تونس: لماذا لم تبلغ “الثورة المراهقة” سنّ الرشد؟

في مشهد يعود لزمن ما قبل الثورة، تجّول الرئيس التونسي، قيس سعيد، فجر الأربعاء، في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة، قبل أن يلتقي مع عدد قليل من أنصاره، تم جمعهم كيفما اتفق، للاحتفال بالعيد الخامس عشر للثورة التونسية.

ولم يقتصر هذا المشهد النوفمبري (نسبة لنظام بن علي) على “الاحتفال المبكر” لسعيد في شارع الثورة، بل انسحب أيضا على كرنفال احتفالي نظمته التنسيقيات المؤيدة له وانخرط فيه عدد كبير من نواب البرلمان، وشارك فيه بضعة آلاف تم جلب أغلبهم من ولايات أخرى بالتعاون مع المجالس المحلية، وفق صور تم تداولها على مواقع التواصل.

 كما ردد المشاركون شعارات تمجد سعيد وتدعو لبقائه في الحكم، وهو ما اعتبره البعض “انتاكسة” لثورة طالبت بالحرية والعدالة والكرامة الوطنية، لكنها ما زالت تتخبط في “سن المراهقة”، وخاصة في ظل “انعدام الخبرة” لمن يتحكمون بمفاصل البلاد.

وكتب الباحث والناشط السياسي سامي براهم: “السّخرية من المواطنين الذين تجمّعوا في المسيرة المساندة للمسار، سلوك غير أخلاقي، لا لصواب ما تجمّعوا من أجله، بل لأنّهم ضحايا النّخب السّياسيّة والمدنيّة التي خرّبت المسار الدّيمقراطيّ وأفرغته من مضامينه وعطّلت كلّ إمكانات تفعيل زخمه السّياسي في المجال التنمويّ والاجتماعي”.

وأضاف: “مشهد الرّجل المسنّ الذي يتمرّغ في الشّارع وهو يردّد “اليوم عرسك يا تونس خذيتي راجل” مشهد محزن حدّ البكاء. ما زالت مفردات السّياسيّة في شرقنا محكومة بمعجم الفحولة، ومازالت شعوبنا تنتظر المنقذ مبعوث العناية الإلهية”.

وطالب وسام الصغير، الناطق باسم الحزب الجمهوري السلطات بالكشف عن الأموال التي تم إنفاقها على إحياء الذكرى 15 للثورة التونسية.

فيما نقل الوزير السابق محمد عبو عن مصادر موثوقة معطيات حول المسيرة، تتحدث عن قيام حوالي 170 حافلة بنقل المشاركين إلى شارع الحبيب بورقيبة، مشيرا إلى أن عددهم متقارب مع عدد المشاركين في مظاهرات المعارضة.

وعلق بالقول: “مرة أخرى، انتهى شعار لا عودة إلى الوراء. من أجل سلطة زائلة، تم الرجوع إلى سلبيات الوراء وتدمير ممنهج لإيجابياته ومكتسباته”.

ودعا وزارة الشباب والرياضة إلى تقديم توضيح حول وجود حافلة تابعة لها في مظاهرة سياسية، وخاصة أنه “سبق للرئيس قيس سعيد أن ندد بموظف دولة استعمل سيارة إدارية وضعت على ذمته للاستعمال الشخصي لحضور اجتماع حزبي، وعرضه لعقوبة، رغم قانونية استعمالها الشخصي وحق الموظف في الانتماء لأي حزب”.

وأضاف: “على شركات النقل الجهوية  نشر معطيات موثقة عن وصولات كراء الحافلات إذا ثبت أن كراء الحافلات العمومية تم طبق التراتيب -وهذا ما نتمناه- فينبغي على الجهة المنظمة أن تنشر للرأي العام مصادر التمويل وقائمة النفقات ومصاريف كراء الحافلات التابعة للقطاع العام والخاص”.

Share This Article