تل ابيب-المسار- قال محرر الشؤون العربية في صحيفة هآرتس إن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ترى فخا في أحدث مقترح لوقف إطلاق النار بعدما تبنت الولايات المتحدة موقف إسرائيل، وإن ردها على ما يجري في غزة قد يكون استئناف العمليات “الاستشهادية”.
في حين شككت افتتاحية الصحيفة في أن يكون رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قد قبل فعلا الخطة الأميركية الجديدة.
وفي تقرير بعنوان “وحدة الجبهات: العمليات الاستشهادية رد حماس على ما يجري في غزة”، كتب جاكي خوري محرر الشؤون العربية في هآرتس أن حماس ترى -في الأساس- في أحدث نسخة من مقترحات وقف إطلاق النار الأميركية المتقلبة تبنيا لموقف إسرائيل في رفض نهاية الحرب والانسحاب الشامل من قطاع غزة.
وكتب أن عملية التفجير في تل أبيب قبل يومين، والأهم منها تبني حماس وحركة الجهاد الإسلامي مسؤوليتهما عنها، أحيت خوفا قديما وهو عودة العمليات “الاستشهادية” إلى قلب إسرائيل كما في تسعينيات القرن الماضي، حتى إنه لم يُعرف إذا ما كانت الحركتان قادرتين عملياتيا على شنها.
وقال الكاتب إن منسوب الخوف زاد بسبب ما يحدث في الضفة الغربية، حيث تعمق الغضب والإحباط مع اقتحام الجيش الإسرائيلي المتكرر للبلدات والقرى الفلسطينية، وتواصل اعتداءات المستوطنين على السكان الفلسطينيين، بما يوفر تربة خصبة لتجنيد “الاستشهاديين”، وفق تعبيره.
الهجمات “الاستشهادية”
ولاحظ الكتاب أن توقيت التفجير الذي أدى لمقتل شخص وإصابة آخر يكتسي أهمية هو الآخر، إذ جاء في خضم حراك دبلوماسي وسياسي لمحاولة التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة وقبيل زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن.
ورغم أن الهجوم محدود، فإن القلق لن يختفي حسب كاتب التقرير الذي ذكّر بأن رسالة الفلسطينيين، خاصة حماس والجهاد، واضحة، وهي أن مواصلة تعطيل الصفقة، خاصة من قبل نتنياهو، تعني أن الصراع سيتغير، إن لم يكن في القطاع، ففي داخل إسرائيل، وستُطرح العمليات الاستشهادية خيارا مرة أخرى.
ووصف ذلك بنوع آخر من وحدة الجبهات، فأحداث غزة تؤثر على الضفة الغربية وما يستشعره سكان الضفة سيؤثر على كبريات مدن إسرائيل.
التوقيت مهم أيضا بالنسبة لحماس من حيث إنها تنظر لا فقط إلى ما حدث الأيام القليلة الماضية، بل أيضا إلى ما لم يحدث، فالضغط الدولي (بما فيه العربي) ضعيف، والأمم المتحدة نفضت يديها مما يجري، ولم يعد يُعوّل كثيرا على محكمة العدل الدولية، أما غزة فعمها الخراب، وفق تعبيره.
وأضاف الكاتب الإسرائيلي أن رئيس حركة حماس يحيي السنوار لا يزال يحتفظ بورقتين أشبه بالجزرة والعصا: فمن جهة يمسك بالأسرى الإسرائيليين الذين يتطلب الإفراج عنهم إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين وإنهاء الحرب والانسحاب من غزة، ومن جهة أخرى يشن حرب عصابات في القطاع ويحاول إضرام النار في الضفة وإطلاق عمليات انتقامية داخل إسرائيل.
فخ أميركي
وقال الكاتب خوري إن حماس ترى فخا في المقترح الأميركي الأحدث الذي قضى أساسا بوقف متدرج لإطلاق النار مع احتفاظ إسرائيل بخيار استئناف القتال في نهاية المرحلة الأولى.
واختتم خوري كاتبا أن حماس ليس لديها ما تخسره، فقد فهمت أن هدف واشنطن الحصول على سلام حتى انتخابات الرئاسة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل وتقديم صورة نصر في عودة المحتجزين المدنيين (وربما بعض المجندات) مقابل الإفراج عن عدد محدود من الأسرى الفلسطينيين، وهي تعتقد أن المرحلة الثانية تكتسي أهمية أقل بالنسبة لواشنطن وحتى بالنسبة لإسرائيل التي ترى في كل ذلك ثمنا من أثمان الحرب، لذا تركز الحركة معركتها الحقيقية على المرحلة الأولى على أمل أن تكون الأخيرة.
فرصة أخيرة
وفي مقال افتتاحي ثان، دعت هآرتس نتنياهو إلى قبول المقترح الأميركي الأحدث الذي وصفه وزير الخارجية أنتوني بلينكن بأنه ربما فرصة إسرائيل الأخيرة لإعادة أسراها، وحرص على نقل شعوره هذا مباشرة إلى نتنياهو والرئيس إسحاق هرتسوغ.
وكتبت هآرتس أن كل إسرائيلي صادق مع ذاته يعرف أن ما قاله بلينكن ليس مجرد كلمات، فقد تكون فعلا الفرصة الأخيرة، وذكّرت بتقديرات المنظومة الأمنية الإسرائيلية بأن نحو نصف الأسرى الـ115 ربما قتلوا.
وقالت هآرتس إن بلينكن، وإن كرر الالتزام بأمن إسرائيل، فإنه أكد أيضا التزامها بخفض التوتر في المنطقة، وأضافت أن الأميركيين فهموا أن اعتبارات نتنياهو السياسية تضر بعملية صنع القرار حتى عندما يتعلق الأمر بحياة الإسرائيليين ومستقبل دولتهم، ونقلت عن بلينكن دعوته إلى عدم البحث عن الأعذار لتعطيل الصفقة.
سياسة المراوغة
واتهمت الصحيفة نتنياهو بمواصلة سياسة التلاعب بالكلمات، وقالت إن ادعاءه بأن إسرائيل وحدها من يقدم التنازلات ذر للرماد في العيون.
وحسب الصحيفة، تربط واشنطن بين الصفقة واستقرار كل الشرق الأوسط، لكن نتنياهو يراوغ، والخطاب العام في إسرائيل لا يشدد كفاية على الخطر الذي يتهدد “الدولة” إن أُهدرت فرصة إبرام صفقة، فالأمر لن يعني حينها فقط أن الأسرى قد تركوا لمصيرهم، بل أيضا احتمال إشعال حرب إقليمية.
واختتمت كاتبة أن نتنياهو ادعى -في نهاية لقائه مع بلينكن- أنه يؤيد مقترح واشنطن قائلا إن الكرة في ملعب حماس الآن، لكن من الصعب تصديق زعمه هذا بسبب تاريخه الحافل بالأكاذيب، وقالت إن الوقت قد حان ليقبل الصفقة قولا وفعلا.