المسار : يترقب الليبيون، الخميس، أن تكشف المبعوثة الأممية، هانا تيتيه، خلال إحاطتها أمام مجلس الأمن، عن ملامح «خارطة طريق» سياسية جديدة لليبيا، وذلك بعد جهود دبلوماسية لشهرين ماضيين، استندت إلى مسارين متوازيين: لقاءات مباشرة مع كافة أقطاب المشهد السياسي والعسكري، واستطلاع رأي ومشاورات هي الأولى من نوعها شملت آراء أكثر من 26 ألف ليبي.
وسبق وأن أعلنت البعثة الأحد، نتائج استطلاع رأي الليبيين حول العملية السياسية والذي استمر على مدار الشهرين الماضيين، بمشاركة أكثر من 22,500 شخص، وذلك بعدما أغلقت البعثة يوم الخميس الماضي استطلاعها الإلكتروني، الذي شمل أيضاً المقترحات التي أعدتها اللجنة الاستشارية للمضي قدماً في العملية السياسية.
وأجرت البعثة الاستطلاع لدعوة عموم الليبيين للتعبير عن آرائهم بشأن الخيارات الأربعة التي اقترحتها اللجنة الاستشارية المؤلفة من خبراء قانونيين وسياسيين ودستوريين ليبيين، بهدف تشكيل حكومة تتمتع بشرعية ديمقراطية.
وقالت البعثة في بيان إنها ستستخدم البيانات، إلى جانب آراء 3,881 شخصًا إضافيًا، جُمعت من خلال استطلاعات هاتفية ومشاورات حضورية وعبر الإنترنت، لوضع خارطة الطريق السياسية الجديدة، التي سيتم الإعلان عنها خلال إحاطة مجلس الأمن يوم الخميس الموافق 21 آب/ أغسطس.
ورأت الممثلة الخاصة للأمين العام رئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، هانا تيتيه، أنه كان من الضروري الاستماع إلى أكبر عدد ممكن من الآراء، ومن مختلف شرائح المجتمع، مضيفة أن خارطة الطريق التي تُيسّرها البعثة في الواقع تسعى لعملية سياسية يقودها الليبيون ويملكونها.
وتهدف البعثة، من خلال خارطة الطريق الجديدة هذه، إلى الاستجابة لرغبات عموم الليبيين المُعبّر عنها لتسهيل انتقال سياسي سلمي يأخذ في الاعتبار الواقع السياسي والأمني للبلاد.
وحسب البعثة، فإن من بين المُشاركين في الاستطلاع قال 42% إن إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية متزامنة –وفي أقرب وقت ممكن– هو السبيل المُفضّل لديهم لكسر الجمود السياسي المُستمر في البلاد منذ عقد في إشارة إلى المقترح الأول للجنة الاستشارية.
وجاء المقترح الرابع للجنة الاستشارية، الخيار التالي الأكثر تفضيلاً بنسبة 23% من الأصوات، وينصّ على حل المؤسسات القائمة وعقد منتدى حوار لتعيين هيئة تنفيذية جديدة واختيار جمعية تأسيسية من 60 عضوًا، تُقرّ دستورًا مؤقتًا وقوانين انتخابية للانتخابات الوطنية. بينما عبر 17% من المُشاركين في الاستطلاع أنهم يُفضّلون الانتهاء من الدستور قبل تنظيم أي انتخابات بما يتماشى مع الخيار الثالث للجنة الاستشارية.
وأكدت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا أن الاستطلاع شمل أشخاصًا من كل مناطق ليبيا، وبمشاركة الشباب والنساء والمكونات الثقافية والأشخاص ذوي الإعاقة. بالإضافة إلى أنها تشاورت مع 2,481 شخصًا من خلال اجتماعات حضورية وعبر الإنترنت، مع مجموعة من قيادات المجتمع المحلي وممثلي المجتمع المدني والنقابات والشباب والنساء ومجموعات أخرى.
وبالمقارنة مع الاستطلاع عبر الإنترنت، قالت البعثة إن المشاركين في هذه المشاورات أعربوا عن دعم أكبر لحل المؤسسات وعقد منتدى للحوار السياسي.
وتعد الاستطلاعات عبر الإنترنت أقل دقة من الأساليب البحثية الأخرى، وذلك لعدة أسباب، من بينها، ألا تكون العينة المستخدمة ممثلة بشكل كامل للمجتمع المستهدف، وصعوبة التحقق من هوية المشاركين ومصداقيتهم، وعدم التحكم في ظروف إجراء الاستبيان، ما يؤثر سلبًا على إجابات المشاركين ويؤدي إلى الحصول على بيانات غير دقيقة.
وفي استطلاع هاتفي شمل 1,400 شخص، قالت البعثة إن أعضاء هذه الفئة جرى اختيارهم عشوائيًا مبينة أنه لم يسمع 95% منهم باللجنة الاستشارية أو مقترحاتها – مالوا أكثر إلى نهج يُعطي الأولوية للدستور؛ وفي المجمل، شارك 26,465 شخصًا بآرائهم للبعثة وفق البيان.
