المسار : أثار مهرجان الكوسبلاي في الجزائر موجة جدل واسعة بعدما تحوّل هذا النشاط الفني إلى قضية سياسية واجتماعية، تتهم الشباب الذين شاركوا فيه بممارسة طقوس “عبادة الشيطان”.
واندلع هذا الجدل بعد تداول صور وفيديوهات لمراهقين بمحاذاة “مقام الشهيد” في العاصمة يوم 6 تشرين الأول/أكتوبر الجاري، وهم يرتدون أزياء شخصيات أنمي وأبطال خياليين، ضمن مهرجان الشريط المرسوم “فيبدا”، ما أثار حفيظة أطراف سياسية اعتبرت الحدث مساسًا برمزية المكان وبالقيم الوطنية.
وتدخل النائب زكرياء بلخير، رئيس لجنة التربية الوطنية والتعليم العالي والشؤون الدينية بالمجلس الشعبي الوطني، بمراسلة رسمية إلى الوزير الأول، دعا فيها إلى فتح تحقيق عاجل في ظروف الترخيص لهذا النشاط، محذرًا مما وصفه بظهور مظاهر غريبة عن قيم المجتمع الجزائري. وشبّه النائب المشاهد التي تم تداولها بطقوس “عبدة الشيطان”، مؤكدًا أن مقام الشهيد خط أحمر لا يُسمح بتجاوزه أو استغلال رمزيته في أنشطة لا تراعي خصوصيته التاريخية والوطنية.
كما شدد النائب المحسوب على التيار الإسلامي، على ضرورة اتخاذ إجراءات صارمة لمنع تكرار مثل هذه “التجاوزات”، وتعزيز الرقابة الثقافية والإعلامية، وإطلاق حملات توعية للشباب والأسر بخطورة ما اعتبره انحرافًا فكريًا وأخلاقيًا، مؤكدًا أن الجزائر التي بُنيت بدماء الشهداء لن تسمح بتدنيس رموزها الوطنية.
وفي مقابل هذا الموقف، واجهت تصريحات النائب انتقادات حادة من معلقين وناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، دافعوا عن الشباب المشاركين واعتبروا أن ما جرى ليس له علاقة بعبادة الشيطان، بل هو نشاط ترفيهي يعبّر فيه المراهقون عن حبهم لثقافة الأنمي اليابانية. وأشار كثيرون إلى أن التهويل السياسي والديني للحدث لا يخدم النقاش الثقافي، بل يسيء إلى صورة الشباب ويغذي الانقسام داخل المجتمع.
ورأى بعض المعلقين أن نشاطًا فنّيًا شبابيًا في محيط مقام الشهيد لا يُعدّ انتهاكًا لمقدسات، خصوصًا وأن الفضاء نفسه يشهد نشاطات تجارية وسهرات ليلية منذ سنوات، دون أن تثير حفيظة المنتقدين. وهاجم آخرون ما وصفوه بـ“الشعبوية” في الخطاب السياسي، ودعوا إلى التركيز على مشاكل التعليم والصحة بدل شيطنة هوايات شبابية.
وفي خضم ذلك، ذكر ناشطون ثقافيون أن ما حدث يعكس ضعف التأطير التنظيمي للمهرجان، وليس نية مبيتة لدى الشباب لتدنيس المكان، مؤكدين أن المسؤولية تقع على الجهة المنظمة التي كان يفترض بها ضبط الإطار العام للفعالية وضمان احترام الرموز الوطنية.