الصحافة العبرية… الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي التابع للجبهة الديمقراطية

رباح
47 Min Read
 افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

إسرائيل اليوم  17/8/2025

يوم صرخة: إسرائيل تتوقف .. إذ محظور السكوت

بقلم: ايتسيك هورن 

أبدأ بان اروي قليلا عن ابني ايتان. انتم تعرفونه فقط كواحد من الاخوين هورن اللذين اسرا معا في نير عوز. ايتان، ابني الصغير، مربٍ بكل ما فيه، محب للناس، متواضع وصهيوني، قدم الى البلاد من سن مبكرة واختارها وطنا له. ايتان مثل الدولة بفخر عظيم كرسول عن الوكالة اليهودية في أمريكا اللاتينية. في كل ليلة اغفو مع الامل في أن أنهض لبشرى وفي كل صباح يخيب الواقع أملي. بعد قليل سنحيي 700 يوم على وجود المخطوفين في غزة ولدي يوجد بضعة أسئلة.

السؤال الأول: لماذا هم لا يزالون في غزة؟ 

السؤال الثاني: عندما نتظاهر يقال لنا اننا نمس باعزائنا ونخدم حماس – كيف تساعد المواجهة بين وزير الدفاع ورئيس الأركان في إعادة ايتان وباقي المخطوفين؟ العدو أيضا يرى فقدان الطريق لدى القيادة. 

والسؤال الثالث: لماذا بعد مشاهدة اشرطة التجويع، بعد الشهادات القاسية للمخطوفين الذين اعيدوا الى البلاد عن المعاناة الشديدة، التعذيبات والإرهاب النفسي وفي ضوء الزمن الذي ينفد – الكابنت، بخلاف توصية رئيس الأركان يقرر خطة احتلال القطاع، التي تشكل حكم اعدام للمخطوفين الاحياء وحكم الاختفاء للمخطوفين الأموات. 

ولئن كان هذا هو القرار، فلماذا ليس لهم الشجاعة للخروج الى الجمهور والاعتراف باختيار موت ابني ايتان. كيف تختار قيادة ان تستخف هكذا بحياة انسان، تدوس على قيم قدسية الحياة والتكافل المتبادل؟ 

سواء عقل، الان

80 في المئة من الشعب مع وقف الحرب وإعادة المخطوفين. محظور علينا أن نسكت! اليوم إسرائيل تتوقف وانا ادعو الجميع من رجال ونساء للانضمام الينا. هذا ليس يوم إجازة وقضاء عطلة – هذا يوم صرخة. 

هذا ليس فقط يوم تضامن مع عائلات المخطوفين – بل أيضا مظاهرة مدنية للحفاظ على طابع دولة إسرائيل القيمي، تلك التي اخترت انا وأبناء الهجرة اليها. يئير الذي عاد من الجحيم في غزة، عاموس اب حفيدي غالي وارئيل وايتان الذي لا يزال هناك يذوي في الانفاق وينقصنا في كل لحظة. 

اشكر كل من سيتوقف غدا على كل اهتمامكم بنا، اهتمامكم بانفسكم، اهتمامنا جميعا بمستقبل الدولة. انهي بجوابي على سؤالي الأول. المخطوفون لا يزالون في غزة لان القيادة لا تريد أن تعيدهم الى الديار. حان الوقت لاعادة الجميع باتفاق لاعادة التأهيل، للدفن ولسواء العقل. الان!

——————————————

هآرتس 17/8/2025 

استخدام صفة “الجيش الأكثر أخلاقية” فقط تطبع السلوك غير الاخلاقي

بقلم: آسا كيشر 

مرات كثيرة يصعب احصاءها سمعت الادعاء بان الجيش الإسرائيلي هو “الجيش الأكثر أخلاقية في العالم”. ولكن انا لم اقل ذلك في أي مرة. مؤخرا قرأت ادعاءات بان دولة إسرائيل هي الدولة الأكثر أخلاقية في العالم، وان الشعب اليهودي هو الشعب الأكثر أخلاقية في العالم. أيضا لم يخطر ببالي استخدام هذه الصفات. كل هذه الادعاءات هي شعارات ضعيفة، ولكنها خطيرة أيضا. من الجدير التخلي عنها، كل واحد منها بحاجة الى نقاش بحد ذاته. هنا اريد عرض عدة ملاحظات بخصوص الجيش الإسرائيلي. 

أولا، لا يوجد أساس لادعاء المقارنة بين جيوش العالم، طالما انه لم يتم اجراء مقارنة مسؤولة، أساسية ومهنية، بين هذه الجيوش. ان لا اعرف عن أي مقارنة بين الجيش الإسرائيلي وجيش كندا، فنلندا، بريطانيا، الولايات المتحدة وغيرها. انا اعرف مقارنة محددة حول الحرب في العراق والعملية في غزة مثلا، لكن لا يوجد فيها أي أساس لادعاء شامل للمقارنة.

ثانيا، لنفترض اننا نريد القيام بالمقارنة على أساس كل المعلومات التي يعرفها الجميع. هذا سيحتاج الى عملية مقارنة معقدة جدا، الى درجة انه في الحقيقة لا يمكن القيام بها بشكل مسؤول. لننظر اذا فقط الى طرف خيط المقارنة المطلوبة.

ثالثا، وثائق الاخلاق للجيوش مكشوفة، ويمكن القيام بالمقارنة. مدونة قواعد السلوك الأخلاقي للجيش الإسرائيلي تتميز بميزة معروفة: هي تشمل قيمة “حياة الانسان” و”طهارة السلاح”. وجميع القيم الأخرى تستمد من اخلاقيات جيوش العالم. الجيش الإسرائيلي في الواقع على صعيد الاخلاق المعلنة يعتبر اكثر التزاما بالاخلاق من جيوش العالم. ولكن المقارنة الأساسية لن تكون على الصعيد الإعلاني، بل على صعيد تطبيق هذه القيم.

رابعا، على صعيد مباديء العمليات العسكرية، من بينها الإجراءات وتعليمات اطلاق النار، لا يمكن اجراء مقارنة حقيقية، لانه بشكل عام هي متضمنة في وثائق سرية. القليل منها تم كشفه من قبل الجنرال ديفيد بتراوس، قائد قوات الولايات المتحدة والناتو في أفغانستان. الكتاب الذي نشره لا يوفر الأساس للادعاء بشأن الأفضلية الأخلاقية للجيش الإسرائيلي.

وزير الدفاع الامريكي السابق، الجنرال لويد اوستن، قاد نشاطات كل اذرع الولايات المتحدة لخفض “الضرر الجانبي” (المس بغير المشاركين) في النشاطات العسكرية للوحدات الامريكية. يمكن قراءة مقاطع في موقع وزارة الدفاع. انا لا اعرف مستوى أخلاقي مشابه، ولا أقول اعلى، لجيوش أخرى، باستثناء سلاح الجو في عمليات التصفية المركزة. 

خامسا، الوحدة الفنية للانقاذ الخاص في سلاح الجو (669) هي صاحبة المستوى المهني الأعلى في احضار المصابين من ساحة الحرب الى المستشفى. بهذا يوجد للجيش الإسرائيلي افضلية أخلاقية في تطبيق قيمة “حياة الانسان”، ويمكننا التفاخر بذلك. 

