مقالات

شرعية فلسطينية»… حتى لا يتورط الأردن

يتخوّف المعنيون والمختصون الأردنيون من «ترتيب ما» للملف الفلسطيني تتمحور فكرته مجددا حول «مجاملة محاولات أمريكية وغربية» لحرمان «فصائل المقاومة» الفلسطينية من أي «مكسب سياسي» بعد الصمود البطولي والتضحيات الأسطورية.

مجددا يحذر هؤلاء المختصون الحكومة الأردنية بشدة من التورط بأي سيناريو يحاول «إنزال إسرائيل» فقط عن الشجرة. لا مصلحة لنا كأردنيين بذلك.

وفي ظل صراحة شخصيات محسوبة على القرار لابد من التذكير بأن الأردن ينبغي ويتوجب أن يجلس على الطاولة التي تناقش المستقبل الفلسطيني بقوة وحزم متزنرا بقوة ثوابته وتراثه الأخلاقي وحزمة مصالحه الأساسية بدون تضليل وخداع هذه المرة.

كما أنه مهم جدا الانتباه إلى أن «كيانية فلسطينية قوية وشرعية ومتجددة» في المرحلة اللاحقة تعني أو «ستعني لاحقا» إظهار «احترام أكثر وأكبر» بعد الآن لـ «مصالح وثوابت الأردن».

فكرة «السلام والمفاوضات» داسها «يمين إسرائيل الحاكم» بدباباته وأحذيته مؤخرا وبكل الطرق. لذلك مهم الانتباه من «زاوية المصالح الأردنية» إلى ثلاثية الأوصاف «قوية وشرعية ومتجددة».

باختصار: «كيان فلسطيني قوي» بمعنى «صلب ومتمكن» ولديه «قدرة على عدم التأثر بنتائج الانتخابات الإسرائيلية» هو فقط ما ومن «يعبر عن مصلحة الأردن» الأساسية وحصريا في «دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة…إلخ».

ومظاهر «القوة» لن تخترع هنا ومعروفة عندما يتعلق الأمر بـ«الكيانات والدول». وأهمها فلسطينيا «إظهار قدر من الاحترام لخيارات الشعب الفلسطيني الانتخابية – حقه في تقرير مصيره – وحقوقه في نشاطه الاقتصادي لتعزيز الواردات – وإدارة نزيهة شفافة – ومنظومة أمنية «مستقلة» مهمتها «لا تنحصر» في التنسيق مع الاحتلال بل الجزء الأهم في واجباتها «حماية المواطن».

يمكن هنا أن يستثمر الأردن في إعادة تفكيك مسألة التنسيق الأمني بمعنى «استعادة هيبة المؤسسات الأمنية الفلسطينية» وانتشالها من «مستنقع الاتهامات السابقة» عبر:

أولا: التركيز على التأهيل والتدريب والاحتراف التقني، هنا يمكن للأردن الموثوق لعب دور كبير.

ثانيا: عبر إعادة إنتاج مفهوم «التنسيق الأمني» بحيث «يعمل في اتجاهين» على الأقل بعد الآن هما «حماية أي اتفاق مع الكيان» وفي الوقت ذاته «حماية المواطن الفلسطيني من اعتداءات الكيان» وقطعان المستوطنين.

ثالثا: للتخلص من التأثير السيكولوجي العميق لـ «التنسيق الأمني» يمكن للأردن أن «يدعم أو يقترح» تشكيل «جهاز رقابة أمني « بصيغة مستقلة يتولى وظيفة التنسيق بين المؤسسات الأمنية في الطرفين ضمن آلية مبتكرة بحيث يعزل «الأمني الفلسطيني» مستقبلا عن «السمعة السيئة» إلى أن يتكرس السلام وتعلن دولة فلسطين.

هوامش الخطأ في الحسابات «ستقل جدا» إذا أدرك السياسي الأردني بأن «المنظمة والمقاومة» فكرتان مستقرتان في وجدان الشعب الفلسطيني

في مسألة «شرعية الكيان الفلسطيني» على صانع القرار الأردني أن يلاحظ هنا بأن «الشرعية بنمطها القديم» قادت إلى «انتفاضة وتمرد» حتى الآن خلافا لأنها قادت بالمحصلة إلى «7 أكتوبر» بكل حال ولا تقدم أي شيء لملف القدس وفوق ذلك قد تؤدي إلى انتفاضة ثالثة قريبا في الضفة الغربية.

يعني ذلك أن «الشكل القديم» لتلك الشرعية «لم يعد صالحها» خلافا لأنه من الصعب إن لم يكن «من المستحيل» توقع تحقيق «أهداف أردنية أو غير أردنية» بنفس «طرق وأدوات الماضي».

وعليه ينبغي لأي تفكير أردني أن «لا يخاف أو يتوجس» بعد الآن من عبارة «تجديد الشرعية» لا بل «يناقشها» وتلك عبارة أصبحت اليوم حقا بـ«تراكم» غير مسبوق في أوساط الشعب الفلسطيني وساهمت معركة الطوفان طبعا بذلك باحتراف مؤخرا.

وعليه سيبقى «أي جهد أردني» منقوصا ويمكن «اتهامه» من قاعدة فلسطينية عريضة إذا أصر فقط على منهج «تجديد أو إصلاح السلطة الفلسطينية» وتجاهل عبارة «تجديد الشرعية الفلسطينية» حيث مقولة هي الأكثر ترديدا الآن. وحيث مسألة «إصلاح السلطة» تنافسها وبقوة لا يستهان بها اليوم عبارة «تجديد الشرعية»… من المفيد جدا للمصالح الأردنية «معرفة ذلك» أو و«العمل بما تيسر منه» خلال النقاشات لأن السلطة «استهلكت واستنفدت» وسمعتها وسط جمهورها متراجعة للغاية.

وليس من مصلحة أي حراك أردني أن «يتلوث» بتجاهل صوت أغلبية تطالب بـ «تجديد الشرعية» لتحقيق هدف غير مضمون لا إسرائيليا ولا أمريكيا هو «إصلاح سلطة مستنفدة» ويمكن دوما الموازنة بين الخيارين لأن عمّان ينبغي ان لا تترك الأولى تماما من أجل التركيز على الثانية.

وليس سرا هنا أن مفردتي «شرعية متجددة» تقودان في الذهن الجمعي الشعبي فورا إلى «منظمة التحرير» وليس إلى «السلطة» فالمنظمة ورغم ضعفها الحالي لا تزال تمثل شوق وحنين وتوق «الفلسطيني» وينظر لها بإجماع واحترام.

ومن غير المعقول ولا المنطقي أن تستمر أي حركة أردنية في «هندسة الوضع الداخلي الفلسطيني» بموقفها الحالي الذي لا يرغب حتى بذكر «المنظمة».

عمّان يتوجب عليها أن تظهر في النشاط قدرا أكبر من «الاحترام» لتاريخ المنظمة في وجدان الفلسطينيين.

هوامش الخطأ في الحسابات «ستقل جدا» إذا أدرك السياسي الأردني بأن «المنظمة والمقاومة» فكرتان مستقرتان في وجدان الشعب الفلسطيني.

ويمكن دوما من باب «تسييس التداخلات» التسلل بمفهوم «إصلاح

السلطة» كجهاز يعبر عن «خيارات المنظمة» بمعنى أن تراثيات ومؤسسات المنظمة تقبلت فكرة «السلطة ووظيفتها» وأن إصلاح السلطة يمكن أن يعرض كوسيلة لإعادة تقدير «المنظمة وتاريخها».

بسام بدارين

إعلامي أردني