خارجية مصر: فلسطين والسودان ولبنان في قلب سياستنا الخارجية لعام 2025

المسار : مصر تواصل خلال 2025 لعب دور فاعل في المحيط العربي، بما يعكس مكانة مصر كركيزة للاستقرار الإقليمي وارتباطها الحيوي بقضايا الأمة العربية، ودعم مسارات التعاون والتكامل والتنمية في ظل بيئة إقليمية معقدة.

أفادت وزارة الخارجية المصرية، في بيان اليوم الثلاثاء، بأن “مصر واصلت خلال عام 2025 اضطلاعها بدور فاعل ومسؤول في داخل محيطها العربي، بما يعكس مكانة مصر كركيزة للاستقرار الإقليمي وارتباطها الحيوي بقضايا الأمة العربية، ودعم مسارات التعاون والتكامل والتنمية، وصون الأمن القومي العربي في ظل بيئة إقليمية شديدة التعقيد، في إطار توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي، وانطلاقًا من الثوابت الحاكمة للسياسة الخارجية المصرية”.

تحركات سياسية ودبلوماسية مكثفة

وجاءت القضية الفلسطينية في صدارة أولويات التحرك المصري خلال عام 2025، حيث واصلت مصر الاضطلاع بدور محوري في إدارة وتعزيز مسارات العمل السياسي والإنساني المرتبطة بالأزمة في قطاع غزة، استناداً إلى رؤية متكاملة تقوم على الحفاظ على الحقوق الفلسطينية المشروعة، والتشديد على وحدة الأراضي الفلسطينية، ورفض أي محاولات للتهجير أو تصفية القضية.

وفي هذا الإطار، استضافت مصر القمة العربية الطارئة في آذار/مارس 2025، والتي أسفرت عن توافق عربي داعم للموقف الفلسطيني واعتماد الخطة العربية الإسلامية لإعادة إعمار قطاع غزة، كما شكّل مؤتمر شرم الشيخ للسلام في تشرين الأول/أكتوبر 2025 محطة مفصلية في وقف العدوان واحتواء تداعياته، وذلك عن طريق إقرار وقف إطلاق النار عقب جهود الوساطة المضنية التي قامت بها مصر طول فترة الحرب.

كما اضطلعت مصر بجهود موسعة مع الأطراف الإقليمية والدولية لتيسير نفاذ كميات ضخمة من المساعدات الإنسانية إلى القطاع علي مدار العام. كما واصلت مصر أيضاً تحركاتها السياسية والدبلوماسية المكثفة دعمًا للقضية الفلسطينية، وذلك عن طريق مشاركتها الفاعلة في اجتماعات التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين، فضلاً عن إسهام جهودها الحثيثة في حشد التأييد الدولي لإقامة الدولة الفلسطينية، وهو ما أسفر عن إعلان عدد من الدول المؤثرة اعترافها بالدولة الفلسطينية على مدار العام.

أزمة السودان

وبحسب الخارجية المصرية، فإن مصر واصلت جهودها المكثفة، اتصالًا بالأزمة في السودان، لدعم وحدة السودان وسيادته واستقراره، حيث شهد عام 2025 زيارتين للفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني، إلى القاهرة، فضلاً عن انعقاد اجتماعات اللجان المشتركة وفي مقدمتها لجنة التشاور السياسي بين وزارتي خارجية البلدين، وعقد مشاورات ثنائية موسعة في صيغة 2+2 بين وزيري الخارجية والري للتنسيق حول مجمل العلاقات الثنائية وقضايا مياه النيل، بالإضافة إلى استمرار التنسيق في إطار الرباعية الدولية المعنية بالسودان للتوصل إلى حل سياسي شامل للصراع في السودان.

أما على الصعيد الإنساني، فقد تم إيفاد قافلة طبية، فضلاً عن إرسال شحنة من الأدوية والمستلزمات الطبية إلى الولاية الشمالية.

