افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات |
إسرائيل اليوم 18/8/2025
الاقتصاد المحلي ينهار من تحت
بقلم: ايلي كوهن
تقرير جديد لمنتدى المستقلين من بيت الهستدروت يكشف أزمة اقتصادية خطيرة في أوساط المستقلين في إسرائيل. 52 في المئة منهم يجدون صعوبة في دفعات السكن والايجار. قسم كبير منهم طلبوا مساعدة من الدولة ولم يحصلوا عليها. وبعضهم تلقوا تأجيلا لدفعات قروض السكن في دفع الفائدة. هذا مؤشر آخر لازمة أخرى مرتقبة قريبا. في “فتح قلب” يبلغون عن ارتفاع بمعدل 23 في المئة في طلبات المساعدة حتى قبل الأعياد، ويشددون على أن اغلبية الارتفاع تأتي من مستقلين لا ينجحون في البقاء.
إذن كيف سيتحرك الاقتصاد المحلي؟ يدور الحديث عن اعمال تجارية كثيرة تغلق رويدا رويدا، وعن مستقلين كثيرين لن يكفيهم دخلهم حتى نهاية الشهر. عائلاتهم ستصل الى وضع لم يعرفوه من قبل. نحن نشهد انهيار الطبقة الوسطى في غضون سنتين ومسا بالقلب النابض للاقتصاد المحلي، ولئن شاهدنا في بداية الحرب موجات من المساعدات سواء كانت حكومية ام خاصة للقطاع المستقل بسبب تجنيد المستقلين (رجال الاحتياط) فاليوم كل الشعب مليء بطلبات المساعدات والتبرعات، كارثة تنافس كارثة وحملات تجنيد الأموال تملأ المكان.
لم يعد يدور الحديث فقط عن اعداد. يدور الحديث عن كميات كبيرة (نحو 200 الف) من المواطنين الإسرائيليين ممن صمدوا لسنوات طويلة في دولة يتأرجح فيها الاقتصاد، الوضع الامني متهالك، وفتح مصلحة تجارية هو امر باعث على التحدي بحد ذاته. استطلاعات أخرى أجريت قبل شهرين وثلاثة اشهر اشارت الى انخفاض بمعدل 42 في المئة في النشاط التجاري لاولئك الذين نجوا من المصاعب وواصلوا الاحتفاظ بمصلحتنا التجارية في اثناء الحرب. أولئك الأشخاص يوجدون الان على شفا الهاوية ومن شأنهم ان يسحبوا وراءهم الاقتصاد المحلي كله.
نحن نرى التوأمة الواضحة بين الارتفاع في طلبات المساعدات وبين المعطيات التي تنشر في موضوع المستقلين والمصاعب التي وصلوا اليها. مع ذلك، فان هذا الوضع قابل للإصلاح. مطلوب خطوات ذات مغزى من دولة تفهم معنى التدهور هذا بالنسبة لها وبالنسبة لمواطنيها. الحكومة ملزمة بان تعمل بسرعة في ثلاثة اتجاهات للمساعدة:
مساعدة اقتصادية مركزة للاقتصاديين: ليس قروضا يضطرون لان يتدحرجوا معها على مدى السنين بل مساعدة مناسبة شخصيا تأخذ بالحسبان الاحتياجات الفورية الى جانب بعيدة المدى. منح لمرة واحدة، مرافقة، تسهيلات ضريبية على مدى الزمن، امتيازات ضريبية ومرونة في الدفعات.
تشريع يستهدف النتائج: سلطة مكافحة الفقر سبق أن أقيمت وتؤدي مهامها. ينبغي منحها الأدوات كي تعمل بشكل أعمق وتحل مشكلة الفقر في إسرائيل بشكل مقنون، منهاجي وعمومي.
تشجيع مكثف للاستهلاك المحلي. يجب خلق حوافز شراء هامة للشراء من الاعمال التجارية الصغيرة، استثمار في بلدات المحيط جغرافيا واجتماعيا، إعادة تأهيل المجمعات الاهلية في مناطق تجارة وحركة للقوة الشرائية الإسرائيلية المحلية. هذه ليست مسؤولية الاتحادات التجارية بل مسؤولية الحكومة. هذه مصلحة واضحة لنمو الاقتصاد من تحت.
القطاع المستقل في إسرائيل حرج لتحريك الاقتصاد المحلي. لضمان النظام الاقتصادي التجاري ولامن المواطنين هنا. واذا لم يعالج الامر فكل هذا سيكون المقدمة لانهيار الاقتصاد كله.
——————————————
هآرتس 18/8/2025
يجب التوقف عن قول “لقد قلنا لكم”، الانفصال كان مشروع مطلق لليمين
بقلم: ديمتري شومسكي
منذ المذبحة في 7 أكتوبر تجذرت في اليمين الإسرائيلي الهواية المتوارعة المناوبة، القول لليسار “لقد قلنا لكم” فيما يتعلق بالفشل الأمني الذريع لخطة الانفصال عن القطاع، وتوقع ان يندموا على الخطأ بهذا الشأن. لقد انضم الى هذا “الحفل” عكيفا نوفيك في مقاله الذي نشره (“هآرتس”، 3/8) عندما انتقد تصرف الدول الغربية، الاعتراف بالدولة الفلسطينية، ومن يؤيدون هذه العملية السياسية، ومن يؤيدون هذه التصريحات في إسرائيل. حسب قوله فان “معسكر مؤيدو الانفصال… آخذ في التقلص كلما صدمنا الواقع”. وقد حذر أيضا اتباع فكرة الدولة الفلسطينية من ان لا يصابوا بالعمى تجاه “شهوة القتل والذبح” لدى الفلسطينيين، التي ميزت حسب قوله معسكر السلام في فترة الانفصال.
لا شك ان كثيرين، وربما معظم من يعارضون الاحتلال ومن يؤيدون العملية السلمية، شاهدوا براحة اخلاء غوش قطيف بسبب الاشمئزاز من مشروع الاستيطان، لكن يجب تذكير نوفيك واليمين بما يظهر انهم يفضلون نسيانه وهو ان خطة الانفصال لم تكن خطة معسكر اليسار ومن يؤيدون حل الدولتين، بل هي مشروع الأساس لليمين، ليس اليمين الذي اسره كما يبدو بـ “السحر المضلل” لافكار اليسار، كما يعرضون ذلك في اليمين المسيحاني لسموتريتش، بل اليمين المطلق، الذي بحث بجهد عن طريقة للتملص من “خطر” استئناف العملية السلمية وكان على قناعة انه وجدها في فكرة الانسحاب احادي الجانب التكتيكي من قطاع غزة.
