
افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات |
هآرتس/ ذي ماركر 29/6/2025
تفوق اقتصادي أم نشوة لحظية؟ كيف يشرحون القفزة الحادة للشيكل
بقلم: ايتان افريئيل
ان تعزز سعر الشيكل الاسرائيلي امام الدولار الامريكي منذ بداية الهجوم الاسرائيلي في ايران، هو حدث اقتصادي مالي سيتحدثون عنه وسيفحصونه ويحللونه لفترة طويلة قادمة. وهاكم الارقام: عشية الحرب تراوح سعر الدولار 3.5 شيكل. عند بداية الحرب ارتفع سعر الدولار ووصل 3.65 شيكل. ولكن بعد ذلك الشيكل عرض احد عمليات التعزز الاكثر حدة في السنوات الاخيرة، ووصل الى 3.38 شيكل للدولار في نهاية الاسبوع الماضي – قفزة 7.5 في المئة في غضون اسبوعين.
هذا تذبذب يطرح عدة اسئلة. من هم الاشخاص الذين باعوا في الفترة الاخيرة الدولارات مقابل الشواقل بشكل كبير جدا؟ هل نتائج الحرب وحجم الاضرار بالمشروع النووي الايراني، الذي ما زال يلفه عدم اليقين، تبرر حقا الارتفاع الحاد لسعر الشيكل؟ ماذا حدث لتاثير الانقلاب النظامي الذي افتتح منحى ضعف الشيكل؟.
1- ماذا حدث للدولار؟
بالذات في الاسبوعين الاخيرين انخفض سعر الدولار الامريكي بشكل حاد استثنائي امام جميع العملات الاخرى، بعد ارتفاع عند بداية الهجوم الاسرائيلي في ايران، لكونه “عملة الملاذ” لايام الحروب وعدم اليقين. ومقابل ارتفاع اسعار النفط في الاسبوع الماضي الدولار هبط 1.6 في المئة امام سلة العملات الاخرى، حضيض لم يصل اليه منذ ثلاث سنوات.
سبب ذلك هو منحى قوي لانتقال اموال واستثمارات من الولايات المتحدة الى شراء سندات في آسيا واوروبا بعشرات مليارات الدولارات منذ بداية السنة بسبب برنامج الضرائب والادارة الاقتصادية الفوضوية لترامب. هذا منحى يضر بشكل قاس بالدولار. حسب مؤشر دي.اكس.واي، الذي يقيس الدولار امام سلة عملات اخرى، الدولار فقد منذ بداية السنة ما لا يقل عن 10 في المئة من قيمته، وهو الهبوط الاكثر حدة بالنسبة للعملة الامريكية منذ بداية سبعينيات القرن الماضي.
المعنى هو ان جزء كبير من تعزز قيمة الشيكل في الاشهر الاخيرة، وبالتاكيد في الاسبوع الماضي، هو نتيجة ضعف الدولار، بدون صلة بما يحدث عندنا. يتبين أن المستثمرين المؤسسين الكبار في العالم ما زالوا لا يحبون ما يفعله ترامب للاقتصاد الامريكي، وهم يعتقدون ان الدولار سيواصل الضعف.
2- ما الذي ادى الى ارتفاع وول ستريت؟
الظاهرة المعروفة التي وصفت هنا عدة مرات، وهي انه في الوقت الذي ترتفع فيه البورصة الامريكية فان الاجسام المؤسساتية في اسرائيل تضطر الى بيع الدولارات في الاسواق المالية الثانوية من اجل تجنب اخطار العملة في صناديق مدخرات التقاعد العامة في اسرائيل، لان جزء كبير منها مستثمر في اصول في الخارج.
في الاسبوعين الاخيرين البورصة الامريكية لم تتوقف عن الارتفاع. فمؤشر “اس.آند.بي 500” ارتفع 3.4 في المئة، وسجل في يوم الجمعة الماضي رقم قياسي جديد. مؤشر ناسداك حقق ارتفاع 4.2 في المئة وسجل رقم قياسي جديد – كل ذلك اجبر المستثمرين المؤسسين على بيع الدولارات، وهو الاجراء الذي دفع الشيكل الى الارتفاع.
ما الذي ادى الى هذه الارقام الجديدة؟ التجار في وول ستريت اشاروا، ليس حسب الاهمية، الى انهاء الحرب بين اسرائيل والولايات المتحدة وبين ايران، وتوقع انخفاض الفائدة الدولارية والامل في عقد اتفاقات تجارية قريبة بين الولايات المتحدة والصين، واستئناف الانفعال من الارباح المستقبلية للشركات الضخمة في فرع الذكاء الاصطناعي.
3 – تفاؤل في الغرف التجارية
حسب تقارير تجار العملة الاجنبية فان معظم بائعي الدولارات اثناء حرب الـ 12، كانوا جهات اسرائيلية برئاسة المدراء الماليين في شركات تصدير، من بينها شركات امنية، سوية مع عدد لا بأس به من اللاعبين المراهنين. لاعبو العملة الاجانب، غرف الصفقات في البنوك الكبيرة، وصناديق التحوط كانوا في هذه المرة اقل سيطرة واختاروا الانتظار وفحص نتائج الحرب. يتبين أن الاسرائيليين كانوا متفائلين منذ اللحظة التي اندلعت فيها الحرب، وهم الذين قادوا ما سمي بـ “هبوط رسوم المخاطر الجيوسياسية لاسرائيل”. في الوقت الذي يوجد فيه العالم علامات استفهام حول كل ما يتعلق بالضرر بعيد المدى الذي لحق بالمشروع النووي الايراني، وكذلك ايضا مصير الـ 400 كغم من اليورانيوم المخصب، فان الاسرائيليين احتفلوا وقاموا بشراء الشواقل.
التفاؤل الاسرائيلي يمكن حسابه بواسطة بيانات السلة الاسمية الفعالة، وهو رقم يحسبه البنك الاسرائيلي كل يوم من اجل فحص قوة الشيكل امام كل العملات. سعر الشيكل الاسمي الفعال انخفض منذ بداية الحرب من 75 نقطة ووصل الى 71 نقطة، وهو تعزز 5.5 في المئة. وهكذا عاد الى المستوى الذي كان فيه في 2022، التي كانت سنة جيدة بالنسبة لاقتصاد اسرائيل بفضل الطفرة الكبيرة في قطاع الهايتيك، وسنة ذروة في رقم الدولارات التي ضخها المستثمرون الاجانب للشركات الاسرائيلية. وتوقع من قام بشراء الشواقل الى حد كبير هو انه بدرجة معينة سيعود تدفق هذه الاموال التي انخفضت من 29 مليون دولار الى 17 مليون دولار في 2024، الى النمو بسرعة.
4- المؤشر الذي يظهر ان مخاطر اسرائيل انخفضت
بنفس الدرجة يمكن قياس انخفاض علاوة المخاطر في اسرائيل من خلال انخفاض سعر تامين السندات الحكومية امام حدث التخلف عن التسديد، الذي انخفض 10 في المئة، ويبلغ الآن 90 نقطة مقارنة مع 100 نقطة في وقت الهجوم الصاروخي الاول لايران في نيسان السنة الماضية، وبالمقارنة مع 56 نقطة عشية 7 اكتوبر 2023. يبدو ان هذه العلاوة تعكس وضع السوق الدولية لانها تحسب بناء على العرض والطلب للسندات التي اصدرتها اسرائيل في الخارج، لكن في الواقع يحتفظ المستثمرون الاسرائيليون بعدد كبير من هذه السندات، وبدرجة كبيرة هم الذين يملون سعرها وسعر تامينها.
بكلمات اخرى، التفاؤل الاسرائيلي تم التعبير عنه ايضا باسعار الاصول الاسرائيلية التي يتم بيعها في الخارج. هذه العوامل الثلاثة – ضعف الدولار في الخارج والرقم القياسي في البورصة الامريكية، وبالاساس مع اعتبر في اوساط المستثمرين كانتصار في ايران – هي الاسباب الاساسية للعملية الكبيرة التي قام بها الشيكل الاسرائيلي.
