الصحافة العبرية… الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي التابع للجبهة الديمقراطية

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

هآرتس 24/10/2025

بدون قوة برية كبيرة ومستعدة، فان الجيش الإسرائيلي لا يمكنه الانتصار في المعركة

بقلم: اسحق بريك

ان انتقادي لسنوات لوضع الجيش الإسرائيلي واستعداد الدولة للحرب، لم يكن نابع من السخرية، بل من معرفتي للمنطقة ومن القلق العميق. هدفي هو خلق واقع امني اكثر قوة لمواطني إسرائيل. على أساس المباديء التي اكدت عليها، قمت ببلورة رؤيا شاملة لامن الدولة. حسب هذه الرؤيا يجب علينا تحقيق ردع مطلق واستعداد لكل سيناريو. هذا الامر يمكن تحقيقه فقط بواسطة جيش بري كبير، مؤهل ومدرب، وسلاح جو وسلاح بحرية قويان، وجبهة داخلية وطنية محمية ومستعدة، ومستوى سياسي حكيم ومسؤول.

المباديء الأساسية هي تعزيز وزيادة القوة البرية، بما في ذلك زيادة القوات، الميزانيات والوسائل القتالية، من اجل ضمان القدرة على الحسم في كل ساحة. بدون قوة برية كبيرة ومستعدة لا يوجد حسم. الجيش البري المنتصر يجب ان يكون مؤهل بشكل كامل، وينفذ تدريبات متواترة تتناسب مع التهديدات متعددة الساحات التي نواجهها. هذا الجيش يستحق افضل القادة، لذلك فانه يجب إعادة ثقافة كتابة التقارير الصحيحة والنقد الذاتي للجيش الإسرائيلي. التمسك بالمهمة وقيادة قيمية هما امران حاسمان في كل المستويات.

الجبهة الداخلية يمكن ان تتعرض لآلاف الصواريخ والقذائف في الحرب الإقليمية القادمة، وعلينا ان نكون مستعدين لذلك: نحن بحاجة الى حماية كاملة، منظومات طواريء ومنظومات لوجستية قوية ومتناسقة، وضمان تواصل أداء البنى التحتية الحاسمة. يجب التأكد من ان قوات الامن المدنية – الشرطة والحرس الوطني – مؤهلة ومدربة. عليها ان تكون مستعدة لمواجهة التهديدات الداخلية (مثل اعمال الشغب)، في موازاة معركة متعددة الساحات، وهكذا تفرغ الجيش الإسرائيلي لمهماته الرئيسية.

يجب إعادة الخدمات اللوجستية الجوهرية الى الجيش الإسرائيلي، وتقليص الاعتماد على الشركات المدنية. فقط بهذه الطريقة يمكن ضمان التموين والصيانة والاخلاء السليم تحت النار وفي كل الظروف. التحصين التقني – اللوجستي يجب ان يتمثل أيضا بالتنسيق متعدد الاذرع. على أسلحة البر والجو والبحر ان تعمل بتنسيق كامل، حيث سلاح الجو يكون مستعد لتقديم رد دفاعي على تهديد الصواريخ والمسيرات، الى جانب قدرته الهجومية، بأسلحة متطورة مثل الليزر ومضادات الطائرات متعددة الفوهة وغيرها.

القوة البشرية المقاتلة، الداعمة للقتال، هي الآن موجودة في الازمة الأكبر منذ تشكيل الجيش الإسرائيلي، سواء في الخدمة النظامية أو في الاحتياط. ضمن أمور أخرى، يجب العمل على الدفع قدما بواجب تجنيد كل مواطني الدولة في الجيش الإسرائيلي.

المستوى السياسي يجب عليه تحديد نظرية امنية محدثة، تشكل البوصلة لبناء القوة العسكرية والاستعداد الاستراتيجي. على المستوى السياسي ان يعمل بمسؤولية، شفافية ورقابة دائمة، على الجاهزية العسكرية، و”ليس ان يكون خاتم مطاطي” للمستوى العسكري. هذه المسؤولية يجب ان تتجلى أيضا في اجراءات تعيين الضباط الكبار ورؤساء جهاز الامن. يتوقع من المستوى السياسي ان ينفذ عملية شفافة ومهنية لاختيار قادة الأركان والضباط الكبار، التي ترتكز الى معايير موضوعية وقيمية، وليس الى اعتبارات سياسية أو شخصية.

تطبيق هذه الرؤيا يمكن ان يؤدي الى منظومة دفاع موثوقة ومؤهلة ومركزة، تمنح الامن المدني الحقيقي لمواطني إسرائيل، وتضمن ان يكون الجيش الإسرائيلي ودولة إسرائيل مستعدين بشكل كامل وشامل لمواجهة التحديات الأمنية الكبيرة التي تواجههم.

——————————————

هآرتس 24/10/2025

غزة أصبحت ملعبا لمباريات دولية، وحماس لا تجلس كمتفرج بل ترسخ سيطرتها

بقلم: تسفي برئيل 

عندما سيغادر نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس المجال الجوي الإسرائيلي، ويأتي مكانه مباشرة وزير الخارجية ماركو روبيو، وعندما يحرص الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على تلقي تقارير جارية من الميدان، فان معنى ذلك هو ان الولايات المتحدة انتقلت الى الإدارة الجزئية لقطاع غزة، وإسرائيل تحولت الى طابعة تطبع الأوامر وتنفذ طبقا لها. هذا التطور الدراماتيكي يتم تسويقه في إسرائيل كـ “تنسيق مواقف”. عمليا، هذا املاء يجسد حلم آخر لترامب، الذي في شهر شباط الماضي – عندما نشر خطة إقامة الريفييرا الفاخرة في غزة – قرر ان “الولايات المتحدة ستسيطر على غزة” و”ستكون هي مالكتها”. هذا ليس “سيطرة افراد”. مثلما في أفغانستان وفي العراق، بنت واشنطن تحالف دولي يستهدف تحمل العبء الأمني والاقتصادي الباهظ المرتبط بتطبيق خطة العشرين نقطة لترامب. ولكن الان، كما كان في أفغانستان وفي العراق، كشفت العلامات الأولى للفشل التخطيطي الذي من شانه ان يؤدي الى نتائج مشابهة.

عن العيوب البارزة سبق وكتب قدر لا بأس به. قوة دولية، عربية او غيرها، لم تشكل بعد ومثلها تغيب أيضا خطة تمويل لتشغيلها. تركيا، مصر، وربما أذربيجان واتحاد الامارات، عبرت في الواقع عن استعداد علني للمشاركة في هذه القوة، لكن الشيطان يكمن في التفاصيل. كم من الجنود سيكون مطلوب؟ من سيترأس القوة، هل سيكون جنرال امريكي أو مصري؟ في يد من الصلاحيات لتقرير أي قوات ستدخل؟ هل ستكون إسرائيل أو الولايات المتحدة؟ إسرائيل تعارض بشدة مشاركة قوات تركية وقطرية، والولايات المتحدة تتفهم هذه المعارضة، لكن من غير المؤكد أنها ستتبناها.

هذه فقط قضايا فرعية. لان الخلاف الأساسي يدور حول توصيف مهام هذه القوات، وهو ما يتوقف عليه أيضا استعداد الدول الشريكة لارسال قواتها الى قطاع غزة. تهدف “قوة الاستقرار الدولية” كما هو محدد في خطة ترامب الى الحفاظ على الامن الداخلي في غزة والعمل كقوة رد ضد الإرهاب والتهديدات عالية الخطورة، وحماية البنية التحتية والأنشطة الإنسانية، وتدريب ومساعدة قوات الشرطة الفلسطينية التي ستدخل الى القطاع.

وكذلك، تنص الخطة على انه “سيتم تدمير جميع البنى التحتية الإرهابية ولن يعاد بناؤها، وستدار عملية نزع السلاح تحت اشراف دولي”. يبدو ان هذا وصف دقيق ومصاغ بصورة جيدة. مع ذلك، على عكس اتفاق وقف النار في لبنان، حيث تقع مسؤولية نزع سلاح حزب الله على عاتق الحكومة اللبنانية، لا تنص خطة ترامب في أي جزء منها على ان القوة الدولية في غزة ستقوم بنزع سلاح حماس.