لمنس نسي ومن يتناسى الخلفية السببية السياسية لخطة الانفصال نحن نوصيه بالتدقيق مرة أخرى في المقابلة التي اجراها آري شبيط في ملحق “هآرتس” في 8/10/2004 مع المحامي دوف فايسغلاس، المستشار الموثوق والمقرب من اريئيل شارون. المقابلة توفر لنا القاء نظرة على الدافع السياسي والاستراتيجي لفكرة الانفصال.
هاكم مقاطع مختارة وذات صلة لانعاش ذاكرة كل من يصمم على ربط العملية السلمية بخطة الانفصال: “نحن توصلنا الى استنتاج مؤسف وهو انه لا يوجد من نتحدث معه، لا يوجد من نتفاوض معه. من هنا جاء الانفصال”؛ “الانفصال هو في الحقيقة شكلي. هو يوفر القدر المطلوب من الشكلية اللازمة كي لا تكون عملية سياسية مع الفلسطينيين”؛ “للمرة الأولى لديهم أراض متصلة تماما حيث يمكنهم الركض فيها بسياراتهم من مكان الى آخر”؛ “بعض المستوطنات لن يتم علاجها أبدا، وبعضها لن نتعامل معه الى ان يصبح الفلسطينيين فنلنديين”؛ “نحن حصلنا على شهادة لا يوجد من نتحدث معه”، التي تنص على: 1- لا يوجد من نتحدث معه. 2- طالما انه لا يوجد من نتحدث معه فان الوضع الجغرافي الحالي سيبقى قائما. 3- هذه الشهادة سيتم الغاءها عند حدوث كذا وكذا. وعندما تصبح فلسطين هي فنلندا. 4 – الى اللقاء حينئذ والسلام.
كان مطلوب وجبة دسمة من عدم النزاهة العامة، السذاجة أو الجهل، في تاريخ الماضي القريب لدولة إسرائيل من اجل مواصلة الربط بين خطة الانفصال والعملية السياسية التي تهدف الى حل الدولتين، في حين ان الهدف العلني لهذه الخطة هو رفض استئناف العملية في المستقبل القريب. للمفارقة، من دفع قدما وبحماسة وإخلاص بسياسة “زجاجة الفورمالين” التي وقفت في أساس خطة الانفصال، هو بنيامين نتنياهو. في الواقع يجب عدم ظلم شارون عن طريق المقارنة بينهما؛ بالنسبة لشارون، مثلما احسن وصف ذلك فايسغلاس، “المسلمة (كانت) ضمان حياة اليهود. وكل ما بقي خاضع لذلك. نتنياهو خلافا له قام بالمقامرة بشكل هستيري وخطير بحياة اليهود عندما سمح بنمو حماس، من منظمة إرهابية صغيرة الى قوة عسكرية ناجعة وقاتلة.
لكن نتنياهو عندما أراد تقوية حماس سعى الى تحقيق نفس الهدف الذي وقف امام ناظري شارون وفايسغلاس في الوقت الذي وضعا فيه فكرة الانفصال ودفعا بها قدما، ضمان لفترة غير محدودة استمرار الاحتلال وتفوق اليهود بين البحر والنهر. لا شك انه قد حان الوقت للصحوة من خطة الانفصال. ولكن هذه الصحوة تعني الاستيقاظ من الرؤية الخيالية التي ارادت ترويجها. الشعور بخيبة الامل من هذه الرؤية، التي بحسبها يمكن اجراء تجارب على الناس من خلال حبسهم في سجن خاص بهم، مقطوعين عن أجزاء وطنهم وشعبهم، ومرتبطين كليا بالسجانين المتنورين، والتوقع بعد سنوات الذل والاستعباد ان لا يفقد السجناء وراء القضبان انسانيتهم، وأنهم لن يستبدلوا السيارات الفارهة بتندرات حماس. الشعور بخيبة الامل والاستيقاظ من خطة الانفصال يعني ان الفلسطينيين لن يصبحوا فنلنديين إلا في فنلندا، أي فقط في دولة فلسطينية مستقلة.
إسرائيل تحت حكومة 7 أكتوبر تبعد سنوات ضوئية عن هذه الصحوة. هي تواصل العيش في وهم انه في قطعة الأرض التي تعيش فيها قوميتان يمكن أن تقيم الى الابد دولة قومية واحدة، وتخيل محو القومية الأخرى وتعمل بالتدريج على تجسيد هذا الحلم. كل ذلك وهي تنطلق بسرعة بـ “السيارة الفارهة” خاصتها نحو هاوية فقدان الشرعية بشكل مطلق.
——————————————
هآرتس 18/8/2025
عشرات آلاف الأشخاص النزيهين صرخوا من اجل اخوتهم، نتنياهو كان مجبرا على شتمهم
بقلم: يوسي فارتر
عائلات المخطوفين، في معظمها، والعائلات الثكلى من المذبحة في الغلاف وما بعدها، تم ضمهم امس الى النادي غير الحصري، لكن الآخذ في الاتساع، لـ “مؤيدي حماس” ومشجعي “فظائع 7 أكتوبر”. في هذه المرة حصلوا على الصفة المذكورة أعلاه من قبل الحاكم الأعلى بجلاله. في الخطاب الاورويلي الذي انتهجه بنيامين نتنياهو وزمرته، فان ضحايا حماس، الذين هم مؤيدوها؛ أبناء عائلات المخطوفين يعملون على دفنهم الى الابد في القطاع؛ معظم مواطني الدولة الذين يعتقدون انه يجب انهاء حرب الـ 682 يوم مقابل اطلاق سراح الخمسين مخطوف، سيتسببون في أن “ابناءنا وبناتنا سيضطرون الى القتال مرة تلو الأخرى في حرب لانهائية”. ابناءنا وبناتنا فقط وليس ابناءه وبناته، لا سمح الله.
بأي حسد شرير وغضب غامر قفز نتنياهو الى حوض الصراع العكر بين المعسكرين. من جهة يقف من يؤيدون انهاء الحرب وإعادة جميع المخطوفين (أو على الأقل يسعون الى تحقيق ذلك)، ومن جهة أخرى يقف من يعارضون انهاء الحرب ويدعمونها حتى الحسم والابادة الكاملة في عمل يعرض حياة المخطوفين للخطر. نتنياهو هو آخر من يفوت فرصة توسيع الشرخ وفتحه وتشويه سمعة الطرف الاخر.
