افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات |
هآرتس 14/8/2025
ايران تعمل على حفظ نفوذها في المنطقة رغم الازمات الداخلية
بقلم: تسفي برئيل
علي لاريجاني، الذي تم تعيينه قبل أسبوع في منصب الأمين العام لمجلس الامن القومي في ايران، يوجد له ملف عمل مليء وجدول زمني مكتظ يلزم ايران باتخاذ قرارات استراتيجية في الفترة القريبة القادمة. ظهوره السياسي الأول في المنصب الجديد اختار ان يكون في هذا الأسبوع في العراق وفي لبنان. وهي الزيارات التي نجح فيها في اثارة من جديد الخوف فيما يتعلق بنوايا ايران.
بالأساس لاريجاني وقع على “اتفاق تعاون امني”، هدفه الرسمي هو محاربة الإرهاب وحماية الحدود. ولكن عمليا، هذه الزيارة استهدفت “تقويم” النظام في العراق بقيادة محمد شياع السوداني، وضمان عدم سماح العراق باستخدام أراضيه ومجاله الجوي لشن هجمات ضد ايران. حسب المحللين العراقيين، ايران غير راضية عن نية الحكومة العراقية نزع سلاح المليشيات الموالية لإيران واخضاعها للجيش، وهي تعتزم التاثير على مشروع القانون المتعلق بهذا الامر، المطروح على طاولة البرلمان منذ اشهر.
هل تنوي ايران بعث الحياة مجددا في “حلقة النار” التي تحطمت في معظمها في اعقاب الحرب؟ يبدو انه في هذه المرحلة هي تعمل على “اظهار حضورها” والاعلان بانه رغم طردها من سوريا ومن لبنان الا ان دورها لم ينته، وانه ما زال يمكنها التاثير، وحتى تهديد استقرار الدول التي بقيت فيها اذرعها المضروبة. اذا كانت ايران حتى الان تستطيع لي ذراع النظام في العراق، الشريك التجاري الأهم الذي يزودها أيضا باحتياجاتها من المياه والغاز والكهرباء، فانه في لبنان ووجه لاريجاني بالواقع الجديد.
الرئيس اللبناني جوزيف عون لم يكن بامكانه ان يكون واضح اكثر عندما قال للضيف بان “أي مجموعة في لبنان لن تكون مخولة بحمل السلاح أو الاعتماد على الدعم من الخارج (توفيره)… وان الصداقة التي نبحث عنها مع ايران يجب ان تكون مع كل لبنان وليس مع طائفة أو مركب واحد فقط”. السؤال المهم هو هل ايران ستساعد الحكومة اللبنانية على نزع سلاح حزب الله، وأن تأمره بتغيير سياسته، أو انها ستشجعه على مواصلة التمسك بالخط المتشدد الذي يقول بان نزع السلاح “خط احمر”، وانه سيتعامل مع قرار الحكومة اللبنانية حول هذه المسألة وكأنه “غير موجود” حسب تعبير سكرتير عام الحزب نعيم القاسم. مشكوك فيه اذا كانت لقيادة لبنان وهم فيما يتعلق بنوايا ايران، لانه عندما يعلن لاريجاني ان ايران لا تنوي التدخل في الشؤون اللبنانية الداخلية وفي نفس الوقت يقول بان أي دولة لا يمكنها “إعطاء تعليمات” للبنان، فهو بذلك يملي على حزب الله الموقف الذي يجب عليه التمسك به.
الزيارة في العراق وفي لبنان غير منفصلة عن القضية الأكثر أهمية، وربما الهامة جدا، التي يجب على لاريجاني علاجها بشكل مستعجل، التي تتعلق بتهديد ثلاث دول أوروبية، بريطانيا، فرنسا وألمانيا، باستخدام بند إعادة العقوبات، الذي يعني إعادة فرض العقوبات الدولية التي تم رفعها عن ايران عند التوقيع على الاتفاق النووي الأصلي ي 2025. الرسالة التي أرسلها أمس وزراء خارجية هذه الدول الى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أعلنت فيها عن نيتها تفعيل هذا البند اذا لم ترجع ايران الى طاولة المفاوضات وتقوم بخطوات مهمة تدل على نيتها إعادة مشروعها النووي الى الاطار الذي تم تحديده في الاتفاق الأصلي.
هذه الخطوة جاءت بعد انتهاء المحادثات التي اجراها وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي مع ممثلي الدول الثلاثة في إسطنبول بدون أي نتائج حقيقية، والمفاوضات مع الولايات المتحدة عالقة عميقا في التجميد. الموعد النهائي لتفعيل بند العقوبات هو 18 تشرين الأول. ولكن الدول الأوروبية ما زالت تسمح لإيران بـ “فحص موقفها” حتى 29 آب. واذا قررت استئناف المفاوضات فان هذه الدول ستكون مستعدة لتمديد موعد انتهاء الصلاحية لبضعة أسابيع.
هذه ليست معضلة لإيران فقط. فامام التهديد الأوروبي ايران تعرض تهديدها الخاص الذي يقول بان تفعيل بند إعادة فرض العقوبات يمكن ان يستدعي انسحاب ايران من ميثاق منع انتشار السلاح النووي، وعلى طاولة البرلمان في طهران يوجد مشروع قانون بهذه الروحية وينتظر المصادقة عليه. ولكن هذا التهديد مزدوج، الانسحاب من الميثاق الذي تفسيره العملي هو رفض كامل لقدرة الرقابة الدولية على المشروع النووي، يمكن ان يعطي إسرائيل وامريكا يد حرة لاستخدام القوة العسكرية ضد ايران حتى لو امتنعت عن القيام بنشاطات تدل على نيتها تطوير السلاح النووي.
يبدو ان هناك “يد حرة” أيضا الان، كما اثبتت الحرب ضد ايران في شهر حزيران. ولكن منذ ترسخ نوع من الاتفاق بين إسرائيل والولايات المتحدة، السماح بوجود قناة دبلوماسية كي تحاول لعب دورها، وخلال ذلك مواصلة التلويح بسوط التهديد العسكري ضد ايران بدون الضرب به.