كما يبدو، عشرات الدول التي عبرت عن دعمها للخطة، جميعها تؤيد وقف اطلاق النار وإعادة الرهائن، وتنمية غزة وإعادة تاهيلها، وتحييد حماس عن أي سيطرة على القطاع. ولكن بعد المرحلة الأولى في الخطة، التي لم تستكمل بعد حتى إعادة جميع جثث الرهائن القتلى، يتضح ان جغرافيا سياسية جديدة تتشكل في غزة، وقد تهدد الخطة كلها وتذكرنا بدروس أفغانستان.

بعد الانسحاب الأول، إسرائيل تسيطر على 53 في المئة من أراضي قطاع غزة، لكن غالبية سكانه يعيشون في الـ 47 في المئة المتبقية، وحماس تسيطر بالتدريج على المنطقة. لقد كتب المحلل والباحث الأمريكي – اللبناني وليد فارس، الذي كان مستشار ترامب في ولايته السابقة وشارك في حملته الانتخابية للولاية الأولى في مقال نشره في موقع “اندبندنت عربية”، وهو موقع اخباري سعودي ينشر بالتعاون مع صحيفة “اندبندنت” البريطانية، كتب ان “حماس سترسخ وجودها في المدن الرئيسية، في الاقتصاد والاعلام، وستسعى الى الاستفادة من كل مشروع اقتصادي. اذا لم تسلم حماس سلاحها في “غرب غزة” (كما يسمي فارس المنطقة التي تسيطر عليها حماس حاليا) فتسلح إسرائيل المليشيات الفلسطينية في “شرق غزة”، واذا لم تدخل قوة متعددة الجنسيات مع قوات السلطة الفلسطينية المعتدلة والمتفق عليها، فسيتم انشاء مليشيتان وسلطتان فلسطينيتان في غزة، وقد تتعاونا مع بعضهما البعض”.

ان تفسيره له ما يستند اليه، فخطة ترامب نفسها تقول انه “اذا تاخرت حماس او رفضت الاقتراح فان الترتيبات والمساعدات سيتواصلان في المنطقة النظيفة من الإرهاب، التي ستنتقل من سيطرة الجيش الإسرائيلي الى القوة متعددة الجنسيات”. وبالتالي، الخطة تتوقع إمكانية انشاء قطاعين في غزة.

هناك بحث نشر قبل سنتين تقريبا في مجلة كلية الحرب التابعة للجيش الأمريكي، لخص في 9 صفحات إخفاقات تدخل القوة متعددة الجنسيات في أفغانستان، وعلى راسها يشير الى ان “الأهداف الاستراتيجية للولايات المتحدة في أفغانستان حددت بصورة غير سليمة وغير مترابطة ونفذت عشوائيا وفقا لطبيعة الإدارة في كل سنة ووفقا للقيادة العسكرية المشرفة في حينه. هل كان الهدف محاربة القوات التخريبية؟ إعادة بناء البلاد؟ تقديم الاستشارة والمساعدة وبناء الديمقراطية؟. لقد تفاقمت المشكلة بسبب كثرة الحلفاء والشركاء والكيانات الأخرى (مثل المنظمات غير الحكومية)، التي جلبت معها اجندات وأساليب عملها الخاصة الى ميدان العمليات في أفغانستان.

التطورات التي يتوقعها فارس ستكون ارض خصبة لتطبيق اجندات استراتيجية خاصة، التي ستسوقها الدول التي وقعت على اعلان ترامب في شرم الشيخ في الأسبوع الماضي – مصر وقطر وتركيا – والتي ستكون ضامنة لتنفيذ الخطة، بينما ستكتفي إسرائيل بالوقوف متفرجة. قبل أسبوعين تقريبا اعلن وزير خارجية مصر بدر عبد العاطي عن اعداد قائمة تضم 15 عضو في مجلس الإدارة المؤقت، وان “القائمة متفق عليها مع جميع الفصائل الفلسطينية، بما في ذلك حماس”.

عبد العاطي لم ير في ذلك تناقض مع القول بان حماس لن تكون شريكة في إدارة غزة، ومثله أيضا قطر، وتبنوا القائمة.

ليس من نافل القول التذكير بان ترامب نفسه قال انه ليست لديه مشكلة في ان تكون حماس “بصورة مؤقتة” مسؤولة عن الامن الداخلي، وحسب تقارير في وسائل اعلام عربية فان قطر وتركيا تجريان محادثات مع الإدارة الامريكية حول “تعديلات” على خطة ترامب، التي في الواقع تامر حماس “بنزع سلاحها”، لكنها ستبقي نزع السلاح الى مرحلة متاخرة. متى ستاتي هذه المرحلة؟ ربما عندما ستقام دولة فلسطينية كما تطالب حماس.

بين تركيا ومصر

ان الصراع في غزة بين ما يبدو انه تحالف امريكي – تركي – قطري من جهة، وإسرائيل من جهة أخرى، ليس الا مرحلة واحدة في صراع متعدد الأطراف. وحتى بين الشركاء العرب، لا سيما بين مصر، قطر وتركيا، لا تسير الأمور على ما يرام. فهم غارقون في ذكريات مريرة شكلت علاقاتهم لسنوات، وقد يكون لها تاثير على كيفية تعاملهم مع مستقبل غزة.

من الاحداث الرئيسية التي حددت علاقات مصر مع تركيا لنحو 12 سنة، هو ما حدث في أيلول 2011، عندما وصل وفد تركي رفيع الى مصر بقيادة رجب طيب اردوغان، رئيس وزراء تركيا في حينه، قبل ان يتم تعيينه كرئيس بعد ثلاث سنوات. مصر كانت تمر في حينه في مرحلة انتقالية مضطربة، في الفترة بين الإطاحة بالرئيس حسني مبارك في اعقاب ثورة الربيع العربي والانتخابات التي أوصلت محمد مرسي، ممثل حركة الاخوان المسلمين، الى الرئاسة. لقد كان الاستقبال فاخر على نحو لائق، حيث هتف الحشد المتحمس “اردوغان، اردوغان، يزعزع عروش الطغاة”. بالنسبة لاردوغان كانت هذه فرصة تاريخية لترسيخ نفوذ تركيا في مصر، لا سيما بعد الفتور الشديد الذي تميزت به علاقته مع مبارك، وليس معه فقط.

إسرائيل تصنف تركيا كدولة تابعة لحركة الاخوان المسلمين، ولكن في 2007 نشر محمد مرسي مقال مطول ومفصل شرح فيه لماذا لا يمكن لتركيا، وحزب العدالة والتنمية برئاسة اردوغان واردوغان نفسه، ان يكونوا حلفاء مع حركة الاخوان المسلمين. ليس فقط لان تركيا عضوة في حلف الناتو، المسؤول عن قتل الكثير من المسلمين والعرب. وليس فقط لانها تعترف بإسرائيل وتحافظ على علاقات دبلوماسية وامنية معها.

“حزب العدالة والتنمية اعلن عن موافقته ورضاه عن علمانية تركيا وفق التفسير الغربي. وهنا يكمن الفرق الكبير بينها وبين هدفنا الأساسي، وهو ان تكون للمسلمين دولة إسلامية، وليس دولة دينية وفق التعريف الضيق كما يفهم الغرب”، كتب مرسي وأضاف. “هذا هو الفرق أيضا بين الدولة المصرية التي يعيش فيها الاخوان المسلمون حسب دستورها الذي ينص على ان الدين الرسمي في الدولة هو الإسلام، وان الشريعة الإسلامية هي مصدر التشريع الرئيسي… وبين تركيا التي ينص دستورها على انها دولة علمانية”.

اسلام تركيا لا يمكن أن يكون اسلام مصر أو اسلام أي  دولة مسلمة، هكذا افتى حكماء الشريعة للاخوان.

