افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات
|
إسرائيل اليوم 4/3/2024
إسرائيل على مفترق سبع مسائل حاسمة
بقلم: يوآف ليمور
توجد إسرائيل في مفترق طرق: للقرارات التي تقف أمامها في الفترة القريبة القادمة ستكون تداعيات دراماتيكية. فهي ستؤثر بشكل مباشر على مستقبل الحرب في غزة وعلى تطور المعركة في الشمال ويحتمل أيضاً على مستقبل إسرائيل كلها بسنوات طويلة إلى الأمام.
سبع مسائل كهذه تتطلب الآن قراراً.
الأولى، موضوع المخطوفين، وإمكانية صفقة أخرى تؤدي إلى تحرير العشرات منهم.
لقد اتهمت إسرائيل حماس بطرح شروط متعذرة تخرب على فرص الوصول إلى توافق، لكن الإدارة الأميركية – التي تتوسط بين الطرفين – ألمحت في الأيام الأخيرة إل أن إسرائيل أيضا تصعب التقدم في الاتصالات.
إن تفويت الفرصة الحالية لن يغتفر: إسرائيل تركت المخطوفين لمصيرهم في 7 أكتوبر، ومحظور عليها أن تتركهم مرة أخرى.
القرار الثاني، يتعلق بالعملية في رفح ويرتبط بموضوع المخطوفين. إذا تحققت صفقة، فإنها ستتضمن وقف نار لنحو ستة أسابيع.
بمعنى أنه في أثناء شهر رمضان سيكون هدوء في غزة وإذا لم تتحقق الصفقة، فإن إسرائيل ستكون مطالبة بإن تحسم متى وكيف تعمل في رفح.
التحدي العسكري الذي تقف أمامه في المدينة هامشي مقارنة بالتحديين الآخرين: منع المس بالعلاقات مع مصر، ونقل 1.4 مليون فلسطيني يتركزون في رفح وفي محيطها.
القرار الثالث، يرتبط هو الآخر بالقرارين الأولين، لكنه يوجد على انقطاع عنهما: المسألة الإنسانية، الفشل في إدخال الغذاء الأسبوع الماضي والذي تطور إلى مصيبة قتل فيها عشرات الفلسطينيين، وأدى إلى نقد حاد لإسرائيل وإلى مطالب بزيادة المساعدات.
إنزال المساعدات الأميركية يدل على قطيعة متزايدة وخطيرة بين واشنطن والقدس، من شأنها أن تتواصل في شكل طلب لوقف النار، سيخرب على الجهد الإسرائيلي لإنهاء هزيمة حماس.
كل المسائل مرتبطة
القرار الرابع، يتعلق بمستقبل القطاع. أزمة المساعدات تدل على الحاجة للعثور على جهة ما تعالج احتياجات السكان وإلا فان المسؤولية ستقع على إسرائيل (أو تبقى في أيدي حماس).
إسرائيل ستكون مطالبة بأن تحسم “إذا كانت ستستجيب للعرض الأميركي لصفقة واسعة تتضمن نقل الصلاحيات في غزة إلى السلطة الفلسطينية وكذا اتفاق مع السعودية ودول إسلامية أخرى، أو رفضه بثمن أزمة دولية وإقليمية حادة وعلامات استفهام على مستقبل القطاع.
القرار الخامس، يتعلق بالمعركة في الشمال. القتال في الميدان يتصاعد كل يوم. وبغياب تقدم في الاتصالات لتسوية سياسية من شأن إسرائيل أن تتدهور إلى حرب واسعة.
ولهذا الغرض تحتاج إلى شرعية دولية، تنقصها الآن.
هذه المسألة دراماتيكية في ضوء الأزمة المتصاعدة بعشرات آلاف المخلَوْن من الشمال الذين لم تقدم لهم بعد جواب مناسب في شكل إقامة مديرية خاصة.
القرار السادس، هو ما العمل في شهر رمضان، الذي سيبدأ في نهاية الأسبوع القادم. المسألة الأكثر إلحاحاً هي الحرم، الذي يشكل احتمالاً دائماً للاشتعال.
كما أن شؤون الفلسطينيين في الضفة يوجب جواباً. هل يسمح بدخول منضبط للعمال إلى إسرائيل بالنظر إلى تهديدات الإرهاب من جهة والحاجة لتوفير عمل ورزق من جهة أخرى.
القرار السابق، هو سياسي، حول قانون التجنيد. الحكومة لم يعد يمكنها أن تتملص من الاهتمام في هذا الموضوع.
حتى لو أعطتها المحكمة العليا تمديداً إضافياً فهي ملزمة بقرارات قيمية.
الثمن الذي يجبيه القتال في غزة وفي الشمال واحتياجات الأمن القرى توجب من عموم السكان في الدولة المساهمة بنصيبهم.
ما كان لم يعد يمكنه أن يكون؛ اذا لم تعمل الحكومة بمبادرتها على مخطط إطار لحل متفق عليه من شأنها أن تكتشف أنه نشأ قاسم مشترك جديد لاحتجاج شعبي واسع.
لم يسبق لإسرائيل في تاريخها أن كانت مطالبة بأن تتخذ كل هذا القدر الكبير من القرارات الدراماتيكية في آن واحد.
فهي توجب إجماعا سياسياً واسعاً وثقة جماهيرية عظيمة بقرارات الحكومة. لشدة القلق، فإن سياسيينا ينشغلون بشؤون كبرى ويفقدون بسرعة القليل من الائتمان الجماهيري الذي كان لقراراتهم.
والأمثلة لا تنقص: من السلوك السائب لوزير الأمن القومي في كل مسألة تقريباً، عبر الأموال الائتلافية والإدارة الفاشلة من جانب وزير المالية للازمة الاقتصادية، وحتى قرار وزير التعليم إلغاء جائزة إسرائيل.
هذا الموضوع مثير للحفيظة على نحو خاص، لثلاثة أسباب: الأول، أن العلم والبحث يتواصلان وجديران بالاعتراف؛ الثاني، لأن من هو مسؤول عن تعليم أبنائنا يكذب دون أن يرف له جفن؛ والثالث، لأنه تتكاثر المؤشرات على أن الجائزة ألغيت لأنه كان هناك من يريد أن يمنعها عن إيال فالتمان – المستحدث، الأب الثاكل والمعارض الحاد لرئيس الوزراء.
إن تراكم هذه المواضيع وفقدان الائتمان في البلاد وفي العالم يوجبان من رئيس الوزراء والحكومة الصحوة فوراً والتذكر بأن الدولة تسبق مصالحهم السياسية.
إن ثمن الامتناع عن ذلك أو الاختيار غير الصحيح من شأنه أن يكون باهظاً.
———————————————
هآرتس 4/3/2024
عندما ينتقد الصهاينة حلم الفلسطينيين بالعودة
بقلم: ديمتري شومسكي
“لقد سئلت كثيراً عن موقف من حق العودة”، اعترفت حنين مجادلة في المقال الذي نشرته في “هآرتس” قبل شهر تقريباً (“هآرتس”، 1-2).
مجادلة تركت هذا السؤال دون جواب. ولكن أنا أعتقد أنه سؤال بلاغي عندما يتم توجيهه إلى شخص لديه وعي قومي فلسطيني.
من الطبيعي أن هذا الشخص يأمل من أعماقه عودة أبناء شعبه إلى الأرض التي يعتبرها الوطن التاريخي والقومي للشعب الفلسطيني.
بالضبط مثلما يأمل صاحب الوعي القومي اليهودي الصهيوني من أعماقه عودة شعبه إلى الأرض التي يعتبرها الوطن التاريخي والقومي للشعب اليهودي.
إن المقارنة بين روح العودة لدى الفلسطينيين وروح العودة لدى الصهاينة هي بالضبط في محلها.
في الحقيقة أتباع القومية الفلسطينية اعتادوا على قوننة روح العودة، مع تطبيق قرار الجمعية العمومية في الأمم المتحدة 194 الصادر في 11 تشرين الثاني 1948 على أحفاد الفلسطينيين الذين هربوا من وطنهم أو تم طردهم في حرب الاستقلال. لكن كلما ابتعدنا في الزمن عن أيام النكبة فإنه سيظهر بوضوح أكثر فأكثر أن القضية التي أمامنا هي غير قانونية، بل قضية قومية وأيديولوجيا واضحة، حيث إنه في نهاية المطاف حتى التفسير القانوني الواسع لحق العودة، الذي يمكن أن يخطر بالبال، من المحتمل أن يتبين أنه دون أسنان بعد عدة أجيال، وسينهار بالكامل في مواجهة مبررات العقل السليم، مثل الادعاء بالتقادم.
القومية والوعي القومي في المقابل، تعمل ليس من خلال العقل السليم، بل من خلال المشاعر والتوق.