امس أيضا حيث عشرات الاف الأشخاص النزيهين اطلقوا صرخاتهم في الشوارع والميادين اللافحة من اجل اخوتهم، هو لم يكن يستطيع فرض على نفسه الصمت. نحن غير ملزمين بالتعبير عن التعاطف والتماهي، لكن أيضا لا يجب علينا التطاول والتحريض كآخر ملفتسكي (ازعاجات لدعم حماس خرجت الى الطريق). كل من يفكر بطريقة مختلفة عن نتنياهو وطائفة المتملقين ممن يخدمونه، هو بشكل تلقائي مؤيد لحماس ومشجع للقتل والاغتصاب – المعارضة – الاستوديوهات والقادة السابقون (باستثناء الذين يظهرون في القناة 14 وآي24 ويعقوب عميدرور)، الكابلانيون، اخوة السلاح، معظم زعماء غرب أوروبا، وتقريبا أيضا أبناء عائلات المخطوفين.
حيث انه لا يوجد لحماس ولم يكن ومشكوك فيه أيضا ان يكون في المستقبل، أصول مدرة للمكاسب اكثر من رئيس الحكومة هذا، الذي استوعب افعالها، سمنها بالمليارات ورفض اغتيال قادتها، ويساعده على ذلك وزراء اليمين المتطرف مثل ايتمار بن غفير، الذي باجتهاد شيطاني لا يفوت أي خدعة تؤدي الى ان يثير غضب مخرب ويمعن في ضرب المساكين الموجودين بين يديه، أو بتسلئيل سموتريتش واوريت ستروك، اللذان يطالبان بالسيطرة على القطاع وإقامة المستوطنات في كل ارجائه، أو عميحاي الياهو وتصريحاته المقرفة وغيرهم الكثير من السيئين.
صفحة الرسائل التي تم نشرها من الفجر للوزراء وأعضاء الكنيست والمراسلين والمحللين أصحاب العلاقة نصت على ان الاحتجاجات دائما عملت على تصلب حماس في موقفها وارجعت الصفقات الى الوراء. هذا بالطبع كذب، يخرج بشكل كبيعي من افواههم. حماس تشددت في مواقفها لسببين: النجاح الكبير الذي حققه ما يسمى “حملة التجويع” وتسونامي الانتقادات الدولية غير المسبوقة لإسرائيل في اعقاب قرار احتلال مدينة غزة.
هذه الحجج هي من الأفعال المخجلة لحكومة الفشل، الاهمال والتصحية، وليس من أفعال أبناء عائلات المخطوفين. الادعاء بان المظاهرات والتشويش والمواجهات تفرح حماس هي الى درجة معينة صحيحة. لقد كان يمكن التفكير بذلك لو اننا كنا نوجد في واقع مختلف، ولو ان الحكومة فعلت كل ما في استطاعتها لاعادة المخطوفين الذين يموتون بسبب الجوع والمرض في انفاق حماس، لما كانت حماس تصلبت في مواقفها وشروطها.
هذا ليس الوضع، التهمة هي على الطرفين. نتنياهو افشل مرة تلو الأخرى صفقات تحرير المخطوفين، وسموتريتش وبن غفير يتفاخران بانهما قاما بافشال الصفقات المحتملة. رئيس طاقم المفاوضات الذي تم انزاله بالمظلة لوقف أي فرصة للتقدم، رون ديرمر، يقود الخط المتطرف جدا في الكابنت ضد أي تسوية.
حيث ان هذه هي الحال فانه من الواضح انه يوجد مكان للاحتجاج، الذي يجب أن يزداد ويتوسع. السؤال هو هل هذه هي الطريقة الصحيحة. ألم يكن من الأفضل التركيز على وزراء الحكومة ورئيسها – أبو كل الخطايا – الذين يتركزون في اقل من نصف كيلو متر في جفعات رم في القدس؟ ان نغلق الطرق، ان نحدث ضجة كبيرة وان نقيم الخيام وأن لا نتحرك، ان نلاحق نتنياهو ونحاصر بيته ونخرج زوجته عن اطوارها، ونصل الى ابنه المتعفن في ميامي وننغص حياته. في اذار 2023 “ليلة غالنت”، تم منع الإقالة. احتجاج الجمهور على الانقلاب النظامي اعاقه وابطأه، الفرق هو أنه في حينه لا احد هدد باسقاط الحكومة.
اذا تعلمنا أي شيء من الدورة السابقة للحكومة فهو انها هي ورئيسها قاموا بتطوير مناعة تامة ضد إرادة الجمهور. المظاهرات والاعتصامات والمشاهد التي تفطر القلب مثل حفل الزفاف الذي قامت بتمثيله أمس عيناف سانغاوكر وايلانا غريتسفسكي، لا تخترق جلد الفيل الذي يتحلون به. ان الانزعاج الذي لحق بمئات الالاف لا يحرك أي ساكن لديهم.
——————————————-
إسرائيل اليوم 18/8/2025
دولة فلسطينية .. خطر وجودي على اسرائيل
بقلم: غرشون هكوهن
في الشهر القادم، مع المداولات في الجمعية العمومية للأمم المتحدة حول الاعتراف بدولة فلسطينية من شأن دولة إسرائيل ان تلقى تسونامي دولي مع إمكانية للعقوبات. في تحريك المبادرة الفرنسية يشارك اكثر من سنة نشطاء إسرائيليون وسعوديون أيضا. الميل هو ضغط دولي يفرض على حكومة إسرائيل دولة فلسطينية في حدود 67، عاصمتها القدس. رواد المبادرة الإسرائيليون يعرفون بانه في الظروف القائمة الأغلبية في شعب إسرائيل سترفض الفكرة. لكنهم مطلعون على مساعي التأثير ويؤمنون بانه في بلورة الخطة بتأييد دولي واسع، فان المجتمع الإسرائيلي التعب من الحرب الطويلة لا يمكنه أن يرفض بشرى إقليمية لشرق أوسط أكثر امانا، مع فرص اقتصادية جديدة.
في ضوء مساعي التأثير فان المجتمع الإسرائيلي سيكون ملزما ببلورة موقف. زعماء الاستيطان في يهودا والسامرة وغور الأردن ملزمون منذ الان بالاستعداد للصراع. الرسالة يجب أن تشدد على أنه مثلما في خراب غوش قطيف وأخطر باضعاف، يدور الحديث عن مصير دولة إسرائيل كلها وليس فقط عن مصلحة قطاعية. من هنا يتبين أن الجهد الأساس لإحباط المبادرة يجب أن يكون في جهد اعلامي يقاتل في سبيل الرأي العام في إسرائيل.