سادسا، سلوك عشرات الاف الجنود خلال النشاطات الحربية في الجيش الإسرائيلي، وجيش الولايات المتحدة وجيوش العالم، غير معروف لنا، باساسه وتفاصيله. ويمكن فقط التاثر من شهادات غير مباشرة. 

جزء من السلوك هو تنفيذ الأوامر. الدمار الشامل في مناطق كثيرة في قطاع غزة هو كذلك. وبشكل خاص كل ما يترتب على الدمار في البنى التحتية المدنية. في تقدير أخلاقي للعمليات العسكرية المدمرة لا يوجد مكان للتفاخر. هناك شك كبير اذا كان الدمار الكبير هو ضروري. 

المس بعشرات الاف السكان غير المشاركين، القتل والاصابة، أيضا التهجير وخلق جيوب الجوع، كل ذلك لا يمكن اعتباره نتيجة معقولة لنشاطات مهنية بالمستوى الأخلاقي العلني والمطلوب. التصريحات التي سمعت من قائد فرقة ووزراء وأعضاء كنيست وكانه لا يوجد في غزة اشخاص غير متورطين، فتحت ثغرة واسعة لسلوك غير أخلاقي بشكل واضح. لا يجب ان نكون الجيش الأكثر أخلاقية في العالم، يكفي أن نكون جيش أخلاقي كي نرفض بالتأكيد القتل الجماعي للأطفال والمسنين على سبيل المثال.

سابعا، العلاقة بين الجيش وبين المستوى السياسي. انا اريد عرض القضية الأخلاقية التي تظهر في هذا السياق على صورة ما يمكن تسميته “أسئلة القائد الشاب”.

“القائد، انا في الطريق الى شن معركة، مع جنودي، التي فيها احتاج الى ان اشرح لهم ما الذي سنقوم بتنفيذه. انا افكر بالاسئلة التي يمكن ان تخطر بالبال. 

“عندما تعلمنا مباديء الحرب، المبدأ الأول كان التمسك بالمهمة على ضوء الهدف. نحن نعرف كيف نتمسك بالمهمة، ولكن ليس لنا أي فكرة ما هو الهدف. من غير المعقول ان الهدف هو تحرير المخطوفين، لانه منذ اشهر نحن نحارب ونخاطر بانفسنا، واحيانا نصاب وحتى نُقتل، ولم نر أنه تمت إعادة مخطوفين.

“أيضا من غير المعقول ان الهدف هو هزيمة حماس. عندما تعلمنا مهنتنا رأينا انه يمكن هزيمة جيش ومنظمة إرهابية تتصرف مثل الجيش، لكن لا يمكن هزيمة منظمة عصابات. يوجد مثال واحد على تدمير منظمة عصابات، “نمور التميل” في سيريلانكا. ولكن ذلك كان استثنائي ومرتبط بقتل غير محتمل للسكان المدنيين.

“اذا كان الهدف ليس إعادة المخطوفين أو هزيمة حماس فما هو الهدف؟. رئيس الأركان قال انه تم استنفاد الجهد العسكري من اجل هذه الأهداف. هذا يعني انه لا يوجد هدف آخر. 

“لكن في وسائل الاعلام نحن نسمع عن كل أنواع الأهداف الأخرى مثل تدمير القطاع، طرد سكانه وإقامة المستوطنات. هذه الأهداف محظور علينا تعريض حياة الجنود للخطر من اجلها. حسب روح الجيش الإسرائيلي مسموح تعريض حياة الجنود للخطر فقط في حالة الدفاع عن الدولة ومواطنيها وإنقاذ حياة الناس”.

الخلاصة، لا يوجد لدي أي شك بأن رئيس الأركان والكثير من قادة الجيش الإسرائيلي يريدون ان يكون الجيش الإسرائيلي نموذجا للاخلاق. ولكن هناك شك كبير اذا كان الجيش الإسرائيلي يتصرف الان طبقا للمثل الأخلاقية لاسلافه (مثل دافيد بن غوريون واسحق سديه)، واجيال القادة الذين كانوا مثال أخلاقي في كل سياقات الحرب. 

المستوى الأخلاقي للجيش يتم تحديده من خلال المستوى الأخلاقي لقادته. اذا كان المستوى السياسي يحاول ان يرسل الجيش لتنفيذ عمليات مخالفة للقانون، والقانون الدولي أو روحية الجيش الإسرائيلي، فان القادة يقولون نحن لن نسمح بذلك باي شكل من الاشكال. التفاخر بـ “الأكثر أخلاقية” يطبع ويسهل السلوك غير الأخلاقي، ويجب التخلص منه. يمكن لجيش الدفاع الإسرائيلي ان يكون جيش أخلاقي، واذا كان يمكنه ان يكون هكذا، فيجب أن يكون.

——————————————-

إسرائيل اليوم 17/8/2025

لماذا أوروبا دائما ضدنا

بقلم: ايال زيسر 

هجمة الإرهاب الاجرامية التي شنتها حماس في صباح 7 أكتوبر تترافق منذئذ وهجمة سياسية، هدفها أن تحقق – عن طريق الضغط السياسي، العزل بل والمقاطعة على إسرائيل – ما لم يفلح قتلة حماس في تحقيقه في هجمتهم على غلاف غزة؛ هجمة استهدفت كما هو معروف ان تكون رصاصة بدء لخطوة شاملة – تشارك فيها ايران وحزب الله أيضا لاجل تصفية إسرائيل. منذ 7 أكتوبر ونحن نسمع الأصوات ونرى المشاهد في العالم التي ترفض شجب حماس او تعرب عن التفهم لافعالها وبالطبع يوجد أولئك الذين يشجبون إسرائيل على خروجها للدفاع عن نفسها ولتصفية حماس التي قامت بقتلها. وهكذا، في شوارع المدن، ولا سيما في أوروبا، تنطلق مرة أخرى الدعوات الماضية ذاتها “أيها اليهود ارحلوا!”، واسرائيليون ويهود يتعرضون للاعتداءات في الشوارع، يطردوهم من الحيز العام ويطاردون حتى في بيوتهم، في المدارس وفي الكنس. 

ان المعركة الجارية ضد إسرائيل في ارجاء العالم تستهدف ظاهرا انهاء الحرب في غزة وبكلمات أخرى لإنقاذ حماس من هزيمة كاملة، واليوم اضيف لها هدف آخر – العمل على إقامة دولة فلسطينية. لكن بين السطور، واحيانا أيضا بشكل علني وبارز يدور الحديث عن معركة تسعى الى تقويض الشرعية الدولية لدولة إسرائيل. فاي تفسير آخر يوجد لدعوة “فلسطين من النهر وحتى البحر” او للاتهام بان إسرائيل تسير في طريق النازيين؟!

السلطة الفلسطينية، بعض الدول العربية وبالطبع ايران هم الذين بادروا الى الحملة ضد إسرائيل، لكن انضمت اليهم بضع دول “متنورة” – مثل تركيا، التي على اسمها مسجلة الإبادة الجماعية لملايين الأرمن، او روسيا والصين الدكتاتوريتين اللذين مضرجة ايديهما بدماء الملايين. لكن مفاجيء ان نكتشف، وفي واقع الامر متوقع جدا، ان في جبهة المعركة ضد إسرائيل تقف اليوم دول كثيرة في أوروبا. متوقع جدا، إذ على مدى سنوات وجود إسرائيل لم يفوت الأوروبيون أي فرصة للوقوف ضدها ومهاجمتها. 

