إسرائيلياتالصحافة العبرية

الصحافة العبرية .. الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي التابع للجبهة الديمقراطية

 افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

معهد بحوث الأمن القومي –  24/6/2024 

الجمهور الإسرائيلي والحملة ضد إيران

بقلم: مورا ديتش، إديت شافران جيتلمان، عنات شابيرا، عبير جيتلين، نيتسان برايزلر

منذ اندلاع الحرب في غزة، يقوم معهد دراسات الأمن القومي بإجراء استطلاعات رأي عامة بشكل منتظم لتقييم المواقف تجاه قضايا الأمن القومي الرئيسية، والمناعة الوطنية، والثقة العامة.

النتائج الرئيسية:

لوحظ ارتفاع ملحوظ في ثقة الجمهور بالمؤسسات الدفاعية والسياسية منذ انطلاق الحملة ضد إيران.

يؤيد معظم الجمهور الهجوم على إيران، ويعتقدون أن القرار استند بالأساس إلى اعتبارات أمنية.

مع ذلك، يشعر حوالي 70% من المشاركين بالقلق إزاء تطورات الحملة، ويعتقد ما يقرب من نصفهم أن الحكومة تفتقر إلى خطة لإنهائها.

تتوقع أغلبية كبيرة أن تستمر الحرب لمدة تصل إلى شهر، ويعتقد معظمهم أن الجبهة الداخلية المدنية مستعدة لتحمل عواقبها لمدة تصل إلى ثلاثة أشهر

غالبية الجمهور راضية عن أداء قيادة الجبهة الداخلية، وتشعر أن تعليماتها واضحة.

ازداد عدد من يعتقدون أن أهداف حرب غزة ستتحقق إلى حد كبير أو كامل، مصحوبًا بشعور متزايد بأن الوقت قد حان لإنهاء الحرب.

يعتقد عدد كبير من الناس الآن أن الرئيس الأمريكي ملتزم التزامًا راسخًا بحماية مصالح إسرائيل.

كان هناك تزايد في الإدراك العام بأن التضامن الاجتماعي قد تعزز خلال هذه الفترة.

الثقة في الأفراد والمؤسسات

النتائج الرئيسية:

ارتفعت نسبة الثقة في جيش الدفاع الإسرائيلي إلى حوالي 82%، مقارنةً بـ 75.5% في أيار 2025.

ارتفعت نسبة الثقة في الحكومة إلى 30%، مقارنةً بـ 21% في أيار

ارتفعت نسبة الثقة في سلاح الجو إلى 83%، مقارنةً بـ 71% في نيسان.

ارتفعت نسبة الثقة في الاستخبارات العسكرية إلى 74%، مقارنةً بـ 61% في كانون الثاني 2024.

لا تزال نسبة الثقة في الموساد مرتفعة عند 81%.

ارتفعت نسبة الثقة في رئيس الأركان بشكل ملحوظ إلى 69% لدى عامة الجمهور، مقارنةً بـ 56% في أيار، وإلى 81% لدى الجمهور اليهودي تحديدًا، مقارنةً بـ 67.5%.

ارتفعت نسبة الثقة في رئيس الوزراء إلى 35%، مقارنةً بـ 26% في أيار.

ارتفعت نسبة الثقة بوزير الدفاع إلى 32%، بعد أن كانت 25% في آذار. وبلغت نسبة الثقة بتقارير المتحدث باسم جيش الدفاع الإسرائيلي 63% بين عامة الجمهور، و71.5% بين اليهود تحديدًا، بعد أن كانت 55% و64% على التوالي في أيار.

أداء قيادة الجبهة الداخلية

النتائج الرئيسية:

أعربت غالبية كبيرة من المشاركين – 74.5% – عن رضاهم الكبير عن أداء قيادة الجبهة الداخلية ليلة الهجوم على إيران، مقارنةً بنسبة 72% خلال الهجوم الإيراني في أكتوبر/تشرين الأول 2024.

بلغت نسبة الرضا العام عن قيادة الجبهة الداخلية 78.5%.

وجدت غالبية كبيرة من الجمهور، بلغت 74%، أن التعليمات خلال الليلة الأولى من الهجوم الإيراني كانت واضحة، مقارنةً بنسبة 77% خلال هجوم أكتوبر/تشرين الأول 2024.

حاليًا، يرى 89% أن التعليمات واضحة إلى حد كبير أو كبير جدًا.

يُعد تطبيق قيادة الجبهة الداخلية المصدر الأكثر شيوعًا للتحديثات، حيث يستخدمه 53.5% من الجمهور، يليه المسؤولون عبر قنوات مختلفة (23%)، ثم وسائل التواصل الاجتماعي (16.5%)، ثم تصريحات المتحدث باسم جيش الدفاع الإسرائيلي (4.5%).

الجبهة الإيرانية – عملية “الأسد الصاعد”

النتائج الرئيسية:

أيد 73% من الجمهور الهجوم الإسرائيلي على إيران، بينما عارضه 18%.

ويعتقد حوالي 76% من الجمهور أن القرار استند إلى اعتبارات أمنية إلى حد كبير أو كبير جدًا.

وأعربت أغلبية 73% من الجمهور عن رضاها عن أداء نظام الدفاع في إيران إلى حد كبير أو كبير جدًا.

ويعتقد 9% فقط أن التهديد النووي الإيراني سيزول تمامًا؛ بينما يعتقد 49.5% أنه سيزول إلى حد كبير؛ ويعتقد 27.5% أنه سيقل بشكل طفيف فقط؛ ويعتقد 6% أنه لن يزول على الإطلاق.

ويشعر حوالي 70% من الجمهور بقلق بالغ أو إلى حد ما بشأن كيفية تطور الحملة ضد إيران.

ويعتقد 6% فقط أن الحملة ستستمر لبضعة أيام؛ ويعتقد 61.5% أنها ستستمر من أسبوع إلى شهر؛ ويعتقد 19.5% أنها ستستمر من شهر إلى ثلاثة أشهر. يعتقد 3% أن الحرب ستستمر من ثلاثة أشهر إلى عام، ويتوقع 1% أن تستمر لأكثر من عام.

يعتقد حوالي 60% من الجمهور أن الجبهة الداخلية الإسرائيلية مستعدة جيدًا أو جيدًا جدًا للصراع مع إيران؛ ويعتقد 35% أنها مستعدة بشكل سيء أو سيء جدًا.

