عمدة لندن يتهم الرئيس ترامب بإشعال نيران الانقسام السياسي حول العالم

المسار : اتهم عمدة مدينة لندن، صادق خان، الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأنه أشعل نيران الانقسام السياسي حول العالم. وفي تصريحات خاصة نقلها عنه المراسل السياسي لصحيفة “الغارديان” بيتر وولكر، قال إن الرئيس الأمريكي قد عمل ما بوسعه لتشجيع اليمين المتطرف المتعصب حول العالم.

وكان الرئيس الأمريكي قد حط في لندن، في زيارة رسمية وعشاء رسمي مع الملك تشارلز، ولقاءات مرتبة مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر وأعضاء حكومته.

قال خان إن استخدام الرئيس الأمريكي للجيش في المدن واستهدافه للأقليات هو أسلوب “مأخوذ من كتاب قواعد اللعبة الاستبدادية”

وفي تصريحات يُفهم منها تحدٍ لستارمر وحكومته من أجل اتخاذ موقف أكثر حزماً تجاه ترامب، قال خان إن استخدام الرئيس الأمريكي للجيش في المدن واستهدافه للأقليات هو أسلوب “مأخوذ من كتاب قواعد اللعبة الاستبدادية”.

وفي ضربة أخيرة لستارمر، قبل زيارة ترامب الرسمية المثيرة للجدل، انهارت خطة للإعلان أخيراً عن صفقة لإلغاء الرسوم الجمركية على الألومنيوم والصلب البريطانيين في الولايات المتحدة، حسبما قيل لصحيفة “الغارديان”. وقد استشهد ستارمر أكثر من مرة بقدرة الحكومة على تجنب أسوأ الرسوم الجمركية الأمريكية كسبب لنهجه التصالحي إلى حد كبير تجاه ترامب، ومن المرجح أن يواجه انتقادات متجددة لمعاملته الرئيس الأمريكي ببذخ زيارة دولة ثانية غير مسبوقة.

وسيقضي ترامب، يوم الأربعاء، مع الملك والملكة وأفراد العائلة المالكة الآخرين في قلعة وندسور، ويتضمن جدول الأعمال الحافل جولة وعرضاً جوياً عسكرياً ومأدبة عشاء. وفي يوم الخميس، سيجري محادثات مع ستارمر في تشيكرز، المنتجع الريفي لرئيس الوزراء.

وفي حين أن هناك خططاً لمظاهرات تستهدف الرئيس، فإن الجدول الزمني يعني أنه من غير المرجح أن يرى أياً منها. ولكن كما هو الحال مع أي تفاعل مع ترامب، فإن الزيارة مليئة بعدم اليقين والمخاطر السياسية لستارمر، وخاصة المؤتمر الصحافي المشترك المخطط له في تشيكرز.

وفي مقال لصحيفة “الغارديان”، قال خان إنه بينما يتفهم الأسباب البراغماتية للحفاظ على علاقات جيدة مع الولايات المتحدة، يجب ألا تخشى بريطانيا من انتقاد زعيم قال إنه إلى جانب حلفائه “ربما بذل قصارى جهده لتأجيج نيران السياسة اليمينية المتطرفة المثيرة للانقسام حول العالم في السنوات الأخيرة”.

وقد أدان خان، الذي اصطدم مع ترامب خلال زيارته الرسمية الأولى في عام 2019، استخدام الرئيس الأمريكي للجيش في مدن مختلفة، وكذلك الطريقة التي تم بها ترحيل بعض المواطنين الأمريكيين دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة: “هذه الإجراءات لا تتعارض مع القيم الغربية فحسب، بل إنها مستقاة مباشرة من كتاب قواعد اللعبة الاستبدادية”.

وقال خان إن ما يُطلق عليها بالعلاقة الخاصة بين المملكة المتحدة والولايات المتحدة “تتضمن الانفتاح والصدق مع بعضنا البعض”، مضيفاً: “في بعض الأحيان، يعني هذا أن نكون أصدقاء ناقدين ونقول الحقيقة للسلطة. وهذا يشمل أيضاً أن نكون واضحين في رفضنا لسياسات الخوف والانقسام”.

كما انتقد خان الساسة البريطانيين ووسائل الإعلام لتقصيرهم في إدانة تزايد الكراهية والتعصب، قائلاً إنه كان سبباً مباشراً في المظاهرة الحاشدة التي نظمها اليمين المتطرف في لندن، نهاية الأسبوع.

خان: بالنسبة لقادتنا، لم يعد الصمت كافياً. لقد حان الوقت للوقوف والقول هذا ليس من طبيعتنا

وقال عن الاحتجاج الذي قاده الناشط المناهض للإسلام تومي روبنسون: “المشاهد التي رأيناها لم تأتِ من العدم” و”لفترة طويلة جداً، رفض سياسيّونا ومحللونا إدانة موجة الكراهية المتصاعدة في هذا البلد، واختاروا بدلاً من ذلك الانغماس في سياسات الخداع والخطاب الخطير بأنفسهم”.

