صحيفة فرنسية: اسراءيل تريد خنق الاونروا ردا على قرارات محكمة العدل الدولية

” تحت عنوان: “كيف تريد إسرائيل خنق الأونروا“، توقفت صحيفة “ليمانيتي” الفرنسية عند الاتهامات (لم يتم التحقق منها) للوكالة الأممية، الداعم الرئيسي للاجئين الفلسطينيين، بالتواطؤ مع “حماس”، ما دفع أكبر الدول المانحة إلى تعليق مساعداتها، واعتبرت الصحيفة أن مبدأ حق العودة، وراء هذه المناورات، هو الذي يتعرّض للهجوم.

“الأونروا مخترقة بالكامل من قبل حماس” اتهام أطلقه بنيامين نتنياهو ووزراؤه، الذين تناوبوا، في الأسابيع الأخيرة، على استهداف وكالة الأمم المتحدة المسؤولة عن اللاجئين الفلسطينيين.

في26 من الشهر الماضي، وهو نفس اليوم الذي أمرت فيه “محكمة العدل الدولية” إسرائيل باتخاذ إجراءات “لمنع أعمال الإبادة الجماعية” في غزة، تم توجيه اتهامات خطيرة ضد الوكالة، بتورط 12 من موظفيها، بسبب مشاركتهم المزعومة في هجوم “حماس” على إسرائيل، يوم السابع من أكتوبر، والذي أودى بحياة 1160 إسرائيلياً.

تم أخذ هذا الادعاء على محمل الجد، إذ تم فصل الأشخاص المعنيين على الفور، وتكليف مكتب خدمات الرقابة الداخلية التابع للأمم المتحدة بإجراء تحقيق.

في الوقت نفسه، طلب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من رئيسة الدبلوماسية الفرنسية السابقة كاثرين كولونا رئاسة لجنة مستقلة لتقييم “حياد” الأونروا. إجراءات لم تمنع 17 دولة، من بينها أكبر المانحين، الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا والسويد، من تعليق تمويلها، تشير “ليمانيتي”.

وتنقل الصحيفة عن يوهان صوفي، الرئيس السابق للمكتب القانوني للأونروا، قوله إن “تأثير الدومينو هو رد فعل ذعر لا يمكن تفسيره”. كما تنقل الصحيفة عن المتحدث السابق باسم الوكالة كريس جونيس تحذيره: “الناس سوف يموتون جوعاً في غزة. فهل يريد هؤلاء المانحون أن يحكم عليهم التاريخ باعتبارهم شركاء في إبادة جماعية محتملة؟”.

الأونروا قد تضطرّ إلى وقف أنشطتها في نهاية فبراير

وتشير “ليمانيتي” إلى أن بعض المانحين، مثل النرويج، لم يوقفوا مساعداتهم، في حين يعمل البعض الآخر على زيادتها على غرار إسبانيا والبرتغال. لكن إعلان الأونروا عن نضوب مواردها يضعها في وضع حرج وخطير: فقد تجد نفسها مضطرة إلى وقف أنشطتها في نهاية شهر فبراير الجاري، مع عواقب وخيمة على سكان غزة، وهزّات ارتدادية في جميع أنحاء الشرق الأوسط، حيث تقدم الأونروا الخدمات الأساسية (الصحة والتعليم والمساعدات الغذائية) إلى 6 ملايين شخص.

وتعد الحكومة الإسرائيلية بتسليط الضوء على “ارتباطات الأونروا بالإرهاب”، لكن المشكلة، تقول “ليمانيتي” أنها لم تقدم وتعلن عن أي دليل يثبت ذلك.

وفي واشنطن، يعتبر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أن هذه الادعاءات “ذات مصداقية عالية”، مكتفياً بتصديق كلام بنيامين نتنياهو، باعترافه الشخصي، حيث قال: “لم تتح لنا الفرصة للتحقيق في أنفسنا.” كما لم تتمكن وكالة الأمم المتحدة نفسها مطلقًا من الوصول إلى أي دليل يدعم هذه الاتهامات.

