“بلومبرغ”: على الولايات المتحدة الخروج من الشرق الأوسط قريباً

رأت وكالة “بلومبرغ” الأميركية أنّ على الولايات المتحدة الخروج من الشرق الأوسط قريباً، بمجرد انتهاء الحرب على غزة، “حتى تتمكن من المحافظة على النظام في أوروبا وآسيا”.

وأضافت الوكالة أن نحو 46 ألف جندي أميركي متمركزين في 11 دولة في جميع أنحاء الشرق الأوسط، مع كل المعدات والدعم المصاحب لهم، مُشيرةً إلى أنّ هذه القوة غير متوافرة في أي مكانٍ آخر، سواء في أوروبا أو شرقي آسيا، حيث “يحتاج ألد أعداء أميركا إلى الردع، وأقرب حلفائها إلى الطمأنينة”.

وخلصت الوكالة إلى أنّ أحد أكبر الأسئلة الاستراتيجية للرئيس الأميركي، جو بايدن، أو حتى لدونالد ترامب، إذا فاز في انتخابات الرئاسة في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، هو بشأن “ما إذا كان يجب المحافظة على هذا الوجود الأميركي الضخم، أو سحبه”.

وأشارت إلى أن فكرة كون الخروج الأميركي سيخلق فراغاً تتدخل فيه موسكو أو بكين، تمثّل أيضاً فكرةً مبالغاً فيها، مؤكدةً أن روسيا “قد تتدخل في سوريا وأفريقيا وأماكن أخرى، لكنّها تحاول بصورة أساسية بسط قوتها في أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى والقطب الشمالي”، في حين أنّ الصين تتطلع إلى مضيق تايوان وبحر الصين الشرقي وبحر الصين الجنوبي، بصورة أساسية.

وبحسب الوكالة، فإن السلبيات الاستراتيجية للوجود الأميركي أصبحت أكثر وضوحاً، ناقلةً عن كيلي جريكو، من مركز “ستيمسون” الأميركي، أنّ الأميركيين في الشرق الأوسط، بدلاً من “ردع إيران وحلفائها”، فإنّهم يعملون بمثابة استفزازات وأهداف، الأمر الذي يؤدي إلى تغذية معاداة أميركا.

ورأت أنّ حاجة الولايات المتحدة المتكررة إلى الانتقام من هجمات منخفضة المستوى “تزيد في خطر التصعيد غير المقصود، والذي قد يدفعها إلى حربٍ كبرى لا تحتاج إليها هي أو العالم”.

وختمت “بلومبرغ” بأنّ خلاصة المناقشة الدائرة بشأن الوجود الأميركي في الشرق الأوسط هي تكلفة الفرصة البديلة، طارحةً مثالاً مفاده أنّ “الجندي الأميركي الذي يحرس البرج رقم 22 في الصحراء الأردنية، لا يستطيع أن يراقب في الوقت نفسه حدود حلف شمال الأطلسي في إستونيا، أو المنطقة منزوعة السلاح في شبه الجزيرة الكورية، أو المياه الضحلة في الفلبين في بحر الصين الجنوبي”.

وضمن إطار التهكم، لفتت المجلة إلى أنّ “كابتن أميركا (شخصية سينمائية أميركية خيالية) يمتلك درعاً كبيرة، لكن تأثيرها ليس عالمياً”، متحدثةً عن أنّه من أجل الاستمرار في السيطرة على أوروبا وشرقي آسيا، على واشنطن الانسحاب من الشرق الأوسط.

وتتواصل المواقف الداعية إلى سحب الولايات المتحدة الأميركية قواتها من المنطقة في الإعلام الأميركي، بحيث كانت مجلة “ناشونال إنترست” الأميركية ذكّرت، في مقالةٍ نشرتها مطلع العام الحالي بعنوان “يجب على جو بايدن التوقّف عن معاملة الجنود الأميركيين كأهداف”، بأنّ الهجمات على القواعد الأميركية في العراق وسوريا بقذائف الهاون والطائرات المسيّرة والصواريخ، أصبحت روتينية، وتسبّبت بوقوع عشرات الإصابات.

وتخوّفت المجلة الأميركية من ضربة أكبر قد تصيب مبنى مزدحماً، وتوقِع عدداً من القتلى الأميركيين، فتضطرّ معها الولايات المتحدة إلى خوض حرب أخرى في الشرق الأوسط، متسائلةً عن المبرّر القانوني لاحتلال الأراضي السورية، وساخرةً من رفع شعار “الدفاع عن النفس” في هذه الجبهة.

وقبلها، نشرت مجلة “ذي أميركان كونزرفاتيف” الأميركية مقالاً، في تشرين الثاني/نوفمبر 2023، تحت عنوان “عارنا الوطني في العراق وسوريا”، قالت فيه إنّ القوات الأميركية تخاطر بحياتها “بلا داعٍ” بسبب الشلل السياسي والافتقار إلى الشجاعة السياسية. وأكّدت أنّ إبقاء القوات الأميركية في العراق وسوريا “من دون مهمة عسكرية واضحة” لا يجعل الولايات المتحدة أكثر أماناً، لكنه يخاطر بخسارة كارثية في أرواح الجنود الأميركيين، على نحو قد يتصاعد إلى حرب كبرى.