لقد كان لتهديد ايران سابقة واحدة فقط، كوريا الشمالية، التي في 1993 أعلنت عن نيتها الانسحاب من الميثاق، لكن في اليوم الأخير قبل دخول الانسحاب الى حيز التنفيذ، تراجعت عن قرارها. مع ذلك، بعد عقد تقريبا، في 2003، أعلنت انه “لم يعد باستطاعتها التقيد بالميثاق، وهكذا انتهت عضويتها”. رغم ذلك، روسيا والصين، حلفاء ايران، تواصل إقامة علاقات وثيقة مع كوريا الشمالية. من هنا فان ايران يمكنها الافتراض بانه اذا انسحبت هي أيضا من الميثاق فان دعم روسيا والصين لها سيستمر. لكن ايران، مثل كل دول العالم، لا يمكنها التقدير الآن ماذا ستكون طبيعة العلاقات بين واشنطن وموسكو. أيضا لا يمكنها الاعتماد على الدعم غير المحدود لها من قبل الصين لفترة طويلة.
في ايران بدأت عملية إعادة تنظيم في القيادة العسكرية، مثل استئناف نشاطات مجلس الامن القومي وتعيين لاريجاني كرئيس له، إضافة الى سلسلة تعيينات جديدة في قمة القيادة العسكرية. في المقابل، على الصعيد الاقتصادي ما زال يصعب إيجاد أي علامات تدل على نية التخطيط والبدء بإصلاحات حقيقية. النظام يمكنه ان يكون راض من ان الحرب لم تحدث العصيان المدني ولم تشعل المظاهرت الكبيرة التي تطلب باقصاء القيادة، وان التضامن الوطني وتجند الجمهور الوطني خلق غلاف دفاعي جماهيري حوله.
لكن بعد انتهاء الحرب تطور توقع يقول بان النظام “سيعوض الجمهور على الإخلاص وسيبدأ بزخم لتغيير البنية الاقتصادية، لكن كل ما نجح الرئيس بزشكيان في فعله حتى الان هو اصلاح معدل دفع المساعدات للمحتاجين بواسطة كوبونات ممغنطة. تعيين السيد علي مدني – زاده في شهر حزيران في منصب وزير الاقتصاد ربما يشير الى السياسة الاقتصادية التي يسعى اليها الرئيس. مدني – زاده، الحائز على القاب من جامعة ستانفورد وجامعة شيكاغو، يعتبر شخص مؤهل ماليا واداريا، يسعى الى الدفع قدما بسياسة السوق الحرة في الدولة وتحويل التصدير الى رافعة مركزية لنمو الاقتصاد. ولكن في الخطة الاقتصادية التي نشرها عشية تعيينه يبدو انه يعرف جيدا ثقل الضغط السياسي، وهو يمتنع عن الدعوة لإجراءات إصلاحات بعيدة المدى. وحتى انه اقترح الاستعداد لسيناريو فيه المفاوضات مع الغرب ستفشل، ولن يتم رفع العقوبات، وايران ستضطر الى مواصلة سياسة الترشيد التي تتبعها. لا توجد هنا أي بشرى لمواطني ايران.
——————————————
إسرائيل اليوم:
لا تهملوا التهديد من الشمال
بقلم: تسفي هاوزر
حزب الله آب 2025 ليس حزب الله آب 2023. سحره على العقل الإسرائيلي السليم انتهى. السبب الذي ألم بإسرائيل، وكانت ذروته في عدم اخلاء الخيمة في هار دوف، يبدو اليوم غير مفهوم.
لقد الحقت المعركة في الشمال بهذا التنظيم خسائر غير مسبوقة، ضربة لمنظومات اطلاق الصواريخ، تصفية مسؤوليه وعلى رأسهم الأمين العام حسن نصرالله وضعضعة شرعيته في لبنان. يقف التنظيم اليوم امام واقع جديد.
في الساحة الدولية يتسلل الفهم بان حزب الله يجب ويمكن تجريده من السلاح. تقارير الأمين العام وقوات اليونيفيل تتهم حزب الله بخرق قرار 1701 وتضع أساسا قانونيا – دبلوماسيا لإجراءات الانفاذ. بالتوازي، فان باريس وواشنطن وضعتا خطوطا أساسية لوقف النار، انسحابات متدرجة وانتشار معزز للجيش اللبناني في الجنوب بهدف نزع سيطرة التنظيم في جنوب لبنان ونزع سلاحه.
في الساحة الداخلية، يبدو أن لبنان يتأزر بالشجاعة لتغييرات جذرية. فالرئيس جوزيف عون قضى علنا بان على السلاح ان يحصر في ايدي الدولة فقط، في ظل رفض التدخل الخارجي، والحكومة أقرت الخطوط الأساس لمبادرة أمريكية – أوروبية لحصر السلاح بالدولة. لكن الضربة الأكبر لحزب الله وقعت بسقوط الأسد في سوريا وفي اثناء 12 يوم من حملة “الأسد الصاعد”. في هذه الحملة تلقت ايران، السيد الاستراتيجي لحزب الله ضربات لم تشهدها منذ الحرب مع العراق. ليس هذه ضربة سطحية بل معركة صفت مؤقتا قدرة ايران على أن تشكل ظهرا أمنيا وذراع تموين فاعل لحزب الله.
نافذة فرص نادرة
الخليط بين حزب الله ضعيف وبين إيران جريحة خلق نافذة فرص نادرة لإزالة تامة لتهديد حزب الله. من المهم التشديد: القضم في قدرات حزب الله في “السيوف الحديدية” كان جزئيا. فلا تزال باقية لدى التنظيم قدرات هامة اذا لم تعالج فستوجه آجلا أم عاجلا ضد إسرائيل.
