افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات |
هآرتس 23/8/2024
7 اكتوبر كان يمكن أن يفجر الاستحواذ لنتنياهو، لكنه عززه فقط
بقلم: كارولينا ليندسمان
الدعوات الدراماتيكية الموجهة لرؤساء جهاز الامن من اجل فعل شيء، مثل “الدخول الى غرفة نتنياهو والضرب على الطاولة والقول له كفى”، تسمع مثل سيناريو لفيلم في نهاية فصل دراسي. خيال مراهقة سياسية حول انقلاب عسكري. من المضحك أن المزعج اكثر في ذلك ليس التسلية بافكار حول انقلاب عسكري، بل سذاجة من يعتقدون أن هذا موجود اصلا في مجال الممكن لدى الاشخاص الناشطين. هذا ليس لأنه لا يوجد ما يكفي من الاشخاص الذين يشاطرون هذا الخيال، بل لأنه من اجل أن يتحقق يجب أن يكونوا مستعدين وقادرين على تفعيل الجيش الاسرائيلي ضد الحكومة. واذا افترضنا أيضا أن القادة معهم فماذا عن الجنود؟.
الضربات الموجهة لبني غانتس تبدو لي كتعبير عن خيبة الأمل من عدم القدرة على التحرر من بنيامين نتنياهو. يضربونه مثلما يضربون وعاء ملح فارغ، وبدلا من ذلك يضربون المستشارة القانونية بنفس الأمل الفارغ الذي يوجد لدى من يحاولون تسريع ساعة الرمل. كم يمكننا الطلب من المستشارة القانونية أن تقوم باجراء تحقيق أو الاعلان عن عدم الاهلية أو تقديم لوائح اتهام؟. مع كل الاحترام للمحاربة غالي بهراف ميارا.
في الوضع الحالي للمجتمع فانه لا توجد أي فائدة للكتابة إلا اذا نجحنا في التواصل مع الذين يوجدون في الطرف الثاني. البيبيون يجب أن يتحرروا من نتنياهو. المفتاح يوجد في ايديهم. القوميون يجب عليهم التغلب على الاستحواذ لبيبي. لا اعتقد أنه يوجد استماع. وأنا نفسي التي تعودت على الاستماع لاعضاء اليمين في اثناء الازمة السياسية والاصلاح ودائما ادركت ما يقولونه، اعتقد أنهم منذ 7 تشرين الاول انغلقوا سيسيا. 7 تشرين الاول، الحدث الذي كان يجب أن يحطم الاستحواذ لنتنياهو، عززه فقط. بين حين وآخر أنا استمع اليهم واندهش من انهم يؤمنون بكل شيء بسذاجة.
ليست مفاجئة قصة غاليت ديستل اتبريان ومبدعي المصفوفة. يجب أن تكون ساذجا كي تصدق هذه الهراءات التي تتمسك بها منذ عشرين سنة وتبصقها بثقة في بث مباشر. بعد 7 اكتوبر لم يعد يانون مغيل والقوميون يضحكون. مغيل يكرر دائما جملة “أنا لا اصدق”. هو لا يصدق عندما يسمع اقواله وكيف كان رده. اليسار، اخوة في السلاح، قنوات الذعر، المستشارة القانونية للحكومة، النائبة العامة وغيرهم.
لكن الخداع التوراتي للمتخفي الذي هو معجب به، لا ينجح في رؤيته. لا يستوعب أنهم يقومون بخداعه، هو يتبنى شعاراته الفارغة ويستخدمها وكأن لها معنى، وكل ليلة يضحك على يئير لبيد وعلى اقواله الحمقاء، لكن ليست لديه أي مشكلة في تبني شعار “النصر المطلق”. في نهاية المطاف كان نتنياهو يمكنه القول “حتى اللانهاية وما بعدها”.
من جهة اخرى، أين سيستيقظون بالضبط، والاكثر دقة في أي ذراع سياسي. من هو بديل نتنياهو؟ لا يوجد. الآن لا يوجد أي شخص سياسي (باستثناء منصور عباس) يتمتع بمكانة الزعيم الذي يقدم ايضا بديل سياسي جدي ويرسم توجها سياسيا جديدا.
امور كثيرة يجب أن تتغير من الاساس كي تكون لاسرائيل فرصة لاعادة ترميم نفسها. ولكن الشعور هو أننا ما زلنا في الطريق الى اسفل. الناس يتغيرون فقط عندما يخسرون، لكن اسرائيل لم تدرك بعد أن نتنياهو سجل الهزيمة الاولى لها في تاريخها.
أنا ادرك خوف ابناء عائلات المخطوفين من الصفقة التي لا تشملهم جميعهم. هم يدركون أنه مقابل المخطوفين الذين لا يوجدون في الفئة الانسانية، يجب على اسرائيل وقف الحرب بشكل كامل والانسحاب من غزة. هي لن توافق على ذلك، من هنا هي تكون قد تنازلت عنهم. ولكن اذا كانوا يريدون اعزاءهم احياء فيجب عليهم الدفع نحو ذلك بالضبط، أي انهاء الحرب والانسحاب من قطاع غزة. واذا اعتقدوا أنه يوجد بديل آخر سيعيد لهم اعزاءهم، اذا هم ايضا بالتأكيد يكونون يؤمنون بالنصر المطلق.
——————————————–
يديعوت احرونوت 23/8/2024
لا صفقة، بل خدعة
بقلم: ناحوم برنياع
ذات يوم، حار ورطب في صيف العام 2000، في كامب ديفيد، ميرلاند، وقف رئيس وزراء إسرائيل اهود باراك مع رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات في مدخل كوخ، وظهرهما الى الكاميرا. انت تدخل أولا، يشير باراك الى عرفات؛ لا، انت تدخل أولا، يشير عرفات الى باراك. ظاهرا، رجلان حضاريان يتنافسان فيما بينهما على ميدالية الشرق الأوسط للرجل الاديب. اما عمليا، فمناورة في اغتصاب دبلوماسي: باراك حول ادخال عرفات الى تلم في نهايته اتفاق شامل مع إسرائيل؛ عرفات تملص. لا غرو أن الحدث على الباب اصبح رمزا لمسيرة السلام وفشلها.
وزير الخارجية الأمريكي انطوني بلينكن سعى لان يجري يوم الاثنين مناورة مماثلة لنتنياهو. فهو يعرف الزبون جيدا. يعرف ان نتنياهو لا يؤيد حقا ما علم في الجمهور كـ “منحى بايدن – نتنياهو”. صحيح أن المنحى اقر في الكابنت بتأييد منه لكن فور اقراره أضاف اليه “إيضاحات” استهدفت افراغه من محتواه. هكذا يتصرف دوما. بلينكن يعرف: هو ليس ولد.
وزير الخارجية الأمريكي وقف امام امكانيتين: إما أن يندد برئيس وزراء إسرائيل كرجل غير مصداق، غير قادر على أن يتفق حتى مع نفسه؛ او ان يتمسك بعرض عابث لتوافق متبادل. جيمس بيكر، وزير الخارجية في إدارة بوش، اختار غير مرة الامكانية الأولى. كيسنجر أيضا. كان يمكنهما ان يسمحا لنفسيهما. اما بلينكن فلا يستطيع: خصام علني مع رئيس وزراء إسرائيل عشية مؤتمر الحزب الديمقراطي في شيكاغو، حين يتجمهر متظاهرون مناهضون لإسرائيل خارج القاعة، غير وارد. ولا حتى نزاع مسرب: كل نبأ عن انفجار بين أمريكا وإسرائيل من شأنه أن يستدعي هجمة صواريخ واسعة من جانب حزب الله.
فاختار هو، بالتالي، معانقة نتنياهو كل الطريق الى الخدعة. محافل مغفلة في طاقم المفاوضات تتهم الان بلينكن بانه في العناق الذي أعطاه لنتنياهو قتل الاحتمال للتقدم في المفاوضات. هم لا يفهمون بانه لا توجد مفاوضات. السنوار غير معني باتفاق، ونتنياهو غير معني باتفاق، كل واحد لاسبابه. المأساة هي انه لا توجد قوة يمكنها أن تفرض اتفاقا على الاثنين – لا إدارة أمريكية ديمقراطية لينة في طبيعتها، عشية انتخابات، لا وسطاء عرب غارقون في مصالحهم، ولا جماهير إسرائيلية لا يعرفون الى اين يسيرون بالقلق، التخلي والاتهام. كارثة 7 أكتوبر جعلت من هو مسؤول عنها حاكم وحيد، بارادته يقرر الحياة وبارادته يقرر الموت.
ردود الفعل في الشارع الإسرائيلي على انقاذ جثث ستة من المخطوفين تدل كم هو عميق الاستقطاب. من أجل بعض من الإسرائيليين كانت هذه حملة لامعة، شهدت على تمسك الجيش الإسرائيلي والمستوى السياسي بالتكافل المتبادل، كم يهمهم مصير المخطوفين؛ للاخرين جسدت العكس: كان يمكننا أن نحصل على الناس احياء وحصلنا على جثث. مقاتلون في الجيش الإسرائيلي مدعوون الان لان يعرضوا حياتهم للخطر لاجل انقاذ اموات إدارة سليمة للمفاوضات كانت ستعيدهم الينا احياء دون تعريض حياة جندي واحد للخطر.
