إسرائيلياتالصحافة العبرية

الصحافة العبرية .. الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي التابع للجبهة الديمقراطية

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

هآرتس هآرتس 19/6/2025

بعد أن احرق ترامب صورة الشخص المسؤول للولايات المتحدة، العالم ينتظر قراره

بقلم: ياعيل شترنهل

هذه ليست المرة الأولى التي يحبس فيها العالم الانفاس في انتظار القرار الأمريكي بشان شن الحرب. ولكن هذه هي المرة الأولى التي فيها يحدث هذا الامر في الوقت الذي فيه الولايات المتحدة يحكمها رئيس غير متوقع وعديم الكوابح مثل دونالد ترامب، المحاط باشخاص عديمي التجربة.

وزير الدفاع بيت هيغست هو ضابط صغير سابق في الجيش الأمريكي، والذي تم تعيينه في هذا المنصب لانه اثار انطباع ترامب بكونه يقدم برنامج استضافة في شبكة “فوكس”؛ رئيسة جهاز المخابرات تولسي غفارد هي سياسية من هاواي، والتي تم تعيينها بالأساس بسبب تعاطفها غير العادي مع روسيا؛ مستشار الامن القومي غير موجود بعد ان اقال ترامب المستشار السابق مايك وولتس، الذي تم ضبطه وهو ينقل معلومات سرية في تطبيق غير آمن لمجموعة اشخاص شملت بالخطأ أحد الصحافيين. قبل ذلك اقال ترامب رئيس الأركان وقائد الاسطول على خلفية الشك بأنهما يؤيدان سياسة التمييز التفضيلية. هذا هو الواقع الذي يجب فيه على ترامب التقرير هل يبدأ هجوم عسكري من شانه ان يؤدي الى حرب شاملة، التي نهايتها غير معروفة.

من جهة أخرى، أيضا عندما قاد الولايات المتحدة سياسيون مجربون استعانوا بالمنظومات المنظمة وثقة البيت الأبيض والبنتاغون، هم ارتكبوا عدد لا يحصى من الأخطاء الرهيبة. سنوات  الحرب الباردة كانت مليئة بالمغامرات المتغطرسة وعديمة المسؤولية مثل اسقاط أنظمة ليبرالية، تم انتخابها بشكل ديمقراطي، فقط بدافع الخوف من أنهم قريبون جدا من الشيوعية. احدى هذه المغامرات كانت في ايران نفسها.

في القرن الواحد والعشرين تورطت الولايات المتحدة في حروب في العراق وأفغانستان، التي هي أيضا بدأت بعد عملية اتخاذ قرارات ملتوية، تاثرت بالسياسة العدائية لوزير الدفاع دونالد رامسفيلد ونائب الرئيس ديك تشيني. الاثنان قاما باستغلال التجربة الطويلة مع منظومة الامن الامريكية من اجل التلاعب بموظفيها وخلق مشهد عبثي اقنع الرئيس جورج بوش بشن الحربين الفاشلتين، اللتان أدتا الى قتل آلاف الجنود الأمريكيين ومئات آلاف المدنيين المحليين، وكلفتا الولايات المتحدة التريليونات، بدون أن تثمر أي انجاز. على الأقل في حالة الحرب في العراق التدخل الأمريكي أيضا قوض الاستقرار الإقليمي وخلق قوى خطيرة جديدة مثل داعش.

ان تضليل الجمهور بشان نشاطات العراق كان فضيحة سياسية خطيرة في تاريخ الولايات المتحدة. ومدة الحرب الطويلة في أفغانستان، 18 سنة، وانتهاءها بمشهد مخجل للجيش الأمريكي وهو يهرب من كابول ويخلف وراءه الحلفاء لرحمة طالبان، كل ذلك ترك ندب عميقة في الوعي الأمريكي.

رغم كل ذلك إلا انه منذ الحرب العالمية الثانية اعتبرت الولايات المتحدة في العالم لاعبة عقلانية، تنفذ سياسة حتى لو لم نتفق معها، إلا ان لها منطق منظم ومتسق. الى جانب عدوانها العسكري فان الدولة الاغنى في العالم عرض أيضا جانب سخي ورحيم، الذي يقدم المساعدة الإنسانية ويدفع بالقيم الديمقراطية التي يمكن ان تؤدي الى حياة افضل. ان حضور الولايات المتحدة كشرطي منح الشعور بالأمان في النظام العالمي وادى ليس فقط الى الحروب، بل أيضا الى اتفاقات سلام لمكافحة العنف. عند دخول ترامب الى البيت الأبيض والحرب التي اعلنها على الحكومة الفيدرالية، هذا الشعور اختفى. يصعب الاعتماد على الالتزام الدولي بإدارة قامت بإلغاء كل برامج مساعدتها العالمية، وتقوم بمنع الطلاب الأجانب.

الآن سؤال هل الاستقرار العالمي سيتقوض يرتبط بسؤال ما الذي سيقرره شخص واحد، المعروف باتخاذ القرارات استنادا الى الحدس، وبشكل عام بناء على معلومات حصل عليها من شخص همس في اذنه. لا يجب الاستخفاف بنزوات ترامب، ويجب الاخذ في الحسبان حقيقة أنها السبب الذي من اجله هو موجود في الحكم. في العشر سنوات التي كان فيها هو القوة المهيمنة في السياسة الامريكية اثبت مرة تلو الأخرى فهما عميقا لناخبيه وكيفية تصرفه ازاءهم. ولكن حقيقة انه يشعر بالامر الصحيح الذي يجب عليه قوله في مؤتمر انتخابي، لا تعني انه يعرف كيفية اتخاذ القرار الصحيح في وضع حساس وفي وضع مصيري محتمل.

في ظل غياب مركز قوة آخر في المنظومة الدولية، يمكنه أن يتولى القيادة، فانه لا يوجد امامنا أي خيار باستثناء الانتظار ورؤية لمن سيستمع ترامب في هذه المرة. هل للانفصاليين في حزبه، غير المستعدين لانفاق دولار على أمن دولة أخرى، أو لنتنياهو ورجاله الذين يشرحون له بأن هذه فرصة تأتي لمرة واحدة؟ هل سيتذكر الدرس الصعب من الحرب في العراق، الذي أيضا في حينه هاجمت أمريكا دولة من اجل منعها من استخدام سلاح غير تقليدي، ومن خلال التطلع الى تغيير النظام؟ أو هل اغراء النظر اليه على أنه المنتصر الكبير، بطل حازم لا يتردد في الضغط على الزناد، سيتغلب على الدافعية للامتناع عن الحروب الزائدة والوفاء بوعده للناخبين، تمسك ادارته بايديولوجيا “أمريكا أولا”؟.

مع الاخذ في الحسبان سياسته المتعرجة في أي قضية أخرى، حتى لو قام بارسال الطائرات المحملة بقنابل تخترق التحصينات، هل لن يغير رأيه في منتصف الطريق؟ بسبب انه لا أحد يمكنه فهم أفكاره المضطرة، وبسبب عدم وجود سياسة متماسكة فانه ليس امامنا الا الانتظار.

——————————————

يديعوت أحرونوت 19/6/2025

إلى أين تسير ايران: كل السيناريوهات المحتملة ما بعد الحرب؟

بقلم: سمدار بيري

ترفع الاحداث الدراماتيكية في الأيام الأخيرة في الحرب مع ايران الى السطح الخيار الذي بدا قبل وقت غير بعيد في نظر الكثيرين خيالا سياسيا: اسقاط وتغيير نظام آيات الله، لكن حتى لو كان السيناريو بدا دفعة واحدة أقرب، لا يزال ليس واضحا ما هي الخيارات ومن هي الجهات التي يمكنها أن تحكم الدولة الهائلة التي تعد 90 مليون مواطنا.