5 – ضعف الديمقراطية سيضر على المدى البعيد
صحيح انه حتى الان الدولار، سعر السلة الاسمي الفعال واسعار الاسهم في البورصة والسندات عادت تقريبا الى المستوى الذي بيعت فيه قبل 4 كانون الثاني، الموعد الذي فيه اعلن وزير العدل ياريف لفين عن الانقلاب النظامي، وتحدى الديمقراطية الاسرائيلية وجعل كل مؤشرات الثقة المالية في اسرائيل تتخلف وراء كل العالم، رغم ان الانقلاب النظامي يتواصل. المستشارة القانونية للحكومة، غالي بهراف ميارا، قالت قبل شهر ان “طريقة الحكم في اسرائيل تتغير امام انظارنا. هذا ليس تحذير للمستقبل، بل هذا هو الواقع”.
كيف يمكن ان يحدث ذلك؟ هناك احتمالان. الاول، اقتصاد اسرائيل قوي جدا الى درجة انه يمكن العمل بشكل جيد حتى خلال حرب طويلة، وحتى لو كانت غير ديمقراطية، خلافا للتقديرات ورسائل مئات الاقتصاديين وما كتبه عشرات المحللين.
الثاني، الاجراءات الاقتصادية تستغرق وقت طويل، وهكذا فانه على المدى القريب وحتى المتوسط فان الاضرار على الاقتصاد لا تظهر حتى الآن في البيانات الكلية والمؤشرات المالية. ولكن بعد بضع سنوات هي ستظهر وربما حتى بشكل حاد. اذا حدث ذلك فان الدولار، البورصة، السندات وعلاوة المخاطر، ستعكس على الفور الواقع الجديد.
——————————————-
إسرائيل اليوم 29/6/2025
هكذا أصبحت إسرائيل قوة عظمى اقليمية
بقلم: أمير كهنوفيتس
على مدى تاريخ الشرق الأوسط كان مفترق جغرافي – استراتيجي من المنافسة بين القوى العظمى. تركيا تتطلع لاستعادة مجد الإمبراطورية العثمانية، روسيا مجد الاتحاد السوفياتي، ايران بسطت فروعها في أجزاء واسعة من المنطقة. السعودية، قطر والامارات حاولوا التأثير بطريق اقتصادية وثقافية. كما أن القوتين العظميين الولايات المتحدة والصين، حاولتا املاء جدول الاعمال في المنطقة.
مقابل كل هذه الدول لم تحاول إسرائيل في أي مرة التأثير او السيطرة. تطلعها الأساس كان بالأساس البقاء على قيد الحياة، ان يعترفوا بها على الاطلاق الا يطيروها من الايرفزيون. لكن عندها وقع شيء ما. بالذات عندما حاول اعداؤها ابادتها، بدأت تطلق اذرعها نحو اعدائها الواحد تلو الاخر – غزة، لبنان، سوريا، ايران – الى أن فتحت عيونها ورأت ان الشرق الأوسط ممدودا لسيطرة طائراتها.
دون ان تقصد، الان هي القوة العظمى السائدة في المنطقة. ذات اقتصاد حديث يستند الى التكنولوجيا، نجحت في بناء علاقات دبلوماسية مع دول عربية اتسعت مع اتفاقات إبراهيم والى جانب ذلك تقيم مثل هذه العلاقات مع كل القوى العظمى الكبرى (الصين، أوروبا، الولايات المتحدة والهند). علاقاتها مع الولايات المتحدة استثنائية جدا وارتفعت الى مرحلة عالية اكثر بعد أن نجحت، ضد كل الاحتمالات، ان تجر الإمبراطورية الأكبر في العالم الى الحرب التي هي نفسها بادرت اليها ضد ايران.
سلوك الدول يشهد
مشوق بقدر لا يقل ما حصل مع الهند. هذه الدولة، التي حافظت في الماضي على حيادية في النزاع الشرق اوسطي، اختارت ان تحرف سياستها الخارجية لصالح إسرائيل، وبقوة. رغم ان السيطرة الأكبر لإسرائيل هو تفوقها العسكري. فبعد الاستعراض في الشرق الأوسط، تعد إسرائيل اليوم القوة الأمنية الأقوى واكثر ردعا في المنطقة.
دليل على الرعب الذي تفرضه إسرائيل هو رد فعل دول عديدة. الباكستان أوضحت بانها لا تساعد ايران بل وأغلقت الحدود معها. روسيا، التي وقعت مع ايران على “اتفاق شراكة استراتيجية”، وقفت جانبا. عندما سُئل بوتين عن إمكانية ان نساعد ايران، لم يتحدث عن الالتزام لإيران بل تملق لإسرائيل: “هي دولة تكاد تتحدث بالروسية”. تركيا هي الأخرى ذعرت ورجب طيب اردوغان اعلن عن برنامج لزيادة انتاج الصواريخ.
الأوروبيون هم الاخرون فاجأوا بتغيير النهج. المانيا قالت ان إسرائيل “قامت نيابة عن العالم بالعمل القذر”. وسياسي آخر اعلن “نحن مستعدون للدفاع عن امن إسرائيل بحياتنا”. حتى فرنسا ماكرون، الذي لم يفوت الفرصة للتنكيل بإسرائيل، شاركت في الإعلان بانها “تؤيد حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها”. كل هذا يدل على تغيير مكانة إسرائيل في العالم وتحولها الى قوة عظمى إقليمية ينبغي مراعاتها بل والخوف منها.
السوق المالية قالت كلمتها
بخلاف القول انه “في الحرب لا يوجد منتصرون”، فان الأسواق المالية تفكر بشكل مختلف. فتحليل حالات تاريخية لمنتصرين واضحين في الحروب يبين انهم على نحو شبه دائم نجحوا في قطف ثمار كثيرة من مكانتهم العالمية الجديدة. في السنة الأخيرة ارتفع جدول تل أبيب 125 بأكثر من 50 في المئة، وبرز جدول تل أبيب – المالية مع ارتفاع بمعدل 112 في المئة. هذا الارتفاع اعلى دراماتيكيا من جداول عالمية – S&P 500 ارتفع بـ 10.3 في المئة فقط، وبالتوازي تعزز الشيكل حيال الدولار بأكثر من 10 في المئة.
شركات مسجلة للتداول في البورصة هي بالذات تلك التي من المتوقع لها أن تكون الرابحة الأكبر – شركات توزيع الغذاء بالمفرق، شركات التكنولوجيا العليا والبناء، البنوك وشركات التأمين، شركات الطيران الاسيرائيلية وبالطبع الأمنية. هبوط المنافسة مع شركات الطيران والنفقات الحكومية الكبرى ستتسلل الى الاقتصاد الخاص.
وكالات التصنيف الائتماني أيضا صدمت من إسرائيل. موديس تصنف إسرائيل في مستوى يحدد درجة المخاطرة بـ 150 نقطة لخمس سنوات، بينما في إسرائيل بقيمة 109 نقطة فقط. مع نشوب المعركة تجاه ايران كان يمكن أن نتوقع تخفيض آخر للتصنيف، لكن الشركات الثلاثة قررت ان لا. وبالتالي فانها تعترف بشكل غير مباشر بخطأها وبسوء تقديرها. صحيح حتى كتابة هذه السطور اعلن الرئيس ترامب عن وقف نار لكننا نتحدث عن اتفاق مع نظام جهادي اجرامي كفيل بان يبحث عن وقف نار ليس كي يحقق السلام بل كي يبني نفسه من جديد. هذا سيناريو يبرر استمرار توزيع الاستثمارات الجغرافية.
——————————————-
هآرتس 29/6/2025
ليس فقط في الصهيونية الدينية يوجد “آكلي الموت”، بل معظم الجمهور اصبح هكذا
بقلم: ايريس ليعال
على الفور بعد الاعلان عن وقف اطلاق النار، دخلنا بسرعة ونحن مصدومون ومتألمون ومجروحون الى نقاش محموم حول صحة مصطلح “آكلي الموت”، الذي ظهر في مسلسل “هاري بوتر”. نحن هنا نتحدث عن انصار اللورد فولد مورت، وهي جماعة عنصرية عنيفة تطمح الى اقامة حكومة عالمية تقوم على سيادة السحرة اصحاب الدماء النقية. في اسرائيل اصبح هذا المصطلح في اعقاب تشخيص عيدي انغرت، ضابطة الشرطة في لواء الكسندروني، لقب شائع لرجال الصهيونية الدينية.