خطاب الحقوق التاريخية خلافاً لخطاب الحقوق القانونية لا يعترف بالتقادم. بالعكس، كلما مرت السنون فإن ذكرى ضياع الوطن تحصل على المزيد من هالة القدسية التي تلائم الروح القومية القديمة، ومن مثلنا نحن الصهاينة يعرفون ذلك.
اللاجئون الفلسطينيون وأعضاء الحركة الوطنية الفلسطينية الذين يتمسكون بحق العودة الجماعي للاجئين يذكرون الصهاينة أكثر فأكثر مع مرور السنين، لا سيما صهاينة قبل النكبة. العفو. مثلما أن الصهاينة في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي عملوا بلا كلل على خلق أكثرية يهودية بين النهر والبحر، هكذا أيضاً أتباع الوطنية الفلسطينية الذين يؤيدون الآن التطبيق الكامل لحق العودة يحلمون بخلق أكثرية عربية – فلسطينية كبيرة وواضحة “من النهر إلى البحر”.
قبل بضع سنوات أجريت محادثة ممتعة مع شخصية عامة مثقفة، عربية إسرائيلية، حول تحدي قانون القومية.
وقد تساءلنا بشكل خيالي كيف يمكن أن تكون الصيغة العادلة والصحيحة كأساس لقانون القومية حول الطابع السياسي – الاجتماعي في دولة إسرائيل.
أنا اقترحت التعريف الآتي: دولة إسرائيل هي دولة كل مواطنيها، يهود وعرب، وتعكس حق تقرير المصير للقومية اليهودية الإسرائيلية وحقوق الأقلية القومية الفلسطينية العربية.
رداً على ذلك تصبب محدثي عرقا بسبب عدم الرضا وتساءل: “لماذا اقلية”، و”ماذا لو…”، على الفور توقف وهو محرج.
كان من الواضح لي كيف كان محدثي سينهي جملته. “وماذا لو أننا لم نبقَ إلى الأبد أقلية؟ ماذا إذا تحقق حق العودة ذات يوم بشكل كامل؟”.
هذا الأمر أثار بي ابتسامة عريضة. أنا لم أتمكن من تشخيص حوار موازٍ هنا لمقاومة التيار الرئيس في أوساط صهيونية الاستيطان اليهودي في فترة الانتداب من أجل تشكيل مجلس تشريعي مشترك بين الأكثرية العربية والأقلية اليهودية، مقابل التنازل عن حلم الهجرة غير المحدودة وخلق أكثرية يهودية.
نحن اليهود الإسرائيليين، الذين نتوق إلى تحويل السكان العرب إلى “أرض إسرائيل التاريخية” من أكثرية إلى أقلية، كان المبدأ الأساسي الملزم في حركتنا القومية الاستيطانية هو أننا الأخيرون الذين يحق لهم الاستغراب من تمسك الفلسطينيين بالحلم الوطني الفلسطيني لجعلنا أقلية قومية صغيرة في “فلسطين التاريخية”.
مع ذلك، بسبب أن الفلسطينيين هم ضحايا الظلم التاريخي الذي كان ينطوي على تجسيد الصهيونية، التي في ظلها تحولوا من أكثرية إلى أقلية (في وطنهم) وإلى لاجئين (في وطنهم وخارجه)، فإنه يجب على الفلسطينيين الآن تفهم مشاعر اليهود الإسرائيليين الذين يعارضون عودة الفلسطينيين في الشتات بشكل جماعي، والتنازل عن هذا الحلم.
يجب عليهم رفض فكرة التطبيق الكامل لعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى المنطقة التي توجد بين النهر والبحر، واقتصار ذلك في داخل حدود الدولة الفلسطينية على حدود حزيران 1967.
هذا ليس نتيجة التصالح العملي مع الواقع فقط، بل أيضاً من خلال تبني موقف سياسي – أخلاقي مبدئي وهو أن الناس الذين عاشوا وما زالوا يعيشون فقدان الوطن، يجب عليهم عدم السعي إلى إعادة إنتاج هذا الظلم تجاه الآخر.
———————————————
هآرتس 4/3/2024
ما زال يمكن منع سيناريوهات الرعب
بقلم: نیر حسون
بعد اسبوعين على الهجوم في 7 تشرين الاول حذر عزرا كلاين، وهو صحفي في “نيويورك تايمز”، اسرائيل مما حدث للولايات المتحدة بعد عمليات 11 ايلول. “الحادي عشر من ايلول اغرق دولتي بالرعب والغضب، والخوف اصابنا بالهستيريا. لذلك، قمنا بتقليص الحريات وغزو افغانستان والعراق. ردنا أدى الى موت الآلاف من الابرياء ردنا جعلنا أناس اضعف اكثر فقرا وكراهية في ارجاء العالم. سياستنا لم تتعافى من دمار تلك الفترة بدرجة كبيرة مكن غزو العراق من فوز ترامب 11 ايلول اوجد بنية سياسية تمكن من فعل امور متوحشة وغبية بشكل لا يوصف، ونحن ما زلنا ندفع الثمن”.
الفرق بين هذين الغزوين الامريكيين في افغانستان والعراق بعد عمليات التوائم وبين الهجوم المبرر لاسرائيل على قطاع غزة في اعقاب 7 تشرين الاول معروف وواضح. صدام حسين لم يقف وراء العمليات في نيويورك، والعراق ليست له حدود مع الولايات المتحدة. خلافا للولايات المتحدة لم يكن لاسرائيل وبحق أي خيار سوى المهاجمة في تشرين الاول. ولكن كلاين يحلل بشكل دقيق الفشل الذريع الذي رد به الجمهور والدولة على الاهانة والصدمة نبوءات الغضب تتحقق واحدة تلو الاخرى فكارثة 7 تشرين الاول ملأت الاسرائيليين بالذعر والغضب وشهوة الانتقام التي لا تعرف الشبع. النتيجة هي موت ومعاناة بأبعاد لا توصف في غزة، التي حولت اسرائيل ومواطنيها الى مكروهين في ارجاء العالم.
اسرائیل اصبحت نموذجا للوحشية الدموية، الاسم المرادف للكولونيالية العزلة الدولية والانقسام الداخلي والازمة الاقتصادية تضعف المجتمع الاسرائيلي وتضر به. الحريات لدينا تتقلص العرب واليهود يتم اعتقالهم بسبب دعوات تافهة ضد القتل بدون تمييز والشرطة تقوم بحظر المظاهرات التي تطالب بوقف اطلاق النار ايضا السياسة لدينا اصبحت متطرفة أكثر. الليكود تجرد من أي علامة على الرسمية وأصبح حزب يميني متطرف وشعبوي، والحزب العنصري لايتمار بن غفير يحلق في الاستطلاعات. جنود الجيش الاسرائيلي يواصلون الموت والاصابة في قطاع غزة تقريبا كل يوم بشكل يوسع أكثر فأكثر دائرة الألم والثكل والصدمة في المجتمع الاسرائيلي، ويقوض سلامته.
حسب جميع السيناريوهات المعقولة فان اسرائيل لن تتحرر من هذا الشرك في العقود القريبة القادمة. فدماء الاطفال والنساء في غزة لن تمحى؛ الشعور بالانتقام سيتغذى من جديد في كل عملية ؛ الازمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية ستتفاقم؛ العنف في الداخل وفي الخارج سيتفاقم؛ حرب فظيعة يمكن يمكن أن تبدأ في الشمال؛ عمليات ارهابية فلسطينية واسرائيلية ستنطلق في الضفة ؛ العزلة الدولية ستتفاقم والاسرائيليون سيشعرون بذلك في كل مكان يذهبون اليه. من المخيف أن هناك احتمالية معقولة وهي أن كل ما مر علينا منذ 7 تشرين الاول هو مجرد الجرعة الاولى.
لكن ما زال يوجد سيناريو آخر اسرائيل ليست الولايات المتحدة، هي لا يمكنها السماح لنفسها بما سمحت به الولايات المتحدة لنفسها فى اعقاب 11 ایلول ما زالت توجد هنا قوى عقلانية وليبرالية يمكن أن تصد ذلك. ولكن الشرط الاول هو دعوة واضحة في داخل الجمهور الاسرائيلي من اجل وقف اطلاق النار.
30 ألف قتيل لم يعد يوجد منطق للحرب. الجيش الاسرائيلي اثبت بأن القطاع قابل للاحتلال وأن حماس تلقت ضربة شديدة حيث قتل عدد كبير من مقاتليها أو أصيبوا، وجزء كبير من سلاحها ومصانع الانتاج تم تدميرها. وعلى فرض وعلى أمل أن اخفاقات تشرين الاول الاستخبارية والعملياتية لن تتكرر فان غزة لن تشكل أي تهديد عسكري مهم في السنوات القادمة. استمرار الموت والمعاناة في القطاع يعزز حماس ويزيد تأييدها في العالم العربي وفي المجتمع الفلسطيني ويوفر لها تيار لانهائي من الشباب اليائسين الذين يشعرون برغبة الانتقام من اجل منع تحقق سيناريو الرعب فانه يجب على القوى العقلانية في اسرائيل أن تتغلب على غريزة القومية والشعار الفارغ “معا سننتصر” ، وأن تدعو الى وقف فوري لاطلاق النار وعقد صفقة لاستعادة المخطوفين واجراء الانتخابات.