صباح امس غرد وزير الدفاع إسرائيل كاتس يقول: “عاصفة التورنادو تواصل ضرب طهران. طائرات سلاح الجو دمرت الان قيادة الامن الداخلي للنظام الإيراني – ذراع القمع المركزي للدكتاتور الإيراني (قوات البسيج سيئة الصيت والسمعة، المسؤول عن قمع الاضطرابات في الدولة – س. ب). كما وعدنا – سنواصل ضرب رموز الحكم ونضرب نظام آيات الله في كل مكان”. رغم ان اسقاط النظام لا يزال لا يتحدد كهدف رسمي لحملة “شعب كاللبؤة” يتضح في العالم الفهم بانه بالتأكيد يوجد في أفكار وآمال الكثيرين في إسرائيل. لكن في ضوء حقيقة ان في الغرب – وبالتأكيد منذ حروب أمريكا الفاشلة في العراق وفي أفغانستان، كل محاولة لتغيير النظام من الخارج تعد خطيرة، ومزيد فمزيد من المحللين يفحصون الان البدائل المختلفة لـ “اليوم التالي” لنظام ايات الله في ايران، هذا اذا ما جاء كهذا على الاطلاق. 

الملكيون حلم عودة الشاه

هناك من يتخيلون عودة ايران الى عهد ما قبل الثورة الإسلامية، لكن ليس واضحا كم منهم يسكنون في داخل ايران. من ناحية المظهر الإعلامي، فان رضا كورش علي بهلوي ابن الـ 64، ابن الشاه الإيراني الأخير وحفيد رضا شاه بهلوي، مؤسس السلالة التي يسمى على اسمها، يعرف كالمتنافس الأبرز. لكن احتمالاته على ما يبدو ليست عالية. فقط اذا ما تلقى وعدا أمريكيا، أوروبيا وسعوديا ومع ظهر مكثف من طائفة المنفيين، يمكنه أن يعود. هو نفسه يريد جدا ذلك.  اما مواطني إسرائيل فمعنيون اقل. الغالبية الساحقة من الإيرانيين اليوم لا يتذكرون على الاطلاق الحياة ما قبل الثورة، والدولة تبدو مختلفة جدا عن تلك التي تركها أبو بهلوي قبل 46 سنة. وبينما يبدي بعض من الإيرانيين حنينا لذاك العهد إياه، فان آخرين يتذكرون أيضا انعدام المساواة والقمع اللذين رافقاه.

لقد هاجر من ايران في عمر 19، حتى قبل خروج والديه. الشاه مات بعد نحو سنة في 1980، ودفن في القاهرة. اما ابنه فاستقر في الولايات المتحدة، حيث اجتاز انتحار شقيقته وشقيقه. الشائعة تصر على أن الشيخ رضا نجح في أن يهرب من ايران اغراضا قيمة ومبالغ مالية اودعت في بنوك غربية بمقدار عشرات وربما مئات ملايين الدولارات. من ناحيته هو لا يزال اميرا. ابن الشاه لا يعمل، يزور الطوائف الكبرى للاجئين الإيرانيين في الولايات المتحدة وأوروبا. وجاء حتى الى إسرائيل، التي يبقي معه على علاقات خاصة. ترأس “الحكومة الإيرانية في المنفى”. مجلس يضم نحو 40 حزبا وجمعية وهدفه اسقاط نظام ايات الله في ايران.

نشطاء في الحركة الإصلاحية في إيران يتحفظون منه ويسمونه “الفاسد” و “الطماع” يدعون انه عديم التجربة في قيادة دولة كبيرة ومعقدة مثل إيران. في لوس انجلوس، التجمع الأكبر للمهاجرين الإيرانيين ومكان سكنه الأساس، هو معروف بلقب “شاه لا شاه”. فيما كان لقب ابيه “ملك الملوك”. لكن حتى رؤساء الطائفة الإيرانية هناك لا يعطوه في الأحاديث الخاصة احتمالا كبيرا. “مع المال والاملاك التي جاء بها من إيران، لا يوجد له ما يدعوه الى العودة”، قال لي أحدهم.

مجاهدين خلق معارضة ام “طائفة مغلقة”

منظمة المجاهدين تذكر من حكم الشاه في السبعينيات حين قاتلت بالذات كمنظمة يسارية راديكالية على أراضي ايران ضد نظام الشاه الفاسد وحلفائه الأمريكيين. المنظمة التي تعرف بالأحرف الأولى من اسمها MEK  أو MKO، ينظر اليها بشكل سلبي في نظر الكثيرين – بما في ذلك بين المهاجرين الإيرانيين – بسبب تعاونها مع العراق في اثناء حرب ايران – العراق. في 2002 كانت المنظمة الأولى التي كشفت علنا عن برنامج التخصيب النووي السري لإيران. ومع ذلك، المجاهدون ليسوا نشطين على نحو خاص داخل ايران. هم يحلمون بالاستيلاء على الحكم دفعة واحدة، وتوزيع الوظائف العليا بين مؤيديهم. هناك من يتهمهم بان لهم مزايا الطائقة المغلقة. من المهم التشديد على ان معظمهم مسلمون سُنة – بخلاف أبناء الطائفة الشيعية الحاكمة في ايران – ورسميا هم يؤيدون إقامة ايران علمانية وغير نووية. الزعيم الرسمي للحركة مسعود رجبي لم يظهر علنا منذ اكثر من 20 سنة. زوجته، مريم رجبي، امسكت بالقيادة وتعمل أساسا من فرنسا. حسب تحقيق صحفي أجرته شبكة “ان بي سي” في 2012، كان للمنظمة اتصال برجال الموساد الذين حسب التحقيق دربوا نشطاء المنظمة على استخام الدراجات والمواد المتفجرة وبالمقابل ينقل رجال المنظمة لإسرائيل معلومات عما يجري في ايران.

الأقليات تسيطر هؤلاء ليسوا الاكراد الذي عرفناهم

45 في المئة فقط من مواطني ايران هم فرس، يشكلون سلسلة القيادة المركزية لنظام ايات الله (رغم ان خامينئي مثلا من اصل اذري). لكن توجد جماعات أخرى، على علاقات متوترة اكثر بكثير مع النظام وعلى رأسها المسلمون الاكراد (الذين يشكلون نحو 10 في المئة من السكان) والبلوشيون. هؤلاء اقاموا جماعات معارضة خارج ايران أيضا. البلوشيون الذين يتمركزون على طول الحدود مع الباكستان ينالون دعما من مسلمين سُنة، معارضو الحكم الإسلامي الشيعي في ايران.

للاكراد الإيرانيين بخلاف منظمات الاكراد التركية والعراقية توجد علاقة سطحية جدا بإسرائيل. مرتان فقط، بقدر ما هو معروف، جرت لقاءات حاول فيها الطرفان التعرف على اهداف الطرف الاخر. بعض من الاكراد الإيرانيين يستقرون مثل البلوشيين على حدود الباكستان ويعرفون كـ “مشجعي مظاهرات عنف خطيرة تتضمن استخداما للسلاح”. اعتقال وموت الشابة الكردية ماسا اميني على ايدي محققيها في أيلول 2022 فاقم علاقات الحكم الإيراني مع الاكراد في الشمال وفي الغرب، وليس فقط معهم. في موجات الاحتجاج واسعة النطاق في ايران، كان الاحتجاج في الغالب حادا على نحو خاص في مناطق الاكراد والبلوشيين – لكن لا توجد بينهم حركة معارضة موحدة وواضحة ومشكوك أن يشكلوا هم وحدهم تهديدا على النظام المركزي.