يعتقد حوالي 49% أن الجمهور سيكون قادرًا على تحمل الحرب وعواقبها (الخسائر البشرية، والإجلاء، والتأثير الاقتصادي، وما إلى ذلك) لمدة تصل إلى شهر واحد؛ ويعتقد 27% أنها ستستمر من شهرين إلى ثلاثة أشهر؛ ويرى 8.5% أنها ستستمر من 4 إلى 6 أشهر؛ ويرى 3% أنها ستستمر لمدة تصل إلى عام؛ ويرى 3.5% أنها ستستمر لأكثر من عام.

يعتقد حوالي 61% من الجمهور أن إسرائيل يجب ألا تهدف فقط إلى تحييد التهديد النووي، بل أيضًا إلى الإطاحة بالنظام الإيراني، بينما يعتقد 28% أن التركيز يجب أن يظل على التهديد النووي وحده.

يعتقد حوالي 47% من الجمهور أن الحكومة الإسرائيلية تفتقر إلى استراتيجية خروج من الحملة على إيران؛ ويعتقد 41% أنها تمتلكها.

الجبهة الغزية

النتائج الرئيسية:

يعتقد حوالي 63% من الجمهور و70% من المجيبين اليهود أن الجيش الإسرائيلي سينتصر في حرب غزة، وهي نسبة مماثلة لـ 61% و69.5% في أيار.

يعتقد حوالي 55% من الجمهور و62% من الجمهور اليهودي أن أهداف الحرب في غزة ستتحقق بالكامل أو إلى حد كبير، مقابل 46% و54% في أيار.

شهد تأييد إنهاء حرب غزة ارتفاعًا حادًا، حيث أيد هذا الرأي 60.5% من الجمهور و53% من المجيبين اليهود، مقارنةً بـ 49% و41% على التوالي في كانون الثاني 2025.

الخدمة الاحتياطية

النتائج الرئيسية:

أظهرت غالبية المجيبين اليهود – 65.5% – أنهم يشجعون أحد أفراد أسرهم ممن خدموا سابقًا في قوات الاحتياط القتالية على الانضمام إلى الخدمة العسكرية مرة أخرى، مقابل 55.5% في أيار 2025.

العلاقات الأمريكية الإسرائيلية

النتائج الرئيسية:

تعتقد نسبة متزايدة من الجمهور – 29٪ – أن الرئيس ترامب ملتزم بشدة بالدفاع عن مصالح إسرائيل، مقارنةً بـ 20٪ في أيار.

يعتقد نصف المشاركين أن ترامب يدعم إسرائيل فقط عندما يخدم ذلك مصالحه الخاصة، بانخفاض من 5.51٪.

ترى نسبة أقل – 18٪ – أن ترامب غير متوقع، وبالتالي لا يُعتمد عليه في الشؤون الأمنية، بانخفاض من 23٪.

مناعة المجتمع الإسرائيلي

النتائج الرئيسية:

أفاد حوالي 27.5% من الجمهور بأن مستوى الأمن الشخصي لديهم مرتفع أو مرتفع جدًا (مقارنةً بـ 28.5% في أيار)؛ بينما أفاد 32.5% بأن مستوى الأمن لديهم منخفض أو منخفض جدًا (مقارنةً بـ 25.5%).

يعتقد ما يقرب من نصف الجمهور – 48% – أن الشعور بالتضامن في المجتمع الإسرائيلي قد تعزز أو ازداد بشكل كبير، مقارنةً بـ 30% في آذار 2025.

أُجري الاستطلاع بين 15 و16 يونيو/حزيران 2025، بواسطة مركز تحليل البيانات في معهد دراسات الأمن القومي. وأُجري العمل الميداني بواسطة iPanel من خلال مقابلات إلكترونية مع 800 مُستجيب يهودي و151 مُستجيبًا عربيًا، مُشكلين بذلك عينة تمثيلية للسكان البالغين في إسرائيل الذين تبلغ أعمارهم 18 عامًا فأكثر. البيانات مُوزّعة حسب القطاع. يبلغ الحد الأقصى لخطأ العينة للعينة بأكملها ±3.2% عند مستوى ثقة 95%.

——————————————

هآرتس 24/6/2024  

غير بعيد اليوم الذي ستقصف فيه ايران مقر الحكومة من اجل تحرير الشعب المضطهد في اسرائيل

بقلم: يوعنا غونين

“مسجل لك هنا لا يوجد. ها هو”، هكذا أوضح شرطي لرنانا كيدار سبب اعتقالها. الكتابة الموجودة على قبعتها. على القبعة ظهرت كلمة ديمقراطية، المفهوم الذي كما يبدو محظور ارتداءه من قبل شرطة الموضة للوزير ومصمم الأزياء ايتمار بن غفير. كيدار هي محاضرة في القانون، اعتقلت اول امس اثناء احتجاج هاديء من اجل المخطوفين قرب منزل الوزير نير بركات في القدس. في فيلم عن الحادث هي تظهر وهي يتم دفعها نحو سيارة الشرطة بدون ذنب وتصرخ “انقذوني، اولادي وحدهم في البيت”. وقد اعتقلت معها أيضا شوشان غيفع، وهي امرأة تعمل في التعليم. في مركز الشرطة تم تفتيشهما بشكل عار، وهذه خطوة استثنائية تفسيرها الوحيد هو الرغبة في التخويف والاهانة.

“أنا عملت طوال الأسبوع عندما كنت انت تختبيء في الغرفة الآمنة”، استهزأ الموغ كوهين، نائب الوزير لشؤون الذكاء الصناعي والغباء الطبيعي، من السينمائي امير شيفرلينغ، الذي شارك عدة رسائل تحدث فيها المقربون من الموغ كوهين بانه يختبيء في البيت مثل الأسد في القفص. وردا على ذلك حصل منه على صلية بالستية من الإهانة. حقيقة ان نائب الوزير يقوم بشتم مواطن عادي كانت ستثير عاصفة في دولة نصف سليمة. أما عندنا فهذا امر عادي. مع ذلك، عندما يستهزيء عضو في الحكومة من مواطن اضطر الى الركض خلال الليل كي يصل الى الغرفة الامنة كي لا يموت بسبب الصواريخ التي تطلق عليه بسبب قرارات نفس الحكومة، فان ذلك اصبح يشكل مستوى اولومبي لانغلاق الحكومة. 

يبدو ان الحديث يدور عن حادثين منفصلين. ما هي الصلة بين اعتقال مهين لامرأتين ونوبة الغضب لنائب الوزير في تويتر؟ كيف أن هاتين الحادثتين تجسدان احد التغييرات العميقة التي حدثت في إسرائيل في ظل الحكومة الحالية، التغيير الذي يظهر جيدا بالصورة التي تدار فيها الحرب. القاسم المشترك بين الحادثتين هو الرسالة الواضحة التي تقول “أنتم، أيها المواطنون، لا تستحقون الاحترام، الإنسانية والحقوق الأساسية. أنتم حتى لستم لحم للمدافع. أنتم لا شيء. أي مظهر من مظاهر المعارضة سيتم الرد عليه بعنف واهانة، أي محاولة للحفاظ على العقلانية وعلى حياتكم، حتى بواسطة الامتثال لتعليمات النظام نفسه، ستستغل لعرضكم كخونة متملقين”.

