نشرت صحيفة “أوبزيرفر” تقريرا أعدته روث مايكلصن، قالت فيه إن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي سيفوز بالانتخابات مرة أخرى، إلا أن عقول المصريين معلقة بما يحدث في غزة. وأضافت أنه لا توجد فرصة لانتخابات حرة، إلا أن نقطة ضعف السيسي هي غزة، والتي ظهرت في وقت تعاني مصر من الفقر والفساد والتضخم.
وقالت الكاتبة إن المصريين لاحظوا أن الانتخابات باتت قريبة من خلال ملصقات السيسي التي انتشرت في كل مساحة موجودة على الجدار، أو اللوحات الإعلانية في كل مكان من البلد. والصورة هي نفسها التي تُظهر السيسي وهو يحدق في الأفق بابتسامة متصلبة، ومنتشرة بدرجة دفعت المواطنين للبحث عن آخر مكان حر متوفر لديهم، وهو منصات التواصل الاجتماعي. وانتشرت صورة على المنصات تظهر بطلي فيلم “تايتنك” جاك وروز وهما يجلسان على سطح السفينة وتحيط بهما صور السيسي.
لا توجد فرصة لانتخابات حرة، إلا أن نقطة ضعف السيسي هي غزة، التي ظهرت في وقت تعاني مصر من الفقر والفساد والتضخم
وظهر نكتة أخرى عن امرأة حامل مرّت في طريقها للعمل بعدد كبير من الصور، لدرجة أن مولودها الجديد خرج من رحمها نسخة طبقة الأصل من السيسي.
وبعد سيطرته على السلطة في 2013، فاز السيسي بجولتين انتخابيتين، وبنسبة 97% من الأصوات. وكانت الجولة الأخيرة ضد مرشح عبّر وبشكل مفتوح عن دعمه للسيسي!
وفي تكرار لنفس السيناريو، مُنع المرشحون الذين يمثلون تهديدا حقيقيا للسيسي من المشاركة في الانتخابات. وقال محمد لطفي، من المفوضية اللجنة المصرية للحقوق والحريات: “لا يبدو أن هناك انتخابات تجري، كل العقول تركز على ما يحدث في غزة”، مضيفا: “لا أمل في أن تأتي الانتخابات هذه بأي شيء جديد سوى تفويض جديد للرئيس، وهناك نوع من القبول، ويعرف الجميع أن المرشحين الآخرين لا يشاركون للفوز، ولكن للحصول على منافع سياسية في المستقبل”.
وقال محمد أنور السادات، ابن أخ الرئيس السابق أنور السادات، ضاحكا: “لقد انتهت الانتخابات منذ وقت”. وكان السادات عضوا في مجلس الشعب قبل طرده، وأدار حملة انتخابية قصيرة في 2018، وعمل كمفاوض للإفراج عن آلاف السجناء في السجون المصرية. وأضاف: “كل ما في الأمر هو عن المشاركة وما سيحصل عليه السيسي، هذه هي الانتخابات، وغير ذلك فقد انتهت، حسب وجهة نظري، أكيد هناك ثلاثة مرشحين آخرين، وهم موجودون لجعل الصور أحسن، وهم ليسوا منافسين حقيقيين”.
وطالما زعم السيسي أن حكم المعارضة لمصر، سيؤدي لانهيار البلد، في وقت وعد ببناء مشاريع عملاقة وبراقة مثل تفريعة جديدة لقناة السويس، وعاصمة إدارية خارج القاهرة كطريق لتحقيق الازدهار، لكن الحقيقة كانت قاسية بالنسبة له، فثلث السكان فقراء بحسب تقديرات الدولة، وتجاوز التضخم هذا العام نسبة 40%، وتعتبر أعلى بالنسبة للمواد الغذائية.
طالما زعم السيسي أن حكم المعارضة لمصر، سيؤدي لانهيار البلد، لكن الحقيقة كانت قاسية بالنسبة له، فثلث السكان فقراء، وتجاوز التضخم هذا العام نسبة 40%
وقال السيسي في خطاب ألقاه في تشرين الأول/ أكتوبر، إن على المصريين عدم التجرؤ والقول إنهم سيأكلون، بدلا من البناء والتقدم: “لو كان ثمن تقدم الأمة وازدهارها الجوع والعطش، مناكلش وما نشربش”. وجمع السيسي في حكمه بين سياسات تقشف قاسية للشعب، ونفقات سخية داخل نظام يمارس فيه السلطة مع مجموعة من المقربين، خاصة مدير المخابرات عباس كامل الذي شارك في مفاوضات الإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين لدى حماس، ونجله محمود السيسي الذي يشغل منصبا بارزا في الأمن.
