بقلم: جاكي خوري
في هذا الأسبوع غرد رئيس قوة يهودية، ايتمار بن غفير، بصورة فيها ظهر ممثلو الأحزاب الأربعة الذين شكلوا ذات يوم القائمة المشتركة، في جلسة في الناصرة، وطالب بمعاقبتهم وطردهم. من غير الواضح ماذا اخافه بالضبط أو اثار غضبه؟ هل مجرد اللقاء؟ قوة الوحدة بين ممثلي الأحزاب العربية؟ المؤكد هو أن تغريدته تشير الى توجه الحكومة في كل ما يتعلق بحق الانتخاب للمواطنين العرب وممثليهم: سنرى طلبات شطب، قيود أو وسائل أخرى، لقمع التصويت.
في نفس الوقت وزير المالية بتسلئيل سموتريتش اعلن بصورة احتفالية عن بداية عملية دفن الدولة الفلسطينية، مع نية المصادقة على خطط بناء كثيف في منطقة إي1. كل ذلك يحدث على خلفية الدفع نحو احتلال قطاع غزة وتطبيق خطة الترانسفير في الضفة الغربية وفي قطاع غزة.
المقاربتان، مقاربة بن غفير ومقاربة سموتريتش، تثبتان شيئا واحدا وهو ان الخوف والقلق لم يختفيا. الخوف من وحدة الصفوف للأحزاب العربية وفهم ان خطة الترانسفير يمكن ان تصطدم بالواقع الديمغرافي والسياسي، وأيضا باعتراف العالم بالدولة الفلسطينية. كل ذلك يضع الحكومة امام وضع معقد يفضل تجاهله.
من ينتظر ان يمنع تنديد المجتمع الدولي تنفيذ الخطة، سيخيب امله مرة أخرى. الاعتراف بالدولة الفلسطينية هو جزئي وفارغ ولا يمكن تأسيس المستقبل عليه. ربما حان الوقت للتفكير بطريقة أخرى: عدم محاولة انقاذ دولة فلسطين الصغيرة، بل الإعلان عن دولة واحدة بين البحر والنهر. صحيح ان هذا بالفعل سيكون نظام ابرتهايد لبضع سنوات. ولم لا؟. في الأصل لدينا نظام ابرتهايد هنا. بعد بضعة جولات من القمع وبضع سنوات أخرى من الاقصاء فانه لن يتغير أي شيء اذا لم ننظر الى الواقع بعيون مفتوحة.
في هذا الواقع الفلسطينيون لا ينتظرون نلسون مانديلا، ولا يوجد هناك من سيضمن سلامة مروان البرغوثي في السجن الإسرائيلي. هنا لا يوجد فريدريك دي كلارك. البرغوثي ويئير غولان، كل واحد في مكانه، لا يمكنهما منع استمرار القمع والاحتلال.
المواجهة مع بن غفير وسموتريتش تثبت مرة أخرى الفجوة الموجودة بين ما هو مسموح للحكومة اليمينية في إسرائيل ان تفعله وبين ما هو غير مسموح للفلسطينيين. قدرة البرغوثي محدودة عن طريق السجن، وقدرة غولان محدودة عن طريق الواقع السياسي. في نهاية المطاف لا يمكن انكار حقيقة ان بنيامين نتنياهو ما زال هو قائد الأوركسترا ويطبق ما يخدمه منذ عقد واكثر. عندما يقف محمود عباس على منصة الأمم المتحدة ويكرر دعوته للعالم: “قوموا بانهاء الاحتلال، ساعدونا على إقامة الدولة الفلسطينية”، العالم لامبالي او انه بطيء او انه يرفض العمل حقا.
ربما بالذات الان، بدلا من مواصلة النضال من خلال التصريحات الجوفاء حول الاعتراف بالدولة الفلسطينية، فقد حان الوقت للإعلان، نحن الفلسطينيون، على ارضنا، نرى في الدولة الواحدة بين البحر والنهر مستقبلنا. صحيح ان هذا الحل غير كامل ولن يكون سهل. ولكنه يضع الواقع امام الأنظار وامام كل الإسرائيليين. واحيانا المشهد هو الطريقة الوحيدة للبدء في التغيير الحقيقي.
سيكون هناك من يعتبرون ذلك هزيمة للفلسطينيين، وسيكون هناك من يعتبرون ذلك صحوة. ولكن امام الواقع المعقد جدا فانه مطلوب القيام بخطوة استثنائية: لا للدولة الفلسطينية، نعم للدولة الواحدة.