اردوغان، الذي اعتقد انه خلال زيارته في مصر في 2011 سيتمكن من رأب الصدع الأيديولوجي بينه وبين الاخوان المسلمين وجعل تركيا مرشد للحكومة الجديدة، ارتكب خطأ فادح عندما قال في مقابلة صحفية: “امنيتي هي ان تكون مصر دولة علمانية تحترم جميع مركبات المجتمع المصري… الدولة العلمانية لا تعني ان يكون الشعب علماني. انا لست علماني، ولكني رئيس دولة علمانية”.

رد الاخوان المسلمين المدوي لم يتاخر. الدكتور عصام العريان، نائب رئيس حزب الحرية والعدالة التابع للاخوان المسلمين، قال: “نحن نرحب بتركيا واردوغان كقائد استثنائي من بين قادة المنطقة. ولكن نحن لا نعتقد انه هو او بلاده يستطيعان لوحدهما قيادة المنطقة أو تشكيل مستقبلها. الدول العربية لا تحتاج الى مشاريع خارجية. هذه المشاريع يجب ان تاتي من داخل الأنظمة العربية، خاصة بعد ثورة الربيع العربي، عندما تصبح الأنظمة ديمقراطية”. هذا ما توقعه العريان الذي تم اعتقاله بعد أطاح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بمرسي في تموز 2013 واعلن حرب شاملة على حركة الاخوان المسلمين.

الحسابات السياسية والاقتصادية لاردوغان تحطمت في حينه بمرة واحدة، وحساب طويل ومرير فتح بينه وبين السيسي. اردوغان لم يعترف بشرعية نظامه، ونصب نفسه كمدافع عن الاخوان المسلمين وأعطى أعضاء الحركة الذين نجحوا في الهرب من مصر ملجأ آمن وحتى منحهم الجنسية. الى ان دار الدولاب السياسي في المنطقة، وبعد ان ادرك اردوغان في ذروة الازمة الاقتصادية العميقة ان شريان الحياة يكمن في دول الخليج، أعاد علاقته مع ابن سلمان، الشخص المسؤول عن قتل الصحافي جمال الخاشقجي في تركيا. ومع الامارات العربية، وأخيرا مع مصر السيسي التي وصفت حركة الاخوان المسلمين (لكن ليس حماس) كمنظمة إرهابية. في المقابل، فرض اردوغان قيود حازمة على نشاطات الاخوان المسلمين في تركيا، بل وسلم عدد كبير من النشطاء لمصر. ولكن الشكوك بين السيسي واردوغان لم تتلاشى، ولن يكون من المجازفة القول بان السيسي، مثل إسرائيل، غير متحمس تماما للتواجد المحتمل للقوات التركية في غزة، وبموطيء القدم الواسع الذي اكتسبه اردوغان في الصراع الذي استبعد منه لسنوات.

مصر تخشى من أن تُسقط الاجندة التركية – القطرية، الدولتان اللتان تعملان معا على جبهات متعددة، بدءا من سوريا وحتى ليبيا وأفغانستان، مصر من مكانتها كراعية في قطاع غزة. فطالما ان مصر كانت تسيطر على شريان الاقتصاد في القطاع وتجعل حماس تعتمد عليها فهي ستستفيد من التغييرات السياسية الإقليمية، بما في ذلك علاقاتها مع إسرائيل. أما الان فقد تنتقل هذه المكانة الى يد “دول تحالف ترامب” التي ستملي على مصر حدود تدخلها السياسي في القطاع وخارجه. ومثلما اتضح في أفغانستان والعراق فانه عندما تفشل دول “التحالف” الراعية في صياغة استراتيجية موحدة وملزمة وقابلة للتنفيذ، تسيطر قوى المقاومة المحلية على البلاد.

——————————————-

معاريف 24/10/2025 

إزالة حكم حماس آخذ في الابتعاد عنا برعاية الولايات المتحدة و “صديقات” آخريات

بقلم: ألون بن دافيد 

منذ سنين لم تسمع هنا كلمة “السلام” بمثل هذا التواتر مثلما في الأسبوعين الأخيرين. الكلمة، التي في العقود الأخيرة كادت تكون مشينة ونزعت من القاموس السياسي الإسرائيلي، عادت الى هنا مع الأمريكيين وبقوة. لكن كلما تعمقنا في غياهب الاتفاق الغامض لانهاء الحرب، سنرى أنه اذا كان هنا سلام – فهو سيكون سلاما مع حماس، وليس بدونها.

لقد نصبت المبادرة الامريكية المباركة لانهاء الحرب سداد شرايين من فوق الجرح النازف للمجتمع الإسرائيلي وادت الى تحرير المخطوفين. وعلى هذا يستحق دونالد ترامب ورجاله كل الشكر والامتنان اللذين حظوا بهما. لكن عندما تتضح خطة المعالجة التي سجلوها لمسبب الجرح – فانها تتضمن كل العلاجات التي جربنا دوما الامتناع عنها: تدويل النزاع ومرابطة قوة متعددة الجنسيات بيننا وبين الفلسطينيين.

قبل سنوات عديدة، حين كان الليكود لا يزال حزبا مبدعا وفاعلا وليس رعاع خدمة خانعين، درجوا هناك على أن يصفوا بنيامين نتنياهو كتاجر يقف في الطابور ويساوم ويخرج للجميع روحهم وفي النهاية يدفع أيضا الثمن الأعلى بل ويخرج بلا بضاعة. شعب إسرائيل هو الذي دفع الثمن الذي لا يحتمل لهذه الحرب، والمقابل الأدنى الذي يمكننا ان نتوقعه – ابعاد حكم حماس عن غزة – آخذ في الابتعاد عنا.

سنتان من إنجازات عسكرية مبهرة، تحققت ببطولة وبثمن ضحايا جسيم، والى جانبها صفر فعل أو مبادرة سياسية، خلقتا فراغا في المكان الذي كان يفترض بنا فيه ان يترجم الإنجازات العسكرية لخلق واقع افضل في غزة. الى هذا الفراغ دخلت صديقتنا الولايات المتحدة و “صديقات” اخريات، مثل قطر وتركيا. ليس للامريكيين أي فكرة كيف سيعتزمون نزع سلاح حماس، لكنهم يعرفون جيدا كيف يتحكمون بإسرائيل كي لا يستأنف القتال. نائب الرئيس الأمريكي فانس صب هذا الأسبوع الأسئلة عن تحول إسرائيل الى دولة مرعية أمريكية، لكن في الكريا في تل أبيب لا يتذكرون متى في أي مرة وصل مبعوثو الرئيس الأمريكي وجلسوا الواحد تلو الاخر مع جنرالات هيئة الأركان. الثنائي كوشنير – ويتكوف لم يأتِ الى الضباط كي يستمع فقط. هما جاءات ليوضحا بالضبط ما الذي يتوقعانه من الجيش الإسرائيلي.

كما أن القاعدة التي أقامها الامريكيون بين ليلة وضحاها في كريات غات غير مسبوقة. رجال الجيش الأمريكي اصروا على الا يعملوا من داخل قاعدة للجيش الإسرائيلي بل من قاعدة أمريكية مستقلة. هذا الأسبوع، في اثناء زيارة نائب الرئيس، تجول هناك منذ الان نحو 200 جندي امريك واطلقوا الأوامر. جنرالات الجيش الأمريكي تجولوا بينهم مرتبكين. كان واضحا لهم من هنا رب البيت. من الان فصاعدا الولايات المتحدة هي التي تدير سياسة إسرائيل في غزة.

على اللوح كتب احد ما على عجل المهام الأولى لمركز التنسيق العسكري – المدني (CMCC) الجديد: إقامة الالية لتوزيع الغذاء والبضائع، بناء معبر جديد في رفح، رقابة على ادخال المنتجات ثنائية الاستخدام الى القطاع، خلق صورة عملياتية مشتركة مع منسق اعمال الحكومة في المناطق، مساعدة للشباك في ترشيح الغزيين الذين ينتقلون الى ما وراء الخط الأصفر. كل المهام تتعلق الان بمنطقة القطاع التي تحت السيطرة الإسرائيلية. في الجانب الاخر من الخط الأصفر يوجد رب بيت آخر عاد ليثبت حكمه – حماس.

