاض وما يصل إلى 180 يوماً من دون الاتصال بمحام.

وبعد إطلاق سراحه، قال المدافعون عن حقوق الإنسان إنّ ذلك يثبت حجتهم القائلة بأنّ القوات الإسرائيلية تعتقل المدنيين الفلسطينيين بتهم ملفقة.

ولعدة أشهر، كانت المحطة الأولى للكثير من الفلسطينيين الذين اعتقلهم “الجيش”، بما في ذلك الطبيب عدنان البرش، هي “سدي تيمان”، وهو معسكر لـ”الجيش” يقع جنوبي “إسرائيل” ويضم ثكنات ومستشفى ميدانياً.

وفي مقابلة مع صحيفة “وول ستريت جورنال”، قال عامل طبي إسرائيلي زار السجن، إنّ المعتقلين في “سدي تيمان” كانوا مقيّدين في أسرّتهم لأسابيع كاملة، ومعصوبي الأعين ولا يرتدون سوى الحفاضات.

وقد خلص تقرير أصدرته وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في نيسان/أبريل، استناداً إلى مقابلات مع مئات من المحتجزين العائدين من غزة، إلى أنّ سوء المعاملة في “سدي تيمان” وغيرها من المعتقلات شمل الضرب بالبنادق والأحذية؛ والحرمان من الماء والغذاء والنوم ودخول المرحاض؛ و”الإذلال مثل إجبارهم على التصرف كالحيوانات أو التبول عليهم”.

وقال جندي احتياطي إسرائيلي خدم في سجن “سدي تيمان” في وقت سابق من الحرب للصحيفة إنّ بعض الحراس أظهروا سلوكاً مسيئاً تجاه المعتقلين وأنّه شهد على تعذيبهم، مضيفاً إلى أنّ أحد المعتقلين قد وصل إلى المنشأة الطبية وهو مصاب بكسر في أحد أضلاعه نتيجة الضرب المبرح الذي تعرض له.

ورداً على دعوى قضائية رفعتها جماعات حقوقية محلية، وافقت الحكومة الإسرائيلية في حزيران/يونيو على نقل 500 من أصل 700 معتقل مصرح بهم موجودين في “سدي تيمان” إلى سجون أخرى.

اختفاء طبيب

نشأ البرش، المعروف بابتسامته العريضة وشعره المموج، بالقرب من مدينة غزة ودرس في أوروبا، بما في ذلك حصوله على زمالة مدتها ستة أشهر في مستشفى “King’s College” في لندن. وكان يقضي أوقات فراغه في السباحة في البحر الأبيض المتوسط، وكتابة الشعر وممارسة لعبة كرة القدم. وقد وصفه غروم، وهو الطبيب البريطاني الذي أحضره إلى لندن عبر مؤسسة خيرية صغيرة، بأنّه “كان أحد المتعطشين للحياة”.

وكان بالنسبة إلى مرضاه، الطبيب الموثوق وغير المادي. وقد آثر البقاء في غزة لأنّ الناس تحتاجه، على الرغم من أنّ الفرصة قد أُتيحت له للمغادرة.

لم يُخف البرش يوماً دعمه للقضايا الفلسطينية وقد عبّر في كثير من الأحيان عن سخطه مما يحصل لأهل مدينته. ونشر الكثير من الرسائل العنيفة والجريئة على الإنترنت دعماً لغزة. وبعد السابع من تشرين الأول/أكتوبر، عمل البرش في مستشفى الشفاء بمدينة غزة، حيث كان يعالج جرحى الحرب. و كان ينام أحياناً في المستشفى وينشر صوراً له وهو يساعد الأطفال المصابين.

تنقل الطبيب بين مستشفيات غزة التي تداعت الواحد تلو الآخر، في الوقت الذي كانت تتنقل فيه زوجته وعائلته من مكان إلى آخر هرباً من الهجمات الإسرائيلية. وفي النهاية، انتقل البرش للعمل في مستشفى العودة التابع لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني حيث اختفى.

وبدأت زوجته البحث عنه، إلى أن أخبرها معتقلون مفرج عنهم بأنهم رأوه أولاً في سجن “سدي تيمان” ومن ثم سيق إلى سجنين آخرين جنوبي “إسرائيل”، وبعدها إلى سجن “عوفر” بالضفة الغربية حيث قتل. وقد وصف السجناء للمحامية ناديا دقة من منظمة “هموكيد” الإسرائيلية كيف تعامل الحراس مع البرش وعذّبوه حتى انقطعت أنفاسه وفاضت روحه. كما وصفوا لها تعرضهم للضرب.

لعدّة أشهر، انتظرت عائلة البرش عودة رب المنزل، لكن في 2 أيار/مايو، تلقت مكالمة من وزارة شؤون الأسرى الفلسطينية تنقل إليها خبر مقتل البرش بعد مضي أكثر من أسبوع عليها.

——————انتهت النشرة——————