———————————————
هآرتس 4/3/2024
“الشاباك” يتسلم ملفات آلاف المعلمين العرب.. وعضو الكنيست هليفي: سنراقبهم
بقلم: أور كشتي
قبل بضعة أسابيع، نقلت وزارة التعليم لـجهاز “الشاباك” معلومات عن 265 ألف شخص يعملون في التعليم. هي أرقام بطاقات هوية قام “الشاباك” بمقارنتها مع قاعدة بيانات يملكها. غيمة ضباب مسمومة تحلق فوق نقل هذه المعلومات: جوهر المعطيات التي تم تحويلها، والصلاحية القانونية التي مكنت من فعل ذلك، وعمق الفحص الذي تم إجراؤه. والمقلق أكثر تبرير هذه العملية: ضغط عضو الكنيست عميت هليفي (الليكود) الذي يريد إعادة رقابة “الشاباك” على المعلمين العرب. قال كل من وزارة العدل و“الشاباك” إن نقل المعلومات كان “مرة واحدة”. متأخر جداً. هذه السابقة سجلت وستخدم الحملة القادمة لاختراع أعداء في الداخل.
تعدّ لجنة التعليم التابعة للكنيست مشروعاً قدمه هليفي وتسفيكا فوغل (قوة يهودية) للمصادقة عليه. مشروع القانون يفرض كل أنواع العقوبات على العاملين في التعليم وفي المدارس بسبب “التماهي مع الأعمال الإرهابية أو مع منظمة إرهابية”، ويمنح الرؤساء في وزارة التعليم، الذين لا يتمتعون الآن بأي مظهر من مظاهر الرسمية، مساراً التفافياً قصيراً من أجل تجاوز التشريع القائم. لا حاجة حقيقية له، هدفه تنظيم التعليم العربي. ويريد هليفي أن يدخل لهذا الاحتفال المناوئ للديمقراطية فحوصات سنوية من قبل “الشاباك” للعثور على معلمين “لهم علاقة بالإرهاب” بصورة تسمح بإقالتهم في عملية سريعة تختلف عن قانون الانضباط.
إن نقل المعلومات من وزارة التعليم إلى “الشاباك” تمت تحت جنح الظلام واستهدفت اكتشاف عدد العاملين في جهاز التعليم الذين توجد عنهم معلومات في قاعدة بيانات “الشاباك” (أعطي الجواب في جلسة مغلقة. حسب قول بعض المصادر، النسبة صفر). بفضل سكرتيرة “هستدروت المعلمين”، يافه بن دافيد، التي تساءلت في الجلسة الأخيرة “من الذي سمح بنقل 265 بطاقة معلم للشاباك”، تبين أن المستشارة القانوني للحكومة هي التي وافقت على ذلك.
لدى وزارة التعليم معلومات عن المعلمين لغرض إدارة عملهم. “لا يمكن نقل معلومات لجهة أخرى بدون تفويض صريح بالقانون، حتى لو كان هناك حسن نية”، قال البروفيسور ميخائيل بيرنهيك، من كلية الحقوق في جامعة تل أبيب. رفضت وزارتا العدل والتعليم الرد على سؤال الصلاحية، واكتفتا بالتوجه إلى قانون حماية الخصوصية. هذا تذاك: القانون ينظم نقل المعلومات بين الهيئات العامة، لكنه لا يعطي الصلاحية بحد ذاتها. مصدر مطلع على إجراءات “الشاباك” يعتقد أن هذا الجهاز كان يجب عليه رفض طلب فحص المعلمين، حتى بصورة أولية. إسرائيل لا تريد أن تكون مثل اماكن أخرى يتبع فيها نظام رقابة كهذا.
التفسيرات الجزئية التي تم الحصول عليها تزيد القلق. فحسب “الشاباك”، تم نقل قائمة جميع العاملين في التعليم بناء على طلب من عضو الكنيست هليفي “لمرة واحدة”. وماذا سيحدث إذا قرر شخص شعبوي آخر التأشير على أطباء وصيادلة وممرضين أو عمال بناء أو أي مهنة أخرى؟ السد تصدع، والقطرات ستصبح طوفان.
حسب وزارة العدل، تم نقل البيانات في إطار “إجراءات التشريع”، التي لم تستكمل بعد في لجنة التعليم في الكنيست، من أجل “بلورة صورة إحصائية وفحص إذا كان هناك مبرر للتشريع المقترح”. رجل “شاباك” سابق رد بالنفي: “الفحوصات الإحصائية ليست جزءاً من وظيفة الجهاز. إضافة إلى ذلك، فإن الفحص المسبق لإمكانية القانون، والوعد بأن هذه البيانات “لن يتم الاحتفاظ بها في قاعدة بيانات الجهاز”، لا تمكن من المس بالحق الأساسي الدستوري للخصوصية”.
بصورة رسمية، ما زالت الوزارات الحكومية تعارض إجراء عملية فحص شاملة للمعلمين. لذا، لماذا صادقوا على نقل المعلومات وعلى الفحص الأولي؟ ربما الجو العام ساهم في ذلك، وربما يعتبر المس بالخصوصية “أمراً صغيراً” عندهم، وربما لم يعد لدى أحد قوة لمحاربة مشروع قانون زائد ومضر. على أي حال، انتصر هليفي.
———————————————
يديعوت أحرونوت 4/3/2024
استطلاع: تصاعد تأييد الشباب الأمريكي لحماس.. وإسرائيل لبايدن: كن مثل سوناك
بقلم: سيفر بلوتسكر
جو بايدن رئيس أمريكي ممتاز، يدير الاقتصاد والدولة جيداً، ومحوط بمستشارين مهنيين، لا يتأثر بآراء مسبقة. وهو زعيم وطني متوازن، قيمي، إنساني جداً، يتخذ قرارات جريئة قياساً مع عمره. إنجازاته كثيرة، على الرغم من ذلك، يقف على شفا هزيمة في انتخابات الرئاسة في تشرين الثاني المقبل. لو أجريت الانتخابات الآن، لتغلب عليه خصمه الجمهوري الرئيس السابق ترامب. خيار واقعي وتقشعر له الأبدان، كما تفيد الاستطلاعات، ومنها الاستطلاع الشهري لمعهد “هاريس” لمسوح الرأي العام، بتعاون مركز الدراسات السياسية الأمريكية في جامعة هارفارد.
النتيجة البارزة في استطلاع شباط: 62 في المئة من الأمريكيين الراشدين ذوي حق الاقتراع يعتقدون بأن دولتهم تندفع في الاتجاه غير الصحيح. 60 في المئة منهم يعتقدون بأن الاقتصاد الأمريكي يضعف ويتدهور. والأكثر مفاجأة أن 70 في المئة مقتنعون بأن الاقتصاد الأمريكي في ركود حاد أو قد يعلق في ركود حاد في السنة القادمة؛ ولنحو 60 في المئة شكوك حول القدرات العقلية والصحية للرئيس.
مع هذه المشاعر (المغلوطة)، لا غرو أن 45 في المئة فقط من الأمريكيين الراشدين راضون عن رئاسة بايدن. برأي 67 – 69 في المئة، بايدن “عجوز جداً” لتولي منصب الرئيس القادم. وهو يحصل منهم على علامات غير جيدة في معالجته للمواضيع القومية التي على جدول الأعمال: الاقتصاد، معالجة الجريمة، الهجرة، التضخم المالي، ونعم… حرب إسرائيل حماس أيضاً، رغم أنه موضوع في ذيل قائمة المشاكل التي تؤثر على الناخب الأمريكي المتوسط. 16 في المئة من المقترعين المستقبليين صنفوا “استسلام الرئيس للجناح اليساري في حزبه” كفشله الأكبر، و9 في المئة اعتبروا دعمه “الضعيف جداً” برأيهم لإسرائيل، في رأس إخفاقاته.
