المسار : في مقابلة سياسية واسعة، كشف الدبلوماسي الأميركي المخضرم روبرت مالي—الذي شغل مناصب رفيعة في إدارات كلينتون وأوباما وبايدن—عن تفاصيل غير مسبوقة حول قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب المشاركة في ما وصفه بـ”حرب الاثني عشر يوماً” ضد إيران، ودوره في الملف الفلسطيني والإقليمي، وعن “سلامٍ غامض المصير” في الشرق الأوسط.
وقال مالي إنه تفاجأ وغير متفاجئ في الوقت نفسه من قرار ترامب المشاركة في الهجوم، موضحًا أن الرئيس الأميركي “نافد الصبر، يسعى لصفقات سريعة، ومستعد لقلب كل وعوده رأسًا على عقب”. وأشار إلى أن نتنياهو لعب دورًا محوريًا في دفع ترامب نحو الهجوم، بعدما أقنعه بأن الضغط العسكري غير كافٍ لجرّ إيران إلى صفقة.
وكشف أن الخطة الإسرائيلية كانت استخدام قنبلة فائقة القوة لتدمير منشأة فوردو النووية، وأن ترامب وجد في العملية فرصة “لإنجاز ضخم” يعزز صورته السياسية، لكنه في الوقت نفسه حرص على عدم استمرار الحرب بسبب معارضة قاعدته الانتخابية.
نتنياهو أراد استمرار الحرب… وإسرائيل كانت عاجزة
وأوضح مالي أن أحد الأسباب الرئيسية لوقف الحرب كان نفاد الصواريخ الاعتراضية لدى إسرائيل، ما جعلها عاجزة عن مواجهة الرد الإيراني. وأضاف: “هذا النقص كان عاملاً حاسمًا في إيقاف القتال”.
ترامب: لا خطوط حمراء… ولا قيود سياسية
وتحدث مالي عن شخصية ترامب قائلاً:
“هذا الرئيس لا يعرف الخطوط الحمراء. يمكنه التحدث مع الإيرانيين، ومع حماس، ويمكنه رفع العقوبات عن سوريا أو الضغط على فنزويلا. لا يمتثل لأي قواعد”.
وأكد أن إدارة ترامب كانت أكثر استعدادًا للضغط على نتنياهو مقارنة بإدارة بايدن، مشيرًا إلى اتصالات مباشرة وغير مباشرة بين ترامب وحركة حماس عبر تركيا وقطر، ولاحقًا عبر جاريد كوشنر وستيف ويتكوف.
لماذا تم توقيع اتفاق غزة الآن؟
كشف مالي أن الإرهاق الإسرائيلي من الحرب، وقرار نتنياهو الترشح مجددًا، إضافة إلى ضغوط قطر وتركيا على حركة حماس، كلها عوامل أدت إلى إنجاز الاتفاق.
وأشار إلى أن هجمات إسرائيل على حماس في قطر أثارت قلق دول الخليج، التي مارست ضغوطًا على ترامب لوقف التصعيد.
وأضاف أن ترامب “يريد كتابة اسمه في قائمة الرؤساء الذين أوقفوا الحروب… ويضع نُصب عينيه جائزة نوبل”.
خطة غزة: “وثيقة استسلام غير قابلة للهضم”
انتقد مالي خطة السلام قائلاً:
-
الخطة تتضمن انسحابًا جزئيًا وغير واضح لقوات الاحتلال.
-
تُلزم حماس بقبول وجود قوات إسرائيلية داخل غزة.
-
تفرض نزع سلاح المقاومة.
-
وتُنشئ مجلس سلام برئاسة ترامب وربما توني بلير.
وصف مالي الخطة بأنها “وثيقة استسلام فلسطيني” يصعب قبولها، لكنه أشار إلى أنها قد تكون مفيدة إذا حققت وقفًا لإطلاق النار وإدخال مساعدات وإطلاق أسرى.
المرحلة القادمة: صراع على التنفيذ
قال مالي إن ما بعد الهدنة سيظل “منطقة معتمة”، إذ لا حماس ولا إسرائيل متحمستان للخطة، وسيعتمد التنفيذ على الضغوط الدولية من دول الخليج وأوروبا والولايات المتحدة.
عملية السلام: سراب استمر 30 سنة
تحدث مالي عن تجربته الطويلة في ملف المفاوضات، معتبرًا أن اتفاقات أوسلو كانت “صفقة مخادعة” منذ البداية، وأن “عملية السلام” استُخدمت لــمنع الفلسطينيين من الضغط على الاحتلال بينما واصل الاستيطان التهام الأرض.
تحوّل جذري في الرأي العام الأميركي… لكن هل يستمر؟
يرى مالي أن هناك تحوّلًا “غير مسبوق” في الرأي العام الأميركي تجاه إسرائيل، مع رفض بعض النواب الدعم المالي لها، وصعود موجة انتقاد داخل الحزبين.
لكن لا تزال الأسئلة مفتوحة:
هل يستمر هذا التحوّل بعد الحرب؟
وهل يؤدي إلى تغيير سياسي داخل الولايات المتحدة؟