الظروف تغيرت
لافضل تفكري، اسحق رابين، الذي قبل مبادرة أوسلو قبل اكثر من 30 سنة كان سيرفض اليوم قطعيا مبادرة الرئيس الفرنسي. فقد كان يعرف كيف يشرح للشعب كيف تبددت كل الفرضيات الأساس التي بناء عليها تجرأ على التوجه الى مسيرة أوسلو. فهذه الخطوة ولدت في حينه في أجواء سلام عالمية وقعت مع انهيار الاتحاد السوفياتي. اما اليوم فالعالم في ميل معاكس، مفعم بتهديدات جديدة.
لا ينبغي تجاهل كل ما وقع في إسرائيل في المنطقة منذ هجمة 7 أكتوبر. في هذه الظروف فان إقامة دولة فلسطينية في حدود 1967 وعاصمتها القدس فستعتبر في نظر كل فلسطيني نتيجة مباشرة لنشوب الحرب في ذاك الصباح الرهيب. يحيى السنوار سيعتبر أعظم من صلاح الدين.
ان فكرة الدولة الفلسطينية المقترحة في المبادرة الجديدة تسير شوطا بعيدا بشكل ذي مغزى عن المكان الذي قرر فيه اسحق رابين السير في قيادة ميرة أوسلو. في خطابه الأخير في الكنيست، عندما جاء باوسلو ب لاقراره في 5 أكتوبر 1995، عرض رابين مباديء أساسية: الإصرار على وحدة القدس الموحدة بنطاقها الواسع، بما في ذلك جفعات زئيف ومعاليه ادوميم؛ حفظ غور الأردن “بالتفسير الاوسع” كحدود أمن شرقية؛ وتعريف الدولة الفلسطينية ككيان هو “اقل من دولة”. رئيسا الوزراء باراك وأولمرت تنازلا تماما عن هذه المباديء.
منحى كارثي
في كل مقياس مهني أمني، فان خريطة الدولة الفلسطينية في المنحى السعودي – الفرنسي تعرض منحى محملا بالكارثة. هذا يبدأ بالمطالبة بتقسيم القدس. من ناحية امنية وبلدية لا يوجد طريقة لان يوجد في القدس توزيع نظام امني معقول. بالنسبة لغور الأردن، ففي نقله بكامله الى الدولة الفلسطينية ستفقد إسرائيل كل قدرة على الرقابة والتحكم على كل الوسائل القتالية والبشرية التي ستتسلل الى الدولة الفلسطينية.
ان ماكرون وقادة الدول الذين ينضمون اليه يمكنهم ان يضمنوا بان تكون الدولة الفلسطينية مجرد من السلاح. لكن دون قدرة رقابة اسرائيلية ليس لهذا أي تحقق. في حركة سريعة يمكن ان يدخل الى مجال يهودا والسامرة عشرات الاف نشطاء الميليشيات على دراجات وتندرات والتواجد على نحو مفاجيء في خط رأس العين – كفار سابا. في مثل هذه الظروف لن تكون لدولة إسرائيل الامكانية للدفاع عن نفسها. في كل طريقة تستوجب حماية دولة إسرائيل عمق إقليميا.
حسب المنحى المقترح، فان الدولة الفلسطينية ستكون مثل كل دولة بسيادة كاملة على الأرض والسماء. لتشديد رابين على “كيان اقل من دولة” توجد تداعيات حركة لدولة إسرائيل مثل السيطرة في المجال الجوي او السيطرة في الطيف الالكترو- مغناطيسي. في هذا الوضع لان تكون لدولة إسرائيل قدرة رقابة على من يدخل الى الدولة من الشرق في معابر الأردن. فقد تدخل ليس فقط قوات إرهاب بل أيضا ملايين الفلسطينيين من العالم الذين سيغيرون الميزان الديمغرافي بين البحر والنهر.
هنا يحتاج المجتمع الإسرائيلي لان يفهم بان ليس فقط مباديء اسحق رابين لاوسلو شطبها مواصلو دربه بل انه في العقود التي انقضت تغير العالم وتبددت كل الشروط والفرضيات الأساس التي تجرأ رابين بناء عليها على أن يأخذ مخاطر أوسلو.
الاستيضاح الكبير هو بيننا: ما هو حلمنا؟ يدور الحديث عن كفاح في سبيل القدس، كفاح في سبيل هوية وجودنا. لهذا الكفاح ملزم المجتمع الإسرائيلي أن يتكتل مثل مقاتلي الـ 48، بواجب القسم إياه على أنهار بابل – “اذا نسيتك يا اورشاليم فلتنساني يميني”.
——————————————
معاريف 18/8/2025
استيقظوا أيها الاسرائيليون
بقلم: افرايم غانور
دولة إسرائيل تفقد طريقها، سواء عقلها وفكرتها الصهيونية التأسيسية. “يوم غضب”، يوم احتجاج – اضراب وحيد مع أو بدون الهستدروت، لم يعد يترك أثرا على هذه الحكومة منغلقة الحس ومنقطعة عن الواقع، أساسا حين يكون قسم كبير من الشعب، حتى لو كان يتماثل مع عائلات المخطوفين ويؤيد وقف الحرب من اجل اعادتهم، تعب من صراع لا ينتهي ضد انغلاق الحس. لا شك اننا لو كنا دولة سوية العقل، عقلانية، مكترثة بكل معنى الكلمة، لبدا هذا مختلفا. وباء خطير هو “المعارضة الغافية”، التي وكأنها تستيقظ من سباتها بين الحين والآخر وتطلق صوتا كي تثبت “نحن لا نزال موجودين”. بدلا من الاهتمام بالامر الأساس، لاسقاط الحكومة، تبدو المعارضة كمن لا تجد نفسها واساسا تتكلم اكثر بكثير مما تفعله. ولا يزال، يطرح السؤال اين الجمهور، أولئك مئات الالاف الذين فقط قبل بضع سنين خرجوا الى الشوارع في كل ارجاء الدولة، تظاهروا واقاموا خيام بدون الهستدروت، بدون لجان ومنظمات – بسبب رفع سعر “الكوتج” (الجبنة المخثرة).