لقد عرض مستطلعو “هاريس” على المشاركين في الاستطلاع أسئلة غير قليلة عن الحرب في غزة. 78 في المئة من المستطلعين أيدوا إبعاد حماس كلياً من غزة. 63 في المئة أيدوا استمرار العملية البرية للجيش الإسرائيلي في جنوب القطاع – رغم أن السؤال تضمن شروحات عن أن العملية تعرض 1.2 مليون نازح فلسطيني للخطر. تأييد استمرار القتال أعلى من 50 في المئة في كل المجموعات العمرية، بما في ذلك أبناء 18 – 34. وأخيراً، فإن النتيجة التي تقتبس بفخار من قبل نتنياهو: 82 في المئة من الأمريكيين المسجلين كناخبين ممن لهم رأي في حرب غزة يؤيدون إسرائيل و18 في المئة يؤيدون حماس. نتيجة واضحة في صالحنا ذات جانب مقلق للغاية: 28 في المئة من أبناء 18 – 24 و34 في المئة من أبناء 25 – 34 يؤيدون حماس بالذات. هذا كشف مقلق. معدلات تأييد كهذه ليس للفلسطينيين، بل لحماس، منظمة إرهاب جهادية مجرمة – هي ظاهرة ثقافية – اجتماعية وحشية. أي فضيحة كانت ستنشب في الولايات المتحدة لو أن نحو 30 في المئة من شبابها يؤيدون القاعدة مثلا.
لا يدور الحديث هنا فقط عن موقف من إسرائيل ولا حتى عن الموقف من اليهود، لكن ينبغي أن نرى في التأييد لحماس المقياس المصداق للاسامية. يدور الحديث عن “تهديد حقيقي على الديمقراطية بحد ذاتها”، كما قال رئيس وزراء بريطانيا ريشي سوناك بانفعال وشدة على مدخل منزله في لندن نهاية الأسبوع. لقد رأى سوناك أنه من الواجب إلقاء خطاب حازم ضد التطرف الإسلامي المستشري في بلاده، بعد انتصار جورج غالاوي، السياسي اللاسامي القديم، الكاره لإسرائيل والمؤيد العلني لحزب الله وحماس، في الانتخابات الفرعية للبرلمان في بلدة روتشديل. إن انتصار غالاوي وصفه رئيس وزراء بريطانيا بأنه “حدث يتجاوز المفزع”. وحذر من آلة السم الإسلامية الراديكالية وشدد على أنه “لا يوجد وضع يبرر التأييد لمنظمة الإرهاب حماس”.
الرئيس بايدن هو الآخر، حسب شهادات مستشاريه، قلق للغاية من “تحميس” اليسار الأمريكي ومن الخطر النابع من ذلك على جوهر وأداء الديمقراطية الأمريكية. لكن هل سيسير عقب سوناك ويطلق أقوالاً قاطعة ضد “الإسلاميين المتزمتين مسممي الديمقراطية” في الخطاب الذي يخطط له عن وضع الأمة لمجلسي الكونغرس في 7 آذار، بعد خمسة أشهر من 7 أكتوبر؟ أخشى أن تحسم اعتبارات انتخابية مغلوطة ضد ذلك. حبذا لو كنت مخطئاً.
———————————————
يديعوت أحرونوت 4/3/2024
لا وجود لـ “اليوم التالي” إلا بعد احتلال القطاع كاملاً ودحر حماس “ولو تدريجياً”
بقلم: ميخائيل ميلشتاين
تلوح حادثة قافلة المساعدات في غزة الأسبوع الماضي كمفترق مركزي في تطور الحرب. التحقيق العسكري هو الجزء الهامشي في الحدث، والأهم منه الدرس الاستراتيجي المطلوب استخلاصه وفي مركزه فجوة حادثة فيما يتعلق بتصميم الحاضر والتخطيط للمستقبل في القطاع.
الحدث القاسي يفترض أن يشكل إشارة تحذير لإسرائيل عن الواقع المتشكل في شمال قطاع غزة في الأشهر الأخيرة. فمع أن قوات الجيش الإسرائيلي سيطرت على المنطقة في بداية المواجهة لكنها خرجت في معظمها، الأمر الذي جعل المنطقة في حالة فوضى تسيطر عليها جيوب حكم مموهة لحماس إلى جانب عصابات مسلحة.
في السنوات الأخيرة، انطلقت غير مرة أصوات حول الحاجة لتحويل غزة إلى نموذج محلي من سنغافورة أو هونغ كونغ، في ظل الاستناد إلى الفكرة التي قبعت في مركز مفهوم 7 أكتوبر، وبموجبها فإن الحوافز الاقتصادية قادرة على تغيير الواقع وإخضاع الأيديولوجيا. أما المشاهد الحالية في القطاع فتنطوي على نقيض الرؤيا: نشوء واقع صومالي، في مركزه دمار الحيز العام ومعاناة مدنية.
هذا الوضع ليس نتيجة التأخير في البحث الإسرائيلي في استراتيجية اليوم التالي فحسب، فما بالك العثور على محافل تكون مسؤولة عما يجري في شمال القطاع. هو يعكس عملياً فجوة جذرية في المرحلة الثالثة من المعركة التي تقوم على أساس الاجتياحات و”الجهد المضاد”. وتستهدف الفكرة ظاهراً الوصول إلى القضاء التدريجي على حكم حماس، لكن ليس واضحاً متى وهل سيتحقق الأمر أصلاً، حين تتزايد الفوضى في الخلفية.
الدرس الاستراتيجي أنه لا قدرة على الانشغال في اليوم التالي أو في النظام الجديد في غزة دون حكم عملي في المنطقة والمكوث فيها على مدى الزمن. إن الإنجاز المبهر المتمثل بالسيطرة على شمال القطاع وضرب البنى التحتية لحماس في المنطقة يتبدد عقب خروج الجيش الإسرائيلي من تلك المناطق ويصعب عليه أن يترجم إلى تغيير استراتيجي.
الفوضى المتسعة تجسد الحاجة إلى التخلي عن أفكار غير قابلة للتطبيق مثل: الاستعانة بمحافل محلية مجهولة تثبت نظاماً عاماً ولا تكون مشاركة في الإرهاب، كما يشار في وثيقة المبادئ التي نشرها نتنياهو قبل نحو أسبوعين؛ تنمية عشائر مسلحة كبديل لحماس وللسلطة، من المعقول أن تصبح ميليشيات تشكل تحدياً لإسرائيل سواء عملت من قبل حماس أو تنافست مع المنظمة؛ أو تنمية شمال غزة كـ “نموذج ازدهار” بخلاف “الجنوب المنفلت”.
من زاوية نظر الفلسطينيين: الأزمة في شمال القطاع تمثل إحدى نقاط الدرك الأسفل الأقسى في تاريخهم. فالحديث يعكس تفككاً اجتماعياً لجمهور يتخذ منذ بداية المعركة نهجاً سلبياً وعدمياً، دون إطلاق صوت نقد ضد حماس التي جرته لأشد الكوارث التي شهدها. هذه عودة إلى سابقة 1948، وفي مركزها غياب رؤية واقعية، إلى جانب التمسك بنموذج المعتدي المهزوم وعندها التمترس بمكانة الضحية والمطالبة بمساعدات خارجية. مثلما قبل 76 سنة، يقاد الجمهور إياه اليوم أيضاً، من قيادة ليست في الميدان (في المنفى أو في الأنفاق) ولا يجري بينها وبين الجمهور حوار يدل على مجتمع مدني فاعل. لقد أثارت الحادثة في غزة نقداً دولياً حاداً ضد إسرائيل إلى جانب بوادر انعدام ثقة في قدرتها أو رغبتها في إحداث تغيير استراتيجي حقيقي في القطاع، الأمر الذي وجد تعبيراً محرجاً له في المساعدات المدنية التي أنزلها الأمريكيون في غزة في المظلات أول أمس.
محظور التعاطي مع حدث القافلة كـ “خلل” عسكري أو إعلامي، بل كدليل على غياب أهداف واضحة واقعية في المستويين السياسي والأمني معاً. لن يقوم أي نظام جديد دون اجتثاث قدرات حماس العسكرية والحكومية، وهذا الهدف لن يتحقق دون السيطرة على كل قطاع غزة، وفي ظل استمرار التمسك بالأخيلة حول قوى خارجية أو محافل داخلية غير معروفة الهوية لتقوم نيابة عن إسرائيل بالعمل الصعب. هذه هي أقانيم يتعين على مقرري السياسة أن يستوعبوها ويترجموها إلى استراتيجية واعية وبعيدة المدى، وبالأساس أن يعرضوها على الجمهور والعالم.
———————————————
يديعوت أحرونوت 4/3/2024
بملاحقتها القاضي كبوب.. لإسرائيل الكهانية: من يكترث لقاض يسبت في كنيس؟
بقلم: ناحوم برنياع
انعقدت لجنة تعيين القضاة الخميس للبحث في تنحية قاضي المحكمة العليا خالد كبوب. في الأيام العادية، كان يمكن لمثل هذا الحدث أن يحظى بعناوين رئيسة في الصحف ويستهل نشرات أخبار التلفزيون. لكنها ليست أياماً عادية، بل مجنونة. مجرد البحث في تنحية قاضٍ يثبت مدى جنوننا.