قال من قال عن الأوروبيين انهم يرضعون كراهية اليهود مع حليب امهاتهم، وهذا يقبع بلا شك في أساس العداء الذي يبدونه تجاه إسرائيل منذ قامت وحتى حرب الأيام الستة التي احتلينا فيها الضفة وقطاع غزة. لكن اليها أضيفت مصالح اقتصادية دفعت دول أوروبا لان تؤيد بشكل تلقائي الجانب العربي. بالفعل، عندما يعلن المستشار الألماني عن حظر سلاح على إسرائيل، لا يمكن أن ننسى بانه حتى منتصف الستينيات خافت المانيا من أن تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل وامتنعت عن بيعنا السلاح خوفا مما سيقوله العرب. 

وبعامة، كان الأوروبيون ولا يزالون مقتنعين بان الحل لكل مشاكل الشرق الأوسط ينبع من تسوية النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني، وانه عندما تلين إسرائيل وتتنازل إذ ان قيامها تم في خطيئة وعليه فواجب التنازل ملقي عليها – فستحل عموم مشاكل الشرق الأوسط وسيتحقق فيه استقرار وازدهار اقتصادي وسيتوقف عن أن يكون مصدر إرهاب وهجرة غير قانونية الى أوروبا. 

غير ان أوروبا فوتت القطار. ليست هذه أوروبا التي عرفناها، بل قارة تغير وجهها في ضوء موجات الهجرة من الشرق الأوسط ومن افريقيا التي تغمرها وتجلب معها التخلف والتطرف اللذين يصعب عليها مواجهتهما. الطريقة الأوروبية هي الاستسلام والتنازل، وبسبب الرغبة في الحصول على أصوات المقترعين من بين جماعات المهاجرين يسير السياسيون على الخط مع المتطرفين منهم، وبالتأكيد في كل ما يتعلق بإسرائيل. أوروبا لا تزال لا تفهم بان المسألة على جدول الاعمال ليست إسرائيل والموقف منها ولا حتى اذا كانت أوروبا ستصبح “نقية من اليهود”. السؤال هو كيف ستبدو أوروبا اذا ما واصلت طأطأة الرأس امام الموجة العكرة التي تغمر مدنها.

يحتمل ان تكون أوروبا حالة ضائعة، ولهذا لا حاجة لان ننسب أهمية زائدة لمواقفها التي كانت وستبقى على ما يبدو مثابة رد فعل شرطي ضد إسرائيل. خسارة ان وزارة الخارجية الإسرائيلية هي الأخرى “حالة ضائعة” وهكذا بقينا بلا جهة إسرائيلية تتولى مكافحة الموجة العكرة – ولا سيما تلك الأوروبية التي تسعى الى اغراقنا.

——————————————-

هآرتس 17/8/2025 

توقيت مشبوه

بقلم: عاموس هرئيلِ 

الجنرال احتياط اهارون حليفه، رئيس قسم الاستخبارات في هيئة الأركان اثناء مذبحة 7 أكتوبر، قام اول امس باجراء مقابلة بدون مقابلة في “اخبار 12”. لقد وصل الى هذه القناة، وبصورة مدهشة تسجيلات طويلة من محادثات اجراها حليفه في الأشهر الأخيرة. كل من سمعه ذات مرة لم يتفاجأ. هذا هو حليفه – صريح، مكشوف، فظ، ويبدو انه لا يحسب حساب احد – لكن الأسلوب الاستثنائي يسمح له أيضا بالسيطرة على المضمون. فهو لا يرد على ما لا يريد ان يرد عليه. حليفه في الواقع وصف اكثر من مرة بانه صاحب فم كبير، ولكن في حالات قليلة جدا لم يسيطر على الرسالة التي يريد ارسالها. يصعب التصديق ان الاقوال بصورة ما هربت منه، في لحظة حاسمة جدا بالنسبة له.  

يمكن التخمين بان النشر لن يثير الان موجة من التعاطف العام مع حليفه، الذي في الواقع اختار تحمل المسؤولية عن دوره في الفشل، وقدم استقالته من منصبه قبل سنة تقريبا. الفشل البنيوي والتنظيمي كبير جدا، والناس ما زالوا غاضبين من حليفه وبحق. هو ليس بطل، وأيضا ليس قديس معذب. أيضا طبيعته – واثق بنفسه، صارم، على الاغلب لا يستمع لآراء الاخرين – ساهمت بنصيبها في الكارثة. في القيادة العليا في الاستخبارات العسكرية قال شخص خدم في وظيفة رفيعة في الجهاز بانه سادت خلال سنوات “ثقافة الطاووس النرجسي”، وهذا لم يبدأ بحليفه ولم يتلاشى بعد استقالته، رغم الجهود الصادقة لبعض الأشخاص في القيادة العليا الحالية.

مع ذلك، هناك درجة كبيرة من المنطق في الادعاء الرئيسي الذي طرحه حليفه في التسجيلات: “امان” (شعبة الاستخبارات العسكرية)، والجيش الإسرائيلي أيضا، ليسوا هم وحدهم المذنبون فيما حدث. عندما نبحث عن تفسير وعن المسؤولية عن الكارثة الكبرى في تاريخ الدولة، فان هناك أربعة خطوط واضحة، التي بحسبها يمكن تقسيم هذه الكارثة: الفشل الاستخباري امام الفشل العملياتي داخل الجيش الإسرائيلي، “أمان” مقابل الشباك، اتخاذ القرارات في الليلة المصيرية مقابل التصور الذي كان سائد في السنوات السابقة، ومسؤولية المستوى المهني مقابل المسؤولية العالية للمستوى السياسي. 

حليفه، في الوقت الذي يتحمل فيه المسؤولية، أيضا يلقيها على غيره. سلسلة القيادة العملياتية، من هيئة الأركان الى قيادة المنطقة الجنوبية، ومن هناك الى فرقة غزة – الشباك، سنوات التصور، وبالطبع بنيامين نتنياهو. رئيس الحكومة عرف عن الاخطار من قطاع غزة خلال سنوات، وقلل من أهميتها ولم يعمل حتى عندما تم تحذيره مرة تلو الأخرى في الأشهر التي سبقت الهجوم الإرهابي. وقد قاد خط “فرق تسد” بين القطاع والضفة الغربية، مع اضعاف متعمد للسلطة الفلسطينية، الى درجة تعزيز قوة حماس.

هنا يوجد فرق واضح: في الوقت الذي فيه في الجيش الإسرائيلي تقريبا جميع المسؤولين الرئيسيين استقالوا، بعضهم بسبب اجبارهم على ذلك، وبعضهم بسبب تحمل المسؤولية بمبادرة منهم، وآخرون بعد ان مر وقت كثير – فانه في المستوى السياسي لا يوجد أي حركة. فقط في الأسابيع الأخيرة سمعنا نتنياهو والوزراء يسرائيل كاتس وبتسلئيل سموتريتش يلقون مرة أخرى التهمة على الجيش، مع التجاهل المطلق لدورهم في الكارثة. هذا عدم توازن شديد، مثير للغضب، وهو أيضا يوضح لماذا نتنياهو يفعل كل ما في استطاعته لإحباط عملية تعيين لجنة تحقيق رسمية. هذه اللجنة ضرورية، لكنه سيتم تشكيلها فقط اذا خسر الليكود في الانتخابات القادمة.