مارست إدارة بايدن امس ضغطا على الأطراف لان تعقد مع ذلك لقاء قمة في القاهرة – ان لم يكن لاجل الوصول الى اتفاق، فعلى الأقل لمنع اتساع القتال. مكانت إدارة بايدن وهاريس توجد قيد الاختبار في فترة حساسة. أمريكا وإسرائيل ستصلان الى هناك، اذا ما وصلتا، مثل زوجين قررا الطلاق لكنهما يواصلان النوم في سرير واحد. ليس من اجل نفسيهما، لا سمح الله بل فقط من اجل ما يقولانه للأطفال.
——————————————–
هآرتس 23/8/2024
نتنياهو يريد حرب اقليمية شاملة، يجب على رؤساء جهاز الامن الاستقالة
بقلم: اهود اولمرت
رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لا يريد عودة المخطوفين. لا توجد أي احتمالية للتوصل الى تفاهمات في المفاوضات التي تجري في الفترة الاخيرة والتي يتوقع أن تستمر في الاسبوع القادم وربما في الاسابيع التالية. من المرجح أن المفاوضات ستستمر بدون تقييد في الوقت، أو أنها ستنفجر في مرحلة معينة وتنتهي بجولة اخرى من العمليات العسكرية في الجنوب، وربما ايضا في الشمال.
في ظل غياب اتفاق لتحرير كامل للمخطوفين لا توجد احتمالية حقيقية لوقف العملية العسكرية في القطاع. فهي ستستمر لايام كثيرة اخرى. في نفس الوقت ستستمر المواجهات العنيفة في الشمال وفي نهاية المطاف يتعين عليها أن تتطور الى حرب واسعة، اطلاق صواريخ بعيدة المدى من قبل حزب الله، رد اسرائيلي بحجم لم نشاهده بعد، والتدهور الى حرب شاملة.
هذا التطور هو الوحيد الذي يخدم سلم اولويات نتنياهو، ويبدو ايضا احتياجات يحيى السنوار. السنوار، كما يبدو لي (لا اعرف ما الذي يريده حقا وأنا احاول فهم ما من شأنه أن يفيد من وجهة نظره من اجل احتياجات حماس وايضا يتساوق مع خطوات نتنياهو)، يفضل اطالة الحرب، حيث ذخره الاهم، المخطوفين، يوجد في يده. استمرار الحرب وتوسعها في الشمال سيزيد الفرصة لحرب شاملة ايضا مع منظمات اخرى، اضافة الى حماس وحزب الله، مثل الحوثيين والمليشيات الايرانية في العراق وفي سوريا. أمل السنوار وأمل نتنياهو ايضا هو أنه في نهاية المطاف ايران ستتورط في مواجهة مباشرة وواسعة مع اسرائيل.
هذا السيناريو هو بالطبع تهديد حقيقي لاسرائيل، ليس تهديدا وجوديا فوريا، لكنه عملية ستؤدي الى ضحايا كثيرين في اوساط المدنيين وقتلى كثيرين في اوساط الجنود وضرر دراماتيكي للبنى التحتية المادية لاسرائيل في مناطق كثيرة، بما في ذلك المراكز الصناعية والتجارية، وتدهور حقيقي في مكانتها الدولية، وامكانية فرض عقوبات عليها في المحاكم الدولية التي تناقش جرائم الحرب، وربما ايضا فرض عقوبات في مجلس الامن.
هذا هو السيناريو الاسوأ الذي يوجد على الاجندة: استمرار الحرب وتتعقد وتتسع، ومصير المخطوفين يتم حسمه.
لا يوجد للسنوار أي سبب للتنازل عن مثل هذا التطور. فهو يخدم حاجاته. كلما تعقد الوضع اكثر والمزيد من الاطراف تتواجد في قتال ضد اسرائيل، هكذا فان مبادرة تشرين الاول للسنوار تصبح اكثر فأكثر انعطافة تاريخية حسب رؤية من يعملون على اضعاف اسرائيل على أمل تدميرها. نتنياهو يقود دولة اسرائيل الى هذه الهاوية مع شركائه مجرمي الارهاب، ايتمار بن غفير و”مُجوع غزة” بتسلئيل سموتريتش.
السيناريو النهائي الوحيد الذي يمكن أن يقف على الاجندة في الاتصالات بين دول الوساطة وبين الطرفين المتقاتلين هو وقف القتال على الفور، وعقد اتفاق لاعادة جميع المخطوفين في فترة قصيرة، ادخال قوة مقاتلة فلسطينية – عربية تكون مسؤولة عن بناء بنية تحتية حكومية قوية في القطاع بمشاركة السلطة الفلسطينية (بالطبع مع مقاتلة هذه القوة ضد بقايا حماس). وفي موازاة ذلك خروج كل القوات الاسرائيلية من غزة الى نقطة الحدود التي كنا فيها قبل بداية العملية البرية.
من منظار المصالح الحقيقية لاسرائيل فان وقف الحرب هو نقطة الانطلاق لتغيير الاتجاه. اعادة المخطوفين وتهدئة الحدود الشمالية وفترة زمنية طويلة تمكن الدولة من النهوض، للبدء في تطبيب الجراح وترميم المنظومات الامنية والعسكرية واعادة الجنوب الى روتين الحياة الطبيعية وترميم البلدات هناك واعادة سكانها الى بيوتهم. في نفس الوقت نستطيع التوصل الى اتفاق مع حكومة لبنان بوساطة امريكية وفرنسية، يمكن من اعادة سكان الشمال الى بيوتهم وابعاد حزب الله عن الحدود، أي أن وقف الحرب سيمكن من تحقيق ما كان يجب أن يكون اهداف الحرب الحقيقية.
من ناحية نتنياهو هذا ليس “نصر مطلق” أو تدمير لحماس وهو لا يمكن من طمس الهزيمة الفظيعة في تشرين الاول 2023، هذا مختلف عن كل ما يعلن عنه بأنه الهدف الرئيسي الذي لا مناص منه.
باختصار، بيبي سيضطر الى الاختيار بين التنازل عن النصر المطلق وبين استمرار الحرب وتوسيعها الى مواجهة شاملة متعددة الساحات بدون جدول زمني معقول لانهائها. الاختيار بين ما هو جيد لاسرائيل وما هو جيد لبيبي، نتيجته معروفة. بناء على ذلك فانه لا مناص من الاستنتاج بأن دولة اسرائيل تقترب بخطى كبيرة من الحرب الشاملة.
هذا ما يريده بيبي وبن غفير وسموتريتش.
الميل الى حل لغز خطوات نتنياهو وكأنه لا يوجد لديه خيار لأنه لا يريد المواجهة مع بن غفير وسموتريتش، وهو مرتبط بهما من اجل بقاء الحكومة، هو وصف سطحي وبسيط للواقع السياسي الحالي. نتنياهو منذ فترة طويلة يحب وضعية ونستون تشرتشل (هو على استعداد بدون مناص الاكتفاء بفلودمير زيلينسكي)، مع سترة واقية وخوذة من الفولاذ على رأسه. استمرار القتال ليس خيار اجباري بالنسبة له، بل هو عملية تاريخية لا مناص منها، يمكن أن تستمر لاشهر كثيرة اخرى، وستمكنه من سحب جزء كبير من المجتمع الدولي الى الفوضى التي يؤمن بأنها مرحلة حيوية في المواجهة بين من يحبون الحرية وتقدم العالم الغربي، بما في ذلك امريكا واوروبا، وبين ممثلي التطرف الاسلامي الاصولي المتعصب، الذي يمكنه هزيمتهم.
على خلفية ذلك يجب التخلص من الوهم الذي يقول بأن المفاوضات حول صفقة لتحرير المخطوفين بتوجيه من نتنياهو تجري بحسن نية (هي ايضا ليست “اعطاء واعطاء”، كما اتهم نتنياهو ممثلي اسرائيل). هذه اللقاءات، في قطر وفي القاهرة أو في أي مكان، هي لعبة من ورائها لا تختفي أي نية للتوصل الى اتفاق أو تفاهمات أو نتيجة تعيد المخطوفين الى بيوتهم.
نحن ننجر بوتيرة كبيرة جدا الى السيناريو الاسوأ الذي يمكن أن يخطر بالبال.
العالم يفقد الصير ازاء الخداع والتضليل والنفاق الاسرائيلي. عندما هددت ايران بمهاجمة اسرائيل في نفس الوقت مع حزب الله، بعد تصفية القادة في بيروت وفي طهران، فعل جو بايدن ما لم يفعله أي رئيس امريكي منذ اقامة دولة اسرائيل. فقد ارسل الى هنا قوات عسكرية، التي مجرد قربها من المنطقة يشكل تهديد دراماتيكي على أمن ايران واستقرارها وقوة ردعها. الايرانيون يكرهوننا جدا، لكنهم ليسوا اغبياء. الخوف من أنه اذا شنوا حرب فسيجدون انفسهم يحاربون الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا مع بعض الدول العربية واسرائيل، اضعف على الاقل في هذه المرحلة رغبتهم في الانقضاض علينا في المدى الزمني الآني.
لكن تفجر المفاوضات بسبب مناورات خداع نتنياهو يمكن أن يسرع اندلاع المواجهة الشاملة التي يسعى اليها. عندما ستحدث هذه المواجهة فان اسرائيل يمكن أن تكتشف بأن الجيش الامريكي غير مستعد للدخول في مواجهة عسكرية معقدة وحساسة في الشرق الاوسط فقط بسبب أن المخادع النرجسي الذي لا يوجد له عمود فقري اخلاقي، الذي يقودها، معني بذلك. نحن يمكن أن نجد انفسنا بدون امريكا وبدون قوة الردع والرد التي يمكن للتواجد العسكري الامريكي أن يعطيها لنا.