اعمار غزة أم حماس

سيتركز الجهد الأمريكي في المرحلة الأولى في المنطقة التي بسيطرة الجيش الإسرائيلي. هناك ستبدأ جهود الاعمار، والغزيون الذين يرغبون بالعودة الى مناطق مثل رفح أو شرق خانيونس – يسمح لهم بالعودة بعد أن يجتازوا ترشيحا يفحص بانهم ليسوا من رجال حماس. نوع من المشروع التجريبي الذي يفترض أن يشكل نموذجا للغزيين الذين يختارون فك الارتباط عن حماس. غير أنه اذا ما تواصل بالتوازي ضخ الغذاء ومواد البناء للقسم الثاني من القطاع أيضا – فان حماس ستتعزز حتى أكثر وتبدأ بنفسها باعمار غزة. غربي الخط الأصفر يفترض أن تعمل قوة الاستقرار الدولية (ISF)، التي مهمتها تحددت كـ “تدريب ومساعدة قوات شرطة فلسطينيين اجتازوا ترشيحا”. من سيقيم هذه الشرطة؟ أي دول ستشارك في القوة الدولية؟ ومن على الاطلاق يريد ان يدخل جنوده الى بلاد حماس؟ كل هذه أسئلة لم يقدم الامريكيون جوابا لها بعد. يوجد فقط فيتو واضح واحد ومبرر من إسرائيل: جنود أتراك لن يدخلوا الى غزة.

يبدو أننا نسير الى وضع انتقالي طويل في غزة، تسيطر فيه إسرائيل في نحو نصف القطاع، وحماس في النصف الاخر. من شرق الخط الأصفر الجيش الإسرائيلي سيسيطر أمنيا، والقوة الدولية مع منسق اعمال المناطق سيعالجون الجوانب المدنية. مثابة نوع غريب من الحكم العسكري الإسرائيلي والدولي. كم غزيا سيختارون الانتقال الى المنطقة التي بسيطرة إسرائيل؟ هل توجد لنا على الاطلاق مصلحة في إعادة توطين أولئك الغزيين؟ في إسرائيل لا يجيبون على هذه الأسئلة.

بدلا من هذا ينشغلون عندنا في التصنيفات. “حرب الانبعاث” – اسم كله قامة مرفوعة، بعيد جدا عن المذبحة التي يريد رئيس الوزراء أن ينسيها. وكأنه يمكن بتزيين الصورة شطب بقع الدم وتجاعيد الاسى، تجميل الكارثة الرهيبة وتسويقها كنجاح. الكارثة ستكون اكثر مرارة اذا ما في نهاية الامر انتهت “حرب الانبعاث” بانبعاث حماس.

 ——————————————

هآرتس 24/10/2025 

الولايات المتحدة تطلب من إسرائيل اخطارا قبل كل هجوم في غزة، خشية التصعيد

بقلم: عاموس هرئيلِ 

الولايات المتحدة تتوقع من إسرائيل ان تبلغها مسبقا قبل أي هجوم عسكري استثنائي في قطاع غزة، وضمن ذلك أيضا الهجمات الجوية. وحسب مصادر امنية في إسرائيل فان الأمريكيين لا يطرحون ذلك حتى الآن كطلب لاعطاء ضوء اخضر من جانبهم قبل كل عملية هجومية للجيش الإسرائيلي، لكن عمليا، هم يوضحون بصورة حادة جدا انهم لن يظهروا التسامح تجاه مفاجآت إسرائيلية أخرى تعرض للخطر اتفاق وقف اطلاق النار.

نائب الرئيس جي دي فانس كان امس واليوم الشخصية الارفع في سلسلة الزوار الأمريكيين الذين جاءوا الى إسرائيل من اجل ان يفعلوا ما سبق تسميته “جليسة الأطفال” – وهو الاشراف عن قرب على القيادة الإسرائيلية، من اجل ان لا تشعل من جديد نيران الحرب في قطاع غزة. باستثناء فانس فقد زار في هذا الأسبوع البلاد وزير الخارجية ماركو روبيو، وستيف ويتكوف، المبعوث الخاص للرئيس ترامب، وجارد كوشنر صهر الرئيس.

هذا الأسبوع أيضا دشن الامريكيون قيادة عسكرية في كريات غات، التي منها ينسقون استمرار العمليات العسكرية في القطاع. في هذه القيادة يخدم حوالي 200 ضابط وجندي، نفس العدد من القوات التي نشرها الامريكيون في إسرائيل قبل سنة ونصف عندما اطلقوا المشروع الفاشل للميناء اللوجستي لانزال المساعدات الإنسانية من البحر على شاطيء جنوب مدينة غزة.

في اللقاء الأمني مع فانس شارك الوزراء يسرائيل كاتس ورون ديرمر وضباط كبار في الجيش الإسرائيلي وفي القوات الامريكية، برئاسة رئيس الأركان ايال زمير وقائد المنطقة الوسطى الامريكية، الادميرال براد كوفر. بصورة استثنائية جرى اللقاء في غرفة الاجتماعات في مكتب رئيس الأركان، وكبار ضباط الجيش الإسرائيلي عرضوا على فانس تقدير الوضع متعدد الساحات للجيش. في الأيام الأخيرة اجتمع عدد من الجنرالات أيضا مع المبعوثين ويتكوف وكوشنر. في هذه اللقاءات اكد الإسرائيليون على الحاجة الى نزع سلاح حماس قبل ان تبدأ عملية حقيقية لاعادة اعمار القطاع، واهمية تحديد التركيبة والصلاحيات للقوة متعددة الجنسيات التي ستدخل الى القطاع، والمطلب الإسرائيلي، إعادة 13 جثة للمخطوفين الذين بقوا حتى الآن في القطاع. زمير قال لفانس ان الشهيد الملازم هدار غولدن يحتجز في القطاع لدى حماس منذ 11 سنة.

إدارة ترامب غيرت تعاملها مع حكومة نتنياهو وبدات في ممارسة ضغط للموافقة على وقف اطلاق النار وصفقة المخطوفين، في اعقاب محاولة اغتيال فاشلة لكبار قادة حماس في قطر في 9 أيلول الماضي. الخطوات الامريكية الان تتاثر بالحادث الذي وقع في بداية الأسبوع، الذي فيه قتل ضابط وجندي من لواء الناحل في مواجهة مع رجال حماس داخل المنطقة الواقعة تحت سيطرة إسرائيل – شرق الخط الأصفر في الخرائط – قرب رفح. الرئيس ورجاله يخشون من ان حادث محلي آخر سينهي استمرار تطبيق الصفقة ويؤدي الى استئناف الحرب.

مبعوثو ترامب قالوا لمحدثيهم الإسرائيليين بانهم لن يتخلوا عن ضائقة عائلات القتلى وسيواصلون الضغط على حماس لتنفيذ التزامها بإعادة الجثث. وهم يؤكدون في المحادثات على الحاجة الى مواصلة تطبيق الاتفاق، بما في ذلك انسحابات إسرائيلية أخرى ونشر القوة متعددة الجنسيات وتشكيل حكومة خبراء في القطاع وإقامة منطقة خضراء في رفح، التي فيها ستبدأ عملية إعادة اعمار إسرائيلية في المنطقة التي لا تقع تحت سيطرة إسرائيل او حماس، وبتمويل عربي سخي.

سلاح الجو هاجم في الظهيرة سلسلة اهداف عسكرية لحزب الله في البقاع اللبناني. في لبنان تم الإبلاغ عن قتيلين في هذه الهجمات. الهجمات الإسرائيلية في لبنان تحدث تقريبا يوميا، ولا تتركز فقط في المنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني التي في داخلها منع على حزب الله العمل طبقا لاتفاق وقف اطلاق النار. في المقابل، في الأيام الأخيرة توقف المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي عن نشر بيانات بشان الهجمات في القطاع.