جوهر قضية قطر

كما هو متوقع، ظهرت في نهاية الأسبوع انباء عن إمكانية حدوث تقدم جديد في المفاوضات حول صفقة المخطوفين. دول الوساطة، قطر ومصر، زادت جهودها، والولايات المتحدة تحاول بث خط متفائل، ومؤخرا هناك لاعب جديد، تركيا، التي تحاول استخدام تاثير إيجابي على حماس. ويضاف الى ذلك أيضا تحركات معينة بعد زيارة بعثة حماس في القاهرة وبعثة إسرائيلية في الدوحة. مرة أخرى الحديث يدور عن احتمالية عقد صفقة جزئية، بالتحديد بعد ان اهتم نتنياهو بتسريب قبل أسبوعين انه قام بتغيير أسلوبه، والان يريد فقط صفقة كاملة. 

يمكن الامل بان مصدر علامات التحرك يكمن في ادراك حماس انها استنفدت المكاسب التي حصلت عليها من ازمة الجوع في القطاع ومن موجة الادانات الدولية لإسرائيل في اعقابها. يمكن الافتراض بان قيادة حماس أيضا تنزعج بدرجة معينة من قرار الكابنت احتلال مدينة غزة رغم التشكك والمعارضة التي استقبلت بها هذه الخطة في الجيش الإسرائيلي. ولكن لا يمكن تجاهل توقيت التسريبات – قبل لحظة من الاضراب الكبير في الاقتصاد اليوم للمطالبة باطلاق سراح جميع المخطوفين، وإعادة الجثامين وانهاء الحرب. كالعادة، يجب الانتباه للطريقة التي فيها نتنياهو، الذي منذ سنة ونصف يمط الوقت في محاولة للتملص من صفقة كاملة. هذا ببساطة ليس لصالحه، وصرخات المخطوفين وأبناء عائلاتهم لا تعنيه. 

في يوم الخميس، اثناء نقاش في المحكمة حول ظروف الاعتقال، تم اقتباس نتنياهو وهو يشرح بانه في الواقع لم يعرف عن العلاقات التجارية المتشعبة التي اجراها، حسب التهمة، ثلاثة من مستشاريه مع قطر، لكنه لا يرى أي عيب في ذلك. قطر، كما أوضح، ليست دولة معادية. الصحيح من الناحية الفنية لا يمكن ان يغطي ما يظهر بانه جوهر الامر الحقيقي في القضية.

الاتهامات، كما نشر عنها، تتناول العمل بصورة موازية من اجل نتنياهو ومن اجل قطر، خلال الحرب الحالية. هل كان للمستشارين أي اتفاق تضارب مصالح سمح أو منع عمل كهذا؟. إضافة الى ذلك في هذه المرحلة كان من الواضح للجميع دور قطر في تمويل حماس، وفي موازاة ذلك هي كانت تنشغل بمهمة الوساطة، تخلق تضارب مصالح مفهوم مع الطرف الإسرائيلي. محاولة نتنياهو التغطية على رجاله غير مقنعة بتاتا، خاصة إزاء التقرير الذي يفيد بانهم، نيابة عن القطريين، قاموا اثناء الحرب بحملة تهدف الى تشويه سمعة الوسيط الآخر، مصر، في نظر الرأي العام الإسرائيلي.

——————————————

معاريف 17/8/2025 

“سيد الامن” الجديد

بقلم: افي اشكنازي

عصر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في رئاسة الليكود انتهى. أمس (السبت) أعلن عن ذلك وزير الامن إسرائيل كاتس الذي نشر بيانا مطولا هاجم فيه وسائل الاعلام، المحللين الأمنيين والضباط “السابقين” الذين اكثروا الأسبوع الماضي من نقد شديد على الخصام المغطى إعلاميا الذي قاده رئيس الأركان الفريق ايال زمير. 

لقد كان الأسبوع الماضي دراماتيكي بالنسبة لحزب الليكود. فالوزير “المقصى” جدعون ساعر عاد الى حضن الليكود واستقبل في المدخل الرئيس على بساط احمر وحدده بعض من أعضاء المركز كخليفة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. 

وزير الدفاع إسرائيل كاتس، سياسي محنك كان في السنوات الأخيرة رجل جهاز الليكود والرجل القوي في مركز الحزب. فهم كاتس بسرعة ما يحصل له وسارع الى الخروج في هجوم. كان الهدف الأول رئيس الأركان وهيئة اركان الجيش. تجفيف رئيس الأركان خارج مكتب الوزير، توبيخ علني وبلاغ عن عدم إقرار قائمة الضباط المرشحين للترفيع الى مناصب قادة الفرق وقيادات هيئة الأركان من عقيد وعميد. 

مع حلول نهاية الأسبوع، أشارت الاستطلاعات الى تأييد شبه كامل لرئيس الأركان. فقبل لحظة من الاحتجاج العظيم ضد الحكومة التي فشلت في إدارة المفاوضات لاعادة المخطوفين – فشل منسوب على            المستوى الجماهيري لرئيس الوزراء ولمساعده القريب (السائح من أمريكا) رون ديرمر، فهم الوزير كاتس بان هذا هو الوقت لملاحقة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وخوض معركة حظوة على النجاحات التي حققها الجيش، الشباك والموساد. 

حسب كاتس فان للنجاحات يوجد أب واحد فقط، وهو ليس نتنياهو ولا ايال زمير أيضا، وبالتأكيد ليس جدعون ساعر. فمن إذن؟ د. الامن لدولة إسرائيل إسرائيل كاتس. هو الذي وجه التعليمات، أمر، قاد وانتصر. 

هكذا قال عن الهجوم في ايران في اطار حملة “الأسد الصاعد”: “أولا وقبل كل شيء حملة “الأسد الصاعد” تجاه ايران. كوزير الدفاع شاركت مشاركة مركزية في بلورة الأهداف وقدرات الجيش قبيل الهجوم. الدفع قدما بقدرة “الاستعداد” لوصول طائرات سلاح الجو الى طهران. ضرب منشآت النووي ومصانع انتاج الصواريخ، حملة “عرس احمر” لقطع رأس القيادة العسكرية العليا، وخطة “طورنادو” بضربات شديدة على اهداف النظام في طهران”. 

عن اتخاذ القرارات الى جانب رئيس الوزراء كتب كاتس وواصل تعداد إنجازاته، بصفته الاستراتيجي الأعلى لإسرائيل: “في زمن رئيس الأركان السابق اتبعنا سياسة انفاذ اقصى حيال حزب الله في لبنان. الجيش الإسرائيلي إياه ينفذ بدقة وانا أقر عند الحاجة، وبعد ذلك بادرت ودفعت قدما لاقامة حزام امني في خمس نقاط مشرفة في لبنان، فهمت حاجتها من زياراتي الى أراضي لبنان، رغم أنها لم تكن على الاطلاق في الاتفاق الموقع، فيما ان الوزير ديرمر، بتنسيق معي ومع رئيس الوزراء نجح في المساعدة وإقرارها مع الأمريكيين”. 