وفي خارج أروقة السلطة، قضى السيسي عشرة أعوام من حكمه وهو يطهر المجتمع من أي شخص أو مؤسسة يمثل ولو تهديدا بسيطا له، وسجن المعارضة السياسة وأفراد المجتمع المدني والصحافيين والناس العاديين، وأشرف على بناء دولة بوليسية هائلة.
وقال تيموثي كالاداس من معهد التحرير في واشنطن، والخبير بالشؤون السياسية الاقتصادية المصرية: “عندما تنظر لما وصلت إليه مصر الآن، بعد 10 أعوام من حكم السيسي، فمن الصعب فهم لماذا يفكر أحد في مصر، بمن فيهم السيسي، أن البلاد ستكون في وضع أحسن لو حكم لستة أعوام أخرى”. وأضاف: “أصبح المزيد من المصريين أكثر فقرا مما كانوا عليه عندما تولى السيسي السلطة، وتضاعف الدين الخارجي أربع مرات، ويستهلك دفع الديون معظم موارد الضريبة تقريبا، وإذا كان هذا الضرر الذي أحدثه السيسي في 10 أعوام، فكم من الدمار سيحدث في الست سنوات المقبلة؟”.
وأضاف كالداس أن هناك توقعات بقيام الدولة بإدارة حملة شراء أصوات لتكرار ما فعلته في السنوات الماضية، عندما نُقل أبناء الطبقة العاملة في حافلات ودُفع لهم رزم طعام مقابل التصويت. وقال: “جزء من الأسباب التي يمكن من خلالها شراء الأصوات بسهولة، أن معظم السكان في حالة يائسة.. تعطي الناس عددا من الدولارات مقابل صندوق طعام، وسيصوتون، أو يقوم موظف مرتبط بالنظام بإجبار العاملين معه على التصويت، وهذه كمية كبيرة من المشاركين”.
ولأنه لا يوجد منظور لانتخابات حرة ونزيهة، فكل اهتمام المصريين مركز على الهجوم الإسرائيلي ضد غزة، القريبة من الحدود مع سيناء، والتي ظلت مغلقة وسط علاقات دافئة غير مسبوقة مع إسرائيل، بما في ذلك لقاءات علنية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو.
وتجاوز السيسي الحظر على التجمعات العامة وخصص يوما وأماكن للاحتجاج ضد الحرب لإدارة غضب السكان في مصر، ولكن الخطة ارتدت عكسا عليه عندما حاول المحتجون الزحف نحو ميدان التحرير في القاهرة، وهو مكان ثورة 2011 التي أطاحت بحسني مبارك.
لأنه لا يوجد منظور لانتخابات حرة ونزيهة، فكل اهتمام المصريين مركز على الهجوم الإسرائيلي ضد غزة القريبة من الحدود مع سيناء
وتابعت المفوضية المصرية للحقوق والحريات عمليات اعتقال المتظاهرين واحتجاز 115 منهم في القاهرة والإسكندرية. ويواجه 67 منهم تهما تتراوح بين خرق قوانين الاحتجاج إلى الإرهاب.
وقال لطفي من المفوضية: “لا يريدون أن يحدث هذا الوضع مرة أخرى. وكان هذا سبب رفض الأمن منح الضوء الأخضر لقافلة دولية من الناشطين الذين كانوا يأملون بالوصول إلى معبر رفح”.
وتعلق الصحيفة أن الدور الذي لعبته مصر بتحرير المحتجزين الإسرائيليين وتقديم نوع من النفوذ الدولي، إلا أن عدم قدرة السيسي على إظهار قوة في غزة قد يكشف عن هشاشة حكمه في الداخل. وقال لطفي: “هذا سيف ذو حدين للحكومة، فهي تريد خفض التوتر لأنه يعني توترا في الداخل وإحباطا لأن الدولة غير قادرة على عمل المزيد أكثر مما تقوم بعمله الآن. وكلما زاد القصف كلما زاد غضب الناس، وعلى الحكومة العاجزة عن إجبار إسرائيل على فتح حدودها، فعل المزيد والسماح بمرور المزيد من المساعدات إلى قطاع غزة. وهم بحاجة لإظهار أن لديهم سلطة من ناحية فرض وقف إطلاق النار ومنع تشريد الفلسطينيين إلى سيناء، ولو فشلوا، فالسؤال سيكون: كيف يفشلون ويمنعوننا من التعبير عن غضبنا من خلال الاحتجاجات؟”.