عمليا، يوجد حتى الان احداث اطلاق نار – بالأساس عندما يطلق الجنود النار على فلسطينيين يجتازون الخط الأصفر ويحاولون الذهاب شرقا. ولكن كل ما يتجاوز النيران المحلية يحتاج الى نقاش مع الأمريكيين، طبقا لمطلبهم. مصادر امنية تولد لديها الانطباع بان الرقابة الامريكية مشددة جدا وانه فعليا معناها هو مصادرة صلاحيات إسرائيل في المجال الأمني وعلاقاتها الخارجية. رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يواصل انكار هذا الواقع لان هذه الأمور تناقض محاولته ترسيخ رواية الانتصار في الحرب، على الأقل بالنسبة لمؤيديه السياسيين.

——————————————

يديعوت احرونوت 24/10/2025

لتجنب حل الدولتين: حان الوقت لمبادرة سياسية إسرائيلية

بقلم: امير افيفي، داني فان بيران 

قبل أن يتغير الشرق الأوسط بعد مبادرة الرئيس ترامب، يجب على دولة إسرائيل إعادة تعريف مفهومها الأمني ​​بما يضمن حقوقها التاريخية، واحتياجاتها الوجودية، والاستجابة اللازمة للتهديدات المتغيرة. ولتحقيق ذلك، يجب عليها أيضًا أن تأخذ زمام المبادرة السياسية بشأن القضية الفلسطينية، في إطار خطة ترامب. إذا لم نفعل ذلك، فسنجد أنفسنا أمام ضغوط دولية غير مسبوقة لإقامة دولة فلسطينية، مما سيشكل تهديدًا وجوديًا لدولة إسرائيل.

لقد نبع الفشل الذريع لمجزرة السابع من أكتوبر من جملة أمور، من أخطاء تاريخية في مفهوم دولة إسرائيل الأمني، وبالتالي يتطلب منا إجراء تغييرات جوهرية فيه. لا مزيد من احتواء الصراع وإدارته على نار هادئة. لا مزيد من جيش صغير وذكي أو اعتماد أعمى على التحذير من الحرب، وعلى التكنولوجيا كمكون حصري تقريبًا.

يجب أن يعتمد مفهوم الأمن الجديد مبادئ المبادرة والتنفيذ كجزء أساسي من التعامل مع التهديدات متعددة القطاعات الموجهة ضد إسرائيل. هذا التغيير يحدث أمام أعيننا. لقد رأينا ذلك في مبادرة الاستيلاء على الأراضي الخاضعة للسيطرة في سوريا، وفي الهجوم على قادة حماس وحزب الله، وخاصةً في الهجوم على إيران، رغم المخاطر التي ينطوي عليها ذلك. ومع ذلك، لا يمكن لأمن دولة إسرائيل أن يعتمد على قوتها العسكرية وحدها. بل يتطلب الأمر أيضًا مبادرة سياسية ترتكز على حقنا في وطن قومي للشعب اليهودي على أرضه، وتضمن احتياجاتنا الأمنية.

إذا لم نتصرف بهذه الطريقة، فستجد إسرائيل نفسها مضطرة لصدّ محاولات فرض مبادرات عربية أو أوروبية أو أمريكية علينا، والتي يرتكز معظمها على الرواية المألوفة وغير القابلة للتطبيق “دولتان لشعبين”. لذلك، نؤكد على ضرورة تبني نهج استباقي في المجال السياسي أيضًا.

منذ نهاية حرب الأيام الستة والاستيلاء على أراضي يهودا والسامرة وغزة التي كانت تحت سيطرة الأردن ومصر، امتنعت إسرائيل عن اتخاذ قرار واضح بشأن وضع هذه المناطق من البلاد ووضع سكانها المحليين. في غياب فكرة تأسيسية إسرائيلية واضحة، تستند إلى حقنا القومي التاريخي (وأيضًا من حيث القانون الدولي)، تبنى معظم المجتمع الدولي الرواية الفلسطينية، التي تعتبرنا محتلين وتعترف بحق الفلسطينيين في إقامة دولة ضمن حدود الرابع من حزيران 1967.

 خلال هذه الفترة، بُذلت جهود عديدة للتوصل إلى اتفاقيات سلام من شأنها إنهاء الصراع. استندت المقترحات المختلفة إلى حد كبير على المنطق نفسه – تنازل إسرائيل عن معظم أراضي يهودا والسامرة وإقامة دولة فلسطينية على هذه الأراضي، مقابل استعداد الفلسطينيين لوقف الكفاح المسلح والاعتراف بإسرائيل. كان من المفترض أن يؤدي حل الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين إلى إنهاء الصراع الإسرائيلي العربي وتحقيق التطبيع بين إسرائيل وجميع الدول العربية. إلا أن منطق اتفاقيات أوسلو هو أساس فشلها. لم يُناسب الحل الذي اقترحته أيًا من الجانبين. لا يمكن لإسرائيل أن تعيش بأمان كشريط ساحلي ضيق إلى جانب دولة فلسطينية معادية تقع على جبال يهودا والسامرة. من جانبهم، أوضح الفلسطينيون من خلال أفعالهم أنهم لا يريدون حقًا إقامة دولة إلى جانب دولة إسرائيل، بل دولة تُبنى على أنقاضها من النهر إلى البحر.

وقد رفض الفلسطينيون جميع المبادرات والمؤتمرات التي عُقدت بين الطرفين، بل حتى استعداد رئيسي الوزراء الإسرائيليين أولمرت وباراك لقبول معظم مطالبهم. وتواصل حماس والسلطة الفلسطينية التثقيف على الإرهاب وكراهية إسرائيل، وتعزيز الخطاب المعادي للسامية الذي يظهر في فنهم، بل وحتى في الكفاح المسلح.

كانت اتفاقيات إبراهيم أول محاولة إسرائيلية أمريكية للالتفاف على العقدة شبه المستعصية بين القضية لفلسطينية والتطبيع مع الدول العربية. إلا أن هذه الخطوة التاريخية تركت مجددًا محور القضية الفلسطينية الشائك دون حل، حيث وضع هجوم حماس في 7 أكتوبر استمرار التطبيع مع العالم العربي والإسلامي في خطر ملموس.

تحدد خطة السلام الحالية للرئيس ترامب هدفًا طموحًا لتغيير وجه العالم عمومًا والشرق الأوسط خصوصًا. في السياق الفلسطيني، تتضمن الخطة إعلان نوايا عام قابل للتأويل. في الأيام الأخيرة، تناول جاريد كوشنر هذه القضية، مشيرًا إلى أن تعريف “الدولة” بحد ذاته يتغير في نظر مختلف الأطراف، وأن الهدف الرئيسي هو إنشاء آلية مستقرة تسمح للأطراف بالعيش جنبًا إلى جنب. هذا هو الوقت المناسب لإسرائيل. إن وجود إدارة أمريكية متعاطفة مع دولة إسرائيل يسمح بالتفكير المتجدد والإبداعي في الحلول الممكنة للقضية الفلسطينية، حلول تبحث المشكلة بطرق مختلفة عن نموذج حل الدولتين، الذي يُهدد وجود إسرائيل.

من الحكم المركزي إلى الحكم العشائري

كشفت الحرب في غزة عن قسوة حركة حماس، ليس فقط تجاه إسرائيل، بل أيضًا تجاه خصومها المحليين. منذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، بدأت حماس حملة تطهير ضد العشائر والقيادات الغزية التي سئمت حكمها. أبرزهم وأشهرهم أبو شباب، ولكنه ليس الوحيد بأي حال من الأحوال. هذا الصراع الداخلي هو غيض من فيض الصراع المتجذر في المجتمع الفلسطيني بين السردية الوطنية، التي تُروّج لها السلطة الفلسطينية وحماس، والبنية الاجتماعية التقليدية للمجتمع الفلسطيني، المبنية إلى حد كبير على العشائر والقبائل. ما دامت الفصائل المعترف بها تُهيمن على المجتمع الفلسطيني وتُروّج للرواية الوطنية، التي تقوم في معظمها على الدعوة لتدمير إسرائيل، فلا سبيل للحفاظ على الروح الحقيقية لخطة ترامب، التي تتطلب نزع التطرف، والتعايش، والازدهار الاقتصادي، والتعاون الإقليمي.