في حرب شاملة بيننا وبين ايران وحزب الله وكل الاطراف الاخرى يمكن أن ندفع ثمن لم نرغب في دفعه، وربما لن نستطيع تحمله.
حتى الآن يوجد مخرج. في السنة الاخيرة التي فيها عبرت كثيرا عن رأيي ونشرته في وسائل الاعلام الاسرائيلية، لا سيما في هذه الصحيفة، وعدد غير قليل من المرات في العالم، لم اوصي بالعملية التي سأفسرها لاحقا. ولكن الآن لا مناص من القيام بها. أنا سأبكر واقول بأنني اعارض بشدة وبكل قوة وبكل ذرة في نفسي عملية تستهدف محاولة اسقاط نظام ديمقراطي بطريقة غير مناسبة، وأنا اوصي بعدم فحصها ولا اقترح ذلك.
أنا اطالب وزير الدفاع يوآف غالنت ورئيس الاركان هرتسي هليفي ورئيس الشباك رونين بار ورئيس الموساد دادي برنياع بأن يعلنوا معا عن استقالاتهم، فورا عندما يفشل نتنياهو المفاوضات حول الصفقة في الايام القريبة القادمة. يجب عليهم عقد مؤتمر صحفي مشترك يقولون فيه للجمهور بأنهم توصلوا الى الاستنتاج بأنه لا يمكنهم خدمة المصالح الاخلاقية والامنية والعسكرية والسياسية لدولة اسرائيل ازاء ما يشاهدونه ويسمعونه ويعيشونه كل يوم في الجلسات المغلقة من رئيس الحكومة ووزرائه المخلصين، وفي وسائل الاعلام من الذين يشغلهم ويوجههم ويحرضهم.
الاختيار بين الاستمرار في الخدمة في وظائفهم، مع معرفة أنه يقف على رأس الدولة شخص يعرض للخطر سلامها وامنها واستقرارها يوميا، وشركاءه هم مجرمون ليست لديهم مسؤولية ويحرضون على ارتكاب جرائم الحرب ويؤيدون من ينفذونها في الضفة الغربية، مع المس والاستخفاف والتشويه للقيادة الامنية المقاتلة في الدولة، وبين تغيير الاتجاه وانقاذ الدولة من رئيس الحكومة الذي يعرض وجودها للخطر، سيختارون اشراك الجمهور في الحقيقة ويمكنونه من العمل وفقا للقيود والامكانيات التي توجد في النظام الديمقراطي.
عند فعلهم ذلك فان غالنت وليفي وبرنياع يقومون بالواجب الاسمى تجاه شعب اسرائيل ودولة اسرائيل.
ليس أكثر ولا أقل.
——————————————–
معاريف 23/8/2024
إسرائيليون كثيرون يخافون صفقة توقف الحرب وتبقي حماس، والبديل ترك المخطوفين لمصيرهم
بقلم: جاكي خوجي
واحد تلو الآخر انهارت امام عيوننا في أشهر الحرب الوعود التي ولدت في بدايتها. مثلا الادعاء الحماسي بان الضغط العسكري سيؤدي الى تحرير المخطوفين. او الإعلان عن انه يمكن تحقيق أهداف الحرب كلها معا – ان نأتي بالمخطوفين الى الديار وندمر حماس والفصائل الأخرى. تبين لنا بالطريق الصعبة بان ليس بسيطا تحرير المخطوفين وفي نفس الوقت القتال. الحرب تقتل كل من يوجد هناك. تقتلهم هم أيضا.
من بين ست جثث المخطوفين الذين جيء بهم الى إسرائيل هذا الأسبوع، خمسة على الأقل قتلوا في اثناء هجوم إسرائيلي، ربما قتلوا على أيدي آسريهم، ربما أصيبوا بالصواريخ، في كل حال – القتال سرع موت حاييم بيري، اليكس دنتسيك، وعميرام كوفر. ثلاثتهم من كيبوتس نير عوز. ونداف بوبلفيل وياغف بوخشتوف عضوي كيبوتس نيريم. لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يقتل فيها مخطوفون في هذه الظروف. هكذا حصل لثلاثة فروا في الشجاعية وقتلوا باطلاق النار عليهم بالخطأ في شهر كانون الأول على ايدي مقاتلي الجيش الإسرائيلي: يوتام حاييم، الون شمريز وسامر طلالقة. يوسي شرعابي هو الآخر، مثلما اعترف الجيش الإسرائيلي قتل بالخطأ في زمن الهجوم. ويحتمل أيضا الجنديان نيك بايزر، ورون شيرمان والمواطن الياهو طوليدانو الذين قتلوا في تشرين الثاني في نفق تعرض للهجوم.
كل من هو ضالع او مشارك في موضوع المخطوفين يعرف بان الاحتمال هو ان الاحتمال في الا تكون هذه هي الحالات الوحيدة عال.
الفرضية الثانية كانت ان حماس تكذب كي تمارس ضغطا على إسرائيل، وعليه فلا يجب أن نرى في منشوراتهم حقيقة. بل حتى اختلق لذلك تعبير جديد – إرهاب نفسي. واضح انهم يسعون لان يحققوا شيئا ما من خلال هذه المنشورات. لكن لمرات عديدة كان يمكن أن نجد في اقوالهم معلومات حيوية لكل إسرائيلي. فقد أعلنت حماس في ثلاثة بيانات منفصلة بين اذار وايار بان خمسة المخطوفين الذين اعيدوا هذا الأسبوع قتلوا في هجوم للجيش الإسرائيلي. كما أنهم حذروا من ان حياة المخطوفين كلهم في خطر. عشرة اشهر ونصف الشهر بعد ذاك السبت، واضح ان المخطوفين آخذون في الفناء في الاسر. إبادة حماس تتناقض واعادتهم.
ضرب عائلات المخطوفين
الان يأتي الكثيرون ليدعوا انه لا ينبغي وقف الحرب من اجل صفقة مخطوفين. ثمة من باسم هذا المبدأ يضربون أبناء عائلات المخطوفين ومؤيدي الصفقة خشية أن يؤخذ برأيهم فتقع كارثة علينا جميعا. وحسب هذه الفرضية، فاننا اذا اوقفنا الجياد الان فان حماس ستعيد بناء نفسها وتواصل أفعال الذبح في المستقبل. الصفقة المقترحة عسيرة على الهضم بالفعل. قاسية أيضا ستكون مشاهد السجناء الأمنيين الذين يخرجون الى الحرية، والتفكير بان يحيى السنوار لن يدفع الثمن بحياته، الان على الأقل.
سيناريوهان مصيريان يوجدان الان على طاولة الحكومة. صفقة تحرير او استمرار الحرب. كل واحد منهما اصعب من أخيه. في خطوط عامة، هكذا سيكون السيناريو الأول: إسرائيل تقبل مقترح الوسطاء وتوقف النار من اجل انقاذ المخطوفين. الحرب تنتهي والجيش ينسحب من غزة. المخطوفون يتحررون في ثلاث مراحل، مثلما صيغ في الصفقة. فور المرحلة الثالثة، يبدأ ترميم القطاع. هكذا حسب المقترح الذي وضعه الوسطاء، وبحث حتى التعب في الأشهر الأخيرة.
بعد ذلك يجري البدء في إقامة نظام جديد في القطاع. اليوم التالي لحماس. دول عربية والولايات المتحدة ستهرع الى المساعدة. بالمشاركة مع إسرائيل، سيجدون المبنى السياسي الأكثر مناسبة والذي سيضمن اعمار القطاع من جهة، وامن إسرائيل من جهة أخرى. حماس لن تكون جزءاً من الحكم الجديد. لكن السنوار سيصر على أن يترك في يديه بعض الاستقلالية والقوة العسكرية. فبضعة الاف من مقاتليه سيبقون الى جانبه. الاحتمال في أن يكون ولدا طيبا، او أن ينزع سلاح حماس طوعا، يقترب من الصفر. حولها سيصطف السجناء المحررون، فيما يكون كل احد منهم قائدا محتملا. إسرائيل، من جهتها، لن تسمح بوجود حماس كجسم مسلح – وستخرج مرة أخرى الى حملات عسكرية قصيرة المدى بل وربما الى حرب طويلة.
هذا هو التخوف المركزي لمعارض الصفقة، فلا يمكن الغاؤه بجرة قلم. وبالفعل، كل المؤشرات تدل على ان هذا ليس المنحى الذي تتطلع اليه الحكومة الحالية. فهي تميل لان تفضل السيناريو الثاني وان كان يكمن فيه خطر ملموس على حياة المخطوفين.
حسب هذا السيناريو، تستمر الحرب بلا صفقة. قلة من المخطوفين يحظون بان يكونوا منقذين في عمليات خاصة، لكن معظمهم سيقضون نحبهم رويا رويدا. منهم من سيموت بنار الجيش ومنهم من سيتدهور صحيا او بثقل ذراع آسريهم الاجرامية. الضغط لتحريرهم قد يقل كلما مر الوقت. في ختام فترة منظورة للعيان – سنة او سنتين – حماس ومعها كل الفصائل المسلحة في غزة تباد. إسرائيل، وهكذا يأملون، ستتفرغ لتصميم غزة كما تريد، بلا معارضة من الداخل.