مشاعرهم اصيبت، بالنسبة لهم حقيقة أن ممثليهم في الكنيست يعلنون انه بفضل الفرصة للتوسع الاستيطاني التي نشأت منذ 7 اكتوبر، نحن نعيش في “فترة معجزة”، لا تعني أنهم “آكلي موت”. ايضا ليس حقيقة انهم يعتقدون انه يجب التضحية بحياة المخطوفين لتجسيد حلم الاستيطان في قطاع غزة. حتى أن المستوطنين الذين لديهم دماء في عيونهم والذين اطلقوا النار الحية واحرقوا بيوت وسيارات في كفر مالك، لا يستحقون حسب رأيهم هذا الوصف.
الآن ايضا في اوساط الوسط – يسار سجل احتجاج. التعبير الموجه لقطاع كامل، الذي حارب سنتين تقريبا وتعرض لخسائر كثيرة، كما يقولون، هو تعبير شرير يجب وقف استخدامه.
بدرجة معينة هم على حق. من غير المنطقي تسمية رجال الصهيونية الدينية بهذا الاسم، لأن الحقيقة هي أن معظم الجمهور هم من “آكلي الموت”. لا يهمهم موت 17 ألف طفل في غزة، من بينهم رضع ولدوا للتو و50 ألف قتيل في غزة. وهم يجادلون في هذا العدد المخيف لأنه ورد عن وزارة الصحة الفلسطينية (في حين أن البيانات الحقيقية يبدو أنها اعلى من ذلك). الحديث يدور عن اشخاص معياريين الذين يشاهدون صور الاطفال الرضع وهم يحتضرون بسبب الجوع، ويبحثون عن ادلة تبين أن هذا نتاج الذكاء الاصطناعي. هم يصرخون عندما تقوم هذه الوحوش بضرب مستشفى سوروكا، لكنهم يبررون تدمير المستشفيات في غزة من قبل الجيش.
لكن التعبير الاكثر اثارة للدهشة، الذي يشير الى تحولنا الى مجتمع “آكلي الموت”، هو الجدية التي نناقش فيها الآن منح جائزة نوبل للسلام لترامب وبنيامين نتنياهو، وفحص فرصة فوزهما. وقد بذل رئيس مجلس السامرة، يوسي دغان، واصدقاء السامرة في الولايات المتحدة الذين بادروا الى حملة دولية لاعطاء الجائزة لهما، اللذان معا يشكلان القوة التي تضعضع الاستقرار ولا يمكن السيطرة عليها وتهدد استقرار المنطقة. هنا يوجد دعم شبه توافقي يقول بانه بعد الهجوم المشترك في ايران الذي اثارت نتائجه جدل واسع من حيث الاضرار بالمشروع النووي الايراني، وعلامات استفهام صارخة حول الاخطار التي رافقته والاسباب الخفية التي ادت اليه، يستحقان جائزة نوبل للسلام.
كثيرون هنا يعتقدون ان مذكرة الاعتقال التي اصدرتها محكمة الجنايات الدولية في لاهاي ضد نتنياهو بسبب جرائم ضد الانسانية وجرائم حرب، هي نكتة لاسامية، وأن الاكاديميا في النرويج ستمنع منح الجائزة للزعيم المسؤول عن سياسة التدمير والتجويع وقتل العائلات في خيام النازحين وقتل الجائعين في مراكز توزيع الغذاء، التي اصبحت حقول قتل. جهنم سيتم تجميدها ثلاث مرات، وجدتي ستبعث من بين الاموات قبل أن تمنحهم الاكاديميا في النرويج الجائزة، ولا يوجد أي احد تقريبا في العالم الحر يعتقد ان هذا يمكن أن يقبله أي عقل. ولكن الاسرائيليين لا يعرفون ما هي المشكلة. الحد الاقصى من الاحترام سيحصل عليه نتنياهو من البيت الابيض، عندما سيرفع هو وتوأمه كأس الشامبانيا المشترك، الذي سيعرضان بواسطته على العالم صورة للنصر بمحاكات للحرب، رغم الشك الذي يتصاعد في الخلفية حول مكان اليورانيوم المخصب. في الواقع يطلق الجيش النار على جمهور اعزل يتسول الغذاء، وفي الشبكات الاجتماعية الناس يصفون الصحيفة التي نشرت الشهادات بأنها معادية للسامية، بينما يسمع في الخلفية اعلان “نحن أمة الابطال الخارقين”. وكل ذلك في الوقت الذي نحن فيه أمة “آكلي الموتى” الذين انقطعوا طواعية عن الواقع.
——————————————-
هآرتس 29/6/2025
يمكن أن يفتح هنا فصل جديد، لكن القيادة في اسرائيل لا تفهم ذلك
بقلم: اهود باراك
يوجد لسلاح الجو والاستخبارات والموساد انجازات مدهشة في “حرب الـ 12″، التي هي مصدر تفاخر مبرر لكل اسرائيلي. لقد تم استئناف الردع، واثبتنا قدرة مدهشة على التخطيط والتنفيذ، وقدرة على اتخاذ القرارات في هيئة الاركان وفي المستوى السياسي. مكانة اسرائيل في المنطقة وفي العالم تعززت بشكل كبير.
لكن محظور الغرق في الوهم. فعلى الرغم من ستارة الدخان المصطنعة، التي تعتم الصورة، نحن لم نقم بالقضاء على التهديد النووي الايراني وتهديد الصواريخ، فقط قمنا بتأخير المشروع النووي، كما يبدو لبضعة اشهر، ايضا بفضل التدخل الامريكي. يوجد لدى الايرانيين اكثر من 400 كغم من اليورانيوم المخصب الذي يكفي لـ “اظهار القدرة” وتسليح عشرة رؤوس حربية. توجد اجهزة طرد مركزي لم تتضرر، معرفة، عدد كاف من العلماء والمواقع التي لا نعرف عنها. نحن اقوياء جدا، لكن لا يمكننا فعل كل شيء. يجدر بنا اظهار التواضع والاستعداد للفصول القادم.
ليت المفاوضات في هذه المرحلة تؤدي الى اتفاق جديد يضع قيود على ايران، قيود اكثر شدة من القيود في الاتفاق الاصلي. هذا سيكون صعب، بالاساس في اعقاب خطأ دونالد ترامب الكبير، الذي انسحب من المفاوضات حول الاتفاق في 2018 بالهام من بنيامين نتنياهو. ايران كانت في حينه على بعد 18 شهر من حالة “دولة عتبة نووية”. بعد ذلك اصبحت “دولة عتبة” – وهي ما زالت كذلك رغم الضربات الشديدة والانكار في واشنطن وفي القدس.
اذا لم يكن هناك أي تقدم من خلال المفاوضات فنحن يمكن ان يتم دفعنا الى حرب استنزاف مع ايران، سلاح الجو لدينا امام صواريخهم. الولايات المتحدة ستدعمنا من خلال التسليح والحماية من الصواريخ. لكن ليس عن طريق التدخل الهجومي. ايران يمكنها الحصول على منصات اطلاق وصواريخ من كوريا الشمالية أو الباكستان. هذا تحد غير بسيط لصواريخ اعتراضنا. كدرس من هذه الايام فان ايران يمكن ان تسرع تطوير المشروع النووي، ربما في ظل المفاوضات المتلعثمة.
نحن نقف على عتبة، الناجحة حتى الان، فصل جديد. ولكن ينقص اسرائيل قيادة تعرف انه لا يوجد أي انجاز عسكري دائم بدون دعم سياسي. لقد كان من الضروري حتى قبل اشهر كثيرة، وبالاحرى الآن على اساس الانجازات في ايران، ومن موقع قوة وثقة بالنفس، العمل على انهاء الحرب في غزة واعادة جميع المخطوفين، واستبدال حماس بجسم مشروع، بمشاركة الولايات المتحدة، مصر، الامارات والسعودية.