اليوم توجد نافذة فرص استراتيجية نادرة. مثل هذه النافذة تغلق بسرعة – إيران لن تترك ذراعها اللبناني ضعيفا على مدى الزمن؛ وهي تعمل منذ الان على ترميم القدرات، رفع مستوى ترسانة الصواريخ وبناء معادلة ردع جديدة.
وعليه فان على إسرائيل أن تمارس كل ثقل وزنها لاستكملاال نزع سلاح حزب الله. هذا جهد متعدد الابعاد سيتضمن ضمن أمور أخرى حوار مع الأمريكيين والفرنسيين، استخدام رافعات إقليمية ومساعي وعي وتأثير.
حزب الله لا يوجد في رأس جدول أولويات إسرائيل، مع أن التهديد من الشمال لا يزال التهديد الأهم على امنها. إسرائيل هي دولة عديمة الاستراتيجية. وهي تقوم على أساس قدرات تكتيكية افتراضية في الزمن الحقيقي، كمحاولة للتعويض عن انعدام قدرة التخطيط المسبق. في إسرائيل الملح هو دوما الاولي. غير مرة كلف هذا ثمنا باهظا.
ان اهمال معالجة حزب الله سيعطي التنظيم الاكسجين اللازم لاعادة تأهيله من جديد. إسرائيل من شأنها أن تجد نفسها بعد بضع سنوات امام تحد مختلف تماما عن ذاك الذي يحدق بها اليوم.
التأجيل الإسرائيلي كلفنا دماء في غزة. درس 7 أكتوبر يحظر علينا أن نغفو في الحراسة في الجبهة الشمالية.
——————————————-
هآرتس 14/8/2025
الصحافي من جباليا عرف انه في مرمى النيران
بقلم: جدعون ليفي
“اذا كانت هذه الكلمات وصلتكم فاعرفوا ان إسرائيل نجحت في قتلي واسكات صوتي”، هذا ما كتبه في وصيته المراسل انس الشريف. “الله يعلم انني بذلت كل جهد وقوة لدي من اجل ان أكون دعامة وصوت من اجل شعبي، منذ فتحت عيوني على الحياة في ازقة مخيم جباليا للاجئين. أملي كان ان يطيل الله عمري الى ان اعود مع عائلتي واحبائي الى مدينتنا الاصلية عسقلان – المجدل. ولكن إرادة الله سبقت وقضاءه نفد”.
ليس قضاء الله هو الذي حسم في هذا الأسبوع مصير انس الشريف ومعه أربعة من رجال الطاقم في خيمة الصحافة التي كانت قرب مستشفى الشفاء في غزة. ليست إرادة الله، بل مسيرة مجرمة للجيش الإسرائيلي التي وجهت لقتل الشريف، المراسل البارز في قناة “الجزيرة” في فترة الحرب.
ليست إرادة الله، بل إرادة إسرائيل في إعدامه بذريعة انه “قائد خلية” في حماس، بدون ان تعرض أي دليل على ذلك. في العالم صدقوا رواية الجيش بالضبط مثلما صدقوا في السابق بان الجيش ليس هو الذي قتل الصحافية شيرين أبو عاقلة في جنين. أيضا من يريد التصديق بان الشريف كان قائد خلية يجب عليه ان يسال: ماذا بخصوص القتلى الاخرين؟ هل كانوا نواب قائد الخلية؟. الجيش الذي يقتل المراسلين بالجملة، بصورة تقشعر لها الابدان، والدولة التي لا تسمح بالتغطية الصحفية الحرة للحرب، لا يمكن تصديقهم في أي شيء، ولا حتى تصديق القصص حول رئيس الخلية من جباليا.
يصعب التصديق، وربما اصبح من غير الصعب التصديق، باي عدم اكتراث مر هنا قتل المراسلين. الصحافة الإسرائيلية انقسمت الى قسمين، الذين تجاهلوا القصة والذين قالوا ان إسرائيل قتلت مخرب. مزودون بلا شيء من المعلومات، جميعهم تقريبا تجندوا لتكرار الرواية التي املاها عليهم الجيش الإسرائيلي، ولتذهب الحقيقة الى الجحيم. ليس فقط الحقيقة، بل أيضا التضامن مع زميل شجاع في المهنة.
الدليل الوحيد الذي تم عرضه هو صورة مشتركة للشريف مع يحيى السنوار. هذه حقا ذريعة للاعدام.
شجاع اكثر بمليون مرة من أي مراسل إسرائيلي، ومجند بدرجة اقل لخدمة دعاية بلاده وشعبه، من كل من نير دبوري واور هيلر، فان الشريف كان يمكنه ان يعلم الصحافة الإسرائيلية أسس الصحافة. وقاحة الصحافة هنا لا تعرف الحدود: قناة “الجزيرة” هي شبكة دعاية، يصرخ مراسلو القنوات الإسرائيلية التي شوهت سمعة الدعاية القومية المجندة وقامت باخفاء الحقيقة في هذه الحرب. هل “الجزيرة” قناة دعاية؟ وماذا عن القناة 12 والقناة 11 والقناة 13 والقناة 14 والقناة 15؟ هل لها أي صلة بالصحافة في هذه الحرب.
مع موت الصحافة ماتت أيضا الحقيقة ومعها التضامن. من قتلوا في هذه الحرب عدد من المراسلين اكثر مما في أي حرب أخرى في التاريخ، 186 حسب لجنة حماية الصحافيين سي.بي.جي، 263 حسب بتسيلم، سيصوبون البنادق ذات يوم الينا أيضا، نحن المراسلون الإسرائيليون الذين لا نروق لهم. يصعب معرفة كيف ان الصحافيين الإسرائيليين لا يستوعبون ذلك، ربما هم ينوون أن يواصلوا بخضوع خدمة آلة الدعاية الإسرائيلية لانه بالنسبة لهم هذه هي الصحافة.