من يصور هكذا المستقبل القريب، يرى في المخطوفين ضحية ضرورية يجب تقديمها من أجل تحقيق الاستقرار. لكن الواقع اكثر تعقيدا. في اليوم التالي لحماس، وان كان سيختفي الحماسيون، لكن اثنين آخرين لن يختفيا معهم: سكان القطاع – ونزعة الثأر.
في اللغة المهنية لمعسكر المقاومة يعود الى الاستخدام تعبير “الحاضنة”. يقال عن مدينة او قرية معينة (جنين مثلا، او بلدة صوريف قرب الخليل) انها تشكل منذ 80 سنة حاضنة للمقاومة. كما ان عن الام الفلسطينية هناك من يقول انها الحاضنة الطبيعية لمقاتلي المقاومة. حاضنة بمعنى انكيوبيتر (حاضنة طبية)، مزرعة. مكان توجد فيه بيئة داعمة ومشجعة لنمو المسلحين.
غزة في السنوات القريبة القادمة لن تكون حاضنة فقط بل حوض ضخم لنمو الأعداء. قلة من سكانها لم يفقوا أقرباء لهم في الحرب. الاف الأطفال قتلوا، وكذا نساء، فتيات وشيوخ. الدافع للمحاسبة مع إسرائيل سيكون كبيرا جدا. وهو سيتضاعف اذا لم نريهم حلا معقولا ولا نوفر لهم الحياة الطبيعية. رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو نفسه قال قبل بضعة اشهر في مقابلة مع وسائل اعلام أمريكية انه بعد حماس، سيبقى من يريدون الشر لنا، وسيتعين علينا أن نقاتلهم هم أيضا.
التفكير بان تصفية حماس سيجلب لنا هدوء مطلقا من شأنه ان يتبدد. فهو متعلق بقدر كبير بالمكان الذي تقتاد فيه دولة إسرائيل غزة. فهذا ليس هم فقط بل نحن أيضا. هل سنستغل الفرصة لترميم وبناء جيرة طيبة ام ربما لا نترك لهم خيار غير الدخول في حساب اجرامي معنا؟ راعوهم يتحفزون منذ الان على الخطوط. ايران، داعش، القاعدة، كل هؤلاء ينتظرون اللحظة التي يترك فيها القطاع لرحمتهم. وعليه، فان معظم التحدي في غزة لا يزال امامنا.
في كل واحد من هذين السيناريوهين توجد إمكانية معقولة في ان تستمر النار وتجبر الجيش الإسرائيلي للعودة الى العمل. ان لم يكن في المستقبل القريبة ففي السنوات القادمة. في كل واحد منهما يوجد أيضا عنصر الرهان. لكن من بين الاثنين، الصفقة الان تترك في أيدينا أوراقا ضرورية، لن تكون بعد ذلك. ستوفر الانكسار الاجتماعي العميق اذا ما ضاع المخطوفون الواحد تلو الآخر. عودتهم ستكون بداية اشفاء داخلي ضروري جدا للمجتمع الاسرائيلي في علاقاته بينه وبين نفسه وفي علاقاته مع قادته. ستوقف تواصل الخراب الذي اوقعه حزب الله على بلدات الشمال وسكانها. كفيلة بان توقف استمرار الركود الاقتصادي، انخفاض الائتمان والحفرة المالية في الميزانية التي تنتظرنا خلف الزاوية. وتوفر قتلى وجرحى.
ولكل أولئك الذين لا يزالون يريدون الثأر من حماس: كثير ثأرنا، كثير عاقبناهم، عشرات اضعاف ما فعلوه لنا بل واكثر. خربنا ليس فقط قطاع غزة بل وأيضا روح سكانه حتى آخر أيامهم. لا بد سنضطر لان نعود لنقاتل هناك، لكن الان، اكثر من الحاجة لتخريبهم، حان الوقت لان نعود لنرمم ارواحنا نحن. ——————————————–
إسرائيل اليوم 23/8/2024
هل للابد ستأكل السيف
بقلم: يوسي بيلين
صفقة – وبعدها الاستقالة. المهنيون يقولون ان هذه على ما يبدو ستكون الفرصة الأخيرة لإنقاذ المخطوفين المتبقين على قيد الحياة. نتنياهو يشترط ذلك بإبقاء الجيش الإسرائيلي في محور فيلادلفيا ويشرح بانه لم يصر على ذلك من قبل ببساطة لأننا مؤخرا فقط سيطرنا على المحور. محافل الامن تقول انه سيكون بوسعها ان تتدبر امرها أمنيا حتى بدون البقاء في فيلادلفيا. بيبي يشرح بان هذه ليست مشكلة أمنية بل استراتيجية، لكنه لا يشرح ماذا يقصد. إذن ما هو مسلم به اكثر من ناحيته من الموافقة على الصفقة وتحرير المخطوفين – والاستقالة، لانه ليس منسجما مع التنازل عن النقطة الاستراتيجية؟
قطاع للقطاع. احتلال هضبة الجولان (الذي شاركت فيه في حرب الأيام الستة) كان يستهدف وضع حد لتهديدات النار من جهة الهضبة نحو البلدات الإسرائيلية التي في سفوحها. تم الاستيلاء على الهضبة كقطاع أمني حتى تحقيق السلام مع السوريين، وعندها أقيمت فيها مستوطنات، وكانت حاجة عاجلة لاخلائها في حرب يوم الغفران، التي أصبحت فيها المستوطنات عبئا امنيا. قبل بضعة أيام خرج اوري كلنر، رئيس مجلس إقليمي الجولان، بالبيان التالي: “لن نسمح بتحويل الجولان الى قطاع امني لإسرائيل. يجب نقل الهجوم الى ارض العدو”. كلنر لا يشير اذا كان اقتراحه يتضمن أيضا الاستيطان في القطاع الأمني التالي الذي سنحتله، واذا كان سكانه أيضا سيدعون مع مرور الوقت انهم يحتاجون لقطاع امني.
ليس بين أثينا وسبارطا. سبارطا. في كتابه الجديد “حرب وجودية – من الكارثة الى النصر والانبعاث”، آري شافيت من اهم كُتّاب الرأي في إسرائيل، لا يجري تنزيلات ولا يبسط الكثير من الخيارات: ايران تسعى لمحور إسرائيل عن الخريطة. اتخذت خطوة كبيرة في هذا الشأن في 7 أكتوبر وفي كل ما حصل بعدها. الحرب الكبرى معها ستقع في العقد التالي. وهو يقترح تمديد الخدمة الإلزامية الى 40 شهرا، إعادة الكثيرين الى خدمة الاحتياط ممن تسرع الجيش في التخلي عنهم، زيادة ميزانية الدفاع، اجراء تدريبات عسكرية للفتيان من سن 16، التعظيم الكبيرة للصناعات العسكرية، التنسيق بين المشاريع الخاصة والعامة في هذه الصناعات وعمل ذلك بشكل ينمي الاقتصاد. على حد قوله، ستصبح إسرائيل شيئا ما بين أثينا وسبارطا – لكنه يصف في كتابه كيانا يذكر بسبارطا اكثر بكثير مما يذكر بأثينا.
من يتوقع من شافيت ان يقترح فكرة ما كي يمنع الحرب الكبرى سيجد أنه يوصي فقط كيف نستعد لها. اكثر من ذلك، عندما يتناول بناء العظمة الإسرائيلية وقد فعل ذلك بضع مرات في كتابه، فانه لا يذكر في أي مرة اتفاق سلام مع الفلسطينيين كجزء من هذا. يقضي بان مثل هذا السلام هو موضوع لزمن بعيد وان في هذه الاثناء ينبغي إبقاء السيطرة الأمنية الإسرائيلية في المناطق والسماح للفلسطينيين بان يعيشوا في رفاه وازدهار اقتصادي. هو فقط لا يقول كيف نعمل ذلك. لا يشرح كيف نضمن الأغلبية اليهودية دون أن نقرر مرة واحدة والى الابد حدودا شرقية لإسرائيل. كما انه لا يشرح كيف سنتمكن من تشجيع الهجرة الى سبارطا الجديدة وكيف سنضمن ان تبقى الأجيال التالية هنا كي تعيش الى الابد على السيف.
السلام هو عنصر حرج في أمننا. السلام مع مصر ومع الأردن يثبت هذا كل يوم. الاتفاق الانتقالي الممتد بلا نهاية مع م.ت.ف يسمح لنا بتعاون امني، لم يكن له وجود ابدا قبل ذلك. أوروبا، التي قضت معظم تاريخها في الحروب هي الدليل الأفضل على أن العنصر المركزي في أمن الدول هو السلام بينها. كل المدعين بان العداء العميق بين اليهود والعرب لا يسمح بالسلام، يجدر بهم ان يتذكروا اتفاق التعويضات (مع الالمان).
في هذه الأيام، بحلول 120 سنة على وفاة هرتسل، اصدر مركز هرتسل والهستدرون الصهيونية العالمية من جديد الكتابين الهامين للحالم بالدولة، “دولة اليهود” و “التنويلند”. اذا ما تحولنا لا سمح الله الى سبارطا – ستبتعد إسرائيل مسافة لا تدرك عن حلم خالقها. محظور ان يتسبب لنا الاف الانذال من غزة وانعدام استعداد الجيش الأقوى في المحيط ان يبدل حلم هرتسل بحلم سبارطا.