اما هنا فيما ان الدولة تتفتت امام ناظرينا، فيما أن المشروع الصهيوني الذي حلمنا به لاجيال وأقيم ببحر من الدماء، العرق والدموع يتحطم، اغلبية في الشعب صامتة حتى عندما ترى كيف يجري انقلاب سلطوي هدام امام ناظريها، رؤساء اركان يصبحون “خرقا بالية” من قبل من لم يرتدوا ابدا بزات عسكرية والشرطة تصبح بقدر كبير ميليشيا. كيف يحصل ان واقعا تفعله فيه الحكومة كل شيء من اجل بقائها بما في ذلك تسويغ التهرب من الخدمة العسكرية، بما في ذلك المس بالاقتصاد، بالتعليم، بالطب، بالامن الشخصي – يستقبل من الكثيرين بلا مبالاة.
ينبغي الاعتراف بانه يوجد بين الجمهور أيضا من هي الأمور ببساطة لا تعنيهم، وحتى في هذه الساعات القاسية نجدهم يغرقون في متع الحياة وكأن بهم لا ينتمون الى المكان والى الواقع. من اجل الحقيقة، لم نكن ابدا شعبا منسجما. ومنذ الازل كنا شعب قبائل، طوائف وخلافات، لكن التضامن وحدنا على مدى التاريخ عند الضيق. حياة الوفرة التي يعيشها قلة من مواطني إسرائيل تبعد بعضهم عن التضامن، عن القلق للضعفاء وللمعانين.
ومع كل هذا، الغضب على عدم اكتراث قسم هام من الشعب، على المعارضة التي لا يشعر بها احد، وفوق كل شيء على الحكومة التي لا تعرف الى أين تقود الدولة في الواقع الصعب الذي خلقته يستوجب يوم غضب واحتجاج الى ان تؤدي الأمور بشكل لا مفر منه الى انتخابات والى انتخاب حكومة براغماتية جيدة وسوية العقل اكثر.
——————————————
هآرتس 18/8/2025
حكومة نتنياهو تهاجمهم وأبواق الإعلام تقلل من تأثيرهم.. والمتظاهرون: هي البداية
بقلم: بار بيلغ
لم يكن هذا يوم الاحتجاج الأكبر منذ اندلاع الحرب، لكنه كان من الأيام الإبداعية. أمس، خلق المتظاهرون خليطاً من العروض والأغاني والبيانات لوسائل الإعلام والتشويشات، وجروا خلفهم الجمهور، أما النقاشات في فستتواصل في مجموعات الاحتجاج على الفائدة مقابل المس بالجمهور. لكن كان لهذا اليوم هدف واحد رئيسي، وهو دعم العائلات كي نظهر لها بأن هناك غطاء خلف الدعوة الثابتة في المظاهرات، “نحن معكم، لستم وحدكم”. ثلاث أمهات – فيكي كوهين وعنات انغرست وليشي ميران لافي، دعون الجمهور للخروج من البيوت وجررن مصالح تجارية ومؤسسات وأكاديميين ونقابات عمال.
افتتح المتظاهرون الصباح أمام منازل الوزراء وأعضاء الائتلاف، وكانت الدعوة للصحوة واضحة تماماً في رد فعل السياسيين في الساعات التي تلت ذلك. سيغال منصوري، والدة رافيا ونورال، اللذين قتلا في نقطة الموت الدفاعية عندما هربا من حفلة “نوفا”، وصلت مع مئات المتظاهرين إلى بيت الوزير يوآف كيش، وزير التعليم الذي لا يحب التظاهر أمام منزله، تعود إسماع المتظاهرين موسيقى بصوت مرتفع. حاولت منصوري إلقاء كلمات على الجمهور على خلفية أغنية “على هذا كله”، لكن كان يصعب سماع أقوالها. “صباح الخير لوزير التعليم، ليتك تسمعني”، قالت. “أقف هذا الصباح لأزعجك. كنت أفضل البقاء في السرير وأحلم ببناتي الحبيبات”. على صوت الموسيقى العالية التي انطلقت من الساحة، حاولت منصوري مخاطبة قلب الوزير، جارها، وتذكيره ببناتها وبأيام الحداد عليهن، التي كلف نفسه خلالها عناء زيارتها.
اتضح بسرعة أن الاحتجاج يشغل الحكومة وأعضاء الحكومة أكثر من إعادة المخطوفين إلى البيت. وعند بداية إغلاق الشوارع في الصباح الباكر، نشر وزراء الحكومة سيلاً من الشتائم وقرروا بشكل حازم – قبل الساعة العاشرة – أن يوم الاحتجاج قد فشل. “الحملة، لم تتعالَ، والحمد لله”، كتب الوزير سموتريتش. أما عضو الكنيست المتهم بالاغتصاب حانوخ ملفتسكي فكتب: “إزعاج يدعم حماس”. الوزير عميحاي إلياهو، الذي صوت ضد صفقات التبادل، كتب أن “كل دعوة منهم لوقف القتال هي وجبة أوكسجين لحماس في الأنفاق”. عضو الكنيست أريئيل كلينر ذهب خطوة إلى الأمام، وغرد: “لم يسبق أن كان عدد كبير من أعضاء حماس مدانين بهذا القدر لهذا العدد القليل من الناس”.
تغريدات أعضاء الائتلاف المليئة بالسم، رافقت صور إغلاق الشوارع التي انتشرت مصباحاً في أرجاء البلاد. إلى جانب عشرات مفترقات الطرق التي امتلأت بالاحتجاجات المحلية، أغلق المتظاهرون أيضاً شرايين الحركة الرئيسية. خلال اليوم، عاد المتظاهرون إلى إغلاق مفترقات الطرق. وفي معظم أرجاء البلاد، خلافاً للسابق، لم تمارس الشرطة قوة كبيرة لإخلائهم. وفي “نتفيه أيالون” حاول رجال الشرطة الحفاظ على حركة متواصلة وعدم السماح بالإغلاق. ولكن لم ينجحوا في مواجهة تصميم المتظاهرين الذين أغلقوا هذا الشارع ست مرات على الأقل. في أحد الحواجز، أطولها، سار مئات المتظاهرون من روكح نحو طريق السلام، ونزلوا إلى الشارع بمجموعات تتكون من عشرات أو مئات الأشخاص. حاول معظم المتظاهرون طوال اليوم التملص من مواجهة القوات والحفاظ على جوهر الاحتجاج – مظاهرة تضامن ودعم للعائلات.