بخطوة استكمالية يجب على اسرائيل الانضمام الى التسوية الاقليمية الجديدة التي يعرضها ترامب، التي تشمل التطبيع مع السعودية وتوسيع اتفاقات ابراهيم. صحيح، هذا هو نفس “اليوم التالي” الذي تحدث عنه جو بايدن قبل 19 شهر، الذي رفض نتنياهو مطالبة يوآف غالنت وهرتسي هليفي وبني غانتس وغادي ايزنكوت بمناقشته.
انقاذ المخطوفين وانهاء الحرب في غزة والتحديات التي يضعها حزب الله وسوريا، والوضع الجديد امام ايران، هي مواضيع جوهرية تستحق مواجهة موضوعية في ظل قيادة تتميز بنقاء الرأي والقدرة على قراءة الواضع. الحكومة الحالية برئاسة شخص يواصل سحق حراس العتبة، اضافة الى محاولة ملموسة لالغاء محاكمته وفي الوقت الذي ترتفع فيه الوحدة في حنجرته، تشكل خطر حقيقي على أي عملية سياسية بعيدة المدى، وبالاساس على الديمقراطية والتضامن الداخلي والحرية الشخصية – التي هي مصدر القوة الحقيقية لنا.
لكل هذه الاسباب فانه في اللحظة التي سيهدأ فيها القتال فانه لا يوجد أي شيء اكثر اهمية والحاحا من مواصلة النضال ضد الحكومة بتصميم متزايد وبلا هوادة، حتى اسقاط هذه الحكومة الاسوأ في تاريخنا. وكلما كان ذلك ابكر كلما كان افضل.
——————————————-
هآرتس 29/6/2025
غزة ليست عالم مواز، ما يحدث في القطاع لن يبقى هناك
بقلم: جدعون ليفي
هل اسرائيل تنفذ ابادة جماعية في غزة؟. يوجد الان اختبار دقيق: هل اسرائيل لم توقف على الفور قتل الاشخاص في مراكز المساعدة في القطاع، هي حقا ترتكب ابادة جماعية. ما يحدث هناك منذ بضعة اسابيع لا يمكن تعريفه بتعريف آخر عدا عن الابادة الجماعية، الابادة الجماعية المتعمدة، ابادة جماعية كهدف، بحجم الابادة الجماعية، ابادة جماعية من اجل الابادة الجماعية.
اذا لم تضع اسرائيل حدا لذلك، ليس في الغد بل اليوم، عندها لن يكون بامكانها ان تتمتع بما يوفره لها الشك. من الناحية القانونية يجب بالطبع مواصلة انتظار حكم محكمة العدل الدولية في لاهاي، التي تتباطأ الى درجة انه يثور الشك بانه الى حين اصدار حكمها لن يبقى الكثير من الفلسطينيين الاحياء في قطاع غزة. ولكن الشهادات والصور التي تاتي من الميدان لا تبقي أي مكان لعلاقات استفهام كثيرة. واذا كان ما زال هناك علامات استفهام فقد جاء تقرير نير حسون وينيف كوفوفيتش وبار بيلغ، أول أمس في “هآرتس”، ووضع حدا لها.
لقد اعطيت لجنود الجيش الاسرائيلي اوامر لاطلاق النار من اجل القتل على الناس المتعبين والجائعين. وهو الجمهور الذي يتجمع هناك بعد أن طردت اسرائيل بغباء وحبث مؤسسات الامم المتحدة التي لديها الاخلاص والتجربة واستبدلتها بشركة امريكية – اسرائيلية مجهولة ووحشية، مشوبة بالافنغلستية بعد ان قررت بانه يكفي مليوني جائع اربعة مراكز توزيع تفتح ساعة في اليوم. والنظام فيها سيتم الحفاظ عليه مثلما في طابور الحصول على تاشيرة في السفارة الامريكية في تل ابيب. يتبين أن المليوني جائع الذين لا يوجد لديهم ما يخسرونه يتصرفون بشكل مختلف عن الجمهور غير الجائع والمدلل الذي يريد الحصول على تأشيرة في تل ابيب.
التجربة الجماعية التي اجريت على البشر فشلت، والجيش الاكثر اخلاقية في العالم تجند لايجاد حل لها: اطلاق النار الحية على الجمهور من اجل الحفاظ على النظام. على الاقل 549 شخص قتلوا واصيب الآلاف، جائعين، منهكين ومصدومين مما مر عليهم في السنة والنصف الاخيرة، وكل ما يريدونه هو الحصول على رزمة طحين لاولادهم. قادة الجيش الاسرائيلي قرروا ان حكمهم هو واحد، وان المنطقة التي يوجدون فيها والتي خصصت لتكون منطقة آمنة هي منطقة الدمار. اقرأوا ماذا قال الجنود لـ “هآرتس”.
هذه المذبحة ضد عشرات الابرياء كل يوم، الذين يوجدون على بعد ساعة ونصف سفر عن تل ابيب، تحدث تحت جنح الظلام وفي ظل عدم الاهتمام المطلق. قلائل يهتمون بها وقلائل يكتبون عنها وقلائل يصابون في اسرائيل بالصدمة منها. في الوقت الذي لا يوجد فيه ابرياء في غزة فانه لا توجد أي شفقة تجاه السكان. في العالم يشاهدون اناس يائسين يزحفون على الرمال، يحاولون انقاذ انفسهم، ويسمعون هدير قذائف الهاون ومدافع الدبابات ويصدمون. ولكن ايضا رحمتنا على اسرائيل وجنودها انتهت. في كل يوم يضاف هنا مئات من مجرمي الحرب الذين يتجولون بيننا لسنوات طويلة، مع كل التداعيات المدمرة لذلك. ايضا عليهم، الذين قاموا بالقنص وتوجيه الرصاص على رؤوس واجساد مئات الابرياء بمعرفتهم انهم ابرياء، هم انفسهم سيتحولون الى اشخاص مع ندب نفسية واخلاقية الى الابد، هم ايضا عليهم لن يشفق أي أحد الآن.
الذنب ليس ذنبهم. ايضا ليس ذنب قادتهم منفلتي العقال مثل العميد يهودا باخ، الذي سبق واظهر قيمه الوحشية عندما حول ممر نتساريم الى محور موت، وتم اتهامه بتدمير مستشفى بدون الحصول على المصادقة على ذلك. الذنب هو ذنب الذين لم ينهوا على الفور هذه السياسة – رئيس الاركان، وزير الدفاع ورئيس الحكومة. اذا لم يقوموا بوقفها الان فهم يعلنون عن انفسهم كمرتكبي ابادة جماعية.
غزة ليست عالم مواز، قال احد الضباط لـ “هآرتس”. هنا دفن الكلب. كلب الابادة الجماعية. غزة ليست عالم مواز. غزة هي الجيش الاسرائيلي ودولة اسرائيل. ما يحدث في غزة لن يبقى في غزة، رغم ان معظم وسائل الاعلام الاسرائيلية تامل أن يكون الامر هكذا. ما يحدث في غزة هو الذي يحدد ما هي اسرائيل في العالم. ما يحدث في غزة يحدد المجتمع الاسرائيلي ويقرر ما سيكون عليه لسنوات قريبة قادمة. عندما يتم الاعلان عن ان اسرائيل هي دولة ابادة جماعية فهي ستتحول الى عالم مواز.
——————————————-
إسرائيل اليوم 29/6/2025
كيف نحفظ إنجازات الحرب
بقلم: ايال زيسر
الإعلان عن تحقيق اتفاق لوقف النار بين إسرائيل وايران بالذات في اللحظة التي بدا فيها ان ايران تجثم تحت ثقل الضربات التي تلقتها، أعاد الكثيرين منا الى تشرين الثاني 2024، عند الإعلان عن وقف النار، في حينه ايضا بضغط امريكي، والذي أدى الى انهاء الحرب ضد حزب الله في لبنان. في الحالة اللبنانية أيضا اثار الإعلان عن وقف النار مفاجأة بل واحساس بالامتعاض، اذ ان هذا اعتبر كالقاء حبل نجاة لحزب الله في الوقت الذي وجد التنظيم نفسه ملقيا على الأرضية في اعقاب الضربات التي تلقاها. وعلى أي حال ثار التخوف من أن وقف النار سيسمح لحزب الله بان يعيد بناء قوته، وانه لن يبعد اليوم الذي سيحاول فيه مرة أخرى رفع رأسه والعمل ضد إسرائيل.