——————————————–
هآرتس 23/8/2024
ايران تحسب المخاطر وتؤجل الثأر لكنها لا تهمله
بقلم: تسفي برئيل
“لقد فحصنا جميع التأثيرات المحتملة، ونحن لن نسمح لنتنياهو الذي يغرق في المستنقع بأن ينقذ نفسه. رد ايران سيكون محسوب جدا”، قال محسن رضائي، القائد الأسبق لحرس الثورة الايراني، في مقابلة مع “سي.ان.ان”. نغمة مشابهة اسمعها علي محمد نعيمي، المتحدث بلسان حرس الثورة، عندما قال: “الوقت في صالحنا، وفترة الانتظار لردنا يمكن أن تطول”. هذه التصريحات والفترة التي مرت منذ اغتيال اسماعيل هنية في بيت الضيافة الرسمي لحرس الثورة في طهران، المنسوب لاسرائيل، عملت على تغذية التقديرات في الغرب التي بحسبها ايران لا تنوي في القريب مهاجمة اسرائيل.
لا يوجد خلاف حول أن استعراض القوة الامريكي، اضافة حاملة طائرات وسفن صواريخ التي جعلت البحر المتوسط الى قاعدة مؤقتة، والتحذيرات العلنية للرئيس الامريكي جو بايدن، هي المركب الجوهري الذي أثر على تحليل “النتائج المحتملة” التي تحدث عنها رضائي.
يجب اضافة الى ذلك الجهود الدبلوماسية الكثيفة التي مارسها البيت الابيض بواسطة عدد من دول المنطقة، منها قطر والسعودية وسلطنة عمان وتركيا واتحاد الامارات، التي يوجد لكل واحدة منها وزن ثقيل على خطوات اتخاذ القرارات في ايران. هذه الدول هي الاهداف لاستراتيجية السياسة الخارجية الايرانية التي تطمح الى وضع نفسها وكأنها “صديقة البيئة” المحيطة بها، وأنها لا تشكل أي خطر على جيرانها.
هذه هي سياسة المرشد الاعلى علي خامنئي التي على تطبيقها ركز الرئيس ابراهيم رئيسي، الذي قتل في شهر أيار في حادثة المروحية. ايران عملت على التوضيح بأن استراتيجيتها لم تتغير حتى بعد هجوم الصواريخ والمسيرات ضد اسرائيل في شهر نيسان، الذي جاء ردا على اغتيال قائد “قوة القدس” لسوريا ولبنان، محمد رضا زاهدي. وقد عرضت في حينه هذا الهجوم الذي ابلغت عنه مسبقا جيرانها والولايات المتحدة كـ “رد محسوب”، لا يهدف الى اشعال حرب اقليمية، وأوضحت بأنها تستند الى “الحق الشرعي” في الدفاع عن سيادتها، حيث أن زاهدي تمت تصفيته في مبنى تابع للسفارة الايرانية في دمشق، الذي يعتبر مثل أي سفارة كجزء من اراضي الدولة.
يبدو أن الشرعية التي خدمت ايران في شهر نيسان ما زالت سارية المفعول، وحتى ربما بشكل أكبر، فيما يتعلق باغتيال اسماعيل هنية في طهران. الفرق هو أنه خلافا لـ “المقدمة المعتدلة” التي نشرتها ايران قبل الهجوم في شهر نيسان، وتأطير الحدث بأنه محدود ومتزن وأنه لمرة واحدة، في هذه المرة التصريحات الاولية ولدت الانطباع بأن ايران مستعدة لتجاوز الخطوط الحمراء، وحتى مواجهة احتمالية تطور حرب اقليمية ستضعها في مواجهة مباشرة مع امريكا. وقد ساهم في ذلك بالاساس الخطاب العدائي لخامنئي.
“محظور الخوف من الحرب النفسية التي يقوم بها الصهاينة والولايات المتحدة ضد ايران. الهدف منها هو التخويف وجعل ايران تتراجع في عدة جبهات، وايضا ازدياد قوة العدو”، قال خامنئي في الاسبوع الماضي في الاحتفال بذكرى ضحايا الحرب بين ايران والعراق. هكذا، خلال عشرات السنين اظهرت ايران الاستعداد للوقوف ضد تهديدات وضغوط دولية كبيرة حتى عندما اعتبر موقفها “غير منطقي” ويناقض لمصالحها. ولكن بنفس المستوى هي اثبتت أنه عندما يتغلب اعتبار الفائدة على اعتبار التكلفة فانها تفضل تبني الاستراتيجية البراغماتية.
في شهر أيار 2003، بعد فترة قصيرة على الغزو الامريكي للعراق، عندما خشيت ايران من أنه يمكن أن تكون الهدف القادم للقوات الامريكية تم نشر بأن جهات في حكومة محمد خاتمي نقلت للرئيس جورج بوش اقتراح يقول بأن ايران ستكشف بشفافية عن مشروعها النووي وأنها ستتوقف عن مساعدة حزب الله وحماس مقابل التزام امريكا بأمنها واستئناف العلاقات الدبلوماسية معها. الرئيس بوش لم يرد على هذا الاقتراح، الذي حسب التقارير في حينه حصل على مصادقة خامنئي. المشروع النووي تم تجميده لفترة، ولكن تم استئنافه بعد ذلك.
مرت عشر سنوات على فرض العقوبات الشديدة منذ ذلك الحين، الى أن قامت ايران باستئناف المفاوضات حول المشروع النووي. ومرت سنتان اخريان الى حين وقعت عليه بمصادقة كاملة من خامنئي الذي صك في حينه مفهوم “مرونة بطولية”. وحسب قوله فان المرونة حيوية عند الحاجة من اجل مصالح الدولة. واسئلة مثل ماذا كان سيحدث لو أن الولايات المتحدة استأنفت العلاقات مع ايران في 2003 أو أن الرئيس ترامب لم يختر الانسحاب من الاتفاق النووي في العام 2018، هي اسئلة جيدة ربما للانتقاد السياسي أو مادة للأدب الخيالي، لكنها ليست ذات صلة بالتعامل مع الواقع الذي تطور نتيجة الانعطافة نحو الخروج غير الصحيح من التاريخ.
بعد مرور ست سنوات على تجميد الاتفاق النووي وتخفيف “الضغط بالحد الاقصى” الذي استخدمه الرئيس ترامب والرئيس بايدن، فان ايران تحتفظ بما فيه الكفاية من اليورانيوم المخصب بمستوى “عملياتي”، يمكنها اذا قررت ذلك من انتاج القنبلة النووية في فترة زمنية قصيرة. حسب عدد من التقديرات، بضعة اسابيع أو شهرين. في اعقاب قرار ترامب حصلت ايران على ضربة اقتصادية كبيرة، لكنها لم تنهر. وهي الآن تقوم بتصدير نفط أكثر، مليون ونصف برميل يوميا مقابل 400 ألف برميل في نهاية 2018. قدرتها التكنولوجية، على الاقل في المجال العسكري، قد تتطور. فمن دولة زبونة لروسيا، اصبحت دولة مصدرة للسلاح والصواريخ والمسيرات لروسيا ودول اخرى.
لكن هناك فجوة كبيرة تفصل بين قدرة الدولة على تطوير تكنولوجيا مثيرة وتحقيق الارباح من تصدير المسيرات لروسيا (تكلفة انتاج المسيرة في ايران من نوع شاهد 136 تتراوح بين 20 – 50 ألف دولار، لكن يتم بيعها لروسيا بحوالي 190 ألف دولار)، وتصدير النفط للصين، وبين تغطية احتياجاتها الاقتصادية. تقرير صندوق النقد الدولي من شهر نيسان قدر أن ايران تحتاج الى سعر 121 دولار لبرميل النفط من اجل الحفاظ على ميزالنية متزنة. ثمن برميل النفط في هذا الاسبوع بلغ 79 دولار، ويتوقع أن يهبط. اضافة الى ذلك وحسب تقرير لوكالة “رويترز” فان ايران تعطي الصين تخفيض يبلغ 13 دولار للبرميل، وفرصة ايران لسد هذه الفجوة متدنية، إلا اذا حدثت فجأة ازمة نفط عالمية.
البنك المركزي في ايران نشر بأن اجمالي ديون حكومة ايران والشركات المتفرعة عنها للبنوك تبلغ الآن 118 مليار دولار، اكثر 4 مليارات من السنة الماضية. العلاج في ايران هو الاقتراض من صندوق التطوير الوطني، الذي يمكن أن يستخدم كصندوق في حالة الطواريء، والذي حظر على الحكومة في السابق الاقتراض منه. من غير المعروف كم هي الاموال التي تراكمت في هذا الصندوق، لكن حسب تقارير ايرانية فان الحكومة اقترضت في السابق منه حوالي 100 مليار دولار. الوسيلة الثانية التي تستخدمها ايران بشكل مبالغ فيه هي طباعة النقود، الخطوة التي اغرقت السوق بالريالات التي فقدت قيمتها بشكل دراماتيكي وأدت الى تضخم وصل رسميا الى 42 في المئة، الذي لا يعكس بصورة كاملة الارتفاع الكبير للاسعار. تقرير البنك الدولي الذي نشر في شهر حزيران قدر بأن النمو في هذه السنة سيبلغ فقط 3.2 في المئة مقابل 5 في المئة في السنة الماضية، وفي السنة القادمة سيبلغ 2.7 في المئة.