لكن في هذا الأسبوع قصف الجيش الإسرائيلي خيمة صحافة، والمشاهد التي لم تشاهدوها كانت مخيفة: من الخيمة المشتعلة تم اخراج جثث مراسلين، وزملاءهم الإسرائيليون هتفوا لذلك أو صمتوا. أي عار هذا، هو عار انساني ومهني. بماذا يقل ذلك صدمة عن قتل الصحافي السعودي جمال الخاشقجي؟. هل لان جثة الشريف لم تقطع؟.
أصدقاء الشريف وطاقمه يقولون انه عرف بانه مستهدف وفي مرمى النار. عندما بدأ الجيش الإسرائيلي في تهديده في تشرين الأول، اعربت ايرين خان، مقررة الأمم المتحدة المعنية بحرية الصحافة، عن قلقها على مصيره. وأضافت بان الشريف كان آخر المراسلين الذي بقي على قيد الحياة في شمال القطاع. لذلك بالتحديد قتلته إسرائيل. وكانت آخر كلماته في وصيته: “لا تنسوا غزة”.
——————————————-
معاريف 14/8/2025
لا توجد ضربة واحدة وانتهينا
بقلم: افي اشكنازي
على خلفية عاصفة التعيينات في قيادة الجيش الإسرائيلي والاستعدادات للعملية في غزة، يثور جدال بين المستوى العسكري والمستوى السياسي.
امس عُرضت على رئيس الأركان وهيئة الأركان الخطوط الرئيسة لخطة القتال في غزة، كما وجه المستوى السياسي تعليماته للجيش. يدور الحديث عن السيطرة على مدينة غزة وحسم حماس.
في الجيش يقدرون بانه يعمل في مدينة غزة حاليا بضع مئات من المخربين، يستعدون بقوة عسكرية تتمثل بلواء.
معظم القوة تنتشر من تحت الأرض في الانفاق فيما أنه فوق الأرض حيث يفترض بالجيش ان يعمل هو منطقة مدينية مكتظة. في قسم منه بنت حماس اشراك موت للقوات – عبوات، مواقع قنص ومنصات اطلاق قذائف.
بعد نحو سنتين من القتال، فهموا في الجيش بان هذه الطريقة، البطيئة هي الأكثر امانا لسلامة مقاتلي الجيش المناورين. كما أن الجيش يفهم بانه لن يكون صوابا بدء العمل دون اخراج كل السكان – نحو 800 الف نسمة وربما اكثر – من المنطقة المدينية، ونقلهم الى مجالات في المواصي.
في هذه الاثناء، لاجل خلق تواصل قتال ونار، بدأ الجيش يهاجم مجال حي الزيتون في مدينة غزة. خطة الجيش يفترض أن تخلق جاهزية للخطوة القوية بحيث أن وتيرة التقدم يفترض أن تكون بطيئة، بضعة اشهر على الأقل.
الجدول الزمني للجيش الإسرائيلي لا يستوفي توقعات المستوى السياسي، الذي بزعم محافل في الجيش يدفع نحو عملية “ضربة واحدة” سريعة وقوية، مع الكثير من النار والكثير من القوات.
هذا الأسبوع – اذا كان جدول وزير الدفاع إسرائيل كاتس سيكون متفرغا بالطبع – سيأتي رئيس الأركان الفريق ايال زمير ليعرض الخطة العسكرية. التقدير هو أن المستوى السياسي سيطلب ادخال تعديلات عليها.
السؤال هو اذا كانت هذه تعديلات يمكن للجيش ان يتعايش معها ام هي تسريع للجداول الزمنية، الامر الذي حسب رؤية الجيش من شأنه أن يعرض سلامة المقاتلين للخطر.
في الجيش يقدرون بانه في الأيام القريبة القادمة سيتلقى الاف جنود الاحتياط الامر 8. في الجيش يقدرون بان التقدم نحو مدينة غزة سيؤدي الى قتال في ساحتين على الأقل – الضفة واليمن – وتحتمل أيضا محاولات للتحدي من ساحة أخرى.
يستوجب الامر من الجيش تجنيد احتياط كي يعزز الكتائب والالوية، جبهة الضفة والحدود الشرقية وكذا منظومة الدفاع الجوي. في هذه الاثناء، في ساحة التوتر بين مكتب وزير الدفاع ومكتب رئيس الأركان، في الجيش يحاولون التهدئة وعدم الانجرار الى مواجهة أخرى.
للجيش يوجد بطن مليئة على الوزير كاتس. النقد في الجيش على سلوكه يسمع في كل المستويات وفي معظم الوحدات.
لا شك ان وزير الدفاع نجح بخطوة واحدة ان يثير عليه نقدا من الحائط الى الحائط. “كانت هذه خطوة مخططة قام بها كي يجر الى مواجهة مع رئيس الأركان”، قال مصدر عسكري، روى كيف ان رئيس الأركان توجه المرة تلو الأخرى بطلب لاجراء لقاء مع الوزير، رفضه بمزاعم مختلفة.
“على من يستعرض الوزير العضلات الان؟ على الضباط الأفضل الذين يقاتلون منذ نحو سنتين. والذين تريد عائلاتهم ان تعرف ما هو مستقبلهم بعد حرب ضروس بهذا القدر. أهذا ما يريح الوزير؟”، تساءل مصدر عسكري.
فيما أن مصدرا عسكريا غير رفيع المستوى تساءل: “ماذا كان المنطق لاطلاق هذا النقد في وسائل الاعلام؟ ماذا كسب الوزير؟ بدلا من ان يجري الأمور في المكتب من خلف الباب، هو – في منتصف الحرب – يكشف امام اعدائنا المعركة في القيادة الأمنية. هذا يضعف الجيش، هذا يضعف إسرائيل”.
امس في اثناء احتفال تبديل قيادة المنطقة الشمالية فضل زمير التصرف برسمية. امتنع عن الانشغال بالمعركة بينه وبين الوزير او ليروي كيف حاول كاتس تنغيص حياته في الأسبوع الماضي.
