المسار : نشرت الباحثة في جامعة ستانفورد بالولايات المتحدة مارييت شاكي مقالا في صحيفة فايننشال تايمز البريطانية بعنوان ” احذروا من استعمار الذكاء الاصطناعي الأمريكي”، أكدت فيه أن إدارة الرئيس دونالد ترامب ماضية في مشروع يستهدف تحويل هذه التكنولوجيا الناشئة إلى أداة هيمنة وإكراه سياسي عالمي، تماما مثلما ظلت تستخدم الحروب التجارية على الدول في السنوات الأخيرة.
وأفادت شاكي -وهي عضو بمعهد الذكاء الاصطناعي والإنسان ومركز السياسات الإلكترونية بجامعة ستانفورد- أن الحروب التجارية التي يشنها ترامب كشفت كيف يمكن تحويل التبعية الاقتصادية إلى سلاح سياسي، واصفة الرسوم الجمركية والعقوبات التي فرضتها إدارته بأنها أدوات لإجبار شركاء بلاده على تقديم تنازلات.
وتساءلت الكاتبة: “هل سيدرك العالم أن تبنّي الذكاء الاصطناعي الأميركي سيمنح ترامب أداة أكثر فاعلية للإكراه؟”. واعتبرت أن تلك المواجهات اندلعت في ظل شبكة اقتصادية دولية متشابكة جعلت الانفكاك منها صعبا وبطيئا. أما الذكاء الاصطناعي، فهو لم يدخل بعد في مرحلة التشابك العالمي العميق، حسب الكاتبة مما يعني أن تسليم زمام هذه التكنولوجيا لواشنطن قد يفتح الباب أمام مستوى جديد من السيطرة الأميركية.
وتعتقد الباحثة أن “خطة العمل الأمريكية للذكاء الاصطناعي” ليست مجرد رؤية تقنية، بل هي مشروع أيديولوجي متكامل للهيمنة التكنولوجية، يرتكز على تسريع تطوير الذكاء الاصطناعي والاعتماد عليه داخل أميركا سعيا لجني فوائد اقتصادية لصالح واشنطن ومنع تكرار نموذج “الاستيقاظ” (ووك)، الذي يتعارض مع توجهات إدارة ترامب.
ونموذج “ووك” مصطلح يعني اليقظة تجاه قضايا العدالة الاجتماعية والإنصاف، وخاصة فيما يتعلق بالعنصرية والتمييز، ويستخدمه اليمين السياسي في أميركا للنيل من التيارات اليسارية والتقدمية.
وحسب الكاتبة فإن خطورة الاعتماد على الذكاء الاصطناعي الأمريكي تكمن في أن هذه الأنظمة غامضة بطبيعتها، فهي تعمل كـ”صناديق سوداء” يصعب فهم آلياتها أو اكتشاف أي تلاعب داخلها.
هذا الغموض في أنظمة الذكاء الاصطناعي ينتج اعتماديات هشة وفريدة في قطاعات البنية التحتية والدفاع والأمن، فخوارزمياتها غير شفافة ويمكن التلاعب بها لتوجيه المخرجات، سواء لتحدي قواعد مكافحة الاحتكار أو لدعم الحماية التجارية، توضح الكاتبة.
وأكدت الباحثة على أنه مع تصاعد هذا المشهد بدأت دول عدة تستخلص العبر من الحروب التجارية، وتستثمر في بناء بدائل سيادية للذكاء الاصطناعي.
وترى أن الخيار أمام قادة العالم ليس بين الهيمنة الأميركية أو الصينية في الذكاء الاصطناعي، بل بين السيادة التكنولوجية والاستعمار الرقمي.
وشددت على أن أي مواجهة تجارية يجب أن تُذكِّر الشركاء المحتملين بأن علاقات اليوم التجارية يمكن أن تصبح غدا أدوات للإكراه السياسي.