في هذا الاسبوع حصل بزكشيان على انجاز استثنائي عندما صادق البرلمان في ايران على جميع المرشحين الـ 19 لشغل الحقائب الوزارية في حكومته. بزكشيان الذي تنافس في الانتخابات كممثل عن الاصلاحيين اثار في السابق الغضب الكبير في اوساط مؤيديه بسبب تشكيلة الوزراء التي عرضها، وبسبب اظهار اخلاصه المطلق لخامنئي. في هذا الاسبوع أثار ايضا العاصفة في اوساط المحافظين بعد أن كشف بأنه قبل عرض قائمة الوزراء على البرلمان قام بعرضها على خامنئي، الذي قام بالمصادقة عليها. المحافظون اعتبروا هذا الكشف كنية خبيثة لديه من اجل اشراك خامنئي بالمسؤولية عن أي عملية تنفذها الحكومة في المستقبل. ولكن دعم خامنئي حيوي اذا كان بزكشيان ينوي تنفيذ وعده بترميم الاقتصاد في ايران واجراء اصلاحات يمكن أن تمس بجيب حرس الثورة الذي يسيطر على أكثر من نصف الاقتصاد في ايران.
بزكشيان لا يريد تكرار خطأ روحاني الذي واجهة بصورة منهجية حرس الثورة، وفي نهاية المطاف وجد نفسه في مواجهة مع خامنئي. الدعم المسبق من خامنئي يمكنه ضمان، على الاقل على المدى القريب، ازالة عدة الغام، بالاساس امام البرلمان الذي يسيطر عليه المحافظون. بزكشيان يمكن أن يكون الرئيس الاخير الذي يخضع لسلطة خامنئي، وبالتالي سيكون ايضا هو المسؤول عن تشكيل ارث الزعيم الاعلى ومستقبل الدولة بعد ذهابه.
حسب بعض التقارير فان الرئيس بزكشيان توسل لخامنئي أن لا يهاجم اسرائيل من اجل عدم التصعيب على ولايته وأن لا يدخل الدولة الى عاصفة اقتصادية لا يمكن توقع نهايتها. واذا كانت محادثة الاقناع هذه قد حدثت فيمكن التقدير بأن الرئيس ايضا عرض على خامنئي النتائج المحتملة لمثل هذه الحرب على ارثه، وربما ايضا ذكره بنتائج الحرب بين ايران والعراق التي شارك فيها. هذه الاعتبارات كانت الكابح المنطقي للامتناع عن الحرب الشاملة التي رافقت ايران منذ بداية الحرب في غزة. ولكن يصعب الآن قياس وزن الاهانة والتطلع الى الانتقام كعامل يوجه قرارات ايران. ومن الجدير التطرق الى الانتقام كهدف لن تتنازل ايران عنه، في الزمان وفي المكان المناسبين.
في هذه الاثناء الوقت في صالح ايران، كما قال المتحدث بلسان حرس الثورة. والوقت توجد له اهمية استراتيجية.
——————————————–
“انتقادات خطيرة” من جنرال إسرائيلي: الصفقة ماتت قبل أن تولد.. وعشرات البلدات باتت كالإوز بمرمى “حزب الله”
الناصرة- “القدس العربي”: يؤكد القائد الأسبق لغرفة العمليات في جيش الاحتلال الجنرال في الاحتياط يسرائيل زيف أن صفقة إعادة المخطوفين ماتت قبل أن تولد، لأن نتنياهو غير معنيّ بها.
ويوضح زيف، في مقال نشره موقع القناة 12 العبرية، أن القتلى الإسرائيليين الستة الذين تم استخراج جثثهم من خان يونس يمثّلون الأيام الحزينة جداً لإسرائيل، وهم جزء من عائلات فشلت هي في الدفاع عنهم بعدما تم أخذهم، وهم على قيد الحياة، وقُتلوا، أو ماتوا، وهم يشعرون بالإحباط من الدولة التي فشلت في إنقاذهم للمرة الثانية.
ويوضح أنهم دفنوا بصمت، وحازت عملية الإنقاذ اهتماماً أوسع من الاهتمام بالقتلى أنفسهم، ومن تركهم لمصيرهم في أنفاق “حماس”.
زيف: حل قضية التهريب لا يكمن في بناء محور بعرض 50 متراً وارتفاع 40 متراً من الأنفاق. الحل يكمن فقط في التعاون مع المصريين
ويقول إن دولة معتدة بذاتها كانت ستمنحهم، على الأقل، بعض الاحترام في موتهم، وتحترم إعادتهم بطقس خاص يُلقي فيه رئيس الدولة، أو أيّ وزير خطاباً، ويحني رأسه دقيقة على كل سنة من السنوات الثمانين من العمل، وهو ما كان يمكن أن يجعلنا، على الأقل، دولة أفضل لمدة ست دقائق.
ويمضي زيف في انتقاداته الخطيرة: “رغم ذلك، فإن الواقع الأليم هو أن إسرائيل منقسمة، حتى إزاء القضايا الأساسية والأكثر إنسانيةً في المجتمع ككل. تُحدَّد قيمة الحياة بحسب الانتماء، وفكرة التعاضد غير موجودة، ومسؤولية الدولة بالدفاع عن مواطنيها باتت محددة، بحسب الانتماء السياسي. النازحون من “غلاف غزة” و”غلاف لبنان” يتم التعامل معهم على أنهم أقل قيمةً، والمخطوفون باتوا مصدر إزعاج، في أفضل الأحوال. أحياء، أو أموات، لم يعد الأمر جوهرياً. في إسرائيل الجديدة لم يعد هناك خجل. بات الفشل لا يُفحص، والكوارث أصبحت أمراً هامشياً، وانهيار أساسات الدولة أضحى مكان نقاش. مقولة “لا مسؤولية، ولا قلق” صارت كالتوراة، والاحترام مخصص فقط لرجل واحد يتمسك بالسلطة. نحن في دولة فيها هويتان: إحداهما لا تزال مع الإخفاق، وتحمّل المسؤولية، حيث لا يزال للخجل مكان فيها. يختارون الألم، بدلاً من الاتهام، أشخاص لا يستطيعون التنفس بسبب الجرح المفتوح في القلب على ما كان يوماً دولة واحدة. أمّا في إسرائيل الجديدة، فيُدفن الفخر والاحترام القومي. إلى هناك، يرسلون الناطق بلسان الجيش، وهو ينظر نظرة خجل من أجل نقل الأخبار التي لا تحرك شيئاً في إسرائيل الجديدة”.
لا حكومة ولا عنوان
وضمن مقارنته بين إسرائيل اليوم وإسرائيل الأمس، يستعيد زيف فترة خدمته في الجيش: “عندما توليتُ منصبي في سنة 2000 كقائد لكتيبة غزة، كانت قاعدة “ترميت” في رفح موقعاً لرياضة إطلاق القنابل اليدوية. إسرائيل كانت تفتتح صباحها، يومياً، بأخبار “ترميت”. أول ما قمت به كان إزالة هذا الوضع المخجل. دخلنا إلى داخل رفح، واغتلنا مَن يلقي القنابل اليدوية، ومَن يرسلهم. وفي يوم من الأيام، عاد اسم “ترميت” ليكون مجرد اسم لقاعدة عسكرية، وذهبت الأخبار لتغطية أمور أُخرى. انتهى الوضع المخجل، والجيش لم يعد كالإوز في ساحة إطلاق نار. منذ 320 يوماً، تشير الأخبار الصباحية إلى إطلاق قذائف على الجليل. عشرات البلدات باتت كالإوز في ساحة إطلاق النار التابعة لـ “حزب الله”. وخلال الأيام الماضية، أُضيفت “كتسرين” في الجولان إلى القائمة. عدنا إلى غور الأردن، إلى ما كان عليه قبل حرب 1967، ولا يزال وضع الحرب في الشمال يتيماً. لا عنوان، ولا حكومة. لا أحد يحمل علم الخزي، وفضيحة ترك الجليل لا تزعج الائتلاف اليهودي”.
زيف: احتلال رفح، وتجاهُل القاهرة، دفعا إلى أزمة حادة، وبدورها دفعت المصريين إلى حضن “حماس”
ويؤكد زيف أن رؤية ما قبل تشرين الأول/أكتوبر، التي قادها رئيس الحكومة، تطورت إلى رؤية “الالتزام بالانتصار المطلق”.
ويضيف: “حينها، مع رؤية “الهدوء يقابَل بالهدوء”، تجاهلنا “الوحش” الذي كان ينمو في غزة. اليوم، باسم الالتزام بالإنجاز الفخم للنصر المطلق، نمتنع عن نقاش ما يجري في الشمال المشتعل، والضفة الغربية الآخذة بالاشتعال، وإيران الموجودة على بُعد خطوة عن السلاح النووي، وفي ظل خطر اندلاع حرب إقليمية فوراً. كما أن تحويل محور فيلادلفيا إلى الأمر الجوهري الذي سيحلّ كل الإشكالات، بعكس موقف الأجهزة الأمنية، إذ لم يُذكَر حتى في أهداف الحرب، ولم يسعَ الجيش لاحتلاله على مدار 9 أشهر، وتحويله إلى الموضوع الأكثر أهميةً من المخطوفين، يشير إلى شرّ وعدم إنسانية”.
شبح الحرب الإقليمية
على خلفية اختلال سلم الأولويات لدى نتنياهو يقول زيف إن المخاطرة بحرب إقليمية تحوّل القرار المذكور إلى رهان خطِر وغير مسؤول.