تفتيش زائد مع خلع الملابس، اصبح نهج ثابت للشرطة من اجل الإهانة والتخويف. هذا الأسلوب الذي يستخدم منذ فترة طويلة ضد النساء الفلسطينيات، يوجه الآن للنساء اليهوديات اللواتي يتظاهرن ضد الحرب أو من اجل إعادة المخطوفين. يدور الحديث عن استخدام العنف الجنسي ضد المتظاهرين، وهو ممارسة سائدة في الدول الديكتاتورية، يستهدف تحطيم روح معارضي النظام والتوضيح لهم بأن جسدهم وكرامتهم هي للدولة، بنفس الطريقة أيضا المعاملة المستخفة والعنيفة لممثلي الحكومة للجمهور المتعب تكرر الأسلوب السائد في أنظمة ديكتاتورية التي فيها المواطنون يعتبرون خدم مذلولين للحكام، وكرعايا لنزواتهم واهوائهم.

حكومة نتنياهو لا ينطبق عليها تعريف نظام فاشي أو شمولي بكل معنى الكلمة. ولكنها بالتأكيد تتميز بإحدى الخصائص الواضحة جدا لمثل هذه الأنظمة: تعامل سادي، منغلق، مستهزيء بالمواطنين، أو على الأقل مع الذين هم غير محسوبين على مقربي النظام. العنف هو أداة رئيسية للأنظمة القمعية التي تعرف ان الطريقة الاسهل لحكم الجمهور هو جعله كيس لكمات، مهان ومذعور. العنف الجنسي تجاه المتظاهرات والاهانة العلنية للمعارضين والاشمئزاز الواضح من المواطنين – بهذه الوتيرة لا تتفاجأوا اذا أعلنت ايران في القريب بانها ستقصف مقر الحكومة تضامنا مع الشعب المضطهد في إسرائيل.

 ——————————————

هآرتس 24/6/2024  

بعد عشرات السنين، اسرائيل تقاتل الان دولة سيادية والتحدي قانوني أيضا

بقلم: ينيف كوفوفيش

الحرب مع ايران مختلفة جدا عن معارك إسرائيل خلال العقود الأخيرة، وليس فقط بسبب الاضرار الكبيرة في الجبهة الداخلية والهجمات من مسافة مئات أو حتى آلاف الكيلومترات عن حدودها. مقابل القتال مع حماس وحزب الله والحوثيين فان اسرائيل في هذه المرة تحارب دولة سيادية، دولة لها حدود وجيش وفصل واضح بين البنى التحتية المدنية والعسكرية. “الامر الذي يحول القضايا القانونية المعقدة التي واجهناها في غزة وفي لبنان الى بسيطة اكثر للطرفين”، قال للصحيفة مصدر قانوني – امني. “في مهاجمة قواعد واهداف عسكرية فان قضية غير المشاركين تقريبا غير موجودة لان المدنيين غير موجودين فيها”.

لكن في الوقت الذي يتحدثون فيه في الجيش بمفهوم اسود – ابيض، فان خبراء في القانون الدولي يطرحون موقف معقد أكثر، وقد تم التعبير عنه عندما تلتقي النظرية مع الواقع. هذا ما حدث في الأسبوع الماضي عندما هاجمت إسرائيل مقر هيئة البث في طهران. “قناة تلفزيونية، حتى لو كانت تبث دعاية تحريضية، الا انها لا تعتبر هدف عسكري فقط لهذا السبب”، قال البروفيسور الياف ليبليخ من جامعة تل ابيب. 

وقد أشار ليبليخ الى انه “أيضا في إسرائيل هناك وسائل اعلام معينة تبث دعاية تحريضية”. وحسب اقواله فان الهجوم يمكن أن يعتبر مسموح به في ظروف معينة، اذا تم استخدام قناة التلفزيون بصورة عسكرية. “الموضوع لغوي، رغم ان الجيش قال بانه جرى استخدام عسكري كهذا، أيضا وزير الدفاع ورئيس الحكومة والمتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي أشاروا الى ان سبب الهجوم هو البث الدعائي. حسب رأيي هذا يثير الكثير من الشك بخصوص قانونية هذا الهجوم”.

شكوك مشابهة ثارت أيضا في الساحة الدولية، التي وجهت الانتقادات في هذا السياق. الدكتورة تمار مجيدو، محاضرة في القانون الدولي في الجامعة العبرية، اوضحت بان السياق حاسم. وحسب قولها فانه حتى لو استخدمت وسائل الاعلام بالفعل لهدف عسكري، حسب هذا الشرط هذا المس يمكن أن يكون مسموح به. شرط آخر يسري هنا وهو ان “الضرر الذي سيلحق بالمديين يجب ان لا يكون مبالغ فيه بالنسبة للتفوق العسكري المباشر والملموس الذي ينتج عن ذلك، وأنه تم اتخاذ وسائل الحذر لتقليص هذا الضرر”.

هذه الدوافع لتقليص الاضرار بالمدنيين، بالتحديد غير غريبة عن جهاز الامن. في كل العمليات والحروب منذ 1973 وقفت إسرائيل امام تنظيمات إرهابية لا تعترف بالقانون الدولي أو قوانين الحرب أو قوانين استخدام القوة بين الدول. هذه التنظيمات، كما قالوا في القدس، تقوم ببناء البنى التحتية العسكرية لها في محيط مدني مثل المستشفيات، المدارس أو مناطق مأهولة حساسة، الامر الذي يصعب على مهاجمة المسلحين والحاق ادنى ضرر بالاشخاص غير المشاركين. ولكن الان حيث تقف امامنا دولة، تقول مصادر قانونية امنية رفيعة، فان قوانين الحرب تحول حدود الساحة الى حدود اكثر وضوحا. ولكن حتى لو كانت الاقوال العامة تحظى بدعم واسع نسبيا، فنحن عندما نتعمق في التفاصيل نكتشف فيها عدد غير قليل من المناطق الرمادية، مثلا القواعد العسكرية. في إسرائيل، وفي دول كثيرة أخرى، تقام منشات عسكرية مهمة في المراكز السكانية. فوزارة الدفاع في تل ابيب، تل هشومير في رمات غان، وقواعد الاستخبارات التي تنتشر في المركز، هي امثلة ملموسة للاهداف الإيرانية التي تعتبر مشروعة في زمن الحرب. في الوقت الذي تطلق فيه ايران الصواريخ على مثل هذه القواعد فانه يمكنها تقديم تفسير لذلك حتى لو أصيب مدنيون في هذه الهجمات. مع ذلك، سريان هذا الادعاء يمكن أن يكون محدود لأنه كلما ازداد سقوط الصواريخ في الاحياء السكنية، وبالتأكيد الاحياء البعيدة عن القواعد العسكرية، فان طهران ستجد صعوبة في الدفاع عن هجماتها وستضطر الى الاثبات بأنها لا تهاجم المدنيين بشكل متعمد.