السؤال الان هو متى سيفهم وزير الدفاع بانه صعد الى شجرة عالية، وما هو السلم الذي بواسطته سيختار النزول.
——————————————
هآرتس 14/8/2025
انتشار البؤر في الضفة وقتل الفلسطينيين على ايدي المستوطنين يخدمان الغاية ذاتها
بقلم: هاجر شيزاف
في الضفة الغربية تجري في هذه الأيام حرب حقيقية، تديرها مليشيات مستوطنين، من بينها جنود في الاحتياط والجيش النظامي، ضد الفلسطينيين. يوجد لها عدة جبهات: الأولى هي على شكل طرد تجمعات الرعاة التي هي الخلية الأضعف في المجتمع الفلسطيني. عدد سكانها قليل وهي تعتمد على الرعي في المناطق المفتوحة، لذلك من السهل افقارها وعزلها. هذه التجمعات يتم طردها بوتيرة سريعة منذ بداية الحرب. الجبهة الثانية، التي وجدت التعبير في ازدياد الحالات التي قتل لها فلسطينيون في المواجهات مع المستوطنين في الفترة الأخيرة، موجهة للقرى الكبيرة والماهولة اكثر بالسكان. المستوطنون يقومون في اطارها بإقامة بؤر استيطانية على أراضي القرى الزراعية، ويتجولون في المنطقة ويفتعلون الاحتكاك مع السكان أو يعملون على توسيع البؤر عن طريق شق الطرق وإقامة بؤر فرعية، التي تقضم الأراضي بشكل متزايد.
سكان القرى الفلسطينية الذي يحاولون الدفاع عن أراضيهم يجدون انفسهم في معادلة، هم بالضرورة الطرف الخاسر فيها: ليس فقط ان المستوطنين مسلحين بالسلاح الذي زودهم به الجيش أو وزارة الامن الوطني، بل ان التجربة تظهر ان استخدام هذا السلاح بشكل دائم يجد له التبرير لدى السلطات الإسرائيلية، سواء ان الفلسطيني الذي اطلقت النار عليه رشق الحجارة أو انه وجد في المنطقة بدون أن يشارك (مثل عودة الهذالين، الذي اطلق مستوطن النار عليه وقتله قبل أسبوعين في أم الخير). وحقيقة ان هذه الحالات تبدأ على الاغلب بالسيطرة العنيفة على أراضي الفلسطينيين يتم الرد عليها على الاغلب بتجاهل السلطات.
في السنتين الأخيرتين يبدو ان ازدياد حالات قتل الفلسطينيين على يد المستوطنين يوجد في علاقة عكسية مع الاهتمام العام والجهد الذي تستثمره المؤسسات، الجيش، الشرطة والشباك، لحل لغز هذه الظاهرة. على سبيل المثال في الشهر الماضي قتل فلسطينيان في هجمات للمستوطنين قرب قرية سنجل. احدهما، سيف الله مسلط، مواطن امريكي جاء الى الضفة الغربية لزيارة عائلته. هذه الحقيقة، وحقيقة انه حسب وزارة الصحة الفلسطينيين ضرب حتى الموت، حصلت على اهتمام جماهيري اكبر بقليل من العادة. ورغم ذلك لم يعتقل أي مشتبه فيهم بقتله.
في 2 آب اطلق مستوطن النار وقتل معين اصفر، احد سكان عقربة. أيضا هنا لم يتم تقديم أي احد للمحاكمة. وعن قتل عودة الهذالين لا حاجة لاطالة الحديث. ماذا بخصوص ما حدث امس في دوما عندما اطلق جندي كان في إجازة، الذي كان يساعد في اعمال المستوطنين، النار وقتل ثمين دوابشة (35 سنة)؟ اذا حكمنا على الأمور حسب بيان الجيش الذي فيه سمي الفلسطينيون الذين رشقوا الحجارة على المستوطنين “مخربين”، يبدو ان مصير هذا الملف حسم حتى قبل فتح ملف تحقيق.
القاريء الإسرائيلي مطلع على عمليات القتل هذه، اذا اطلع أيضا، في مراحلها الأخيرة، مع انها في معظم الحالات لا تمثل الا نهاية القصة. وقد اثبتت زيارة في منطقة سنجل في الأسبوع الذي قتل فيه فلسطينيان في المنطقة ذلك. انا قمت بزيارة قرية أخرى على سفح الجبل حيث قتل مسلط ومحمد شلبي اسمها جلجلية. ولدهشتي اكتشفت ان المستوطنين يهاجمون سكان المنطقة بشكل دائم منذ أسابيع بعد ان قاموا بالاستيلاء على هذا الجبل. قتل الفلسطينيان كان تتويج للاستيلاء المتعنت على الأراضي الزراعية في عدد من قرى المنطقة. احد السكان قال ان المستوطنين هاجموا أولاده وهم يلعبون بجانب المنزل ورموا عليهم شيء حارق احرق جلودهم. حتى من يتابع ما يحدث في المنطقة لم يدرك ذلك. الحقيقة هي انه من المستحيل ببساطة رصد كل اعمال العنف القومي المتطرف والاستيلاء العنيف على أراضي الفلسطينيين من قبل المستوطنين.
النقطة التي نقف فيها الان تطرح سؤال هل ما زال يوجد فائدة للقول بان أجهزة انفاذ القانون العسكرية او الشرطية في الضفة توجد في الواقع وليس فقط نظريا. امس نشر في “هآرتس” ان قائد لواء شاي في الشرطة، موشيه لنتشي، زار مع الوزير ايتمار بن غفير بؤرة استيطانية غير قانونية بمرافقة شخصية بارزة في مشروع السيطرة على الأراضي في الضفة، اليشع ييرد. وهو ناشط يميني متطرف اعتقل في السابق بتهمة التورط في قتل احد سكان قرية برقة (تم اطلاق سراحه بعد خمسة أيام).