قضية القاضي مثال من أمثلة عديدة على الشر والغباء ونزعة القوة التي تهدد بطمس الحياة هنا. هذا ما يحصل عندما يعمل الصحافيون كسياسيين ويعمل السياسيون كقضاة، وكل هذا تحت هالة مزيفة من الديمقراطية وحق الجمهور في المعرفة.
لم يكن لي شرف التعرف على القاضي كبوب حتى اليوم. لا كمتهم ولا كشاهد ولا كمدعٍ أو حتى صحافي. المجال الذي يختص به – مخالفات اقتصادية – بعيد عن مجالات عملي. المطالبة بتنحية القاضي عللت أنه وصل بأقدامه إلى تدشين مكاتب محامين لابنه وابنته، والتقطت له صور على خلفية صورته التي علقتها ابنته على حائط مكتبها. وبزعم المطالبين بالتنحية، فإنه بذلك تجاوز قواعد أخلاقيات المهنة للقضاة، التي تحظر على القاضي الترويج لأعمال تجارية خاصة، لأبنائه أو لغيرهم.
في نظرة سطحية، هو ادعاء محق: القاعدة قائمة والقاضي تجاوزها؛ أخطأ هو وابناه، لكن أي نظرة أكثر جدية قليلاً تكشف مدى سخافة الادعاء. إذا كان اسم قاض في المحكمة العليا يروج لحياة مهنية لمحامٍ، فيجب على أبناء أهارون باراك وإسحق زمير وآخرين، أن يحظروا فتح مكاتب محامين تحمل أسماء عائلاتهم. فليغيروا الأسماء أو يغيروا المهنة. وعلى الرغم من ذلك: من يكبد نفسه عناء الدخول إلى مكتب يحمل اسم كبوب لا يحتاج إلى صورة على الحائط كي يعرف من الأب وأين يعمل. بداية، فتشوا عن الرجل، وبعد ذلك وجدوا الصورة.
كل شيء يبدأ في منظمة يمينية تسمى “لفي”، وهي جمعية مسجلة، أهدافها المعلنة حقوق المواطن، والإدارة السليمة، وتشجيع الاستيطان. في الحيز اليميني – الديني تزدهر بضع منظمات كهذه: كل منها تغذي السياسيين وصحافيي اليمين بقصص خاصة به، بأعدائه، بمؤامراته. وقد قررت منظمة “لفي” استهداف القاضي المسلم الأول الذي يتبوأ منصباً في المحكمة العليا.
لماذا هو بالذات؟
لأنه عربي، مسلم؟ لأن تنحيته ستخلي مكاناً – ويا له من مريح – لقاضي عليا آخر من منتخب روتمان – لفين؟ لعل كل واحدة من هذه الإمكانيات صحيحة. الاهتمام الحماسي بحياة القاضي كبوب ولّد مؤخراً نشراً صاخباً آخر: فقد شوهد في مقهى كان فيه أيضاً رئيس بلدية تل أبيب رون خولدائي. لا أعتقد أن أحداً فكر بفحص مع من يجلس قاضي العليا نوعم سولبرغ في الكنيس يوم السبت، وكم من الوقت ولماذا.
الحملة ضد كبوب تأخذ إلهامها من اليمين واليسار؛ تأخذ من اليمين التطلع لإقصاء العرب وإخفائهم عن الميدان؛ ومن اليسار نزعة الطهارة وانشغالاً مهووساً لأخطاء آخرين حقيقية ووهمية. أما هذا الخليط فيعني الاضطهاد. إسحق كرويزر من حزب بن غفير، واوريت ستروك من حزب سموتريتش، يجلسان في لجنة تعيين القضاة. رئيس اللجنة يريف لفين، حليفهما. يفترض أن تحيي اللجنة الانقلاب النظامي من جديد: ما لم ينجح في الشارع والكنيست، سينجح من خلال تعيين قضاة عنهم في كل المستويات، من “العليا” حتى “الصلح”. لقد أوقف لفين الخميس تصويت اللجنة لأنه شعر بأغلبية لترفيع قاضية. برأيه وبرأي الكهانيين، لم تعاقب متهمين عرب على نحو كاف. لا يعنيه المستوى المهني للقضاة بل أصلهم ودينهم وأفكارهم السياسية.
هكذا كان في بولندا وهنغاريا، وهكذا كان في سلسلة من الدول الفاشية. القتال في غزة وفي الشمال لا يهم متزمتي اليمين في الحكومة: لديهم حربهم الخاصة، الحرب على تغيير وجه الدولة. كل يوم وبشراه. مرة التعليم، ومرة الشرطة، ومرة تجنيد الحريديم، ومرة المواصلات، ومرة التفوق اليهودي، ومرة العنصرية.
ليس للإسرائيليين الذين يرون في هذه المسيرة خطراً وجودياً ترف إغماض العيون. في استعارة لقول بن غوريون الشهير، ينبغي أن نقاتل ضد حماس وكأنه لا توجد حكومة كهانية، ونقاتل الحكومة الكهانية وكأنه لا توجد حماس.
———————————————
هآرتس 4/3/2024
حماس: الإنزال الجوي يخلق فوضى وواشنطن تتخذه غطاء لمواصلة العدوان وللتغطية على تسليحها لإسرائيل
بقلم: ينيف كوفوفيتش وجاكي خوري
مسؤولون كبار في الجيش يعتقدون أنه إذا لم يقرر المستوى السياسي الجهة التي ستنقل إليها المسؤولية عن تقديم المساعدات الإنسانية لسكان قطاع غزة فستتكرر أحداث مشابهة لما حدث في شمال القطاع. حسب وزارة الصحة التابعة لحماس، قتل 116 شخصاً في هذه الحادثة أثناء محاولة الوصول إلى شاحنة المساعدات التي كانت تحت حماية قوات الجيش الإسرائيلي. حسب أقوال هؤلاء المسؤولين، ثمة حاجة لوجود جسم سلطوي بديل لحماس في المواضيع المدنية ويكون مسؤولاً عن إدخال المساعدات الإنسانية.
في الأسابيع الأخيرة، حذر الجيش الإسرائيلي المستوى السياسي بأنه إذا لم تتخذ قرارات حول طريقة إدخال المساعدات إلى شمال القطاع ستتضرر شرعية مواصلة القتال من الولايات المتحدة والمجتمع الدولي. هذا الموضوع طرح في الكابينت المصغر والموسع عدة مرات، وجرت نقاشات حوله أيضاً مع الولايات المتحدة ومصر والأردن، التي تعمل على زيادة إدخال المساعدات إلى القطاع مع التأكيد على شمال القطاع.
أول أمس، بدأت الولايات المتحدة بإنزال المساعدات الإنسانية بطائرات نقل، وقالت مصادر أمريكية إن مساعدات أخرى سيتم إنزالها في الأيام القريبة القادمة.
وزارة الإعلام التابعة لحماس ردت على إنزال المساعدات، وقالت إن عدداً من الدول التي تفعل ذلك، بالأساس الولايات المتحدة، تستخدم هذا الأمر كغطاء لدعم استمرار القتال وتزويد إسرائيل بالسلاح. حسب حماس، فإن إنزال المساعدات يجبر السكان على الركض والبحث عن هذه المساعدات بطريقة تزيد الفوضى. “هم يتوقعون من 2.4 مليون شخص البدء في الركض ومحاولة أخذ ما يمكن أخذه. هناك من ينجحون في السيطرة على المساعدات في الوقت الذي لا يحصل فيه آخرون على شيء”، جاء في البيان. وأشارت حماس إلى أن المساعدات الجوية محدودة من حيث حجم الشحنة، وإن بعض الرزم لا تصل إلى أهدافها أو تتضرر بسبب سقوطها. الجيش الإسرائيلي يعارض موقف وزير المالية سموتريتش الذي طرح أن يتولى الجيش الإسرائيلي إدخال المساعدات. وحسب قول الجيش، فإن دخول القوات مع شاحنات المساعدات بصورة تؤدي إلى الاحتكاك مع آلاف السكان في القطاع سيعرض حياة الجنود للخطر. بعض وزراء الحكومة يعارضون تدخل حماس في إدخال المساعدات وتوزيعها، لأنه تدخل يمكن حماس من السيطرة على السكان.
واقترح جهاز الأمن بدائل أخرى لإدخال كمية أكبر من المساعدات للقطاع، منها نقل المسؤولية إلى رجال أعمال فلسطينيين يمكنهم إدخال الشاحنات. أمس، نشرت “نيويورك تايمز” أن إسرائيل نظمت 4 قوافل للمساعدات لشمال القطاع الأسبوع الماضي، منها التي انتهت بموت 118 فلسطينياً، بالتعاون مع عدد من رجال الأعمال في غزة. وثمة حل آخر تم طرحه، وهو إدخال المساعدات عن طريق البحر حيث يتم إنزال المساعدات في منطقة ميناء غزة، ومنه إلى مناطق أخرى في القطاع.