وهكذا أيضا قال عن جبهة سوريا: “وفقا لتعليماتي بلور الجيش الإسرائيلي خطة دخول الى سوريا عرضتها على الكابنت بناء على طلب رئيس الوزراء – وكافحت في سبيل إقرارها في وجه اعتراضات كثيرة. وهكذا منذ ليل سقوط الأسد، دخل الجيش الإسرائيلي الى سوريا وسيطر على قمة جبل الشيخ ومنطقة الامن فيه كانت منطقة فاصلة – وبناء على توجيهاتي بنى استحكامات ثابتة ووضع أساسا لتواجد دائم في المنطقة. وبالتوازي أحبطت في هجمة شاملة كل القدرات الاستراتيجية للجيش السوري. منذئذ يتبع الجيش الإسرائيلي سياسة واضحة وقوية للدفاع عن الحدود وعن بلدات الجولان والدفاع عن الدروز في سوريا وإبقاء جنوب سوريا كمنطقة مجردة من السلاح”. 

يواصل كاتس اخذ المزيد فالمزيد من الحظوات: “بعد عدة زيارات في يهودا والسامرة، وجهت تعليماتي للجيش بتغيير نهج ومكان طريقة “قص العشب” في الدخول والخروج من مخيمات اللاجئين في شمال السامرة التي أصبحت معقلا إيرانيا ومركزا لتنفيذ العمليات في كل مجال – احتلال مخيمات اللاجئين في ظل اخلاء السكان والبقاء في المخيمات بشكل دائم، الامر الذي غير تماما الواقع الأمني في يهودا والسامرة. المخيمات فارغة من السكان ومن الإرهاب والجيش والشباك يلاحقون منفذي الإرهاب بلا انقطاع. كنتيجة لذلك طرأ انخفاض قرابة 80 في المئة في عمليات الإرهاب في يهودا والسامرة”.

“هذه هي السياسة التي وجهت الجيش لتنفيذها واقرها بين الحين والأخر. بالتوازي اعمل على إقامة بلدات جديدة وتعزيز الاستيطان”، كتب الوزير كاتس امس. 

قضى الوزير كاتس بانه يقود السياسة في غزة: “في غزة أيضا بلورت مع الجيش مباديء حملة “بأس وسيف” و “عربات جدعون”، نهجا مختلفا عن الماضي، سواء في مدى الدفاع القوي لقوة المناورة قبل وفي اطار دخوله ام في تدمير البنى التحتية للارهاب من فوق ومن تحت الأرض بحجوم غير مسبوقة. بخلاف الماضي، بقي الجيش في المناطق التي طهرات ويستولي على 75 في المئة من الأراضي – الامر الذي يمنع عودة المخربين”.

“الان نحن في مرحلة المداولات لبلورة الخطة بحسم حماس في غزة وإعادة المخطوفين وفي نهايتها ستكون خطة مبلورة وقوية لتنفيذ المهمة بكل جوانبها”، قضى الوزير كاتس في البيان. 

إسرائيل كاتس هو بالفعل وزير مسيطر، نشط، لكنه لا ينجح في الدخول الى صورة “الأمني”، كأمني تلبس الخوذة بالضبط على رأسه، يشعر براحة في السترة الواقية لوحدة حراسة الشخصيات في الشباك 730.

لقد حاول أمس سرقة الحظوة ولقب “سيد امن” من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. فقد جعل نتنياهو امس كعامل ثانوي في تصميم مفهوم الامن لإسرائيل في الأشهر الأخيرة. سار الى الامام انطلاقا من الفهم بان عصر نتنياهو في الليكود انتهى. السؤال المركزي الان هو ليس سياسيا بل امني – اذا اعلن الوزير بانه هو الذي يقود سياسة القتال في غزة فنحن الان في مرحلة المداولات لبلورة الخطة لحسم حماس في غزة وإعادة المخطوفين، وفي نهايتها ستكون خطة مبلورة وقوية لتنفيذ المهامة بكل جوانبها. 

“كوزير الدفاع المسؤول عن الجيش، مهمتي أن اقود جهاز الامن والجيش في بناء القوة وفي استخدام القوة تجاه الأهداف التي نقف امامها. 

هكذا فعلت، وهكذا سأواصل الفعل في المستقبل”، قال كاتس. 

السؤال هو كم ستؤثر الخطوات في مركز الليكود بشكل مباشر على الروح وعلى أفعال هيئة الأركان في الجيش الإسرائيلي. من قال انهم لا يحاولون جعل الجيش الإسرائيلي فرعا لمركز الليكود؟

——————————————

هآرتس 17/8/2025

ربما، بالتحديد الآن، حان الوقت للدعوة الى دولة واحدة بين البحر والنهر

بقلم: جاكي خوري

في هذا الأسبوع غرد رئيس قوة يهودية، ايتمار بن غفير، بصورة فيها ظهر ممثلو الأحزاب الأربعة الذين شكلوا ذات يوم القائمة المشتركة، في جلسة في الناصرة، وطالب بمعاقبتهم وطردهم. من غير الواضح ماذا اخافه بالضبط أو اثار غضبه؟ هل مجرد اللقاء؟ قوة الوحدة بين ممثلي الأحزاب العربية؟ المؤكد هو أن تغريدته تشير الى توجه الحكومة في كل ما يتعلق بحق الانتخاب للمواطنين العرب وممثليهم: سنرى طلبات شطب، قيود أو وسائل أخرى، لقمع التصويت. 

في نفس الوقت وزير المالية بتسلئيل سموتريتش اعلن بصورة احتفالية عن بداية عملية دفن الدولة الفلسطينية، مع نية المصادقة على خطط بناء كثيف في منطقة إي1. كل ذلك يحدث على خلفية الدفع نحو احتلال قطاع غزة وتطبيق خطة الترانسفير في الضفة الغربية وفي قطاع غزة.

المقاربتان، مقاربة بن غفير ومقاربة سموتريتش، تثبتان شيئا واحدا وهو ان الخوف والقلق لم يختفيا. الخوف من وحدة الصفوف للأحزاب العربية وفهم ان خطة الترانسفير يمكن ان تصطدم بالواقع الديمغرافي والسياسي، وأيضا باعتراف العالم بالدولة الفلسطينية. كل ذلك يضع الحكومة امام وضع معقد يفضل تجاهله.

من ينتظر ان يمنع تنديد المجتمع الدولي تنفيذ الخطة، سيخيب امله مرة أخرى. الاعتراف بالدولة الفلسطينية هو جزئي وفارغ ولا يمكن تأسيس المستقبل عليه. ربما حان الوقت للتفكير بطريقة أخرى: عدم محاولة انقاذ دولة فلسطين الصغيرة، بل الإعلان عن دولة واحدة بين البحر والنهر. صحيح ان هذا بالفعل سيكون نظام ابرتهايد لبضع سنوات. ولم لا؟. في الأصل لدينا نظام ابرتهايد هنا. بعد بضعة جولات من القمع وبضع سنوات أخرى من الاقصاء فانه لن يتغير أي شيء اذا لم ننظر الى الواقع بعيون مفتوحة. 

في هذا الواقع الفلسطينيون لا ينتظرون نلسون مانديلا، ولا يوجد هناك من سيضمن سلامة مروان البرغوثي في السجن الإسرائيلي. هنا لا يوجد فريدريك دي كلارك. البرغوثي ويئير غولان، كل واحد في مكانه، لا يمكنهما منع استمرار القمع والاحتلال. 

