المسار : دعا وزير العمل الأمريكي الأسبق والمفكر الاقتصادي روبرت رايش إلى إعادة تشكيل الحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة، معتبرًا أن التجربة السياسية للنائب زهران ممداني تمثل فرصة تاريخية لولادة ما وصفه بـ”الحزب الديمقراطي الشعبي”، في مواجهة ما أسماه بـ”إفلاس الحزب الديمقراطي الذي تهيمن عليه الشركات الكبرى”.
الجانب المضيء الوحيد في هذا الزمن القاتم هو أنه يجبرنا على إعادة التفكير في ما كنا نظنه غير قابل للتغيير، مثل الحزب الديمقراطي نفسه
وقال رايش في مقال نُشر يوم الجمعة على منصته الخاصة إن “الجانب المضيء الوحيد في هذا الزمن القاتم هو أنه يجبرنا على إعادة التفكير في ما كنا نظنه غير قابل للتغيير، مثل الحزب الديمقراطي نفسه”، مشيرًا إلى أن الحزب في صورته الحالية “معطل إن لم يكن ميتًا”، رغم أنه يظل “أفضل من أن يتحوّل إلى طائفة فاشية مثل حزب ترامب الجمهوري”.
ممداني.. صوت جديد في السياسة الأمريكية
ورأى رايش أن النائب الشاب زهران ممداني، العضو في مجلس ولاية نيويورك والبالغ من العمر 34 عامًا، يمثل “ألمع وجه في الحزب الديمقراطي اليوم”، وأنه يملك فرصة حقيقية للفوز بمنصب عمدة مدينة نيويورك في الانتخابات المقررة الأسبوع المقبل.
وأضاف أن ممداني “يشكل تهديدًا حقيقيًا للديمقراطيين التقليديين المرتبطين بالمصالح الاقتصادية الكبرى، لأنه يدعو إلى فرض ضرائب على الأثرياء لتمويل خطة تجعل نيويورك أكثر عدلًا وميسورة التكلفة لغير الأثرياء”.
وأوضح رايش أن ممداني يخاطب القضايا اليومية التي تشغل الناس، مثل تكاليف المعيشة والسكن والنقل، ويطرح حلولًا بسيطة ومباشرة تشمل النقل العام المجاني، والرعاية المجانية للأطفال، وتجميد الإيجارات لأربع سنوات، ورفع الحد الأدنى للأجور إلى 30 دولارًا في الساعة.
وشبّه رايش هذه المقاربة بما فعله الرئيس الأمريكي الأسبق فرانكلين روزفلت خلال ثلاثينيات القرن الماضي، حين “أصلح النظام بدل الاكتفاء بالشعارات”.
جيل جديد من الشباب
وأشار رايش إلى أن ممداني استطاع إلهام جيل جديد من الشباب الأمريكيين للانخراط في العمل السياسي، مضيفًا أن “حماسه وعدالته الاجتماعية الصادقة جعلا الشباب يؤمنون مجددًا بقدرة السياسة على التغيير”، مستشهدًا بمشاركة حفيدته ذات السابعة عشرة عامًا في حملته الانتخابية.
وأوضح أن ما يميّز ممداني عن السياسيين التقليديين هو الصدق والشغف والاهتمام بالناس العاديين، وهي صفات تجمعه مع شخصيات مثل بيرني ساندرز وألكسندريا أوكاسيو-كورتيز وباراك أوباما.
صدام مع المؤسسة الديمقراطية
وأكد رايش أن قيادة الحزب الديمقراطي تشعر بالقلق من صعود ممداني، مشيرًا إلى أن زعماء الحزب البارزين مثل تشاك شومر وحكيم جيفريز لم يعلنوا دعمهما له، بينما دعمت هيلاري كلينتون منافسه أندرو كومو الذي شنّ حملة انتخابية اتسمت، بحسب رايش، بـ”نبرة عنصرية وإسلاموفوبية شبيهة بخطاب ترامب”.
وانتقد رايش دعوات الصحف الليبرالية، وعلى رأسها نيويورك تايمز، إلى تبنّي “الاعتدال” والتوجّه نحو “الوسط السياسي”، متسائلًا: “أين يقع الوسط بين الديمقراطية والفاشية، ولماذا يرغب أحد في الذهاب إليه؟”.
نقد لنهج “الديمقراطيين الشركاتيين”
ورأى رايش أن الحزب الديمقراطي انحرف عن رسالته الأصلية المتمثلة في دعم الطبقة العاملة والوسطى، واتجه نحو العولمة والخصخصة وتحرير الأسواق، ليصبح “نسخة مخففة من الحزب الجمهوري”.
وأوضح أن هذا الانحراف أسهم في صعود دونالد ترامب، لأن الناخبين شعروا بأن الحزب لم يعد يمثل مصالحهم، فلجأوا إلى “رجل أعمال شعبوي بدا وكأنه يقف إلى جانبهم، رغم أنه خدم مصالح الأثرياء من خلال تخفيضات ضريبية ضخمة”.
برنامج ممداني الاقتصادي
يطرح ممداني خطة لزيادة الإيرادات العامة بنحو 9 مليارات دولار سنويًا عبر فرض ضريبة بنسبة 2% على الدخل الذي يتجاوز المليون دولار، ورفع ضريبة الشركات إلى 11.5% لتتساوى مع ولاية نيوجيرسي.
ويقول رايش إن هذا التوجه “صائب وعادل”، مشيرًا إلى أن “الأثرياء في أمريكا لم يكونوا يومًا بهذا الثراء، ولم تكن معدلات الضرائب عليهم بهذا الانخفاض”، في وقت تعاني فيه الطبقات العاملة من ركود الأجور وارتفاع الأسعار، وسط هيمنة احتكارات كبرى على الغذاء والسكن والطاقة والتكنولوجيا.
دعوة إلى “الحزب الديمقراطي الشعبي”
واختتم رايش مقاله بالدعوة إلى ولادة تيار جديد داخل الحزب الديمقراطي، يعبّر عن مصالح الأغلبية الساحقة من الأمريكيين، قائلًا:
“هذا الزمن المظلم يجب أن يوقظنا على إفلاس الحزب الديمقراطي الذي تهيمن عليه الشركات. يجب أن يعلن ميلاد الحزب الديمقراطي الشعبي. زهران ممداني ومن هم على شاكلته هم مستقبل هذا الحزب.”