غير أنه لشدة المفاجأة، فان النموذج اللبناني لوقف نار مشروط في اطاره أعطيت لإسرائيل يد حرة لمعالجة كل تهديد او خرق للاتفاق، اثبت نفسه الان. فإسرائيل لم ترفع للحظة القدم عن الدواسة، وباسناد امريكي كامل واصلت الضغط بكل القوة على حزب الله وضربه في كل مرة حاول فيها استئناف تهريب السلاح الى لبنان وإعادة بناء قوته. النتيجة رأيناها في اثناء الحرب مع ايران، عندما امتنع تنظيم حزب الله عن خرق الهدوء على طول الحدود رغم التخوف من انه لن يصمد امام الاغراء او الضغط الإيراني وسينضم الى المعركة.
النموذج اللبناني يجب نقله الى ايران أيضا إذ بهذه الطريقة فقط يمكن حفظ وضمان إنجازات الحرب، وهذه كثيرة بل وتاريخية. فبعد كل شيء، بعد 12 يوما من حرب ايران الأولى عادت إسرائيل رسم وجه الشرق الأوسط وتحولت الى القوة العسكرية العظمى المتصدرة فيه فيما دحرت ايران الى الزاوية وتركت حتى تركيا اردوغان في الخلف.
منذ استولى نظام ايات الله على الحكم في طهران قبل 46 سنة، كرس نفسه لمهمة واحدة – إقامة مجال سيطرة ونفوذ يمتد حتى شواطيء البحر المتوسط والمحيط الهندي، مجال يوجد فيه لإيران فروع وقواعد في كل المنطقة العربية بدء باليمن، مرورا بالعراق، سوريا، غزة ولبنان. لاجل ضمان تحقيق أهدافها عملت ايران على نيل قدرة نووية وترسانة صواريخ قادرة على التهديد على كل نقطة في الشرق الأوسط وفي المستقبل على أوروبا أيضا.
لقد اعتبرت إبادة إسرائيل كهدف ضروري في طريق ايران للعودة لتصبح قوة عظمى مسيطرة في الشرق الأوسط، إضافة الى انها خدمت الاماني الأيديولوجية لنظام ايات الله. في هذا المشروع، الذي حمل اسم “محور المقاومة” او على لساننا “محور الشر” استثمرت ايران مئات مليارات الدولارات وفي واقع الامر كانت مجندة كلها وكليلها لهذا المشروع كهدف أساس بل وحتى وحيد لها.
غير أن كل هذا ضاع الان هباء، على مدى السنتين الأخيرتين صفي الواحد تلو الاخر معاقل ايران في غزة، في بيروت وفي دمش، فيما انه صفي الان مشروعها النووي وتضرر بشدة مشروع تطوير الصواريخ بعيدة المدى. لقد إعادت الحرب آيات الله الى النقطة التي بدأوا طريقهم بها قبل خمسة عقود، بعد أن فقدوا كل الاستثمار الهائل الذي استثمروه في هذا المشروع، والذي كان يمكنه أن يستثمر في تنمية الدولة وفي رفاه سكانها. كل إيراني يفهم هذا، وساعة حساب النفس مع إخفاقات النظام لا بد ستأتي بلا شك في يوم من الأيام.
المشكلة هي ان النظام الإيراني مصمم على أن يرمم ما دمر وان يواصل طريقه، كما انه لا يخفي نيته هذه. فكل جوهر وغاية وجوده هما الكفاح لابادة إسرائيل وفرض الإرادة الإيرانية على الشرق الأوسط.
من المهم إذن الوصول الى تفاهم مع الأمريكيين، يقضي مثلما في حالة لبنان ورغم الفوارق بين الساحتين في حالة ايران أيضا ستحفظ لإسرائيل وبالطبع للولايات المتحدة أيضا يد حرة للعمل في كل مرة تشخصان فيه تهديدا ناشئا او محاولة من الإيرانيين استئناف المشروع النووي ومشروع صواريخهم.
والا، فسيبدأ العد التنازلي نحو جولة المواجهة التالية بيننا وبين ايران، وانجازاتنا في هذه الحرب ستضيع هباء.
——————————————-
هآرتس 29/6/2025
انهاء الحرب في ايران يفتح فتحة لتسوية في غزة
بقلم: عاموس هرئيلِ
بعد ان أنهى التفاخر بنجاح الهجوم في منشأة فوردو، وبعد أن أنهى اهانته للنظام في ايران وتهديده، عاد الرئيس الامريكي دونالد ترامب للتنبؤ بموضوع صفقة تبادل قريبة بين اسرائيل وحماس. “هذا وضع فظيع. نحن نعتقد انه في الاسبوع القادم سنحقق وقف لاطلاق النار”، قال في نهاية الاسبوع واضاف “نظريا، نحن لا نشارك في ذلك. ولكن نحن نشارك لأن هناك اناس يموتون”.
الشخص الوحيد الذي يعرف هل يوجد في هذه الاقوال أي شيء حقيقي هو كما يبدو ترامب نفسه. فمنذ فوزه في الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني الماضي، يكثر ترامب من التصريحات المتفائلة بخصوص احتمالية التوصل الى صفقة. في احدى المرات قبل بضعة ايام على تسلمه للمنصب، نجح ايضا في فرض اتفاق على الطرفين. ولكن في آذار الماضي اسرائيل خرقت وقف اطلاق النار مع حماس والصفقة انهارت والمفاوضات عالقة منذ ذلك الحين. الاوراق بقيت لدى ترامب، اذا قام بالضغط على رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بعد الانجازات التي ساعدته في الحصول عليها في الاسابيع الاخيرة فربما ستكون انعطافة. بدون تدخل مباشر للرئيس الامريكي مشكوك فيه أن يتحرك أي شيء.
ترامب اعطى نتنياهو الضوء الاخضر لبدء الهجوم في ايران الذي بدأ في 13 الشهر الحالي. في 22 حزيران انضمت الولايات المتحدة لقصف المنشأة النووية في فوردو. بعد ذلك سارع الرئيس الامريكي للتوصل الى وقف لاطلاق النار. وفي يوم الخميس الماضي، بصورة استثنائية، نشر تصريح مطول تدخل فيه مباشرة بالاجراءات القانونية في اسرائيل وطالب بالغاء محاكمة نتنياهو ووعد بانقاذ رئيس الحكومة، مثلما انقذ اسرائيل حسب قوله.
يضاف الى الضغط الامريكي الذي يلوح في الافق من اجل عقد الصفقة موقف الجيش الاسرائيلي. رئيس الاركان ايال زمير تجول امس بين قوات الجيش في القطاع واستغل هذه الفرصة للاعلان بان الجيش سيتوصل في القريب الى “الخطوط التي تم تحديدها للمرحلة الحالية”، واضاف بان ايران تعرضت لضربة قاسية وأن هناك امكانية كامنة في ان الضربة التي تعرضت لها ستدفع قدما باهدافنا في غزة. هذا تلميح شديد للموقف المتعزز في اوساط الجنرالات في هيئة الاركان والذي يقول ان قضية غزة يجب انهاءها بسرعة بصفقة شاملة لاعادة المخطوفين. الاجراءات التي يتخذها الجيش الاسرائيلي الآن، التقدم البطيء وهدم البيوت وضرب خلايا صغيرة للمخربين واحداث تقريبا كل يوم للقتل قرب مراكز توزيع الغذاء، كل ذلك لا يحقق اهداف الخطة الشاملة.