هذا الامر صحيح أيضا بشكل معاكس. لذلك، تقول مصادر امنية، قبل مهاجمة بنية تحتية عسكرية بين السكان فان الجيش الإسرائيلي ينشر تحذيرات موجهة للمدنيين الذين يوجدون حول الهدف، كما فعل في قطاع غزة وفي لبنان. ولكن هنا يمكن طرح أسئلة أخرى حول هوية الأهداف والى أي درجة هذه الأهداف مشروعة. منذ بداية الحرب قام الجيش الإسرائيلي باغتيال القيادة العليا في ايران وأصاب عدد من المهندسين الذين ترأسوا المشروع النووي. ولكن هذه المجموعات غير متشابهة.

“اثناء المواجهة المسلحة فانه مسموح مهاجمة فقط أعضاء في القوات المسلحة، أي جنود. أو أعضاء في منظمات مسلحة”، قال البروفيسور ليبليخ. “بخصوص المدنيين فانه مسموح مهاجمتهم فقط اذا كانوا مشاركين بشكل مباشر في العمليات العدائية في نفس الوقت. بشكل عام، العمل على تطوير السلاح بحد ذاته لا يعتبر مشاركة مباشرة في الاعمال العدائية”. ليبليخ يقدر بانه توجد لدى إسرائيل تفسيرات قانونية، التي تعتقد بأنه في ظروف معينة هذا الامر مسموح. ولكنه لا يعتقد أن هذا الموقف مقبول بشكل واسع. عمليا، هو موقف يعرض للخطر العلماء والمؤسسات الاكاديمية لدينا”.

ليست إسرائيل وايران أعضاء في ميثاق روما، الذي يحدد من سيكون عضو ويخضع لمحكمة الجنايات الدولية في لاهاي، لذلك فانه يبدو انه في هذه المرة لن تكون هذه المحكمة في الصورة. مع ذلك، الدول تستطيع تطبيق صلاحية قضاء عالمية على خروقات القانون، حتى لو لم توقع هذه الدول على ميثاق روما. يشار الى ان الدعم الأمريكي المطلق للهجمات في ايران والتعاون بين الدولتين، يبدو أنهما يزيلان خوف إسرائيل من فرض عقوبات من قبل الأمم المتحدة ومجلس الامن.

لكن حتى قبل الهجمات الامريكية، ربما بسبب الحذر، في يوم الأربعاء الماضي – اليوم الخامس لعملية “شعب كالاسد” – أرسلت إسرائيل رسالة من قبل وزير الخارجية جدعون ساعر الى مجلس الامن بررت فيها الهجوم على ايران. في السطر الأخير كتب ان العملية الحالية هي بالفعل جزء من الصراع المسلح المستمر بين إسرائيل وايران، أيضا بواسطة حماس وحزب الله، وأنه بدأ في ظل الخطر الفوري للسلاح النووي الذي يمكن أن يكون في يد طهران، وليس حرب جديدة.

الدكتورة غيل عاد نوعام، نائب المستشارة القانونية للحكومة في القانون الدولي، برر موقف إسرائيل في شبكة “اكس” وأوضح بان ايران كانت مشاركة بشكل مباشر وغير مباشر في الصراع المسلح مع إسرائيل، بواسطة وكلائها في الشرق الأوسط. “ذروة من ذروات النزاع المستمر الأخيرة كانت هجمات الصواريخ والمسيرات الإيرانية على إسرائيل في نيسان وتشرين الأول 2024، التي كانت بنظرة تاريخية غير مسبوقة في نطاقها”، كتب وأضاف. “كجزء من هذا النزاع المتواصل فان إسرائيل وقفت امام تهديد وجودي قريب، في الوقت الذي عبرت فيه ايران عن نيتها وبحثت عن الوسائل لتحقيقها”. 

حسب اقوال البروفيسور ليبليخ فانه أيضا الصورة هنا معقدة اكثر. حسب قوله، رغم انهم في إسرائيل يعتبرون الهجوم في ايران مفهوم بحد ذاته، الا انه في المجتمع الدولي هذا الهجوم يثير الخلافات. “بشكل عام مسموح للدولة العمل على الدفاع عن نفسها عند حدوث هجوم مسلح، أو ان هذا الهجوم يمكن أن يحدث بشكل مؤكد”، قال وأضاف. “للوهلة الأولى الهجوم ضد دولة بسبب ادعاءات تطوير مستقبلي لسلاح، الذي يسمى دفاع وقائي عن النفس، فانه لا يجتاز هذا الاختبار، لذلك يسمع معظم الانتقاد”.

ليبليخ يرد على “الادعاء الذكي” لإسرائيل، الذي بحسبه فعليا نحن في داخل حرب مع ايران على الأقل منذ 7 أكتوبر 2023. وقال أيضا ان هذا الادعاء يمكن ان يواجه خلافات وقائعية بخصوص مستوى سيطرة ايران على حماس، حزب الله والحوثيين. “في كل الحالات، حتى لو كانت إسرائيل في مواجهة مع ايران فان توسيع الحرب يجب ان يجتاز امتحان التوازن (أي هل الرد متوازن مع التهديد). أنا افترض ان الاختلاف حول هذا الموضوع سيستمر لسنوات طويلة”، قال.

إضافة الى سؤال هل هذه حرب جديدة أم لا. ليبليخ يقول بأنه توجد أهمية لاهدافها. “الحرب يجب ان تكون المخرج الأخير، فقط من اجل صد هجوم قائم أو شبه مؤكد من قبل ايران”، شرح. “الحديث عن تغيير النظام معارض لهذه القواعد”.