المواجهة مع بن غفير وسموتريتش تثبت مرة أخرى الفجوة الموجودة بين ما هو مسموح للحكومة اليمينية في إسرائيل ان تفعله وبين ما هو غير مسموح للفلسطينيين. قدرة البرغوثي محدودة عن طريق السجن، وقدرة غولان محدودة عن طريق الواقع السياسي. في نهاية المطاف لا يمكن انكار حقيقة ان بنيامين نتنياهو ما زال هو قائد الأوركسترا ويطبق ما يخدمه منذ عقد واكثر. عندما يقف محمود عباس على منصة الأمم المتحدة ويكرر دعوته للعالم: “قوموا بانهاء الاحتلال، ساعدونا على إقامة الدولة الفلسطينية”، العالم لامبالي او انه بطيء او انه يرفض العمل حقا.

ربما بالذات الان، بدلا من مواصلة النضال من خلال التصريحات الجوفاء حول الاعتراف بالدولة الفلسطينية، فقد حان الوقت للإعلان، نحن الفلسطينيون، على ارضنا، نرى في الدولة الواحدة بين البحر والنهر مستقبلنا. صحيح ان هذا الحل غير كامل ولن يكون سهل. ولكنه يضع الواقع امام الأنظار وامام كل الإسرائيليين. واحيانا المشهد هو الطريقة الوحيدة للبدء في التغيير الحقيقي.

سيكون هناك من يعتبرون ذلك هزيمة للفلسطينيين، وسيكون هناك من يعتبرون ذلك صحوة. ولكن امام الواقع المعقد جدا فانه مطلوب القيام بخطوة استثنائية: لا للدولة الفلسطينية، نعم للدولة الواحدة.

——————————————

هآرتس 17/8/2025 

في النهاية اهارون حليفه يفكر بالضبط مثل سموتريتش وبن غفير ونتنياهو

بقلم: جدعون ليفي

يجب ان نشكر رئيس الاستخبارات العسكرية السابق اهارون حليفه على “وثيقة حليفه” التي بثت اول امس في “اخبار 12”. الجميع منشغلون في التحليلات والشائعات التي ظهرت في “الوثيقة”. ولكن أساسها طمسه ثلاثة من الذين يعرفون كل شيء والذين قدموا التقرير الغريب والردود التي جاءت في اعقابه. الجنرال حليفه كشف حقيقة التيار الرئيسي – ليس فقط للجيش – بل أيضا للمجتمع الإسرائيلي.

بالتحديد هو، الذي هو نوع من بطل المعسكر وسط – يسار الذي جاء من قلبه وكان متزوج من احدى الشخصيات التي تمثله، عرض صورة بطل الإبادة الجماعية، هو يتنصل من بتسلئيل سموتريتش ويستهزيء من ايتمار بن غفير ويقتل بنيامين نتنياهو بدون حساب، هو متنور ومتقدم جدا. ولكنه يتحدث ويفكر بالضبط مثلهم.

في نهاية المطاف من اتباع الإبادة الجماعية. الفرق هو فقط بين من يعترفون بذلك وبين من ينكرون ذلك. في معسكر الجيدين والمتنورين في نظر انفسهم، الذي ينتمي اليه، تبين ان حليفه هو احد القلائل الذين يعترفون: نحن بحاجة الى إبادة جماعية واحدة كل بضع سنوات؛ الإبادة الجماعية للفلسطينيين هي عمل مشروع وحتى انه ضروري. هكذا يتحدث جنرال “معتدل” في الجيش الإسرائيلي. هو ليس الجنرال دافيد زيني أو العميد براك حيرام، هو غير متدين أو مسيحاني، هو مجرد ولد جيد من حيفا ومن تسهلا.

خلال أربعين دقيقة اطلق حليفه كلمات على الثقافة التنظيمية والسياسية المعطوبة، الى ان وصل الى الأساس: قتل 50 الف شخص هو “ضروري”. الإبادة الجماعية كتراث للجيش الاسرائيلي من اجل الأجيال القادمة. “مقابل كل واحد مات في 7 أكتوبر يجب ان يموت خمسين فلسطيني. ولا يهم الان ان يكونوا من الأطفال. انا لا اتحدث من خلال نظرة انتقامية، بل من خلال رسالة للأجيال القادمة. لا يوجد ما يمكن فعله، هم بحاجة بين حين وآخر الى نكبة كي يشعروا بالثمن”. فجأة داني كوشمارو، يارون ابراهام ونير دبوري، تجاهلوا هذه الصغائر. هذا مفهوم ضمنا في نظرهم. في نهاية المطاف الحديث لا يدور عن مسالة مثيرة للاهتمام حول ما اذا كان حليفه قد نام مع كيرن بيلس عشية 7 أكتوبر. ولكن حليفه خرج من الخزانة الحقيقية، وأنا اشكره على ذلك.

عندما يتحدث رئيس شعبة الاستخبارات الليبرالي بهذه الطريقة فقد انتهى النقاش حول هل هناك إبادة جماعية أم لا في غزة. ومعه انتهى النقاش حول اهداف الحرب؛ من بدايتها وحتى نهايتها البعيدة هي كانت حرب إبادة. أيضا “لا يهم الان الأطفال”. من تحدث من قبل بانفعال عن “علاقة الأمهات الاسرائيليات مع الوسائد” – اللواتي ينمن لان اولادهن ليسوا في الحرب، واللواتي لا يغمضن عيونهن لان اولادهن في غزة – يدعو الان بصورة عرضية الى قتل الأطفال. الأمهات الغزيات لم يعد هناك الان وسائد، وكثير منهن لم يعد لهن أطفال. ولكن حليفه “هذا لا يهمه الان”. هكذا يتحدث الجنرال الذي حظي بالثناء من المتحدثة باسم “محسوم ووتش”، راعيا يارون كرمئيلي، التي قالت بانه ذات مرة، اثناء كونه قائد لواء بنيامين، جاء الولد الجيد حليفه الى “حاجز الأطفال” وأمر الجنود بالتعامل باحترام (“هآرتس”، 1/5/2024). فقط الحلوى في جيبه كانت ناقصة. في حين أنه الآن “هذا لا يهمه الأطفال”.

من لا تكفيه اقوال الجنرال يمكنه إيجاد دليل مساعد ومقنع بدرجة لا تقل عن ذلك في اقوال زوجة رئيس الأركان في 7 أكتوبر. شارون هليفي قالت في بودابست، في “اخترت الحياة”، بان زوجها خرج صباح يوم الحرب من البيت وهو يحمل شال الصلاة وفي فمه الوعد الابدي لزوجته “غزة ستدمر” في صباح 7 أكتوبر.

ماذا يمكن عمله امام جيش قادته يعترفون انهم انطلقوا الى حرب إبادة؟ كيف نعيش مع التفكير بان الإبادة الجماعية من البداية تم تحديدها لتكون الهدف الحقيقي والرئيسي للحرب؟ وليس مجرد إبادة جماعية، بل إبادة لشعب مرة كل بضع سنوات.

لا، يا حليفه، اتهامك في 7 أكتوبر يتقزم. نعم انت حذرت أو لم تحذر، كل سنوات خدمتك خدمت فكرة السيطرة بالقوة الغاشمة على شعب آخر، والان انت تقول بان القتل ضروري كل بضع سنوات، لذلك يجب تسليمك لـ لاهاي.

