أهم الاخبارتقارير ودراسات

تقرير: الاغتيال بالمسيّرات بالضفة الغربية المحتلة

مع تصاعد عمليات القتل والإعدامات الميدانية المتواصلة دون محاكمة للمدنيين الفلسطينيين من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي عند اقتحام التجمعات السكانية، برزت مؤخرًا استخدامات متكررة للمسيرات والطائرات الموجهة دون طيار في تنفيذ هذه العمليات عن بعد دون تعريض الجنود للخطر.

وتضاعفت هذه العمليات خلال العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، حيث “نشاهد يوميًا تسجيلات تثبت تورط إسرائيل في قتل المدنيين من خلال الاعتماد على هذه المسيرات، حيث ينفذ الجنود العمليات وكأنهم في لعبة الكترونية وليست أرواح بشرية”، كما جاء في تقرير لوكالة “وفا” نُشر مطلع نيسان/ أبريل الجاري.

حارة السمران

فجر الأربعاء (2024.3.28)، يوضح التقرير، قصفت طائرة مسيرة إسرائيلية مجموعة من الشبان كانوا في حارة السمران في مخيم جنين للاجئين خلال اقتحام لمدينة جنين ومخيمها استمر نحو ست ساعات.

وبعد ورود أنباء عن وجود إصابات جراء القصف كان الوضع هناك صعبًا جدًا، حيث نقلت سيارات الإسعاف عددًا كبيرًا من المصابين بحالات خطيرة، فيما سالت دماء الجرحى على عرض الشارع بحسب وصف إحدى شاهدات العيان في الحارة، “قصفوهم وهم متجمعين انا طلعت اول وحدة كان دمهم جاري بعرض الشارع، كلهم شباب وهذا حمزة استشهد”، تقول السيدة التي كانت تقف بجانب جثمان الشهيد حمزة عرعراوي في مستشفى جنين الحكومي والذي ارتقى جراء اصابته بصاروخ الطائرة المسيرة الإسرائيلية.

بعد لحظات كانت سيارة الإسعاف تنقل جثمان الشهيد محمد ناصر سبتي بني غرة 19 عامًا والذي استشهد متأثرًا باصابته خلال القصف الإسرائيلي.

وتصف أم مجدي عرعراوي تفاصيل عملية القصف التي تمت أمام منزلها، فتقول “سمعت صوت انفجار رهيب جدًا أمام المنزل، خرجت مسرعة فوجدت عددًا كبيرًا من الشبان ملقون على الأرض، بإصابات صعبة، كان مشهد الدم الجاري في الشارع مخيفًا، كان على طول الشارع في الحارة، صرخت أطلب من الناس أن يتصلوا بالإسعاف، قمنا بنقل الإصابات بسيارات خاصة لكثرتها، وقامت الطواقم بنقل عدد من المصابين بالعربات الصغيرة”.

سياسة انتقام جماعية

وتعتمد إسرائيل في الأشهر الأخيرة أسلوب قصف تجمعات الشبان الفلسطينيين خلال اقتحاماتها للمدن والمخيمات الفلسطينية، ويرى الأهالي أن هذه طريقة خطيرة يستخدمها جيش الاحتلال للانتقام بصورة جماعية من الشعب الفلسطيني.

منظومة عسكرية كاملة

إلى ذلك، ينقل التقرير عن مدير مؤسسة الحق، شعوان جبارين، قوله إن “تعمد إسرائيل قصف الأشخاص بالطائرات هو جريمة حرب بحسب القوانين الدولية، خصوصًا وأن الشخص المقصود معروف لدى الاحتلال ومعلوماته موثقة وأن جيش الاحتلال لم يسع لاعتقاله في حال ثبت عليه شيء يستدعي ذلك”.

ويضيف، “هذا اغتيال خارج نطاق القانون وتتحمل مسؤوليته أعلى المستويات السياسية والعسكرية الإسرائيلية بدءً من هيئة الأركان في جيش الاحتلال مرورًا بالمخابرات العامة، وطبعًا بدون استثناء رئاسة الوزراء الإسرائيلية، لأن هذا ليس عمل جندي واحد، إنما هو عمل منظومة عسكرية كاملة وهي من توافق عليه”.

وتابع: “ما تقوم به إسرائيل من قتل الناس عبر الطائرات المسيرة هو قتل عمد ليس لمن تدعي أنهم مطلوبين فقط ولكن لمجموعة كبيرة من الناس قد تكون على مقربة من مكان القصف كما حدث في مخيم جنين الخميس الماضي”.

عودة إلى إسلوب الاغتيالات في الانتفاضة الثانية

ومنذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة كثف جيش الاحتلال من اقتحاماته للمدن والمخيمات الفلسطينيه، وزادت عملياته في تخريب البنى التحية وتدمير المنازل والمحال التجارية، والاعتقال والقتل المتعمد للشبان الفلسطينيين.

وعادت إسرائيل لأسلوب الاغتيالات الذي اتبعته لفترة طويلة في الانتفاضة الفلسطينية الثانية وكان آنذاك يتم عبر طائرات الأباتشي الحربية – عادت إليه مرة جديدة في تموز من العام 2023 حين قصفت طائراتها منزلاً في وسط مخيم جنين فاستشهد فيه شابان.

والدة الشهيد حمزة عرعراوي الذي استشهد في حارة السمران بعد قصفه بصاروخ من طائرة مسيرة، تقول كما جاء في التقرير : “احتسبه عند الله شهيدًا في هذه الأيام المباركة، وأسأل الله أن يتقبله، كان صديقًا للشهداء وها هو يلتحق بهم”.

وتضيف: “أفطر معنا منذ بداية شهر رمضان لكن ليلة استشهاده أخبرني والده أنه سيفطر مع صديقه في جنين ولم أره، عاد إلي شهيدًا، الله يرضى عليه”.

خلال رمضان 10 عمليات قصف بالمسيرات

ومنذ تموز الماضي وحتى اليوم تكررت حالات الاغتيال التي نفذتها طائرات الاحتلال الاسرائيلية المسيرة في جنين ومخيمها، يوضّح التقرير، ويشير إلى أنه خلال شهر رمضان اغتالت إسرائيل 7 مواطنين في عملتي اغتيال منفصلتين كان آخرهما عملية حارة السمران الأربعاء الماضي، فيما اغتالت طائرات الاحتلال المسيرة 3 شبان استقلوا سيارة خاصة في العاشر من رمضان وقبل موعد الإفطار بنصف ساعة بالقرب من منطقة الهدف في مدينة جنين.

وخلال الشهر الماضي قصفت طائرة مسيرة سيارة خاصة وسط مخيم جنين فاستشهد ياسر حنون والذي كان داخلها، وتقول والدته إنها لم تتعرف عليه من شدة الحروق التي كانت في جسده، وتضيف، “كان بإمكان جنود الاحتلال اعتقاله، لكنهم فضلوا قتله وحرقه، والله كانت عظام ساقه ظاهرة من شدة الحرق، عرفته من ملابسه، لم يكن له ملامح أبداً”.

ووصل عدد شهداء محافظة جنين منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى قرابة 107 شهداء، فيما نفذت إسرائيل نحو 10 عمليات اغتيال بقصف مسيرات خلال نفس الفترة.