في الفترة الأخيرة كشفت في “آي 24 نيوز” محادثات بين افيشاي معلم، الذي كان منذ فترة قصيرة قائد الوحدة الخاصة في لواء شاي والان هو متهم باعطاء الرشوة والتحايل وخيانة الأمانة وسوء استخدام قوة وظيفته. المحادثات كشفت واقع مخيف لحالة قتل فلسطيني وتثير شبح قتل فلسطيني آخر، رشيد سيدا، الذي قتل باطلاق النار عليه اثناء اعمال الشغب في جت في آب 2024. حسب المنشورات فان ضابطة أبلغت معلم بان عشرات المستوطنين الملثمين يتوجهون نحو القرية، وحتى انها دعته لارسال الى هناك قوة مع تحذير شديد عن نشاطات تخريبية. ولكنه لم يرد. أيضا في حالة سيدا فان لا احد تم تقديمه للمحاكمة.
الفشل الكامل للواء شاي في حل لغز الملفات غير كاف، بل هناك إخفاقات أخرى يمكن الإشارة اليها. في الضفة الغربية تسببت وحشية جنود الوحدات الخاصة والمسؤولون عن الامن الجاري والجنود النظاميين الذين هم من سكان البؤر الاستيطانية والمتورطين هم انفسهم بقتل الفلسطينيين، بجدل حاد بين الشرطة العسكرية الإسرائيلية والشرطة حول من يحق له التحقيق مع الجنود الذين نفذوا جرائم ضد الفلسطينيين. هؤلاء الجنود يحملون سلاح الجيش الإسرائيلي، وكثيرا ما يستخدمون صلاحيتهم كجنود ضد الفلسطينيين، حتى لو انهم لم يكونوا في ذلك الوقت في مهمة عسكرية كلفهم بها قادتهم.
هناك حقيقة معروفة وهي ان احد أساليب المستوطنين هو افتعال الاحتكاك مع الفلسطينيين عن طريق إقامة البؤر الاستيطانية. عمليا، على الأقل حتى فترة قصيرة كان في الجيش اشخاص اعتبروا التوسع الوحشي للبؤر الاستيطانية مشكلة، لان مجرد وجودها يخلق مجال للاحتكاك والعنف. واذا كان هناك الان أيضا في الجيش من يعتقدون ذلك فان أصواتهم ضعيفة اكثر مما كانت في السابق. جولة قصيرة على الأرض تكشف ان بؤر استيطانية غطت الضفة الغربية وهي موجودة على كل تلة وفي كل زاوية. من يسمح بذلك هو من بين اشخاص اخرين الوزير سموتريتش الذي عطل تماما الإدارة المدنية، التي هي في الأصل غير متحمسة لاخلاء اليهود من البؤر الاستيطانية. سموتريتش كالعادة في محاولة للحصول على أصوات مصوتين من اليمين العميق يتفاخر بحقيقة انه قاد الى وقف تام تقريبا لانفاذ القانون ضد إقامة البؤر الاستيطانية. هكذا فان البيانات التي حصلت عليها الحركة من اجل حرية المعلومات تظهر عمق الفجوة في انفاذ القانون مقابل البناء غير القانوني ضد الفلسطينيين. هكذا فانه من حزيران 2024 وحتى منتصف أيار 2025 تم انفاذ القانون في 8.7 في المئة من أوامر الهدم التي صدرت ضد المستوطنين مقابل 70 في المئة من الأوامر التي صدرت ضد الفلسطينيين.
جميع هذه الاحداث تظهر ان توسيع البؤر الاستيطانية وقتل الفلسطينيين هما نفس الشيء. هذه أداة يستخدمها المستوطنون في نفس الوقت لدفع الفلسطينيين الى جيوب، وبعد ذلك طردهم من الضفة الغربية. الجيش والشرطة هم في افضل الحالات أداة لعب في ملعب المستوطنين، وفي أسوأ الحالات التي أصبحت تتكرر هم شركاء حقيقيون في تنفيذ الخطة.
——————————————
معاريف 14/8/2025
في غزة أقمنا الدولة الفلسطينية
بقلم: افرايم غانور
لم يسبق أن كان الحلم الفلسطيني لاقامة دولة مستقلة خاصة بهم على هذا القرب مثلما في هذه الأيام – في الوقت الذي تدفع فيه حكومة اليمين ورئيسها بنيامين نتنياهو بالجيش الى مواصلة القتال في غزة الى حملة أخرى، الى خطوة أخرى عن النصر الذي لا يرى.
بينما لا تكف الحكومة عن الهذر لشعب إسرائيل بعد نحو سنتين من القتال دون إعادة مخطوفينا، بان النصر المطلق وتقويض حماس هما حقا هنا، خلف الزاوية بين غزة ورفح – فان الدولة الفلسطينية آخذة في التجسد.
مثلما يبدو هذا فانها أقرب بكثير الى تحقيق إقامة الدولة منها الى النصر المطلق على حماس. في الشهر القادم ستنعقد الجمعية العمومية للأمم المتحدة لتبحث في المبادرة الفرنسية للاعتراف بدولة فلسطينية، بتأييد لم نشهده ولم نحلم به من قبل، فان رئيس الوزراء نتنياهو لا يمكنه أن يقول – “لم يوقظوني”، “لم يشدوا طرف ردائي”. ستكون هذه ثمرة فجة لسلوك سياسي وعسكري فاشل، ان لم نقل مجرم، حين لا يكون شك بان الحرب التي لا تنتهي في قطاع غزة، مع الصور القاسية التي تخرج من الى العالم الواسع هي المحفز الذي جلب صورة الوضع الحالي.