ويضيف: “في الحقيقة، ماتت صفقة إعادة المخطوفين قبل أن تولد حتى، ببساطة، لأن رئيس الحكومة غير معنيّ بها. لديه رغبة في كسب الوقت. وزير الخارجية الأمريكي أيضاً، الذي صرّح علناً بأن نتنياهو وافق على المقترح الأمريكي، أراد كسب الوقت، لذلك، بيّض اقتراح نتنياهو. بعد ذلك بيوم واحد، قام نتنياهو بإحباط الصفقة بصوته الشخصي، بعدها، هاجم بلينكن نتنياهو علناً، وقال إن عليه أن ينسى أيّ احتمال للاحتلال. بايدن أصابه اليأس، ويريد الهدوء. نتنياهو يعرف أن الولايات المتحدة تقدم له الدعم حتى نهاية الانتخابات في الولايات المتحدة، فالقوات موجودة هنا لكبحه، ولكبح إيران أيضاً.
حل قضية التهريب لا يكمن في بناء محور بعرض 50 متراً وارتفاع 40 متراً من الأنفاق. الحل يكمن فقط في التعاون مع المصريين.
ورغم ذلك، فإن خطوة احتلال رفح، وفي الوقت نفسه، تجاهُل القاهرة، دفعا إلى أزمة حادة، وهي بدورها، دفعت المصريين إلى حضن “حماس”، لدرجة أنهم غير مستعدين حتى لنقل المقترح إلى السنوار. الآن، تُبذل جهود الأمريكيين بصورة خاصة أمام المصريين، في محاولة لحلّ الأزمة”.
نتنياهو في البرج العاجي
وطبقاً لزيف، بنى نتنياهو طبقة جديدة فوق طبقة الحرب، وهذه الطبقة مخصّصة له، مصنوعة من شعارات لا تتماشى مع أهداف الحرب، ودائماً يستطيع أن يقول إن هذا ما قصده على أرض الواقع. ويقول إن الواقع موجود فقط في خطط الجيش الذي يقوم بكل ما هو ممكن من أجل تصحيح الإخفاق الكبير وهو يدفع الثمن من الدماء، ويتعامل مع تصعيد مستمر، ويغدو أخطر، في الوقت الذي يعيش المسؤول في الطبقة العلوية، وليس فقط أنه لا يلطخ نفسه في الطبقة السفلى، بل ينزل فقط من أجل التفاخر بالإنجازات، ولا يقترب أثناء الفشل والحزن.
ويتابع زيف: “لقد جهّز للحظة التي سيقوم فيها برفض كلّ من هرتسي هليفي ويوآف غالانت، وكل مَن يستطيع اتهامه لتبرئة نفسه. الأنظار إلى المستقبل متجهة نحو موعدين: الانتخابات في الولايات المتحدة يوم 5 تشرين الثاني/نوفمبر، وموعد مرور عام على السابع من تشرين الأول/أكتوبر”.
زيف: في إسرائيل الجديدة لم يعد هناك خجل. بات الفشل لا يُفحص، والكوارث أصبحت أمراً هامشياً، وانهيار أساسات الدولة أضحى مكان نقاش
ويقول إن الشك المتصاعد في فوز ترامب يفرض صعوبات على الخطة القديمة، ويستوجب إعادة البناء والتحضير لإمكان فوز هاريس في البيت الأبيض: تحوّل كسب الوقت، حتى تتضح الأمور مرة واحدة، إلى عبء. الآن، يحاول نتنياهو ترتيب جدول مواعيد مريح للتنصل من المسؤولية عن الكارثة. يمكن أن تكون ذكرى مرور عام على 7 تشرين الأول/أكتوبر ملائمة، إلّا إن التصعيد يسرّع الوقت. الشمال مشتعل، وفي الوقت نفسه، يحتاج إلى قرار، ولذلك، يجب اتخاذ قرار في الجنوب. ومن دون صفقة، لا يمكن إغلاق جبهة الجنوب. وكيف يمكن التنازل عن محور فيلادلفيا، إذا كان من الممكن تحويله إلى أهم قضية؟ نتنياهو دخل في لعبة صفرية، وتلاعُبه يشير إلى بلبلة إستراتيجية.
لبننة غزة
وحسب زيف، فإنه حتى لو خرجت إسرائيل من أزمة التصعيد المتوقع في الشمال بطريقة ما، ومن غير الواضح كيف تجري الأمور حتى الآن، فإنها ستعود إلى النقطة نفسها في حرب من دون حل، إنجازات الجيش تضيع، إسرائيل تستمر في استعادة الجثث، بدلاً من مخطوفين أحياء، في الوقت الذي لا يزال الشمال تحت القصف، وخالياً منذ 11 شهراً، والضفة الغربية تشتعل، وغزة تحولت إلى لبنان، مع ثمن مرتفع من القتلى، وجميع مجالات الدولة في حالة سقوط حاد.
ويختتم الجنرال زيف بالقول إنه “لا يوجد لدى نتنياهو أيّ إستراتيجيا، أو خطة، وهو يتخذ القرارات بعفوية، وفي لحظتها، استناداً إلى مخاوف سياسية خاصة به. ورغم أنه لا توجد حملة انتخابية أفضل من حرب سياسية تسمح له ببناء نفسه من جديد، فإنه ليس قوياً كما يلزم لكي يناور في الواقع الحربي لحاجاته. للأسف، مَن يدفع الثمن الكامل هم المخطوفون وعائلاتهم، وبعدهم دولة إسرائيل برمتها”.
——————————————–
بقلم: أسرة التحرير
للإسرائيليين: بلينكن ونتنياهو اتفقا على التضحية بـ “المخطوفين”
هآرتس 23/8/2024
المخطوفون الذين يذوون ببطء في أنفاق حماس منذ أكثر من عشرة أشهر أصبحوا شخصيات ثانوية في الدراما الكبرى التي تركز على الحراكات في موقف رئيس الوزراء نتنياهو بالنسبة لصفقة المخطوفين. عائلات المخطوفين بخاصة والجمهور بعامة عالقون في دائرة الأمل واليأس: نتنياهو مستعد للمفاوضات، نتنياهو يوافق على تحرير الحبل للوفد الإسرائيلي، نتنياهو مستعد للمرونة، ولكن فجأة نتنياهو يضيف شروطاً جديدة، نتنياهو يقول في محافل مغلقة إنه ليس واثقاً بحدوث صفقة، الصفقة تنهار وهلمجرا. وفي هذه الأثناء، يموت المزيد من المخطوفين.
الخميس ليلاً تحدث نتنياهو مع بايدن وأعرب عن استعداده لمرونة في موضوع محور فيلادلفيا. غير أنه عندها أفاد مصدر سياسي معقباً على ما نشر بأن نتنياهو “لم يغير موقفه حول الحاجة لسيطرة ووجود إسرائيلي في محور فيلادلفيا”.
قبل يوم من ذلك، قال مسؤولون كبار في إدارة بايدن إن المواقف التي عرضها نتنياهو في لقائه مع وزير الخارجية أنتوني بلينكن تصعب التقدم في الاتصالات، وذلك بخلاف ما قاله بلينكن نفسه يوم الإثنين في أن نتنياهو قبل مقترح الجسر الأمريكي بشكل كامل، والعائق المتبقي في المفاوضات هو موقف حماس.
لقد أصبح نتنياهو مع السنين فنان تزوير المفاوضات. الكثير من الأقوال، وصفر أفعال. محظور السماح له بمواصلة إجراء مفاوضات وهمية تتخلى عن المخطوفين وتدق طبول حرب يأجوج ومأجوج، وتهيئ التربة لتوسع إقليمي في شكل “سيطرة أمنية إسرائيلية” في غزة والتي معناها احتلال “مؤقت” لغزة.
يجب ألا يسمح لنتنياهو إشغال الجمهور بآمال عابثة بعودة المخطوفين إلى الديار، وبالتوازي السماح بموتهم التدريجي نحو الفوضى في الشرق الأوسط وخلق واقع جديد تسيطر فيه إسرائيل على شمال غزة أولاً، بما في ذلك استيطان يهودي بأساليب المستوطنين الخداعية كما الحال في الضفة: كرفان – بؤرة استيطانية – مزرعة رعاة – بلدة – مستوطنة – طرق التفافية، مدينة.
الجمهور ملزم بأن يستيقظ ويوضح لرئيس الوزراء بأن لا تفويض له للتضحية بالمخطوفين على مذبح احتلال غزة وفي صالح حرب شاملة. ومن الأفضل للجمهور أن يستيقظ سريعاً ما دام هناك مخطوفون على قيد الحياة.
——————————————–
تقرير إسرائيلي: كان هناك شمال ذات مرة.. والأرقام تكشف تأثير
هجمات حزب الله
بقلم: يوآف إيتيال
كل الأضرار التي وقعت في الشمال في إثر هجمات حزب الله هي نتيجة معركة لم تنتهِ بعد، ولا أفق لنهايتها.
صحيفة “والاه” الإسرائيلية تنشر تقريراً للكاتب يوآف إيتيال، يتحدث فيه بالأرقام عن الأضرار التي لحقت بالمستوطنات الشمالية في إثر هجمات حزب الله.