لكن ليس فقط نطاق الاحاديث هو الهش، أيضا لا يقل عن ذلك قطاع الاعمال. الدكتورة مجيدو تؤكد على انه ليس فقط القانون الدولي يمنع توجيه هجمات للمدنيين، بل أيضا “توجيه الهجمات للبنى التحتية المدنية ممنوع كليا، وهو يعتبر جريمة حرب”. لذلك، يبدو أن المسؤولين عن تزويد الكهرباء والمياه والاتصالات، أو المطارات ومؤسسات الحكم، يمكن أن يكونوا خارج المعادلة. هل حقا حدث ذلك؟ يتبين أن هذا أمر سهل جدا لأنه اذا كانت هذه البنى التحتية الحيوية تخدم الجيش – “تقدم مساهمة فعالة للنشاطات الحربية”، حسب اقوال ليبليخ – وتوفر له خدمات أيضا اثناء الحرب، فان مكانتها محمية بشكل أقل.

في هذا السياق يمكن التساؤل أيضا حول التقرير الذي صدر قبل أسبوع والذي بحسبه هاجمت إسرائيل بنى تحتية للطاقة في حقل الغاز الموجود في جنوب محافظة فارس، في مدينة الميناء كنغان الموجودة في إقليم بوشهر. “حقول الغاز”، توضح مجيدو. “هي أمور مدنية، يجب اثبات أنها استخدمت لاهداف عسكرية من اجل تبرير المس بها، أيضا عندها الاضرار بالمدنيين يجب ان يكون متوازن”. منذ ذلك التقرير لم يسمع كثيرون يتحدثون عن هذا الامر.

معضلة المستشفيات

بنى تحتية مدنية حيوية أخرى برزت في العناوين هي المستشفيات، بشكل خاص بعد اطلاق الصاروخ البالستي الإيراني الذي ضرب المركز الطبي في سوروكا في الأسبوع الماضي. “مهم التأكيد على انه حتى لو خرق أي طرف قوانين الحرب، مثلا توجيه هجوم لمستشفى، فان هذا الخرق لا يمكن ان يعتبر أساس لقيام الطرف الآخر بالخرق”، قالت مجيدوا في هذا السياق. “قوانين الحرب تعمل على أساس غير متبادل، وكل الأطراف ملزمة بالتصرف وفقا لها، حتى لو قام الطرف المقابل بخرقها”. ليبليخ يشير الى أن تفسيرات اقلية متطرفة تحاول الادعاء بانه في ظروف معينة، قليلة، مسموح المس بالبنى التحتية المدنية في الطرف الاخر كعمل انتقامي. “لكن هذا ليس هو المقاربة المقبولة”، أوضح. “حسب تقديري فان كل عملية كهذه ستواجه ادانة واسعة جدا وستعرض من ارتكبوها الى اخطار قانونية”.

في ايران في الواقع سمعت عدة تقارير عن المس بمستشفيات في ايران، لكن في الوقت الحالي غير معروف موثوقية هذه التقارير. وحتى لو حدث ذلك فانه من غير الواضح ما اذا شكلت هدف بحد ذاته أو أنها تضررت في سياق آخر. 

تهديد مباشر خرج من إسرائيل حقا، وصل مباشرة من وزير الدفاع يسرائيل كاتس. في يوم الاثنين الماضي بعد قتل ثمانية اشخاص في صلية صواريخ اطلقت على مركز البلاد وحيفا، تم اقتباس الوزير كاتس وهو يقول “سكان طهران سيدفعون الثمن، قريبا”. بعد بضع ساعات صدر توضيح. “لا توجد أي نية للمس الجسدي بسكان طهران، كما يفعل الديكتاتور القاتل مع سكان إسرائيل”، كتب الوزير في شبكة “اكس”. وحسب قوله فان “سكان طهران سيضطرون الى دفع ثمن الديكتاتورية وسيتركون بيوتهم في المناطق التي ستكون حاجة لمهاجمة اهداف للنظام وبنى تحتية امنية فيها”. على أي حال، كما يقول ليبليخ، هذه تصريحات سيئة جدا، من النوع الذي شاهدناه طوال الحرب في غزة، والتي ورطت إسرائيل قانونيا في المحاكم الدولية وعكست سلوك غير مقبول اثناء القتال في غزة.

انتقاد مجيدو اكثر شدة. حسب اقوالها فانه “لا يوجد أي مبرر لتدفيع الثمن من المدنيين في طهران ردا على المس بالجبهة الداخلية الإسرائيلية. هذا العمل محظور نهائيا في القانون الدولي، وهو يمكن ان يعتبر جريمة حرب” (لذلك فانن إعطاء الامر بتنفيذه هو امر غير قانوني تماما).

 ‏——————————————

هآرتس 24/6/2024  

مصدر اسرائيلي.. الحرب في ايران من غير المتوقع أن تحث مفاوضات مع حماس

بقلم: ليزا روبوفسكي وجاكي خوري 

مصدر إسرائيلي قال أمس لـ “هآرتس” بانه لا يوجد أي سبب للافتراض بأن الهجوم الأمريكي في ايران سيثمر أي تقدم في المفاوضات مع حماس لاعادة المخطوفين وانهاء الحرب. حسب هذا المصدر فانه في الرد الذي ارسلته إسرائيل في الفترة الأخيرة، الذي ذكره نتنياهو مرتين في المؤتمرات الصحفية مؤخرا، فانه لا يوجد أي تغيير في مواقف إسرائيل المبدئية، باستثناء المرونة بشأن خطة اطلاق سراح المخطوفين.

“في خطة ويتكوف تم الحديث عن 10 مخطوفين احياء، الذين سيتم اطلاق سراحهم في الأسبوع الأول (و10 آخرين في نهاية وقف النار المؤقت، اذا تم التوصل الى تفاهمات حول وقف اطلاق نار ثابت). ولكن حتى الآن وافقت إسرائيل على اطلاق سراح 8 مخطوفين احياء في اليوم الأول واثنان قبل انتهاء وقف اطلاق النار المؤقت، قال نفس المصدر.

وقف اطلاق النار المؤقت الذي ستبدأ فيه المفاوضات على وقف اطلاق نار دائم يمكن ان يستمر لشهرين حسب الخطة، أيضا حسب اقوال نفس المصدر فان حماس الآن تجري محادثات مع الوسطاء.

قبل بضعة أيام مصدر اجنبي مطلع على الاتصالات قال للصحيفة بأنه يتوقع أن يرسل نتنياهو بعثة مفاوضات الى مصر، لكن حسب المصدر الإسرائيلي فانه لا أساس لهذا التوقع، ولا يمكن توقع ذلك الى ان تقوم حماس بتليين مواقفها. اي ان توافق على “خطة ويتكوف” بدون المطالبة بضمانات لانهاء الحرب.

