اكاديميون مغاربة: قرارات العدل الدولية إنتصار للشعب الفلسطيني

خلُص خبراء في القانون الدولي إلى أن القرار الأولي لمحكمة العدل الدولية القاضي بإلزام الكيان الصهيوني باتخاذ تدابير احترازية مؤقتة فيما يتعلق بحرب الإبادة التي يَشُنُّها على الشعب الفلسطيني، انتصار معنوي للشعب الفلسطيني، وأن الباب سيفتح أمام أحكام مهمة ضد الاحتلال الإسرائيلي.

وقال سعيد الصديقي، أستاذ العلاقات الدولية بكلية الحقوق في مدينة فاس، إن انتهاكات «إسرائيل» للقانون الدولي لا تُعد ولا تحصى، وبل وحتى نشأتها كانت انتهاكاً صارخاً للمُسلَّمات القانونية، «فوعد «بلفور» كان انتهاكاً لمسلمات وروح القوانين، ومنذ نشأة «إسرائيل» لم يتم احترام قرارات للأمم المتحدة بما فيها الجمعية العامة وهيئة الأمن»، وفق تعبيره.

وأبرز الأستاذ الجامعي، خلال ندوة حول «الحرب على غزة في ظل القانون الدولي والمواثيق الأممية»، نظمتها اللجنة الحقوقية لـ «حركة التوحيد والإصلاح» في مقر «نادي المحامين» في العاصمة الرباط، أن ما تقوم «إسرائيل» فظيع وغير مسبوق، حيث تعمل على تدمير بناية سكنية يقطنها مئات الأشخاص فقط لشبهة وجود مقاتل في الجوار. كما قد تدمر حياً بأكمله بسبب شبهة وجود نفق تحته.

واعتبر الأكاديمي المغربي أن القرار الصادر عن محكمة العدل الدولية ضد الاحتلال الإسرائيلي يمكن أن يفتح الباب أمام أحكام مهمة، مؤكداً على أهمية المسار القانوني للقضية الفلسطينية، على اعتبار كونه جبهة من جَبهات الدفاع عن القضية الفلسطينية.

ولم يستبعد الصديقي صدور أحكام لاحِقة مهمة ضد الاحتلال الإسرائيلي، في حال تمتَّع المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بالجرأة اللازمة.

وعدّد المتحدث مبادئ القانون الدولي الإنساني خلال الحروب، عبر التمييز بين المدنيين والمقاتلين، وبين البنايات والمنشآت المدنية والعسكرية، وعدم استهداف المدنيين والصحافيين والبنية التحتية، لافتاً إلى أن الاحتلال الإسرائيلي، وعلى عكس كل القوانين، يقوم بتدمير شامل ودون أي تمييز. وهي الانتهاكات، التي «تدخل في إطار جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية» يقول الصديقي.

من جانبه، اعتبر فؤاد بكر، وهو مستشار قانوني بالمحكمة الجنائية الدولية، القرار الأولي لمحكمة العدل الدولية بكونه «انتصاراً»، بسبب أن المحكمة قبلت بداية الدعوى المقامة من دولة جنوب إفريقيا، وأدرَجَتها ضمن اختصاصها، واعتبرت الشعب الفلسطيني الشعب الأصلي وهي نقطة جوهرية في الموضوع.

وانتقد المشارك في الندوة عبر تقنية «زووم»، عدم إلزام محكمة العدل الدولية «إسرائيل» بوقف إطلاق النار، على عكس ما قضت به في «مينامار» والحرب في أوكرانيا، وأخذها بثماني توصيات أخرى. مشيراً إلى أن المدعي العام بات ملزماً أن يفتح تحقيقاً واضحاً ضد قيادات «إسرائيل» وبمن يرتكب الإبادة الجماعية.

وقال بكر إنها المرة الأولى التي يلتزم فيها الاحتلال الإسرائيلي بقبول المثول أمام محكمة دولية، معتبراً أن الدول التي قَطعت الإمدادات الغذائية والمساعدات عن الشعب الفلسطيني، مساهمة بطريقة غير مباشرة، في فرض حياة صعبة ومأساوية على الشعب الفلسطيني.

من جهته، قال عبد العالي حامي الدين، أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري في جامعة محمد الخامس في الرباط، إن القرار الأولي الصادر عن محكمة العدل الدولية، بخصوص الحرب على غزة، «من أهم قرارات هذه المحكمة»، واصفاً إياه بـ «الانتصار المعنوي الكبير للشعب الفلسطيني في معركته الطويلة».

واعتبر حامي الدين أن الدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد الاحتلال الإسرائيلي كشفت الوجه الحقيقي للاحتلال أمام الرأي العام الدولي، وكونه أبعد ما يكون عن احترام القانون الدولي الإنساني والاتفاقيات التي وقعها ومنها اتفاقية منع الإبادة الجماعية.

وأوضح الأستاذ الجامعي أن محكمة العدل الدولية جهاز من أجهزة الأمم المتحدة وأن قراراتها مُلزمة رغم غياب آليات التنفيذ، وتابع: «بالرغم من عدم وجود أدوات لإيقاع الجزاءات والإجراءات إلا أن لمجلس الأمن الدولي دوراً في تفعيل قراراتها».

وشدد حامي الدين خلال ندوة «الحرب على غزة في ظل القانون الدولي والمواثيق الأممية»، نظمتها اللجنة الحقوقية لحركة التوحيد والإصلاح، على أن حرب الإبادة الجماعية تهدف إلى تهجير سكان قطاع غزة. وقال المتحدث: «نحن في منعطف تاريخي يسائلنا ويسائل القانون الدولي الإنساني»، مستعرضاً أهميته في خدمة القضية الفلسطينية.