وعلى الرغم من أنها غير مسبوقة من حيث حجمها، إلا أن هذه العاصفة ليست الأولى في تاريخ الوكالة، حيث تخضع لنقص مزمن في التمويل، وتجد نفسها هدفاً مفضلاً لليمين الإسرائيلي، توضح “ليمانيتي”، مضيفة أنه في واشنطن، ظلت جلسات الاستماع تعقد منذ سنوات في الكابيتول لإدانة الأونروا والدعوة إلى إصلاح هيكلها، أو حتى تفكيكها واستيعابها من قبل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

استهداف منتظم لكبار مسؤولي الأمم المتحدة بحملات التشهير

أحدث حلقة حتى الآن: جلسة الاستماع التي عقدها الكونغرس الأمريكي، في 31 يناير المنصرم، لهيليل نوير، مدير منظمة مراقبة الأمم المتحدة، وهي مؤسسة بحثية مؤيدة لإسرائيل. وهو توقيت مختار تماماً، عشية دراسة مجلس الشيوخ لقانون إطلاق حزمة مساعدات لإسرائيل، ومنع تخصيص أموال للأونروا. وقال محام كندي في ذلك اليوم: “لا ينبغي أن نتفاجأ بما حدث في 7 أكتوبر لأن هذه هي الرسالة التي تلقاها هؤلاء الفلسطينيون منذ أكثر من سبعين عامًا في مدارس الأونروا”.

تأسست منظمة مراقبة الأمم المتحدة في عام 1993، وهي متخصصة في مراقبة هيئات الأمم المتحدة، المتهمة بـ “غض الطرف عن معاداة السامية”، خاصة في أي انتقاد لسياسات الاحتلال والاستيطان الإسرائيلية.

وواجه مسؤولون كبار الأمم المتحدة بانتظام حملات تشهير، بمن فيهم جان زيجلر، المقرر الخاص السابق المعني بالحق في الغذاء، والذي تعرض لتشويه السمعة لأنه سلط الضوء على استخدام إسرائيل للجوع كسلاح في الحرب.

في تقريرها الأخير، بعنوان “برنامج الإرهاب التابع للأونروا”، والذي نُشر في شهر يناير، أدرجت مؤسسة الأبحاث، على أساس تبادلات الرسائل الفورية على تطبيق تلغرام، الملفات الشخصية لـ 30 معلمًا زُعم أنهم “صفقوا واحتفلوا بهجوم السابع من أكتوبر ”. ويكفي، في نظره، لإدانة الوكالة بأكملها: “تواجه الأونروا مشكلة منهجية تتمثل في دعم معاداة السامية والإرهاب الجهادي!”، أطلق هيليل نوير، يوم التاسع من شهر فبراير الجاري، على القناة الإسرائيلية الناطقة بالفرنسية i24 News، تُشير “ليمانيتي” دائماً.

في الرابع عشر من شهر مارس الماضي، استمع الكونغرس إلى تقرير شاركت في توقيعه منظمة مراقبة الأمم المتحدة حول “التحريض على الكراهية والعنف من قبل المعلمين ومدارس الأونروا”. وتُتهم مدارس الأمم المتحدة “بالدعوة بانتظام إلى قتل اليهود” وإنشاء “ مواد تعليمية تمجّد الإرهاب، وتشجّع على الاستشهاد، وشيطنة الإسرائيليين، وتحرّض على معاداة السامية”، تشير الصحيفة الفرنسية، لافتة أيضاً إلى أن المركز، الذي يقف وراء هذا التحقيق (Impact-se)، كان قد أعدّ، خلال العامين الماضيين، دراسات لنفس المحتوى. وقد ردّ المفوض العام للأونروا، في تقريره لعام 2022 إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، بالقول: “تعكس البرامج نهجاً تعليمياً يعتمد على التفكير النقدي وتعليم حقوق الإنسان. وهي تتماشى مع قيم الأمم المتحدة”.

وشدّد بنيامين نتنياهو، مؤخراً، أمام وفد من السفراء لدى الأمم المتحدة، على أن “مهمة الأونروا يجب أن تنتهي”، قائلاً إنها “تستمر في رغبتها في إبقاء مسألة اللاجئين الفلسطينيين حيّة”، وهو اعتراف، تقول “ليمانيتي”، يؤكد، من خلال الهجمات الإسرائيلية ضد الأونروا، أن وضع اللاجئين المعترف به لأحفاد الفلسطينيين الذين طردوا من أراضيهم في عام 1948 هو الذي يتم الطعن فيه، ومعه حق العودة.