
المسار …
تتفاقم معاناة مزارعي الخضار في الضفة الغربية المُحتلة، جراء انهيار أسعار الخُضار بسبب تكدس المحصول، وعدم قدرة الأسواق المحلية على استيعاب كميات الانتاج الزراعي من الخُضار، تبعاً لحالة الإغلاق الشامل والحصار الجائر المفروض على الفلسطينيين، وذلك على وقع المواجهة العسكرية بين “إسرائيل” وإيران، واستمرت لـ12 يوماً مُتتالية، قبل الإعلان عن التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار بين الطرفين صباح أمس الثلاثاء.
وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مشاهد صادمة لمزارعين في محافظة جنين وهم يتلفون كميات كبيرة من محصول الخيار، بعد تعذر تسويقه نتيجة الإغلاقات الإسرائيلية المشددة، حالُهم بذلك حالُ بقية المزارعين في مختلف مناطق الضفة.
– مُعاناة مُزارعي الخُضار ليست وليدة المواجهة العسكرية بين “إسرائيل” وإيران.. بدأت قبل السابع من أكتوبر 2023
المزارع أمجد بدران من سهل دير الغصون في طولكرم، يقول إن معاناة مُزراعي الخُضار في الضفة، ليست وليدة المواجهة العسكرية بين “إسرائيل” وإيران، بل إنها ممتدة منذ السابع من أكتوبر 2023، وقبل ذلك التاريخ أيضاً، مُشيراً إلى تفاقم الأزمة عقب قرار الاحتلال إغلاق الضفة بشكل كامل فجر السبت 14 حزيران الجاري، ومنع المزارعين من الوصول إلى أراضيهم الزراعية.
– “إسرائيل” تفرض حصاراً غير مُعلن على كميات الانتاج الزراعي من الضفة، التي يتم توريدها إلى أسواق الداخل المحتل
وفي حديثه لـ”نشرة وطن الاقتصادية”، وتبث عبر شبكة وطن الإعلامية، يقول بدران إن ضعف القدرة الشرائية تبعاً للظروف الاقتصادية والمعيشية الراهنة، أثرت بشكل كبير على استيعاب الأسواق المحلية للمُنتجات الزراعية، في الوقت الذي تفرض فيه “إسرائيل” حصاراً غير مُعلن على كميات الانتاج الزراعي من الضفة، التي يتم توريدها بشكل يومي إلى الأسواق الإسرائيلية، لافتاً إلى إرجاع حمولة من سوق بيتا المركزي كانت في طريقها إلى أسواق الداخل المُحتل، صباح الأحد الماضي، فيما يتحمل المزارعون تكلفة النقل، وهو الأمر الذي يؤدي إلى تفاقم مُعاناتهم وخسائرهم.
– “تسعيرة جائرة”.. الفارق السعري بين خضار الضفة والخُضار الإسرائيلية يصل إلى 60%
وتستوعب الأسواق الإسرائيلية كميات الانتاج الزراعي من الضفة، وفقاً لمعادلة احتساب جائرة “تسعيرة جائرة”، لا تتجاوز في أحسن أحوالها 40% من السقف السعري المُحدد في “إسرائيل”، وبذلك يصل الفارق السِعري بين المُنتجات الزراعية الإسرائيلية والمُنتجات الزراعية من الضفة إلى 60%، يقول بدران.
ويُشير إلى أن التسعيرة الجائرة للمُنتجات الزراعية الفلسطينية المُوردة إلى الأسواق الإسرائيلية، معمولٌ بها منذ سنوات طويلة.
ويجري كلُ ذلك في ظل غياب أي حراك فلسطيني جدي، لفتح آفاق جديدة للمُنتجات الزراعية الفلسطينية، فأصل الأمر أن يُقابل التبخيس بالترك والانفكاك، والتوجه إلى أسواق واعدة في الإقليم.
– فشلُ التصريف وتكلفة التشغيل .. خسائرُ مركبة
ولا تقتصر خسائر مزراعي الخُضار في الضفة على عدم قدرتهم على تصريف المُنتجات، تبعاً للحالة الراهنة، بل تمتد لتشمل أيضاً التكلفة التشغيلية للمزرعة، وما اتصل بذلك، وحول ذلك يقول المزارع أمجد بدران إن مُزارعي الخُضار يضطرون لتحمل تكلفة الري والتسميد ومكافحة الأعشاب الضارة وأجور العاملين، في ذات الوقت الذي يعجزون فيه عن تصريف مُنتجاتهم.
ويُضيف بدران الذي يزرع 5 دونمات من الخيار في سهل دير الغصون: محصول الخيار حساسٌ وسريع التلف، ولا يمكن تخزينه لأكثر من يومين، لذلك نحن مضطرون إلى إتلاف المحصول بعد أن تعذر بيعه أو حتى نقله إلى الأسواق، وهذا يعني أننا نخسر تكلفة الزراعة والعمل والنقل دون أي عائد.
وقبل عدة أيام أطلق مُزراعو الخُضار في سهل دير الغصون بطولكرم نداءً عاماً للراغبين بالتوجه إلى السهل، وقطف محاصيل الخيار والبندورة والكوسا والفلفل الحار والحلو، وذلك بهدف الحفاظ على حياة النبات “الأمهات” واستمرارية المزرعة، حيث إن التأخر في القطاف أو عدم القطاف يؤثر بشكل سلبي على قدرة النبات على الإثمار.
– وزارتا الزراعة والاقتصاد الوطني .. تقصيرٌ وغيابٌ غيرُ مبرر
وعن الحلول المُمكنة واللازمة، يُشدد بدران على ضرورة تحمل الجهات ذات الاختصاص وفي مقدمتها وزراتي الزراعة والاقتصاد الوطني، مسؤولياتهما في سبيل تعزيز صمود المُزراعين وتثبيتهم في أراضيهم، من خلال دعم المُستلزمات الزراعية والمياه والأسمدة، بما يضمن تحقيق توازن بين تكلفة مُدخلات الانتاج والأسعار النهائية للمُستهلكين في الأسواق، ويُناط أيضاً بوزراة الاقتصاد الوطني مراقبة الأسعار وضبط الأسواق.
وفي ختام حديثه يوجه ضيفنا رسالة شكر فيها طواقم الإغاثة الزراعية في طولكرم، التي عملت على قطاف المحاصيل الزراعية وتغليفها، وتسييرها إلى العائلات النازحة قسراً من مخيمي طولكرم ونور شمس، جراء العدوان الإسرائيلي المتواصل على المُخيمين للشهر الخامس على التوالي.