الحركة الإصلاحية الامل الأخضر الأكبر

في نهاية الامر الأهم هي حركة المعارضة المنتشرة في داخل ايران. الحركة تتشكل أساسا من شبان في اعمار 18 حتى 40. أحيانا كان ينضم الى المظاهرات أيضا الأهالي. الامل في الغرب هو ان مئات الالاف ممن ستنمو اعدادهم دفعة واحدة الى الملايين سيخرجون للتظاهر في الشوارع، ويعلون الى أسطح العمارات العالية، ومرة أخرى تنضم الى الاحتجاج النساء الذين لا يلقون باحجبتهم نحو سيارات الشرطة التي تقتاد الشبان الى محطات الاعتقال والتعذيب. ومثلما حصل في 2009 مثلما حصل في 2022، بعد قضية ماسا اميني.

لكن من المهم التشديد على أنه منذ بدأت اعمال سلاح الجو في سماء ايران لم تخرج مظاهرات الى الشوارع. الحكم قتل واعتقل قرابة عشرة آلاف شاب في الأشهر الأخيرة. منذئذ جفت الميادين. صحيح ان المعارضة في الخليج تدعو الى التجمع على بوابات سجن أفين سيء الصيت والسمعة للتظاهر ومحاولة تحرير الاف السجناء والسجينات السياسيين والامل ان من هنا تبدأ الثورة المضادة الكبرى. لكن هل هم حقا قادرون على اسقاط النظام واساسا إقامة نظام جديد بدلا منه يكون مقبولا من الدولة المتنوعة؟ وبالاساس فان قسما هاما من السكان يرون فيهم اليوم خونة؟ من السابق لاوانه جدا أن نعرف.

 خامينئي يبقى وانتظروا لتتعرفوا على ابنه

وتوجد بالطبع الامكانية المعقولة بالتأكيد بالا يكون تغيير للنظام هنا، حتى لو خرج نظام ايات الله ضعيفا من الحرب وحتى لو اضطر للتنازل عن الاتفاق النووي.  خامينئي يوجد في مكان اختباء، ورغم عمره المتقدم، امراضه والتهديدات على حياته، ليست هذه هي المرة الأولى التي يؤبن فيها وينجو. خامينئي ابن الـ 86 هو ابن جيل أبو مازن. وكلاهما هما الزعيمان الأكبر سنا في العالم الإسلامي. وحسب خطته، فان الابن مجتبى خامينئي، 55 سنة، مخطط ان يخلفه. حاول ابوه على مدى السنين اطلاعه على اسرار المنصب المركب. في بداية حياته السياسية كان من المؤيدين الكبار لاحمدي نجاد المتطرف لرئاسة ايران، ولاحقا اشرف على قوات البسيج المسؤولة عن قمع الاحتجاجات الكبرى. ومع ذلك ليس لمجتبى خلفية أو ماضي ديني “مجلس الخبراء” قد يستبعده بسبب انعدام التعليم الديني الإسلامي – الشيعي.

لقد أدت تصفيات القيادة في الأيام الأخيرة الى انهيار علاقات مجتبى دفعة واحدة مثلما حصل لعلاقات ابيه مع باقي كبار القيادة. من جهة أخرى، كما يشرح المحللون، فان تصفية قادة وكبار بالذات في الأجهزة قد يسمح بالذات في اليوم التالي، اذا ما نجا النظام ان تكون في صالح الابن مجتبى وتقريبه من القادة دون التأهيل الديني.

 ——————————————

هآرتس 19/6/2025 

بدلا من منحى للحل ترامب ينجر الى الحرب

بقلم: تسفي برئيل

 الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اعلن بانه ينتظر “استسلام غير مشروط” لطهران. وقد تم الرد عليه بشكل قاس لا يقل عن ذلك من الزعيم الأعلى الإيراني علي خامنئي. “الرئيس الأمريكي يهددنا. ببلاغته التافهة هذه هو يطلب من الشعب الإيراني الاستسلام. يجب عليه ان يهدد الذين يخافون من التهديد. الشعب الإيراني لا يخاف من مثل هذه التهديدات”، اعلن خامنئي. ولكن هذه الحوارات العلنية والتهديدات المتبادلة في الفترة الأخيرة بين ترامب وخامنئي لا توضح هذا “الاستسلام المطلق” الذي يطلبه الرئيس الأمريكي وما الذي ستحصل عليه ايران في المقابل.

هل يجب على ايران ان تعلن بانها توافق على “خطة ويتكوف”، التي ستسمح لها بمواصلة تطوير برنامج نووي مدني بدون تخصيب اليورانيوم في أراضيها، والعودة الى المسار الدبلوماسي الذي عرضه ترامب؟ أو ان ترامب يطمح الى استخدام النجاح العسكري لإسرائيل والدمار الذي لحق بالمواقع النووية بهدف استكمال المهمة والمطالبة بتفكيك كامل لكل مكونات المشروع النووي الإيراني؟. في هذه المرحلة يبدو ان الاحتمالين لا يتساوقان بالكامل مع تطلعات إسرائيل، التي تشمل أيضا تدمير النظام وتأسيس “نظام جديد” في ايران، وبعد ذلك في كل الشرق الأوسط.

رواية إسرائيل تقول بانه بقي “فقط” تدمير منشأة تخصيب اليورانيوم في فوردو، وهي العملية التي تحتاج الى تدخل عسكري امريكي مباشر. هذا الهجوم استهدف الكبح وربما أيضا تدمير المكون الرئيسي في المشروع النووي. هذه الخطوة يمكن ان تجسد هدف ترامب الأساسي، وهو منع ايران من الحصول على السلاح النووي. ولكن الهجوم وحده لن يؤدي الى تغيير النظام كما تتطلع إسرائيل، ولا يوجد في هذه الاثناء يقين من أن ترامب مستعد للانضمام لهذه الخطوة.

من ناحية إسرائيل هذا ليس “خطة مراحل”، بل عملية هجومية ستتم بصورة موازية حسب النموذج الذي عملت فيه إسرائيل ضد حزب الله أو حماس. ومثلما عملت حتى الآن عندما قامت بتصفية قادة جهاز الامن في ايران فهي مستعدة للعمل أيضا ضد القيادة السياسية. ترامب لم يظهر حتى الآن الحماس. في يوم الثلاثاء غرد بأنه يعرف أين يوجد خامنئي وأنه هدف سهل. “هو آمن هناك، ونحن لن نذهب الى تصفيته، على الأقل ليس الآن. نحن أيضا لا نريد ان تطير الصواريخ فوق المدنيين أو ان يتم المس بالجنود الأمريكيين”، كتب.

حول تقلب ترامب كتب وقيل الكثير. ولكن في هذه المرحلة ما زال يبدو انه يفضل ان يبقي في ايران شريك يمكن عقد “صفقة استسلام” معه بدلا من عدم اليقين الذي سيتطور عند قتل خامنئي.

الاطلاع على التقارير المفصلة في “نيويورك تايمز” وعلى عملية اتخاذ القرارات لدى ترامب، وعلى الخلافات بين متخذي القرارات في البيت الأبيض، والمؤثرين ورجال الاعلام المقربين من اذنه وقلبه، يولد الانطباع بان ترامب انجر الى هذه الحرب. يبدو انه انجر وراء مبادرة إسرائيل وانتظر كيف ستتطور، وهو يعطي توجيهات لرجاله ويوجه سياسته من خلال الحركة. حتى الآن لا يبدو ان الإدارة الامريكية في الطريق الى طرح صورة متبلورة ومتفق عليها، سواء لكل الطلبات التي يجب طرحها امام ايران أو بالنسبة لليوم التالي للحرب.