مصدر آخر إسرائيلي مطلع على المفاوضات قال للصحيفة بان الطريقة التي سيؤثر فيها الهجوم الأمريكي على الصفقة يرتبط بالطريقة التي ستختارها الآن. وحسب قوله فانه اذا قام النظام في ايران بضبط النفس واختار الدبلوماسية فربما سيكون ذلك تاثير دراماتيكي على حماس، لأنها ستعرف بأنها فقدت الركيزة الأساسية لها، بنفس الطريقة التي اثر فيها ضرب حزب الله بعد اغتيال حسن نصر الله على اخراج الصفقة السابقة الى حيز التنفيذ في كانون الثاني الماضي.

مع ذلك، حسب قول هذا المصدر، فانه اذا اختارت ايران مواصلة المواجهة مع إسرائيل فانه يحتمل ان يكون لذلك تاثير مثبط على القدرة على التوصل الى صفقة. 

عند نشر تقديرات إسرائيل في الأسبوع الماضي بأن المس بايران يمكن ان يدفع قدما بالصفقة، في حماس رفضوا هذه التقديرات بشدة. مصدر فلسطيني قال في حينه بانهم في حماس يعرفون انه سيستخدم عليهم ضغط من اجل التقدم في المفاوضات في اعقاب نجاح إسرائيل في المعركة مع ايران، لكنهم سيوافقون على الصفقة فقط اذا أدت الى انهاء الحرب.

في نهاية الأسبوع وصلت الى القاهرة بعثة لحماس من اجل مواصلة المحادثات بوساطة مصر، في محاولة لاستئناف الاتصالات حول اتفاق لوقف النار مع إسرائيل. حسب معلومات وصلت الى “هآرتس” فانه يوجد للاحداث في ايران تأثير غير مباشر على حماس، هذا من الزاوية الامريكية. في قيادة حماس تتعزز الشكوك بالإدارة الامريكية، لا سيما بعد الهجوم الأمريكي في ايران والطريقة التي انتهى بها. مصادر في حماس بدأت تعبر عن الشك الكبير في نوايا الإدارة الامريكية، بذريعة أنه “اذا كان ترامب خدع الإيرانيين، فانه بالتأكيد يمكن ان يخدع أيضا حماس”.

أمس نشرت وكالة الانباء الصينية “شنغ وا” النبأ الأول، عن مصادر مصرية مطلعة على تفاصيل المحادثات، الذي بحسبه حماس وافقت على صفقة تهدئة مع إسرائيل. حسب اقوال هذه المصادر فان حماس وافقت على صفقة تهدئة لشهرين مع إسرائيل، وهي تنتظر رد إسرائيل.

حسب تقرير  وكالة الانباء الصينية فانه في المرحلة الأولى في الصفقة سيكون هناك اطلاق سراح 10 مخطوفين احياء محتجزين في غزة، ونقل جثامين 10 – 16 اسير. في أيام التهدئة يمكن للطرفين مناقشة المرحلة الثانية: وقف دائم لاطلاق النار. وحسب هذه المصادر، فانه فقط بعد التوصل الى اتفاق على المرحلة الثانية سيتم اطلاق سراح المخطوفين الباقين.

——————————————-

هآرتس 24/6/2024  

بين المعسكر الذي يريد أن يتوقف وذاك الذي يدفع الى اسقاط النظام، نتنياهو يحتفل

بقلم: حاييم لفنسون 

بعد 12 يوم على الحرب يمكن تحديد المعسكرات السياسية في دائرة متخذي القرارات. من جهة، هناك مجموعة دادي برنياع – رومان غوفمان ويسرائيل كاتس (حسب ترتيب اهميتهما)، وهناك المجموعة الهزلية للوزيرة غيلا جملئيل التي تؤيد استمرار الهجمات على أمل أن تسقط هذه الهجمات النظام في ايران.

رون ديرمر، بدعم آريه درعي، يريد انهاء هذا الحدث مع الأمريكيين. نتنياهو كالعادة يوجد في الوسط، مرة يستمع الى هذا ومرة يستمع الى ذاك، وينتظر رؤية الى اين ستتدحرج الأمور. هو في حالة نشوة، التي تتقزم امام أيام البومات النصر ويقضي الوقت في مقابلات لقطيع المتملقين له. حسب ديرمر فان العملية في ايران اوشكت على استنفاد نفسها، والدعم الأمريكي كامل، ولا توجد حاجة الى مواصلة المغامرة اللانهائية. في الاقوال العلنية التي تقال في واشنطن، سواء من قبل الرئيس ترامب ونائبه ووزير الدفاع ووزير الخارجية، فان العملية الامريكية، بالأساس في فوردو، هي عملية لمرة واحدة وهدفها هو تدمير النووي الإيراني ليس أكثر. من صباح الغد يمكن ابتلاع الفشل والعودة الى طاولة المفاوضات، وتفكيك المشروع النووي، وتبني نهج جديد بين الشعوب. في مقابلات أيام الاحد في التلفزيون في الولايات المتحدة قال نائب الرئيس جي دي فانس بشكل صريح بأنه ليس لواشنطن أي مصلحة في تغيير النظام، وهي الكلمات المكروهة على اليمين الانعزالي في أمريكا منذ فترة تغيير النظام في العراق وفي أفغانستان، الامر الذي جر تعقيدات ومشاكل. 

بين واشنطن والقدس يتطور سيناريوهان. الأول يتحدث عن استسلام رسمي لإيران. في الفترة الأخيرة تم نقل رسائل من جهات حكومية في ايران بطرق دبلوماسية، وبحسبها اذا توقفت إسرائيل عن المهاجمة، حتى بهدوء، فيمكن التحدث. مع ذلك، من غير الواضح اذا كان هذا الاقتراح مقبول على الزعيم الأعلى خامنئي، الذي حسب بعض التقارير هو مقطوع عن الاتصال. دائرة المقربين الإسلاميين المخلصين له تشير الى انه لا توجد له أي مصلحة في ذلك. السيناريو الثاني هو وقف اطلاق النار من جانب واحد. إسرائيل، بدعم من الولايات المتحدة، ستعلن عن انهاء الهجوم في ايران وأنه تم تحقيق اهداف العملية. واذا استمرت ايران في اطلاق اكثر من رشقة رمزية فهذا سيمكن النظام من بيع لمؤيديه “نحن انتصرنا”، وإسرائيل ستبدأ في تدمير بصورة ممنهجة رموز النظام، التي بشكل متعمد لا تقوم بمهاجمة الآن بيت/ مكتب خامنئي ومبنى البرلمان وما شابه.