نجاح اسرائيل في ايران لا يرتبط بذلك بصورة مباشرة. ولكن ليس بالصدفة ان رئيس الاركان يستغله من اجل النقاش في صفقة المخطوفين. اقوال زمير يوجد لها ثقل آخر الآن، لأنه ليس فقط رئيس الاركان غير متماهي مع الفشل في المذبحة في غلاف غزة، بل هو ايضا يعتبر وبحق كمن دفع لمهاجمة ايران. يبدو ان اغلاق قضية المخطوفين يمكن ايضا يغري نتنياهو نفسه. الشخص المقرب منه نتان ايشل اقتبس في موقع “تايمز اوف اسرائيل” وهو يقول بانه “حتى الانتخابات الجميع سينسون كارثة 7 اكتوبر”. هذه اقوال لا اساس لها: المذبحة سيتم تذكرها من قبل نتنياهو ليس اقل، بل ربما اكثر، من الهجوم في ايران.
هذه الامور سيتم حلها اخيرا بين ترامب ونتنياهو، وهي تتعلق ايضا بجهود الادارة الامريكية لعقد تحالف استراتيجي اقليمي جديد، يشمل ايضا التطبيع بين اسرائيل والسعودية. المستوى المهني في اسرائيل تقريبا غير مشارك فيما يحدث، واعضاء مركز الاسرى والمفقودين التابع للجيش يعرفون ان الاتصالات التي تجري الآن تتم بسرية تامة.
في هذه الاثناء حدثت أمس مذبحة اخرى خطيرة، الثانية في غضون اسبوع، نفذها نشطاء الارهاب اليهودي في كفر مالك قرب رام الله. هذه المرة هذا كان تصادم مباشر مع لواء احتياط في الجيش الاسرائيلي، الذي جنوده برئاسة قائد كتيبة تمت مهاجمتهم بالضرب والحجارة. نتنياهو، زمير ووزير الدفاع، قاموا بادانة ذلك، لكن هذه ستبقى اقوال فارغة في الوقت الذي يجلس فيه في الحكومة ممثلو الذراع السياسي لـ “شبيبة التلال” ويوفرون الدعم للعنف ويملون سياسة اسرائيل في الضفة الغربية وفي قطاع غزة.
يجدر الذكر بان كاتس نفسه هو الشخص الذي قام بالغاء في تشرين الثاني الماضي الاعتقال الاداري لليهود في الضفة. ستمر بضعة ايام اخرى من القلق، والمشاغبون سيتمكنون من العودة الى عادتهم كما هي الحال دائما. واذا تبين وجود اتفاق في قطاع غزة فمن المؤكد انهم سيحاولون اشعال تصعيد اقسى في الضفة بهدف احباطه.
ليست مجرد عملية اخرى
في السنتين الاخيرتين التقيت مرتين مع العقيد أ. وهو طيار مقاتل وقائد لاحدى قواعد سلاح الجو. اللقاء الاول جرى في ذروة الاحتجاج ضد الانقلاب النظامي، حيث كان سلاح الجو ممزق من الداخل ازاء تصريحات رجال الاحتياط بأنهم سيتوقفون عن التطوع للخدمة احتجاجا على خطوات الحكومة. في نهاية ايلول الماضي التقينا ثانية: سلاح الجو كان في ذروة موجة هجمات واسعة في لبنان، التي فيها (كما تبين لاحقا) تم تدمير جزء كبير من القدرة العملياتية لحزب الله. بعد اسبوع من ذلك دخلت القوات البرية الاسرائيلية الى جنوب لبنان وبدأت في تطهير تحصينات حزب الله في الطريق الى النصر في هذه الجبهة.
المحادثات معه في هذه المرة جرت بعد 12 يوم من الهجمات في ايران التي فيها شارك هو وآلاف رجال القاعدة، من الطواقم الجوية ومرورا بالطواقم الارضية وحتى رجال الاستخبارات. أ. وهو طيار مخضرم نسبيا، كان مشارك ايضا في تحضيرات سابقة لهجوم في ايران، الذي لم يتحقق، في بداية العقد الماضي.
“بعد 7 اكتوبر”، قال. “عندما عرفنا ان من يمسك الخيوط هي ايران بدأنا نتحدث عن ذلك بجدية اكبر. في تشرين الاول 2024 الفكرة اصبحت حقيقية اكثر، وفي نصف السنة الاخيرة انتقلنا الى اجراءات المعركة قبل الهجوم. يجب معرفة ان هذه ليست عملية اخرى خاصة، بل هي معركة. عندما وجهت الضربة الاولى وشاهدت بانك اخرجت الطرف الثاني عن حالة التوازن فان هذا الحدث اصبح حدث متسلسل. لا يوجد أي شخص أو أي وحدة في سلاح الجو لم يشاركوا في ذلك. ليس فقط هم، بل ايضا جميع الاجهزة الاستخبارية، التكنولوجيا والتنصت”.
رغم انه قدر بانه في هذه المرة ستنتهي الاعدادات بالهجوم “الا ان هذا الامر ما زال مرهق لحظة حدوثه. نحن كنا نستعد لسيناريوهات اخرى، وكنا مستعدين لدفع تكلفة مختلفة كليا. الامر فاجأني في الايام الاولى. لا اعتقد انني شاهدت تنفيذ قريب جدا من الخطة الاصلية. المسؤولون عن العمليات والاستخبارات كانوا يعرفون كيفية ابلاغنا بالضبط وكيف سيبدو الامر. كنا متشككين كثيرا في البداية. في لحظة معينة كنا نفكر: مهلا، هذا يسير بسلاسة مفرطة. الامر متكرر، سلسلة من الاجراءات. لقد كنا نعد لذلك منذ اشهر. لا يمكن تنفيذه في لحظة”.
كيف يتساوق هذا مع جيش 7 اكتوبر؟
“الاجابة المطلوبة قبل أي شيء آخر هي أنه لا يوجد أي شيء يمكن فعله حتى نهاية حياتنا يمكن ان يغطي على الفشل الفظيع في 7 اكتوبر. هنا نحن فشلنا تماما. للاسف، في سلاح الجو هذا الامر تقريبا موضوع واضح كليا. اذا قمت باعداد نفسك مسبقا فانت ستكون قادر تقريبا على كل شيء، والا فان البعد الزمني هو امر حاسم. عندما اخترق 1200 شخص من النخبة الاوائل الحدود ونحن وصلنا بعد ساعة او ساعتين، عندها فان ما قمنا به لم يكن مهم. انا لا ابحث عن اعذار: نحن لم نكن بحاجة الى الكثير كي نوقفهم – نحن كنا بعيدين جدا عن هناك.
“الموضوع الثاني هو قيمي واستراتيجي. هذه المرة نحن عملنا وفقا لمقاربة الصد، هذا بالضبط هو الفرق. المستويات العليا كان يمكنها ليس فقط ارسالنا الى هناك، بل كان يمكنها الامتناع عن ذلك بسبب الثمن الذي ربما سندفعه. لكن اسرائيل 2025، بعد المذبحة، لا تتنازل عن هذه الفرصة ولا تبقيها للنوبة القادمة”.
ماذا كانت الصعوبة الاساسية في الهجوم؟ هل هي المسافة؟ هل هذا لا يشبه الهجمات في اليمن؟.
“اليمن غير مشابهة، هي في الواقع ابعد من بعض الاهداف في ايران، لكن التحدي مختلف. الجزء الاصعب هو الضربات الموجهة للجبهة الداخلية. أنت تقوم بعمل جيد وتقصف قواعد اطلاق الصواريخ هناك، لكن هذا لا يكون دائما على لا شيء، دائما يوجد انحراف لصواريخ التي تسقط في الجبهة الداخلية. الطلعات نفسها بالطبع طويلة، ولكن انت تكون متوتر جدا. الجزء الاكثر قسوة هو رحلة العودة. كلما ابتعدت عن ايران يقل التوتر، لكن ما زال امامك ساعة ونصف طيران نحو الغرب”.
