زيتون غزة …موسم الغياب وعامان من الحرمان

غزة –  كتبت سعدية عبيد- بين أغصان الزيتون التي كانت تظلّل أرضها ذات يوم، تقف الحاجة أم نافذ أبو عمو اليوم في خيمة نزوحها جنوب قطاع غزة، تستعيد وجع الغياب عن موسم الزيتون للعام الثاني على التوالي، وهي تمسح دمعة علقت بطرف وشاحها:”أنا نازحة من الزتون… صارلنا سنتين ما جدّينا الزتون ولا أكلنا من شجرنا.”

فرحة الموسم التي غابت

كانت أم نافذ تنتظر موسم الزيتون كل عام كعيدٍ من نوع آخر؛ موسم يجمع العائلة على حب الأرض والعمل فيها، تتخلله الضحكات، ورائحة المطر الأولى.

“كنا نفرش البُسط تحت الشجر، والرجال يقطفوا من فوق، والبنات يجدّوا من تحت. نغني ونضحك، والزيت يملأ الدار… ما كنا نشتري لا زيت ولا زتون، شجرنا كان يكفينا ويزيد.”

لكنّ الحرب جاءت لتبدّل المشهد؛ فجُرفت الأراضي، واقتُلعت الأشجار، وتحولت المواسم إلى ذكريات، “جرفوا الزتون، ما خلّوا لا شجر ولا حجر… سنتين ما ذقنا طعم لا زيتنا ولا زتونا.”

أرض مقلوبة وذكريات لا تُمحى

تصف أم نافذ المشهد بألمٍ لا يُخفى: “قلبوا الأرض قلب، لا فيها حياة ولا بنية تحتية. دورنا اندمرت، والشجر اللي كنا نحتمي فيه قطعوه قلبوا كل ايشي. ”

رغم كل ما فقدته، لا يغيب الأمل عن كلماتها: “إن شاء الله نرجع على أرضنا ونزرعها من جديد، حتى لو بخيمة نقعد، المهم نرجع. الزتون بده سنين عشان يثمر، بس مستعدين نزرع ونصبر، أهم شي نرجع.”

الزيتون.. ذاكرة وصمود

في غزة، لا يُعدّ موسم الزيتون مجرد موسمٍ زراعي؛ إنه ذاكرة بيت ورمز صمودٍ فلسطيني، ومع كل شجرة تُقتلع، تُقتلع معها حكاية عائلة و ذكريات، وقطعة من تاريخٍ طويل محفور في التراب، ورغم الخراب، تبقى كلمات أم نافذ شاهدة على تمسّك الفلسطيني بأرضه: ” لو رجعنا بنزرعها، والزيتون بيرجع، حتى لو بعد سنين.”

Share This Article