خلال ذلك في إسرائيل ينتظرون مشاهدة ماذا ستفعل ايران ردا على الهجوم الأمريكي. أمس قامت بمهاجمة بشكل مكشوف ومتوقع وغير هام، باستثناء الدعاية الداخلية، قاعدة العديد الامريكية في قطر. وعلى الفور قامت بالاعتذار من قطر. في “نيويورك تايمز” نشر ان الهجوم كان بالتنسيق. وهو هجوم يذكر بالرد على تصفية قاسم سليماني، الذي يمكن النظام من القول “نحن هاجمنا بسم الله” من اجل اقناع المقتنعين ومواصلة الحياة بدون تقويض النظام. لا يوجد لدى ايران أوراق هجومية كثيرة. اغلاق مضيق هرمز سيكون بمثابة انتحار، ومن غير المؤكد كم هذا قابل للتطبيق إزاء التواجد الكثيف للولايات المتحدة في المنطقة. اغلاق المضيق يعني أيضا وقف سفن الغاز السائل لقطر، وهي من الحلفاء القلائل الذين بقوا لإيران في العالم.

حتى الآن صناعة النفط ما زالت خارج اللعبة، من خلال مصلحة أمريكية – إيرانية مشتركة. اذا كان ما زال يريد البقاء من ناحية اقتصادية فان فتح حرب تشمل البنى التحتية للطاقة سيدمر مستقبله. بناء على ذلك يمكن ان تحاول ايران القيام برد محدود ومحسوب على شاكلة الرد على تصفية سليماني في 2020، الذي كان في أساسه مهاجمة القوات الامريكية في الخليج للقول “نحن هاجمنا وانتقمنا بسم الله”، بدون الانجرار الى تصعيد واسع. أول امس أصدرت السفارة الامريكية في قطر بيان استثنائي لرعاياها وطلبت منهم البقاء في أماكنهم لدواعي الحذر. البيان يعكس الخوف الأمريكي من مهاجمة قاعدة العديد بمسيرات إيرانية.

امام هذا المحور يوجد في إسرائيل محور آخر يريد اسقاط النظام في طهران. وكما نشر في “هآرتس”، فان الهجمات في هذا الأسبوع يمكن أن تدفع قدما بهذا الهدف: تدمير قدرة النظام على مهاجمة المعارضة. هذه الاقوال العلنية المتغطرسة لوزير الدفاع يسرائيل كاتس، الذي يعد بنهاية خامنئي ونظامه تزيد التخوف من أن يرغب الجيش في زيادة الهجمات، وحتى دعم من الجو الانقلاب اذا شاهد أن هذا الامر أصبح واقعي. عمليا، إسرائيل تقول للمعارضة بكل طريقة: “انهضوا واذهبوا وشاهدوا طهران”. وزيرة العلوم والتكنولوجيا التي لمعت منذ اندلاع الحرب نشرت أمس فيلم بهذه الروحية. مع ذلك، حسب قول مصدر إسرائيلي مطلع على الاحاطات التي تعطى للوزراء فان إسرائيل لا تلاحظ أي انخفاض في ثقة “النواة الحاكمة” في ايران في اعقاب الحرب أو أصوات داخل الحرس الثوري، أو القيادة العسكرية العليا فيما يتعلق بتغيير النظام. نتنياهو ما زال يحذر من هذا الخيار، بسبب احترام الأمريكيين وأيضا بسبب الشك بأن هذه العملية، سقوط النظام، يمكن أن تحدث في الفترة القريبة القادمة.

 —————————————–

معاريف 24/6/2024

ترامب ضمن مكانه في التاريخ

بقلم: زلمان شوفال

دونالد ترامب قرر العمل. ربما قرر من قبل، وببساطة أراد ان يفاجيء، وربما، مثلما قال الجنرال الأمريكي ورئيس السي.اي.ايه سابقا باتريوس كانت حاجة لفترة زمنية معينة كي يعد المعركة. في فوردو ترامب ضمن مكانه في التاريخ وأكد من جديد أيضا، بخلاف كل النبوءات دور الولايات المتحدة ليس فقط كشرطي العالم بل وأيضا كالسور الواقي المتقدم للعالم الحر. وينبغي الافتراض بان هذه الرسالة استوعبت في بيجين وفي موسكو أيضا. 

الضربة لفوردو ومواقع إيرانية أخرى لم تكن حدثا عسكريا فقط بل مؤشر لما سيأتي من ناحية الانتشار الجغرافي السياسي في الشرق الأوسط. كما أن القرار الأمريكي للعمل ضد ايات الله يوفر مبررا قاطعا للاستراتيجية الأمنية والسياسية لحكومة إسرائيل برئاسة بنيامين نتنياهو الذي كان هدفها عزل ايران، تثبيت حقائق عسكرية في الميدان بقواها الذاتية في المرحلة الأولى، وبالاستناد المحتمل، وان لم يكن المؤكد، الى الشراكة الامريكية في المرحلة الثانية.

صحيح أن الحرب لا تقاس وفقا للانتصارات او الإخفاقات في اثنائها بل فقط وفقا لنتائجها السياسية. الاختبار التالي لترامب وكذا لنتنياهو سيكون نجاحهما في ترجمة الإنجازات العسكرية الى نهاية قاطعة للطموحات الهدامة للحكم الإيراني وفي اعقاب ذلك تحقيق انتشار سياسي جديد في الشرق الأوسط كله، وربما وراءه. 

الأيام التي سبقت قرار ترامب كانت بعيدة من ان تكون لا لبس فيها. ففي الحزب الجمهوري دار صراع مبدئي وعملي بين معسكر كبير رأى نفسه حارس جمرة أيديولوجيا Maga (لنجعل أمريكا عظيمة مجددا)، وبين معسكر تقليدي اكثر في الحزب. لترامب، في ولايته الأولى أيضا كانت نواقص صقرية وهو حتى لم يعارض مبدئيا تدخلا في نزاعات دولية. لكنه لا يزال يفضل الطرق الدبلوماسية. في موضوع ايران يبدو أنه توصل الى الاستنتاج بانه لا يوجد أي احتمال لتحقيق هدفه بدون عمل عسكري. من هذه الناحية هو ليس بعيدا عن هنري كيسنجر الذي ادعى بان الخطوات الدبلوماسية ستكون اكثر فاعلية اذا ما وقفت خلفها قوة عسكرية. 

كل هذا كان لم يعجب المعسكر الانعزال المتطرف في الحزب الجمهوري، الذي يستمد الهامه من التيارات العنصرية في الثلاثينيات والاربعينيات من القرن الماضي ممن سجدوا للحكم النازي في المانيا. كما أن المشاعر اللاسامية ليست نادرة لديهم. أناس بارزون في قمة هذا المعسكر هم ستيف بانون، من مستشاري ترامب سابقا ممن ادعوا بان “يهود امريكيون لا يدعمون Maga هم أعداء من الداخل”، وعضو مجلس النواب مارجوري تايلور جرين، التي اشارت الى أن “هذه لحظة الحقيقة للمعسكر الانعزالي، وكل من يسيل ريقه بامل ان تشارك الولايات المتحدة في حرب إسرائيل وايران هو ليس أمريكا أولا”. كما اتهم عائلة روتشيلد بالتسبب بحرائق الغابة في كاليفورنيا وهاجمت منظمات يهودية مختلفة، بما فيها جمهورية و “مسيحيين متحدين من اجل إسرائيل”، بمؤامرات تذكر ببروتوكولات حكماء صهيون. 