اعتبر الجيش الإسرائيلي أن حل هذه المسألة ورقة مساومة مع حماس في المفاوضات على صفقة تبادل المخطوفين. ولكن الآن بعد أن سربت جهات في المستوى السياسي أجزاء من النقاشات ومواقف الوزراء، قدرت جهات رفيعة في الجيش بأنه لم يعد بالإمكان استغلال هذه المسألة. نفس الجهات الرفيعة قالت إنه إذا تولى الجيش الإسرائيلي مسؤولية إدخال المساعدات، سيدرك السنوار بأن إسرائيل قدمت له ورقة بدون مقابل، وسيتشدد في شروطه لعقد الصفقة. وقدر قادة كبار في الجيش أن المساعدات الإنسانية موضوع يقلق قيادة حماس لإدراكها أن استمرار الضائقة والجوع في القطاع سيوجه غضب الجمهور إليها، وخلق مراكز قوة في القطاع خارج سيطرتها.
الشاحنات التي دخلت إلى القطاع في الأسابيع الأخيرة تم ضمان حمايتها من قبل رجال شرطة حماس، الذين اهتموا قبل أي شيء آخر باحتياجات حماس، ثم نقلوا المساعدات للسكان. الولايات المتحدة طلبت من إسرائيل عدم المس برجال الشرطة المسالمين لمنع عمليات السلب والفوضى. وخلال أشهر، سمحت لهم إسرائيل بحماية الشاحنات. وهي حماية توقفت بعد أن اغتال الجيش الإسرائيلي مجدي عبد العال في 7 شباط، وهو قائد شرطة رفح ومسؤول عما يحدث في معبر رفح، إضافة إلى أن الجيش الإسرائيلي قتل عدداً من رجال الشرطة.
عندما بدأت الحرب كانت “الأونروا” الجهة المسؤولة عن إدخال المساعدات وتوزيعها، وبعد الكشف عن تورط بعض موظفيها في مذبحة 7 تشرين الأول، وعندما وجدت بنى إرهابية في مواقع الوكالة، توقفت بعض الدول عن تمويلها، وطلبت إسرائيل العثور على جهات أخرى تتولى إدخال المساعدات.
“الأونروا” حلت محل برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، التي كان عليها إدخال المساعدات الإنسانية إلى مصر لفحصها في معبر كرم أبو سالم، ثم إدخالها إلى القطاع. بعد دخول الشاحنات الأولى من قبل الأونروا، تمت مهاجمة السائقين، وتم الاستيلاء على بعض الشاحنات بالتهديد من قبل نشطاء حماس ونقلت إليها.
———————————————
معاريف 4/3/2024
بايدن بعد ضغوط حزبه: “اقتلوهم ولكن على دفعات”.. وإسرائيل تدعي: أرجأنا قتل السنوار مرتين لأجل المخطوفين
بقلم: دافيد بن بست
إن الضغط الذي يتعرض له الرئيس بايدن قد يؤدي إلى صفقة قبل رمضان. ومؤخراً، عادت الولايات المتحدة لتطلب من إسرائيل تفسيرات في مواضيع مثل استخدام السلاح الأمريكي وتقليل عدد المصابين الفلسطينيين وزيادة المساعدات الإنسانية لغزة.
يتعرض بايدن لضغط حزبي شديد لتخفيف المساعدات الممنوحة لإسرائيل. فبالتوازي مع المظاهرات التي تجرى ضده ووضعه المتدهور في الاستطلاعات السياسية، يتعاظم التخوف في أوساط الديمقراطيين من خسارة الحكم أمام الجمهوريين.
الرئيس بايدن، الذي يعتبر وعن حق أكبر أصدقاء إسرائيل بين الديمقراطيين يحاول منع التدهور في وضعه السياسي، والضغط الأمريكي على إسرائيل هو نتيجة لذلك.
ترفض إسرائيل قبول مطالب الولايات المتحدة لعدم الدخول إلى رفح والامتناع عن الاستيلاء على محور فيلادلفيا. فقبول المطالب الأمريكية معناه إنهاء الحرب دون تحقيق الأهداف. وإسرائيل مستعدة للمساومة في موضوع توسيع المساعدات الإنسانية التي تسرق حماس معظمها.
إن عدم تلبية المطالب الأمريكية قد يؤدي إلى تأخيرات في تجديد الذخائر اللازمة قبل حرب محتملة مع حزب الله. أحد الاقتراحات التي تدرس هو اقتراح وزير الاتصالات شلومو كرعي لنقل المساعدات الإنسانية إلى وسط القطاع فقط، حيث توزع بإشراف الجيش الإسرائيلي، لضمان عدم نقل المساعدات إلى مخربي حماس.
هناك مجموعات من الغزيين المحليين غير المسلحين الذين يشعرون بقرب نهاية حماس، بدأوا بتنظيم أنفسهم بعلم وتأييد السلطة الفلسطينية، وعلى ما يبدو بموافقة صامتة من جانب إسرائيل.
وعلى حد قولهم، فإنهم يعملون بتخويل من وزارة الداخلية في السلطة الفلسطينية، ومهمتهم الحفاظ على النظام ومنع سلب المؤن الإنسانية، وربما أيضاً تمهيداً لنظام جديد في اليوم التالي.
بدأ مخربو حماس يشعرون بقرب الجيش الإسرائيلي من أماكن اختبائهم ويبحثون عن سبل للهروب إلى مصر، وبعضهم ينجح.
السنوار بات يعرف أن زمنه محدود. وأفادت وسائل الإعلام الأجنبية أن إسرائيل تعرف مكانه، وقد ألغيت عمليتان خوفاً على سلامة المخطوفين الذين إلى جانبه.
رغم الطلب الأمريكي، فإن دخول الجيش الإسرائيلي إلى رفح والوصول إلى معبر فيلادلفيا باتا مسألة وقت فقط. وحماس تفهم بأن القتال في غزة لن ينتهي بعد الاتفاق المتوقع في موضوع تحرير المخطوفين. وقال بايدن في حديث مع شبكة NBC إنه “يأمل تحقيق وقف نار حتى يوم الاثنين”. وعلى حد قوله، فإن “إسرائيل وافقت على ألا تنفذ أعمالاً عسكرية في رمضان”.
نأمل برؤية مخطوفينا في البلاد عقب تفاؤل حذر لدى الولايات المتحدة وإسرائيل، ورغبة في التقدم نحو اتفاق قبل رمضان.
———————————————
تقرير: إسرائيل تنازلت عن شرطها بالحصول على قائمة بأسماء أسراها في غزة
تقارير عن تقدم بطيء في محادثات القاهرة بين الوسطاء وحركة حماس، التي باتت تشهد مرونة أكير من الأطراف المعنية، بعد تنازل إسرائيل عن شرط الحصول على قائمة بأسماء المحتجزين الأحياء والاكتفاء بأعدادهم فقط.
عرب 48
تحرير: محمود مجادلة
ذكرت القناة 12 الإسرائيلية، مساء اليوم، الإثنين، أن الحكومة الإسرائيلية تنازلت عن شرطها بالحصول على قائمة بأسماء أسراها المحتجزين في قطاع غزة الذين لا يزالون على قيد الحياة، فيما تطالب حركة حماس بالكشف عن عدد المحتجزين الإسرائيلي في القطاع الذي يتعرض لحرب إسرائيلية مدمرة منذ 150 يوما.
بدورها، ذكرت هيئة البث الإسرائيلية (“كان 11”) أن الوسطاء عرضوا على حركة حماس الإفراج عن عدد قليل من الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى فصائل المقاومة في قطاع غزة، “مقابل وقف إطلاق النار لبضعة أيام”، وذلك حتى “تبدي حماس جدية اهتمامها بإطلاق سراح الرهائن”.
وذكرت القناة أن حماس رفضت عرض الوسطاء؛ مشيرة إلى أن “لوسطاء ما زالوا يحاولون إقناع الحركة بالموافقة على هذا المقترح”. وشددت القناة أن الحديث ليس عن تغيير إطار الاتفاق الذي توصل إليه الوسطاء خلال المحادثات التي عقدت في باريس، وإنما “خطوة أولية تسبق هذا الاتفاق”.
ونقلت “كان 11” عن مصادر مطلعة على المفاوضات أن “هذه خطوة يمكن أن تظهر لإسرائيل أن حماس تعرف مكان الرهائن وأنها جادة بشأن الصفقة”، وأضافت أنه “رغم الرد السلبي من حماس، لا يزال الوسطاء يضغطون على الحركة لقبول هذا المقترح”.
وينص الاقتراح الذي تقدّمت به الدول الوسيطة، على وقف القتال لمدّة ستّة أسابيع وإطلاق سراح 42 محتجزا إسرائيليا في غزّة، في مقابل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين في السجون الإسرائيليّة. ويأمل الوسطاء بأن يتمّ الاتّفاق بشأنه قبل حلول شهر رمضان في 10 آذار/ مارس أو 11 من الشهر ذاته.
