المسار الإخباري : تابعت “الدائرة القانونية في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين” باهتمام بالغ التقارير الموثوقة حول اكتمال ملفات مذكرات التوقيف بحق وزير الأمن القومي في حكومة الاحتلال إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، والمتعلقة بجرائم الفصل العنصري (الأبارتهايد) والانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني، والتي تشير إلى أن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، كان قد أنجز إعداد هذه الملفات قبل خروجه في إجازة في مايو/أيار 2025، ولم يتبقَّ سوى تقديمها رسمياً إلى قضاة المحكمة. غير أنّ نوابه – نزهت شميم خان ومامي ماندياي نيانغ – لم يباشروا حتى الآن رفع الطلبات، في ظل تسريبات تفيد بتعرضهم لضغوط وتهديدات أميركية مباشرة بفرض عقوبات.
وتؤكد “الدائرة القانونية في الجبهة الديمقراطية” أنه إذا ما قُدّمت هذه المذكرات وأُقرّت من الدائرة التمهيدية، فإنها ستكون أول محاكمة دولية في التاريخ بتهمة الفصل العنصري ضد مسؤولين إسرائيليين رفيعي المستوى. وتشير إلى أن خان كان قد باشر بالفعل بالتحضير لإصدار مذكرات توقيف ضد الوزيرين بسبب دعمهما المتصاعد لسياسات الاستيطان والتهجير، إلا أن خروجه في إجازة أوقف العملية مؤقتاً، تاركاً المسؤولية في يد نوابه اللذين يواجهان حالياً تحديات وضغوطاً سياسية غير مسبوقة. وعليه نشير إلى ما يلي:
أولاً: في الطبيعة القانونية للجرائم”
إن الجرائم المنسوبة لـ بن غفير وسموتريتش ثابتة وموثّقة وتشمل:
– التحريض العلني على الترحيل القسري للفلسطينيين، وهو ما يدخل في نطاق المادة 7(1)(د) من نظام روما الأساسي (جريمة الترحيل القسري).
– التوسع الاستيطاني المنهجي، في خرق واضح للمادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة، ويُعدّ جريمة حرب بموجب المادة 8(2)(ب)(viii) من نظام روما الأساسي.
– الفصل العنصري والتمييز الممنهج، الذي يشكّل جريمة ضد الإنسانية وفق المادة 7(1)(ج) من نظام روما الأساسي والاتفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري لعام 1973.
– المشاركة في الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وهو ما يندرج تحت المادة 6 من نظام روما الأساسي.
ثانياً: في الضغوط السياسية:
إن تعطيل تقديم هذه المذكرات بفعل التهديدات الأميركية والغربية بفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية، يمثّل مساساً خطيراً باستقلال القضاء الدولي، ويقع في خانة عرقلة سير العدالة المنصوص عليها في المادة 70 من نظام روما الأساسي.
ثالثاً: في المسؤولية الدولية:
– نطالب مكتب الادعاء بالإسراع في تقديم المذكرات إلى الدائرة التمهيدية، التزاماً بواجبه بموجب المادة 54 من نظام روما الأساسي.
– ندعو الدول الأطراف إلى حماية المحكمة من التدخلات الخارجية، تطبيقاً للمادة 86 من النظام ذاته.
– نناشد المنظمات الحقوقية والمجتمع الدولي تكثيف الضغط من أجل ضمان عدم الإفلات من العقاب، المبدأ الذي يشكّل جوهر العدالة الدولية.
ختاماً:
إن أي محاولة لتجميد أو إخفاء هذه المذكرات ستكون بمثابة إدانة للعدالة الدولية نفسها، وتكريس لسياسة الكيل بمكيالين. وساعة محاسبة مجرمي الحرب قد حانت، ولن تنجح التهديدات ولا الضغوط السياسية في تعطيل مسار العدالة أو إسكات صوت الضحايا. فالشعب الفلسطيني، ومعه أحرار العالم، ينتظرون لحظة تُقدَّم فيها هذه الملفات إلى القضاة لتثبت المحكمة الجنائية الدولية أنها بالفعل أداة للعدالة وليست رهينة للقوى الكبرى ■
الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
الدائـرة القانونية ، 17 آب 2025