إسرائيل من شانها ان تستخلص من ذلك انه يمكنها مواصلة واملاء وتيرة الحرب وأهدافها، بالضبط كما فعلت في قطاع غزة. أيضا في تلك الساحة اتبع ترامب نفس المقاربة، “لننتظر ونرى”. عندما استخدم الضغط أو طلب تغييرات فان هذه التغييرات كانت تتعلق بخطوات تكتيكية مثل ادخال المساعدات الإنسانية الى غزة. ولكنه لم يطالب بوقف الحرب. ترامب قال امس ان ايران عرضت الالتقاء معه، وحتى عرضت الذهاب الى البيت الأبيض لاجراء المفاوضات. حول ذلك قال “هذا من شانه ان يكون الان متأخر”، وأنه لا يريد القول ما اذا كانت الولايات المتحدة ستهاجم ايران. ترامب وإسرائيل لا يمكنهم الاعتماد على بديل حاكم في ايران، كما انه حتى الان لا تلوح أي إشارات لعصيان مدني يضاف الى الضربات العسكرية ويحدث ثورة من الداخل.

يصعب التصديق بانه في اقل من نصف سنة منذ دخوله الى البيت الأبيض وجد ترامب نفسه بدون ثروة دبلوماسية تشير الى إنجازات. هذا هو الشخص الذي وعد بان يصنع السلام العالمي، ويؤدي على الأقل الى وقف اطلاق النار بين روسيا وأوكرانيا، والتوقيع على اتفاق نووي جديد ومتطور اكثر مع ايران، وسحب القوات الامريكية من المنطقة “التي لا يوجد فيها الا الرمال”. عمليا، يبدو الان انه يتابع الاحداث ولكنه لا يشكلها أو يمليها. ليس من نافل القول التذكير في هذا السياق بـ “معالجة الصدمة” التي منحها ترامب لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، التي فيها ابلغ ترامب عن وقف اطلاق النار الذي حققه مع الحوثيين وعن البدء في المفاوضات مع ايران. هذه التصريحات ولدت الانطباع بأنه يملك في يده خطة منظمة ومبنية لإسرائيل. حسب رأيه فان اخراج الخطة الى حيز التنفيذ يسمح له بحبس نتنياهو وزيلنسكي الذي تمت اهانته بشكل فظ في نفس قفص الذين لفظهم ترامب. ولكن هذا الموقف أيضا كان مؤقت.

الانقلاب الذي عرضه ترامب في مقاربته تجاه بوتين (“انا لا اعرف ماذا حدث له بحق الجحيم”، غرد ترامب في 25 أيار، وحتى انه هدد بفرض عقوبات على روسيا)، وتجاه نتنياهو والحرب ضد ايران فهي وليدة عامل ترامبي معروف – “نفاد الصبر” – عندما لا تتقدم الصفقة بالوتيرة التي خطط لها. باثر رجعي يمكن القول بانه تآكل بشكل كبير “الذخر الاستراتيجي” الأكثر أهمية الذي يمسكه ترامب بيديه. نفس عدم اليقين يرافقه الخوف مما سيقرر صاحب البيت الذي أصيب  بالجنون بفعله في اليوم التالي، وحتى في الساعة القادمة. عدم اليقين تحول الى المكون المؤكد جدا في سياسة ترامب، وهو الذي يعطي إسرائيل القدرة على تثبيت حقائق على الأرض، طالما انها تعرض إنجازات.

لكن مثلما عرفت إسرائيل كيفية استغلال عدم اليقين لترامب وأن تشن الحرب ضد ايران، فانه سيكون عليها أيضا عرض صورة نهاية مرضية له. امس نشر انه أوضح لزعماء دول الخليج بان الولايات المتحدة لن تهاجم ايران اذا لم تقم الأخيرة بمهاجمة اهداف أمريكية. هنا يكمن خوف كبير آخر من رد ايران، التي تحذر من انها ستهاجم اهداف أمريكية وستشل الملاحة في الخليج الفارسي. من هنا المسافة قصيرة الى حرب إقليمية.

حتى الان يبدو ان الضغط الكبير الذي تستخدمه دول الخليج لا يساعد، لكنها تستمر في التمسك بموقفها الحازم، عدم السماح باستخدام أراضيها لمهاجمة ايران. هذا الموقف لا توجد له تداعيات عملياتية لأن الولايات المتحدة لا تحتاج بالضرورة الى استخدام أراضي الدول العربية لمهاجمة ايران. ولكن الانجرار الى حرب إقليمية يمكن ان يكون الانعطافة التي ستجبر ترامب على وضع إشارة “قف” امام إسرائيل – حتى لو لم تتحقق كل اهداف الحرب.

 ‏——————————————

هآرتس 19/6/2025 

شعب كالاسد، أصيب بالمرض

بقلم: جدعون ليفي

مصير الحرب الحالية يرتبط الآن بنزوة رئيس امريكي متقلب ومتراجع. اذا قام بالقصف فربما سيكون انتصار؛ اذا لم يقم بالقصف فان إسرائيل تكون قد قامت بشن حرب عبثية أخرى، زائدة واخطر من سابقاتها. التدخل الأمريكي كان يجب أن يكون مضمون مسبقا. كان يجب ان يكون شرط لشن الحرب. في هذه الاثناء دونالد ترامب يتدرب على تمارين فرض الاستسلام والاهانة الطفولية لإيران، ويدمر بتصريحاته الاحتمالية الضعيفة التي ما زالت باقية للتوصل الى اتفاق، الذي هو الفرصة الأخيرة لنهاية جيدة.

اذا بقيت طائرات القصق الثقيلة في قواعدها – أمس لم يكن هذا الامر واضح – عندها ستستمر حرب الاستنزاف التي نهايتها ومدتها لا يمكن توقعه. إسرائيل لن تصمد فيها لفترة طويلة، اجتماعيا، اقتصاديا وربما أيضا عسكريا. في المقابل، اذا حلقت القاذفات فربما هذا الامر سيؤدي الى انهاء الحرب، وربما سيؤدي الى حرب اكبر بكثير.

في ضباب هذه الحرب إسرائيل موحدة خلف الحرب ورئيسها، وهي تحتفل وتتفاخر وتنفعل، وتردد وتتبجح بدون أي نقاش عام حول أي شيء. في الوقت الذي يشتعل فيه الحوار للحظة في الاستوديوهات فانه يشتعل حول من له الفضل. على ماذا؟ بالنسبة للعروض التي تشعل خيال الطيارين الذين يحلقون فوق طهران كما لو أنهم فوق غزة أو قاعدة حتسريم. عميت سيغل يقول ان الفضل هو لرئيس الوزراء. ونير دبوري يقول ان الفضل هو للمؤسسة الأمنية – نقاش فكري عميق بين عمالقة الجيل، والامر لم يتم حسمه بعد.

في غزة المذبحة ليس فقط لم تتوقف، بل هي تسير بسرعة نحو ابعاد الإبادة. الطابور من اجل الحصول على الغذاء اصبح طابور للموت. من جاء دوره ومن سيأتي دوره بعد ذلك، مساء الخير، أيها اليأس، وليلة سعيدة، أيها الامل. العداد يحسب كمية تدفق الدماء الفلسطينية مثلما تحسب مضخة البنزين كمية البنزين التي توضع في السيارة. لقد قتل 400 شخص بالفعل، جميعهم في طوابير للحصول على كيس طحين أو زجاجة زيت. ما هو ذنبهم؟ من لديه العقل للتعامل مع ذلك الآن، بين ركض وآخر الى الملاجيء، الذي اصبح امر طبيعي. الدمار في الشوارع اصبح أيضا امر طبيعي. هناك بالفعل شوارع تظهر مثل الحطام المتفحم بعد انفجار قنبلة، وهذا على ما يرام بالنسبة لنا. الشعب الذي هو كالاسد اصبح مريض.