تدعي هذه الشخصيات بان قاعدة ترامب لا تؤيد مواقفه في موضوع ايران والانضمام الى الحرب سيؤدي الى نهاية رئاسته. رغم أنه يوجد في القاعدة قسم يعتقد ذلك، وقسم آخر، اكبر، هو المعسكر الافنجيلي – وهو بالذات يؤيد انضمام الولايات المتحدة الى الجهد الحربي لإسرائيل. 

اللاسامية هي احدى العلائم البارز في الصراع الداخلي في الحزب الجمهوري. لكن الموضوع الأساس هناك كان الاعتراضات في قسم كبير من الجمهور الأمريكي بتدخل الولايات المتحدة في الحرب ضد ايران. اغلبية كبيرة في الرأي العام وان كانت تعارض ايران نووية، لكنها ليست بالضرورة تؤيد الحرب ضدها. هذا يمكن أن يتغير، مثلما كان في حروب الماضي، بعد أن حسم الامر وسقطت القذائف على مراكز التهديد النووي في ايران.

يوجد ائتلاف غريب بين اليمين المتطرف في الحزب الجمهوري واليسار المتطرف والاقل تطرفا في الولايات المتحدة في موضوع الحرب ضد ايران. السناتور بيرني ساندرس، عضو مجلس النواب الكسندرا اوكزيا كورتيز وتوماس مارسي، الجمهوري الوحيد في مجلس النواب الذي يعارض المساعدة لامنية لإسرائيل ورفض التصويت الى جانب قرار يشجب اللاسامية، ارتبطوا معا لطرح مشروع قرار ضد التدخل في الحرب. لهذا القرار لم يكن احتمال بان يجاز من قبل. وبالتأكيد ليس له احتمال الان. لكن ليس واضحا أي عصي قد يحاول هذا الائتلاف ان يدخلها في دواليب خطوة ترامب.

في الحزب الجمهور لا توجد اليوم زعامة، ويدور فيه صراع بقاء بين التيار المركزي والجناح اليساري الراديكالي الذي يتهم أيضا بالمسؤولية عن الفشل في الاتهامات. وفيما يحسم مستقبل الحزب الجمهوري، ولعله حسم منذ الان من قبل الرئيس ترامب نفسه.

——————————————

هآرتس 24/6/2025

إسرائيل تهاجم وسائل الإعلام بذريعة “أمن الدولة”..المسمار الأخير في نعش حرية الصحافة

بقلم: أسرة التحرير

أضحت حرية الصحافة في إسرائيل تحت الهجوم؛ فقد كشفت “هآرتس” النقاب عن أن المستشار القانوني للشرطة رفع تعليمات جديدة لأفراد الشرطة، تمنحهم صلاحيات بتوقيف وحتى باعتقال صحافيين، للاعتقاد أنهم يوثقون ساحات سقوط “من مواقع أمنية استراتيجية أو من أماكن قريبة منها”. غير أن التعليمات لا تنطبق فقط على مواقع سرية، بل، كما أوضحت الوثيقة “في حالات مناسبة، تبعاً للتفكر التفصيلي” – أي حسب النظرة الذاتية لكل شرطي، بكل رتبة.

يدور الحديث عن تعليمات تعسفية. يكفي أن يشعر شرطي ما بأن الحديث يدور عن موقع “حساس”، حتى وإن لم يكن كذلك، حنى يستخدم صلاحيات بعيدة الأثر ضد طواقم إعلامية – من توقيف للتحقيق وحتى الاشتباه بمخالفات أمنية خطيرة. تحت رعاية الدفاع عن أمن الدولة، أعطي ضوء أخضر لممارسة قوة تعسفية ضد الصحافيين. وعن حق وصف اتحاد الصحافيين والصحافيات التعليمات الجديدة كـ “المسمار الأخير في نعش حرية الصحافة الإسرائيلية” وطلب من مفتش عام الشرطة، داني ليفي، إلغاءها فوراً. هذه التعليمات لم تولد في فراغ؛ فقد سبقتها مبادرة الوزيرين بن غفير وشلومو كرعي، بإلزام وسائل الإعلام الأجنبية بالحصول على إذن مسبق من الرقابة لنشر توثيقات من ساحات الإصابة – خطوة بلا أساس قانوني، لم تكبح مؤقتاً إلا بتدخل المستشارة القانونية للحكومة غالي بهرب ميارا. لكن بوتيرة الأحداث الحالية، وفي ظل قبول الحرب، يبدو أنها مسألة وقت فقط إلى أن تزاح هي الأخرى، إلى جانب كل من يتجرأ على لجم نزعة السيطرة عديمة الكوابح لدى الحكم تحت غطاء “أمن الدولة”.

منذ بداية القتال، يبلغ صحافيون أجانب، وأساساً من وسائل إعلام عربية، عن معاملة معادية من جانب الشرطة، بما في ذلك منع الوصول إلى الساحات. كما أن بن غفير طلب حتى من القائم بأعمال رئيس “الشاباك” (!) العمل ضد هيئات إعلامية “تعرض أمن الدولة للخطر”، أي على حد تعبيره، بمجرد بثها.

كما أن الميليشيات شبه الرسمية التي ينميها الوزير لا تبقى على الحياد؛ فأول أمس في تل أبيب، ارتجلت ثلة تأهب برئاسة “الظل” (يوآف الياسي) حاجزاً في ساحة سقوط، وأوقفت صحافيين أجانب في ظل مظاهر الرعونة، وبتدخل الناطق بلسان لواء تل أبيب أتيح للصحافيين الدخول إلى المكاتب. وأوضحت الشرطة بأثر رجعي بأنه “تم تأكيد التعليمات”، ووجهت ثلل التأهب بألا يتعاملوا مع الصحافيين.

الحرب زمن معد للشغب في كل ما يتعلق بحقوق المواطن، لكن عندما تجري على خلفية محاولة انقلاب نظامي كبح مؤقتاً فقط عقب 7 أكتوبر، بات التهديد على الديمقراطية مزدوجاً ومضاعفاً. على المستشارة القانونية، ومنظمات المجتمع المدني، والإعلام نفسه والمعارضة أن تقف بالمرصاد.

—————–انتهت النشرة—————–