ليبيا

وفي الإطار ذاته، واصلت مصر انخراطها النشط في التعامل مع الأزمات العربية الممتدة، حيث دعمت الحلول السياسية القائمة على الملكية الوطنية في ليبيا، من خلال التنسيق الوثيق مع دول الجوار، ولا سيما عبر إعادة تفعيل الآلية الثلاثية مع الجزائر وتونس، بما يهدف إلى توحيد المؤسسات الليبية، وخروج جميع القوات الأجنبية والمقاتلين الأجانب والمرتزقة، وتهيئة المناخ لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بشكل متزامن.

وحققت الجهود المصرية خلال عام 2025 نتائج ملموسة في ليبيا في الشق القنصلي، حيث نجحت وزارة الخارجية في استعادة 131مواطناً مصرياً من أحد مراكز الاحتجاز، إلى جانب إعادة أكثر من 1132 مواطناً من المنطقة الغربية، وأكثر من 1500 مواطن من المنطقة الشرقية، وذلك في إطار متابعة مستمرة لأوضاع المواطنين المصريين وضمان عودتهم الآمنة إلى أرض الوطن.

دعم أمن واستقرار لبنان

كما واصلت مصر كذلك تحركاتها الدبلوماسية النشطة دعما لأمن واستقرار الدولة اللبنانية وصون سيادتها ووحدة أراضيها، انطلاقاً من قناعتها بأن استقرار لبنان يمثل ركيزة أساسية لاستقرار المنطقة، حيث شهد عام 2025 تبادلاً للزيارات رفيعة المستوى بين الجانبين المصري واللبناني، بما عكس حرص القاهرة وبيروت على تعزيز قنوات التواصل المباشر، ودعم التنسيق السياسي إزاء مختلف القضايا الثنائية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك.

وقد شملت الجهود المصرية تكثيف الاتصالات رفيعة المستوى مع مختلف الأطراف اللبنانية والإقليمية والدولية، والدفع نحو تجنيب لبنان مخاطر الانزلاق إلى دوامات التصعيد، مع التأكيد على دعم مؤسسات الدولة اللبنانية، واحترام سيادة لبنان وقراراته الوطنية.

كما حرصت مصر على تقديم الدعم اللازم في المحافل العربية والدولية، بما يسهم في تعزيز قدرة الدولة اللبنانية على تجاوز المرحلة الدقيقة الراهنة والحفاظ على الاستقرار.

رؤية عربية مشتركة

وعلى صعيد الأمن الإقليمي العربي، كان لمصر دور فاعل في الدفع نحو بلورة رؤية عربية مشتركة للأمن والتعاون في المنطقة، تُوجت باعتماد مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري قرار “الرؤية المشتركة للأمن والتعاون في المنطقة”، الذي جسد توافقاً عربياً على مبادئ حاكمة تقوم على احترام سيادة الدول ووحدة أراضيها، ورفض التدخلات الخارجية، وتسوية النزاعات بالطرق السلمية، وإنهاء الاحتلال باعتباره مدخلاً أساسياً لتحقيق سلام عادل ومستدام.

كما حرصت مصر على تفعيل آليات التشاور السياسي، من خلال انتظام دورات لجان المتابعة والمشاورات السياسية على مختلف المستويات، بما ضمن تنسيقاً استراتيجياً مستمراً للمواقف تجاه التحديات المشتركة. وأسفرت هذه الآليات عن توقيع أكثر من 100 وثيقة تعاون في مجالات متنوعة، شملت الاقتصاد والتجارة والاستثمار والطاقة والنقل والتعليم والثقافة، إلى جانب عقد منتديات أعمال ومجالس رجال أعمال مشتركة دعمت مسار الشراكات الاقتصادية العربية.

ويعكس حصاد عام 2025 في مجمله نهجاً مصرياً ثابتاً يقوم على الدبلوماسية النشطة، والعمل التراكمي، والالتزام بالشرعية الدولية، ودعم مؤسسات الدول الوطنية، وتعزيز العمل العربي المشترك، بما يرسخ دور مصر كشريك رئيسي في صياغة مقاربات واقعية ومسؤولة للتحديات الإقليمية، ويؤسس لمرحلة أكثر استقراراً وتعاوناً في المحيط العربي خلال السنوات المقبلة.

Share This Article