كم من الجهد بذلتم بشكل متواصل لضمان استمرارية العمل في القاعدة تحت النار؟
“نحن نفذنا عملية قتالية استمرت لاشهر من اجل تجنب أي اختناقات وضمان سير الامور بسلاسة. كلما تمكنت من اختراق عقل العدو زادت قدرتي على تجنب اصابة نقاط الضعف التي يعتقد انها قابلة للاصابة. نحن نحرص بقدر الامكان على ان تبقى الطائرات المقاتلة متحركة، الامر الذي يصعب على ضربها. في النهاية امام الطرف الاخر توجد 11 دقيقة بين الضغط على الزر ووصول الصاروخ الينا، في الـ 11 دقيقة يمكنك انجاز الكثير”.
بعد هذا النجاح هل لا تخشى من ان يقول الاشخاص في السلاح: لقد وصلت الى الذروة والان يمكنني مغادرة الخدمة الدائمة؟
“انا ساقول قبل أي شيء بانه يوجد لنا 49 أخ وأخت في غزة. اضف الى ذلك الاصدقاء الذين يعملون هناك وحادثة حاملة الجنود المصفحة للواء الهندسة (القتلى السبعة في الانفجار في خانيونس)، الطائرات تخرج للهجوم في غزة طوال الوقت، حتى عندما قامت طائرات اخرى للهجوم في ايران. امام الايرانيين انفسهم هذه معركة اولى.
“يجدر الافتراض بان هذا ليس مجرد ضربة واحدة وانتهى الامر. هذا هو الفصل الاول. الان نحن نبدأ سباق تعلم امامهم ويفضل أن لا نتجمد في مكاننا. بخصوص ابقاء الاشخاص، آمل أن يكون هذا الامر على عاتق كل المجتمع الاسرائيلي. نحن يجب علينا المحاربة من اجل هؤلاء الاشخاص وأن ندعمهم ونوفر لهم الظروف، كل رجال الخدمة الدائمة لدينا، مع التاكيد على المهنيين ورجال الارض. يجدر ان لا ينقصهم أي شيء. هم يقومون بعمل مقدس”.
——————————————-
معاريف 29/6/2025
يركلون الدلو
بقلم: اوليئيل لين
تعرض على إسرائيل اليوم فرصة نادرة لان تغير بشكل قطبي مكانتها وصورتها في العالم. ولا حاجة للشرح لماذا هو الامر هام لحياتنا هنا اليوم، للمجتمع، للاقتصاد وكذا للامن. لسنا شعبا وحده يسكن. كان هذا صحيحا في عهد بلعم وحماره. ليس اليوم.
قسم كبير في العالم يعترف بعدالة هجومنا في ايران. قسم من العالم حتى يخجل من أنه لم يشارك في هذا الهجوم، مثلما قال المستشار الألماني، “إسرائيل قامت نيابة عنا بالعمل القذر”. والعالم كله، أعداء أو كارهون، لا يمكنه الا يتأثر بتصميم وشجاعة دولة صغيرة كاسرائيل تهاجم دولة جبارة كايران. الفتى العبري داود اطلق حجر مقلاعه نحو جبين جوليات الإيراني.
كان يمكن لهذه ان تكون ساعتنا الجميلة. نحن خلقناها. لكن ماذا نفعل؟ نغرق مرة أخرى في الوحل المضرج بالدماء في قطاع غزة. الفرصة الاستثنائية لتغيير مكانة إسرائيل في العالم ستضيع هباء اذا لم نوقف حرب غزة. خير نفعل اذا ما تحررنا قليلا من إحساس الحق المطلق الذي يعنينا ونفتح عيوننا. ليس كل من ينتقدنا على استمرار الحرب في غزة هو لاسامي. وحسب تقارير وزارة الصحة الفلسطينية، فان اكثر من 50 الف شخص قتلوا حتى اليوم في القطاع. حتى لو كانت هذه مبالغا فيها، فان التقتيل واسع النطاق.
رئيس الأركان الجديد ايال زمير مؤثر في مواقفه وفي شخصيته. فقد استجاب، بامر من المستوى السياسي لادارة الحرب في القطاع. زمير ملزم بان يفعل هذا، لكنه مخطيء في تعريف اهداف الحرب هناك. عن الحرب في ايران قال ان “التاريخ لن يغفر لنا اذا لم نعمل الان للدفاع عن وجود الشعب اليهودي في دولة إسرائيل”. هو محق. وبهذه الروح اضيف: التاريخ لن يغفر لنا اذا لم نوقف الان الحرب في غزة، ولا نجري مفاوضات لتحرير المخطوفين كلهم دفعة واحدة. لا يوجد هذا وذاك في نفس الوقت. لا يوجد تحرير مخطوفين كلهم وتصفية حماس في نفس الوقت، ونحن نعرف هذا. في الخيار بين الإبادة التامة لحماس وتحرير كل المخطوفين بالسرعة الممكنة، الامكانية الثانية هي الأفضل. هذا الزامي ليس فقط كي نعزز مكانتنا في العالم، بل أيضا من اجل ان نعزز أنفسنا داخليا. السلوك الحقير للحكومة تجاه المخطوفين وعائلاتهم والذي يؤدي أيضا الى توسيع دائرة الثكل في إسرائيل، يجب ان ينتهي.
الان ينبغي وقف الحرب في غزة. الان ينبغي وقف التضحية بحياة المزيد فالمزيد من الجنود الشبان. الان يجب البدء باجراء مفاوضات، ليس تحت النار، لانهاء الحرب وتحرير كامل لكل المخطوفين. والان علينا أن نعرض مساعدات العلاج الطبي للأطفال الفلسطينيين في غزة ممن أصيبوا في المعارك وزيادة المساعدات الإنسانية.
رغم النجاح المبهر جدا لسلاح الجو في ايران محظور علينا ان يزوغ بصرنا. نحن ملزمون بان نحافظ على التوازنات. إسرائيل هي دولة صغيرة. هي قوة عظمى إقليمية بفضل سلاح الجو. على الخريطة تبدو إسرائيل كدولة ممزقة مع حدود سخيفة. يوجد فيها اقل من ثمانية مليون يهودي. في العالم الإسلامي يوجد نحو ملياري نسمة.
ولوزير دفاعنا سأحاول اسداء مشورة متواضعة، لحالة ان يكون معنيا بان يؤدي مهام منصبه بمسؤولية: رغم حقيقة أنه يوجد لنا سلاح جو قوي، أنت لا تدير العالم. كف عن توبيخ زعماء دول كأردوغان. هذه ليست مهمتك. كف عن الإعلان عن أي رئيس دولة ليس له حق الحياة. وهذه أيضا ليست مهمته. ركز على مناعة الجيش الداخلية. فهي جزء لا يتجزأ من المعركة. اذا كنت ملزما باطلاق بيانات لوسائل الاعلام فاشرح لماذا كنا ملزمين بتدمير النووي والصواريخ الباليستية لإيران. اعتلاء موجات سمو روح قتالية وحماسة زائدة لا يساهم لامننا بشيء.
ايران وقطاع غزة يرتبطان الواحدة بالاخر. هذه جبهة واحدة، ينبغي فهمها برؤية واسعة صحيحة، ما لا تفعله حكومة إسرائيل. اذا لم نعرف كيف نستغل عظمة الساعة، فسنخسر في قطاع غزة ما حققناه في ايران.
في سلة مصالحنا يجب أن نضع كل المصالح ونعطي وزنا صحيحا لكل واحدة منها. تصفية حماس اليوم بعد عشرين شهرا من الحرب ليست مصلحة تفوق عموم المصالح الأخيرة. وقف الحرب في غزة سيولد لإسرائيل منفعة اكثر من استمرارها.
——————————————-
يديعوت أحرونوت 29/6/2025
بعث برقية لترامب.. ماذا سيفعل أبو مازن بعد أن وجد أذناً صماء من واشنطن؟
بقلم: سمدار بيري
فجأة برز رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن، الذي يحظى بلقب “رئيس” لدى الجانب الآخر، ويبعث ببرقية إلى الرئيس ترامب. بعد أن يهنئ رئيس الولايات المتحدة على نجاحاته في إيران، ويشدد على “أنك حققت وقفاً للنار بين إيران وإسرائيل”، انتقل أبو مازن إلى الموضوع الذي لأجله اتصل مع مكتب الرئيس الأمريكي.