وتابع: “بالنسبة لقادتنا، لم يعد الصمت كافياً. لقد حان الوقت للوقوف والقول: هذا ليس من طبيعتنا”.

وقد واجه ستارمر انتقادات لبطء استجابته في إدانة مسيرة السبت، والتي تضمنت أيضاً خطاباً عبر الفيديو لإيلون ماسك، الملياردير مالك شركة “إكس”، قال فيه: “العنف قادم”، موجهاً كلامه للحشد: “إما أن تقاوموا أو تموتوا”. ولكن في تصريحات أكثر حدة خلال اجتماع لمجلس وزرائه، صباح الثلاثاء، قال ستارمر إن بريطانيا تواجه “معركة عصرنا” ضد الانقسام الذي تجسده المسيرة.

وبحسب ملخص لتصريحاته أمام الوزراء، قال ستارمر: “إن بعض مشاهد الاعتداء على ضباط الشرطة، يوم السبت، ومسيرة قادها مجرمٌ مدان، لم تكن صادمة فحسب، بل أثارت الرعب في قلوب الناس في جميع أنحاء البلاد، وبخاصة العديد من البريطانيين من الأقليات العرقية”، وتابع قائلاً: “إننا نخوض معركة عصرنا بين التجديد الوطني والانحدار والانقسام السام”. وقال إن “على الحكومة الاستجابة للنداء الوطني للتجديد الوطني، وإن هذه معركة لا بد من كسبها”.

في أول رد من الحكومة، قال وزير الأعمال، بيتر كايل، يوم الأحد، إنه لم ينزعج من حجم الحدث، أو الخطاب اليميني المتطرف الذي سمع فيه “لأنه في الواقع دليل على أننا نعيش في بلد تنعم فيه حرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات بالحيوية والنشاط”.

وعندما سُئل عن سبب تحوُّل موقف رئاسة الوزراء البريطانية (10 داونينغ ستريت) عن وجهة نظر كايل، قال المتحدث الرسمي باسم ستارمر إن هذا ليس سوى جزء من الصورة. وقال: “من الواضح أن حرية التعبير وحرية التظاهر جزء أساسي من قيم هذا البلد. لكن ما يعنيه هو أنه عندما يرى البعض مجرماً مداناً يحرضه ملياردير أجنبي ويدعو إلى العنف، سيشعر البعض بالخوف والترهيب بشكل مشروع. بعض ذلك سيكون بسبب خلفيتهم أو لون بشرتهم”.

دعا خان للضغط على ترامب لبذل المزيد من الجهود لإنهاء الهجوم الإسرائيلي المروع على غزة، فهو وحده من يملك القدرة على وضع حد لانتهاكات إسرائيل

واستغل وزير الصحة، ويس ستريتنغ، خطاباً ألقاه أمام مؤسسة “أل جي بي تي”، يوم الإثنين، ليقول إنه وجد من “المضحك” اعتبار تصاعد العنصرية ورهاب المثلية علامة على حرية التعبير. وقال وزير الصحة إنه يتفهم سبب تساؤل البعض “ما إذا كانت هذه الحكومة في صفنا حقاً”، مضيفاً أن احتجاج نهاية الأسبوع “لم يكن عن البلد الذي يرغب أي منا في العيش فيه”.

ودعا خان، في مقالته، ترامب وأنصاره إلى التوقف عن “التهكم” على لندن، التي تعتبر قصة نجاح عالمية. وذكّر بزيارة الرئيس الأمريكي الأولى عام 2019، حيث تزامنت مع سياسة حظر المسافرين من الدول ذات الغالبية الإسلامية وأحداث تشارلوتسفيل بولاية فيرجينيا التي مدح فيها ترامب اليمين المتطرف. واليوم تتزامن زيارته الثانية مع سياسات مماثلة، ولم تتغير التكتيكات من إلقاء اللوم على الأقليات، وترحيل المواطنين الأمريكيين بشكل غير قانوني، ونشر الجيش في شوارع مدن متنوعة.

ودعا خان الساسة في بلاده إلى التوضيح للرئيس ترامب لماذا يجب عليه دعم أوكرانيا وليس بوتين، ولماذا يجب عليه أخذ حالة الطوارئ المناخية على محمل الجد، وحث الرئيس على وقف حروب الرسوم الجمركية التي تمزق التجارة العالمية، والضغط عليه لبذل المزيد من الجهود لإنهاء الهجوم الإسرائيلي المروع على غزة، فهو وحده من يملك القدرة على وضع حد لانتهاكات إسرائيل الصارخة والمتكررة للقانون الدولي.

Share This Article