كل شيء كانه نزل من السماء، كارثة طبيعية، قدر محتم. الإنجازات هي بفعل يدنا ونحن نتفاخر بها، فقط الثمن هو قوة عليا. وكأنه لا يوجد خيار عدا عن هذا الواقع المجنون الذي وضعنا انفسنا فيه بشكل متعمد. بعد حوالي أسبوع، إسرائيل اختارت شن الحرب في ايران بعد عشرين شهر على الهجوم المجنون في قطاع غزة، الذي لم يثمر حتى الآن أي انجاز بعيد المدى. ثمن الحرب في قطاع غزة سيتبين أن مداه ابعد من إنجازاتها، هذا اذا كانت توجد إنجازات. اسألوا في العالم من هي إسرائيل، تحدثوا مع إسرائيليين حول وجهة نظرهم من العالم. فساد أخلاقي لن يكون دواء له. وعندما تنزف غزة وتكون إسرائيل مفسدة يخرجون الى حرب أخرى، حتى قبل خروج القوات من غزة ويعود المخطوفون الى البيت. إسرائيل مسرورة وتصرخ بسعادة. “طهران تشتعل”، صرخ في هذا الأسبوع العنوان الرئيسي في “يديعوت احرونوت” وفي صوت الرعد من ريشون لتسيون، في الوقت الذي فيه على بعد بضعة امتار عن منزلي كانت هناك بيوت تحترق. الشعب الذي هو كالاسد أصيب بالمرض.

الى اين نحن ذاهبون، وللدقة، الى اين ننقاد مثل الشاة للذبح أو مثل قطيع الى النصر الموهوم؟. ايران لن تستسلم، وبالتأكيد ليس بعد حملة التبجح الامريكية – الإسرائيلية. النهاية المحتملة الأفضل ستكون باتفاق نووي جديد، وحتى هذا لن يكون نهاية سعيدة. ما الذي سيكون مفرحا في مجتمع يحمل آثار الندب منذ عشرين شهر في غزة؟ ومن يعرف كم من الوقت سيبقى في الملاجيء؟ وما هي الجدوى حتى لو تنازلت ايران عن مشروعها النووي؟. مجتمع واقتصاد متفكك مع آلاف مجرمي الحرب في غزة الذين يتجولون قربها، معسكر غير موحد ولكنه متشابه بدرجة مخيفة، وزعيم يعطي مقابلة لمؤيديه في مشهد صحفي مثير للسخرية. الأساس هو اننا قمنا بتصفية اثنان من رؤساء الأركان في أسبوع واحد.

——————————————-

هآرتس 19/6/2025 

لا يوجد لدى ربع الجمهور في إسرائيل غرف آمنة أو قدرة على الوصول الى الملاجيء

بقلم: يوسي كلاين

هناك حرب استوديوهات وهناك حرب ملاجيء. في الاستوديوهات الحرب هي “حدث تاريخي”. حرب الملاجيء ليست هكذا. فهي مزعجة وتشوه الإنجازات وتذكرنا بالمخطوفين. في البداية نشعر بالاسف على ضحاياها، بعد ذلك نتجاهلهم، وفي النهاية نغضب منهم. لماذا تقتلون هكذا؟ هل هنا غزة؟ دائما تفسدون الامر لنا، دائما توقفون فرحنا.

هم يظهرون مناعة لا مثيل لها”، قال الرئيس (على الفور تفككت آلة الشعارات التي تنتج خطاباته بسبب العبء الزائد). المخطوفون لا يمكنهم الاحتجاج على أقواله، أيضا ليس الجنود في الملاجيء. لأن المخطوفين والشهداء هم الورقة الأكثر قذارة التي بقيت لنتنياهو في كمه، فانهم شوكة في مؤخرة “الاحداث التاريخية”. لا احد يمثلهم في الاستوديوهات. هم متعبون من الليالي التي لا نوم فيها. هم قلقون من مشكلة كسب الرزق وليس لهم قصص بطولة. هم مجرد يقتلون عندما يسقط عليهم حائط. في الاستوديوهات يوجد سرور وفي الملاجيء يوجد ذعر. في الاستوديوهات توجد نشوة وفي بيتح تكفاه يوجد غضب. هذه ليست حربهم. مثلما ان الحرب في غزة ليست حربهم. وراءها نفس الدوافع المرفوضة، نفس الأكاذيب. ولكن في هذه المرة الضحايا هم نحن. لم يكن حتى الآن أي حكومة فعلت كل ما في استطاعتها لتصفية مخطوفيها، لذلك فهي بالتأكيد تعتبر “حدث تاريخي”.

النبأ الذي يقول بانه لا يوجد لربع الجمهور مكان آمن أو قدرة على الوصول الى الملاجيء، ليس في اعتباراتها. كذبة “المناعة التي لا مثيل لها” تبنتها كحقيقة. هي مقطوعة عن الواقع. يظهر لها أن “الحدث التاريخي” سينسي 7 أكتوبر والمخطوفين. هي مخطئة. نتنياهو لا يعرف انه رغم الحدث التاريخي إلا انهم يقومون بشتمه في الملاجيء. الملك العاري لا يقولون له ان ملابسه وهمية. انظروا أيها الأطفال، يقول، ها هي طائراتنا في طهران!.

لكن هذا لا يساعده. نحن لم نعد أطفال. نحن نعرفه جيدا. الشخص الذي لا تشتري منه سيارة مستعمله لا تشتري منه منديل. لم نصدق “الحدث التاريخي” الذي ابلغنا عنه. أو قوله “هاجمناهم قبل ان يهاجمونا”. يوجد لنا حساب طويل مع الأكاذيب واهداف حربه المفبركة.

اهداف حربه هي مثل اهداف حربه في غزة. أي انه لا توجد اهداف باستثناء الحكم. بالعكس، ليقل لنا ما هو “النصر المطلق” على ايران، او حتى كيف يبدو الـ “نحن على بعد خطوة منه”، هل عندما سيقضي على المشروع النووي الإيراني (هذا لن يحدث، ربما بعد سنتين)؟ أو عندما نصل الى نسبة قتلى 250: 1 في صالحنا؟ أو ربما عندما سنغير النظام؟. لحظة، هذه أيضا فكرة! انتظروا، بعد لحظة سيصل البول الى راسنا وعندها سنرسل خمس فرق لتحرير قبر مردخاي واستمر.

ربما كالعادة الهدف هو كسب الوقت. الحرب في غزة لم تنته، ماذا في ذلك؟ الحرب بين ايران والعراق استمرت ثماني سنوات وقتل فيها تقريبا مليون شخص. أيضا لنا يوجد وقت ومخزون من الضحايا (92 مليون لهم و10 ملايين لنا). الان هو يريد حبسنا معه ومع ميري ريغف. هو أيضا سيحظر خروجنا من هنا حتى عندما يكون ذلك ممكن. هو سيفرض قيود على اخراج العملة الأجنبية من البلاد.

كلما مر الوقت وبقيت القوة في يده فسنكون في حالة ذعر.