اليوم، نحو 150 من أصل 193 دولة في الأمم المتحدة تؤيد الاعتراف بدولة فلسطينية. على مدى التاريخ شهدنا إخفاقات وتصويتات قاسية وأليمة في أروقة الأمم المتحدة، هذه المرة هذا ليس فقط اليما، هذا مقلق، لانه يعكس موقف العالم من دولة إسرائيل واساسا في ضوء حقيقة أن دولا صديقة تؤيد وأيدت دولة إسرائيل على مدى السنين، تؤيد اليوم إقامة دولة فلسطينية وليس بالضرورة انطلاقا من تعاطف وعطف بل بقدر اكبر احتجاج على سلوك دولة إسرائيل.
لا شك في أخلاقية جنود الجيش الإسرائيلي، وواضح تماما ان الجيش الإسرائيلي لا يدير سياسة تجويع ضد السكان الغزيين، لكن الواقع الفاشل الذي نشأ في غزة بعد نحو سنتين من القتال هو واقع قاس. مئات الالاف يعيشون تحت قبة السماء بلا شروط أولية، في أيام ترتفع فيها درجة الحرارة الى ما فوق 30، والكثيرون منهم لا يتمكنون من الوصول او لا يحصلون على التموين الإنساني الذي يرسل بكميات كبيرة الى القطاع.
عند رؤية الاف الصور من غزة لاطفال يستجدون وجبة طعام في ظل خرائب المدينة، يخلق هذا عداء، غضبا وحتى كراهية تجاه إسرائيل. حتى لو صرخنا الف مرة في اليوم – “هذا كله بسبب حماس” – فهذا لن يجدي نفعا.
“ثأر دم طفل صغير لم يخلقه الشيطان بعد”، كتب بيالك في قصيدته عن “الذبح”. هذا صحيح ويتعلق بكل طفل وليس فقط بطفل يهودي. العالم حساس لهذه الصور، التي بسلوك ذكي وصحيح كان يمكن منعها. المشكلة هي ان الحكومة قررت واتبعت سياسة فاشلة في انه ما لا يحقق بالقوة سيحقق بمزيد من القوة، وهذه هي النتيجة.
هذا بالتأكيد سيكون “أيلول اسود” من ناحية دولة إسرائيل، حين سنرى في الجمعية العمومية للأمم المتحدة دول مثل بريطانيا، استراليا، فرنسا، كندا، البرتغال وغيرها تنضم الى دول سبق أن اعترفت بالدولة الفلسطينية في اثناء الحرب، وبينها ايرلندا، النرويج، اسبانيا وسلوفانيا، ناحيك عن دول سبق أن اعترفت منذ زمن بعيد بالدولة الفلسطينية مثل الارجنتين، البرازيل، المكسيك، الصين، الهند وعمليا معظم دول آسيا.
مقلق وأليم ان هذا لا ينتهي بالاعتراف بدولة فلسطينية. إسرائيل توجد منذ الان في عزلة مقلقة، آخذة في الاتساع في مجالات عديدة. في الأيام القريبة القادمة سينعقد في الاتحاد الأوروبي في بروكسل بحث ميله ابعاد – تجميد إسرائيل عن برنامج “هورايزن أوروبي” – برنامج البحوث والحداثة الكبير والهام جدا، الذي يقدم للمشاركين فيه منحا هامة للبحث والتطوير – خطوة يمكنها أن تمس باوجه تعاون إسرائيل في مجال التكنولوجيا العليا، القاطرة الرائدة لاقتصاد إسرائيل.
هذه الحكومة الهاذية، التي تعمل ضد رئيس المحكمة العليا، المستشارة القانونية، المساواة في العبء، إقامة لجنة تحقيق رسمية ولا تتوقف عن العمل لتنفيذ انقلاب سلطوي – هي التي اقتادتنا الى هذا الواقع المرير.
——————————————
يديعوت احرونوت 14/8/2025
بين غزة واوكرانيا
بقلم: آفي شيلون
من الصعب بلورة رأي بشأن الخطاب الحالي حول استمرار الحرب لانه يخيل أن المخفي اعظم. هكذا مثلا ليس واضحا لماذا، اذا كانت الحكومة قررت القتال والسيطرة على غزة، نجد أن بتسلئيل سموتريتش بالذات ليس راضيا ويعلن عن عدم الثقة برئيس الوزراء؟ ظاهرا، هو يقول هذا لان الحكومة لم تقرر احتلال غزة بل وقضت بانه اذا وافقت حماس في اثناء القتال على صفقة جزئية، فانها ستنفذ. لكن على مدى كل الطريق ايد سموتريتش التقدم خطوة إثر خطوة حتى الاحتلال الكامل. واذا كان كذلك – فلماذا فجأة يطالب، الان وفي الحال حسم الاحتلال؟ يحتمل أن يكون غضبه ينبع من سبب آخر: سموتريتش يفهم بان صفقة كاملة لانهاء الحرب على الطريق. ليس واضحا أيضا لماذا اعلن نتنياهو هذا الأسبوع، بخلاف كل امتناعاته السابقة عن البحث في “اليوم التالي”، لانه معني بتسليم غزة الى حكومة مدنية، أي حكومة فلسطينيين تكنوقراط وبعد ذلك لدول عربية، مثلما اقترح كثيرون عليه أن يقول منذ بداية الحرب. فالاقتراح إياه كان يمكن طرحه قبل سنة ونصف وبذلك نيل تأييد العالم للمطلب الشرعي لاستبدال حماس بجهة عربية أخرى.
في كل حال، تعزز أقواله الانطباع باننا امام صفقة واحدة تنهي الحرب، بتأخير واضح وزائد. وعليه، فان نتنياهو يسعى لان يتخذ صورة من حققها بفضل التهديد على غزة، وليس، مثلما معقول الافتراض لان الأمريكيين فهموا بانه لا سبيل آخر لانهاء الحرب الا باتفاق شامل ويفرضون هذا عليه. من جهة أخرى يحتمل أن يكون نتنياهو يواصل الخداع ويلقي لكل طرف ما يريد أن يسمعه، بدون خطة.
