
المسار الاخباري: نظم حزب التجمع الوطني الديموقراطي – فرع حيفا، مساء أمس الإثنين، ندوة سياسية تحت عنوان “غزة بين نكبة لا تنتهي وإبادة ممنهجة” في مقر الحزب بمدينة حيفا، وسط مشاركة العشرات.
وأدارت الندوة سكرتيرة فرع التجمع في حيفا، د. نسرين شحادة، واستهلت الجلسة بالترحيب ونبذة عن مقدمي المحاضرات خلال الندوة وأبرز المواضيع.
وتحدث الباحث في مجال الصحة وحقوق الإنسان في جامعة هارفرد، د. أسامة طنوس، عن تجربته كطبيب متطوّع في غزة وعن تداعيات انهيار النظام الصحي في القطاع، ونقلت الناشطة السياسية والنسوية والباحثة في شؤون غزة، آية زيناتي، شهادات حيّة عمّا يجري في غزة.
وتناول طنوس في مداخلته السياق التاريخي في غزة وتأثيره على الوضع الصحي، مشيرا إلى “القفزة التي طرأت على عدد السكان من نحو 100 ألف نسمة قبل النكبة في العام 1948 إلى أكثر من 300 ألف نسمة بعدها، بالإضافة إلى الدمار الذي يطال النظام الصحي في كل عدوان تشنه إسرائيل، ومحاولات ترميمه خلال فترات الهدوء النسبي، إلا أن الحروب المتعاقبة كانت تدمر كل ما أُعيد بناؤه”. وأشاد ببراعة الطواقم الطبية في غزة على الرغم من التحديات.
وقارن طنوس بين معدل عمر الفرد في أراضي 48، والضفة الغربية، وقطاع غزة، مشيرا إلى أن المعدل الأعلى في أراضي 48، يليه الضفة، ثم غزة، حيث يبلغ المعدل في غزة نحو 75 عاما، بفارق 10 سنوات عن أراضي 48.
وتطرق طنوس إلى سياسات الفصل العنصري في تلقي العلاج، واعتبر أن الغزيين يُعاملون كأنهم “أسرى داخل سجن كبير”.
وأشار إلى أن عدد الشهداء من الأسرى في السجون الإسرائيلية تجاوز 70 شهيدا خلال أقل من عامين، في مقابل 9 فقط في سجن غوانتانامو الأميركي سيئ السمعة خلال عدة سنوات.
وشرح طنوس حالة الفوضى داخل النظام الصحي الفلسطيني، الذي تأسس بعد اتفاقية أوسلو، ويشمل جمعيات خيرية، والأونروا، وعيادات ومستشفيات خاصة وعامة، الأمر الذي يؤثر سلبا على الكفاءة ويؤدي إلى تحويل عدد كبير من الحالات إلى المستشفيات الإسرائيلية، وأوضح أن نظام التحويلات يستهلك 40% من ميزانية القطاع الصحي الفلسطيني.
وتحدث عن تأثير الانقسام الفلسطيني على النظام الصحي، حيث تُدار مستشفيات غزة من قبل حركة حماس، بينما يتلقى العاملون فيها رواتبهم من السلطة في رام الله، ومع انقطاع الرواتب لفترات طويلة، اضطرت العديد من الكفاءات الطبية للهجرة من القطاع.
واستعرض طنوس رسما بيانيا يوضح مواقع 36 مستشفى تضررت بفعل القصف بين 7 تشرين الأول/ أكتوبر و17 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، ومواقع سقوط قنابل MK 84 التي تزن 2000 رطل قرب هذه المستشفيات.
وفي مداخلتها، تطرقت آية زيناتي إلى أبرز مظاهر الإنتاج الاقتصادي في غزة قبل بدء الحصار، خاصة في الصناعة والزراعة، وأشارت إلى حرفية صناعة الملابس والأثاث، وشهرة زراعة التوت وغيره من الخضراوات والفواكه.
وروت زيناتي، المنحدرة من مدينة اللد، كيف قطّعت النكبة أوصال عائلتها وعائلات أخرى بين اللد ويافا وغزة، وتحدثت عن تعرفها على ابنة خالة والدها عن طريق الصدفة خلال عملها.
وسردت قصصا مؤثرة لأقرباء وأصدقاء فقدوا حياتهم أو تأثرت حياتهم بسبب القصف، ومنها قصة قريبتها التي تعرفت إلى جزء من عائلتها بعد استشهاد 20 منهم، وقصة صديقها محمد الذي فقدت الاتصال به خلال الأشهر الأولى من الحرب قبل أن ينجحوا بتنظيم حملة لإخراجه من غزة.
كما تحدثت عن صديقتها التي أنجبت طفلتها في خيمة بعد نزوحها، وأخرى فقدت 72 فردا من عائلتها، وزميلة لم تتمكن من إخراج حفيدة أخيها من غزة وبقيت الطفلة لوحدها هناك.
وقصّت زيناتي تفاصيل فقدان الاتصال مع عائلة تعرفها في غزة، واتصال ابنهم الذي يدرس في مصر كي يخبرها عن انقطاع الاتصال مع عائلته، واعتقال الممرض الذي تحدثت إليه لفحص مصير العائلة في بيت لاهيا شمالي قطاع غزة، بعد أن أخبرها أن العائلة بخير، وأسره في معتقل “سدي تيمان”.
وأشارت إلى أن إحدى صديقاتها، المتخصصة في الإعلام الرقمي، أصبحت متطوعة في مركز إيواء.
وقالت مداخلتها بمقطع فيديو أرسلته صديقتها من غزة ردا على سؤال “ماذا تأكلون؟”، ويظهر فيه “سوبرماركت” فارغ تماما من المنتجات.
وختمت زيناتي بالقول إن “أكثر من 120 ألف طفل غزي لاجئ في مصر لا يتلقون أي تعليم، ونحو 200 ألف وظيفة فُقدت منذ بدء العدوان، ما رفع نسبة البطالة من 43% إلى نحو 80%”.
وقال الناشط السياسي، ثائر عبود، لـ”عرب 48″ إن “هذه الندوة تبعث شعورا أعمق بما يحدث في غزة، خصوصا وأن الحديث شمل حالات عينية وليس فقط أرقاما ومعطيات، واستطعنا لمس ولو جزء بسيط من معاناة أهلنا في غزة”.
وشدد عبود على “أهمية تنظيم مثل هذه الندوات في ظل الخوف والملاحقة التي يتعرض لها أبناء شعبنا في الداخل”.