يأتي ذلك فيما رئيس الدائرة السياسية لحركة حماس بغزة، باسم نعيم، إن الحركة “لا تعرف من هو حي (…) ومن هو ميت” من الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة المحاصر منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وذلك في تصريح لوكالة “فرانس برس”.
ومن القاهرة، أوضح نعيم: “لا نعرف من هو بالضبط حي منهم ومن هو ميت سواء قتلوا بسبب القصف أو بسبب المجاعة”، وأضاف “هناك أسرى لدى مجموعات متعددة وفي أماكن متعددة”. وقال نعيم إن “المسألة المتعلقة بتفاصيل الأسرى لم تذكر في أية أوراق او اقتراحات تم تداولها خلال عملية التفاوض”.
من جهتها تصر حماس على وقف كامل لإطلاق النار في غزة وانسحاب القوات الإسرائيلية قبل أي اتفاق بشأن الإفراج عن الأسرى. وشدّد على ضرورة “وقف النار” لتلبية “الطلب المتعلق بالأسماء والأعداد ووضعهم أحياء أم أموات”، في إشارة إلى الرهائن.
وأفادت مصادر مطلعة، مساء الإثنين، بأن حركة حماس أبدت مرونة في محادثات القاهرة، ووافقت على تأجيل بحث الوقف الدائم لإطلاق الحرب وإنهاء الحرب على قطاع غزة، والانسحاب الشامل من القطاع ومسائل إعادة الإعمار، للمرحلتين الثانية والثالثة التي من المقرر أن تشمل إطلاق سراح المحتجزين العسكريين وجثامين الأسرى القتلى.
وأشارت التقارير إلى أنه في إطار الاتفاق المطروح، سيتم السماح بعودة نحو 500 أسرة (تشمل الأطفال والنساء وكبار السن) إلى شمالي قطاع غزة، يوميا. كما ستشمل الصفقة السماح بدخول 500 شاحنة مساعدات يوميا للقطاع، مع احتمال إضافة 50 شاحنة أخرى للوقود والخيام المجهزة للنازحين خصوصا في الشمال.
———————————————
هآرتس 4/3/2024
أقول للطفلة الغزية الجائعة: أنا اشعر بالخجل
بقلم: عودة بشارات
بنظرة ثاقبة وابتسامة معتذرة ودموعها تنزل من عيونها السوداء الجميلة، الطفلة الغزية ابنة الـ 9 أو 10 سنوات همست: “أنا جائعة”. في هذا الفيلم القاسي يبدو أنها تخجل من هذا الاعتراف الصادم. فقط بالعبرية يرفقون كلمة الجوع بكلمة العار. “عار الجوع”، كما يقولون. أنا بحثت ولم أجد هذا المصطلح في أي لغة أخرى. في قاموس بن شوشان كتب “مجاعة تجبر الإنسان على إذلال نفسه من أجل رغيف خبز”.
لماذا يشعر من يريد قطعة خبز بالإهانة؟ في نهاية المطاف هذه هي سنة الحياة. يمكن فهم هذا المصطلح على الصعيد الشخصي للجائع. ولكن على الصعيد الموضوعي الأوسع يمكن القول بأن حق الإنسان الأساسي هو الحصول بأي طريقة ممكنة على قطعة خبز، والعار الحقيقي هو على من تسببوا بالجوع. يبدو أن اللغة العبرية حساسة جدا لمعاناة الإنسان، لكن بعض من يتحدثونها أقل حساسية بكثير.
حسب ما قرأت فإن المرحلة الأولى للجوع تتمثل قبل أي شيء آخر بالنفسية والسلوك، العصبية والتعب وغياب التركيز وأفكار استحواذية حول الطعام. في المرحلة الثانية تبدأ تظهر أعراض على الجسد مثل الضعف والوهن، النبض السريع، التنفس الضعيف والبطيء، العطش والإمساك وربما الإسهال. في حالات معينة تبدأ العيون في أن تغور للداخل، وتظهر وكأنها زجاجية. العضلات تبدأ بالضمور والجلد يصبح لونه باهت. الإنسان يعاني من الضعف الشديد والدوار. هناك علامة بارزة أخرى وهي البطن المنتفخ لدى الأطفال. من قال إن الرصاصة غير رحيمة؟. الوصف المذكور أعلاه كان يمكن توفيره برصاصة واحدة. ضربة سريعة وانتهى الأمر.
في أوقات سابقة كان الجوع بشكل عام بفعل الطبيعة، قحط أو كارثة طبيعية أخرى، خاصة عندما لم يتمكن الأخيار من توفير الغذاء للجياع. لكن هناك نوعا آخر من الجوع مصدره في الشر. هذا النوع يسمى “التجويع”، الذي هو عمل متعمد وخبيث وكله شر خالص. هذا النوع الذي يفعله البشر يمكن تسميته “عار المُجوعين”. غزة محاطة بالغذاء ولكن الحارس لا يسمح بإدخاله. من يقوم بمنع الغذاء فإنه يفتح باب الموت للغزيين. فقط الشخص المتوحش هو الذي يمكنه فعل ذلك.
العالم مصاب بالصدمة من “مذبحة الجوعى” في شمال قطاع غزة التي حدثت في يوم الخميس الماضي. سيما كدمون كتبت في “يديعوت احرونوت” عن صورة المسيرة: “مئات الأجسام الصغيرة، مثل النمل الصغير، تركض من جهة إلى أخرى، في لحظة يظهر الأمر وكأنهم يحاولون النجاة بحياتهم. وفي لحظة أخرى ينقضون مثل الطيور على قطعة خبز”. هذا المشهد لا يعتبر عار على المُجوعين فقط، بل هو عار على كل البشرية.
في إسرائيل مثلما هي الحال في إسرائيل ركزوا على التفاصيل الصغيرة والصغيرة جدا من أجل التغطية على المشهد العام – الحقيقة هي أن هذا الواقع تم خلقه بشكل متعمد من قبل قادة الدولة. “أنا أمرت بفرض الحصار المطلق على قطاع غزة، لن تكون كهرباء أو غذاء أو وقود، كل شيء مغلق. نحن نحارب حيوانات بشرية، ونحن نتصرف بحسب ذلك”، قال يوآف غالنت، وزير الدفاع في دولة إسرائيل. في الحقيقة أقواله هذه جاءت بعد بضعة أيام على 7 تشرين الأول. ومنذ ذلك الحين تم إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة بضغط من أميركا والعالم. ولكن روح هذه الأقوال تحوم فوق سلوك إسرائيل. ضمن أمور أخرى، “فشل” قوات الأمن في صد المتظاهرين في معبر كرم أبو سالم الذين حاولوا ونجحوا في منع إدخال المساعدات. أمر التجويع صدر عن الجانب الذي نعيش فيه أنا وأصدقائي؛ نحن اليهود والعرب، الذين نحب السلام، هل يمكننا القول “يدنا لم تسفك هذه الدماء”، لأننا قمنا بالإدانة والصراخ؟ هذا لا يكفي. نحن مطلوب منا فعل المزيد. يجب أن تمر بضع سنوات أو عقود من أجل أن تتلاشى “علامات العار” التي توجد في الأمر المذكور أعلاه.
نعود إلى الطفلة في غزة، التي همست بأنها جائعة وهي خجلة بسبب الوضع الذي جعلها تقوم بهذا الاعتراف الصعب. أنا أريد التصريح لها ولجميع الأطفال في غزة بأنني أشعر بالخجل والعار من الوضع الذي وصلوا إليه. أنا اعتذر لهذه الطفلة، ليس فقط باسمي، بل باسم جميع الاشخاص الأخيار في العالم. كيف سمحوا لوردة مثلك أن تذبل دون أن يهبوا لمساعدتها.
———————————————
أهوال “7 أكتوبر” لم تحدث من فراغ.. لماذا يُمنع قول ذلك؟
ألان رسبريدجر* – (إندبندنت عربية) 2024/2/18
يقال إن الرئيس الأميركي، جو بايدن، وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بأنه “رجل لعين شرير” و”حقير”.
إن معاداة السامية حقيقة واقعية، لكنها لا يجب أن تمنعنا من الاعتراف بأن الحكومة الإسرائيلية الحالية تضم مجرمين ومتطرفين وطغاة، لا مصلحة لهم في حل سلمي للقضية.