تم تكبير صور المخطوفين. مؤشر الاحتجاج الواضح، الذي -حسب الناجين من الأسر في غزة- لم يرتدِ الوجه الضاحك والجميل للمخطوفين، وظهر بدلاً منها صور من داخل أفلام حماس. وجه لروم بارسلفسكي الذي بدا مذعوراً، ونظرة لمتان سانغاوكر الباهتة، وعيون عمري ميران اليائسة، كلها باللون الأسود والأبيض، حملتها جموع المتظاهرين الذين ساروا في الجو الحار. فقاعات صغيرة ناتجة عن إلصاق الصورة على القبعة تظهر وكأنها تشبه العرق على جبين الرهائن. وبينما كان المتظاهرون يسيرون تحت أشعة الشمس على طرق الأسفلت، مستغلين كل بقعة ظل للاختباء تحتها، كان يصعب التفكير في كيفية تأقلم الرهائن مع حرارة آب في تلك اللحظة.
المتظاهرون تعرقوا في الحواجز على الشارع، لكن رئيس الحكومة نتنياهو تصبب عرقاً أيضاً. خلافاً لعادته الثابتة في إلقاء كلمات أمام المتظاهرين ومن خلالهم إلى القاعدة، ففي مساء يوم الاحتجاج، في الساعة الواحدة والنصف ظهراً، انضم نتنياهو للوزراء وأدان المتظاهرين. “الذين يطالبون الآن بإنهاء الحرب بدون هزيمة حماس”، أو بالعبرية البسيطة “اليساريون الانهزاميون” – “يجعلون حماس تتصلب في موقفها ويبعدون تحرير المخطوفين”، قال في بداية جلسة الحكومة. أمهات المخطوفين اللواتي دعون الجمهور إلى الخروج إلى الشوارع والانضمام إلى صرختهن، رددن على نتنياهو على الفور: “بيان رئيس الحكومة مثل لكمة في البطن”، قالت ياعيل آدار والدة تمير، الذي جثته محتجزة في غزة. “خلافاً للشعب الذي خرج اليوم من البيت وصرخ كفى”.
وكتبت عيناف سانغاوكر بعد نشر أقوال نتنياهو بأن “أقواله المسممة والمقطوعة عن الواقع تثبت مدى الضغط الذي تسببه له هذه المظاهرات. المتظاهرون هم الوزن المضاد لسموتريتش وبن غفير”. وليس كعادتها، لم تلعب سانغاوكر دوراً جوهرياً في يوم الاحتجاج، باستثناء المشاركة في حفل زفاف مؤلم، الذي نظمته العروس الكنة المستقبلية لايلانا غريتسفسكي، زوجة متان. في هذا اليوم، عندما ظهر أن كل الدولة تحولت إلى عيناف سانغاوكر، فمن لطبيعي ألا تكون رأس الحربة.
في المساء، بدأ الاحتجاج يتسع، والجمهور ملأ ميدان المخطوفين ومحيطه بالمظاهرة الأكبر من أيلول الماضي. هذه المظاهرة الكبيرة لم تكن لتحدث بدون استيقاظ الجمهور في الأسابيع الثلاثة الأخيرة. منذ تفجر المفاوضات للتوصل إلى صفقة تبادل، مروراً بكشف أفلام افيتار دافيد وروم بيرلفسكي وحتى قرار الكابنيت احتلال مدينة غزة، وقفت منظمات احتجاج مثل “مجلس أكتوبر” و”هيئة عائلات المخطوفين” إلى جانب العائلات وساعدتها في إعداد الجمهور لهذا اليوم.
ما الذي لم يجرب مؤيدو نتنياهو فعله للتنكيل بعائلات المخطوفين واحتجاجهم: تقسيمها، تلوينها بلون سياسي، محاولة السيطرة على هيئتها، وبالأساس إغراقها بحملة غير منقطعة من السم، حتى الآن نجحت في إخراج جمهور واسع خلال يوم كامل عندما كانت كل الرهانات ضدها. في الظهيرة، سارعت أبواق وسائل الإعلام إلى تقزيم الاحتجاج والاستهزاء منه. ولكن الجمهور الذي أغرق شوارع تل أبيب مساء، أثبت أنه استنتاج مبكر جداً.
أمام عشرات آلاف المتظاهرين، أكدت العائلات أن عددهم في هذه المرة غير كاف. فبدون الاستمرارية لن يغير عدد المتظاهرين الذين خرجوا أمس إلى الشوارع أي شيء. وكررت أربيل يهود، الناجية من الأسر والتي لا يزال شريكها أريئيل كونيو مخطوفاً، هذا الأمر في خطابها بعد الظهر مراراً وتكراراً. ويهودا كوهين، والد نمرود، دعا الجمهور من فوق المنصة إلى “التوقف عن العمل وشل الحياة إلى حين عودتهم”. وطرح كوهين طلباً آخر بقي طي الكتمان في الأشهر الأخيرة، وهو إنهاء الحرب. “لن تعود إلى البلاد طبيعتها حتى ينهي نتنياهو الحرب ويعيد كل المخطوفين”.
تأمل العائلات أن يدل يوم الاحتجاج هذا ويشير إلى بداية انتهاء الحرب، وبدء موجة احتجاج واسعة. في المستقبل، سنعرف إذا ما تحققت التوقعات بالفعل. لكن يمكن القول بثقة الآن أن الضجة وصوت الطبول اخترقت الجدران التي أقامها أعضاء الحكومة حولهم لإخفاء صوت توسل العائلات إليهم، ومحاولاتهم اليائسة لإلغاء حجم الاحتجاج، وتظهر الحجم الذي يحتله في رؤوسهم.
——————————————
هآرتس 18/8/2025
هليفي ومسؤولون كبار: “مراقب الدولة” حاك ضدنا رواية كاذبة لخدمة سيده نتنياهو
بقلم: أسرة التحرير
نتنياهو يتهرب من المسؤولية ومن ذنب 7 أكتوبر. يسجل الإنجازات العسكرية على اسمه فقط، فيما يلقي المسؤولية عن الكارثة الأكبر في تاريخ دولة إسرائيل على الآخرين: الجيش، جهاز الأمن… إلا على نفسه، ذلك الرجل الذي على رأس حكومة إسرائيل طوال 16 سنة. هذا هو سبب رفضه العنيد لتشكيل لجنة تحقيق رسمية.
في الهيئة العامة للكنيست، حاول نتنياهو قبل ثلاثة أشهر أن “يبيع” للجمهور أنه يؤيد لجنة تحقيق رسمية شريطة أن تكون “متوازنة، موضوعية، غير سياسية”، و”تتلقى ثقة الشعب”.