أيضا ايران: انظروا ما الذي تواجهه: حكومة غير عقلانية، حاكم فاسد، حاخامات متعصبين وممثلي جمهور مثل خرقة بالية. دولة فيها دعوات قطع رأس المستشارة القانونية للحكومة فيها تتم الموافقة عليها برضا. دولة يقودها عاجزون. يجب على الرقابة، حسب رأيي، حظر نشر أسماءهم. ومعرفة ان حياتنا توجد في يد كاتس وبن غفير وسموتريتش تضر بالمناعة الوطنية وتقوض معنويات الجنود.

فكروا في ذلك: هذه النماذج توجد قنبلة نووية في يدها. يا الله.

ماذا سيحدث في اليوم التالي؟ لا يوجد يوم تالي. ليس على أي مستوى، الشخصي والوطني. نحن قمنا بالغائه، ليس في غزة أو في القدس. نحن نعيش من يوم لآخر، نبدد الأيام في الرياح. افقنا يوجد على بعد قرار شخص يرتدي عمامة في طهران أو شخص ليطائي متعب في بني براك. في الوقت الذي هم فيه هناك، فانه لا يمكنك التخطيط لشراء شقة، التعليم، ولا حتى انجاب الأولاد الى هذا العالم. هل سندمر طهران؟، هذا جيد، ولكن ماذا بعد.

 —————————————–

يديعوت احرونوت 19/6/2025

ترامب يريد الانضمام الى الحرب واذا تراجع الإيرانيون لعله يتنازل

بقلم: نداف ايال

 لا يوجد مقياس حساس لمشاعر مصوتي دونالد ترامب أكثر منه هو نفسه. فهو لديه حاسة شم لمفترس، يشخص ما يريدون حتى قبل أن يعرفوا هم هذا. فقد عرف ترامب انهم سيهجرون أوكرانيا حتى عندما كانوا معها. وعندما يرتكب الرئيس خطأ – لنقل في الجمارك – فان القاعدة ستعيده الى القرارات المرغوب فيها. لا يوجد عناد لا داعٍ له ولا توجد مباديء جامدة.

لقد انتصرت إسرائيل في الجولات الأولى حيال ايران. ما هذا انتصرت؛ هزمت، سحقت. فقد نفذت 22 احباطا مركزا في الساعات الأولى من الهجوم فقط؛ قتلت رئيس الأركان، وبعدها بديله، في المكان الذي يعتبر في نظره المكان الأكثر سرية وامانة (هذه إنجازات شعبة الاستخبارات امان، نزعا للشك). الرئيس تلقى تقارير، شاهد هذا في التلفزيون؛ لا حاجة لان تشرح له بان في أمريكا، النصر ليس هو الامر الأهم. هو الامر الوحيد. الاستطلاعات في الولايات المتحدة لا تقبل التأويل: جمهور، ديمقراطيون وجمهوريون، لا يريدون ان تكون للايرانيين قنبلة نووية. اجماع نادر، نادر مثل وحيد القرن في ثقافة سياسية قبلية ومنشقة. وها هي جاءت إسرائيل وحصدت كل هذا الخير؛ وحدها.

لطياري سلاح الجو إنجازات عديدة. واحد منها هو انهم تسببوا للرئيس ترامب ما يسمى فومو: الخوف من ان يفوت ذلك Fear of missing out. قبل بضعة أسابيع كتب هنا عن مفهوم واحد بدأ ينشأ حول الرئيس: Trump always chickens out وباختصار، تاكو، مثل الطعام المكسيكي. وتراكض المفهوم في الشبكات الاجتماعية (رأس ترامب مغروس في تاكو مكسيكي) وفي النهاية وصل الى البيت الأبيض، في سؤال من صحافية. ترامب تميز غضبا وشم الخطر. انتقل بسرعة من تاكو الى فومو.

النصر هو الأساس. او على الأقل: شبيه النصر. فقط 4 – 5 اشخاص في محيط الرئيس انشغلوا بايران، بالتنسيق مع إسرائيل. سياقات اتخاذ القرارات كانت نحيفة ومحصورة. قبل أسبوع – أسبوع فقط – كتب هنا بان مصادر تصر على ان المحادثات بين ترامب وبنيامين نتنياهو في موضوع ايران افضل بكثير من التوتر الذي بلغ عنه في وسائل الاعلام. عمليا، هي معاكسة. فهل اتخذ البيت الأبيض ومكتب رئيس الوزراء تضليلا مقصودا، حربا نفسية ضد الإيرانيين؟ من الصعب اعتراض هذا. مصدر امني كبير قال لي صراحة: التعاون كان عميقا وطويلا. تلقينا من الأمريكيين تنسيقا جويا، معلومات استخبارية هجومية. مساعدة دفاعية وبالطبع كانوا يعرفون عن كل الاستعدادات. هو لم يرغب في أن يرد على سؤال هل تم هذا في امر من الرئيس: “يوجد فصل بين السياسي والعسكري، نحن لم نسأل وهم لم يجيبوا”.

قائد المنطقة الوسطى الأمريكية الجنرال مايكل كوريلا هو صديق مؤكد لجهاز الامن (صديق شخصي، بالمناسبة، لرئيس الأركان السابق هليفي). لكنه يعمل حسب تعليمات القائد الأعلى، الرئيس الأمريكي. في عالم ترامب لا يوجد الا النصر، ومثل هذا النصر لا يمكنه أن يتحقق الا بـ “استسلام بلا شروط” لإيران، او استخدام القوة حتى تصفير قدراتها. بعد محاولات تمرد قصيرة، فهمت حركته، نجعل أمريكا عظيمة مجددا، فهمت جيدا بان ترامب هو الذي يفهم اكثر من الجميع. رويدا رويدا، بدأ يسير ايديولوجيوها على الخط مع إرادة الزعيم. وصحيح حتى امس، هو يريد الانضمام الى الحرب ضد ايران. هذا مرن، بالطبع. النقطة هي النصر، ليس الحرب. اذا اعطى الإيرانيون ترامب شبيه تراجع وموافقة، اذا اعطوه مجاز استسلام يسمح له بالادعاء بنصر عظيم – فلعله يتنازل. لعله.

——————————————

معاريف 19/6/2025

عرف أن ترامب سيقودهم.. هكذا جر نتنياهو سياسيي البيت الأبيض لروايته

بقلم: آنا برسكي

الرئيس الأمريكي ترامب يتغير من يوم إلى يوم، إن لم نقل من ساعة إلى ساعة، وفقاً للتقدم الإسرائيلي في المعركة ضد إيران.

ما حصل أمس هو أكثر من قول قاطع من الرئيس الأمريكي. يدور الحديث عن إنجاز إسرائيلي على مستوى السياسة والوعي. فبكلمات مقننة لكن قاطعة، أعلن ترامب بأن على إيران الاستسلام بلا شروط.

هذا القول، الذي اعتبر غير معقول حتى في التقديرات الأكثر تفاؤلاً في إسرائيل – ناهيك عن تقديرات واشنطن – أصبح هو الموقف الأمريكي الرسمي، حالياً على الأقل.

وحتى لو لم يكن الإدارة الأمريكية توافق في الرأي إزاء السياسة تجاه إيران، فعندما يتحدث ترامب تكون السياسة. نقطة.

لا يقبع نهج قتالي فقط من خلف طلب ترامب استسلام إيران، بل قبول للرواية الإسرائيلية أيضاً. ترامب، مع الصياغات التي اختارها، يتبنى عمليا التشبيه التاريخي بين خامنئي وهتلر، بين إيران وألمانيا النازية وبين المعركة التي تديرها إسرائيل اليوم مع تلك التي أدارها وروزفلت في الأربعينيات من القرن الماضي.

