المسار: حذّر الحزب الشيوعي اللبناني في بيانٍ مطوّل من خطورة دخول لبنان في أي مفاوضات سياسية أو اقتصادية مباشرة مع إسرائيل في ظل اختلال موازين القوى، معتبرًا أن الخطوة قد تدفع البلاد نحو “منعطفٍ مصيريّ وتاريخيّ” يحمل مخاطر سياسية وأمنية كبيرة.
وجاء بيان الحزب تعليقًا على تكليف السفير السابق سيمون كرم رئاسة الوفد اللبناني إلى اجتماعات “لجنة الميكانيزم”، بالتوازي مع إعلان رئيس حكومة اسرائيل بنيامين نتنياهو إرسال ممثل رسمي للقاء مسؤولين لبنانيين بهدف بحث تعزيز التعاون الاقتصادي.
واعتبر الحزب أن هذا التزامن “ليس بريئًا”، وأنه يأتي في إطار محاولات لفرض تنازلات جديدة على لبنان بعد التجارب السابقة في ملف الترسيم البحري وتداعيات الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة.
وفي ما يلي النص الكامل لبيان الحزب الشيوعي اللبناني كما ورد:
“جاء تزامن موقف رئيس الجمهورية اللبنانية، بعد التنسيق والتشاور مع رئيس مجلس النواب، ورئيس الحكومة – بتكليف السفير السابق المحامي سيمون كرم، ترؤس الوفد اللبناني الى اجتماعات لجنة الميكانيزم – مع موقف رئيس حكومة العــدو نتنياهو بإرساله ممثلا للكيان الصهـيوني للاجتماع مع مسؤولين حكوميين واقتصاديين في لبنان بغرض ترسيخ أسس للعلاقات الاقتصادية والتعاون معه، الأمر الذي يضع لبنان امامَ منعطفٍ مصيري وتاريخي له أبعاده ودلالاته السياسية التي قد تنطوي على مخاطر عدة في غير اتجاه:
أولا: أن لا مصلحة للبنان بالدخول بمفاوضات سياسية واقتصادية مباشرة مع العــدو الصهـيوني في ظل اختلال موازين القوى لصالحه، إذ يشكل هذا الدخول خضوعا لتهديداته واستمرار اعتداءاته اليومية وتوسّع احتلاله وارتكابه المزيد من الجرائم، كما ينطوي على خطر تقديم التنازلات الإضافية بضغط أميركي مكشوف.
ثانيا: اننا امام عــدو لا يحترم أصلًا الاتفاقات ولا القرارات الدولية وهو يعتبرها مجرد منصة سياسية لمواصلة عـدوانه وتحقيق أهدافه فلا حدودَ لأطماعهِ التوسعيةِ من لبنان إلى سوريا إلى فلسـطين… وصولا الى الإقليم لفرض مشروع الشرق الأوسط الجديد والحاق لبنان في إطار اتفاقات التطبيع الابراهيمية.
ثالثا: إنها مفاوضات تأتي ضمن مسار محاولات العــدو لفرض المزيد من التنازلات على لبنان. فبعد مفاوضات الترسيم البحري وتجربة “كاريش” وقبلها التنازلات عن حقوق لبنان البحرية في المفاوضات مع قبرص وما حققه العـ.ـدو من تنازلات اضافية بفعل اتفاق 27 تشرين الثاني 2024، يحاول الآن استثمار اعتداءاته سياسيًّا بهدف توقيع اتفاقات اقتصادية وسياسية وأمنية. فطوال ما يزيد عن عام كامل على اعتداءاته: قـتلًا لأكثر من 400 مدني، وإيقاعًا لمئات الجـرحى، وتدميرًا لآلاف المنازل، ومنعًا للعودة والإعمار لأهلنا النازحين. يذهب لبنان اليوم إلى المفاوضات بلدًا مردوعًا فلا من يرد على اعتداءات العــدو ولا من يوقف هذا العـدوان بعد أن تم توقيع الاتفاق من قبل الدولة اللبنانية بموافقة حــزب الــله والتزامه ومعه سائر القوى الطائفية السلطوية الشريكة في نظام المحاصصة والفساد والإفقار.
رابعا : ان الحزب الشيوعي اللبناني يحمّل المسؤولية للقوى السياسية الطائفية التي تحكمت بمسار لبنان السياسي وأوصلته الى حالة الضعف والانهيار السياسي والاقتصادي والاجتماعي وفي مقدمتها تلك التي مارست تاريخيا سياسة قوة لبنان في ضعفه أو تلك التي أخضعت المـقاومة لسقف الميثاقية والمحاصصة والحفاظ على النظام السياسي الطائفي.
خامسا: يحذّر الحزب الشيوعي اللبناني من نتيجة ما قد تصل اليه المفاوضات من تقديم المزيد من التنازلات على حساب سيادة لبنان وحقوق شعبه كاملة، ويؤكد على وجوب وقف العدوان واطلاق الأسـرى وعودة الأهالي إلى قراهم والانسحاب الكامل لقوات الاحتـلال الصهـيوني حتى خط الهدنة من دون قيد أو شرط التزاما بالحدود المرسومة مع فلسيطين المحـتلة وفق الاتفاقية الدولية الموقّعة عام 1949.
سادسا: يوجّه الحزب الشيوعي اللبناني نداءه الى الشعب اللبناني والى قواه الوطنية والتقدمية والديمقراطية المقــاومة، بالدعوة إلى بناء البديل السياسي عبر رص الصفوف وتجاوز الفئويات والمصالح الضيقة و الانضواء في إطار أوسع جبـهة سياسية وطنية تحمل مشروعا للتحرر الوطني والاجتماعي، داعيا في الوقت عينه لإطلاق أوسع تحرك شعبي وسياسي داخليا وخارجيا من أجل الحؤول دون تقديم اية تنازلات على حساب لبنان وسيادته وحقوق شعبه”.