غير أن نتنياهو نفسه يفعل كل ما في وسعه لتحطيم ثقة الجمهور بالمؤسسات التي يفترض بهذه اللجنة أن تأتي منها. هو ورجاله يشككون بشرعية رئيس المحكمة العليا، الهيئة المخولة لتشكيل اللجنة، ويواصلون هجومهم المتواصل على جهاز القضاء كله. ومع تعيين إسحق عميت رئيساً للمحكمة العليا، أفاد وزير العدل يريف لفين، بأنه لا يعترف بعميت رئيساً للمحكمة العليا.
بدلاً من لجنة رسمية، نظم نتنياهو لنفسه مسبقاً مراقب دولة يأتمر له؛ نتنياهو انجلمان، الذي شهد على تفسير ضيق لمؤسسة الرقابة مع بداية تعيينه. والآن، يبدو أن انجلمان حدد الجيش هدفاً أساسياً من أجل نتنياهو.
هذه خلفية المواجهة بينه وبين رئيس الأركان السابق هرتسي هليفي. في الآونة الأخيرة، طلب هليفي من انجلمان سحب مسودات نهائية لتقارير رقابة، وفيها استنتاجات شخصية قاسية ضده. لكن انجلمان رفض.
وحسب معلومات وصلت لـ “هآرتس”، فإن التقارير وضعت دون أن يسمع موقف هليفي، وعلى حد قوله فإن مراقب الدولة رفض اللقاء معه. رئيس الأركان السابق ومسؤولون كبار آخرون في الجيش يعتقدون بأن مراقب الدولة حددهم هدفاً وبلور رواية كاذبة ضدهم.
إن شك هليفي ورفاقه مفهوم. لا جدال بأن للجيش ولمحافل الأمن مسؤولية عن إخفاق 7 أكتوبر. لكن ليسوا هم المسؤولين فقط، فالحكومة ونتنياهو على رأسها، هم العنصر السياسي الأعلى الذي فشل. ومحاولة جعل 7 أكتوبر فشلاً لجهاز الأمن وحده ليس استعراضاً لانعدام الاستقامة وحدها – هو يعطل ثقة الجمهور بمؤسسات الدولة.
الطريق الوحيد لإعادة بناء ثقة الجمهور بمؤسسات الدولة هو إقامة لجنة تحقيق رسمية. لجنة تقول قولها بلا خوف، والحكومة تقبل استنتاجاتها. على مراقب الدولة انجلمان أن يعلن بأن التقرير الذي يعده ليس بديلاً عن لجنة تحقيق رسمية.
——————————————
يديعوت أحرونوت 18/8/2025
كاتس منشغل بسحب البساط والأمر 8 تحت المجهر.. ونتنياهو شاتماً المتظاهرين: “ستجلبون 7 أكتوبر جديداً”
بقلم: ناحوم برنياع
مئات الآلاف وربما الملايين، الذين تظاهروا أمس لتحرير المخطوفين، ربما يستخلصون درساً متفائلاً من القصة: الصراع ليس ضائعاً. دورة تتلوها أخرى، ومهرجان يتلوه مهرجان، وهتاف وبعده هتاف – في النهاية، ستنهار أسوار انعدام الحس التي بنتها الحكومة حولها. وليعرف ذلك كل جندي احتياط يوشك على تلقي الأمر 8 من أجل القتال.
كتب وزير الدفاع، كاتس، في نهاية الأسبوع، منشوراً طويلاً يعنى به فقط: بحكمته التكتيكية، وفهمه الاستراتيجي. هو ليس هورودوس بل هنيبعل. يقول: “يأخذون كل أنواع السابقين منقطعي الاتصال والمعلومات ومع فهم أمني قديم وغير ذي صلة و”محللين عسكريين” في أواخر مهامهم أو مجرد صحافيين ناطقين بلسان آخرين ويزرعون في أفواههم عبارات وشعارات وتشهيرات لا أساس لها ضدي بصفتي وزير الدفاع”، هكذا يبدأ هنيبعل شكواه.
وعندها تأتي وثيقة الإنجازات. الهجوم على إيران هو أنا، إسرائيل كاتس. أنا الذي بلورت أهداف وقدرات سلاح الجو، وخططت لحملة “عرس أحمر” ضد القيادة العسكرية الإيرانية وخطة “تورنادو” ضد منشآت النظام، أنا الذي عالجت “حزب الله” في لبنان، وبادرت ودفعت قدماً بإقامة خمسة استحكامات داخل لبنان للجيش الإسرائيلي؛ وأنا الذي أدخلت الجيش الإسرائيلي إلى سوريا، وأحبطت قدرات الجيش السوري الاستراتيجية وحميت الدروز. ونتيجة لسياستي، طرأ انخفاض في عمليات الإرهاب في الضفة، وقامت بلدات جديدة، وتعزز الاستيطان.
بلورت في غزة عملية “بأس وسيف” و”عربات جدعون”، وبفضلي بقي الجيش الإسرائيلي في المناطق التي طهرت ويستولي على 75 في المئة من الأراضي. والآن نبلور خطة لحسم حماس.
من يتابع سياقات اتخاذ القرارات في جهاز الأمن في الأشهر الأخيرة سيقرأ الأقوال ويبتسم. تسعة أشهر يتولى كاتس منصب وزير الدفاع. لا مانع من تعيين مدني لهذا المنصب، ربما العكس، حتى في زمن الحرب: في التماس بين رئيس الوزراء والجيش منفعة لوزير يرى الأمور بشكل مختلف. لكن كاتس جلب إلى الطابق الـ 14 للكريا أطناناً من الانفعال مغلفة بانعدام ثقة وبتجربة فاسدة من مناصبه السابقة. يتعامل مع هيئة الأركان، وعبرها مع الجيش، مثلما يتعامل يريف لفين مع جهاز القضاء، ويتهجم ويوسخ ويسعى لإدخال سياسة تعيينات على نمط مركز الليكود إلى المكان الذي يفترض بالسياسة فيه أن تكون خارج المجال.
يجدر به أن يسأل نفسه لماذا يبرز بهذا الكم من الكاريكاتورات وفي مسرحيات سخرية، في حين أنه أقل بروزاً في قرارات أمنية.
نتنياهو يدفع نحو احتلال غزة لأنه أقنع ترامب بحملة عسكرية سريعة، ضربة واحدة وانتهينا، سيسيطر على غزة وستنهار حماس من تلقاء ذاتها. أما مدى الإسناد الذي وعده به ترامب، فلا أعرف عنه شيئاً. هل سيقف جانباً أم سيدعم؟ هل وعد باتخاذ وسائل ضد حكومات أوروبية هددت بالعقوبات؟ ضد دول مثل مصر والأردن والإمارات؟ هل سيدعم إسرائيل حتى لو تعقدت الحملة؟ ترامب، مثلما تعلم زيلينسكي الأوكراني، يرتبط بالاتصالات فقط.