موقف ترامب هذا قيل على خلفية خلافات داخلية في الإدارة. محافل انعزالية في الإدارة تعتقد بأن على الولايات المتحدة أن تحافظ على مصالحها وتمتنع عن التدهور إلى معركة مباشرة مع إيران. صوتهم في هذه المرحلة يسمع أقل، في أعقاب القول القاطع للرئيس – الذي يقرر مستوى التوقعات السياسية.

حتى قبل أن تنطلق أصوات النهاية للمعركة، يمكن أن نقرر الآن بأن نتنياهو سجل إنجازاً سياسياً ذا مغزى: تصميم موقف الولايات المتحدة، بحيث يسير على الخط مع الموقف الإسرائيلي. لا “اتفاق أفضل”، لا “وقف التصعيد” – بل كسر النظام الإيراني.

يشخص ترامب اللحظة ويستغلها – بالضبط مثلما تصرف في ولايته الأولى، عندما اتبع سياسة “الحد الأقصى من الضغط” ضد طهران. حتى لو لا يزال الطريق بعيداً لحل كامل، يمكن أن نقرر بأن إسرائيل انتصرت في المرحلة الأولى: نجحت في إملاء الإطار الفكري الذي يدور الصراع داخله.

——————————————

هآرتس 19/6/2025

طبيب أمريكي متطوع: كلما أعلنوا عن توزيع للغذاء ندرك بأن “إبادة” في الطريق

بقلم: أسرة التحرير

“في كل مرة يكون فيها توزيع للغذاء أعرف أنه ستكون إبادة”، قال أمس د. مارك برونر، طبيب أمريكي متطوع في مستشفى ناصر في جنوب غزة. مر شهر منذ أقامت إسرائيل منظومة جديدة لتوزيع الغذاء في القطاع، ومرة أخرى ثبت أن د. برونر كان محقاً: مجالات توزيع الغذاء أصبحت فخاخ موت. المنظومة الجديدة فشلت فشلاً ذريعاً في كل المقاييس؛ فهي لا تمنع الجوع فقط، بل تعرض حياة سكان قطاع غزة للخطر، ولا تضمن عدم تمويل حماس بها.

طوال الحرب، أدار توزيع الغذاء في القطاع ائتلاف من منظمات برعاية الأمم المتحدة. واستندت استراتيجيتها إلى المبدأ الذي يقضي بوجوب خلق أمن غذائي للسكان من خلال فتح أكبر عدد ممكن من محطات التوزيع. أما إسرائيل فادعت، دون أن تعرض أدلة، بأن حماس سيطرت على الغذاء التي أدخلته الأمم المتحدة، وبعد حصار مطلق من 80 يوماً أسست منظومة جديدة تقوم على أساس أربع نقاط توزيع فقط.

إضافة إلى ذلك، تسمح إسرائيل للأمم المتحدة بإدخال كمية محدودة جداً من الغذاء، وهذه تسلب وتنهب في معظمها من الجموع المجوعة. نشأت أوضاع احتشد فيها آلاف الناس حول نقاط التوزيع أو حول شاحنات الأمم المتحدة، وفي عدد كبير من الأحداث فتح جنود الجيش الإسرائيلي النار نحوهم، في محاولة لإبعادهم وتفريقهم، أو لأنهم شعروا بأنهم مهددون. النتيجة مخيفة: أكثر من 400 شخص قتلوا والآلاف جرحوا. الثلاثاء وحده، قتل 51 شخصاً وأصيب أكثر من 200 وهم يحاولون جلب الغذاء لعائلاتهم.

إضافة إلى ذلك، منظومة التوزيع الجديدة لا تمنع الجوع. كل هذا لأن الحديث لا يدور عن توزيع غذاء، بل سلب ونهب منظم. القوي والشجاع هو من يصل إلى محطات التوزيع. التوزيع لا يتم بشكل مرتب وفي إطار تسجيل، ولا أحد يضمن بأن يتلقى أبناء الشرائح الضعيفة من النساء والأطفال والشيوخ وذوي الاحتياجات خاصة، احتياجاتهم الغذائية.

كما تكثر التقارير عن مسلحين يسطون على الغذاء من أيدي سكان القطاع، وهم في طريق عودتهم إلى مخيمات النازحين ويبيعونه لهم في السوق. نستنتج من ذلك، أن الغذاء الداخل إلى قطاع غزة –وفقاً لمعظم الأدلة، وبتمويل دافع الضرائب الإسرائيلي – إنما يمول حماس.

ينبغي الاعتراف بأن المنظومة الجديدة لتوزيع الغذاء فشلت فشلا ًذريعاً ودامياً. على الحكومة أن تتوقف عن اللعب بحياة سكان القطاع وعلى الإدارة الأمريكية التي تساند إسرائيل، ألا تتنكر لمسؤوليتها. عليها أن تمارس الضغط كي تسمح للأمم المتحدة بإدخال الغذاء والمساعدة دون قيد. كل فعل آخر هو بمثابة جريمة حرب.

——————————————

حرب نتنياهو على إيران هذيان خلاصي

ألون بينكاس* – (الإندبندنت) 2025/6/16

يرى نتنياهو نفسه منقذاً للغرب وليس لإسرائيل وحسب. وهو يقود تصعيداً ضد إيران قد يشعل المنطقة ويحرج واشنطن. ويعيد اندفاعه المدفوع بإحساس رسالي تشكيل السياسة الإسرائيلية، لكنه يثير مخاوف من جر الولايات المتحدة إلى مواجهة مباشرة، في حين أن التحدي الأكبر يبقى في غزة، وليس طهران.

***

هناك مقاربتان واضحتان لفهم الهجوم الإسرائيلي الواسع على إيران، الذي يبدو شبه محتوم أن يتصاعد في الأيام المقبلة.

الأولى تقول “إن إسرائيل فعلت ما كان لا بد أن تفعله” لمنع إيران من المضي قدماً في تطوير قدرات نووية عسكرية. وقد وصف العملية رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو -الذي بدا في ذروة حماسته- بأنها كانت ضربة استباقية.

بناءً على هذا المنطق، فإن إضعاف إيران جيوسياسياً خلال العامين 2024 و2025 -من خلال تقويض القوة العسكرية لـ”حزب الله”، أبرز أذرعها الإقليمية، وسقوط نظام الأسد في سورية، والهجمات الإسرائيلية الناجحة على أنظمة الدفاع الجوي في طهران في تشرين الأول (أكتوبر) 2024- خلق فرصة لضرب البرنامج النووي وتأخيره.

لكن ما تتجاهله هذه السردية هو أن التقدم النووي الإيراني -بما في ذلك تعزيز وتحديث البنية التحتية لتخصيب اليورانيوم، وتخزين أكثر من 300 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المائة (علماً بأن النسبة المطلوبة للدرجة العسكرية هي 90 في المائة، والانتقال من 60 إلى 90 ليس بالمسألة الطويلة)- كان نتيجة مباشرة لقرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب في العام 2018، الذي جاء بدفع مكثف من نتنياهو، الانسحاب أحادي الجانب من الاتفاق النووي للعام 2015، المعروف باسم “خطة العمل الشاملة المشتركة”.

في العام 2015، زعم نتنياهو أن بوسعه التوصل إلى “اتفاق أفضل”، من دون أن يقدم أي بديل واقعي. ثم في العام 2018، شرح لترامب أن فرض “أقصى ضغط من العقوبات” سيدفع إيران إلى القبول بذلك الاتفاق الأفضل. لكن ما حدث كان عكس ذلك تماماً.