ولإتاحة الفرصة لتحقيق مبادئ الخطة، التي تسعى إلى السماح لإسرائيل بالعيش بأمن وللفلسطينيين بالعيش بكرامة في ظل حكومة مستقلة، تحتاج إسرائيل إلى الترويج لمبادرتها السياسية الخاصة. ستسمح هذه المبادرة بمنح الحكم الذاتي للحكم المحلي، بناءً على التركيبة العشائرية للمجتمع الفلسطيني. وقد طُرحت هذه الفكرة في عدة صيغ، بما في ذلك في خطة الإمارات للدكتور مردخاي كيدار، الذي اقترح إنشاء سبع دول-مدن على أساس مناطق السلطة الفلسطينية.

هذا ليس مجرد تفكير تمني. فهذه الفكرة لها مؤيدون أيضًا في الجانب الفلسطيني. فقد نُشرت مؤخرًا مبادرة من عشائر الخليل بقيادة الشيخ الجعبري لفك الارتباط مع السلطة الفلسطينية. في رسالة بعث بها إلى الوزير بركات، أعلن الشيخ الجعبري استعداده للانضمام إلى اتفاقيات إبراهيم، والاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية، والعيش معها بسلام وتعايش. على إسرائيل أن تروج لهذه الفكرة، التي لها تأثير دومينو، وأن تدعم القادة المحليين الذين يتبنونها.

سواءً تم تبني هذه المبادرة أو نسخة مماثلة منها، فإنها ستشكل بديلاً عن فكرة “دولتين لشعبين” البالية وغير القابلة للتطبيق. إن طرح المبادرة سيسمح لإسرائيل بأن تكون الطرف المبادر في حل الصراع، الطرف الذي يقدم أفكارًا إبداعية تتوافق مع مبادرة ترامب، وسيتيح مخرجًا من مأزق الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الدامي منذ عقود.

*داني فان  بيران عميد (احتياط) ورئيس جمعية “مدعوون إلى العلم”

*أمير أفيفي عميد (احتياط) ورئيس “الامنيين”

——————————————

يديعوت 24/10/2025 

رفض الموساد دائما محاولات لتقويض أسطورة أشرف مروان كـ “أفضل جاسوس في التاريخ”

بقلم: رونين بيرغمان ويوفال روبوفيتش

في 3 أكتوبر 1973، استدعى أنور السادات رئيس الأركان المصري سعد الشاذلي وفريقًا من مساعديه المقربين، بمن فيهم رئيس مكتبه القوي أشرف مروان. ووفقًا للكاتب المصري البارز، محمد حسنين هيكل، كان الرئيس المصري قلقًا. ليس لأنه رأى شيئًا، ولا لأنه سمع شيئًا، ولا لأن أي معلومات استخباراتية قد وصلت. بل على العكس تمامًا. لقد خشي أن الخدعة الكبرى، التي وصفها لاحقًا رئيس الاستخبارات العسكرية، اللواء شلومو غازيت، الذي عُيّن بعد حرب أكتوبر، بأنها “أكبر عملية تضليل في التاريخ”، وهي مناورة سيضع فيها السادات مئات الآلاف من الجنود على خط المياه ولن ترد إسرائيل بسبب شعورها بالأمن المطلق النابع من “التفوق الاستخباراتي” – قد سارت على ما يرام.

“إنهم لا يعرفون بعد”، قال الشاذلي.

لم يقتنع السادات. “هل ما زالوا في شهر عسل جميل؟” تساءل الرئيس: “أم أنهم يختبئون في حقل الذرة وينتظرون العدو؟”. كان يخشى أن يكون الصمت خادعًا، وأن الإسرائيليين كانوا على علم بالأمر ويجهزون فخًا لجيشه.

لمعرفة ما إذا كانوا نائمين حقًا أم العكس، اتصل مروان في مساء اليوم التالي بموظفه في الموساد، دوبي، وأعطاه الرمز العام للحرب. ليس رمز الحرب الفورية، بل أمرٌ سيحدث في وقتٍ ما. بمعنى آخر، لم يكن هناك داعٍ للتوتر. طلب ​​مقابلة رئيس الموساد في اليوم التالي في لندن. كان الافتراض أنه إذا غادر رئيس الموساد إسرائيل مساء الجمعة، فهذه علامة شبه مؤكدة على أن إسرائيل لا تتوقع اندلاع حرب في اليوم التالي، وإلا لما غادر.

وصل تسفي زامير، وبدأ الحديث بأسئلة غير ذات صلة. في النهاية، كان مروان هو من أخبره أنهم جاؤوا للحديث عن الحرب وزعم قائلا: “إما أنكم تعرفون كل شيء وتستعدون لتدمير الجيش المصري، أو أنكم لا تعرفزن مدى خطورة التهديد”. أما زامير فوال التعبير عن شكوكه: لماذا يذهب السادات إلى الحرب أصلًا؟ وهنا كان يمكن لمروان أن يُبلغ رئيسه في القاهرة: إنهم في الحقيقة لا يعرفون شيئًا.

في 7 أكتوبر 2023، حوالي الساعة 5:30 صباحًا، يتكرر هذا المشهد. يقرر محمد ضيف إلغاء كل شيء، ليس لأن شيئًا ما يحدث من الجانب الإسرائيلي، بل لأنه لا شيء يحدث. لا يصدق ضيف أن الخداع ينجح إلى هذا الحد. إنه متأكد من أن الإسرائيليين يتربصون في مكان ما في الظلام، ينتظرون الإيقاع بقواته النُخبوية.

أخطأ الاثنان، ضيف وبالتأكيد السادات، فقد اعتبرا ان هذه هي إرادة الله. لكن لم يكن التدخل الإلهي هو ما جعل إسرائيل غير مستعدة، بل اسرة استخبارات لم يعترف أعضاؤها قط بوقوعهم ضحية خداع.

وهكذا، في منتصف عام 1974، شعر كبار مسؤولي الاستخبارات بالقلق إزاء مصداقية مروان. أمر غازيت، الرئيس الجديد لشعبة الاستخبارات، بإجراء تحقيق في سلسلة الأحداث التي أدت إلى تجنيده وتفعيله. علم الموساد أن غازيت قد شكّل لجنة تحقيق، وقرر تشكيل لجنته الخاصة. في أكتوبر 1974، خلصت اللجنة إلى أن شكوك غازيت لا أساس لها. لماذا؟ لأنه “من غير المرجح أن يكون تطوّع “الملاك” لمساعدة إسرائيل عملية احتيال مدبرة من قبل المصريين، بالنظر إلى قدراتهم في هذا المجال، وتعقيد عملية احتيال بهذا المستوى، وصعوبة استمرارها على مر الزمن”

باختصار، استند القرار إلى حقيقة أن المصريين ببساطة لم يكونوا أذكياء بما يكفي لتنفيذ مثل هذه العملية. كل ما كان ينقصهم هو كتابة شيء عن الشبشب وبنادق الكلاشينكوف.

 وبالطبع كتب أحدهم هذا الكلام المتبجح، ولكن في أيلول 2023، في الذكرى الخمسين للحرب، نشر الموساد كتابًا وأقام احتفالًا خاصًا للاحتفال بما يعتبره رجاله نجاحًا باهرًا في حرب يوم الغفران. يذكر الكتاب أن الجهاز أجرى اختبارات على مر السنين “واستبعد تمامًا إمكانية تسلل “الملاك” أو “تمثيله” لأغراض احتيالية ضد إسرائيل”. وكيف توصلوا إلى هذا الاستنتاج؟ بنفس النظرية حول ضعف قدرات العرب في الخداع.

