إيكونوميست: كولومبيا ثكنة عسكرية ورد الجامعات الأمريكية على تظاهرات المؤيدين لفلسطين خلقت عاصفة ارتدت سلبا

نشرت مجلة “إيكونوميست” تقريرا حول الإضطرابات التي اندلعت في الجامعات الأمريكية، واعتبرت أن ما فعلته جامعة كولومبيا من خلال استدعاء الشرطة إلى الحرم الجامعي بأنه عمل كان سيئا أدى إلى ردة فعل سلبية على مستوى الولايات المتحدة.

وقالت “إيكونوميست” إن رؤساء الجامعات وجدوا صعوبة في التعامل مع حرية التعبير في الجامعات وسط التظاهرات المؤيدة لفلسطين، وبخاصة بعد المحاكمة التي تعرضت لها رؤساء جامعات وأدت إلى استقالة كل من رئيسة جامعة هارفارد وبنسلفانيا.

والدرس الذي تعلمه رؤساء الجامعات الأخرى هو الظهور بمظهر المتشدد أمام موجة التظاهرات، ولكن هناك مخاوف من الإفراط في نهج إعادة تصحيح المسار. وكان المحفز للإحتجاجات الأخيرة هي دعوة جامعة كولومبيا في 18 نيسان/أبريل شرطة نيويورك لدخول الحرم الجامعي وتفكيك مخيم احتجاج، حيث اعتقلت الشرطة أكثر من 100 محتج. وكتب جميل جعفر، مدير المركز في الجامعة الذي يتعامل مع الحريات المدنية أن القرار “كان مثيرا للقلق”، مضيفا إنه “لم يكن هناك ما يشير إلينا لخطر اعتصام أو احتجاج”، وكسبب لتصعيد الوضع.

وبحسب شرطة نيويورك، فإن المحتجين الذي اعتقلتهم لم يمثلوا خطرا ولم يقاوموا اعتقالهم. وقالت ليلى صليبا التي شاهدت الإعتقالات “كان الأمر مخيفا” و “كل هؤلاء الشرطة الذين تدفقوا في كل مكان وكان بعضهم في كامل عتاده”. وأدى تفكيك المخيم إلى ظهور مخيم احتجاج جديد في ساحة قريبة.

وفي رسالة نشرتها رئيسة الجامعة، نعمت مينوش شفيق على موقع الجامعة قالت فيها إنها قررت استدعاء الشرطة بعدما فشلت كل العروض، وأنها طلبت تدخل الشرطة “بسبب القلق الكبير على سلامة حرم جامعة كولومبيا”، إلا أن قرارها أشعل الوضع.

ويقول ديفيد بوزين، استاذ القانون في الجامعة ” المفارقة هي محاولة تهدئة الأمور وتأكيد السيطرة على الحرم الجامعة فقد أطلقت الإدارة هذه العاصفة”.

وانطلقت العاصفة في أماكن أخرى خارج جامعة كولومبيا وبمخيمات احتجاج، وكل المطالب الطلابية من هذه الإحتجاجات هي نفسها: سحب الإستثمارات من الشركات الإسرائيلية وأي صناع للسلاح يبيعون الأسلحة لإسرائيل ووقف الشراكات الأكاديمية مع المؤسسات الإسرائيلية وشجب أفعال إسرائيل في الحرب الحالية بغزة.

وفي الجامعات الأخرى، تغلبت الإدارات على مخاوفها من دعوة الشرطة إلى حرم الجامعة. ففي 21 نيسان/إبريل وجهت اتهامات لـ 50 محتجا بالتعدي على ممتلكات الغير لمشاركتهم في احتلال استمر اسبوعا لساحة في جامعة ييل، وعاد المتظاهرون إليها في اليوم التالي. وفككت الشرطة مخيما مشابها في جامعة نيويورك. وتم تفكيك مخيم استمر لأربعة أشهر في جامعة ستانفورد بعد مفاوضات سلمية ووعود من إدارة الجامعة بأنها ستكون أكثر شفافية في استثماراتها.

وقبل مهزلة كولومبيا، كانت التظاهرات المعطلة في داخل الجامعة مثارا لقلق إدارة الجامعات. ففي شباط/ فبراير كسر متظاهرون مؤيدون لفلسطين باب قاعة محاضرة كان يتحدث فيها محام إسرائيلي، وبعد أسبوع عطل آخرون مأدبة عشاء في بيت أستاذ القانون وحرية التعبير إروين تشميرنسكي. وفي العام الماضي علقت جامعة كولومبيا عمل جماعتي ضغط وهما “طلاب للعدالة في فلسطين” و “أصوات يهودية للسلام”. وقدم فرع الحريات المدنية في نيويورك دعوى قضائية ضد الجامعة بسبب القرار. وبشكل متساو، قررت جامعة ساوثرن كاليفورنيا إلغاء كلمة طالبة مسلمة موهوبة مؤيدة لفلسطين بسبب ما قالت الجامعة إنها تهديدات. وألغت الجامعة قائمة المدعوين.

وتعلق المجلة أن تولي رئاسة جامعة أمريكية كان في الماضي وظيفة يتسابق الناس عليها، أما الآن فهي حقل ألغام. ففي 17 نيسان/أبريل كانت الدكتورة شفيق آخر رئيسة جامعة تظهر أمام لجنة التعليم في مجلس النواب وتم التحقيق معها بشأن معاداة السامية في الحرم الجامعي. وعلى خلاف رئيستي جامعتي هارفارد وبنسلفانيا اللتان تخبطتا في الأجوبة، نجت شفيق من المساءلة- على الاقل حتى الآن. وعندما سئلت شفيق وزملائها إن كانت الدعوة لإبادة اليهود تمثل خرقا لقواعد السلوك في الجامعة كان الجواب “نعم”، وهو سؤال حارت كلودين غي من هارفارد وإليزابيب ماغيل من بنسلفانيا الجواب عليه، وتحدثتا عن السياق.

وقال النقاد إن شفيق لم تعمل ما يكفي للدفاع عن حرية التعبير. وعبر جعفر من معهد التعديل الأول للدستور بالجامعة عن غضبه. وقال في رسالته لإدارة الجامعة إن قواعد الجامعة تضمن حماية واسعة “حتى للخطاب المرفوض الذي يشعر بعض المستمعيت بأنه مؤذ لهم”.

وفي رسالة الرد دفاعا عن نفسها قالت دكتورة شفيق “لا يمكننا السماح لجماعة واحدة لكي تملي الشروط وتحاول عرقلة المناسبات مثل التخرج، من أجل تأكيد موقفهم”. ولم تخرج شفيق من الورطة بعد، فقد واجهت هذا الأسبوع مطالب من المانحين والساسة للإستقالة.

وفي 22 نيسان/أبريل وقع نواب نيويورك الجمهوريين على رسالة وقعتها إليس ستيفانيك تدعو لاستقالتها. وتقول المجلة إن الساسة القلقين على حرية التعبير في الجامعات عقدوا من وظيفة الإداريين فيها. وفي جامعة كولومبيا تعطلت الحياة فيها، وتم نقل بعض الحصص إلى الدراسة عن بعد وتحلق المروحيات فوقها وتقف شرطة مكافحة الشغب جاهزة في مكان قريب. وكانت أبواق المتظاهرين تسمع عالية خارج بوابات الجامعة، ويجد الطلاب الذين يريدون تأدية امتحان دخول كلية الطلب “أم كات” صعوبة في العثور على مكان هادئ لمراجعة الإمتحان وتحضير انفسهم له.