كتب ماهر عامر… عن أي دستور نتحدث في ظل محاولات تصفية القضية الفلسطينية؟

Loai Loai
5 Min Read

المسار : في ظل المذبحة المستمرة في قطاع غزة وما يرافقها من حرب إبادة وتهجير وتجويع، وفي وقت يتسع فيه الاستيطان وتتصاعد عربدة المستوطنين في الضفة الغربية، تبدو الحاجة أكثر إلحاحًا إلى تحقيق الوحدة الوطنية وإعادة التفكير في بنية النظام السياسي الفلسطيني وآفاقه. السؤال المركزي اليوم هو: هل يمكن صياغة دستور وطني يحقق السيادة ويعيد بناء الوحدة الفلسطينية؟

أوسلو… اتفاق انتهى بلا جدوى والسلطة الفلسطينية  التي نشأت بموجب اتفاق أوسلو عام 1993، وكان يُفترض أن تكون إطارًا مؤقتًا يقود إلى قيام الدولة الفلسطينية خلال خمس سنوات. لكن الاتفاق انتهى فعليًا دون أن يحقق غايته، بل تحوّل إلى عبء، إذ كرس الاحتلال عبر تقسيم الأرض وتقييد السيادة وحصر الفلسطينيين في كانتونات معزولة. ورغم ذلك، ما زال البعض يتشبث بأوسلو وكأنه خشبة خلاص، في تناقض مع قرارات المجلسين الوطني والمركزي التي أكدت ضرورة التحرر من قيوده.

وقائع الاحتلال تفرض نفسها على الأرض، يتضح أن إسرائيل ماضية في مشروعها التوسعي دون توقف:

الاستيطان يتسع، والبؤر الاستيطانية اصبحت تنتشر في معظم مناطق الضفة الغربية واجراءات الاحتلال نحو تهويد القدس وفصلها اصبحت واقعا وتعزز هذا الواقع بعد اقرار المشروع الاستيطاني E1 ،. ورام الله مقر القيادة الفلسطينية تحاط بل تشرف عليها مستوطنات مثل “بيت إيل” و”بسغوت” التي تحولت إلى مدن تخنق رام الله ومحيطها.

والتطرف السياسي  الإسرائيلي يشتد، حيث يسيطر اليمين الفاشي الديني في إسرائيل مستندًا إلى عقائد توراتية–تلمودية ترى في “إسرائيل الكبرى” هدفًا نهائيًا.،  وهو مشروع الكل في إسرائيل ولكن باساليب مختلفة لتحقيق ولكن اليمين الفاشي اكثر وضوحا في تبنيه.

كما أن حياة الفلسطينيين تزداد قسوة، بفعل سياسات الفصل العنصري والطرق الالتفافية وعنف المستوطنين، في وقت يكتفي فيه البعض إلى تعتيم زجاج سيارته الفارهة كي لا يرى سرطان الاستيطان المنتشر في جسد ما تبقى من مشروع ادولة ،وفي احسن الاحيان يكتفي بالمشاهدة على شاشات التلفزيون وكأنه يعيش في عالم آخر.

وفي ظل هذه الحالة المركبة يبرز تحدي السيادة وتجسيد الدولة

الحل لا يكمن في إدارة أزمة أو تحسين شروط العيش تحت الاحتلال، بل في بسط السيادة على كامل الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967، بما فيها القدس الشرقية. ويتطلب ذلك:

تشكيل قيادة وطنية موحدة تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية.

الاستناد إلى القرارات الأممية ذات الصلة، وخاصة القرار 194 الخاص بحق العودة، وقرارات عدم شرعية الاستيطان.

فرض القانون الفلسطيني على كامل الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967 باعتباره أداة لتجسيد الدولة واقعيا لا شعارًا.

وبهذا يتحول الصراع من مواجهة مع الاحتلال وحده إلى صراع مع الشرعية الدولية التي تتقاعس عن تنفيذ التزاماتها.

وتبقى الأولوية: هي وقف الدم وتوحيد الصف مهما كانت أهمية صياغة دستور وبناء مؤسسات، فإن الأولوية القصوى اليوم هي وقف نزيف الدم في غزة ووقف حرب الإبادة الجماعية والتهجير القسري. بعد ذلك، يصبح ممكنًا،  وان الشروع في حوار وطني شامل يضمن وحدة الصف وتجديد الشرعيات. وفقا لاتفاق بكين الجامع الذي وقع عليه الجميع ويعتبر اساسا يمكن البناء عليه وهو مدخل لبناء مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية بحيقث تمثل جميع القوى الفلسطينية دون إقصاء، مهما اختلفت الأيديولوجيات، لأن الهدف الأسمى للجميع هو التحرر والاستقلال.

وبالتالي وبناء على الاولوية المطلوبة لوقف حرب الإبادة وتطميد الجراح وتعزيز الراوية فأن النقاشات الثانوية حول الانتخابات والدستور تأتي لاحقا إلى حين تثبيت الوحدة ووقف الحرب.

المشروع الوطني الفلسطيني يقف عند مفترق طرق:

إما الاستمرار في الدوران داخل حلقة ألارتهان لمشاريع خارجية والتمترس خلف قناعات فردية ومصالح فئوية وبين الانقسام،أو الانطلاق نحو إعادة بناء منظمة التحرير وتبني دستور وطني جامع يقوم على الوحدة، بسط السيادة على حدود الرابع من حزيران 1967، وتجسيد الاعتراف بالدولة الفلسطينية واقعًا على الأرض.

إن الوحدة ووقف الحرب ليستا مجرد خيار، بل شرط للبقاء. فدون ذلك، ستظل كل المشاريع الدستورية والانتخابية بلا معنى. أما جوهر القضية فسيبقى ثابتًا: التحرر والاستقلال، وبناء الدولة الفلسطينية الحرة على أرضها وعاصمتها القدس.

وفي الخنام .. من التجربة الإسرائيلية

ورغم اختلاف السياقات، فإن التجربة الإسرائيلية تكشف درسًا مهمًا: مجتمع جاء من شتات الأرض، متباين الثقافات والأفكار، لكنه نجح في صياغة وحدة سياسية عليا تخدم هدف المشروع الصهيوني. أما نحن، كشعب تحت الاحتلال، فما زلنا أسرى الانقسام وصراع الفصائل. أليس الأجدر أن نتوحد حول هدف واحد: الحرية والاستقلال؟

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر المسار الإخباري

Loading

Share This Article