قال رئيس الموساد، دافيد برنياع، في حفل إطلاق الكتاب: “كان الملاك عميلاً استراتيجياً”. وأضاف: “من يدّعي خلاف ذلك، في رأيي، ربما يسعى للشهرة أو ببساطة لا يفهم الصورة الاستخباراتية”. بمعنى آخر: إذا اختلف أحدٌ في تفكيره عنا، فإن الاستنتاج الوحيد هو أنه جاهل، لا يفهم الاستخبارات، يفتقر إلى الخبرة في تشغيل العملاء، أو يتصرف بدوافع خفية.

بعد أسبوعين من ذلك الحفل، في 6 أكتوبر 2023، نشرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” مقالين مشتركين للواء أهارون زئيفي فركاش، الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات، وكاتب هذه السطور، حول هذا التزييف التاريخي والخداع الذي يُرسخه. واختتم فركاش مقاله بتحذير: “فقط إذا حققنا في إخفاقاتنا يمكننا استخلاص العبر. وإلا، فسنُفاجأ مرة أخرى ونُفاجأ على حين غرة”.

في اليوم التالي، هاجمت حماس إسرائيل.

——————————————-

هآرتس 24/10/2025 

من يعتقد ان الأمريكيين هنا لادارة غزة، عليه ان يعيد النظر في موقفه

بقلم:  كارولينا ليندسمان

في الوقت الذي تصوت فيه الكنيست بالأغلبية على قوانين تطبيق السيادة على الضفة الغربية، حكومة إسرائيل تنقل طواعية سيادتها على أراضي داخل الخط الأخضر. النكتة التي تسمى كنيست إسرائيل تصوت على السيادة في “يهودا والسامرة”، وبنفس الدرجة يمكنها التصويت على تطبيق السيادة على المريخ، بينما تنشيء الولايات المتحدة مقر عسكري في كريات غات. إسرائيل تطبق سيادة وهمية على الضفة الغربية، بينما تطبق الولايات المتحدة سيادة فعلية على أراضي إسرائيل نفسها.

الكنيست يمكنها مواصلة لعبة التظاهر. ويمكن للمشرعين مواصلة إقرار القوانين، لكن هذه القوانين لا تساوي قيمة الورق الذي كتبت عليه، الا اذا كانت قوانين صحية أو شؤون محلية (متى كانت آخر مرة سنوا فيها قانون لمصلحة عامة الناس؟). ولمن كان لديه شك فيما اذا كانت السيادة حقا بيد الشعب، بواسطة ممثليه في الكنيست، مثلما ياريف لفين وسمحا روتمان قالا لنا في السنوات الأخيرة، جاء نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس وأوضح امس على صدى التصويت على فرض السيادة في الضفة، بان هذا لن يحدث. “اذا أراد الناس اجراء تصويت رمزي – هم يستطيعون ذلك”.

خلال سنوات تساءل اليمين الساذج: “لماذا تصوتون لليمين وتحصلون على اليسار؟”. ربما انه حان الوقت لاصدار طبعة جديدة: لماذا تصوتون للكنيست الإسرائيلية وتحصلون على الإدارة أمريكية؟.

انت تسمع ولا تصدق: نائب رئيس دولة أخرى يصف أعضاء الكنيست بـ “اشخاص” (!)، يجرون “تصويت رمزي” (!) حول قضايا خارج نطاق اختصاصهم. هذا هو انجاز اليمين المتطرف. في الواقع بعد التوبيخ سارع بنيامين نتنياهو الى اصدار امر بعدم الدفع قدما بمشاريع قوانين السيادة حتى اشعار آخر.

الامر الأكثر اثارة للشفقة هو انه عندما سئل فانس ما اذا كانت إسرائيل هي محمية أمريكية، أجاب بان وقف اطلاق النار يتطلب اشراف. “لكن ليس بمعنى الاشراف على طفل صغير”. ولكن لا توجد طريقة اكثر دقة لوصف الموقف من إسرائيل: طفل صغير يلعب بالتشريعات مع أصدقائه المتخيلين في اليمين المتطرف. يبدو ان فانس يؤيد “الابوة من اعلى”، التي تتجلى في القطار الجوي من جليسات الأطفال الامريكيات اللواتي ياتين لحضور نقاشات مجلس الوزراء المصغر (الكابنت) في وزارة الدفاع.

ما يحدث امام ناظرينا يمكن اعتباره توسيع لاتفاق أوسلو، لكن مع تغيير كان سيجعل اسحق رابين يتقلب في قبره، ويجعل موشيه ديان يفتح عينه الثانية. الى مناطق ب وأ وج التي تنظم السيطرة المدنية والأمنية بيننا وبين السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، ربما سنضطر الى إضافة في القريب مناطق د – مناطق تحت السيطرة المدنية والأمنية للسلطة الإسرائيلية داخل الخط الأخضر. ستسالون وبحق من هي هذه السلطة الإسرائيلية، وانا ساجيب باسف: هي ما كانت تسمى ذات يوم دولة إسرائيل.

الحقيقة هي ان إسرائيل لم تترك للولايات المتحدة أي خيار. ماذا قال امس دونالد ترامب؟. لقد قال “لو انني لم أوقف نتنياهو لكان سيواصل لسنوات”. سنوات ونحن نصرخ بان نتنياهو هو مخادع تاريخي. أخيرا أيضا الامريكيون عرفوا ان المشكلة ليست فقط “في الطرف الثاني”.

ان هوس اليمين بالسيادة وبشعار “الشعب هو السيد” لم يعبر عن القوة، بل عن العجز المطلق. هل أراد لفين إعادة السلطة الى الشعب؟. ربما للشعب الأمريكي. المهم هو تحييد المستشارة القانونية للحكومة. ومن يعتقد ان الأمريكيين يوجدون هنا فقط لادارة قطاع غزة، يجب عليه إعادة النظر في رأيه. فهم يوجدون هنا أيضا لادارة إسرائيل.

السؤال الكبير هو هل هذه فترة مؤقتة من “الإصلاح”، التي ستؤدي الى دولتين، كونفيدرالية، أو أننا في بداية عملية اكثر عمقا: ضم طوعي للولايات المتحدة، وربما تدويل، ليس فقط غزة، بل كل المنطقة بين البحر والنهر.

 ——————————————

معاريف 24/10/2025

كيف سترد الحكومة على تعيين “مندوب سامي” في غزة يؤيد إقامة دولة فلسطينية؟

بقلم: ران ادليست

بتأخير غير أنيق ينزف ضحايا عابثة، فهمَ مخصيو بنيامين نتنياهو أنه في حرب “الانبعاث” حيال حماس هُزمنا بشدة، والطريق الى تدويل النزاع الذي تتمته في دولة فلسطينية يشق في هذه الأيام تماما. الطريق الوحيد المتبقي لنتنياهو وشركائه ليوقف او يعيق مسيرة شرم الشيخ هو أن يصرخوا “حماس تخرق”، كي يخرقوا هم انفسهم اتفاق وقف النار ويأمروا رئيس الأركان بان يهاجم. الامريكيون، أي جارد كوشنير وستيف ويتكوف، يرون حملة “ادعاء الضحية” عن تأخير إعادة الجثامين كتذمر ممن يتجاهل صورتهم الكبرى.

يبحث نتنياهو عن حرب وهم يعرفون بالضبط لماذا: كي يتملص من المحاكمة يخرب على خطة السلام التي حولت وستحول كليهما الى اغنياء اكثر، الى جانب علاوة سياسية لادارة دونالد ترامب. وبحسم بادرات تأثر دامع، يستهدف تليين وعي الجمهور في إسرائيل، جاء الاثنان الى البلاد في بداية الأسبوع، ومثل رسل دون كورليونا في دكان الخضار الرافض لدفع الخاوة – وقفا في مكتب نتنياهو كي “يقنعاه” بانهما جديان.