أما القراءة الثانية، فترتبط بمزيج من نهج نتنياهو المضطرب تجاه إيران، وشعوره بأنه منقذ مرسَل، والصورة الذاتية التي ترسخت لديه بعد أحداث السابع من تشرين الأول (أكتوبر) للعام 2023. إنه لا يرى في إيران تهديداً للحضارة اليهودية فحسب، بل للغرب برمته، وهو ما يرسخ في ذهنه صورة تتجاوز كونه مجرد حامي إسرائيل، وهي الصورة التي تعززت فترة وجيزة بعد هجوم “حماس” في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) 2023 (وتضررت بصورة كبيرة منذ ذلك الحين بسبب عدد القتلى في قطاع غزة). وعلى الرغم من ذلك، يبدو أنه مقتنع بأن هذا الدور هو ما ينبغي أن يخلده التاريخ له.

غالبًا ما يتم، عن قصد، إغفال حقيقة أن نتنياهو نفسه هو مَن حوّل التهديد الإيراني إلى مسألة إسرائيلية خالصة. فقد دعا إلى تعاون دولي لمواجهة إيران، ولكن عندما نجح هذا التعاون في التوصل إلى اتفاق، عارضه بشدة. ويرى بعض المتابعين، بمن فيهم نتنياهو نفسه، أن في ذلك تشبهاً بتشرشل (في الصلابة والقيادة التاريخية في مواجهة “شر مطلق” كما كان يفعل ونستون تشرشل مع النازية)، لكن آخرين يرونه أقرب إلى نيرون (الإمبراطور الذي أحرق روما).

قد تمر أيام، وربما أسابيع -بحسب مدى اتساع رقعة الحرب وطول أمدها- قبل التمكن من إجراء تقييم شامل للضرر الذي ألحقته إسرائيل بالبرنامج النووي الإيراني. ومع ذلك، بدأت تتضح بعض ملامح المشهد الأوسع.

تكمن المعضلة الكبرى التي ستواجهها طهران خلال الأيام المقبلة في تحديد نطاق الرد الانتقامي المتوقع: هل تكتفي بمواجهة مباشرة مع إسرائيل، أم توسع ردها لتستهدف مواقع أميركية في منطقة الخليج؟

تنظر طهران إلى الهجوم الإسرائيلي على أنه تم بتواطؤ أميركي، على الرغم من نفي واشنطن المتكرر وسعيها إلى تصوير الهجوم على أنه عمل إسرائيلي منفرد. ومن غير المرجح أن تقبل إيران بهذه الرواية. ومع ذلك، فإن أي تصعيد من جانبها في هذا الاتجاه قد يجلب رداً عسكرياً من جانب الولايات المتحدة -وهو تصعيد خطر يمكن أن يفتح الباب أمام هجمات تطاول منشآت نفطية سعودية أو إماراتية.

بينما يبدو احتمال إقدام طهران على خطوة غير عقلانية من هذا النوع ضئيلاً، فإن خطر التصعيد الإقليمي يظل قائماً. لكن ديناميكيات الحرب لم تُحدد أو تتبلور بعد، وكثير منها يعتمد على الكيفية التي تفسر بها طهران مجريات الأحداث. وإذا خلصت إلى أن الهدف النهائي هو الدفع نحو تغيير نظامها، فإن كل ما يبدو اليوم “قرارات عقلانية”، قد يصبح عرضة للمراجعة.

ستواجه الولايات المتحدة كذلك في الأيام القليلة المقبلة معضلة مزدوجة. سيكون عليها أولاً أن تبذل قصارى جهدها لتفادي الانزلاق إلى حرب لا مصلحة فعلية لها فيها، على الرغم من إشادة ترامب بالضربات الإسرائيلية التي استهدفت المنشآت النووية في طهران واعتبارها “ممتازة”، وتحذيره من أن “ما هو آتٍ أعظم”. ولا يبدو أن هناك أي مكاسب ملموسة يمكن لواشنطن أن تحققها من هذا التصعيد، لا بل إن الأخطار أكبر.

في واشنطن، تتنامى شكوك مزمنة ومزعجة -امتدت عبر إدارات باراك أوباما ودونالد ترامب وجو بايدن، والآن تعود مجدداً مع ترامب- مفادها بأن بنيامين نتنياهو يتلاعب لجر الولايات المتحدة نحو مواجهة عسكرية مباشرة مع إيران. ولم يسهم الهجوم الإسرائيلي الأخير في تبديد هذه المخاوف، على الرغم من إعلان ترامب لصحيفة “وول ستريت جورنال” أنه وفريقه كانوا على علم مسبق بخطط إسرائيل للهجوم، وهو تصريح أدلى به بعد يوم واحد فقط من دعوته العلنية لإسرائيل إلى عدم تنفيذ الضربة.

في حين أن تفاصيل كثيرة عن الدور الأميركي في ما يجري ما تزال غير معروفة، إلا أن المؤشرات تفيد بوجود صراع روايات متضادة بين كل من القدس وواشنطن. فعلى الرغم من تفاخر ترامب بمعرفته المسبقة بالهجوم، تشير تسريبات إلى أن واشنطن منزعجة في الخفاء من التحدي الذي قام به نتنياهو، ومن تجاهله الصارخ للمصالح الأميركية.

قد يكون ترامب مرتاحاً مؤقتاً لكون التصعيد مع إيران يصرف الانتباه عن أزمته في لوس أنجلوس، لكنه في الوقت نفسه قد يشعر بالإهانة نتيجة تجاهل نتنياهو التام لمطالبه، وهو ما لا ينعكس إيجاباً على صورته كرئيس.

هذا يقودنا إلى التحدي الثاني أمام الولايات المتحدة، وهو إقناع إيران وإغراؤها بالعودة إلى طاولة المفاوضات على الرغم من الهجوم الذي تعرضت له، مع إيصال رسالة ضمنية مفادها بأن واشنطن لا تسعى إلى إحداث “تغيير في النظام”.

من المؤكد أن الرئيس الأميركي سيحاول استغلال الحرب كفرصة للضغط على طهران للتفاوض، أو مواجهة صراع أكثر شراسة واستنزافاً يكون من شأنه أن يدمر اقتصادها المتداعي أساساً ويقوض عائداتها النفطية. لكن تحقيق ذلك يتطلب تجاوباً من إيران، ومن المبكر جداً الحكم على مدى واقعية هذا السيناريو في هذه المرحلة المبكرة.

سوف يحظى ترامب في هذا المسعى بدعم من السعودية التي تتمتع بتأثير كبير عليه. ولكن، كلما طال أمد الحرب وازداد دمارها وتصعيدها، بات من الصعب على الولايات المتحدة تحقيق أي من هذين الهدفين المزدوجين.

سوف تجد إسرائيل نفسها في مواجهة مع التحديات الجوهرية نفسها التي كانت قائمة من قبل. ويمكن لنتنياهو أن يواصل التفاخر كما يشاء بأنه غيّر مسار التاريخ، وأنقذ الغرب، وأدى دور ونستون تشرشل في مواجهة “هتلريي إيران” -لكن في المحصلة النهائية، يبقى التحدي الأكبر الذي يواجه إسرائيل اليوم وغداً، هو ما يحدث في قطاع غزة، لا في طهران.

إن الإنكار المتهور للصراع الإسرائيلي – الفلسطيني لا يمكن تصحيحه أو تجاوزه من خلال إعاقة البرنامج النووي الإيراني، مهما بلغت أهميته.

*ألون بينكاس: قنصل عام إسرائيلي سابق لدى الولايات المتحدة وكان مستشاراً سياسياً لرئيسي وزراء سابقين هما شمعون بيريز وإيهود باراك.

—————–انتهت النشرة—————–