احتلال غزة هو رهان مضاعف ومزدوج. ثمة شك بإمكانية إنهائه بالسرعة التي وعد بها ترامب؛ وثمة شك كبير من نجاة المخطوفين الأحياء؛ وشك من حسم حماس إلى أكثر من الحسم الذي تحقق منذ زمن بعيد. وشك من أن الفجوة التي بين الحسم والحسم ستبرر الثمن. نتنياهو يكافح هنا في سبيل صورته. ما يهمه هو عرض نفسه كالرجل المنقذ، وليس المتخلي. لقد كان هناك أكثر من ذرة وقاحة في تعقيبه على الإضراب أمس. ها هو، بعد أن رفض تحمل مسؤولية 7 أكتوبر السابق، يتهم العائلات بـ 7 أكتوبر التالي.
الصفقة رهان أيضاً؛ فهي تنطوي على أثمان أليمة، ومخاطر أمنية، وستسبب لنتنياهو أزمة سياسية أيضاً. لكن الوزن على كفتي الميزان ليس مشابهاً، لا لمن يخاف على مصير الـ 50 إسرائيلياً الأحياء والأموات وتخلى عنهم جيشهم وحكومتهم. ولا لمن يخشى على قيم إسرائيل وأمنها ومكانها في العالم.
22 شهراً وحماس وحكومة إسرائيل تلعبان الأرجوحة: عندما تريد الحكومة صفقة، يتصلب مبعوثو حماس؛ وعندما تريد حماس صفقة تتهرب حكومتنا؛ وعندما يريد هؤلاء منحى جزئياً يعانده أولئك: فقط كاملة؛ وعندما يريد أولئك منحى كاملاً يعانده هؤلاء: جزئية فقط. والنتيجة عبث، عبث، عبث. كان بالتالي مبرر كامل لمظاهرات أمس، ومبرر كامل للمظاهرات التالية: إلى أن تسقط الأسوار.
——————————————
يديعوت 18/8/2025
سموتريتش يدق المسمار الأخير في نعش أمن إسرائيل وشرعيتها
بقلم: آساف ميدني
منذ السابع من تشرين الأول لا تواجه إسرائيل “حماس” في غزة فحسب، بل هناك سؤال أعمق: أي دولة تريد أن تكون؟
فمن جهة، هناك مقاربة إنسانية ترى في تحرير الرهائن واجباً أخلاقياً مطلقاً، وتضع حياة الإنسان في المركز، ومن جهة أُخرى هناك مقاربة أمنية – قومية تسعى لحسم عسكري واحتلال كامل لغزة من أجل القضاء على “حماس” وضمان ردع طويل المدى.
بين هذين النهجين يسود توتر دائم، فأنصار النهج الإنساني يرون أن إسرائيل تُقاس بقدرتها على الحفاظ على قيم الحرية والرحمة وحقوق الإنسان، حتى في خضم الحرب.
ومن هذا المنظور، فإن وقف إطلاق النار، ولو كان مؤقتاً، يُعد أداة أخلاقية واستراتيجية، في آن، لتحرير الرهائن ومنع وقوع مزيد من الخسائر.
في المقابل، يحذّر أنصار النهج الأمني من تنازُل مبكر قد يُفهم أنه ضعف، ويُبقي “حماس” في موقعها، مستعدة للجولة القادمة.
هذا التوتر ليس جديداً، فمنذ بدايات الصهيونية، تتحرك إسرائيل بين مبادئ أخلاقية كونية وبين حاجات أمنية وجودية، غير أنه يتجسّد اليوم بشكل ملموس في ثلاثة محاور: تحرير الرهائن، ومسألة السيطرة على غزة، والضغط الدولي للاعتراف بدولة فلسطينية.
يُعرض هذا الاعتراف كتحدٍّ أمني – دبلوماسي، لكنه يمكن أن يكون جزءاً من الحل، إذا ما كان مشروطاً بخطوات تخدم الطرفين: فلسطين منزوعة السلاح، وضمن حدود “مخطط ترامب 2020″، ووقف التحريض على الكراهية، وتحرير الرهائن كخطوة أولى.
هذا ليس “جائزة” على “الإرهاب”، بل تسوية تعزز أمن إسرائيل وتعيد أبناءها وبناتها إلى بيوتهم.
لكن في هذا التوقيت بالذات، يختار وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، عرض خطته لبناء 3400 وحدة استيطانية جديدة تصل مستوطنة معاليه أدوميم بالقدس، وتفصل ما تبقى من التواصل الجغرافي الفلسطيني. وهو يقدّمها كإنجاز تاريخي، وأنها “المسمار الأخير في نعش فكرة الدولة الفلسطينية”.
في الواقع، هذا الإجراء الأحادي يُبعد، أكثر فأكثر، أي احتمال لتسوية سياسية، ويعمّق العزلة الدولية، ويهدّد التعاون الاستراتيجي مع الشركاء.
بدلاً من تهيئة شروط تعزّز موقع إسرائيل، سياسياً وأمنياً، يرسّخ سموتريتش واقع صراع مستمر، فهو يفضّل الأرض على الإنسان، والضم على استعادة حياة الرهائن.
وهكذا، تصبح الرسالة الموجّهة إلى العالم أن إسرائيل تتنازل عن أي أفق سياسي، حتى ذاك الذي كان يمكن أن يخدم أمنها في المدى البعيد.
إن المقاربة “القومية – إلإنسانية” لا تتجاهل التهديدات، لكنها أيضاً لا تضحّي بالمبادئ الأخلاقية الأساسية. فهي تسعى للدمج بين الردع والدفاع عن النفس من جهة، وبين الحفاظ على حياة الإنسان، حتى خلف الحدود، من جهة أُخرى، انطلاقاً من الإدراك أن الصورة الأخلاقية لإسرائيل هي جزء لا يتجزأ من قوتها السياسية والأمنية.
والتاريخ يعلّمنا أن إسرائيل حققت هدوءاً وشرعية حين جمعت بين الأمن والبُعد الأخلاقي، مثلما فعلت في اتفاقية السلام مع مصر في العام 1979.
اليوم، هناك حاجة إلى قيادة تدرك أن الصلابة الوطنية لا تُبنى بالتصريحات الجوفاء، ولا بخطط التوسع الاستيطاني، بل من خلال مزيج شجاع بين القلب والدرع، بين هوية قومية راسخة والتزام عميق بحياة الإنسان.
—————–انتهت النشرة—————–