هل خالطتكم رغبة خلال الأسابيع الأخيرة في إطلاق الشتائم عند تفكيركم بإسرائيل؟ وفي حال التفكير بنتنياهو، ألا تتبادر إلى الذهن شتائم أقوى وأشد؟
ربما تجدون العزاء في ما أوردته بعض التقارير عن أن بعض الأفكار القذرة بالقدر نفسه راودت الرئيس جو بايدن بشأن رئيس الوزراء الإسرائيلي. ويقال إنه وصفه بأنه “رجل لعين شرير”، و”حقير”. وهذا أكثر من كافٍ لتعليق عضويته في حزب العمال البريطاني لو أنه ينتسب إليه.
بعد أن قتلت ما يصل إلى 28 ألف شخص (ما يساوي عدد سكان تشيتشيستر تقريباً) انتقاماً للفظائع التي ارتُكِبت في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، تستعد إسرائيل الآن لشن هجوم على رفح، وهي منطقة في غزة تؤوي حالياً نحو 1.5 مليون رجل وامرأة وطفل.
ما الذي يمكن قوله في هذا السياق؟ دعا أكثر من نصف البلدان الأعضاء في الأمم المتحدة إلى وقف لإطلاق النار في غزة خلال شهر تقريباً بعد السابع من تشرين الأول (أكتوبر). وكذلك فعل البابا ورئيس أساقفة كانتربري، أعلى سلطة دينية في المملكة المتحدة. لكن ثمانية من أعضاء حزب العمال أُقيلوا فعلياً من الحزب بسبب مطالبتهم بالشيء نفسه في 15 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي.
وظن المدافع الكبير عن حرية التعبير، توبي يونغ، بأن من المعقول حظر أي شخص يستخدم عبارة “من النهر إلى البحر” على منصة “إكس”، (تويتر سابقًا)، على أساس أن هذه الكلمات تعني محو دولة إسرائيل. حتى أن البعض اعتقدوا بأن الهتاف بذلك يستحق محاكمة صاحبه. ومع ذلك، أعلن نتنياهو أخيراً أن إسرائيل “يجب أن تكون لها سيطرة أمنية على كامل الأراضي الواقعة غرب نهر الأردن” -وبذلك القضاء على فكرة وجود دولة فلسطين. فهل إعلان إحدى الفكرتين مقبول، وإنما ليس الأخرى؟
في أواخر تشرين الأول (أكتوبر)، قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، لمجلس الأمن الدولي، إن الهجمات التي شنتها حركة “حماس”، “لم تحدث من فراغ” -وفي ذلك الحين، طالبته إسرائيل على الفور بالاستقالة. كان قول ما قاله غير مقبول. ولكن هل يعتبر أي شخص عاقل أن بالإمكان البدء بفهم الأحداث المروعة التي وقعت في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) من دون النظر إلى 56 عاماً من التاريخ التي سبقتها؟
في أعقاب المذبحة التي ارتكبتها “حماس”، وجدتُ نفسي أستمع باهتمام إلى التدوين الصوتي (البودكاست) متعدد الحلقات الذي خصصه الصحفي في صحيفة “نيويورك تايمز”، عزرا كلاين، لمناقشة النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني. وقد استمعت أوائل تشرين الأول (أكتوبر الماضي) إلى ما لا يقل عن 13 حلقة -مدة كل منها حوالي ساعة- تعمق فيها كلاين أكثر من أي وقت مضى في ماضي هذه المنطقة المضطربة وحاضرها ومستقبلها. وعلى وجه التحديد، فعل ما استنكرته إسرائيل في قول الأمين العام للأمم المتحدة: ذهب إلى البحث عن السياق والفهم.
قبل عيد الميلاد مباشرة، تأمل كلاين الطريقة التي غيّرت بها محادثاته حتى الآن تفكيره بشأن إسرائيل. قال: “لست متأكداً من أن إسرائيل تجعل الشعب اليهودي أكثر أماناً. في الواقع، أشك في ذلك إلى حد ما”.
وتابع متأملاً: “أنا يهودي. هل أشعر بالأمان؟ هل أشعر بأن معاداة السامية تراجعت في العالم الآن بسبب ما يحدث هناك، أم يبدو لي أن ثمة موجة هائلة من معاداة السامية، وأن اليهود أنفسهم في أماكن غير إسرائيل يتأثرون مما يحدث في إسرائيل؟… إن إسرائيل هي مكان يمكن، في بعض الظروف، أن يحمينا. لكنها أيضاً، في ظروف أخرى، مكان يمكن أن يعرضنا لخطر”.
ثمة درجة من الدقة والصدق الصريح في هذا الرد الذي أجده نادراً في النقاش البريطاني الذي يتطلب من المرء، بطريقة متوقعة إلى حد مقلق، أن ينحاز بشكل لا لبس فيه. أو يتطلب، في كثير من الحالات، “الوقوف إلى جانب إسرائيل”.
وينطبق الشيء نفسه على حلقة أخرى تحدث فيها نمرود نوفيك -أحد كبار مساعدي رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق شمعون بيريز وعضو ما يُسمون “قادة أمن إسرائيل”- عن سياق هجمات السابع من تشرين الأول (أكتوبر). وكان ذلك من منطلق الرغبة في الفهم نفسها التي أدت إلى اتهام غوتيريش بـ”التحيز والكراهية” ومطالبته بحزم حقائبه.
ألقى تحليل نوفيك باللوم الشديد على الفشل الذريع وعدم الجدوى اللذين يسمان سياسة الاحتواء الإسرائيلية المفترضة. وكان لاذعاً بشأن نتنياهو، ومستنكراً الضم “السريع” للضفة الغربية من قبل المستوطنين، ويائساً من “خنق” الحكومات الإسرائيلية للسلطة الفلسطينية، وصريحاً حول سياسة نتنياهو المتعمدة لتمويل “حماس” -“35 مليون دولار شهرياً تأتي في حقائب”، وفق وصفه.
ومضى أبعد من ذلك إلى شجب اثنين من أعضاء حكومة نتنياهو الائتلافية، ووصفهما بأنهما “مجنونان”. ونعت وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير بأنه “بلطجي شوارع”، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش بأنه “ينفذ أجندة مروعة في الضفة الغربية” -تتلخص، في الواقع، في حل الدولة الواحدة “الشبيه بالفصل العنصري”.
لم يقاطع كلاين نوفيك ليطالبه بإدانة “حماس” -حيث الإدانة هي العنصر الأساسي في عدد من المقابلات البريطانية- ولم يشِر إلى أن نوفيك يبدو وكأنه يبرر مذبحة السابع من تشرين الأول (أكتوبر). كان من الممكن أن يكون ذلك سخيفاً لأن مجموعة “قادة أمن إسرائيل” التي تضم نوفيك، هي مجموعة مختارة من الأعضاء المتقاعدين في مؤسسة الدفاع في البلاد (الجيش الإسرائيلي، والشين بيت، والموساد والشرطة الإسرائيلية).
ولكن، هل يجب أن يكون المرء صقراً أمنياً بصورة قاطعة حتى يكون قادراً على النطق بما لا يُسمح بقوله عادة؟ ربما يتطلب الأمر أن يشير كاتب عمود إسرائيلي، روجيل ألفر، إلى “الفردية التاريخية” لنتنياهو -الرجل الذي “كسر تماماً قواعد كل من الديمقراطية والديكتاتورية، وخلق نظامًا هجيناً ينظر إليه العالم كله بيأس، غير قادر على التعامل معه بفاعلية”.
هناك بالطبع معاداة حقيقية ودنيئة للسامية. ثمة حقاً متعصبون سيصدقون أي نظرية مؤامرة سخيفة حول إسرائيل. هؤلاء أدينوهم، علقوا عملهم، همشوهم.
ولكن، كما يقول نمرود نوفيك: الحكومة الإسرائيلية الحالية هي حكومة تضم مجرمين ومجانين ومتطرفين وطغاة ليست لديهم مصلحة في حل سلمي للمسألة الإسرائيلية-الفلسطينية. ومن المؤكد أن أهوال السابع من تشرين الأول (أكتوبر) لم تحدث من فراغ.
أن نقول ذلك لا يعني “معاداة إسرائيل” ولا “معاداة الصهيونية”، ناهيك عن معاداة السامية -لكن هذه العبارات الثلاث تُدمَج معاً بصورة عرضية بعض الأحيان.
في الوقت نفسه، نراقب بلا حول ولا قوة -لكنني آمل ألا نفعل ذلك بصمت- في حين يُطلَق العنان لشيء مثل “مذبحة” على غزة. وأنا أستخدم كلمة قالها هذا الأسبوع نائب البابا، الكاردينال بيترو بارولي. وغني عن القول إنه تعرض لتوبيخ فوري من إسرائيل. إنه أمر لا يُسمح بقوله، كما ترون.
*آلان رسبريدجر Alan Rusbridger: هو محرر مجلة “بروسبكت” والرئيس السابق لكلية “ليدي مارغريت هول” الجامعية، أكسفورد. كان محررا لصحيفة “الغارديان” من العام 1995 إلى العام 2015.
——————انتهت النشرة