واذا كانت صفقة، فان ثلاثة مباديء يجب أن تكون مطبقة فيها. حماس لا تحكم في غزة، كل المخطوفين يعودون، ولغزة يجب أن يوجد حل سياسي يعيد بنائها بمشاركة الفلسطينيين. والا فان ما هو مضمون هو ان الدمار والقتل اللذين خلفناهما في غزة هما بالضبط ما سيضمنان لنا محاولة 7 أكتوبر أخرى في المستقبل. معقول ان يكون الجيل التالي من الغزيين، اذا لم يعاد بناؤها، سيسعى ذات يوم الى الثأر، وفي اعقاب ذلك سنرغب، بشكل طبيعي، في الرد، وهكذا تتعاظم دائرة العداء الى الأجيال التالية. وعليه، فان النصر الحقيقي ليس منوطا بكم من رجال حماس سيقتلون، بلا في المستقبل السياسي لغزة.
إشارة لما يمكن ان يحصل لغزة في المستقبل ستأتي يوم الجمعة عندما سيلتقي ترامب وبوتين للبحث في الحرب في أوكرانيا. من ناحية الأمريكيين فان الحرب في أوكرانيا وفي غزة على حد سواء هما عقبة كأداء يجب ازالتها. اذا توصل الرئيسان الى اتفاق يكون مقبولا على أوكرانيا أيضا – فان الضغط لاغلاق القصة الإسرائيلية أيضا سيزداد. مشوق بالمناسبة ان ننتبه الى انه علم مؤخرا عن حديثين لم يسرب مضمونهما بين بوتين ونتنياهو.
بينما في الحالة الأوروبية روسيا هي الجانب القوي، في حالتنا إسرائيل هي القوية. من جهة أخرى، بينما في حالتنا الجانب الضعيف، حماس، هو أيضا الجانب الشرير أخلاقيا، في حالة روسيا فان الضعفاء، الاوكرانيين بالذات هم الاخيار. غير أن الاستمرار الزائد للحرب في غزة تسبب في أن ترانا عيون الكثيرين في العالم نحن بالذات في دور روسيا. باختصار، الأمور معقدة. وما يمكن أن نتعلمه من محاولة إيجاد تسوية في أوروبا وفي غزة هو أنه لا يهم ما هي علاقات القوى والأخلاق، صور الواقع معقدة. وعليه فان الاتفاقات التي تنهي المعارك لن تتضمن فقط لا مطالب القوي والمنتصر بل وأيضا مطالب الجانب الضعيف والشرير. ولعلمنا بان التطلع الى النصر المطلق منقطع دوما عن الواقع، في كل مكان وفي كل زمان.
——————————————
هآرتس 14/8/2025
وزير العدل “يطرد” المستشارة القانونية باستبدال أقفال مكتبها.. ورابطة المحامين: يجب اعتقاله
بقلم: أسرة التحرير
وزير العدل، يريف لفين، ثبت مستوى جديداً في سلوك عضو حكومة، مستوى متدنياً جداً لدرجة أن من يحاول النزول إليه يحتاج إلى التزود بمقدح حفر.
عُلم أمس بأن لفين أمر بتغيير الأقفال في مكتب المستشار القانوني للحكومة في تل أبيب. الخطوة التي أبقت غالي بهرب ميارا خارج مكتبها.
تغيير القفل هو برغي آخر في مشروع التغييرات في حكم نتنياهو والتي يعمل لفين فيها مقاول هدم رئيسي: تغيير المستشار القانوني للحكومة، ورئيس الأركان السابق، ورئيس الأركان الحالي، ورئيس الأركان التالي (هذا سيأتي)، ووزير الدفاع، ورئيس “الشاباك”، ومراقب الدولة، ورئيس المحكمة العليا، وقضاة محكمة العدل العليا، واللجنة المسؤولة عنهم، واللجنة التي تعين اللجنة، والحبل على الجرار.
هذا مشروع تغيير أبدي: إذا لم يعينوا فلأنهم لم يعينوا؛ وإذا عينوا فلأنهم لم يعينوا (الأسباب متنوعة: هذه غرسة كابلن، هذه دمية خيطان “الدولة العميقة”، الأخ التوأم السري لإيهود باراك). هكذا يتواصل الأمر: تغيير الموظفين، تغيير قنوات التلفزيون، الصحافيين، الحاصلين على الجوائز ومانحيهم، البروفيسوريين، المدراء، المعلمين وربما أيضاً الجمهور في المدرج، إذا لم يصفق الجمهور في الوقت المناسب.
كل عامل، كل قفل، كل برغي حتى آخره.
أمر واحد فقط محظور تغييره: رئيس الوزراء، نتنياهو. حقيقة أنه على مدى الـ 16 سنة الأخيرة (باستثناء سنة واحدة) هو والموالون له يديرون الدولة، وكل ما خرب خرب تحت قيادتهم – ليست مشكلة. من ناحيتهم، العالم كله بحاجة إلى إصلاح، باستثناء قبطان السفينة الغارقة التي تسمى “دولة إسرائيل”.
“المكتب هو مكتب الوزير وليس مكتب المحامية بهرب ميارا، ادعى لفين. وبالفعل، حان الوقت لتذكير الأزعر من “موديعين” بأن الدولة لمواطنيها وليس للمحامي لفين.
محق يئير غولان حين قال إن “تغيير أقفال مكتب المستشارة القانونية ليس مسرحية هزلية، بل انتهاك للأمر الصادر عن محكمة العدل العليا”. رئيس رابطة المحامين عميت بخر، دعا الشرطة حتى إلى اعتقال لفين.
محظور لإحساس الدعابة السليم لدى الجمهور أو اعتياد الجمهور على معايير هذه الحكومة التدنية، أن يطمس جسامة الأفعال. محظور التجلد على زعرنة وزير العدل. قرار تنحية المستشارة جمدته محكمة العدل العليا. وبالتالي، فإن ما فعله لفين ليس “نكتة” بل جناية جنائية وعلى الشرطة أن تحقق فيها فوراً.
—————–انتهت النشرة—————–