المسار : تشهد محافظة طوباس والأغوار الشمالية منذ فجر الأربعاء اجتياحاً واسعاً من قوات الاحتلال الإسرائيلي، تتجاوز مبرراتها الأمنية المعلنة لتغطي على أهداف سياسية واستيطانية واقتصادية أوسع، وفق تحليلات كتاب ومحللين سياسيين فلسطينيين.

وأكد عوني المشني أن السياسات الإسرائيلية في الضفة الغربية تُدار ضمن منظومة واحدة لا يمكن الفصل فيها بين الأمن والسياسة، موضحاً أن ما يُطرح من “احتياجات أمنية” يُستخدم كغطاء لخطوات توسعية تهدف إلى التضييق على الفلسطينيين ودفعهم للهجرة. وأشار إلى أن استهداف القطاع الزراعي وعمليات منع قطف الزيتون تهدف إلى إضعاف الاقتصاد الفلسطيني وتهيئة الأرض للاستيلاء عليها.

من جهته، رأى محمد أبو علان دراغمة أن العملية العسكرية التي أطلق عليها الاحتلال اسم “الحجارة الخمسة” ليست أمنية بالأساس، بل تدريب للقوات داخل المناطق المأهولة بالسكان وتمهيد فعلي لضم الأغوار الشمالية، مع مصادرة الأراضي وشق طرق عازلة تحول مناطق واسعة إلى خارج متناول الفلسطينيين.

وأشار عدنان الصباح إلى أن الهدف الأوسع لهذه العمليات يتمثل في تنفيذ خريطة سموتريتش التي تسعى للسيطرة على نحو 82% من مساحة الضفة الغربية، وتحويل التجمعات الفلسطينية إلى جزر معزولة أو “غيتوهات” للحكم الذاتي، بما يضعف الوجود الفلسطيني.

بدوره، أوضح فايز عباس أن الاحتلال يسعى إلى تفكيك البنية التحتية الزراعية الفلسطينية، مستغلاً الأغوار الشمالية بوصفها “سلة الغذاء” للفلسطينيين، بينما يرى لبيب طه أن الهدف هو إخضاع السكان نفسياً واقتصادياً عبر تدمير آفاقهم السياسية والسيطرة على مواردهم.

وأكد نزار نزال أن العمليات تمثل خطوة مركزية في مسار سياسي وأيديولوجي إسرائيلي لإعادة رسم الضفة الغربية وفرض السيادة الإسرائيلية، وتوجيه رسائل سياسية داخلية لإرضاء التيار اليميني المتطرف، بينما يرى سليمان بشارات أن هذه الإجراءات تأتي ضمن ثلاثة سياقات متداخلة: أمني زائف، سياسي بامتياز، واستنزاف مقومات الصمود الفلسطيني.

ويجمع المحللون على أن ما يجري في طوباس والأغوار الشمالية ليس مجرد نشاط عسكري، بل جزء من خطة استراتيجية طويلة الأمد لإعادة رسم الواقع الميداني والسيطرة على الأرض الفلسطينية، تمهيداً لمشاريع ضم واستيطان أوسع، ضمن سياق يهدف إلى تقويض إمكانية قيام دولة فلسطينية مستقلة.