وما أن يخرجا حتى يأتي لتأكيد الطاعة جيدي فانس، نائب ترامب وماركو روبيو، وزير الخارجية. يرفض نتنياهو وشركاؤه ان يفهموا بان بنود الاتفاق في شرم الشيخ ماتت في اليوم الذي ولدت فيه، وبدلا منها تتدحرج في الميدان حقائق تنشأ من مجرد عمل القيادة الامريكية التي تعمل بمحاذاة الجيش الإسرائيلي. واهداف الجيش الإسرائيلي لمن لا يزال لا يفهم اين يعيش ليست اهداف الحكومة.

من زاوية نظر سياسية إسرائيلية – داخلية يمكن القول ان مؤتمر شرم الشيخ كان بداية المحاولة العالمية لإزاحة بيبي وشركائه عن التدخل في الإجراءات للتسوية في الشرق الأوسط. اخونا ترامب؟ ابونا الذي في السماء؟ الرجل هذا هو Loose Cannon، الذي احدث في المنطقة فوضى ليس واضحا كيف تنتهي وعاد ليحدث عاصفة اضرار في الولايات المتحدة وفي العالم. مع كل الاحترام لامكانية انطلاقاته منفلتة العقال، فان هذا الأشقر فعل فعله، ويمكن لهذا الأشقر أن يرحل. الدفة في الميدان اخذتها الان أوروبا ودول الخليج بما فيها قطر، تركيا ومصر – برقابة الجيش الأمريكي وبمساعدة الجيش الإسرائيلي. لا يمكنني أن أقول من جملة التقارير كم تتعزز حماس في الميدان، لكن ليس صعبا أن أفهم الحاجة للقوات الأجنبية في طريقها الى القطاع للوصول الى تسوية مع حماس كجزء من تدويل النزاع.

اذا كنت فهمت الوضعية على نحو صائب فان أي جندي في القوات التي يفترض أن تدخل الى غزة لن يقاتل حماس بل أساسا ان يشرف على الا تقوم إسرائيل باي هجوم. مسألة السيطرة في القطاع ستنتقل الى “حكومة خبراء” تعنى بالاعمار، وعنصر هام، وان كان قابل للتفجر، يتدحرج الى الامام هو تعيين طوني بلير كـ “منسق”.

السؤال هو كيف سترد حكومة سموتريتش على تعيين مندوب سام في غزة، يؤيد ويعمل منذ سنين على إقامة دولة فلسطينية. سؤال المتفائل القلق هو ما الذي يمكن أن يخرب والجواب هو: كل شيء. في هوامش المؤتمر في شرخ الشيخ يختبيء المجهول الأكبر الذي هو الفيل في الغرفة. كلاريسا وورد، مراسلة ومحللة دولة في السي.ان.ان، تقول ان هدف المؤتمر هو “شق الطريق لدولة فلسطينية” هكذا أيضا اهود باراك الذي يقول “في وثيقة ترامب يوجد زخم لدولة فلسطينية”. السؤال هو الى اين وكيف تتدحرج هذه الخطوة.

مراسلة سي.ان.أن في شرم الشيخ سألت السيسي ما الذي يتوقعه لاحقا “ان يتواصل الزخم”، أجاب الرئيس المصري. القياس لتواصل وجدية الاعمال في غزة سيكون التقارير عن انتشار القوات الأجنبية في القطاع. هذه الخطوات يفترض أن تمنع إسرائيل من العودة الى غزة والاقوال عن عودة الى قتال (قوي!) هي هراء متبجح عادي وبلا أساس.

كما أن جنودا يطلقون النار على “حماسيين مسلحين يهددونهم”، ليسوا سببا لهجمات سلاح الجو، حتى لو كان فيها علاوة سد أنفاق. وهي ليست اكثر من معاذير لمواصلة القتال، الذي على أي حال ستمنعه عودة الغزيين الى خرائبهم.

——————————————-

هآرتس 24/10/2025

أقروا “السيادة” تزامناً مع حضوره.. فانس: بصقوا في وجه الإدارة الأمريكية

بقلم: أسرة التحرير

أقر الكنيست مشروعي قانونين في قراءة تمهيدية يوم الثلاثاء لإحلال سيادة دولة إسرائيل على الضفة الغربية، وعلى “معاليه أدوميم” [مستوطنة في الضفة الغربية بالقرب من القدس]. قدم مشروع القانونين آفي ماعوز (نوعام) ورئيس حزب “إسرائيل بيتنا” أفيغدور ليبرمان. فاز مشروع قانون السيادة على “معاليه أدوميم” بأغلبية واضحة، وتمت الموافقة على مشروع قانون السيادة على الضفة الغربية بأكملها بأضيق الأصوات – صوت عضو الكنيست يولي إدلشتاين، الذي انتهك الانضباط الفصائلي في الليكود وعوقب على ذلك.

إن الموافقة في قراءة تمهيدية، لا تبشر بالضم. وقد تم ضم الضفة الغربية منذ فترة طويلة بحكم الأمر الواقع، ومع ذلك فإن هذا التصيد الذي دبّره اليمين المتطرف والقومي والفاشي هو لعب خطير بالنار. والقيام بذلك أثناء زيارة نائب الرئيس الأمريكي لإسرائيل هو بالفعل بصقة في وجه الإدارة الأكثر تعاطفًا مع اليمين الإسرائيلي في البيت الأبيض على الإطلاق. ليس من قبيل المصادفة أن يقول فانس أمس: “كان الأمر غريبًا وغبيًا، لقد أسيء لي”، وأضاف أن إسرائيل لن تضم الضفة الغربية.

ورغم أن الرئيس الأمريكي صريح وواضح في معارضته لأي خطوة نحو الضم – “لقد وعدتُ الدول العربية. ستفقد إسرائيل كل دعم الولايات المتحدة لها إذا حدث ذلك” – وكذلك جميع دول العالم، إلا أنه اتضح أن اليمين القومي، بما في ذلك الممثل البارز للمعارضة، ليبرمان، غير مهتم بأي من هذا. بالنسبة لهم، الضم هو وجه كل شيء. فليذهب وقف إطلاق النار إلى الجحيم، ولتذهب العلاقة الحيوية مع الولايات المتحدة إلى الجحيم، ولتذهب آخر فرصة للتوصل إلى حل سياسي مع الفلسطينيين إلى الجحيم – بالنسبة لهم، فإن نهمهم للعقارات يفوق أي اعتبار آخر.

يجب القضاء على أوهام الضم في مراحلها الأولى، ويجب ألا تُترك واشنطن وحدها لتقضي عليها. يجب على إسرائيل نفسها أن تتخلى عنها لتمهيد الطريق لحل مستقبلي. أولئك الذين يؤيدون ضم الضفة الغربية أو أجزاء منها يحكمون على إسرائيل بالموت جوعًا، يحكمون عليها بنبذ دولي شديد وعزلة أشد خطورة على وجودها من الموجة الحالية. لذلك، من المهم أن يُعلن نتنياهو بسرعة ووضوح أن الضم ليس على جدول الأعمال، وإلا ستنشأ شكوك بأنه وحزبه قد ينضمون إلى هذه اللعبة الخطيرة لاحقًا، وأن امتناعهم عن التصويت كان مجرد تكتيك. إن سيطرة إسرائيل والمستوطنين على الضفة الغربية تقترب. على مدى ستين عامًا، كانت أشد لعنة تُخيم على البلاد. إنها أم كل دنس، وهي التي ألحقت بإسرائيل أكبر ضرر سياسي واجتماعي وأخلاقي. يُمنع منعًا باتًا تشريع المعصية. بدلًا من الإشارة إلى قوانين ضم وهمية، يجب على الحكومة اتخاذ خطوات تُعزز إقامة دولة فلسطينية. وإلا، فلن تتعافى إسرائيل من الكوارث التي ألحقتها بها الحكومة الإسرائيلية السابعة والثلاثون.

—————–انتهت النشرة—————–

Share This Article