——————————————

واي نت 17/8/2025

لبن غفير: توقيت “زيارتك” للبرغوثي في أسره يخدم روايتهم وصورة “زعيمهم المفقود”

بقلم: المحامي غادي عزرا

لكل دولة منظومة بناء وعي تتعامل مع عدد من الجماهير المستهدفة بالتوازي. مواطنوها، والعالم، وأعداؤها، كلهم عنوان لرسائلها. الهدف تجاه كل منهم يختلف بشكل عام، والحالة الإسرائيلية ليست استثنائية. تجسيد الضرر بنا في العالم، وتعزيز المناعة القومية وردع العدو – هذه غايات شائعة في هذا السياق. لا حاجة ليكون المرء عبقرياً ليلاحظ تضاربات. يصعب بث قوة داخلية عندما تبث ضعفاً إلى الخارج، وبالعكس. وتضاف إلى هذا حقيقة أن كل واحد يقرأ لغة الآخر. لكنه تضارب طبيعي وبنيوي. وهذا ليس خللاً، بل ميزة. الحكمة هي المناورة بين الرسائل وفقاً للميول والمصالح والخطاب الجماهيري. بكلمات أخرى، تنظيم “مفعل الوعي”. زيارة بن غفير لدى مروان البرغوثي نموذج كلاسيكي لتحطيمه.

البرغوثي ليس مخرباً وقاتلاً منكراً فحسب، بل هو الشخصية المفضلة لدى الفلسطينيين لخلافة أبو مازن. نتائج المعهد الفلسطيني للاستطلاعات PCPSR من أيار هذه السنة، تجسد ذلك جيداً. أجاب على سؤال المعهد 64 في المئة من سكان غزة والمناطق الذين كانوا سيشاركون في الانتخابات لو أجريت، كان نصفهم سينتخبونه رئيساً. 35 في المئة فقط منهم كانوا سيصوتون لخالد مشعل من حماس، فيما 11 في المئة فقط كانوا سيصوتون لأبو مازن. المنافسة بين البرغوثي ومشعل كانت ستمنح الأول نحو 60 في المئة من الأصوات. عدم مشاركته في الانتخابات كانت ستنزل نسبة التصويت بنحو 20 في المئة. النقطة واضحة.

ركض وزير الأمن القومي على خلفية موجة العطف هذه، وكان الهدف مركزاً. لكن، بينما جاء الوزير ليحيي بالعبرية، فقد خرج يشتم بالإنجليزية والعربية، واللغة المقدسة كلها معاً. ليس هذا فقط لأن قوة شخصية البرغوثي في أوساط الفلسطينيين تبدو نتيجة واجبة هنا؛ فمساهمة كهذه لتحقيق المناعة الوطنية تشحب في ضوء الإضرار بالمخطوفين. وفي العالم، تلقى مؤيدو حماس الرواية التي يحاولون الترويج لها – رواية مضطهِد أمام مضطهَد. ورافق ذلك إهمال في نزع السياق في الشريط. لا يوجد أي ذكر لماضي البرغوثي الصادم بالإنجليزية أو استغلال المنصة لذكر مخطوفين. من هنا، كان الطريق إلى موجة النقد في وسائل الإعلام الدولية المنحازة، قصير. محاولة بث قوة أكبر إلى الداخل، مس بإسرائيل إلى الخارج.

من المهم أن نفهم أن الحدث لا يدور هنا عن تبني نهج اعتذاري تجاه المخربين. بل يجب بث قوة وردع حيال العدو. الموضوع، أن التوقيت ليس أقل أهمية من الرسالة. يجب معرفة كيف نطلق “مفعل الوعي” في الزمن الصحيح، لا أن نحطمه. ولكن في الحالة الراهنة، يخيل أنه لا يوجد توقيت أسوأ؛ فالشريط لا يزيد من رومانسية مشوهة إزاء البرغوثي فحسب، بل يأتي على خلفية الاعتراف بدولة فلسطينية وعزلة سياسية متزايدة لإسرائيل ومواطنيها. الآن، بنظر الكثيرين في الأسرة الدولة، ثمة جزء آخر من لوحة الفسيفساء للدولة الفلسطينية أضيف فجأة. الآن “وجد” حاكمها المستقبلي أيضاً. لا ينبغي أن نتفاجأ إذا ما رأينا قريباً مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين مع صورة “الزعيم المفقود”.

ثمة حالات في الحياة يؤدي فيها الكثير إلى القليل. وثمة حالات يؤدي فيها الكثير أكثر مما ينبغي إلى ضرر هائل. هذه هي الحالة التي أمامنا. بدلاً من خلق أفق سياسي بالتوازي مع القتال، تلقينا عملية مضادة للوعي كاملة الأوصاف.

——————————————

هآرتس 17/8/2025

صرخة للإسرائيليين: اخرجوا للشوارع حتى وقف الحرب وإعادة المخطوفين

بقلم: أسرة التحرير

 “اخرجوا إلى الشوارع، اصرخوا صرختنا”، هذا ما يطلبه المبادرون إلى “إضراب الشعب” الذي يجري اليوم، وتطلبه عائلات المخطوفين وضحايا الحرب الذين لم يعودوا يحتملون أكثر. ملايين المواطنين مدعوون للانضمام والمطالبة معاً: “أعيدوهم الآن”.

681 يوماً مرت منذ 7 أكتوبر 2023. بقيت يافطات قديمة على جوانب الطرق أشارت إلى 100، 200، 400 و600 يوم – حجارة طريق لاستمرار الفشل في تحرير المخطوفين. اليوم سيحاول الاحتجاج تحويل هذا الفشل إلى صرخة جماهيرية هائلة.

يصعب وصف هذا بـ “يوم إضراب” إذ إن أعمالاً تجارية كثيرة و”الهستدروت” لن تعطل الاقتصاد اليوم– فقط سيصادقون لعامليهم على الإضراب. وعلى الرغم من ذلك، ثمة استجابة كبيرة لدعوة العائلات. شركات خاصة ومجالس محلية وجامعات وهيئات في الاقتصاد، أعلنوا بأنهم سيعطون عامليهم الحرية للانضمام إلى الاحتجاج.

ستنتشر في أرجاء البلاد كلها أعمال احتجاج، وسيحدث تشويش. سيأتي متظاهرون إلى منازل الوزراء والنواب من الائتلاف وسيقيمون عرضاً في ميدان المخطوفين منذ الساعة 6:29، الساعة التي بدأت فيها هجمة 7 أكتوبر. لم تسمع صرخة جماعية مثل هذه القوة منذ قتل ستة المخطوفين في رفح في آب الماضي.

هذه المبادرة المهمة وصمة عار للحكومة، وأساساً لرئيسها نتنياهو. رئيس الوزراء هو المسؤول عن إخفاق 7 أكتوبر. كان عليه أن يستقيل فوراً من منصبه عقب فشله الذريع حتى دون أن تطلب لجنة تحقيق رسمية منه ذلك، التي من الواجب أن تقوم في أقرب وقت ممكن.

المسؤولية ملقاة على كل إسرائيلي لوقف روتين حياته وضم صوته إلى المطلب الوحيد: أوقفوا الحرب وأنقذوا الحياة.