بحسب معطيات المؤسسة الأمنية والعسكرية، ففي كانون الثاني/يناير، تم رصد 344 قذيفة صاروخية وصاروخاً أطلقها حزب الله نحو “إسرائيل”. وفي يوليو/تموز، أطلق حزب الله ثلاثة أضعاف ذلك العدد، أي نحو 1091، والمنحى واضح، وهو أنّ عدد الصواريخ والقذائف الصاروخية تزايد بشكل مطرد منذ بداية العام.
تم الاعتراف بمقتل 44 إسرائيلياً نتيجة هجمات حزب الله، من بينهم 24 مدنياً ومواطناً هندياً، و19 فرداً من قوات الأمن. وأصيب 271 شخصاً، بينهم 130 مدنياً و141 من قوات الأمن. وحتى الأسبوع الماضي، تم إجلاء 62,480 مقيماً من المستوطنات الشمالية، منهم 16,855 يسكنون في الفنادق.
ووفقاً لسلطة الضرائب، تم حتى الأسبوع الماضي تقديم 4378 طلب تعويض عن الأضرار التي لحقت بالمباني والممتلكات في المستوطنات الشمالية.
وتسببت الحرائق التي اندلعت بسبب الصواريخ والقذائف الصاروخية التي أطلقها حزب الله وتحطم الطائرات المسيّرة والاعتراضات بأضرار جسيمة. وتقدر سلطة الإطفاء أنّ نحو 180 ألف دونم احترقت منذ بداية الحرب.
وتظهر بيانات وزارة السياحة أنّه منذ بداية الحرب حتى آب/أغسطس 2024، بلغت الأضرار التي لحقت بالسياحة 1.150 مليار شيكل خسارة دخل مباشر، و2.645 مليار شيكل خسارة دخل في الدوائر الداعمة للسياحة. ودفعت سلطة الضرائب حتى الآن تعويضات بقيمة 1.5 مليار شيكل لأعمال السياحة في الشمال.
كما لحقت أضرار جسيمة بالزراعة. في نهاية شهر أيار/مايو، خلال مناقشة اللجنة الاقتصادية في “الكنيست”، صرّح رئيس منظمة قطاع الأعمال أنّ الأضرار غير المباشرة التي لحقت بالمزارعين في الشمال تقدر بنحو مليار شيكل. وفي المستوطنات المتضررة في القطاع الشمالي، احترق أكثر من 1000 دونم من البساتين المتنوعة. وفي الجولان، اشتعلت النيران في نحو 100 دونم من القمح. وقد تم إعلان العديد من المناطق المزروعة “ممنوعة من الحصاد” لأسباب أمنية.
خلال الحرب، غادر معظم العمال التايلانديين البلاد، وفُرض حصار على أراضي السلطة الفلسطينية، ولم يُسمح للعمال الفلسطينيين بالدخول، كما تم تقييد دخول العمال الإسرائيليين إلى أراضي المستوطنات الحدودية. وقد خلق هذا الوضع نقصاً حاداً في الأيدي العاملة، ما ألحق أضراراً جسيمة بالقطاع الزراعي. وقد تضرر 30 مرعى منذ بداية القتال، وتم إغلاق 24 مرعى لأسباب أمنية.
ولحقت أضرار كبيرة بمزارع الدجاج، إذ إنّ نحو 70% من دجاج البيض في “إسرائيل” يتركّز في الجليل والجولان، حيث تنتج عادة نحو 1.6 مليار بيضة سنوياً، أي نحو 73% من إجمالي الإنتاج الوطني. وفي المناطق الواقعة ضمن 5 كيلومترات من الحدود اللبنانية، يتم إنتاج أكثر من مليار بيضة سنوياً، أي نحو 50% من إجمالي الإنتاج الوطني.
وفي صناعة لحم الدجاج، وفقاً لبيانات وزارة الزراعة والأمن الغذائي، يتم إنتاج نحو 100 مليون طن من لحم الدجاج في الجليل والجولان كل عام. وفي إثر هجمات حزب الله، تضررت نحو 21 حظيرة دجاج.
كل هذا في مرحلة محددة من المعركة في الشمال التي لم تنتهِ بعد، ولا أفق لنهايتها. وإذا تحققت تهديدات الأطراف، فإنّها لم تدخل مرحلة الذروة بعد.
——————————————–
أمد/ تل أبيب: كشفت وسائل إعلام عبرية يوم الجمعة، أن فريق التفاوض الإسرائيلي عاد إلى تل أبيب من القاهرة، بعد جولة محادثات مكثفة.
قالت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، إن فريق التفاوض الإسرائيلي، الذي يقوده رئيس الموساد دافيد برنياع ورئيس الشاباك رونين بار، عاد في ساعة مبكرة من صباح يوم الجمعة، بعد تقديم مقترحهما المحدث بشأن تواجد الجيش الإسرائيلي على معبري فيلادلفيا ورفح.
ووفقاً لما نقلته الصحيفة عن مصادر وصفتها بالمطلعة على هذه المحادثات، فإن المحادثات في القاهرة تمت في جو من الإيجابية، حيث نجح الطرفان في تضييق الفجوات بهدف التوصل إلى قمة فعالة وسريعة يوم الأحد المقبل، كما أضافت المصادر، أنه تم استكمال إعداد الملاحق وجميع القضايا المتعلقة بتعزيز صفقة الأسرى.
ومن المتوقع أن تتسلم حركة حماس هذه المقترحات المحدثة من الجانب المصري يوم السبت.
وفي هذه الأثناء، تواصل الدول الوسيطة الاستعداد لعقد محادثات القاهرة يوم الأحد المقبل، ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت حماس ستحضر، وحتى إذا حضرت، ما إذا كانت ستوافق على الدخول في مفاوضات، أم ستكتفي بتقديم ردها، وفق “يديعوت أحرونوت”.
ومن المقرر أن يصل رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) ويليام بيرنز إلى مصر قبيل انعقاد اللقاء، مما يشير إلى أهمية المخرجات المنتظرة منه
——————————————–
“معاريف” تكشف سر قوة السنوار
23/08/2024
تحدثت صحيفة “معاريف” العبرية عن سيناريوهين مصيريين على طاولة حكومة بنيامين نتنياهو، إما عقد صفقة مع حماس أو استمرار الحرب حتى إقامة نظام جديد بغزة، مرجحة عدم استسلام يحيى السنوار .
وأضافت الصحيفة العبرية أن كل سيناريو مختلف عن الآخر.
السيناريو الأول:
إسرائيل ستقبل عرض الوسطاء وتوقف إطلاق النار من أجل إنقاذ المختطفين. ستنتهي الحرب، وينسحب الجيش الإسرائيلي من غزة.
سيتم إطلاق سراح المختطفين على ثلاث مراحل، كما هو منصوص عليه في الصفقة.
بعد المرحلة الثالثة مباشرة، سيتم البدء في إعادة تأهيل القطاع، وذلك حسب الاقتراح المطروح من قبل الوسطاء، وتمت مناقشته خلال الأشهر القليلة الماضية.
سيبدأون في إنشاء نظام جديد في قطاع غزة. بعد يوم من حماس. ستساهم الدول العربية والولايات المتحدة في المساعدة، وسيقومون مع إسرائيل بإيجاد الهيكل السياسي الأنسب الذي يضمن استعادة القطاع من جهة، وأمن إسرائيل من جهة أخرى.
حماس لن تكون جزءا من الحكومة الجديدة، لكن السنوار سيظل السنوار، سيصر على أن يترك بين يديه بعض الاستقلال والقوة العسكرية، ففي نهاية المطاف، سيبقى عدة آلاف من محاربيه إلى جانبه. إن احتمالات أن يصبح فتى طيبا، أو أن تقوم حماس بنزع سلاحها من تلقاء نفسها، تكاد تكون معدومة. ومن حوله سيجمع السجناء المفرج عنهم، وكل منهم قائد محتمل. ومن جانبها فإن إسرائيل لن تسمح بوجود حماس كهيئة مسلحة، وسوف تشرع مرة أخرى في عمليات عسكرية قصيرة الأمد، بل وربما حتى حرب طويلة.
ويورد الموقع العبري أن هذا هو الشغل الشاغل لمعارضي الصفقة مع حماس، مضيفا أن كل الدلائل تشير إلى أن هذا ليس هو المخطط الذي تطمح إليه الحكومة الإسرائيلية الحالية، والتي تميل إلى تفضيل السيناريو الثاني، رغم تشكيله خطرا ملموسا على حياة المختطفين.
السيناريو الثاني:
الحرب ستستمر من دون اتفاق. سيتم إنقاذ عدد قليل من المختطفين في عمليات خاصة، لكن معظمهم سيموتون ببطء. بعضهم بسبب نيران الجيش الإسرائيلي، وبعضهم بسبب التدهور الطبي، أو إلقاء المتفجرات الفتاكة على خاطفيهم، بل إن الضغط من أجل إطلاق سراحهم قد يتضاءل مع مرور الوقت وسيتم تدمير جميع الفصائل المسلحة في غزة، لذلك من المأمول أن تكون إسرائيل حرة في تشكيل غزة كما تريد، دون مقاومة من الداخل.
وخلصت “معاريف” للقول: “من يرسم المستقبل القريب بهذه الطريقة، يرى في المختطفين تضحية ضرورية لا بد من القيام بها من أجل تحقيق الاستقرار. لكن الواقع أكثر تعقيدا. في اليوم التالي بعد حماس سيختفي الحمساويون بالفعل، ولكن لن يختفي معهم سكان قطاع غزة والرغبة في الانتقام من إسرائيل
——————انتهت النشرة——————