“لِنُعد تحريك عربة المفاوضات مع إسرائيل”، أوصى أبو مازن. “نحن، في السلطة الفلسطينية، جاهزون للعمل بتعاون كامل مع الإدارة الأمريكية، ومع الدول العربية ذات الصلة، ومع دول في أوروبا. المهم أن نبدأ بمفاوضات غايتها الوصول إلى إعلان عن إقامة دولة معك”، وشرح أبو مازن لترامب: “سنتمكن من تحقيق ما بدا حتى الآن متعذراً – دولة فلسطينية معترف بها، حرة، مع سيادة وأمن – ونحن جاهزون”، وأضاف، “ولكي نضمن من جانبنا أمن إسرائيل”.
لم يأت أي رد فعل من البيت الأبيض. لم يسارع ترامب للقفز إلى العربة. بتنسيق بينه وبين رئيس الوزراء نتنياهو، ينتظران قيادة جديدة للسلطة الفلسطينية. صحيح، أبو مازن فاجأ وعين لنفسه لأول مرة، قبل شهرين فقط، خليفة – حسين الشيخ. غير أن هذا التعيين الذي يستهدف إجلاس الشيخ على كرسي الشرف في رام الله، لا يبدو أنه سيصمد. من جهة، كان هو حتى وقت أخير مضى مسؤولاً عن الشؤون المدنية في السلطة، ومقرباً جداً أيضاً من أذرع الأمن. وبصفته هذه، أبقى على علاقات قريبة مع أجهزة الأمن الإسرائيلية ولا سيما “الشاباك”. هو الذراع التنفيذية لإحباط عمليات الإرهاب. من جهة أخرى، الشيخ غير معروف كشخصية شعبية في الضفة الغربية؛ ومهامه تبدو محدودة، ومن جهة أخرى تلك “الوصمة” بسبب علاقاته الوثيقة مع أجهزة الأمن الإسرائيلية التي تغيظ شباب الضفة. مالهم والسلطة الفلسطينية في المقاطعة؟ من يهتم ويعالج مشاكلهم؟ كيف سيعقب مثلاً محمد دحلان الموجود في أبو ظبي على تعيين مقرب خصمه أبو مازن؟
ربما نخمن ما يقوله الوسيط الفلسطيني – الأمريكي الجديد، بشارة بحبح، الذي يعمل مع سهى عرفات حيال ترامب، عن مبادرات في غزة ورام الله. سهى خصم قديم لأبو مازن، وبشارة يريد “وجوهاً جديدة” في رام الله. محظور أن ننسى أيضاً بشار المصري الملياردير الفلسطيني الذي أقام مدينة روابي بين نابلس ورام الله. لم يتكبد أبو مازن عناء الزيارة. المصري نفسه يصل في أحيان قريبة إلى غزة، وهو مقرب جداً من آدم بوهلر المبعوث الكبير لشؤون المخطوفين/ ووصل أيضاً إلى جوار الرئيس ترامب. كل هؤلاء، وعلى رأسهم شباب الضفة الغربية، يريدون شطب حكم أبو مازن ومحو “الفاسدين”. اثنان من أبناء أبو مازن الثلاثة (الابن مازن مات قبل أكثر من عقد بنوبة قلبية في قطر) متهمان باستغلال مكانتهما لأعمال فساد بملايين الدولارات، وربما عشرات الملايين. مقربون آخرون من أبو مازن أيضاً فاسدون. الشعب يعيش في عوز، لا عمل مرتباً لهم، ولهذا يريد إزالة القيادة.
من سيأتي مكانه؟ ثمة تنظيمات محلية، أما حماس في الضفة فلم تقل كلمتها الأخيرة بعد. صحيح، ثمة سيناريو احتمالاته طفيفة، بأن يسلم أبو مازن المفاتيح لنائبه حديث العهد الشيخ، وينتقل للسكن في المنزل الواسع الذي حصلت عليه زوجته أمينة في عمان. لكن السيناريو الذي يرسمه الخبراء في الشؤون الفلسطينية عندنا يرسم صورة اليوم الأخير لأبو مازن على الكرسي في المقاطعة، سيسقط ولن يقوم. أما البيت الأبيض و”القدس”، فليستا مستعدتين بعد اليوم للتلويح له بالسلام.
——————————————-
هآرتس 29/6/2025
لنتنياهو ووزير دفاعه: ما تعريفكم لقتل المجوعين عمداً وفي جنح الظلام؟
بقلم: أسرة التحرير
نشرت “هآرتس” الجمعة تحقيقاً صحافياً لنير حسون، وينيف كوفوفيتس، وبار بيلغ، يستند إلى شهادات جنود وضباط يخدمون في غزة، واصفين الفظاعة التي تقع حول مجالات توزيع المساعدات لصندوق غزة الإنساني الذي أقيم بالتعاون بين حكومتي إسرائيل والولايات المتحدة ومحافل إفنجيلية. روى الجنود في شهاداتهم بأنه طُلب منهم استخدام النار لتفريق، وطرد وإدارة الجموع المجوعة الذين يأتون إلى مجال المساعدات.
من بداية عمل الصندوق في غزة قبل نحو شهر، قتل حتى اليوم أكثر من 500 شخص بالنار حول مجالات التوزيع. إضافة إلى ذلك، طلبت النيابة العامة العسكرية فتح تحقيق في القتل في محيط مجالات المساعدات. رداً على التحقيق الصحافي، لم ينفِ الناطق العسكري نتائجه تماماً، وأفاد بإجراء تحقيق في إصابات المدنيين. شهادات الجنود تنضم إلى توثيقات كثيرة لإطلاق النار ولشهادات فلسطينيين، أطباء وعاملي منظمات إنسانية، عما يجري حول مجالات المساعدات. كل هذا لم يمنع رئيس الوزراء ووزير الدفاع من التهجم على “هآرتس” والادعاء بأن التحقيق الصحافي ليس سوى جملة من “فريات دم هاذية”.
يعرف رئيس الوزراء ووزير الدفاع جيداً بأن كل كلمة في التحقيق الصحافي صحيحة، وأن الجيش الإسرائيلي فقد أي لجام يتعلق بالموقف من السكان المدنيين في غزة. فقد حذر كل الخبراء، إسرائيل أن الصندوق يعمل على نقيض المبادئ الإنسانية الدارجة. وبالفعل، بعد وقت قصير من فتح مجالات المساعدات، بدأت حوادث إطلاق النار التي جبت حياة المئات. لقد خلقت إسرائيل في غزة منظومة تدفع السكان لرؤية عائلاتهم تتضور جوعاً أو المخاطرة بحياتهم لنيل الغذاء.
إن الكارثة الإنسانية والجرائم حول مجالات التوزيع تُضم إلى قتل يومي لعشرات المدنيين. تدمير ممنهج لمبان وبنى تحتية، واعتداء على المستشفيات، وتدمير مؤسسات عامة، ومنع إدخال المستلزمات الطبية والغذاء الأدوية وغيرها. سيصعب على إسرائيل رد الادعاءات بجرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، وحتى ارتكاب الجريمة الأكثر رعباً منها كلها – الإبادة الجماعية. لا حاجة للموافقة على هذه الاتهامات كي نرى بأن قادة الجيش الإسرائيلي يبدون على لامبالاة إجرامية على حياة مواطني غزة طوال أشهر الحرب، بعد أكثر من 56 ألف قتيل معظمهم مدنيون وبينهم 17 ألف طفل، لم يعد ممكناً الادعاء بأن الجيش الإسرائيلي يجتهد لمنع قتل المدنيين.
على رئيس الأركان، أيال زامير، أن يأمر بتغيير سياسة إطلاق النار في محيط مجالات المساعدات، والتحقيق ورفع لوائح اتهام ضد القادة المسؤولين عن موت مدنيين غير مسلحين. وعليه أيضاً أن يطلب من الحكومة تغيير سياسة المساعدات والسماح لهيئات دولية نجحت في ظروف مستحيلة في توفير الغذاء والمساعدات للسكان على مدى معظم الحرب، والعودة لعمل هذا.
—————–انتهت النشرة—————–