لكن نتنياهو لم يستقل من رئاسة الوزراء، بل ويسير بإسرائيل عن وعي إلى الزمن الأكثر ظلامية في تاريخها، وجعلها دولة متهمة بجرائم حرب خطيرة وبتجويع سكان من مليوني نسمة ومعنية بطردهم أو إبادتهم. إلى جانب هذا العار، لا يرى نتنياهو في مسألة المخطوفين في ورديته إلا كمصدر إزعاج. من ناحيته، وجودهم في غزة يمس بتحقيق “النصر المطلق” الذي يعد به مواطني إسرائيل المنهكين.

بدلاً من جعل إعادة المخطوفين، يصدر نتنياهو تصلباً ويعرض حياتهم للخطر بخطة لاحتلال مدينة غزة. هموم عائلات المخطوفين الخائفة من إصابة محتملة لا عزائهم لا تقض مضاجعه.

تطالبنا العائلات هذه المرة بالخروج إلى الشوارع، قبل لحظة من فوات الأوان. ثمة مسؤولية ملقاة على كل إنسان في إسرائيل لوقف روتين حياته وضم صوته إلى المطلب الوحيد: أوقفوا الحرب وأنقذوا الحياة.

—————————————–

هآرتس 17/8/2025

الحرب في غزة.. حملة من الدمار والانتقام

بقلم: اسحق بنباجي وآفي ساغي  

تخيلوا أن الحكومة الإسرائيلية قررت تدمير حزب الله، وعدم الاكتفاء بإضعافه، من أجل تجنب حرب في المستقبل المنظور، وعدم ترسيخ الفرق في القوة، الذي سيحول كل هجوم من جانبه إلى مقامرة خطيرة. تخيلوا أن إسرائيل تعمل في لبنان من أجل تحقيق النصر الكامل حتى لو كلفها ذلك تدمير بيروت. تخيلوا أن هدف الحرب ضد إيران لم يكن إزالة التهديد النووي والبالستي، بل القضاء على النظام، حتى لو احتاج ذلك إلى غارات جوية كثيفة ومتواصلة على طهران. البعض سيقولون إن هذه الإجراءات ضرورية، وبالتالي هي مبررة. هذا خطأ: المبرر الوحيد للحرب هو الدفاع عن النفس.

في الواقع، مبدئيا الحرب التي هدفها توزيع أكثر نزاهة للموارد الضرورية أو المناطق الجغرافية أو استبدال نظام قاتل، من شانها كما يبدو أن تكون مبررة. ولكن الحروب “المبررة” من هذا النوع، هي حروب محظورة حسب ميثاق الأمم المتحدة، الذي يعكس وجهة نظر بحسبها من الأفضل التمسك بالسلام والدبلوماسية حتى عندما لا يكون السلام حقا عادلا. الدول تعهدت بحل النزاعات بالدبلوماسية وليس عن طريق القوة.

منطق “التعاقد” الموجود في أساس الميثاق واضح، الحروب المبررة يمكنها بسهولة أن تتحول إلى حروب إجرامية. الحرب التي بدأت كحرب دفاع، يمكن أن تتبدل بسرعة إلى تدمير لا يمكن السيطرة عليه، وانتقام من المدنيين. لذلك، ميثاق الأمم المتحدة يدين ويعتبر جريمة ضد السلام أي خرق للسيادة وسلامة الأراضي لدولة أخرى، حتى لو كان الأمر يتعلق بدولة غير شرعية، وحتى لو افترضنا أن هدف العدوان هو تقسيم عادل أكثر للأراضي والموارد ومعاقبة نظام عنيف.

الحظر القانوني لاستخدام القوة هو وسيلة لمواجهة الديناميكية المأساوية للعنف. عندما تصبح القوة العسكرية أداة لحل النزاعات، أيضا النوايا الحسنة جدا، يمكن أن تؤدي إلى دمار غير مميز. الحرب في غزة، التي في مرحلة معينة اعتبر هدفها النصر المطلق، وتحولت إلى حملة من الدمار والانتقام، هي مثال على هذه العملية.

نحن نعتقد أن “النصر المطلق” هو هدف إجرامي. النصر المطلق على ما يعتبر شرا جذريا وأساسيا هو أمر غير ممكن. التوراة تشهد على ذلك. الله أراد مواجهة الشر المطلق بواسطة الطوفان. “الأرض امتلأت بالظلم.. لأن كل إنسان أفسد طريقه على الأرض” (سفر التكوين، 6، الآية 11 – 12). 

حسب القانون الدولي، فإن الذريعة الوحيدة المبررة لشن الحرب هي التهديد الحقيقي والفوري للحياة، الحدود والسيادة. في 7 أكتوبر كان هناك مثل هذا التهديد. هجوم حماس كان هجوما لا مثيل له وهدد وجودنا. هذا احتاج إلى رد شديد. أهداف الحرب المبررة التي شنتها إسرائيل كانت إزالة هذا التهديد وإبعاد كل خطر ظاهر للعيان والردع بواسطة فجوة واضحة في القوة. هذا ليس من أجل “محو غزة” أو “إنهاء حماس مرة وإلى الأبد”، أو ضمان أن العدو لا يمكنه مرة أخرى تشكيل تهديد في المستقبل البعيد، بل الهدف المبرر كان الدفاع أمام حماس وليس تدميرها. ولكن في مرحلة ما، قررت الحكومة “اجتثاث الشر”، والنتائج الخطيرة لم تتأخر في الظهور: المس بالمخطوفين، المس غير المتزن بحياة الجنود والمس الجماعي بالأبرياء في غزة.

نزع سلاح حماس هو هدف مبرر، تغيير النظام في غزة هو طموح مناسب، لكن يجب فعل ذلك بطرق دبلوماسية. وليس عن طريق الحرب التي تعني التدمير الشامل لغزة. الآن تقريبا بعد مرور سنتين على بداية الحرب، حماس تم إضعافها، غزة مدمرة، مئات آلاف الغزيين يعيشون من دون غذاء ومياه ومأوى. المخطوفون يموتون في الأنفاق وحياتهم على كفة الميزان، ومواطنو إسرائيل الذين يخدمون أصبحوا أداة مبتذلة تستخدم لأهداف محظورة.

يجب الافتراض أن الجيش الإسرائيلي قد تعلم الدرس وعرف كيفية تعزيز منظومة دفاعه لمنع هجوم آخر لحماس، هذا الافتراض يجب أن يكون الأساس الذي يحدد المسموح في الحرب. محظور الافتراض أنه من دون تدمير حماس والنصر المطلق عليها، سنجد أنفسنا عالقين من جديد في حدث مثل 7 أكتوبر. من يفترض أن الماضي سيتكرر في المستقبل، فإنه يتخلى عن المسؤولية في الدفاع عن مواطني الدولة. المستقبل مفتوح وهو يلزم الدولة بالعمل كما هو مطلوب. ومن لا يعترف بذلك، فهو يستدعي مرة أخرى أحداث 7 أكتوبر. الهدفان المبرران للحرب، إزالة التهديد الفوري والمستقبلي وتعزيز الفجوة الكبيرة في القوة بين الجيش الإسرائيلي وحماس، تم تحقيقهما. ولكن الحكومة لا تبحث عن الأمن، بل هي تبحث عن إهانة العدو والانتقام منه، وفوق كل ذلك البقاء السياسي. هكذا، نحن نسحق حياة البشر، وحياة المواطنين أيضا تصبح رمادا وترابا.

—————–انتهت النشرة—————–

Loading

Share This Article