وقال أحد المشاركين في الاستطلاع: «يجب على البعثة الوقوف بحزم إلى جانب الشعب الليبي. نحن أمة مسالمة ونرحب بالجميع، لكن ما يطلبه الشعب هو ما يجب على البعثة دعمه. لقد سئمنا من الفوضى والانقسام. لقد حان الوقت لبناء دولة مدنية حديثة ديمقراطية تحكمها سيادة القانون، وتُحترم فيها الحقوق والحريات».
وشكرت تيتيه جميع من ساهم في مشاركة آرائهم، وقالت «إن التزامكم ببناء ليبيا أقوى –رغم التحديات العديدة– أمرٌ جدير بالإعجاب، وتتطلع البعثة إلى مواصلة الحوار المفتوح مع تقدم خارطة الطريق، إن أصواتكم لا تُقدر بثمن».
وفي وقت سابق، اتفقت البعثة مع لجنة 6+6 على ضرورة تعديل الإطار الدستوري والقانوني الليبي بهدف تسهيل إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية تحظى بقبول واسع.
جاء ذلك في ختام اجتماع تشاوري استمر يومين، برعاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا.
وجاء الاتفاق بعد إشادة لجنة 6+6 بتوصيات اللجنة الاستشارية الصادرة في 5 أيار/ مايو، والتزامها بدمجها ضمن الجهود المبذولة لتطوير القوانين الانتخابية وجعلها قابلة للتنفيذ بشكل أكثر فعالية.
وأكد الطرفان على أن تعديل الإعلان الدستوري ومراجعة القوانين الانتخابية هما من الخطوات الأساسية لتحقيق تسوية سياسية شاملة، تتطلب أيضًا تشكيل حكومة موحدة بتفويض انتخابي واضح، وضمانات محلية ودولية لإعادة بناء الثقة بين الشعب والمؤسسات السياسية.
وقبلها قالت الممثلة الخاصة للأمين العام لدى ليبيا، هانا تيتيه، إنها ستُعرض على مجلس الأمن الدولي خلال الإحاطة المقبلة في شهر أغسطس المقبل، خريطة الطريق المقترحة من قِبَل البعثة لحل الانسداد السياسي، والدفع بليبيا نحو الانتخابات.
وتحدثت تيتيه، عن مشاعر الإحباط التي يشعر بها الليبيون، وطرحت إمكانية فرض عقوبات فردية أو اتخاذ تدابير أخرى لضمان المساءلة.
وعقدت المبعوثة الأممية جلسات تشاورية مع ليبيين من مختلف المناطق، وممن يعيشون خارج البلاد، بالإضافة إلى طلاب جامعات ليبية، للإجابة عن أسئلتهم والاستماع إليهم واطّلاعهم على جهود البعثة لوضع خريطة طريق سياسية تلبي تطلعات الشعب الليبي، وأشارت تيتيه إلى أن البعثة، ومن خلال استطلاعات الرأي العام والمشاورات الحضورية وعبر الإنترنت، جمعت آراء أكثر من 12500 شخص من مختلف أنحاء البلاد، بما يشمل النساء والشباب والمكونات الثقافية والنقابات.
وفي المقابل وفي تصريحات منفصلة توقعت المبعوثة الأممية إلى ليبيا، هانا تيتيه، أن يستغرق الحصول على توافق من الأطراف الليبية الرئيسية بشأن العملية السياسية بعض الوقت لكنها قالت «إذا حصلنا على قبول مختلف الأطراف على خارطة طريق قبل أغسطس، فسنكون على أتم الاستعداد لطلب تقديم موعد اجتماع مجلس الأمن، لإعلانها وإطلاقها».
وأضافت، في حوار صحافي، أن تطوير العملية السياسية ينطوي على مشاورات مكثفة حول مقترحات اللجنة الاستشارية، وغيرها من الأطراف الليبية، لضمان سماع جميع الأصوات، وتحقيق التوازن بين المصالح المتنافسة في مشهد سياسي متشظ.
وتابعت: «أي خارطة طريق يجب أن تحظى بدعم جميع الأطراف المعنية، لتجنب أن تكون مجرد وثيقة أخرى تضاف إلى الأرشيف، ولمنع الوصول إلى معادلة صفرية. يجب أن تكون مسارًا للمضي قدمًا يمكن لليبيين قبوله والثقة به وتنفيذه».
وشددت تيتيه على أن الخارطة المحتملة يجب أن تكون قابلة للتطبيق من الناحية الفنية، وأن تضمن، عند الضرورة، إجراء الإصلاحات المؤسسية اللازمة لتعزيز فرص إجراء انتخابات ذات مصداقية تُقبل نتائجها، ولا تؤدي إلى مزيد من العنف والاضطراب.
وقبلها طالبت كتلة التوافق بمجلس الدولة، البعثة الأممية بترجمة مقترحات اللجنة الاستشارية إلى خارطة طريق.
وطالبت الكتلة البعثة الأممية للدعم في ليبيا بالمسارعة والمضي قدماً في ترجمة مقترحات اللجنة إلى خارطة طريق تنتشل الدولة الليبية من أزمتها الراهنة، داعية مجلسي النواب والدولة لتحمل مسؤوليتهما الوطنية والتاريخية للتعاطي الإيجابي مع مقترحات اللجنة الاستشارية.